إشعياء

سفر إشعياء | 29 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر إشعياء

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

مضمونه:

نبوءة بحصار أورشليم ونجاتها وبيان غباوة اليهود وريائهم ونبوءة بدعوة الأمم ورجوع اليهود.

١ «وَيْلٌ لأَرِيئِيلَ، لأَرِيئِيلَ قَرْيَةٍ نَزَلَ عَلَيْهَا دَاوُدُ. زِيدُوا سَنَةً عَلَى سَنَةٍ. لِتَدُرِ ٱلأَعْيَادُ».

حزقيال ٤٣: ١٥ و١٦ و٢صموئيل ٥: ٩

أَرِيئِيلَ أورشليم. والكلمة الأصلية تحتمل معنيين:

(١) أسد الله والمراد به أن أورشليم قوية كأسد.

(٢) موقد الله والمراد به أما موضع تقديم المحرقات وغيرها من الذبائح أي مركز العبادة اليهودية أو موضع المصائب والضيقات والمرجح المعنى الأخير أي أن أريئيل موقد الله وموضع المصائب.

نَزَلَ عَلَيْهَا دَاوُدُ أخذها من اليبوسيين (٢صموئيل ٥: ٦) وهكذا الرب سيأخذها لنفسه ينزع الخطايا المتسلطة عليها.

زِيدُوا سَنَةً عَلَى سَنَةٍ هذا القول تهكم من النبي. كان أهل أورشليم يمارسون الرسوم الخارجية كتقديم الذبائح وحفظ الأعياد وهكذا تدور السنون بالأعياد وبلا أثمار روحية.

٢ «وَأَنَا أُضَايِقُ أَرِيئِيلَ فَيَكُونُ نَوْحٌ وَحُزْنٌ، وَتَكُونُ لِي كَأَرِيئِيلَ».

وَأَنَا أُضَايِقُ أَرِيئِيلَ نبوءة بهجوم سنحاريب. ففي ما يأتي في (ع ٥ و٦) أن هلاك الأعداء يكون في لحظة بغتة وفي (ع ٧ و٨) أنه يكون في خيبة أملهم ولكن إذا أمعنا النظر في مضمون الأصحاح كله رأينا أموراً لا توافق هجوم سنحاريب. ومنها قوله «أقيم عليك متارس» لأن سنحاريب لم يحاصر أورشليم زماناً طويلاً حتى يقيم متارس. وقوله في (ع ٨) جمهور كل الأمم المتجندين على جبل صهيون. وما قيل في (ع ١٣ و١٤) في عقاب اليهود وسقوطهم. فالأرجح أن النبي لم يشر في هذا الأصحاح إلى سنحاريب وحده بل أشار أيضاً إلى هجوم الأعداء من أمم مختلفة وفي أوقات مختلفة. وهكذا في (زكريا ١٢: ١ و٢ وحزقيال ٣٨ و٣٩).

وَتَكُونُ لِي كَأَرِيئِيلَ تكون كموقد الله وتتقد فيها نيران المصائب وآخرتها رماد وخراب.

٣، ٤ «٣ وَأُحِيطُ بِكِ كَٱلدَّائِرَةِ، وَأُضَايِقُ عَلَيْكِ بِحِصْنٍ، وَأُقِيمُ عَلَيْكِ مَتَارِسَ. ٤ فَتَتَّضِعِينَ وَتَتَكَلَّمِينَ مِنَ ٱلأَرْضِ، وَيَنْخَفِضُ قَوْلُكِ مِنَ ٱلتُّرَابِ، وَيَكُونُ صَوْتُكِ كَخِيَالٍ مِنَ ٱلأَرْضِ، وَيُشَقْشَقُ قَوْلُكِ مِنَ ٱلتُّرَابِ».

ص ٨: ١٩

وَأُحِيطُ بِكِ المتكلم هو الرب. وقال إنه يحيط بأورشليم ويضايقها لأنه سمح بضيقاتهم من أجل خطاياهم. فالرب أحاط بأورشليم كما نزل عليها داود وضايقها وحاصرها ليأخذها لنفسه فتصير مدينة مقدسة ومجيدة.

حِصْنٍ… مَتَارِسَ كان المحاصرون في الحروب القديمة يقيمون أبراجاً وأسواراً وقتية من التراب والأخشاب والحجارة البسيطة وكانوا يتسترون وراءها ويرمون منها سهامهم.

تَتَكَلَّمِينَ مِنَ ٱلأَرْضِ النبي يصف ضعف اليهود واتضاعهم بسبب الحصار.

٥، ٦ «٥ وَيَصِيرُ جُمْهُورُ أَعْدَائِكِ كَٱلْغُبَارِ ٱلدَّقِيقِ، وَجُمْهُورُ ٱلْعُتَاةِ كَٱلْعُصَافَةِ ٱلْمَارَّةِ. وَيَكُونُ ذٰلِكَ فِي لَحْظَةٍ بَغْتَةً. ٦ مِنْ قِبَلِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ تُفْتَقَدُ بِرَعْدٍ وَزَلْزَلَةٍ وَصَوْتٍ عَظِيمٍ، بِزَوْبَعَةٍ وَعَاصِفٍ وَلَهِيبِ نَارٍ آكِلَةٍ».

ص ٢٥: ٥ أيوب ٢١: ١٨ وص ١٧: ١٣ ص ٣٠: ١٣ ص ٢٨: ٢ و٣٠: ٣٠

من هنا يبتدئ الوعد بخلاص اليهود من أعدائهم.

كَٱلْغُبَارِ ٱلدَّقِيقِ سيكسر الرب أعداءهم فيصيرون كالغبار ويشتت جيوشهم كما تذري الريح العصافة. وكان هلاك الأشوريين في لحظة بغتة (ص ٣٧: ٣٦).

تُفْتَقَدُ النبي يخاطب هنا العدو وهو أشور وغيره.

بِرَعْدٍ وَزَلْزَلَةٍ ليس لنا من نبإ بوقوع هذه العجائب على جيوش أعداء إسرائيل فالعبارات مجازية معناها هلاك عظيم وعجيب ظهرت فيه يد الله.

٧، ٨ «٧ وَيَكُونُ كَحُلْمٍ، كَرُؤْيَا ٱللَّيْلِ جُمْهُورُ كُلِّ ٱلأُمَمِ ٱلْمُتَجَنِّدِينَ عَلَى أَرِيئِيلَ، كُلُّ ٱلْمُتَجَنِّدِينَ عَلَيْهَا وَعَلَى قِلاَعِهَا وَٱلَّذِينَ يُضَايِقُونَهَا. ٨ وَيَكُونُ كَمَا يَحْلُمُ ٱلْجَائِعُ أَنَّهُ يَأْكُلُ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ وَإِذَا نَفْسُهُ فَارِغَةٌ. وَكَمَا يَحْلُمُ ٱلْعَطْشَانُ أَنَّهُ يَشْرَبُ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ وَإِذَا هُوَ رَازِحٌ وَنَفْسُهُ مُشْتَهِيَةٌ. هٰكَذَا يَكُونُ جُمْهُورُ كُلِّ ٱلأُمَمِ ٱلْمُتَجَنِّدِينَ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ».

أيوب ٢٠: ٨ ص ٣٧: ٣٦ مزمور ٧٣: ٢٠

خيبة آمال الأعداء. أخذ سنحاريب كل مدن يهوذا الحصينة وأرسل ربشاقي إلى أورشليم بجيش عظيم فلم يكن لليهود بالنظر إلى القوة البشرية أن يرجوا الخلاص منه (ص ٣٦: ١ و٢). كما ارتبك في القديم بنو إسرائيل في الأرض وأمامهم البحر ووراءهم جيش فرعون وكما طُرح شدرخ وميشخ وعبد نغو في أتون النار وطُرح دانيال في جب الأسود وحُبس بطرس ليُقتل في الغد. فبهذه الحوادث علّم الرب شعبه أن يثبتوا في إيمانهم ولو تزحزحت الأرض أو انقلبت الجبال إلى قلب البحار. وكثيراً ما يسمح الله بأن الإنسان يصل إلى درجة اليأس التام قبلما يخلّصه ليكون المجد للرب وحده. والرب يعلّم أعداءه أنهم ليسوا قادرين على شعبه وهو معه.

٩ – ١٢ «٩ تَوَانَوْا وَٱبْهَتُوا. تَلَذَّذُوا وَٱعْمُوا. قَدْ سَكِرُوا وَلَيْسَ مِنَ ٱلْخَمْرِ. تَرَنَّحُوا وَلَيْسَ مِنَ ٱلْمُسْكِرِ. ١٠ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ سَكَبَ عَلَيْكُمْ رُوحَ سُبَاتٍ وَأَغْمَضَ عُيُونَكُمُ. ٱلأَنْبِيَاءُ وَرُؤَسَاؤُكُمُ ٱلنَّاظِرُونَ غَطَّاهُمْ. ١١ وَصَارَتْ لَكُمْ رُؤْيَا ٱلْكُلِّ مِثْلَ كَلاَمِ ٱلسِّفْرِ ٱلْمَخْتُومِ ٱلَّذِي يَدْفَعُونَهُ لِعَارِفِ ٱلْكِتَابَةِ قَائِلِينَ: ٱقْرَأْ هٰذَا فَيَقُولُ: لاَ أَسْتَطِيعُ لأَنَّهُ مَخْتُومٌ. ١٢ أَوْ يُدْفَعُ ٱلْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ ٱلْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ: ٱقْرَأْ هٰذَا فَيَقُولُ: لاَ أَعْرِفُ ٱلْكِتَابَةَ».

ص ٢٨: ٧ و٨ ص ٥١: ٢١ رومية ١١: ٨ مزمور ٦٩: ٢٣ وص ٦: ١٠ ص ٣: ٢ وإرميا ٢٦: ٨ و١صموئيل ٩: ٩ ص ٨: ١٦ دانيال ١٢: ٤ و٩ ورؤيا ٥: ١ إلى ٥ و٩ و٦: ١

تَوَانَوْا قال النبي هذا القول تهكماً لأن اليهود لم ينتبهوا وكان كلامه ككلام أبله أو سكران. كان النبي قد أنذرهم كل الإنذار ولكنهم رفضوا إنذاره واختاروا الضلال وأغمضوا عيونهم وعموا بإرادتهم. والمعنى أن الرب بعد الإنذار ليعملوا كما اختاروا والمسؤولية عليهم.

لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ سَكَبَ عَلَيْكُمْ رُوحَ سُبَاتٍ إذا نزع منهم روحه القدوس لا يبقى لهم إلا روح السبات والسبات باختيارهم. إن غاية الساعة المنبهة أن توقظ النائم ولكنه إن لم يرد أن يستيقظ لا ينتبه لها فيسمع الصوت كل يوم وكل يوم يرجع إلى نومه فيعتاد الصوت فلا يسمعه أخيراً. وهكذا من يسمع كلام الله ولا يعمل بموجبه فإنه يصير أخيراً كأصم في الروحيات فلا يفهمها أو يتأثر بها.

وَأَغْمَضَ عُيُونَكُمُ ينزع الرب نورهم فلا يبقى لهم غير العمى. إذا أغمض إنسان عينيه ولا يستعملهما أبداً يعمى أخيراً حقيقة. وهكذا كل من لا يقبل كلام الله وإرشاد الروح القدس يصيبه أخيراً العمى الروحي وهو شر من العمى الجسدي بما لا يوصف.

على أن في هذا العقاب المخيف ما يدل على الرحمة (انظر ع ١٨) فإن غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الرب «إِنَّ ٱلْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيّاً لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ ٱلأُمَمِ» (رومية ١١: ٢٥). وكما أن لا أحد يعرف لذة الطعام كالجائع ولا أحد يعرف قيمة البصر كالأعمى ترك الرب شعبه مدة محدودة لكي يلذوا بكلامه ويقبلوا إرشاد روحه فيرجعوا إليه.

غَطَّاهُمْ الرب غطى رؤوس الأنبياء والرؤساء فلا يبصرون ولا يسمعون ومثلهم الكتبة والفريسيون في زمان المسيح.

كَلاَمِ ٱلسِّفْرِ ٱلْمَخْتُومِ لا يقرأ الناس الكتاب المقدس ولكل منهم عذر فيقول الواحد إنه لا يعرف أن يقرأ ويقول الآخر إن كتاب الله غير مفهوم عند العامة والسبب الحقيقي هو أنهم لا يحبون أن يعرفوا الحق.

١٣ «فَقَالَ ٱلسَّيِّدُ: لأَنَّ هٰذَا ٱلشَّعْبَ قَدِ ٱقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَأَبْعَدَهُ عَنِّي، وَصَارَتْ مَخَافَتُهُمْ مِنِّي وَصِيَّةَ ٱلنَّاسِ مُعَلَّمَةً».

حزقيال ٣٣: ٣١ ومتّى ١٥: ٨ و٩ ومرقس ٧: ٦ و٧ كولوسي ٢: ٢٢

يكره الرب الرياء كثيراً لأن المرائي ينسب إلى الله الجهل كأنه إنسان فيرضى بالإكرام بالشفتين ولا يعرف ما في القلب. ولعل بعض الناس في زمان حزقيا عبدوا الرب خوفاً من الملك لا خوفاً من الرب.

وَصِيَّةَ ٱلنَّاسِ مُعَلَّمَةً المسيح خصص هذا القول للفريسيين (متّى ١٥: ٨) ولا شك في أن إشعياء نظر بالوحي إلى حالة الشعب الروحية في العصور الآتية لا في أيامه وحدها. وفي أيامنا أيضاً معلمون كذبة يقيمون التقاليد وأحكام المجامع والفرائض الكنسية مقام وصايا الله لأنها توافق تعليمهم الفاسد والشعب يقبلونها لأنها توافق شهواتهم الفاسدة.

١٤ «لِذٰلِكَ هَئَنَذَا أَعُودُ أَصْنَعُ بِهٰذَا ٱلشَّعْبِ عَجَباً وَعَجِيباً، فَتَبِيدُ حِكْمَةُ حُكَمَائِهِ وَيَخْتَفِي فَهْمُ فُهَمَائِهِ».

حبقوق ١: ٥ إرميا ٤٩: ٧ وعوبديا ٨ و١كورنثوس ١: ١٩

عَجَباً وَعَجِيباً التكرار للتأكيد والعمل العجيب هو ترك الله شعبه ومدينتهم المقدسة.

فَتَبِيدُ حِكْمَةُ حُكَمَائِهِ تكون مصائب جديدة لم يتصورها الحكماء وهكذا تفيد حكمتهم وفي زمان النبي ظهرت جهالة أرباب السياسة من جهة أشور ومصر وفي زمان المسيح ظهرت جهالة الفريسيين وغيرهم من معلمي اليهود الذين درسوا الكتاب المقدس بالتدقيق وعظموا الأمور الزهيدة وتركوا أثقل الناموس والحق والرحمة والإيمان والبرقع حتى اليوم موضوع على عقولهم وأعظم جهالة عدم الإيمان بالمسيح وستظهر هذه الجهالة عند غلبته جميع أعدائه وإقامة ملكوت المجد.

١٥، ١٦ «١٥ وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ ٱلرَّبِّ، فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلظُّلْمَةِ، وَيَقُولُونَ: مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟. ١٦ يَا لَتَحْرِيفِكُمْ! هَلْ يُحْسَبُ ٱلْجَابِلُ كَٱلطِّينِ حَتَّى يَقُولَ ٱلْمَصْنُوعُ عَنْ صَانِعِهِ: لَمْ يَصْنَعْنِي. أَوْ تَقُولُ ٱلْجِبْلَةُ عَنْ جَابِلِهَا: لَمْ يَفْهَمْ؟».

ص ٣٠: ١ مزمور ٩٤: ٧ ص ٤٥: ٩ ورومية ٩: ٢٠

الأرجح أن الرأي الذي أرادوا أن يكتموه عن الرب هو المحالفة مع مصر (ص ٢٠: ٥ و٦ وص ٣٠ و٣١) وتعجب النبي من جهال.تهم. وتحريفهم هو زعمهم أن الله كبني البشر وأنهم يقدرون أن يكتموا رأيهم عنه. وكثيرون يقرون باعتقادهم أن الله يعلم كل شيء ومع ذلك يسلكون كأنه لا يعرف أعمالهم وأفكارهم السرّية.

تَقُولُ ٱلْجِبْلَةُ عَنْ جَابِلِهَا: لَمْ يَفْهَمْ وهذا هو التحريف أنهم اعتبروا أن الله لم يفهم وأنهم فهماء.

١٧ «أَلَيْسَ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ جِدّاً يَتَحَوَّلُ لُبْنَانُ بُسْتَاناً، وَٱلْبُسْتَانُ يُحْسَبُ وَعْراً؟».

ص ٣٢: ١٥ رومية ١١: ١٧ إلى ٢٢

معنى لبنان هنا وعر أو آجام برية أي أشجار كالأرز وغيرها بلا فلاحة ومعنى الجملة أن كل شيء يتغير فيصير الوعر بستاناً والبستان وعراً أي الأمم وهم بلا وسائط روحية يتنورون ويخلصون. يصير شعب الله بلا معرفة وبلا إيمان فيكون الأولون آخرين والآخرون أولين. ونفهم أيضاً من لبنان أي الوعر الفقراء والبسطاء ومن البستان الأغنياء والعلماء. ومعنى النبوءة أن الله اختار جهال العالم ليخزي الحكماء (١كورنثوس ١: ٢٥) وأنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين (لوقا ١: ٥٢).

١٨ «وَيَسْمَعُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلصُّمُّ أَقْوَالَ ٱلسِّفْرِ، وَتَنْظُرُ مِنَ ٱلْقَتَامِ وَٱلظُّلْمَةِ عُيُونُ ٱلْعُمْيِ».

ص ٣٥: ٥

ٱلصُّمُّ… ٱلْعُمْيِ الأمم صم لأنهم لم يسمعوا التبشير وعمي لأنهم لم يعرفوا الحق. ومضمون النبوءة تجديدهم وخلاصهم. والصم والعمي أيضاً جميع الذين بلا فهم روحي من الأمم ومن اليهود (انظر تفسير ع ٩ – ١٢) والوعد هو أن الله يسكب عليهم روحه القدوس فينير عقولهم ويجدد قلوبهم فيصغون إلى كلام الله ويفهمون معناه الروحي.

أَقْوَالَ ٱلسِّفْرِ كلام الله الذي في الكتاب المقدس.

١٩ «وَيَزْدَادُ ٱلْبَائِسُونَ فَرَحاً بِٱلرَّبِّ، وَيَهْتِفُ مَسَاكِينُ ٱلنَّاسِ بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ».

ص ٦١: ١ يعقوب ٢: ٥

الفرح نتيجة المعرفة الروحية وأمثلة ذلك ما جاء في سفر أعمال الرسل بخصوص الأمم الذين قبلوا الكلمة بفرح وما نراه اليوم من تجديد الهيئة الاجتماعية بدخول الإنجيل.

٢٠، ٢١ «٢٠ لأَنَّ ٱلْعَاتِيَ قَدْ بَادَ، وَفَنِيَ ٱلْمُسْتَهْزِئُ، وَٱنْقَطَعَ كُلُّ ٱلسَّاهِرِينَ عَلَى ٱلإِثْمِ ٢١ ٱلَّذِينَ جَعَلُوا ٱلإِنْسَانَ يُخْطِئُ بِكَلِمَةٍ وَنَصَبُوا فَخّاً لِلْمُنْصِفِ فِي ٱلْبَابِ وَصَدُّوا ٱلْبَارَّ بِٱلْبُطْلِ».

ص ٢٨: ١٤ و٢٢ ميخا ٢: ١ عاموس ٥: ١٠ و١٢ أمثال ٢٨: ٢١

ٱلْعَاتِيَ هو الظالم من أعداء اليهود من الخارج كالأشوريين والمستهزئ هو غير المؤمن والشرير من اليهود.

ٱلسَّاهِرِينَ عَلَى ٱلإِثْمِ هم الأشرار من اليهود وخطيئتهم عظيمة لأنهم يقصدون الإثم ويفتشون عن فرص وطرق مناسبة للظلم والغش كما أن الصالحين يسهرون ويجتهدون في الأعمال الصالحة (ميخا ٢: ١ وعاموس ٨: ٥).

يُخْطِئُ بِكَلِمَةٍ يراقبون الإنسان حتى يصيدوه بكلمة كالفريسيين في أيام المسيح (متّى ٢٢: ١٥) وربما القول يشير إلى ما جرى في المحكمة من التحريف والتهديد للفقير حتى يغلط بكلمة فتسقط دعواه.

فَخّاً لِلْمُنْصِفِ يمنعون من يريد أن ينصف المسكين (عاموس ٥: ١٠ – ١٢).

فِي ٱلْبَابِ كان القضاة يجلسون في باب المدينة لكونه محل اجتماع.

وَصَدُّوا ٱلْبَارَّ بِٱلْبُطْلِ بواسطة شهادة زور أو تلاعب في الكلام منعوا البار من حقه.

٢٢ «لِذٰلِكَ هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي فَدَى إِبْرَاهِيمَ لِبَيْتِ يَعْقُوبَ: لَيْسَ ٱلآنَ يَخْجَلُ يَعْقُوبُ، وَلَيْسَ ٱلآنَ يَصْفَرُّ وَجْهُهُ».

يشوع ٢٤: ٣

ٱلَّذِي فَدَى إِبْرَاهِيمَ أخذه من بلاد وثنية ووعده بنسل كثير وإن كان في ذلك الوقت بلا ولد وهكذا الرب يقدر أن يكثر أولاد يعقوب بالإيمان وإن كان ذلك مستحيلاً حسب الظاهر.

لَيْسَ ٱلآنَ يَخْجَلُ يَعْقُوبُ لا يخجل اليهود من خيبة آمالهم أو عدم وفاء مواعيد الله.

٢٣ «بَلْ عِنْدَ رُؤْيَةِ أَوْلاَدِهِ عَمَلِ يَدَيَّ فِي وَسَطِهِ يُقَدِّسُونَ ٱسْمِي، وَيُقَدِّسُونَ قُدُّوسَ يَعْقُوبَ، وَيَرْهَبُونَ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ».

ص ١٩: ٢٥ و٤٥: ١١ و٦٠: ٢١ وأفسس ٢: ١٠

أَوْلاَدِهِ عَمَلِ يَدَيَّ يشير إلى الأمم الذين يتجددون بعمل الروح القدس ثم ينضمون إلى شعب الله. وهكذا فرح بطرس بتجديد كرنيليوس (أعمال ١٠) وبرنابا بتجديد اليونانيين في أنطاكية (أعمال ١١: ٢٠) وأولاد يعقوب هم أولاده بالإيمان أي إيمانهم كإيمانه (غلاطية ٣: ٧).

وَيَرْهَبُونَ اليهود والذين انضموا إليهم من الأمم يرهبون إله إسرائيل لأنه وفى بوعده وأظهر صدقه وقدرته إذ عمل ما كان يراه محالاً.

٢٤ «وَيَعْرِفُ ٱلضَّالُّو ٱلأَرْوَاحِ فَهْماً، وَيَتَعَلَّمُ ٱلْمُتَمَرِّدُونَ تَعْلِيماً».

ص ٢٨: ٧

ٱلضَّالُّو ٱلأَرْوَاحِ… ٱلْمُتَمَرِّدُونَ وهم اليهود (انظر ع ٩ و١٨) والأمور ذات الشأن في هذه النبوءة ثلاثة:

  1. رفض اليهود لقساوة قلوبهم وعمى عقولهم.
  2. خلاص الأمم على رغم اليهود لأنهم اضطهدوا الرسل لكونهم مبشري الأمم.
  3. رجوع اليهود إلى المسيح الذي به صار الاثنان واحداً والجميع أهل بيت الله الواحد (رومية ص ١١).

فوائد للوعاظ

أحلام الأشرار (ع ٧ و٨)

  1. إنهم يرون في أحلامهم الغنى والراحة والسرور وبعد زمان يستيقظون وإذا هم فقراء ومتعبون وحزانى أو إذا نالوا الغنى لا يجدون فيه سروراً.
  2. إنهم يرون في أحلامهم أنهم سالمون وأعمالهم الشريرة مكتومة عن الله والناس ويستيقظون عندما تُكشف هذه الأعمال فيظهر القاتل والسارق ويُعرف الكذاب ويعتريهم أمراض وفقر وعار عقاباً لهم على خطاياهم.
  3. إنهم يرون في أحلامهم خلاصهم في الآخرة مع أنهم خالفوا شريعة الله ورفضوا المسيح ويستيقظون في يوم الدين ليسمعوا قوله «اذهبوا عني يا ملاعين».

العجز الروحي (ع ٩ – ١٢)

  1. هذا العجز هو في أعلى قوى الإنسان أي قواه الروحية. فالعمى الجسدي مصيبة عظيمة والجنون مصيبة أعظم لأن العقل أعلى من الجسد ومصيبة العجز الروحي أعظم الكل لأن النفس تفوق الجسد والعقل قيمة.
  2. إن من المحتمل أن الذين هم أقوى الناس جسداً وعقلاً يكونون عاجزين في الروحيات كرؤساء اليهود وفلاسفة اليونانيين وبعض العلماء في أيامنا فإنهم لا يفهمون ما لروح الله.
  3. إن هذا العجز هو بإرادة الإنسان وناتج عن الخطيئة وهو أيضاً خطيئة.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى