إشعياء

سفر إشعياء | 02 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر إشعياء

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي

هذا الأصحاح بداءة القسم الأول من هذا السفر.

الأرجح أن هذا الأصحاح كُتب في أول ملك آحاز ومما يدل على ذلك ما يأتي:

  1. إنه كان في وقت نجاح زمني (ع ٧) وامتلأت أرضهم فضة وذهباً الخ أي في أول ملك آحاز لا في آخره.
  2. إنه كان في وقت عبادة أصنام (ع ٨) وامتلأت أرضهم أوثاناً فلا يكون في ملك عزيا ولا يوثام.

ومضامين هذا الأحصاح ما يأتي:

  1. كلام افتتاحي (ع ١)
  2. نبوءة بإقامة مملكة المسيح وامتدادها (ع ٢ و٣).
  3. رفض الرب بيت يعقوب لأجل تعلقه بالدنيويات وعبادته للأصنام (ع ٦ – ٩).
  4. نبوءة بإبادة العبادة الباطلة وحط كبرياء بيت يعقوب (ع ١٠ – ٢٢).

١ «اَلأُمُورُ ٱلَّتِي رَآهَا إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ مِنْ جِهَةِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ».

اَلأُمُورُ ٱلَّتِي رَآهَا إِشَعْيَاءُ الخ هذه الآية عنوان للقسم الأول من هذا السفر كما أن الآية الأولى من الأصحاح الأول عنوان لكل السفر ومعناه أن ما يأتي من الكلام هو في شأن يهوذا وأورشليم.

٢ «وَيَكُونُ فِي آخِرِ ٱلأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتاً فِي رَأْسِ ٱلْجِبَالِ وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ ٱلتِّلاَلِ وَتَجْرِي إِلَيْهِ كُلُّ ٱلأُمَمِ».

ميخا ٤: ١ الخ تكوين ٤٩: ١ وإرميا ٢٣: ٢٠ مزمور ٦٨: ١٥ و١٦ مزمور ٧٢: ٨ وص ٢٧: ١٣

هذه النبوءة عينها في نبوءة ميخا (ميخا ٤: ١) ومما يدل على أن ميخا لم يأخذها من إشعياء إنها توافق سياق الكلام في ميخا أكثر مما توافقه في إشعياء جاء في (إرميا ٢٦: ١٨) أن ميخا تنبأ في أيام حزقيا قائلاً «إن صهيون تُفلح كحقل» وهذه النبوءة مقترنة بتلك في نبوءة ميخا (ميخا ٣: ١٢ و٤: ١). ومن المحتمل أن ميخا تنبأ بهذه النبوءة في أيام آحاز ثم أعادها في أيام حزقيا.

وَيَكُونُ فِي آخِرِ ٱلأَيَّامِ عبارة اصطلاحية تطلق على زمن الإنجيل أو على مدة معدودة منه من دون تعيين. وإذ لم نتحقق بعد تمام هذه النبوءة برمتها ننتظر تمامها بعد عصرنا الحاضر أي في وقت انتصار المسيح على كل أعدائه وعموم ملكوته مدة الألف السنة (القواعد السنية صفحة ٣٤٢).

يَرْتَفِعُ فَوْقَ ٱلتِّلاَلِ أي أن الديانة المسيحية ترتفع فوق جميع الأديان الكاذبة كمدينة موضوعة على جبل فلا تخفى وتثبت في ارتفاعه كحصن منيع.

تَجْرِي إِلَيْهِ كُلُّ ٱلأُمَمِ أي يأتون من جميع نواحي المسكونة وينضمون إلى شعب الله انضماماً متوالياً كجريان نهر عظيم. والديانة المسيحية تجذب الناس لأنها تُظهر لهم محبة الله للعالم ومحبة يسوع المسيح الذي بذل نفسه ليخلّص العالم من الخطية وطريق السماء والحياة الأبدية وأحسن طريق إلى الحياة السعيدة المقدسة على الأرض.

٣ «وَتَسِيرُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ، وَيَقُولُونَ: هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ ٱلرَّبِّ، إِلَى بَيْتِ إِلٰهِ يَعْقُوبَ فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ. لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ ٱلشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ».

إرميا ٣١: ٦ و٦٠: ٦ وزكريا ٨: ٢١ و٢٣ لوقا ٢٤: ٤٧

لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ ٱلشَّرِيعَةُ أي قانون الإيمان والعمل فينتج من هذا القول أن كلام الله أي الكتاب المقدس يكون دستور الإيمان الوحيد لا تعليم الناس ولا أحكام المجامع.

وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ أي منها تثبت بشرى الإنجيل في العالم بأسره. وصهيون وأورشليم هنا كناية عن الكنيسة الإنجيلية (القواعد السنية وجه ٢٩٦ – ٣٤٢).

٤ «فَيَقْضِي بَيْنَ ٱلأُمَمِ وَيُنْصِفُ لِشُعُوبٍ كَثِيرِينَ، فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكاً وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفاً وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ ٱلْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ».

مزمور ٤٦: ٩ وهوشع ٢: ١٨ وزكريا ٩: ١٠ مزمور ٧٢: ٣ و٧

فَيَقْضِي بَيْنَ ٱلأُمَمِ أي سيجعل في قلوبهم الحكمة والإنصاف والمحبة فيعدلون عن الحروب وإذا وقع اختلاف بينهم يحكمون فيه عرفياً. ورأينا شيئاً من ذلك في أيامنا فإن الحروب قلت وأهوالنا تخففت. وأما في الأيام القديمة فكانوا يقتلون الناس حتى النساء والأطفال وغير المقاتلين ولم يتوقفوا عن القتال بعد خضوع العدو. وفي هذا العصر تغيّر ذلك كله وأخذوا يعتنون بالمرضى والجرحى والأسرى ويدفنون الموتى بلا تمييز بين الأعداء والأتباع. ونقول أن الرب يقضي بين الأمم بمعنى أنه يحل في قلوب الحكام فيحكمون كما يريد هو فيكون هو قد صار الحاكم.

فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ إذا ترجمنا هذا القول إلى لغة اليوم قلنا أن الشعوب يستعملون حديدهم للسكك والمراكب التجارية والمعامل والبيوت لا للمدافع والمدرعات والسلاح. والمبالغ العظيمة المخصصة لمصاريف الجيوش وآلات الحرب تتحول إلى ما ينفع العالم كالطرق والمدراس والأعمال الخيرية.

ألفاظ هذه النبوءة وما فيها من التشابيه والاستعارات ع ٥ إلى ١٣

ألفاط هذه النبوءة بالإجمال وما فيها من التشابيه والاستعارات يهودية أي مأخوذة من عوائد الديانة اليهودية وهي مستعارة للتعبير عن نجاح الكنيسة الإنجيلية على معان إنجيلية أي روحية لا إلى نجاح الكنيسة اليهودية على معان يهودية أي جسدية. وهذه النبوءة من هذا القبيل أوضح مثال لمبدإ تفسير نبوءات العهد القديم التي ألفاظها يهودية جسدية بمعان إنجيلية روحية.

٥ «يَا بَيْتَ يَعْقُوبَ، هَلُمَّ فَنَسْلُكُ فِي نُورِ ٱلرَّبِّ».

أفسس ٥: ٨

يَا بَيْتَ يَعْقُوبَ، هَلُمَّ فَنَسْلُكُ فِي نُورِ ٱلرَّبِّ أي أن لنا ديانة مستقبلها مجيد جداً على ما تقدم بيانه في الأعداد السابقة فلنسلك كما يليق بمن لهم مواعيد نظير المواعيد التي لنا فكأنه قال يا بيت يعقوب إذا كان الأمم سيأتون إلى دين الله الحق ويستفيدون منه فكم يجب عليكم أنتم أن تسلكوا في نور الرب أي نور الحق الديانة المعلنة من السماء (انظر أمثال ٦: ٢٣ ومزمور ١١٩: ١٠٥ وإشعياء ٥١: ٤ وأعمال ٢٦: ٢٣ و٢كورنثوس ٤: ٤).

٦ «فَإِنَّكَ رَفَضْتَ شَعْبَكَ بَيْتَ يَعْقُوبَ لأَنَّهُمُ ٱمْتَلأُوا مِنَ ٱلْمَشْرِقِ، وَهُمْ عَائِفُونَ كَٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَيُصَافِحُونَ أَوْلاَدَ ٱلأَجَانِبِ».

عدد ٢٣: ٧ تثنية ١٨: ١٤ مزمور ١٠٦: ٣٥ وإرميا ١٠: ٢

فَإِنَّكَ رَفَضْتَ شَعْبَكَ بَيْتَ يَعْقُوبَ الخطاب هنا لله.

لأَنَّهُمُ ٱمْتَلأُوا مِنَ ٱلْمَشْرِقِ علة لما قبله أي أن الله رفضهم لأنهم امتلأوا من المشرق والمراد خرافات المشرق أي أشور وبابل وآرام وموآب وعمون.

وَهُمْ عَائِفُونَ كَٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ الذين توغلوا كثيراً في السحر. والعائفون هم الذين يعتبرون أسماء الطيور ومساقطها وأصواتها فيتفاءلون ويتشاءمون وذلك نوع من العبادة الوثنية لأن ليس أحد يعرف المستقبل غير الله.

وَيُصَافِحُونَ أَوْلاَدَ ٱلأَجَانِبِ أي يُظهرون علامات الرضى والسرور بالوثنيين والأجانب.

٧ «وَٱمْتَلأَتْ أَرْضُهُمْ فِضَّةً وَذَهَباً وَلاَ نِهَايَةَ لِكُنُوزِهِمْ، وَٱمْتَلأَتْ أَرْضُهُمْ خَيْلاً وَلاَ نِهَايَةَ لِمَرْكَبَاتِهِمْ».

تثنية ١٧: ١٦ و١٧

وَٱمْتَلأَتْ أَرْضُهُمْ فِضَّةً استغنوا من المظالم واختلاس حقوق المساكين والضعفاء ونتيجة الغنى الترفه والارتخاء.

وَٱمْتَلأَتْ أَرْضُهُمْ خَيْلاً وَلاَ نِهَايَةَ لِمَرْكَبَاتِهِمْ اقتنوا الخيل والمركبات واستخدموها في الحرب خلافاً لإرادة الله (تثنية ١٧: ١٦ و١٧).

٨ «وَٱمْتَلأَتْ أَرْضُهُمْ أَوْثَاناً. يَسْجُدُونَ لِعَمَلِ أَيْدِيهِمْ لِمَا صَنَعَتْهُ أَصَابِعُهُمْ».

إرميا ٢: ٢٨

وَٱمْتَلأَتْ أَرْضُهُمْ أَوْثَاناً. يَسْجُدُونَ لِعَمَلِ أَيْدِيهِمْ لِمَا صَنَعَتْهُ أَصَابِعُهُمْ كثيراً ما بيّن الأنبياء حقارة الأصنام لكونها مصنوعة بأيدي بشرية (إشعياء ٤٤: ٩ – ٢٠ وإرميا ١٠: ٣ – ١٦ ومزمور ١١٥: ٤ – ٨).

٩ «وَيَنْخَفِضُ ٱلإِنْسَانُ وَيَنْطَرِحُ ٱلرَّجُلُ، فَلاَ تَغْفِرْ لَهُمْ».

وَيَنْخَفِضُ ٱلإِنْسَانُ وَيَنْطَرِحُ ٱلرَّجُلُ يحطّ شأن عبدة الأصنام وكبريائهم.

فَلاَ تَغْفِرْ لَهُمْ أي كانت خطيتهم لا تُغفر وهي ترك الرب ورفض الرحمة كالتجديف على الروح القدس (متّى ١٢: ٣١).

١٠، ١١ «١٠ اُدْخُلْ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ وَٱخْتَبِئْ فِي ٱلتُّرَابِ مِنْ أَمَامِ هَيْبَةِ ٱلرَّبِّ وَمِنْ بَهَاءِ عَظَمَتِهِ. ١١ تُوضَعُ عَيْنَا تَشَامُخِ ٱلإِنْسَانِ وَتُخْفَضُ رِفْعَةُ ٱلنَّاسِ، وَيَسْمُو ٱلرَّبُّ وَحْدَهُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ».

ع ١٩ و٢١ ورؤيا ٦: ١٥ ع ١٧ وص ٥: ١٥ و١٦ و١٣: ١١ ص ٤: ١ و١١: ١٠ و١١ و١٢: ١ و٤ و٢٤: ٢١ و٢٥: ٩ و٢٦: ١ و٢٧: ١ و٢ و١٢ و١٣ و٢٨: ٥ و٢٩: ١٨ و٣٠: ٢٣ و٥٢: ٦ وإرميا ٣٠: ٧ و٨ وحزقيال ٣٨: ١٤ و١٩ و٣٩: ١١ و٢٢ وهوشع ٢: ١٦ و١٨: ٢١ ويوئيل ٣: ١٨ وعاموس ٩: ١١ وعوبديا ٨ وميخا ٤: ٦ و٥: ١٠ و٧: ١١ و ١٢ وصفنيا ٣: ١١ و١٦ و زكريا ٩: ١٦

بناء على أن الله سينتقم من الأشرار على ما تقدم في الآيات السابقة أمرهم النبي أن يختبئوا من هيبته وبهاء مجد عظمته. والأرجح أن مقصوده بذلك أن يصوّر لهم أمام عيونهم حالهم حين يأتي الله لمحاكمتهم لكي ينبههم بدليل ما ذُكر في (ع ١١) من نتائج دينونة الله لهم وهي وضع عيني تشامخ الإنسان وخفض رفعة الناس.

إنذار الشعب بحط شأنهم قصد تحريضهم على التوبة ع ١٢ إلى ١٧

١٢ «فَإِنَّ لِرَبِّ ٱلْجُنُودِ يَوْماً عَلَى كُلِّ مُتَعَظِّمٍ وَعَالٍ وَعَلَى كُلِّ مُرْتَفِعٍ فَيُوضَعُ».

فَإِنَّ لِرَبِّ ٱلْجُنُودِ يَوْماً أي يوم انتقام رهيب. والألفاظ «متعظم» و«عال» و«مرتفع» كناية عن كبرياء الإنسان وغطرسته وعن المواد العظيمة أيضاً كالأبراج والسفن والأعلام التي أتى ذكرها.

١٣، ١٤ «١٣ وَعَلَى كُلِّ أَرْزِ لُبْنَانَ ٱلْعَالِي ٱلْمُرْتَفِعِ، وَعَلَى كُلِّ بَلُّوطِ بَاشَانَ، ١٤ وَعَلَى كُلِّ ٱلْجِبَالِ ٱلْعَالِيَةِ وَعَلَى كُلِّ ٱلتِّلاَلِ ٱلْمُرْتَفِعَةِ».

ص ١٤: ٨ و٣٧: ٢٤ وحزقيال ٣١: ٣ وزكريا ١١: ١ و٢ ص ٣٠: ٢٥

عَلَى كُلِّ أَرْزِ لُبْنَانَ الخ رأى بعضهم أن الأرز والبلوط كنايات عن المتكبرين من الناس ولكن لا شك في أن الكلام في أمر الأبراج والأسوار والسفن والأعلام حقيقي فالأرجح أن الكلام في الأرز والبلوط والجبال والتلال كذلك. فإنه يوجد علاقة بين الإنسان والخلائق التي جعلها الله تحت سلطانه فيأتي الخراب على بعض الأشياء الطبيعية والأتعاب والآلام على البهائم بسبب خطايا الناس. قال سنحاريب بكثرة مركباتي قد صعدت إلى علوّ الجبال عقاب لبنان فأقطع أرزه الطويل وأفضل سوره الخ (ص ٣٧: ٢٤). الأشجار سقطت وسقط رجاء إسرائيل إن الجبال والتلال تمنع دخول أعدائهم.

١٥ «وَعَلَى كُلِّ بُرْجٍ عَالٍ وَعَلَى كُلِّ سُورٍ مَنِيعٍ».

عَلَى كُلِّ بُرْجٍ عَالٍ كان عزيا قد بنى أبراجاً في أورشليم وفي البرية (٢أيام ٢٦: ٩ و١٠) وبنى يوثام كذلك (٢أيام ٢٧: ٤) فقصد النبي أن يظهر بطل الاتكال على ذراع بشر.

عَلَى كُلِّ سُورٍ مَنِيعٍ بنى يوثام كثيراً على سور الأكمة. وهوشع أيضاً وبخ إسرائيل لأنه نسي صانعه وبنى قصوراً ووبخ يهوذا لأنه كثر مدناً حصينة (هوشع ٨: ١٤).

١٦، ١٧ «١٦ وَعَلَى كُلِّ سُفُنِ تَرْشِيشَ وَعَلَى كُلِّ ٱلأَعْلاَمِ ٱلْبَهِجَةِ. ١٧ فَيُخْفَضُ تَشَامُخُ ٱلإِنْسَانِ وَتُوضَعُ رِفْعَةُ ٱلنَّاسِ، وَيَسْمُو ٱلرَّبُّ وَحْدَهُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ».

١ملوك ١٠: ٢٢ ع ١١ ع ١١

كانت سفن ترشيس في ذلك الوقت أكبر سفن العالم وأقواها وقد اعتقد القدماء أن ترشيش وهي الجزء الجنوبي من بلاد أسبانيا أقصى الأرض ولذلك كانوا يرسلون إليها أكبر السفن وأعظمها. واللفظة المترجمة هنا بالأعلام غير واضحة في الأصل فتحتمل معنى الصور أيضاً وفي الترجمة اليسوعية المناظر الأنيقة ولا يمكن تحقق المراد بها هل هو ما تزين به سفن ترشيش من الصور والنقوش أو النقوش والصور لأجل الزينة على وجه الإطلاق.

١٨، ١٩ «١٨ وَتَزُولُ ٱلأَوْثَانُ بِتَمَامِهَا. ١٩ وَيَدْخُلُونَ فِي مَغَايِرِ ٱلصُّخُورِ وَفِي حَفَائِرِ ٱلتُّرَابِ مِنْ أَمَامِ هَيْبَةِ ٱلرَّبِّ وَمِنْ بَهَاءِ عَظَمَتِهِ، عِنْدَ قِيَامِهِ لِيُرْعِبَ ٱلأَرْضَ».

ع ١٠ وهوشع ١٠: ٨ ولوقا ٢٣: ٣٠ ورؤيا ٦: ١٦ و٩: ٦ و٢تسالونيكي ١: ٩ ص ٣٠: ٣٢ وحجي ٢: ٦ وعبرانيين ١٢: ٢٦

في هذه الآية ذكر إبادة الأوثان. إن الخراب الذي سيقع على الأرز والبلوط والأبراج يكون وقتياً وجزئياً وأما زوال الأوثان فيكون أبدياً وتاماً. ولعل تتميم النبوءة كان في مدة سبي بابل فإنه في ذلك الوقت زالت عبادة الأوثان كل الزوال.

٢٠، ٢١ «٢٠ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يَطْرَحُ ٱلإِنْسَانُ أَوْثَانَهُ ٱلْفَضِّيَّةَ وَأَوْثَانَهُ ٱلذَّهَبِيَّةَ، ٱلَّتِي عَمِلُوهَا لَهُ لِلسُّجُودِ، لِلْجُرْذَانِ وَٱلْخَفَافِيشِ ٢١ لِيَدْخُلَ فِي نُقَرِ ٱلصُّخُورِ وَفِي شُقُوقِ ٱلْمَعَاقِلِ، مِنْ أَمَامِ هَيْبَةِ ٱلرَّبِّ وَمِنْ بَهَاءِ عَظَمَتِهِ عِنْدَ قِيَامِهِ لِيُرْعِبَ ٱلأَرْضَ».

ص ٣٠: ٢٢ و٣١: ٧ ع ١٩ ع ١٠ و١٩

فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ الخ أي مما ينتج يوم يأتي الله للنقمة من الإنسان يطرح أوثانه الفضية والذهبية التي عملها للجرذان والخفافيش كما يُطرح ثياب رثة وأحذية بالية في مخدع خَرب أو مطمورة مظلمة حيث لا يكون إلا الجرذان والخفافيش. وهكذا يكون الإفريقيون المتوحشون فإنهم متى رأوا أنهم لم ينالوا مطلوبهم من أصنامهم غضبوا عليها وضربوها.

٢٢ «كُفُّوا عَنِ ٱلإِنْسَانِ ٱلَّذِي فِي أَنْفِهِ نَسَمَةٌ، لأَنَّهُ مَاذَا يُحْسَبُ؟».

مزمور ١٤٦: ٣ وإرميا ١٧: ٥ أيوب ٢٧: ٣

كُفُّوا عَنِ ٱلإِنْسَانِ ٱلَّذِي فِي أَنْفِهِ نَسَمَةٌ أي الذي هو ضعيف ويموت سريعاً.

فوائد للوعاظ

التعزية والإنذار (ع ١ – ٥)

يجب أن يكون في المواعظ شيء من التعزية والرجاء وشيء من الإنذار والتوبيخ أيضاً وذلك لما يأتي:

  1. إن الخير والشر مختلطان في كل إنسان فلا شرير ليس فيه خير ولا صالح ليس فيه شرّ.
  2. إن التوبيخ بلا تعزية يقسي القلب والمدح بدون توبيخ وإنذار مما يحمل الإنسان على الكسل والثقة الباطلة.

هلم نصعد إلى بيت الرب (ع ٣).

  1. كلمة «هلم» تفيد أن المسيحيين يقول بعضهم لبعض وللعالم «هلم» وهي كلمة ترحيب ودعوة فعليهم أن يجذبوا الناس بواسطة التبشير وسلوكهم الحسن ومحبتهم المخلصة.
  2. قوله «هلم نصعد» يشير إلى الاتفاق والاتحاد في طلب الخلاص وفي عمل الخير إذ قال «نصعد» لا «أصعد».
  3. قوله «نصعد إلى جبل الرب» يدل على التقدم والارتقاء والنمو والرجاء. والارتقاء الحقيقي لمن يتوجه إلى بيت الرب لا لمن يتوجه إلى الكفر. وبيت الله على الأرض مكان الاجتماعات والفوائد وهو رمز إلى اجتماع المفديين وتسبيحاتهم في السماء.

فنسلك في نور الرب (ع ٥)

مفاد هذه العبارة:

  1. إن الإنجيل نور.
  2. إنه على كل إنسان أن يختار لنفسه إمّا النور أو الظلمة.
  3. إنه لا يختار الظلمة إلا من يحب الخطية.
  4. إن من يسلك في الظلمة يعثر.
  5. إن الله أعطانا النور لكي نسلك فيه لا لنفرح به فقط.
  6. إنه إن كان الأمم يأتون إلى النور فكم بالحري شعب الله.

رفضت شعبك (ع ٦) معاملة الله الشعوب.

  1. إن لكل شعب زمان امتحان وذلك يظهر من تاريخ العالم.
  2. إن الله يمتحن الشعب أولاً بالراحة والنجاح.
  3. إن الشعب الذي يثبت هو الذي يستعمل قوته وماله في عمل الخير.
  4. إنه إذا أخطأ يمتحنه بالضيقات كالحروب والأوبئة والمجاعات.
  5. إنه إن لم ينتبه من الضيقات يرفضه الله.

كفوا عن الإنسان (ع ٢٢) لنا من ذلك ما يأتي:

  1. إن الإنسان لا يقدر أن يتكل على قدرته لأن الصحة والقوة العقلية والمال وكل الخيرات الجسدية من الرب. هو أعطى وهو يأخذ.
  2. إن الإنسان لا يقدر أن يتكل على معرفته لأن حوله أشياء كثيرة لا يدركها والأشياء المستقبلة لا يعرفها أبداً.
  3. إن الإنسان لا يقدر أن يتكل على قداسته لأن التجارب تغلبه كل يوم ويسقط في الخطايا فيجب الاتكال على الله وحده.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى