سفر إشعياء | 03 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر إشعياء
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ
مضمونه:
موضوع هذا الأصحاح مشابه لموضوع الأصحاح الثاني وفيه نتيجة الكلام على سوء حالة الشعب في عصر إشعياء ونبوءة بالمصائب الآتية عليهم ومحصل الكلام فيها.
- إنهم يعاقبون على تجديفهم وكبائرهم بأن يُدمَّروا بالجور والفتن والحروب الأهلية الناتجة من قبض أناس جهلاء على زمام الحكومة وتشويشها ونجاة الصديقين منهم من هذا العذاب (ع ١ – ١٥).
- إن نسائهم بسبب خلاعتهن وتبرجهن بأنواع الزينة واللباس وإهمالهن واجباتهن باعتبار أنهم أمهات وزوجات يُعاقبن بقضاء شديد وبوقوعهن في حال العار وتسليمهن للسبي (ع ١٦ – ص ٤: ١).
١ «فَإِنَّهُ هُوَذَا ٱلسَّيِّدُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ يَنْزِعُ مِنْ أُورُشَلِيمَ وَمِنْ يَهُوذَا ٱلسَّنَدَ وَٱلرُّكْنَ، كُلَّ سَنَدِ خُبْزٍ وَكُلَّ سَنَدِ مَاءٍ».
إرميا ٣٧: ٢١ و٣٨: ٩ لاويين ٢٦: ٢٦
هُوَذَا هذه الكلمة تشير إلى شيء يكون حدوثه أكيد وقريب.
ٱلسَّنَدَ وَٱلرُّكْنَ كل ما تقوم به حياة الشعب ولا سيما الخبز والماء. وهكذا وقع عليهم في حصار أورشليم من ملك أشور وخصوصاً ملك بابل.
٢ «ٱلْجَبَّارَ وَرَجُلَ ٱلْحَرْبِ. ٱلْقَاضِي وَٱلنَّبِيَّ وَٱلْعَرَّافَ وَٱلشَّيْخَ».
٢ملوك ٢٤: ١٤
ٱلْجَبَّارَ وَرَجُلَ ٱلْحَرْبِ ينزع منهم كل أولياء الأمور الكبار والحاذقين ويقيم بدلاً منهم جهلاء ضعفاء العزم فيسمى الشعب في أشد الضيق ويفترس بعضهم بعضاً.
٣ «رَئِيسَ ٱلْخَمْسِينَ وَٱلْمُعْتَبَرَ وَٱلْمُشِيرَ، وَٱلْمَاهِرَ بَيْنَ ٱلصُّنَّاعِ، وَٱلْحَاذِقَ بِٱلرُّقْيَةِ».
ٱلْمَاهِرَ بَيْنَ ٱلصُّنَّاعِ (انظر ٢ملوك ٢٤: ١٤ – ١٦).
وَٱلْحَاذِقَ بِٱلرُّقْيَةِ السند الكاذب كالسند الحقيقي.
٤ «وَأَجْعَلُ صِبْيَاناً رُؤَسَاءَ لَهُمْ وَأَطْفَالاً تَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ».
جامعة ١٠: ١٦
وَأَجْعَلُ صِبْيَاناً رُؤَسَاءَ لَهُمْ كان آحاز ابن عشرين سنة حين ملك وكانت صفاته صفات ولد صغير كالجبانة والتردد والرغبة في أمور جديدة.
أَطْفَالاً تَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ مشيري آحاز كانوا مثل الأطفال في ضعفهم وجهلهم ولا مصيبة أشد من أن يكون لمملكة حكام هذه صفاتهم.
٥ «وَيَظْلِمُ ٱلشَّعْبُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَٱلرَّجُلُ صَاحِبَهُ. يَتَمَرَّدُ ٱلصَّبِيُّ عَلَى ٱلشَّيْخِ وَٱلدَّنِيءُ عَلَى ٱلشَّرِيفِ».
وبما أن الملك والحكام كانوا بلا اعتبار فسدت الهيئة الاجتماعية كلها.
٦، ٧ «٦ إِذَا أَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِأَخِيهِ فِي بَيْتِ أَبِيهِ قَائِلاً: لَكَ ثَوْبٌ فَتَكُونُ لَنَا رَئِيساً، وَهٰذَا ٱلْخَرَابُ تَحْتَ يَدِكَ ٧ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ قَائِلاً: لاَ أَكُونُ عَاصِباً وَفِي بَيْتِي لاَ خُبْزَ وَلاَ ثَوْبَ. لاَ تَجْعَلُونِي رَئِيسَ ٱلشَّعْبِ».
تكوين ١٤: ٢٢
بيان ما نشأ عن سقوط الرؤساء وارتباك السياسة على ما تقدم من التشويش والضيق الشديد حتى يأبى كل واحد في تلك الأحوال أن يكون رئيساً.
إِذَا أَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِأَخِيهِ فِي بَيْتِ أَبِيهِ قَائِلاً: لَكَ ثَوْبٌ فَتَكُونُ لَنَا رَئِيساً أي لك ثياب تليق بالرئيس.
وَهٰذَا ٱلْخَرَابُ تَحْتَ يَدِكَ أي تحت سلطانك لتصلحه فينفر ويجيبه بقول لا أكون.
يَرْفَعُ صَوْتَهُ أي ينفر ويأبى.
قَائِلاً: لاَ أَكُونُ لا أريد ولا أقدر من جرى الفقر الشديد والضيق. كطبيب يستعفي من معالجة مريض إذ لا يريد أن يموت عن يده.
٨، ٩ «٨ لأَنَّ أُورُشَلِيمَ عَثَرَتْ وَيَهُوذَا سَقَطَتْ، لأَنَّ لِسَانَهُمَا وَأَفْعَالَهُمَا ضِدَّ ٱلرَّبِّ لإِغَاظَةِ عَيْنَيْ مَجْدِهِ. ٩ نَظَرُ وُجُوهِهِمْ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ يُخْبِرُونَ بِخَطِيَّتِهِمْ كَسَدُومَ. لاَ يُخْفُونَهَا. وَيْلٌ لِنُفُوسِهِمْ لأَنَّهُمْ يَصْنَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ شَرّاً».
ميخا ٣: ١٢ تكوين ١٣: ١٣ و١٨: ٢٠ و٢١ و١٩: ٥
بيان النبي ما سيحل عليهم من الدمار وإن سببه هو إغاظتهم الله في القول والعمل وعدم خجلهم من ذكر خطاياهم بوقاحة وسرور كأنهم عدموا كل حس وشعور بما يجب أن يخجلوا منه.
لإِغَاظَةِ عَيْنَيْ مَجْدِهِ عبارة مختصرة معناها أنهم أغاظوا الرب وهو القادر على كل شيء والجالس على عرش المجد وعيناه ناظرتان إلى كل أعمالهم.
نَظَرُ وُجُوهِهِمْ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ (ع ٩) أي عدم وجود علامات الخجل والحزن على وجوههم يشهد على عدم مبالاتهم بما تمرغوا به من الرذائل والكبائر مثل أهل سدوم. ويغلب أن يكون للخطية ولو كانت سرّية علامات على وجه الإنسان فيمكننا أن نعرف السكير والزاني والطماع والضراب الخ بمجرد النظر إلى وجهه وربما تركت كل خطية مهما كانت صغيرة علامتها على وجه مرتكبها.
١٠، ١١ «١٠ قُولُوا لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ! لأَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ ثَمَرَ أَفْعَالِهِمْ. ١١ وَيْلٌ لِلشِّرِّيرِ. شَرٌّ! لأَنَّ مُجَازَاةَ يَدَيْهِ تُعْمَلُ بِهِ».
جامعة ٨: ١٢ مزمور ١٢٨: ٢ مزمور ١١: ٦ وجامعة ٨: ١٣
قُولُوا لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ أي أن الصديقين يكونون بأمن من هذا العقاب كما نجا لوط من سدوم لأن الله يعرف شعبه أفراداً ويجازي كل واحد حسب أعماله فلا يهلك البار بسبب خطايا غيره ولا يخلص الشرير بسبب برّ غيره.
وكثيراً ما يشارك الصديقون الأشرار في البلايا الجسدية ولكن بلايا الصديق تختلف عن بلايا الشرير بأن تكون وسيلة إلى خير عظيم كموت استفانوس الذي كان وسيلة إلى نشر الإنجيل ونهوض الكنيسة. وضيقة إيليا في زمان القيظ وأليشع في حصار السامرة وإرميا في حصار أورشليم والرسل في السجن لأنهم بمشاركتهم الناس في الضيقات عزّوهم وأفادوهم وكانوا لهم قدوة في الصبر والإيمان.
١٢ «شَعْبِي ظَالِمُوهُ أَوْلاَدٌ، وَنِسَاءٌ يَتَسَلَّطْنَ عَلَيْهِ. يَا شَعْبِي، مُرْشِدُوكَ مُضِلُّونَ، وَيَبْلَعُونَ طَرِيقَ مَسَالِكِكَ».
ع ٤ ص ٩: ١٦
شَعْبِي ظَالِمُوهُ أَوْلاَدٌ من ملوك يهوذا الأخيرين كان منسى ابن ١٢ سنة حين ملك. وأمون ابن ٢٢ سنة. ويوشيا ابن ٨ سنين. ويهوآحاز ابن ٢٣ سنة. ويهوياقيم ابن ٢٥ سنة. ويهوياكين ابن ١٨ سنة. وصدقيا ابن ٢١ سنة والكل كانوا أشراراً ما عدا يوشيا. ولم يكن الظالمون الملوك فقط بل جميع الحكام والأكابر فإنهم كانوا كالأولاد في صغر عقولهم وقلة معرفتهم واستغراقهم في أمور زهيدة.
وَنِسَاءٌ يَتَسَلَّطْنَ عَلَيْهِ أي كان حكامهم تحت سلطة النساء الشريرات كانوا هم أيضاً كالنساء الشريرات من جهة ضعفهم وتقلبهم وجبانتهم.
مُرْشِدُوكَ مُضِلُّونَ قال المسيح (متّى ٦: ٢٣) «فَإِنْ كَانَ ٱلنُّورُ ٱلَّذِي فِيكَ ظَلاَماً فَٱلظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ». وإذا كان المرشدون مضلين فالضلال كم يكون.
١٣ «قَدِ ٱنْتَصَبَ ٱلرَّبُّ لِلْمُخَاصَمَةِ وَهُوَ قَائِمٌ لِدَيْنُونَةِ ٱلشُّعُوبِ».
ميخا ٦: ٢
قَدِ ٱنْتَصَبَ ٱلرَّبُّ لِلْمُخَاصَمَةِ الخطية العظمى في زمان إشعياء ظلم الأغنياء للفقراء ولا سيما رؤسائهم والنبي يصوّر الرب قائماً لإنصاف شعبه.
١٤ «اَلرَّبُّ يَدْخُلُ فِي ٱلْمُحَاكَمَةِ مَعَ شُيُوخِ شَعْبِهِ وَرُؤَسَائِهِمْ: وَأَنْتُمْ قَدْ أَكَلْتُمُ ٱلْكَرْمَ. سَلْبُ ٱلْبَائِسِ فِي بُيُوتِكُمْ».
ص ٥: ٧ ومتّى ٢١: ٣٣
وَأَنْتُمْ قَدْ أَكَلْتُمُ ٱلْكَرْمَ يُراد بالكرم شعب الله المعهود إلى عنايتهم ويراد بأكله سلبه. والبينة على ذلك سلب البائس في بيوتهم وذلك لا يقدرون أن ينكروه.
١٥ «مَا لَكُمْ تَسْحَقُونَ شَعْبِي وَتَطْحَنُونَ وُجُوهَ ٱلْبَائِسِينَ؟ يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ».
ص ٥٨: ٤ وميخا ٣: ٢ و٣
مَا لَكُمْ ألفاظ شديدة تعبر عن غضب الله على الظالمين لأنه أقام نفسه محامياً عن كل مظلوم (خروج ٢٢: ٢٢ – ٢٤).
من أنتم يقول الرب حتى تطلبوا الذين خلقهم وهو يحبهم ويحامي عنهم.
تَطْحَنُونَ يشبه البائسين بالحنطة التي تسحقها الرحى فلا تُبقي منها شيئاً صحيحاً.
وُجُوهَ ٱلْبَائِسِينَ أي تظلمونهم ظلماً ظاهراً وجهاً لوجه بلا عذر وبلا حياء.
١٦ – ٢٤ «١٦ وَقَالَ ٱلرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ يَتَشَامَخْنَ، وَيَمْشِينَ مَمْدُودَاتِ ٱلأَعْنَاقِ وَغَامِزَاتٍ بِعُيُونِهِنَّ وَخَاطِرَاتٍ فِي مَشْيِهِنَّ وَيُخَشْخِشْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ، ١٧ يُصْلِعُ ٱلسَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ وَيُعَرِّي ٱلرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ. ١٨ يَنْزِعُ ٱلسَّيِّدُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ زِينَةَ ٱلْخَلاَخِيلِ وَٱلضَّفَائِرِ وَٱلأَهِلَّةِ ١٩ وَٱلْحَلَقِ وَٱلأَسَاوِرِ وَٱلْبَرَاقِعِ ٢٠ وَٱلْعَصَائِبِ وَٱلسَّلاَسِلِ وَٱلْمَنَاطِقِ وَحَنَاجِرِ ٱلشَّمَّامَاتِ وَٱلأَحْرَازِ ٢١ وَٱلْخَوَاتِمِ وَخَزَائِمِ ٱلأَنْفِ ٢٢ وَٱلثِّيَابِ ٱلْمُزَخْرَفَةِ وَٱلْعُطْفِ وَٱلأَرْدِيَةِ وَٱلأَكْيَاسِ ٢٣ وَٱلْمَرَائِي وَٱلْقُمْصَانِ وَٱلْعَمَائِمِ وَٱلأُزُرِ. ٢٤ فَيَكُونُ عِوَضَ ٱلطِّيبِ عُفُونَةٌ، وَعِوَضَ ٱلْمِنْطَقَةِ حَبْلٌ، وَعِوَضَ ٱلْجَدَائِلِ قَرْعَةٌ، وَعِوَضَ ٱلدِّيبَاجِ زُنَّارُ مِسْحٍ، وَعِوَضَ ٱلْجَمَالِ كَيٌّ!».
تثنية ٢٨: ٢٧ ص ٤٧: ٢ و٣ وإرميا ١٣: ٢٢ وناحوم ٣: ٥ قضاة ٨: ٢١ ص ٢٢: ١٢ وميخا ١: ١٦
في هذه الآيات تهديد بنات صهيون أي نساء أورشليم على الترفه والتبرج والتشامخ والكبرياء والخلاعة بنزع كل ما يستعملنه للتبرج وزينة نفوسهن من الحلى ومواد الزينة والجمال. وبهذا الكلام تظهر شجاعة النبي لأنه لا يوجد شيء من واجبات الوعاظ أصعب من توبيخ الحكام والنساء.
قَالَ ٱلرَّبُّ (ع ١٦) الكلام الآتي في اللباس هو كلام الرب فإن اللباس ولو كان للجسد يكون غالباً علامة سجايا أدبية وروحية.
إن الثياب لازمة للصحة واللياقة والزينة لدرجة محدودة والخطية تقوم بزيادة النفقة والاهتمام فلا يجوز لأحد أن ينفق على الثياب إلا ما يناسب قدرته المالية ولا يعطي اللباس من قلبه ذلك المكان الذي يجب أن يكون لأمور أفضل (١بطرس ٣: ٣ و٤).
ولا شك في أن نساء صهيون كنّ قد ثقّلن على رجالهن بالنفقات الزائدة على لباسهن وهكذا حملن رجالهن على الظلم والرشوة فصرن شريكات رجالهن في خطاياهم وشريكاتهم أيضاً في التوبيخ من النبي.
وأكثر أسماء الملبوسات المذكورة هنا ليست ألفاظ عبرانية ونستنتج من ذلك أن نساء اليهود كنّ يتخذن ملبوسات نساء الأمم وذلك لا يليق ببنات صهيون.
مَمْدُودَاتِ ٱلأَعْنَاقِ علامة الكبرياء.
غَامِزَاتٍ بِعُيُونِهِنَّ علامة الخلاعة وفساد الآداب.
فَيَكُونُ عِوَضَ ٱلطِّيبِ (ع ٢٤) إنذار بنات صهيون بما يُصبن به من العار والنوح والضيق وقد أطال الكلام في ذلك إلى (ص ٤: ١).
وَعِوَضَ ٱلْجَمَالِ كَيٌّ من التعرض للشمس أو من المرض أو سمات الرقّ.
شدة الضيقات الناشئة لبنات صهيون من سقوط رجال الأمة بالسيف (ع ٢٥ – ص ٤: ١).
٢٥، ٢٦ «٢٥ رِجَالُكِ يَسْقُطُونَ بِٱلسَّيْفِ وَأَبْطَالُكِ فِي ٱلْحَرْبِ. ٢٦ فَتَئِنُّ وَتَنُوحُ أَبْوَابُهَا وَهِيَ فَارِغَةً تَجْلِسُ عَلَى ٱلأَرْضِ».
إرميا ١٤: ٢ ومراثي ١: ٤ مراثي ٢: ١٠
تَئِنُّ وَتَنُوحُ أَبْوَابُهَا وَهِيَ فَارِغَةً أبواب المدن القديمة كانت لمرور أهل المدينة فيخرجون ويدخلون منها وكانت أيضاً مكان للجلوس والكلام والمحاكمة. والنبوءة بأن أبواب أورشليم تصير فارغة تدل على سقوط الهيئة الاجتماعية كلها.
تَجْلِسُ عَلَى ٱلأَرْضِ أي أورشليم وهي مشبهة بأمرأة قد انحطت إلى آخر درجة من الفقر والهوان. سكّ الأمبراطور فسباسيانوس مسكوكاً تذكاراً لافتتاح أورشليم وعليه صورة امرأة حزينة جالسة على الأرض وتحت الصورة كتابة ترجمتها «يهودية مسبية».
ص ٤: ١ «فَتُمْسِكُ سَبْعُ نِسَاءٍ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ قَائِلاَتٍ: نَأْكُلُ خُبْزَنَا وَنَلْبِسُ ثِيَابَنَا. لِيُدْعَ فَقَطِ ٱسْمُكَ عَلَيْنَا. ٱنْزِعْ عَارَنَا».
ص ٢: ١١ و١٧ و٢تسالونيكي ٣: ١٢ لوقا ١: ٢٥
فَتُمْسِكُ سَبْعُ نِسَاءٍ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ الخ يدل على قلة الرجال الناتجة من الحروب (انظر ٢أيام ٢٨: ٦) «وَقَتَلَ فَقْحُ بْنُ رَمَلْيَا فِي يَهُوذَا مِئَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ» وكان ذلك في أيام آحاز. والنساء طلبن الزواج على طريقة تخالف الطبيعة. لم يعرف القدماء الحياة بعد الموت كما نعرفها نحن فطلبوا أولاداً يعيشون بعدهم فيكون للوالدين بقاء في أولادهم. لأن اسم الأسرة والبيت والرزق والمذهب الديني كلها تبقى في الأولاد فالوالدون يعيشون فيهم.
ولنا من الفوائد ما يأتي:
- إنه على الوالدين أن يغرسوا في قلوب أولادهم مبادئ صالحة تستحق البقاء.
- إنه إن لم يأتنا أولاد حسب الجسد يمكننا أن نلد أولاداً بالروح أي الذين يؤمنون فيخلصون بواسطة تبشيرنا (١كورنثوس ٤: ١٥).
- إنه يجب أن نشكر الله على تعليم العهد الجديد الصريح أن لنا حياة أبدية علاوة على بقاء الاسم بوجود نسل على الأرض.
فوائد للوعاظ
المجاعات من الرب وبواسطتها هو يعلم بني البشر (ع ١).
- إن كل الخيرات منه فعليهم أن يشكروه في وقت الشبع ويرجعوا إليه بالصلاة والتوبة في وقت الجوع. قيل أن رجلاً كريماً سمح لأرملة فقيرة أن تسكن في بيت له بلا أجرة وبعد مرور سنين صارت تعتبر البيت كأنه لها وأحياناً كانت تتذمر على صاحب البيت إذا لم يصلح البيت ويرتبه حسب مطلوبها. وهكذا نحن نعاد البركات التي نأخذها من الرب مجاناً كل يوم وننسى أن نشكره وكثيراً ما نتذمر عليه.
- إن الله جعل للخطية عواقب فإذا كان الناس لا يستعملون خيرات الله كما يجب فهو يأبى أن يعطيهم إياها.
- إنه على الذين لهم خيرات أن ينفقوا على الذين ليس لهم وفي أيامنا نرى اتحاداً ومحبة مسيحية بين إنسان وإنسان وبين دولة ودولة بواسطة المساعدة المتبادلة في الضيق.
لأن أورشليم عثرت ويهوذا سقطت (ع ٨)
- نفس الإنسان مثل مملكة تحتاج إلى من يحكم عليها. ونفس بلا حاكم تسقط كما تسقط مملكة بلا حاكم. لأن النفس تحتاج إلى من يقوّي فيها كل أمر صالح ويمنع كل أمر رديء. فالإنسان يميل إلى الخطية فإذا تُرك بلا حكم فلا بد من أن الشهوات الرديئة والأميال الفاسدة تتسلط عليه.
- وهذا الحكم لا يكون من الخارج بل من الداخل فلا يقدر إنسان أن يحكم على ضمير غيره أو يأخذ على نفسه مسؤولية غيره بل على كل إنسان أن يكون حاكماً على نفسه. مسلّم أن الله هو الحاكم على كل إنسان ولكن الله يحكم بواسطة قوى الإنسان الخاصة فالعقل يفهم كلام الله والإرادة تختار أن تعمل بموجبه والإنسان حرّ ومسوؤل في كل ما يعمله.
تطحنون وجوه البائسين (ع ١٥)
- تأمل في معاملة الأشرار للبائسين وما يأتونه من الظلم والقساوة والاستبداد.
- تأمل في معامة الله للبائسين ورحمته ومحبته وعنايته ومواعيده الخصوصية وحمايته عنهم.
- تأمل في معاملة رجال الله البائسين فإنهم يعرفون أن الله خلقهم والمسيح يحبهم ولنفوسهم قيمة فائقة فلا يفتخر الأتقياء بأنفسهم بل يقرون أن الله هو الذي أعطاهم كل شيء ووكلهم على خيراتهم لكي يعملوا الخير بها. اذكر المستشفيات والجمعيات التبشيرية والخيرية والمدارس والمطابع وما أشبه ذلك.
السابق |
التالي |