إشعياء

سفر إشعياء | 09 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر إشعياء

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ

مضمونه:

الآيات السبع الأولى من هذا الأصحاح متعلقة بالأصحاح الثامن وهي تتضمن نبوءة بأن الظلام الذي ذُكر في الآية الأخيرة من ص ٨ سيصير نوراً وسيولد ولد هو المسيح وتكون الرياسة على كتفه. ويتلو هذه الآيات السبع خطاب للأسباط العشر ينبئ بالبلايا الآتية عليهم بسبب كبريائهم وتمردهم وشرهم الزائد.

١ «وَلَكِنْ لاَ يَكُونُ ظَلاَمٌ لِلَّتِي عَلَيْهَا ضِيقٌ. كَمَا أَهَانَ ٱلزَّمَانُ ٱلأَوَّلُ أَرْضَ زَبُولُونَ وَأَرْضَ نَفْتَالِي، يُكْرِمُ ٱلأَخِيرُ طَرِيقَ ٱلْبَحْرِ عَبْرَ ٱلأُرْدُنِّ جَلِيلَ ٱلأُمَمِ».

ص ٨: ٢٢ و٢ملوك ١٥: ٢٩ و٢أيام ١٦: ٤ لاويين ٢٦: ٢٤ و٢ملوك ١٧: ٥ و٦ و١أيام ٥: ٢٦

وَلَكِنْ لاَ يَكُونُ ظَلاَمٌ لِلَّتِي عَلَيْهَا ضِيقٌ أي الأرض التي هي الآن في الضيق.

ٱلأَخِيرُ أي الزمان الأخير وهو زمان المسيح فإن تلك الجهات من الجليل قد استولى عليها الهوان لبعدها عن أورشليم مركز الديانة وتسلط العبادة الوثنية هناك وافتراس الأمم لها واختلاط القبائل الوثنية بأهلها. وفي أيام بعشا ملك إسرائيل ضرب بنهدد ملك أرام عيون ودان وآبل المياه وجميع مخازن مدن نفتالي (٢أيام ١٦: ٤). وفي أيام فقح جاء تغلث فلاسر وأخذ عيون وآبل بيت معكة ويانوح وقادش وحاصور وجلعاد والجليل وكل أرض نفتالي (٢ملوك ١٥: ٢٩). وبقيت هذه الأراضي محتقرة عند الناس حتى أيام الرسل (انظر يوحنا ١: ٤٦ و٧: ٥٢). وقصد النبي في هذه الآية أن ينبئ بإكرام تلك الجهات الحقيرة عند مجيء المسيح لأن النور العظيم لليهود وللأمم سيشرق من هناك كما أشار إلى ذلك أيضاً في (ع ٢).

طَرِيقَ ٱلْبَحْرِ أي بحر الجليل.

عَبْرَ ٱلأُرْدُنِّ أي بلاد جلعاد التي كانت شرقي الأردن.

جَلِيلَ ٱلأُمَمِ دُعي هذا القسم من الجليل بهذا الاسم لمتاخمة أرض الأمم له.

٢ «اَلشَّعْبُ ٱلسَّالِكُ فِي ٱلظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُوراً عَظِيماً. ٱلْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ ٱلْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ».

متّى ٤: ١٦ وأفسس ٥: ٨ و١٤

اَلشَّعْبُ ٱلسَّالِكُ فِي ٱلظُّلْمَةِ الخ أي أن سكان الجليل الجالسين في الظلمة سوف يرون نور المسيح وبهذا المعنى اقتبس متّى النبوءة (متّى ٤: ١٣ – ١٦) وصرّح بتتميمها.

٣ «أَكْثَرْتَ ٱلأُمَّةَ. عَظَّمْتَ لَهَا ٱلْفَرَحَ. يَفْرَحُونَ أَمَامَكَ كَٱلْفَرَحِ فِي ٱلْحَصَادِ. كَٱلَّذِينَ يَبْتَهِجُونَ عِنْدَمَا يَقْتَسِمُونَ غَنِيمَةً».

قضاة ٥: ٣٠

أَكْثَرْتَ ٱلأُمَّةَ أي عدد المؤمنين من شعب الله.

عَظَّمْتَ لَهَا ٱلْفَرَحَ بتكثير المؤمنين بالمسيح عند مجيئه وفي عصر الإنجيل.

يَفْرَحُونَ أَمَامَكَ أشار بهذا إلى فرح شعب الله الروحي في ملك المسيح خاصة وقد بيّن الأسباب لهذا الفرح والابتهاج في الآيات الآتية.

كَٱلْفَرَحِ فِي ٱلْحَصَادِ أي الفرح في تحصيل الخيرات المذخورة في المسيح.

يَقْتَسِمُونَ غَنِيمَةً أشار باقتسام الغنيمة هنا إلى الانتصار على الخطية والشيطان والموت.

٤ «لأَنَّ نِيرَ ثِقْلِهِ وَعَصَا كَتِفِهِ وَقَضِيبَ مُسَخِّرِهِ كَسَّرْتَهُنَّ كَمَا فِي يَوْمِ مِدْيَانَ».

ص ١٠: ٥ و١٤: ٥ قضاة ٧: ٢٢ ومزمور ٨٣: ٩ وص ١٠: ٢٦

لأَنَّ نِيرَ ثِقْلِهِ وَعَصَا كَتِفِهِ الخ هذا هو السبب الأول لفرح الشعب وهو إبادة المسيح قوة أعدائهم. والمراد «بنير ثقله» النير الثقيل الموضوع على إسرائيل المكنىّ به عن شعب الله. «وبعصا كتفه» العصا التي بها ضُرب كتفه. و«النير» يشير أيضاً إلى عبودية الخطية التي منها تنتج البلايا كلها والمسيح يخلص شعبه منها.

يَوْمِ مِدْيَانَ ذُكر حديث هذا اليوم في (قضاة ٧: ٢٢ و٢٣). والأمر المعتبر في هذه الحادثة هو أن الرب خلص شعبه بواسطة أناس قليلي العدد والقوة «لئلا يفتخر عليّ إسرائيل قائلاً يدي خلصتني».

٥ «لأَنَّ كُلَّ سِلاَحِ ٱلْمُتَسَلِّحِ فِي ٱلْوَغَى، وَكُلَّ رِدَاءٍ مُدَحْرَجٍ فِي ٱلدِّمَاءِ، يَكُونُ لِلْحَرِيقِ مَأْكَلاً لِلنَّارِ».

ص ٦٦: ١٥ و١٦

لأَنَّ كُلَّ سِلاَحِ ٱلْمُتَسَلِّحِ هذا هو السبب الثاني لفرح المؤمنين وهو إبطال الحرب وإتلاف الأسلحة أي في أيام المسيح تفنى كل أدوات الحرب ويشمل السلام العالم أجمع (ص ٢: ٤).

٦ «لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ٱبْناً، وَتَكُونُ ٱلرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى ٱسْمُهُ عَجِيباً، مُشِيراً، إِلٰهاً قَدِيراً، أَباً أَبَدِيّاً، رَئِيسَ ٱلسَّلاَمِ».

ص ٧: ١٤ ولوقا ٢: ١١ يوحنا ٣: ١٦ متّى ٢٨: ١٨ و١كورنثوس ١٥: ٢٥ قضاة ١٣: ١٨ تيطس ٢: ١٣ أفسس ٢: ١٤

لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ٱبْناً هذا هو السبب الثالث لفرح شعب الله وهو ولادة المسيح مصدر كل سلام وتقلده كل رياسة وسلطان وقدرة وقيام ملكه والسلام. وهذه الأقوال تصدق على المسيح وسلطانه وقد اقتُبست في العهد الجديد منسوبة إليه (لوقا ١: ٣٢ و٣٣) وقد كابر اليهود في هذه النبوءة وتحملوا لها تفسيراً يدل على عنادهم وغباوتهم وهو أنها تشير إلى حزقيا الملك لا إلى المسيح.

تَكُونُ ٱلرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ شُبهت الرئاسة بحمل على كتف الرئيس لأنها خدمة متعبة تليها مسؤولية عظيمة. تأمل في لفظة «وزير» فإن معناها الأصلي هو الذي يحمل ثقل الملك ويعينه. وأما رئاسة المسيح فلم تكن كما كان اليهود ينتظرون بل كانت أولاً رئاسة روحية في قلوب الناس وغايتها القداسة ثم رئاسة في العالم الحاضر تقوم بواسطة المحبة لا بالحرب وبإظهار الحق وإنارة الضمير فيخضع ملوك العالم للمسيح ويمارسوا وظائفهم بحسب إرادته. فلا يكون المسيح ملكاً جسدياً بل يحكم على الشعوب بحكمه في قلوب ملوكها وفي قلوب الرعية أفراداً.

يُدْعَى ٱسْمُهُ عَجِيباً أي يكون هو عجيباً (انظر المواعظ الوطنية عدد ٩). والمسيح كان عجيباً لأنه وُلد من عذراء وكان إلهاً وإنساناً وكان غنياً وفقيراً وكان باراً وعليه خطايا العالم وكان رئيس الحياة ومات على الصليب وكان ولداً وأباً أبدياً الخ.

مُشِيراً (انظر ١كورنثوس ١: ٢٤) «فَبِٱلْمَسِيحِ حِكْمَةِ ٱللّٰهِ»«ٱلْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْعِلْمِ» (كولوسي ٢: ٣). وهو مشير لكل من يستشيره (أعمال ٨: ١٢ – ٢٠).

إِلٰهاً قَدِيراً نبوءة بأن المسيح الموعود به يكون إلهاً لا ملكاً ولا مجرد إنسان وأنه يقهر الشيطان والخطية والموت.

أَباً أَبَدِيّاً لأن الحياة الأبدية منه وهو يحب شعبه كمحبة الآب لبنيه ومحبته إلى الأبد.

رَئِيسَ ٱلسَّلاَمِ المسيح يصنع السلام بين الله والناس وبين اليهود والأمم ويحامي عن شعبه ويبطل الحروب ويعلم الناس المحبة والاتفاق وينزع الطمع والكبرياء وكل أسباب الخصام.

٧ «لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِٱلْحَقِّ وَٱلْبِرِّ، مِنَ ٱلآنَ إِلَى ٱلأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ ٱلْجُنُودِ تَصْنَعُ هٰذَا».

دانيال ٢: ٤٤ ولوقا ١: ٣٢ و٣٣ و٢ملوك ١٩: ٣١ وص ٣٧: ٣٢

لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ المسيح يبقى ملكاً إلى الأبد.

عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ المسيح كان من نسل داود بالجسد ولذلك كرسيه يكون كرسي داود. أما المواعيد لإبراهيم ونسله فكانت بشرط الإيمان والطاعة الكاملة (تكوين ١٨: ١٩) أي ليست لليهود بلا شرط بل لمؤمنيهم وليس للمؤمنين من اليهود فقط بل لجميع المؤمنين بالمسيح سواء أكانوا من اليهود أم كانوا من الأمم. وشعب الله الواحد يشمل جميع المؤمنين قبل التجسد وبعده.

غَيْرَةُ رَبِّ ٱلْجُنُودِ إن غيرة الله من جهة شعبه تكون محبة قوية وحماية وخلاص ومن جهة أعدائه تكون الغضب الشديد و الهلاك. لان الرب لا يرضى أن يبقى شعبه المختار تحت حكم ملك ضعيف وشرير كآحاز ولا أنه يكون تحت سلطة ملك وثني كملك أشور بل يعده بملك من بيت داود يكون كاملاً بكل صفاته. والرب غيور لنفسه أيضاً لأن شعب إسرائيل هو شعبه فيتمجد بخلاصه من أعدائهم وأعدائه.

بدء سلسلة ويلات أنذر الله بها مملكة إسرائيل ع ٨ إلى ١٢

٨ «أَرْسَلَ ٱلرَّبُّ قَوْلاً فِي يَعْقُوبَ فَوَقَعَ فِي إِسْرَائِيلَ».

أَرْسَلَ ٱلرَّبُّ قَوْلاً فِي يَعْقُوبَ فَوَقَعَ فِي إِسْرَائِيلَ أراد يعقوب وإسرائيل الأسباط العشرة والظاهر أن النبي رجع إلى ذكر عقابهم وأشار بهذا القول إلى ما تقدم في (ص ٧: ٨) من أن أفرايم ينكسر في مدة ٦٥ سنة حتى لا يكون شعباً.

٩، ١٠ «٩ فَيَعْرِفُ ٱلشَّعْبُ كُلُّهُ، أَفْرَايِمُ وَسُكَّانُ ٱلسَّامِرَةِ، ٱلْقَائِلُونَ بِكِبْرِيَاءٍ وَبِعَظَمَةِ قَلْبٍ: ١٠ قَدْ هَبَطَ ٱللِّبْنُ فَنَبْنِي بِحِجَارَةٍ مَنْحُوتَةٍ. قُطِعَ ٱلْجُمَّيْزُ فَنَسْتَخْلِفُهُ بِأَرْزٍ».

فَيَعْرِفُ ٱلشَّعْبُ كُلُّهُ صدق كلام الله وأنه لا بد من أن يتم وعده ووعيده.

ٱلْقَائِلُونَ بِكِبْرِيَاءٍ الخ الذين مع كل ما أصابهم لم ينتبهوا لأنفسهم بل من كبريائهم قالوا بعظمة قلب «قد هبط». فعلينا أن نميز بين عظمة القلب وعزم القلب (انظر أعمال ١١: ٢٣) لأن عظمة القلب هي العناد في مقاومة الرب وعزم القلب هو الثبات في خدمته. وإذا وجدنا صعوبات وضيقات وخسارة في خدمة الرب وجب أن لا نرجع عن تلك الخدمة بل نقول «هبط اللبن فنبني بحجارة» أي نتقدم وذلك بنعمة الله وبالاتكال عليه. ولكن إذا كنا مقاومين للرب حل بنا الضيق وخسرنا فعلينا أن ننتبه ونتوب ونرجع عن أعمالنا الرديئة ونقول «هبط اللبن» ويكفينا هذه الخسارة فلا نخطئ بعد بل نرجع إلى الرب الذي أدبنا.

ٱلْجُمَّيْزُ هو من الأخشاب المستعملة في البناء لكنه دون الأرز قيمة ومتانة (٢أيام ١: ١٥) والمعنى أنهم لم يكترثوا بتأديب الرب لهم بل كابروا وادعوا أنهم يقدرون فوق قدرتهم على أن يرمموا ما هدمه لهم الرب أن يعيدوا بناءه بمواد أفضل. وربما أشار النبي بهذا الكلام إلى الزلزلة المذكورة في (عاموس ١: ١ وزكريا ١٤: ٥).

١١ «فَيَرْفَعُ ٱلرَّبُّ أَخْصَامَ رَصِينَ عَلَيْهِ وَيُهَيِّجُ أَعْدَاءَهُ».

فَيَرْفَعُ ٱلرَّبُّ أنذرهم الله لكبريائهم وتمردهم بإرساله أعداء أشد بأساً وأكثر عدداً منهم يأكلونهم بكل الفم.

أَخْصَامَ رَصِينَ أي الخصوم الأشوريين.

عَلَيْهِ أي على أفرايم. بعد أن يدمروا آرام يرجعون ويدمرون أفرايم.

١٢ «ٱلأَرَامِيِّينَ مِنْ قُدَّامُ وَٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ مِنْ وَرَاءُ، فَيَأْكُلُونَ إِسْرَائِيلَ بِكُلِّ ٱلْفَمِ. مَعَ كُلِّ هٰذَا لَمْ يَرْتَدَّ غَضَبُهُ، بَلْ يَدُهُ مَمْدُودَةٌ بَعْدُ!».

ص ٥: ٢٥ و١٠: ٤ وإرميا ٤: ٨

ٱلأَرَامِيِّينَ يُجبر هؤلاء على مساعدة الأشوريين لأجل إبادة أفرايم مع أن الأشوريين كانوا قد قهروهم واستولوا عليهم وكان الإسرائيليون حلفاءهم الأولين.

مِنْ قُدَّامُ أي الشرق فإن العبرانيين حسبوه قدامهم.

مِنْ وَرَاءُ أي الغرب.

تصريح بقصد الله أن يقطع إسرائيل قطعاً تاماً لأجل تمردهم عليه ع ١٣ إلى ١٧

١٣ «وَٱلشَّعْبُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى ضَارِبِهِ وَلَمْ يَطْلُبْ رَبَّ ٱلْجُنُودِ».

إرميا ٥: ٣ وهوشع ٧: ١٠

وَٱلشَّعْبُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى ضَارِبِهِ أي لم ينتفعوا شيئاً من كل تأديبات الرب. فإن الرب كان قد ضربهم ضرب المحبة بغية خلاصهم. وكانت التأديبات بالتدريج. فكان أولاً غزو تغلث فلاسر ثم غزو الآراميين والفلسطينيين فلم ينتبهوا وأخيراً سقطت السامرة. فعلى كل خاطئ أن ينتبه ويستفيد من تأديب الرب فلا يصل إلى أدنى الدركات أي الهلاك.

١٤ «فَيَقْطَعُ ٱلرَّبُّ مِنْ إِسْرَائِيلَ ٱلرَّأْسَ وَٱلذَّنَبَ، ٱلنَّخْلَ وَٱلأَسَلَ، فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ».

ص ١٠: ١٧ ورؤيا ١٨: ٨

فَيَقْطَعُ ٱلرَّبُّ مِنْ إِسْرَائِيلَ ٱلرَّأْسَ وَٱلذَّنَبَ أي العظيم والحقير وكل من بينهما.

ٱلنَّخْلَ وَٱلأَسَلَ الشريف والدنيء والأعلى والأدنى.

١٥ «اَلشَّيْخُ وَٱلْمُعْتَبَرُ هُوَ ٱلرَّأْسُ، وَٱلنَّبِيُّ ٱلَّذِي يُعَلِّمُ بِٱلْكَذِبِ هُوَ ٱلذَّنَبُ».

اَلشَّيْخُ وَٱلْمُعْتَبَرُ هذا بيان لقوله في الآية السابقة «الرأس والذنب». فعلى كل متقدم بين الناس في العمر أو المقام أو الغنى أو العلم مسؤولية خصوصية وإذا أخطأ فعليه دينونة أعظم بسبب منزلته. إن خطية موسى مثلاً لم تكن في نفسها أعظم من خطايا غيره ولكنها استحقت من الرب توبيخاً خصوصياً وتأديباً لكونه متقدماً على سواه بمقام النبوءة والسيادة.

ٱلنَّبِيُّ ٱلَّذِي يُعَلِّمُ بِٱلْكَذِبِ هُوَ ٱلذَّنَبُ لأن خطيته خطية مضاعفة لأنه أخطأ فعلّم غيره أن يخطئ (متّى ٥: ١٩) والرب يكره الكذب أشد الكره. فما كان أشد خطاء النبي إشعياء لو اتفق مع آحاز واستعفى من التكلم.

١٦ «وَصَارَ مُرْشِدُو هٰذَا ٱلشَّعْبِ مُضِلِّينَ وَمُرْشَدُوهُ مُبْتَلَعِينَ».

ص ٣: ١٢

وَصَارَ مُرْشِدُو هٰذَا ٱلشَّعْبِ مُضِلِّينَ هذا بيان لتوغلهم في الفساد ولضعف الأمل برجوعهم.

١٧ «لأَجْلِ ذٰلِكَ لاَ يَفْرَحُ ٱلسَّيِّدُ بِفِتْيَانِهِ، وَلاَ يَرْحَمُ يَتَامَاهُ وَأَرَامِلَهُ، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُنَافِقٌ وَفَاعِلُ شَرٍّ. وَكُلُّ فَمٍ مُتَكَلِّمٌ بِٱلْحَمَاقَةِ. مَعَ كُلِّ هٰذَا لَمْ يَرْتَدَّ غَضَبُهُ، بَلْ يَدُهُ مَمْدُودَةٌ بَعْدُ!».

مزمور ١٤٧: ١٠ و١١ ميخا ٧: ٢ ع ١٢ و٢١ وص ٥: ٢٥ و١٠: ٤

لأَجْلِ ذٰلِكَ لاَ يَفْرَحُ ٱلسَّيِّدُ بِفِتْيَانِهِ أي لا يفرح السيد بهم لسبب شرورهم. والمراد «بالفتيان» القادرون في الحرب.

يَتَامَاهُ الرب يعتني باليتامى والأرامل وإذا كان لا يرحمهم فلا يرحم أحداً.

إيضاح أحوالهم وكثرة شرورهم بالتفصيل ع ١٨ إلى ٢١

١٨ «لأَنَّ ٱلْفُجُورَ يُحْرِقُ كَٱلنَّارِ. تَأْكُلُ ٱلشَّوْكَ وَٱلْحَسَكَ، وَتُشْعِلُ غَابَ ٱلْوَعْرِ فَتَلْتَفُّ عَمُودَ دُخَانٍ».

رومية ١: ١٨ ص ١٠: ١٧ وملاخي ٤: ١

لأَنَّ ٱلْفُجُورَ يُحْرِقُ كَٱلنَّارِ الخاطئ يهلك نفسه والخطية كنار يشعلها إنسان في بيته قصداً فيحترق البيت بيد صاحبه. فالكذب يضر الكاذب أكثر من المكذوب عليه والسرقة تخسر السارق أكثر مما تخسر المسروق منه واللعنات تحل أولاً على اللاعن.

١٩ «بِسَخَطِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ تُحْرَقُ ٱلأَرْضُ، وَيَكُونُ ٱلشَّعْبُ كَمَأْكَلٍ لِلنَّارِ. لاَ يُشْفِقُ ٱلإِنْسَانُ عَلَى أَخِيهِ».

ص ٨: ٢٢ ميخا ٧: ٢ و٦

بِسَخَطِ رَبِّ حتى أن سخط الله يحرق الأرض ويكون الشعب كالعشب أمامه.

٢٠ «يَلْتَهِمُ عَلَى ٱلْيَمِينِ فَيَجُوعُ، وَيَأْكُلُ عَلَى ٱلشِّمَالِ فَلاَ يَشْبَعُ. يَأْكُلُونَ كُلُّ وَاحِدٍ لَحْمَ ذِرَاعِهِ»

لاويين ٢٦: ٢٦ ص ٤٩: ٢٦ وإرميا ١٩: ٩

يَلْتَهِمُ عَلَى ٱلْيَمِينِ كل واحد منهم لجوعه وضيقه يسلب الآخر وتكون المنايا عوض الأماني في أرضهم ويزدادون قساوة وميلاً إلى سفك الدم كي يقتلوا شمالاً ويميناً.

يَأْكُلُونَ كُلُّ وَاحِدٍ لَحْمَ ذِرَاعِهِ أي أن كل واحد يبالغ في ضرر الآخر.

٢١ «مَنَسَّى أَفْرَايِمَ، وَأَفْرَايِمُ مَنَسَّى، وَهُمَا مَعاً عَلَى يَهُوذَا. مَعَ كُلِّ هٰذَا لَمْ يَرْتَدَّ غَضَبُهُ بَلْ يَدُهُ مَمْدُودَةٌ بَعْدُ!».

ع ١٢ و١٧ ص ٥: ٢٥ و١٠: ٤

مَنَسَّى أَفْرَايِمَ إذا راجعنا ص ١٥ من ٢ملوك نرى أن شلوم فتن على الملك زكريا وقتله ومنحيم قتل شلوم وفقح فتن على فقحيا وقتله وهوشع قتل فقح. ونستنتج مما قيل في (٢ملوك ١٥: ٢٧ و١٦: ١ و١٧: ١) أنه كان بين فقح وهوشع مدة نحو ثماني سنين بلا ملك أي هذه المدة كلها كانت زمان فتن وتشويش منسى على أفرايم وأفرايم على منسى.

مَعَ كُلِّ هٰذَا لَمْ يَرْتَدَّ غَضَبُهُ إن قصد الرب بهذه الضربات الكثيرة والثقيلة رجوع شعبه إليه بالتوبة ولكنهم لم ينتبهوا لا من الضربة الأولى ولا مما يليها فلم يرتد غضبه.

فوائد للوعاظ

أسماء المسيح الخمسة (ع ٦) تفيد ما يأتي:

  1. عجيب. سر التجسد.
  2. مشير. حكمة المسيح التي ظهرت في تعليمه وهو لا يزال اليوم مشيراً لكل من يطلب منه المشورة.
  3. إله قدير. قدرة المسيح على شفاء المرضى وإخراج الشياطين وقيامة الموتى وفي إجراء مقاصده في كل زمان.
  4. أب أبدي. محبة المسيح فقوته هي للبنيان والخلاص.
  5. رئيس السلام. نتيجة رئاسته السلام في العالم وفي قلب كل مؤمن.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى