إشعياء

سفر إشعياء | 10 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر إشعياء

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعَاشِرُ

مضمونه:

الآيات الأربع الأولى منه ملحقة بالأصحاح السابق وهي تكملة إنذار الله لمملكتي إسرائيل ويهوذا بالحرب والدمار من الخارج والفتن من الداخل. ومن ع ٥ إلى نهاية ص ١٢ نبوءات مرتبط بعضها ببعض ارتباطاً محكماً. وهي أقسام:

الأول: نبوءة بأن الله سينتقم من أشور لأنه اتخذه قضيباً لتأديب شعبه فنسب انتصاره على ذلك الشعب إلى اقتداره ولم يكتف من تعذيبه وإذلاله بما يكون تأديباً له كما هو مراد الله بل اجتهد في أن يقرضه عن آخره. وهذا القسم يشتمل بالتفصيل على ما يأتي:

  1. وصف دمار أشور (ع ٥ – ١٩).
  2. تأثير تلك الخطوب في أتقياء الشعب والتجاؤهم إلى الله واتكالهم عليه (ع ٢٠ – ٢٣).
  3. تنشيط الله شعبه وتقويتهم (ع ٢٤ – ٢٧).
  4. وصف مجيء أشور لمحاربة أورشليم (ع ٢٨ إلى ٣٢).
  5. تكرار الوعيد بسقوط أشور (ع ٣٣ و٣٤).

الثاني: نبوءة بمجيء المسيح وامتداد ملكه ونجاح ملكوته (ص ١١) ونشيد حمد (ص ١٢).

١ – ٤ «١ وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَقْضُونَ أَقْضِيَةَ ٱلْبُطْلِ، وَلِلْكَتَبَةِ ٱلَّذِينَ يُسَجِّلُونَ جَوْراً ٢ لِيَصُدُّوا ٱلضُّعَفَاءَ عَنِ ٱلْحُكْمِ، وَيَسْلِبُوا حَقَّ بَائِسِي شَعْبِي، لِتَكُونَ ٱلأَرَامِلُ غَنِيمَتَهُمْ وَيَنْهَبُوا ٱلأَيْتَامَ. ٣ وَمَاذَا تَفْعَلُونَ فِي يَوْمِ ٱلْعِقَابِ، حِينَ تَأْتِي ٱلتَّهْلُكَةُ مِنْ بَعِيدٍ؟ إِلَى مَنْ تَهْرُبُونَ لِلْمَعُونَةِ، وَأَيْنَ تَتْرُكُونَ مَجْدَكُمْ؟ ٤ إِمَّا يَجْثُونَ بَيْنَ ٱلأَسْرَى، وَإِمَّا يَسْقُطُونَ تَحْتَ ٱلْقَتْلَى. مَعَ كُلِّ هٰذَا لَمْ يَرْتَدَّ غَضَبُهُ، بَلْ يَدُهُ مَمْدُودَةٌ بَعْدُ!».

مزمور ٥٨: ٢ و٩٤: ٢٠ أيوب ٣١: ١٤ هوشع ٩: ٧ ولوقا ١٩: ٤٤ ص ٥: ٢٥ و٩: ١٢ و١٧ و٢١

هذه الآيات تتعلق بالأصحاح السابق وهي جزء من تهديدات الله لإسرائيل وهي مختصة بالقضاة الذين يسنُّون الشرائع غير العادلة ويقضون بالبطل. وكانت خطيتهم (١) بأنهم لم يشعروا بمسؤوليتهم كوكلاء الله لأنه لا سلطان إلا من الله (رومية ١٣: ١).

(٢) بظلم الضعفاء واليتامى والأرامل لأنه من أهم واجبات الحكام أن يحاموا عن الضعفاء.

(٣) بتصديقهم لأحكام البطل فيصير الظلم بصورة النظام والحق.

حِينَ تَأْتِي ٱلتَّهْلُكَةُ مِنْ بَعِيدٍ (ع ٣) أي من أشور. إن الرب نهاهم بكل تصريح عن أن يلتجئوا إلى أشور لأنه لا يخلصهم ولا ملجأ لهم إلا الرب.

أَيْنَ تَتْرُكُونَ مَجْدَكُمْ كان مجدهم ما لهم لا سواه فسألهم الرب تهكماً أين تضعون هذا المال في يوم العقاب وأنتم ذاهبون بين الأسرى أو ساقطون مع القتلى.

لَمْ يَرْتَدَّ غَضَبُهُ الخ (ع ٤) (انظر ص ٩: ١٢ و١٧ و٢١) إن كل فصل من هذه النبوءة ينتهي بهذا الكلام. السامرة سقطت ولم تقم ولم يرتد غضب الرب على يهوذا حتى نهاية سبي بابل.

٥، ٦ «٥ وَيْلٌ لأَشُّورَ قَضِيبِ غَضَبِي. وَٱلْعَصَا فِي يَدِهِمْ هِيَ سَخَطِي. ٦ عَلَى أُمَّةٍ مُنَافِقَةٍ أُرْسِلُهُ، وَعَلَى شَعْبِ سَخَطِي أُوصِيهِ، لِيَغْتَنِمَ غَنِيمَةً وَيَنْهَبَ نَهْباً وَيَجْعَلَهُمْ مَدُوسِينَ كَطِينِ ٱلأَزِقَّةِ».

إرميا ٥١: ٢٠ ص ٩: ١٧ إرميا ٣٤: ٢٢

هاتان الآيتان نبوءة بهجوم أشور على يهوذا وأورشليم. والظاهر من ع ٩ و١٠ أن زمان هذه النبوءة في ملك حزقيا بعد سقوط السامرة. والأرجح أن ملك أشور المشار إليه في هذه النبوءة هو سنحاريب.

ملوك أشور المذكورون في الكتاب المقدس هم:

  • الأول: فول الذي وضع الجزية على منحيم ملك إسرائيل (٢ملوك ١٥: ١٩).
  • الثاني: تغلث فلاسر الذي عصاه فقح ورصين واستغاث به آخاز فضرب دمشق والجليل (٢ملوك ١٥: ٢٩ و١٦: ٩) وظن بعضهم أن فول وتغلث فلاسر اسمان لملك واحد.
  • الثالث: شلمناصر الذي شرع في محاصرة السامرة (٢ملوك ١٧: ٥).
  • الرابع: سرجون الذي فتن على شلمناصر وقتله وملك عوضاً عنه وأخذ السامرة (٢ملوك ١٧: ٦) وأخذ أشدود أيضاً (إشعياء ص ٢٠).
  • الخامس: سنحاريب بن سرجون الذي حاصر أورشليم في أيام حزقيا وكان في زمن هذه النبوءة مستولياً على آرام والسامرة وموآب وأدوم وفلسطين أي كل الممالك ما عدا اليهودية وكان حينئذ يتقدم إليها لكن ظن بعضهم أن سرجون هو المشار إليه في ص ١٠ لا سنحاريب.

وَيْلٌ لأَشُّورَ قَضِيبِ غَضَبِي أي القضيب الذي استعملته في وقت الغضب.

وَٱلْعَصَا فِي يَدِهِمْ هِيَ سَخَطِي أي أنا أدربهم على استعمالها للنقمة من الأشرار. فإن الأحكام التي أنذرهم الله بها في الأصحاح السابق أجراها على الخصوص بواسطة الأشوريين. وهكذا اتخذ نبوخذنصر آلة لانتقامه (إرميا ٥١: ٢٠ – ٢٤). وكلام الله موجه إلى الأشوريين لا إلى ملكهم وحده. قال سنحاريب (ص ٣٦: ١٠) «ٱلرَّبُّ قَالَ لِي ٱصْعَدْ: إِلَى هٰذِهِ ٱلأَرْضِ وَٱخْرِبْهَا» ولعل قوله صادق فكأن الرب ظهر له وكلمه كما كلم نبوخذنصر (دانيال ٢: ٢٨).

أُمَّةٍ مُنَافِقَةٍ (ع ٦) كان الملك حزقيا يتقي الله ولذلك كان بعض الشعب وهم أشرار يتظاهرون بالتقوى.

عَلَى شَعْبِ سَخَطِي أي على يهوذا شعبي الذي أنا ساخط عليه لنفاقه.

