سفر إشعياء | 22 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر إشعياء
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ
مضمونه:
ينقسم هذا الأصحاح إلى قسمين:
(١) نبوءة على أورشليم لعدم انتباه أهلها للمخاطر المحيطة بهم في وقت حصار سنحاريب للمدينة فإنهم سلموا أنفسهم للسكر وفرحوا فرح الجهال (ع ١ – ١٤).
(٢) تهديد شبنا جليس الملك ونبوءة بتعيين ألياقيم عوضاً عنه (ع ١٥ – ٢٥).
جاء في ٢ملوك ١٨: ١٣ – ١٦ أن سنحاريب أخذ جميع مدن يهوذا الحصينة وقيل في التواريخ الأشورية أنه كان عدد ما أخذه من المدن ٤٦ وإن سنحاريب «أغلق على الملك حزقيا كعصفور في قفص» وحزقيا دفع له جميع الفضة التي في بيت الرب وفي خزائن بيت الملك. قال سنحاريب أنه أخذ ثلاثين وزنة من الذهب وثماني مئة وزنة من الفضة وحجارة كريمة وأسرّة من العاج وبنات الملك وخصيانه ومغنين ومغنيات. أخذ سنحاريب المال وظنّ أهل أورشليم أنهم خلصوا منه وفرحوا غير أن فرحهم لم يكن في محله إذ أرسل بعد ذلك ترتان أي رئيس الجيش ومعه جيش عظيم إلى أورشليم.
١ «وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ وَادِي ٱلرُّؤْيَا: فَمَا لَكِ أَنَّكِ صَعِدْتِ جَمِيعاً عَلَى ٱلسُّطُوحِ».
وَادِي ٱلرُّؤْيَا (انظر مزمور ١٢٥: ٢) «أورشليم الجبال حولها» قيل إنه ربما كان إشعياء واقفاً على سطح بيته والبيت في قسم من المدينة أخفض من غيره. وسمي الوادي «بوادي الرؤيا» لوجود أنبياء فيه رأوا رؤى. وإشعياء باستعماله هذا الاسم ذكر أهل أورشليم بامتيازاتهم الروحية وإنه يجب عليهم أن يفهموا ويؤمنوا ولا يكونوا كالجهال.
صَعِدْتِ جَمِيعاً عَلَى ٱلسُّطُوحِ يظهر من هذا الكلام أن أهل أورشليم كانوا فرحين كفرح يوم عيد وكانوا كثيرين على السطوح وفي الأسواق وكانت أصوات الناس كعجيج البحر وربما كان سبب هذا الفرح دفعهم المال لسنحاريب وزعمهم أنه ترك أورشليم فزال كل خطر عنها. وأما النبي فلم يشاركهم في هذا الفرح للأسباب الآتية:
- إنهم لم يرجعوا إلى الرب بتوبة حقيقية وكان فرحهم في اللذات الجسدية.
- إنهم خلصوا من سنحاريب على طريقة غير شريفة أي بدفع المال.
- إن ذلك الخطر لم يزل فيقول للمدينة على سبيل اللوم فما لك صعدت الخ.
٢، ٣ «٢ يَا مَلآنَةُ مِنَ ٱلْجَلَبَةِ، ٱلْمَدِينَةُ ٱلْعَجَّاجَةُ ٱلْقَرْيَةُ ٱلْمُفْتَخِرَةُ؟ قَتْلاَكِ لَيْسَ هُمْ قَتْلَى ٱلسَّيْفِ وَلاَ مَوْتَى ٱلْحَرْبِ. ٣ جَمِيعُ رُؤَسَائِكِ هَرَبُوا مَعاً. أُسِرُوا بِٱلْقِسِيِّ. كُلُّ ٱلْمَوْجُودِينَ بِكِ أُسِرُوا مَعاً. مِنْ بَعِيدٍ فَرُّوا».
ص ٣٢: ١٣
قَتْلاَكِ لَيْسَ هُمْ قَتْلَى ٱلسَّيْفِ الخ لم يموتوا في الحرب كجنديين صالحين بل منهم أناس هربوا وأناس سقطوا وهم هاربون وبعضهم أسروا وغيرهم ماتوا من السكر وقتل بعضهم بعضاً فلم يبق منهم شجاع ولا أمين.
٤ «لِذٰلِكَ قُلْتُ: ٱقْتَصِرُوا عَنِّي فَأَبْكِي بِمَرَارَةٍ. لاَ تُلِحُّوا بِتَعْزِيَتِي عَنْ خَرَابِ بِنْتِ شَعْبِي».
إرميا ٤: ١٩ و٩: ١
لم يبك إشعياء خوفاً من الأشوريين ولا من عدم إيمانه بالله إنما بكى كما بكى يسوع على أورشليم لعدم إيمانها مع أنه استُعملت فيها وسائط لم تُستعمل في شعب آخر فكان سبب حزنه ما كان فيها وليس ما كان عليها من الخارج.
بِنْتِ شَعْبِي أي مدينة أورشليم وسُميت بهذا الاسم كثيراً في إرميا ولكنها لم تسمّ به في إشعياء إلا هذه المرة.
٥ – ٧ «٥ إِنَّ لِلسَّيِّدِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ فِي وَادِي ٱلرُّؤْيَا يَوْمَ شَغَبٍ وَدَوْسٍ وَٱرْتِبَاكٍ. نَقْبُ سُورٍ وَصُرَاخٌ إِلَى ٱلْجَبَلِ، ٦ فَعِيلاَمُ قَدْ حَمَلَتِ ٱلْجُعْبَةَ بِمَرْكَبَاتِ رِجَالٍ فُرْسَانٍ. وَقِيرُ قَدْ كَشَفَتِ ٱلْمِجَنَّ. ٧ فَتَكُونُ أَفْضَلُ أَوْدِيَتِكِ مَلآنَةً مَرْكَبَاتٍ، وَٱلْفُرْسَانُ تَصْطَفُّ ٱصْطِفَافاً نَحْوَ ٱلْبَابِ».
ص ٣٧: ٣ ومراثي ١: ٥ و٢: ٢ إرميا ٤٩: ٣٥ ص ١٥: ١
نبوءة برجوع سنحاريب والنبي يصف هنا اضطراب أهل أورشليم ومنظر جيوش الأشوريين مصطفة حول المدينة وعند أبوابها ويستعمل صيغة الماضي وإن كانت الحوادث مستقبلة لأنه رأها في الرؤيا كأنها حدثت.
إِنَّ لِلسَّيِّدِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ هذا الضيق من الرب ولكنه اتخذ الأشوريين آلة لتأديب شعبه.
لِلسَّيِّدِ… يَوْمَ أي الخراب المذكور مقرر ويوم حدوثه معيّن فلا بد من مجيئه.
صُرَاخٌ إِلَى ٱلْجَبَلِ عويل شديد جداً حتى يُسمع الصوت في الجبال حول أورشليم.
عِيلاَمُ (انظر ص ٢١: ٢).
قِيرُ ذُكرت في (٢ملوك ١٦: ٩) ففيه أن ملك أشور سبى آهل دمشق إلى قير. وقال عاموس في (ص ٩: ٧) إن الآراميين من قير وموقعها غير معروف.
قَدْ كَشَفَتِ ٱلْمِجَنَّ أي كشفت الغطاء عن المجن وهو ما يستره وقت السفر أو في وقت السلم وكشف المجن علامة الاستعداد للحرب.
فَتَكُونُ (ع ٧) انتقل النبي إلى صيغة المستقبل ولكن زمان الحوادث المذكورة في هذه الآية والمذكورة في الآية السابقة زمان واحد.
أَفْضَلُ أَوْدِيَتِكِ رأى النبي في الرؤيا الأودية المخصبة ذات كروم وزيتون ومزروعات مدوسة وخربة من المركبات والخيل وعساكر الأشوريين.
نَحْوَ ٱلْبَابِ فلا يدخل ولا يخرج أحد وكان الأشوريون قريبين من المدينة حتى كلموا اليهود على السور (ص ٣٦: ١٢).
٨ – ١١ «٨ وَيَكْشِفُ سِتْرَ يَهُوذَا فَتَنْظُرُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ إِلَى أَسْلِحَةِ بَيْتِ ٱلْوَعْرِ. ٩ وَرَأَيْتُمْ شُقُوقَ مَدِينَةِ دَاوُدَ أَنَّهَا صَارَتْ كَثِيرَةً وَجَمَعْتُمْ مِيَاهَ ٱلْبِرْكَةِ ٱلسُّفْلَى. ١٠ وَعَدَدْتُمْ بُيُوتَ أُورُشَلِيمَ وَهَدَمْتُمُ ٱلْبُيُوتَ لِتَحْصِينِ ٱلسُّورِ. ١١ وَصَنَعْتُمْ خَنْدَقاً بَيْنَ ٱلسُّورَيْنِ لِمِيَاهِ ٱلْبِرْكَةِ ٱلْعَتِيقَةِ. لٰكِنْ لَمْ تَنْظُرُوا إِلَى صَانِعِهِ، وَلَمْ تَرَوْا مُصَوِّرَهُ مِنْ قَدِيمٍ».
١ملوك ٧: ٢ و١٠: ١٧ و٢ملوك ٢٠: ٢٠ و٢أيام ٣٢: ٤ و٥ و٣٠ نحميا ٣: ١٦ ص ٣٧: ٢٦
ذكرهم النبي في هذه الآيات خوفهم عند مجيء سنحاريب الأول واستعدادهم للحصار ونظرهم إلى الأسلحة والأسوار والمياه وعدم نظرهم إلى الرب. وفي الآية الثامنة تصوّر ما كان قد حدث كأنه حاضر فيقول «يكشف». ثم في الآية التاسعة ومما يليها يستعمل صيغة الماضي فيقول «رأيتم» الخ وأما زمان الحوادث فهو واحد.
يَكْشِفُ سِتْرَ يَهُوذَا أي سنحاريب يظهر ضعف يهوذا.
بَيْتِ ٱلْوَعْرِ الذي بناه سليمان ووضع فيه ثلاث مئة مجن من الذهب (١ملوك ١٠: ١٧).
مَدِينَةِ دَاوُدَ حصن صهيون (٢صموئيل ٥: ٧ و٩).
مِيَاهَ ٱلْبِرْكَةِ مياه أورشليم قليلة حتى اليوم وقبل هذه الحادثة بنحو ٣٤ سنة اهتمّ الملك آحاز بهذا الأمر (ص ٧: ٣).
وَعَدَدْتُمْ بُيُوتَ أُورُشَلِيمَ حتى يعرفوا أي بيت يُهدم وأي بيت يبقى وهدموا بيوتاً ليستعملوا حجارتها وأخشابها لتحصين السور.
بَيْنَ ٱلسُّورَيْنِ إلى جهة الجنوب والشرق من المدينة وهنا السور يدور نحو وسط المدينة ثم يرجع إلى الخط الذي كان عليه والزاوية خارجة عن المدينة وهي مثل خليج من البحر داخل إلى البر وبين السورين كما أن الخليج بين شط البحر من هنا وشط آخر من هناك. وربما بنوا سوراً ثالثاً ليصل من السور الواحد إلى الثاني فأحاط بالخندق أو الحوض. ولعل البركة العتيقة بركة سلوام والزاوية المذكورة قريبة من بركة سلوام وحلّ الأشوريون شمالي المدينة.
إِلَى صَانِعِهِ أي الرب الذي عمل هذا العمل (ص ٥: ٥ – ١٢).
١٢ «وَدَعَا ٱلسَّيِّدُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ إِلَى ٱلْبُكَاءِ وَٱلنَّوْحِ وَٱلْقَرْعَةِ وَٱلتَّنَطُّقِ بِٱلْمِسْحِ».
يوئيل ١: ١٣ عزرا ٩: ٣ وص ١٥: ٢ وميخا ١: ١٦
بعدما ذكر النبي حصار أورشليم عند مجيء سنحاريب الأول (ع ٨ – ١١) رجع إلى ما كان في صدده (ع ١ – ٨) فوصف تصرف أهل أورشليم في يوم البلية وفرحهم غير الموافق ورجاءهم الباطل. إن غاية الرب من تأديب شعبه رجوعهم إليه بالحزن والتوبة.
فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ في يوم مجيء سنحاريب الأول لم ينظروا إلى الرب وكذلك في يوم تاريخ هذه النبوءة.
وَٱلْقَرْعَةِ أي حلق شعر الرأس علامة الحزن كالنوح والتنطق بالمسح.
١٣ «فَهُوَذَا بَهْجَةٌ وَفَرَحٌ، ذَبْحُ بَقَرٍ وَنَحْرُ غَنَمٍ، أَكْلُ لَحْمٍ وَشُرْبُ خَمْرٍ! لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ».
ص ٥٦: ١٢ و١كورنثوس ١٥: ٣٢
فَهُوَذَا بَهْجَةٌ أي عملوا بعكس الواجب عليهم والمستنظر منهم فكان عوض البكاء البهجة وعوض النوح الفرح.
لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ لربما كان هذا القول مثلاً عندهم والمراد به الاستهزاء بالنبي كأنهم قالوا غداً نموت على قولك فإذاً لنأكل ونشرب اليوم. قيل إنه منذ زمان تفشي الوباء بين العساكر في الهند فكان يموت أناس منهم كل يوم فرأى كل من الأحياء احتمال أنه يموت غداً ولكن بعضهم سلموا أنفسهم للسكر والخلاعة قائلين كما قال اليهود في القديم «لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت».
١٤ «فَأَعْلَنَ فِي أُذُنَيَّ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: لاَ يُغْفَرَنَّ لَكُمْ هٰذَا ٱلإِثْمُ حَتَّى تَمُوتُوا يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ».
ص ٥: ٩ و١صموئيل ٣: ١٤ وحزقيال ٢٤: ١٣
جواب النبي بل جواب الرب نفسه أنهم يموتون بالحقيقة.
لاَ يُغْفَرَنَّ لَكُمْ هٰذَا ٱلإِثْمُ كما قال المسيح عن التجديف على الروح القدس أي أن هذه الخطية لا تُغفر لهم لأنهم كانوا قد رفضوا التعليم والتأديب فكان خرابهم الديني والأدبي شراً من خراب مدينتهم.
وهذه النبوءة كلها تهديد وحزن لا يتخللها شيء من الرجاء. فكيف نوفق بين هذه النبوءة وإنقاذ أورشليم من يد سنحاريب وإهلاك جيشه. والجواب:
(١) إن الوعيد كالوعد تحت شروط. قال يونان بعد أربعين يوماً تنقلب نينوى ولكن بعدما تابوا صفح الرب عنها والرب استجاب لصلاة حزقيا.
(٢) إن خلاص اليهود كان وقتياً فقط لأنهم سقطوا عن يد البابليين وسقطوا سقوطاً نهائياً عن يد الرومانيين.
١٥ «هٰكَذَا قَالَ ٱلسَّيِّدُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: ٱذْهَبِ ٱدْخُلْ إِلَى هٰذَا جَلِيسِ ٱلْمَلِكِ، إِلَى شِبْنَا ٱلَّذِي عَلَى ٱلْبَيْتِ».
٢ملوك ١٨: ٣٧ وص ٣٦: ٣ و١ملوك ٤: ٦
ٱلَّذِي عَلَى ٱلْبَيْتِ هذه منزلة عالية كان صاحبها ثاني الملك (٢أيام ٢٦: ٢١ و٢ملوك ١٨: ١٨). وكلمة «هذا» تدل على الاحتقار. وذكر النبي في الأول أن هذا الكلام ليس منه بل من السيد رب الجنود الذي له حق أن يمجّد ويعيّر ويقيم ويحطّ.
١٦ «مَا لَكَ هٰهُنَا وَمَنْ لَكَ هٰهُنَا حَتَّى نَقَرْتَ لِنَفْسِكَ هٰهُنَا قَبْراً أَيُّهَا ٱلنَّاقِرُ فِي ٱلْعُلُوِّ قَبْرَهُ، ٱلنَّاحِتُ لِنَفْسِهِ فِي ٱلصَّخْرِ مَسْكَناً؟»
٢صموئيل ١٨: ١٨ ومتّى ٢٧: ٦٠
مَا لَكَ هٰهُنَا استنتج بعضهم من هذا القول وعدم ذكر اسم أبيه أنه أجنبي ولنا من تسمية خليفة ألياقيم بعبد الرب وباب لسكان أورشليم أن شيئاً كان عكس ذلك أي كان مقاوماً للرب ونبيه وظالماً للشعب.
ٱلنَّاقِرُ فِي ٱلْعُلُوِّ قَبْرَهُ في مكان عال ظاهر للأبصار وكان هذا القبر له وحده لأنه أجنبي وليس له أسرة ولا أقارب يُدفنون معه في ذلك القبر. وهذا مما يدل على الكبرياء. وفي الكتاب أقوال كثيرة تفيد أن الرب يغتاظ كثيراً من هذه الخطية. واستعمال ضمير الغائب يدل على وجود سامعين غير شبنا.
١٧ «هُوَذَا ٱلرَّبُّ يَطْرَحُكَ طَرْحاً يَا رَجُلُ وَيُغَطِّيكَ تَغْطِيَةً».
أستير ٧: ٨
هُوَذَا ٱلرَّبُّ يَطْرَحُكَ المظنون أن شبنا كان إمام الطالبين الاتحاد بمصر وعزله نتيجة تغيير في سياسة الملك.
وَيُغَطِّيكَ بجثث القتلى أو بالدفن بلا كرامة فلا يُدفن في قبره العالي كما توقع.
١٨ «يَلُفُّكَ لَفَّ لَفِيفَةٍ كَٱلْكُرَةِ إِلَى أَرْضٍ وَاسِعَةِ ٱلطَّرَفَيْنِ. هُنَاكَ تَمُوتُ وَهُنَاكَ تَكُونُ مَرْكَبَاتُ مَجْدِكَ يَا خِزْيَ بَيْتِ سَيِّدِكَ».
يَلُفُّكَ أي يلفه هو ومركباته وكل أمواله كأشياء لا قيمة لها.
أَرْضٍ وَاسِعَةِ لعلها أرض أشور فإنه كان فيها أسيراً وربما كان من الذين طلبوا الاتحاد بمصر فالتجأ إليها بعد عزله.
مَرْكَبَاتُ مَجْدِكَ المركبات للملوك أو للقريبين منهم والمعنى أن ذلك المجد مجد شبنا الملكي يزول كل الزوال.
يَا خِزْيَ بَيْتِ سَيِّدِكَ لا يمكن إشعياء أن يعيّر ثاني الملك هكذا قدام الناس ويكتب كلامه في سفر نبوءته إلا لسبب كافٍ ولا شك في أن هذا الرجل الشرير كان يتظاهر بالتقوى فغش حزقيا ذلك الملك الصالح وربما كان نفاقه معروفاً عند العالم كما كان معروفاً عند النبي فوقع اللوم على بيت الملك بسببه.
١٩ «وَأَطْرُدُكَ مِنْ مَنْصِبِكَ، وَمِنْ مَقَامِكَ يَحُطُّكَ».
أَطْرُدُكَ المتكلم هنا هو الرب.
يَحُطُّكَ الرب يحطه. ويظهر من (ص ٣٦: ٣) أن سقوطه لم يكن دفعة واحدة لأن حزقيا بعد ما عزله عيّنه كاتباً ولم يُذكر إتمام النبوءة.
تعيين ألياقيم لمنزلة شبنا ع ٢٠ إلى ٢٤
٢٠ «وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنِّي أَدْعُو عَبْدِي أَلِيَاقِيمَ بْنَ حِلْقِيَّا»
٢ملوك ١٨: ١٨
فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أي يوم عزل شبنا.
عَبْدِي أَلِيَاقِيمَ (انظر ص ٢٠: ٣) ما للإنسان من شرف وأعظم من أن يدعوه الرب بعبدي.
٢١ «وَأُلْبِسُهُ ثَوْبَكَ وَأَشُدُّهُ بِمِنْطَقَتِكَ وَأَجْعَلُ سُلْطَانَكَ فِي يَدِهِ، فَيَكُونُ أَباً لِسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ وَلِبَيْتِ يَهُوذَا».
وَأُلْبِسُهُ الخ ثوباً رسمياً ومنطقة رسمية علامة رتبته التي أخذها من شبنا.
أَباً الأب يعتني بأولاده ويؤدبهم بالمحبة لنفعهم وهكذا خدمة المتولي الصالح (أيوب ٢٩: ١٦).
٢٢ «وَأَجْعَلُ مِفْتَاحَ بَيْتِ دَاوُدَ عَلَى كَتِفِهِ، فَيَفْتَحُ وَلَيْسَ مَنْ يُغْلِقُ وَيُغْلِقُ وَلَيْسَ مَنْ يَفْتَحُ».
أيوب ١٢: ١٤ ورؤيا ٣: ٧
مِفْتَاحَ بَيْتِ دَاوُدَ يشير إلى السلطة ووضع المفتاح على الكتف يشير إلى المسؤولية والتعب الناتجين عن الخدمة بالأمانة.
٢٣ «وَأُثَبِّتُهُ وَتَداً فِي مَوْضِعٍ أَمِينٍ، وَيَكُونُ كُرْسِيَّ مَجْدٍ لِبَيْتِ أَبِيهِ».
عزرا ٩: ٨
مَجْدٍ لِبَيْتِ أَبِيهِ بسبب رتبته المحمودة يتمجد كل بيت أبيه وينتفعون به.
٢٤، ٢٥ «٢٤ وَيُعَلِّقُونَ عَلَيْهِ كُلَّ مَجْدِ بَيْتِ أَبِيهِ، ٱلْفُرُوعَ وَٱلْقُضْبَانَ، كُلَّ آنِيَةٍ صَغِيرَةٍ مِنْ آنِيَةِ ٱلطُّسُوسِ إِلَى آنِيَةِ ٱلْقَنَانيِّ جَمِيعاً. ٢٥ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، يَزُولُ ٱلْوَتَدُ ٱلْمُثَبَّتُ فِي مَوْضِعٍ أَمِينٍ وَيُقْطَعُ وَيَسْقُطُ. وَيُبَادُ ٱلثِّقْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ».
وَيُعَلِّقُونَ عَلَيْهِ التجأ جميع أقربائه إليه واتكلوا عليه فأعانهم في كل أمورهم حتى زهيدها. رأى بعضهم أن النبوءة بزوال الوتد لا يوافق الكلام السابق في شأن ألياقيم فيقولون إن النبي في ع ٢٥ رجع إلى أمر شبنا ولكننا إذا أمعنا النظر في ع ٢٤ رأينا ما يدل على سبب سقوط ألياقيم فإن النبي قال إن أهل ألياقيم جميعاً كباراً وصغاراً الفروع والقضبان الطسوس والقناني سيأتون إليه ويثقلون عليه أي يطلبون منه رتباً ومالاً وحماية وما أشبه ذلك وربما أخطأ بحمايته لأقربائه المذنبين بتعيينه غير المستحقين للرتبة أو بزيادة النفقة فسقط.
ولنا من ذلك هذه الفائدة وهي أنه يجب على كل متولٍّ سياسياً كان أو دينياً أن يعتبر أقاربه في الأمور المختصة بتوليه أو رتبته كأنهم غرباء فيعاملهم بالحق بلا ميل ولا هوىً.
فوائد للوعاظ
فأبكي بمرارة (ع ٤)
- إنه ليس كل بكاء دليلاً على الضعف بدليل أنه بكى الأقوياء كيوسف وداود وحزقيا ويوشيا وعزرا ونحميا وبطرس وبولس والرب يسوع المسيح نفسه.
- إن عدم البكاء قد يكون دليلاً على القساوة والجهل. فإن غير التائبين في أيام إشعياء أكلوا وشربوا وفرحوا وأما البكاء على الخطية فهو علامة التوبة الحقيقية غير أنه يجب التمييز بين البكاء على الخطية والبكاء من عواقبها فقط (انظر ترنيمة ١٠٨).
- إنه يجب أن يكون البكاء لأسباب كافية منها خطايانا وخطايا غيرنا وهلاك غير التائبين ويجب أن يكون بالاعتدال وإخلاص النية فلا يجوز أن نهيج أنفسنا ولا غيرنا على البكاء بل يجب أن نضبط أنفسنا ونعزي غيرنا.
شبنا وألياقيم (ع ١٥ – ٢٤)
أشبه شبنا بعض كهنة العهد القديم الذين أحبوا المال وطلبوا المجد لأنفسهم.
وأشبه ألياقيم الكاهن الآخر الذي صار ليس بحسب ناموس وصية جسدية بل بحسب قوة حياة لا تزول أي المسيح. فإن المسيح عبد الرب (ص ٥٢: ١٣) له مفتاح داود (رؤيا ٣: ٧) ومفاتيح الهاوية والموت (رؤيا ١: ١٨) وهو أبٌ أبديّ (ص ٩: ٦) ويأتي إليه الجميع كباراً وصغاراً ومهما سأله تلاميذه باسمه يفعله وله عرش عظيم (رؤيا ٢٠: ١١).
وأشبه ألياقيم أيضاً خدمة المسيح الأمناء الذين يفتحون للناس أبواب السماء بواسطة التبشير بالمسيح فيكونون وكلاء أمناء على بيت الله يوزعون بركات الخلاص ولا يخافون من أجناد الشر الروحية (انظر ص ٣٦: ٣) ويدل ذلك على أن ألياقيم ورفاقه لم يخافوا من ربشاقي.
والأمر واضح أن ألياقيم لم يشبه المسيح بسقوطه.
السابق |
التالي |