٧ – ١١ «٧ أَمَّا هُوَ فَلاَ يَفْتَكِرُ هٰكَذَا، وَلاَ يَحْسِبُ قَلْبُهُ هٰكَذَا. بَلْ فِي قَلْبِهِ أَنْ يُبِيدَ وَيَقْرِضَ أُمَماً لَيْسَتْ بِقَلِيلَةٍ. ٨ فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَلَيْسَتْ رُؤَسَائِي جَمِيعاً مُلُوكاً؟ ٩ أَلَيْسَتْ كَلْنُو مِثْلَ كَرْكَمِيشَ؟ أَلَيْسَتْ حَمَاةُ مِثْلَ أَرْفَادَ؟ أَلَيْسَتِ ٱلسَّامِرَةُ مِثْلَ دِمَشْقَ؟ ١٠ كَمَا أَصَابَتْ يَدِي مَمَالِكَ ٱلأَوْثَانِ، وَأَصْنَامُهَا ٱلْمَنْحُوتَةُ هِيَ أَكْثَرُ مِنَ ٱلَّتِي لأُورُشَلِيمَ وَلِلسَّامِرَةِ، ١١ أَفَلَيْسَ كَمَا صَنَعْتُ بِٱلسَّامِرَةِ وَبِأَوْثَانِهَا أَصْنَعُ بِأُورُشَلِيمَ وَأَصْنَامِهَا؟»

تكوين ٥٠: ٢٠ وميخا ٤: ١٢ و٢ملوك ١٨: ٢٤ و٣٣ الخ و١٩: ١٠ الخ عاموس ٦: ٢ و٢أيام ٣٥: ٢٠ و٢ملوك ١٦: ٩

بيان فكر أشور في إجرائه إرادة الله فإنه افتخر جداً بذلك ونسب كل أعماله وانتصاراته إلى قدرته وحكمته لا إلى الله.

أَلَيْسَتْ رُؤَسَائِي جَمِيعاً مُلُوكاً هذا دليل على اتساع مملكته وافتخاره باستيلائه على الممالك التي فتحها وتسلط على ملوكها عنوة واقتداراً.

أَلَيْسَتْ كَلْنُو مِثْلَ كَرْكَمِيشَ (ع ٩) أي ألم أقهر هاتين المدينتين وأخضعهما لنيري. إن ملك أشور ذكر ست مدن كان قد فتحها وذكرها بالترتيب مبتدئاً من الشمال لأن الطريق من أشور إلى اليهودية كان أولاً إلى الشمال والغرب إلى كركميش وهي على حافة النهر ثم تميل الطريق عن النهر إلى جهة الغرب إلى كلنوا وأرفاد ثم إلى جهة الجنوب إلى حماة ومنها إلى السامرة. وذكر هذه المدن أزواجاً كأنه قال أخذت كلنو مثلماً كنت قد أخذت كركميش وأخذت حماة مثلما كنت قد أخذت أرفاد إلى آخره. وأرفاد غير الجزيرة أرواد.

كَمَا أَصَابَتْ يَدِي (ع ١٠) أي أن ملك أشور قال مفتخراً إنه يعمل بأورشليم كما عمل بممالك أخرى وبأصنامها مع أن أصنام تلك الممالك التي تحرسها أكثر من أصنام أورشليم والسامرة. ولا يخفى أن احتقاره للأوثان لا يُحسب احتقاراً عاماً للأوثان وللعبادة الوثنية بل للأوثان التي لم يعبدها هو.

وأصنام أورشليم والسامرة تشير إلى الأصنام التي كان اليهود يسجدون لها والعجلين المعبودين في مملكة إسرائيل وهذه الأصنام ليست أفضل من أصنام دمشق وحماة وأرفاد كما قال.

١٢ – ١٤ «١٢ فَيَكُونُ مَتَى أَكْمَلَ ٱلسَّيِّدُ كُلَّ عَمَلِهِ بِجَبَلِ صِهْيَوْنَ وَبِأُورُشَلِيمَ، أَنِّي أُعَاقِبُ ثَمَرَ عَظَمَةِ قَلْبِ مَلِكِ أَشُّورَ وَفَخْرَ رِفْعَةِ عَيْنَيْهِ. ١٣ لأَنَّهُ قَالَ: بِقُدْرَةِ يَدِي صَنَعْتُ، وَبِحِكْمَتِي. لأَنِّي فَهِيمٌ. وَنَقَلْتُ تُخُومَ شُعُوبٍ وَنَهَبْتُ ذَخَائِرَهُمْ، وَحَطَطْتُ ٱلْمُلُوكَ كَبَطَلٍ. ١٤ فَأَصَابَتْ يَدِي ثَرْوَةَ ٱلشُّعُوبِ كَعُشٍّ، وَكَمَا يُجْمَعُ بَيْضٌ مَهْجُورٌ جَمَعْتُ أَنَا كُلَّ ٱلأَرْضِ، وَلَمْ يَكُنْ مُرَفْرِفُ جَنَاحٍ وَلاَ فَاتِحُ فَمٍ وَلاَ مُصَفْصِفٌ».

٢ملوك ١٩: ٣١ إرميا ٥٠: ١٨ إشعياء ٣٧: ٢٤ وحزقيال ٢٨: ٤ الخ ودانيال ٤: ٣٠ أيوب ٣١: ٢٥

هذه الآيات تتضمن النبوءة بقصاص ملك أشور وما سيفعله الرب به بعد تمام مدة استخدامه إياه في إجراء مقاصده تعالى.

أُعَاقِبُ ثَمَرَ عَظَمَةِ قَلْبِ مَلِكِ يعاقبه على كبريائه وشروره والأعمال الافتخارية التي صدرت منه ويحطم عظمته. والقول «ملك أشور» لا يشير إلى ملك واحد فقط بل إلى المملكة وجميع ملوكها وكانوا كلهم مشهورين بالكبرياء والطمع والقساوة.

لأَنَّهُ قَالَ (ع ١٣) ربما لم يقل ملوك أشور ذلك لفظاً فمعنى النبي أن هذه أفكار قلوبهم ولسان حالهم.

وَنَقَلْتُ تُخُومَ شُعُوبٍ (انظر تثنية ٣٢: ٨) إن الرب نصب تخوماً للشعوب فما أتاه ملك أشور من نقل التخوم هو تعد على نظام الله وظلم الشعوب.

كَبَطَلٍ سمى ملك أشور نفسه بطلاً أي شجاعاً.

وَكَمَا يُجْمَعُ بَيْضٌ مَهْجُورٌ (ع ١٤) أي غزوت الممالك وجمعتها بلا مانع كما يُجمع بيض مهجور.

وَلَمْ يَكُنْ مُرَفْرِفُ جَنَاحٍ أي من دون أدنى مقاومة. فانظر أنه لم يدع العدل والحق ويفتخر بهما بل افتخر بالقوة الجسدية الوحشية. وظهرت كبرياء أشور من كلام ربشاقي إلى حزقيا (٢ملوك ١٨: ١٩ – ٣٥). وظهر أيضاً في الكتابات القديمة ففيها لقب الملك نفسه بملك الملوك ورب الأرباب وعزيز الآلهة الخ. وكان هؤلاء الملوك يدعون أنهم لم يفتأوا ناجحين فالكتابات لا تذكر انكسارهم أبداً. فلا يجوز لنا أن نفتخر بقوة عقولنا وكثرة مالنا ونجاحنا كأننا عملنا شيئاً من أنفسنا بل نقر بأن القوة والعقل والمال والنجاح كلها من الرب ونحن آلات بيده. وطوبى لمن يسلم نفسه لإرادة الرب ويحب أن يعملها ويفتخر بالرب أي ينسب كل أعماله الصالحة إلى نعمة الله العاملة فيه.

١٥ «هَلْ تَفْتَخِرُ ٱلْفَأْسُ عَلَى ٱلْقَاطِعِ بِهَا، أَوْ يَتَكَبَّرُ ٱلْمِنْشَارُ عَلَى مُرَدِّدِهِ؟ كَأَنَّ ٱلْقَضِيبَ يُحَرِّكُ رَافِعَهُ! كَأَنَّ ٱلْعَصَا تَرْفَعُ مَنْ لَيْسَ هُوَ عُوداً!».

إرميا ٥١: ٢٠

هَلْ تَفْتَخِرُ ٱلْفَأْسُ عَلَى ٱلْقَاطِعِ استفهام توبيخي يبين جهالة أشور وافتخاره بنفسه إذ شُبه بفأس في يد القاطع ومنشار في يد مستعمله أو قضيب في يد محركه.

كَأَنَّ ٱلْقَضِيبَ يُحَرِّكُ رَافِعَهُ أي كأن القضيب يرفع الرجل لا الرجل يرفع القضيب.

١٦ – ١٩ «١٦ لِذٰلِكَ يُرْسِلُ سَيِّدُ ٱلْجُنُودِ عَلَى سِمَانِهِ هُزَالاً، وَيُوقِدُ تَحْتَ مَجْدِهِ وَقِيداً كَوَقِيدِ ٱلنَّارِ. ١٧ وَيَصِيرُ نُورُ إِسْرَائِيلَ نَاراً وَقُدُّوسُهُ لَهِيباً، فَيُحْرِقُ وَيَأْكُلُ حَسَكَهُ وَشَوْكَهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ١٨ وَيُفْنِي مَجْدَ وَعْرِهِ وَبُسْتَانِهِ ٱلنَّفْسَ وَٱلْجَسَدَ جَمِيعاً. فَيَكُونُ كَذَوَبَانِ ٱلْمَرِيضِ. ١٩ وَبَقِيَّةُ أَشْجَارِ وَعْرِهِ تَكُونُ قَلِيلَةً حَتَّى يَكْتُبَهَا صَبِيٌّ».

ص ٥: ١٧ ص ٩: ١٨ و٢٧: ٤ و٢ملوك ١٩: ٢٣

هذه الآيات إنذار آخر لأشور على شره وكبريائه.

سِمَانِهِ رجال حربه الأشداء. والمعنى أن سمانه يصيرون هزالاً وأقوياءه يضعفون.

وَيَصِيرُ نُورُ إِسْرَائِيلَ نَاراً (ع ١٧) أي الإله الواحد يكون نوراً لشعبه وناراً آكلة لأعدائه (إشعياء ٣٧: ٣٦).

وَيُفْنِي مَجْدَ وَعْرِهِ وَبُسْتَانِهِ (ع ١٨) أي أن فعل تلك النار يكون عظيماً حتى يُفنى كل قوة أشور.

ٱلنَّفْسَ وَٱلْجَسَدَ فناء تاماً. والوعر والبستان كناية عن عساكر أشور نظراً إلى كثرتهم وعظمتهم.

كَذَوَبَانِ ٱلْمَرِيضِ (ع ١٨) يشير إلى أن سقوط أشور ليس من الأسباب الخارجية وحدها بل من أسباب داخلية أيضاً كحروب أهلية وفتن وفساد الأخلاق.

وَبَقِيَّةُ أَشْجَارِ وَعْرِهِ (ع ١٩) أي أن جيشه الذي كان بالعدد والعظمة مثل أشجار الوعر يصير قليلاً حتى يقدر صبي أن يعدّه.

٢٠ – ٢٣ «٢٠ وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّ بَقِيَّةَ إِسْرَائِيلَ وَٱلنَّاجِينَ مِنْ بَيْتِ يَعْقُوبَ لاَ يَعُودُونَ يَتَوَكَّلُونَ أَيْضاً عَلَى ضَارِبِهِمْ، بَلْ يَتَوَكَّلُونَ عَلَى ٱلرَّبِّ قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ بِٱلْحَقِّ. ٢١ تَرْجِعُ بَقِيَّةُ يَعْقُوبَ إِلَى ٱللّٰهِ ٱلْقَدِيرِ. ٢٢ لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَعْبُكَ يَا إِسْرَائِيلُ كَرَمْلِ ٱلْبَحْرِ تَرْجِعُ بَقِيَّةٌ مِنْهُ. قَدْ قُضِيَ بِفَنَاءٍ فَائِضٍ بِٱلْعَدْلِ. ٢٣ لأَنَّ ٱلسَّيِّدَ رَبَّ ٱلْجُنُودِ يَصْنَعُ فَنَاءً وَقَضَاءً فِي كُلِّ ٱلأَرْضِ».

٢ملوك ١٦: ٧ و٢أيام ٢٨: ٢٠ ص ٧: ٣ رومية ٩: ٢٧ ص ٦: ١٣ ص ٢٨: ٢٢ ص ٢٨: ٢٢ ودانيال ٩: ٢٧ ورومية ٩: ٢٨

في هذه الآيات مواعيد بالرحمة لبقية إسرائيل.

لاَ يَعُودُونَ يَتَوَكَّلُونَ أَيْضاً عَلَى ضَارِبِهِمْ أي يتعلمون الحكمة من التأديب ويتحققون فساد سياسة آحاز باستغاثته بملك أشور.

تَرْجِعُ بَقِيَّةُ يَعْقُوبَ (ع ٢١) هذا إشارة إلى ما جاء في (ص ٧: ٣) ومضمون هذه النبوءة في اسم ابن إشعياء شآر ياشوب. ولفظة «إسرائيل» ولفظة «يعقوب» إشارتان إلى إسرائيل كله لا إلى الأسباط العشرة فقط.

كَرَمْلِ ٱلْبَحْرِ (ع ٢٢) هنا إشارة إلى الوعد لإبراهيم (تكوين ١٣: ١٦) وهذا الوعد تم في أيام سليمان (١ملوك ٤: ٢٠) ولكنه تم جزئياً وسيتم روحياً كل التمام على معنى أفضل في نمو الكنيسة المسيحية.

قَدْ قُضِيَ بِفَنَاءٍ فَائِضٍ بِٱلْعَدْلِ أي أن فناء الأشرار من إسرائيل كان عدلاً. ولا يوجد تعزية في هذا القول والمعنى أن الرب لا يغض النظر عن الخطأة بل يعاملهم حسب أعمالهم.

كُلِّ ٱلأَرْضِ (ع ٢٣) أرض إسرائيل ويهوذا كليهما.

٢٤ – ٢٧ «٢٤ وَلَكِنْ هٰكَذَا يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: لاَ تَخَفْ مِنْ أَشُّورَ يَا شَعْبِي ٱلسَّاكِنُ فِي صِهْيَوْنَ. يَضْرِبُكَ بِٱلْقَضِيبِ، وَيَرْفَعُ عَصَاهُ عَلَيْكَ عَلَى أُسْلُوبِ مِصْرَ. ٢٥ لأَنَّهُ بَعْدَ قَلِيلٍ جِدّاً يَتِمُّ ٱلسَّخَطُ وَغَضَبِي فِي إِبَادَتِهِمْ. ٢٦ وَيُقِيمُ عَلَيْهِ رَبُّ ٱلْجُنُودِ سَوْطاً، كَضَرْبَةِ مِدْيَانَ عِنْدَ صَخْرَةِ غُرَابَ، وَعَصَاهُ عَلَى ٱلْبَحْرِ وَيَرْفَعُهَا عَلَى أُسْلُوبِ مِصْرَ. ٢٧ وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّ حِمْلَهُ يَزُولُ عَنْ كَتِفِكَ، وَنِيرَهُ عَنْ عُنُقِكَ، وَيَتْلَفُ ٱلنِّيرُ بِسَبَبِ ٱلسَّمَانَةِ».

ص ٣٧: ٦ خروج ١٤ ص ٥٤: ٧ دانيال ١١: ٣٦ و٢ملوك ١٩: ٥ قضاة ٧: ٢٥ وص ٩: ٤ خروج ١٤: ٢٦ و٢٧ ص ١٤: ٢٥ تثنية ٣٢: ٥ وهوشع ٤: ١٦

في هذه الآيات تعزية الله لشعبه وتنشيطه له بإعلان قصده من جهة أشور.

رَبُّ ٱلْجُنُودِ يوجد تعزية عظيمة في هذا الإسم «رب الجنود» لأن جيوش أشور وإن كانت عظيمة وقوية جداً تُحسب كلا شيء بالنسبة إلى جنود الرب.

لاَ تَخَفْ مِنْ أَشُّورَ يَا شَعْبِي لأن قصد الله باستعمال أشور ليس إبادة شعبه بل تطهيرهم.

ٱلسَّاكِنُ فِي صِهْيَوْنَ كانت أورشليم مدينة الرب المقدسة فيها هيكل الله ولذلك كان سكانها مطمئنين.

يَضْرِبُكَ بِٱلْقَضِيبِ أي أشور يضرب يهوذا.

عَلَى أُسْلُوبِ مِصْرَ كما ضرب المسخرون المصريون الإسرائيليين في القديم أي بيد شديدة. وقد صدق هذا القول في وضع أشور الجزية على آحاز (٢أيام ٢٨: ٢٠ و٢ملوك ١٨: ٧ و١٣ – ١٦). وقد اكتُشف حديثاً كتابات أشورية منسوبة إلى سنحاريب توافق ما جاء في الكتاب المقدس في ما عامل به يهوذا (الأدلة السنية وجه ١٠٧).

لأَنَّهُ بَعْدَ قَلِيلٍ جِدّاً يَتِمُّ ٱلسَّخَطُ (ع ٢٥) يتم سخط الله على شعبه ويتحول إلى أشور.

عِنْدَ صَخْرَةِ غُرَابَ (ع ٢٦) ذُكرت هنا صخرة غراب تذكيراً لهم بقتل رجال أفرايم أميري المديانيين هناك (قضاة ٧: ٢٥) وتم هذا القول تماماً بقتل سنحاريب في هيكل وثني بعد رجوعه إلى بلاده كما قُتل الأميران بعد هلاك المديانيين.

وَعَصَاهُ أي عصا الله.

عَلَى ٱلْبَحْرِ كما كانت في أيام خروج بني إسرائيل أولاً في اجتيازهم في وسط البحر وثانياً بإغراق جيش فرعون في المياه (خروج ١٤: ٢٦).

وَيَرْفَعُهَا أي الله يرفع العصا لضرب أشور.

عَلَى أُسْلُوبِ مِصْرَ أي كما عمل في إغراقه المصريين في البحر الأحمر. فقوله «على أسلوب مصر» في (ع ٢٤) يشير إلى قساوة ملك أشور في استعباده إسرائيل وفي (ع ٢٦) يشير إلى شدة ميل الله إلى إبادة الأشوريين كما أباد المصريين قديماً. فإن ملك أشور رفع عصاه على إسرائيل على أسلوب مصر وكذلك الرب سيرفع عصاه على أشور على أسلوب مصر.

أَنَّ حِمْلَهُ يَزُولُ عَنْ كَتِفِكَ (ع ٢٧) حمل ملك أشور يزول عن كتف يهوذا.

بِسَبَبِ ٱلسَّمَانَةِ إن الكلمة العبرانية الأصلية تحتمل معنيين (١) المسحة فيكون معنى الجملة كلها أن الرب سيبيد مملكة أشور بسبب مواعيده لداود ونسله ملوك يهوذا وعلى نوع خصوصي بسبب المسيح الذي كان عليه مسحة مقدسة بحلول الروح القدس.

(٢) سمانة كما ورد في الترجمة العربية فيكون معنى الجملة أن أشور تكبر بسبب النجاح وبطر وبسبب هذه الكبرياء الرب يبيده ويخلص شعبه.

٢٨ – ٣٢ «٢٨ قَدْ جَاءَ إِلَى عَيَّاثَ. عَبَرَ بِمِجْرُونَ. وَضَعَ فِي مِخْمَاشَ أَمْتِعَتَهُ. ٢٩ عَبَرُوا ٱلْمَعْبَرَ. بَاتُوا فِي جَبْعَ. ٱرْتَعَدَتِ ٱلرَّامَةُ. هَرَبَتْ جِبْعَةُ شَاوُلَ. ٣٠ اِصْهِلِي بِصَوْتِكِ يَا بِنْتَ جَلِّيمَ. ٱسْمَعِي يَا لَيْشَةُ. مِسْكِينَةٌ هِيَ عَنَاثُوثُ. ٣١ هَرَبَتْ مَدْمِينَةُ. ٱحْتَمَى سُكَّانُ جِيبِيمَ. ٣٢ ٱلْيَوْمَ يَقِفُ فِي نُوبَ. يَهُزُّ يَدَهُ عَلَى جَبَلِ بِنْتِ صِهْيَوْنَ أَكَمَةِ أُورُشَلِيمَ».

١صموئيل ١٣: ٢٣ و١صموئيل ١١: ٤ و١صموئيل ٢٥: ٤٤ قضاة ١٨: ٧ يشوع ٢١: ١٨ يشوع ١٥: ٣١ و١صموئيل ٢١: ١ و٢٢: ١٩ ونحميا ١١: ٣٢ ص ١٣: ٢ ص ٣٧: ٢٢

تُنبئ هذه الآيات بمجيء الأشوريين على أورشليم وقد ذُكرت هذه النبوءة بصيغة الماضي تأكيداً لوقوعها في المستقبل فإن النبي تصور أنه واقف على أسوار أورشليم فرأى العدو مقبلاً إليها. ووصفه على هذه الكيفية زاد تأثير هذه النبوءة التي تطلق على نوع خصوصي على سنحاريب غير أنه لا ينتج بالضرورة من هذه النبوءة أن سنحاريب أتى في تلك الطريق عينها.

جَاءَ إِلَى عَيَّاثَ هي قرية عاي المذكورة في (يشوع ص ٧).

عَبَرَ بِمِجْرُونَ (قابل ١صموئيل ١٤: ٥).

وَضَعَ فِي مِخْمَاشَ أَمْتِعَتَهُ (١صموئيل ١٣: ٢ و٥ و١٤: ٥ و٣١) وقد وضع أمتعته هناك لصعوبة الطريق.

عَبَرُوا ٱلْمَعْبَرَ (ع ٢٩) مضيق بين مخماش وجبع. ثم أخذ النبي يصف الهيجان والاضطراب في القرى المجاورة فقال.

ٱرْتَعَدَتِ ٱلرَّامَةُ لكونها مقابلة جبع.

هَرَبَتْ جِبْعَةُ شَاوُلَ هي قرية على أكمة تجاه مخماش وكانت مسكن شاول.

اِصْهِلِي بِصَوْتِكِ يَا بِنْتَ جَلِّيمَ (ع ٣٠) تحركت إحساسات النبي فنادى بنت جليم أي جليم نفسها ونادى ليشة لتسمع وقال متأسفاً «مسكينة هي عناثوث».

هَرَبَتْ مَدْمِينَةُ (ع ٣١) أي أن أهل مدمينة هربوا.

ٱلْيَوْمَ يَقِفُ فِي نُوبَ مدينة للكهنة (١صموئيل ٢٢: ١١) وربما كانت تجاه أورشليم ويمكن أن تُرى منها. ولذلك قيل في العدوّ أنه «يهز يده على جبل بنت صهيون».

٣٣ «هُوَذَا ٱلسَّيِّدُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ يَقْضِبُ ٱلأَغْصَانَ بِرُعْبٍ، وَٱلْمُرْتَفِعُو ٱلْقَامَةِ يُقْطَعُونَ، وَٱلْمُتَشَامِخُونَ يَنْخَفِضُونَ».

عاموس ٢: ٩

يَقْضِبُ ٱلأَغْصَانَ أي مجد ملك أشور وكبرياءه فإنه شُبّه بشجرة عالية. والمعنى أنه عند اقتراب العدو إلى أورشليم يقيها الله بإهلاكه هذه القوة التي عليها.

٣٤ «وَيُقْطَعُ غَابُ ٱلْوَعْرِ بِٱلْحَدِيدِ، وَيَسْقُطُ لُبْنَانُ بِقَدِيرٍ».

وَيُقْطَعُ غَابُ ٱلْوَعْرَ ربما كانت الإشارة في هذه الآية وما قبلها إلى تشتيت شمل الأشوريين وتمزيقهم في تلك الليلة الهائلة التي فيها قُتل منهم دفعة واحدة مئة وخمسة وثمانون ألفاً (إشعياء ٣٧: ٣٦).

فوائد للوعاظ

يوم العقاب (ع ٣)

  1. إنه لا بد من مجيئه. كسير الشمس إلى المغرب ومجيء الشتاء بعد الصيف والشيخوخة بعد الشبيبة.
  2. إنه لا ملجأ في ذلك اليوم لأنه يكون الاتكال على المال والعقل والأصدقاء باطلاً والرب قد تركهم.
  3. العقاب هو خسارة. «أين تتركون مجدكم» أي ما لكم وعبودية «بين الأسرى» وموت «تحت القتلى».
  4. اليوم يوم خلاص. التجئوا إلى المسيح قبلما يأتي يوم العقاب.

مقاصد الإنسان ومقاصد الله (ع ٥).

  1. كبرياء الإنسان وعدم إيمانه والمخاطر الناتجة عن النجاح.
  2. إن الله يستعمل الناس حتى الأشرار آلات.
  3. إن للإنسان أن يختار خدمة الرب فتكون خدمته بإرادته لا على رغمه قال المسيح «احملوا نيري عليكم».

أربع درجات في حياة المسيحي (ع ٢٠).

  1. إنه يتكل على نفسه ويجهل الصعوبات وقوة التجارب ويقول أنا أقدر.
  2. إنه بعد ما يختبر شيئاً من التجارب يرى وجوب العزم والاجتهاد.
  3. إنه بعدما يختبر أكثر مما اختبر ييأس ويقول لا أقدر.
  4. إنه يلتجئ بعد ذلك إلى الله ويقول «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني».
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى