سفر إشعياء | 01 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر إشعياء
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ
مضمونه:
هذا الأصحاح يصح أن يُحسب مقدمة لهذا السفر والراجح أن إشعياء في آخر حياته جمع ورتب كل نبوءاته وأقواله وكتب هذا الأصحاح فاتحة لها ويؤيد ذلك ما يأتي:
- قوله «فِي أَيَّامِ عُزِّيَّا وَيُوثَامَ وَآحَازَ وَحَزَقِيَّا مُلُوكِ يَهُوذَا» فإن هذه الآية عنوان لكل السفر بدليل أن مدة هؤلاء الملوك الأربعة تعم كل حياة إشعياء وذكره إياهم يرجح أنه كتبها بل كتب هذا الأصحاح كله بعد تبوئهم كرسي يهوذا.
- مضمون هذا الأصحاح فإنه يدل على أن ما جاء فيه كلام إجمالي وملخص ما حدث في عهد إشعياء لجمعه ذكر خطايا الشعب ودعوة الله إياهم إلى التوبة والأحكام التي ستحل عليهم ووعد الله بالمغفرة للراجعين منهم إليه. ولما كانت هذه المواضيع الأربعة في هذا الأصحاح خلاصة ما حواه سفر إشعياء ترجح أن هذا الأصحاح كُتب بعد تمام هذا السفر وترتيبه.
١ «رُؤْيَا إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ، ٱلَّتِي رَآهَا عَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ، فِي أَيَّامِ عُزِّيَّا وَيُوثَامَ وَآحَازَ وَحَزَقِيَّا مُلُوكِ يَهُوذَا».
عدد ١٢: ٦٠
رُؤْيَا إِشَعْيَاءَ لفظة «رؤيا» في الأصل العبراني تدل على الوحي وهو بالمشاهدة العقلية. فالأنبياء رأوا الأمور المستقبلة كأنهم نظروا إلى صورها أو نظروها في حلم ولذلك وصفوها كأنها حاضرة أو كأنها ماضية. وكثيراً ما كان النبي لا يعرف كم من الوقت بينه وبين هذه الحوادث المستقبلة أو بين حادثة وحادثة. ووصف أحياناً أموراً بعيدة كأنها قريبة أو وصف بعض الأمور دون غيره كما ينظر إنسان إلى جبل بعيد ولا يرى التلال والسهول والأودية الفاصلة بينه وبين ذلك الجبل كقول إشعياء (ص ٧: ١٤) «هَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْناً» فإنه أنبأ بولادة يسوع المسيح من مريم العذراء الذي كان بعد زمان إشعياء بنحو ٧٠٠ سنة ولكنه ذكر ذلك كأنه في زمانه وأمام عينيه. والرؤيا من الله أي أن إشعياء لم يتكلم من نفسه ولا أخبر بأمور مستقبلة بناء على معرفته بالأمور السياسية فاستنتج من الحوادث الحاضرة ما سيحدث في المستقبل كما يتنبأ أرباب السياسة والعلماء في أيامنا. بل تكلم بالوحي من الروح القدس وأخبر بما لا يمكنه أن يعرفه بقواه البشرية وأخبر بها ليس على سبيل الظن بل بثقة كاملة وسلطان من الله الذي سبق فعيّن كل ما يحدث.
٢ «اِسْمَعِي أَيَّتُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ وَأَصْغِي أَيَّتُهَا ٱلأَرْضُ لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَتَكَلَّمُ: رَبَّيْتُ بَنِينَ وَنَشَّأْتُهُمْ، أَمَّا هُمْ فَعَصَوْا عَلَيَّ».
تثنية ٣٢: ١ وإرميا ٢: ١٢ و٦: ١٩ و٢٢: ٢٩ وحزقيال ٣٦: ٤ وميخا ١: ٢ و٦: ١ و٢ ص ٥: ١ و٢
مضمون هذه الآية توبيخ النبي للشعب على خطاياهم وإعراضهم عن عبادة الله وحسب عادة الشعراء استدعى الطبيعة غير العاقلة لتسمع ما يقوله والسماوات والأرض لتشهد على شعبه لأنها منذ البدء وسمعت العهود ورأت أعمال الله العجيبة. ولأنه إذا تكلم الرب وجب على جميع خلائقه أن يسمعوا فوجب علينا نحن أن نسمع (وإن كان قد كلم شعبه إسرائيل بفم إشعياء بصوت مسموع) كأنه كلمنا بذلك كما كلمنا بفم جميع الأنبياء والرسل والرب يسوع بواسطة الكتاب المطبوع. وإذا كنا لا نسمع يقول لتخجيلنا إنكم لا تسمعون مع أن العناصر غير العاقلة تسمع لما يقوله خالقها.
رَبَّيْتُ بَنِينَ قصد النبي تبكيت الشعب على خطاياهم فلم يذكرهم أولاً بالشريعة التي دنسوها ولا بعدل الله ولا بقدرته وغضبه على الخطأة بل ذكرهم بمحبة الله الأبوية لأن المحبة تكسر القلب الصخري وتقوده إلى التوبة. والرب دعاهم بنين وذكر صنيعه لهم منذ القديم. فإنه أخرجهم من مصر وعبّرهم البحر. وقادهم وقاتهم في القفر. وحملهم وصانهم كحدقة عينه. وأدخلهم إلى أرض كنعان. ونصرهم على جميع أعدائهم وجعل بينهم مسكنه. وأعطاهم شريعته. وأرسل إليهم أنبياءه. وأدبهم بالحنو الأبوي ولم يصنع معهم حسب خطاياهم ولم يجازهم حسب آثامهم وعظمة خطيتهم في عصيانهم على الله تظهر بالمقابلة بعظمة محبته لهم.
٣ «اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيهِ وَٱلْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ، أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَعْرِفُ. شَعْبِي لاَ يَفْهَمُ».
إرميا ٨: ٧ إرميا ٣٩: ٦ ص ٥: ١٢
أبان هنا أن البهائم غير الناطقة أحكم منها فإنها تعرف أصحابها وما ينفعها. إن الخطية أفظع أنواع الجهل. لأن الله هو القادر على كل شيء فكيف يمكن الإنسان أن يقاومه. وإن الله مصدر كل خير فكيف يمكن الإنسان أن يستغني عنه. وإن وصايا الله كلها لنفعنا وهي ترشدنا إلى طريق الحياة والسلام وتحفظنا من كل ما يضرنا. فالذي يعصي الرب كمريض يعصي طبيبه أو كمسافر يعصي دليله أو كفقير يعصي المحسن إليه. قيل إن إسرائيل لم يعرف ولكن عدم المعرفة خطية لأنهم بإرادتهم لم يعرفوا ومن شر قلوبهم اختاروا الخطية لأنفسهم.
إن الدين الحقيقي يوافق العقل ولا يضاده مطلقاً فالرب يطلب من كل إنسان أن يستعمل عقله ويبحث ويدرس ويتأمل ويفهم ولا يقبل تعليماً دينياً إلا بموجب بيّنات كافية. ولا ريب في أن الخاطئ كان يترك شروره لو تأمل في أمره كما يجب وفهم عقاب الخطية وفوائد الطاعة للرب ولكنه يلتهي بأمور هذا العالم ولذاته فتمر عليه الأيام والسنون وهو لا يفتكر في الله ولا يريد أن يفتكر فيه.
٤ «وَيْلٌ لِلأُمَّةِ ٱلْخَاطِئَةِ، ٱلشَّعْبِ ٱلثَّقِيلِ ٱلإِثْمِ، نَسْلِ فَاعِلِي ٱلشَّرِّ، أَوْلاَدِ مُفْسِدِينَ! تَرَكُوا ٱلرَّبَّ، ٱسْتَهَانُوا بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ، ٱرْتَدُّوا إِلَى وَرَاءٍ».
ص ٥٧: ٣ و٤ ومتّى ٣: ٧ مزمور ٥٨: ٣
ٱلثَّقِيلِ ٱلإِثْمِ الخطية كحمل ثقيل على الخاطئ يتعب منه ولا يقدر أن يطرحه بقوته وهو كل يوم يزيد عليه ولو كان يكرهه.
نَسْلِ فَاعِلِي ٱلشَّرِّ هذا يدل على امتداد الشر بين جميع الشعب حتى أنهم يُدعون أمة خاطئة وجنساً شريراً.
أَوْلاَدِ مُفْسِدِينَ أي لا يكتفون بأن يعملوا الشرور بل يعلّمون غيرهم أن يخطئوا أيضاً لأن من طبع الخطية امتدادها وازديادها والخاطئ يخجل أن يكون الخاطئ الوحيد فيريد أن يكون معه شركاء.
ٱسْتَهَانُوا بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ جاءت العبارة «قدوس إسرائيل» في إشعياء نحو ثلاثين مرة مع أنها لم ترد في سائر أسفار الكتاب سوى خمس مرات فتكرارها في هذا السفر مما يثبت أن إشعياء كتبه كله. وأشار بقوله «استهانوا بقدوس إسرائيل» إلى شرين الأول أنهم أخطأوا إلى الله القدوس الذي لم يصنع معهم إلا العدل والحق. والثاني أن هذا الإله القدوس هو إلههم وإن له عليهم واجبات خاصة.
٥، ٦ «٥ عَلَى مَ تُضْرَبُونَ بَعْدُ؟ تَزْدَادُونَ زَيَغَاناً! كُلُّ ٱلرَّأْسِ مَرِيضٌ وَكُلُّ ٱلْقَلْبِ سَقِيمٌ. ٦ مِنْ أَسْفَلِ ٱلْقَدَمِ إِلَى ٱلرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ، بَلْ جُرْحٌ وَأَحْبَاطٌ وَضَرْبَةٌ طَرِيَّةٌ لَمْ تُعْصَرْ وَلَمْ تُعْصَبْ وَلَمْ تُلَيَّنْ بِٱلزَّيْتِ».
ص ٩: ١٣ وإرميا ٢: ٣٠ و٥: ٣ مزمور ٣٨: ٥ إرميا ٨: ٢٢ لوقا ١٠: ٣٤
عَلَى مَ تُضْرَبُونَ بَعْدُ الخ أشار بهذا إلى كثرة تأديب الرب وأنواعه فإنه لما تركوه كان يضربهم بالرحمة والمحبة لكي يرجعوا إليه. وكانت الضربات بواسطة المديانيين والفلسطينيين والسامرة وآرام وأشور وغيرهم. وكان بنو إسرائيل في أول الأمر ينتبهون ويتوبون ويرجعون ولكن في أيام إشعياء كانت قلوبهم قد تقست فلم يستفيدوا من مصائبهم الكثيرة وصار إسرائيل كجسد مريض الرأس والقلب وكل الأعضاء ولا يرجو أن يشفى فقال الرب ماذا يصنع من الوسائط وهو لم يصنعه لشعبه وإذا ضربهم بعد يكون لازديادهم زيغاناً وقساوة. والكلام في (ع ٥ – ٩) يشير إلى المصائب الناتجة عن خطاياهم وبداءة ذكر تلك الخطايا.
٧ – ٩ «٧ بِلاَدُكُمْ خَرِبَةٌ. مُدُنُكُمْ مُحْرَقَةٌ بِٱلنَّارِ. أَرْضُكُمْ تَأْكُلُهَا غُرَبَاءُ قُدَّامَكُمْ وَهِيَ خَرِبَةٌ كَٱنْقِلاَبِ ٱلْغُرَبَاءِ. ٨ فَبَقِيَتِ ٱبْنَةُ صِهْيَوْنَ كَمِظَلَّةٍ فِي كَرْمٍ، كَخَيْمَةٍ فِي مَقْثَأَةٍ، كَمَدِينَةٍ مُحَاصَرَةٍ. ٩ لَوْلاَ أَنَّ رَبَّ ٱلْجُنُودِ أَبْقَى لَنَا بَقِيَّةً صَغِيرَةً لَصِرْنَا مِثْلَ سَدُومَ وَشَابَهْنَا عَمُورَةَ».
تثنية ٢٨: ٥١ و٥٢ أيوب ٢٧: ١٨ ومراثي ٢: ٦ إرميا ٤: ١٧ مراثي ٣: ٢٢ ورومية ٩: ٢٩ تكوين ١٩: ٢٤
هذه الآيات تفسير ما في ع ٦ فإن النبي بيّن فيها حقيقة الضربات التي وقعت على الأمة الإسرائيلية وإن المصائب التي سبق ذكرها فوق أنها نتيجة طبيعية للخطية هي أحكام الله العادلة.
بِلاَدُكُمْ خَرِبَةٌ (ع ٧) هذا لم يكن في أيام عزيا لأنه تشدد جداً والله ساعده على الفلسطينيين والعرب وجميع أعداء إسرائيل وبنى أبراجاً وحفر آباراً وكان له مواشٍ وفلاحون وكرامون. ولفظة غرباء وذكر المدن المحرقة بالنار توافق ما أصاب إسرائيل في أيام آحاز وحزقيا (٢أيام ٢٨: ١٧ – ٢٠ و٣٢: ١ – ١١).
تَأْكُلُهَا غُرَبَاءُ قُدَّامَكُمْ أي بلا حياء وهذا يدل على مقدار ذلّ إسرائيل وانحطاطهم.
كَٱنْقِلاَبِ ٱلْغُرَبَاءِ لو كان جيرانهم هم الذين أخذوا بلادهم لربما كانوا حفظوا البيوت ليسكنوا فيها والحقول ليزرعوها وأما الغرباء كالاشوريين فلا يهمهم شيء بل يخربون وينهبون ويرجعون إلى بلادهم.
ٱبْنَةُ صِهْيَوْنَ (ع ٨) أي أورشليم وصهيون هو أعلى مكان في مدينة أورشليم بنى داود فيه الحصن وبيته ودُعي مدينة داود وكان أصلاً حصناً لليبوسيين وبقي في يدهم إلى زمان داود (١أيام ١١: ٤ – ٨).
كَمِظَلَّةٍ الخ المظلة أو الخيمة وقتية وتوجد وحدها لا بيوت حولها وكانت أورشليم مثل ذلك بعدما خربت المدن حولها وأشرفت على الخراب كما كان الأمر عند غزوة سنحاريب في أيام حزقيا.
رَبَّ ٱلْجُنُودِ (ع ٩) الأرجح أن لفظة جنود تشير إلى الأجرام السماوية وتدل على المجد والقدرة غير المحدودة (إشعياء ٤٠: ٢٦ وإرميا ٣٣: ٢٢).
بَقِيَّةً صَغِيرَة من رحمة الله كانت البقية الصغيرة توجد في كل عصر. كان نوح وأهل مدينته بقية صغيرة في أيام الطوفان. وإبراهيم ولوط بعد الطوفان. وكالب ويشوع بين الذين خرجوا من مصر. وإيليا في أيام أخآب. ومن البقية الصغيرة يطلع أمة جديدة كما ينبت الغصن من أصول الشجرة المقطوعة.
سَدُومَ وَعَمُورَةَ أي في حال الخراب التام غير القابل الإصلاح.
ذكر الخطايا التي من أجلها نزلت المصائب بالإسرائيليين ع ١٠ إلى ١٥
١٠ «اِسْمَعُوا كَلاَمَ ٱلرَّبِّ يَا قُضَاةَ سَدُومَ! أَصْغُوا إِلَى شَرِيعَةِ إِلٰهِنَا يَا شَعْبَ عَمُورَةَ».
تثنية ٣٢: ٣٢ وحزقيال ١٦: ٤٦
يَا قُضَاةَ سَدُومَ… يَا شَعْبَ عَمُورَةَ الخطاب لبني يهوذا والمعنى أنهم يشبهون أولئك في شرّهم.
١١ «لِمَاذَا لِي كَثْرَةُ ذَبَائِحِكُمْ؟ يَقُولُ ٱلرَّبُّ ٱتَّخَمْتُ مِنْ مُحْرَقَاتِ كِبَاشٍ وَشَحْمِ مُسَمَّنَاتٍ، وَبِدَمِ عُجُولٍ وَخِرْفَانٍ وَتُيُوسٍ مَا أُسَرُّ».
١صموئيل ١٥: ٢٢ ومزمور ٥٠: ٨ و٩ و٥١: ١٦ وأمثال ١٥: ٨ و٢١: ٢٧ وص ٦٦: ٣ وإرميا ٦: ٢٠ و٦: ٢١ وعاموس ٥: ٢١ و٢٢ وميخا ٦: ٧
لِمَاذَا لِي كَثْرَةُ ذَبَائِحِكُمْ الخ الرب قادر على كل شيء وله كل شيء وليس بمحتاج إلى شيء من بني البشر ولا يريد منهم إلا المحبة والطاعة. وقيمة الذبائح والتقدمات قائمة بأنها علامة الإيمان والطاعة ممن يقدمونها. ولا فائدة من كثرة ذبائحهم ما داموا في خطاياهم لأن الله لا يسر بالرسوم الخارجية وإن قُدمت حسب الناموس إذا لم يتب الذين يقدمونها عن خطاياهم. وهو ينظر إلى حال القلب الداخلية لا إلى الأعمال الخارجية فقط. فإذا كان له المجد قد رفض الرسوم التي فرضها هو إذا قُدمت بقلوب شريرة فلا بد أن يرفض فرائض البشر ويغضب على كل من يُعطي كرامته لغيره. فإذا كان لا يقبل خدمة الأيدي المملوءة دماً فلا بد من أنه يكره القلوب المملوءة مقاصد شريرة ويرفض طلباتها ولا يستجيب صلواتها (١صموئيل ١٥: ٢٢ ومزمور ٥٠: ٧ – ١٥ وعاموس ٥: ٢١ – ٢٤).
١٢ «حِينَمَا تَأْتُونَ لِتَظْهَرُوا أَمَامِي، مَنْ طَلَبَ هٰذَا مِنْ أَيْدِيكُمْ أَنْ تَدُوسُوا دِيَارِي؟».
خروج ٢٣: ١٧ و٣٤: ٢٣
مَنْ طَلَبَ هٰذَا مِنْ أَيْدِيكُمْ أَنْ تَدُوسُوا دِيَارِي أي دور الهيكل في أورشليم فإن الذكور كلهم كانوا مكلفين بأن يأتوا إلى أورشليم ثلاث مرات في السنة. والرب يطلب أن يكون السجود له بالروح والحق. فالحضور الجسدي إذا خلا من العبادة القلبية والخدمة المخلصة والسلوك الطاهر كان كدوس البهائم وكذا حضور الكنائس المسيحية إذا كان بلا سجود روحي. وكثيراً ما يراعي الأشرار حفظ الرسوم الخارجية لأنهم يظنون أن ذلك عبادة تكفير خطاياهم فيمكنهم أن يبقوا في شرورهم في الدنيا وتخلص نفوسهم في الآخرة.
والكلام هنا يوافق زمان ملك عزيا وحزقيا حيث كان الإسرائيليون إجمالاً يتظاهرون بالغيرة في عبادة الرب وهم مولعون بأمور العالم.
١٣، ١٤ «١٣ لاَ تَعُودُوا تَأْتُونَ بِتَقْدِمَةٍ بَاطِلَةٍ. ٱلْبَخُورُ هُوَ مَكْرُهَةٌ لِي. رَأْسُ ٱلشَّهْرِ وَٱلسَّبْتُ وَنِدَاءُ ٱلْمَحْفَلِ. لَسْتُ أُطِيقُ ٱلإِثْمَ وَٱلاعْتِكَافَ. ١٤ رُؤُوسُ شُهُورِكُمْ وَأَعْيَادُكُمْ بَغَضَتْهَا نَفْسِي. صَارَتْ عَلَيَّ ثِقْلاً. مَلِلْتُ حِمْلَهَا».
متّى ١٥: ٩ يوئيل ١: ١٤ و٢: ١٥ عدد ٢٨: ١١ لاويين ٢٣: ٢ الخ ومراثي ٢: ٦ ص ٤٣: ٢٤
رَأْسُ ٱلشَّهْرِ (سفر العدد ٢٨: ١١ – ١٤).
لَسْتُ أُطِيقُ ٱلإِثْمَ وَٱلاعْتِكَافَ أي لا أحتمل حفظ الرسوم والفرائض إذا كان حفظها مقروناً بالإثم.
١٥ «فَحِينَ تَبْسُطُونَ أَيْدِيكُمْ أَسْتُرُ عَيْنَيَّ عَنْكُمْ، وَإِنْ كَثَّرْتُمُ ٱلصَّلاَةَ لاَ أَسْمَعُ. أَيْدِيكُمْ مَلآنَةٌ دَماً».
أيوب ٢٧: ٩ ومزمور ١٣٤: ٢ وأمثال ١: ٢٨ وص ٥٩: ٢ وإرميا ١٤: ١٢ و ميخا ٣: ٤ مزمور ٦٦: ١٨ و١تيموثاوس ٢: ٨ ص ٥٩: ٣
أَسْتُرُ عَيْنَيَّ عَنْكُمْ لأن تلك الأيدي مملوءة دماً أي كانت قد قتلت كثيرين من الناس لا القتل بالفعل فقط بل بالظلم أيضاً على أنواعه فإن الذي يظلم الفقير ويأخذ منه بيته أو أرضه أو خبزه أو ثوبه أو ينجس أجرته يأخذ منه ما يعيش به فتكون خطيته كخطية القتل.
١٦ «اِغْتَسِلُوا. تَنَقَّوْا. ٱعْزِلُوا شَرَّ أَفْعَالِكُمْ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيَّ. كُفُّوا عَنْ فِعْلِ ٱلشَّرِّ».
إرميا ٤: ١٤ مزمور ٣٤: ١٤ و٣٧: ٢٧ وعاموس ٥: ١٥ ورومية ١٢: ٩ و١بطرس ٣: ١١
اِغْتَسِلُوا ليس المراد بالاغتسال الحقيقي لأن غسل الأيدي لا يخلّص من المسؤولية ولا يطهر من الخطية. والمعنى أن الخطية دنسة ومكروهة جداً في عيني الرب فلا يقبل عبادتهم ما داموا في خطاياهم ولا فائدة من التوبة بالكلام ما لم تكن بالفعل أي ترك الخطية كلها.
١٧ «تَعَلَّمُوا فِعْلَ ٱلْخَيْرِ. ٱطْلُبُوا ٱلْحَقَّ. ٱنْصِفُوا ٱلْمَظْلُومَ. ٱقْضُوا لِلْيَتِيمِ. حَامُوا عَنِ ٱلأَرْمَلَةِ».
إرميا ٢٢: ٣ و١٦ وميخا ٦: ٨ وزكريا ٧: ٩ و٨: ١٦
معنى الآية أن الخطية لا تقوم بفعل الشر فقط بل بعدم فعل الخير أيضاً ولا ينفع الإنسان ترك العالم وتجنب كل الأعمال العالمية لأن الله يطلب منه أن يعمل الحق والرحمة ويخدم المحتاجين. ويظهر من كلام النبي في القضاة أنه كان مختبراً الأمور السياسية وكان معاشراً للحكام.
١٨ «هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَٱلْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَٱلثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَٱلدُّودِيِّ تَصِيرُ كَٱلصُّوفِ».
ص ٤٣: ٢٦ وميخا ٦: ٢ مزمور ٥١: ٧ ورؤيا ٧: ١٤
هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ شبّه الرب نفسه بقاض نزل عن كرسي القضاء وجلس بجانب المذنب وأخذ يكلمه باللطف ويبيّن له عظمة ذنبه ويحرّضه على الإصلاح ويعده بالغفران التام والإطلاق بشرط أن يعده وعداً صادقاً بأنه لا يخطئ أيضاً. فما أعجب تنازل الرب وما ألطف كلامه.
تَبْيَضُّ كَٱلثَّلْجِ أي تُغفر كاملة (إرميا ٣١: ٣٤ وميخا ٧: ١٨) وغفران الله كمحبته له عرض وطول وعمق وعلو (أفسس ٣: ١٩) فله عرض وطول لأنه يشمل جميع الخطايا وجميع الخطأة كداود الذي قتل وزنى وبطرس الذي أنكر المسيح واللص المصلوب وبولس الذي اضطهد الكنيسة. وله عمق لأنه يصل إلى أفكار القلب والخطايا السرية. وله علو لأنه به يدخل الخاطئ النجس في جماعة القديسين وأهل بيت الله وينال أخيراً المجد والسعادة والإكرام والحياة الأبدية في السماء (رؤيا ٧: ١٣ – ١٧).
١٩ «إِنْ شِئْتُمْ وَسَمِعْتُمْ تَأْكُلُونَ خَيْرَ ٱلأَرْضِ».
معنى الأية أن هذا الغفران التام يكون بشرط واحد فقط وهو أنهم يصدقون قول الله ويقبلون وعده ويطيعونه حسب قوله «إن شئتم وسمتعم» أي الغفران هو بدم يسوع المسيح المشار إليه بالذبائح في القديم والغفران هو للخلاص من الخطية فليس هو للذين يبقون في الخطية بإرادتهم. وبهذا يمتاز عن الغفران الكاذب الذي يُشترى بالمال ويسمح للناس أن يبقوا في خطاياهم.
٢٠ «وَإِنْ أَبَيْتُمْ وَتَمَرَّدْتُمْ تُؤْكَلُونَ بِٱلسَّيْفِ. لأَنَّ فَمَ ٱلرَّبِّ تَكَلَّمَ».
عدد ٢٣: ١٩ وتيطس ١: ٢
المواعيد المذكورة هي بالزمنيات «تأكلون خير الأرض» وهكذا الوعيد «تؤكلون بالسيف». وكان هذا غالباً في العهد القديم لأن شعب الله يومئذ لم يدرك البركات الروحية كما عرفها بعد ميلاد المسيح. والبركات في أيامنا الجسدية تنتج من الطاعة للرب غير أننا لا نطيعه لننال هذه البركات بل نطيعه من مجرد أن محبتنا له ولو تعبنا وخسرنا الخيرات الجسدية ويحسن أن ينتبه هنا للترتيب فالأول ذكر مصائبهم. والثاني التبكيت على خطاياهم التي كانت سبب المصائب. والثالث التحريض على التوبة والرابع والآخر الوعد بالغفران.
٢١ «كَيْفَ صَارَتِ ٱلْقَرْيَةُ ٱلأَمِينَةُ زَانِيَةً! مَلآنَةً حَقّاً. كَانَ ٱلْعَدْلُ يَبِيتُ فِيهَا. وَأَمَّا ٱلآنَ فَٱلْقَاتِلُونَ».
إرميا ٢: ٢٠ و٢١
ٱلْقَرْيَةُ ٱلأَمِينَةُ أي أورشليم. كانت مدينة داود موقع الهيكل وهو مسكن الله ومركز العبادة. وصارت «زانية» أي تركت الرب وتبعت الظلم والرشوة وسفك الدماء فكانت كامرأة تترك رجلها الشرعي وتتبع غيره. ولنا من ذلك أن القداسة ليست بالمكان بل بالساكنين فيه. فأورشليم كانت مدينة مقدسة لما كان أهلها مقدسين وكان الرب ساكناً فيها وتدنست بشرور أهلها وصارت كغيرها من المدن لما تركوا الرب فتركهم.
٢٢ «صَارَتْ فِضَّتُكِ زَغَلاً وَخَمْرُكِ مَغْشُوشَةً بِمَاءٍ».
إرميا ٦: ٢٨ و٣٠ وحزقيال ٢٢: ١٨ و١٩
صَارَتْ فِضَّتُكِ الخ أشار بهذا إلى تمرّغها بالمعاصي بزغلها الفضة ومزج الخمر بالماء.
٢٣ «رُؤَسَاؤُكِ مُتَمَرِّدُونَ وَلُغَفَاءُ ٱللُّصُوصِ. كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُحِبُّ ٱلرَّشْوَةَ وَيَتْبَعُ ٱلْعَطَايَا. لاَ يَقْضُونَ لِلْيَتِيمِ، وَدَعْوَى ٱلأَرْمَلَةِ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِمْ».
هوشع ٩: ١٥ أمثال ٢٩: ٢٤ إرميا ٢٢: ١٧ وحزقيال ٢٢: ١٢ وهوشع ٤: ١٨ وميخا ٣: ١١ و٧: ٣ إرميا ٥: ٢٨ وزكريا ٧: ١٠
رُؤَسَاؤُكِ مُتَمَرِّدُونَ صرّح بخطايا رؤسائها ومن جملتها عدم التفاتهم إلى اليتيم والأرملة.
وَلُغَفَاءُ ٱللُّصُوصِ جمع لغيف وهو من يأكل مع اللصوص ويحفظ ثيابهم ولا يسرق معهم.
٢٤ «لِذٰلِكَ يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ عَزِيزُ إِسْرَائِيلَ: آهِ! إِنِّي أَسْتَرِيحُ مِنْ خُصَمَائِي وَأَنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِي».
تثنية ٢٨: ٦٣ وحزقيال ٥: ١٣
لِذٰلِكَ ما عمله الرب لم يعمله بلا سبب ولا لأنه تغيّر في مقاصده بل عمله بسبب خطايا شعبه والتغيير فيهم. وجاء الاسم «عزيز إسرائيل أو يعقوب» في الكتاب المقدس ست مرات فقط (ص ٤٩: ٢٦ و٦٠: ١٦ وتكوين ٤٩: ٢٤ ومزمور ١٣٢: ٢ و٥). وقدرته ظهرت في انتقامه من أعدائه وفي خلاص شعبه والخصماء والأعداء هم الأشرار بين بني إسرائيل المذكورين في (ع ١٠ و٢٣). والرب يستريح منهم أي لا يحتملهم بعد. ولا نتعجب من غضبه بل من طول أناته لأنه كان قد احتملهم زماناً طويلاً.
٢٥ «وَأَرُدُّ يَدِي عَلَيْكِ، وَأُنَقِّي زَغَلَكِ كَأَنَّهُ بِٱلْبَوْرَقِ، وَأَنْزِعُ كُلَّ قَصْدِيرِكِ».
إرميا ٦: ٢٩ و٩: ٧ وملاخي ٣: ٣
وَأَرُدُّ يَدِي الرب انتقم من أعدائه قصد خلاص شعبه وغايته بكل تأديبه لذلك الشعب الخير والبنيان لا الهلاك والدمار.
بِٱلْبَوْرَقِ البورق هنا النطرون وهو مادة تستعمل لتنقية الفضة والذهب ونحوهما من الزغل.
٢٦ «وَأُعِيدُ قُضَاتَكِ كَمَا فِي ٱلأَوَّلِ وَمُشِيرِيكِ كَمَا فِي ٱلْبَدَاءَةِ. بَعْدَ ذٰلِكَ تُدْعَيْنَ مَدِينَةَ ٱلْعَدْلِ، ٱلْقَرْيَةَ ٱلأَمِينَةَ».
إرميا ٣٣: ٧ زكريا ٨: ٣
وَأُعِيدُ قُضَاتَكِ الخ هذا تفسير ما في (ع ٢٥) أي أنه يعزل الحكام والقضاة وكل رجال الحكومة الظالمين الخائنين ويقيم مكانهم من هم أهل العدل والأمانة والصدق ويطّهر الأمة ورؤساءها ويردّهم إلى حالهم الأول. وتتميم هذا الوعد كان جزئياً في زمان زربابل وعزرا والمكابيين ويكون تماماً في الكنيسة المسيحية.
٢٧ «صِهْيَوْنُ تُفْدَى بِٱلْحَقِّ وَتَائِبُوهَا بِٱلْبِرِّ».
صِهْيَوْنُ تُفْدَى بِٱلْحَقِّ الخ أي الحق يظهر حين ينتقم الله من الأشرار ويثبت بر الله حين يوفي بمواعيده للتائبين من صهيون.
٢٨ «وَهَلاَكُ ٱلْمُذْنِبِينَ وَٱلْخُطَاةِ يَكُونُ سَوَاءً، وَتَارِكُو ٱلرَّبِّ يَفْنَوْنَ».
أيوب ٣١: ٣ ومزمور ١: ٦ و٥: ٦ و٧٣: ٢٧ و٩٢: ٩ و١٠٤: ٣٥
هَلاَكُ ٱلْمُذْنِبِينَ وَٱلْخُطَاةِ يَكُونُ سَوَاءً في وقت واحد مع التطهير بواسطة التأديب المذكور في الآيات الثلاث السابقة أي أن الله في وقت واحد يطهّر بعضهم ويهلك الباقين فيكون عقاب الأشرار بمنزلة امتحان للأخيار يؤول إلى تطهيرهم.
٢٩ «لأَنَّهُمْ يَخْجَلُونَ مِنْ أَشْجَارِ ٱلْبُطْمِ ٱلَّتِي ٱشْتَهَيْتُمُوهَا وَتُخْزَوْنَ مِنَ ٱلْجَنَّاتِ ٱلَّتِي ٱخْتَرْتُمُوهَا».
ص ٥٧: ٥ ص ٦٥: ٣ و٦٦: ١٧
لأَنَّهُمْ يَخْجَلُونَ مِنْ أَشْجَارِ ٱلْبُطْمِ الخ أي أن الأشرار متى خابت آمالهم من الأوثان التي استندوا عليها وتحققوا أنها لا تقدر أن تخلصهم من يد الله وإنها باطلة وعدم. يخزون ويخجلون من الأشجار والجنات التي عبدوا تلك الأوثان تحت ظلها. وعبادة الأوثان تحت الأشجار وفي الجنات تظهر من أماكن كثيرة في الكتاب المقدس (انظر إشعياء ٦٥: ٣ و٦٦: ١٧ وحزقيال ٦: ١٣ وهوشع ٤: ١٣).
٣٠ «لأَنَّكُمْ تَصِيرُونَ كَبُطْمَةٍ قَدْ ذَبُلَ وَرَقُهَا وَكَجَنَّةٍ لَيْسَ لَهَا مَاءٌ».
لأَنَّكُمْ تَصِيرُونَ كَبُطْمَةٍ قَدْ ذَبُلَ وَرَقُهَا وَكَجَنَّةٍ لَيْسَ لَهَا مَاءٌ لما ذكر الأشجار والجنات في (ع ٢٩) عبّر عن أحوالهم المستقبلة بهذه التشبيهات على طريق المناسبة.
٣١ «وَيَصِيرُ ٱلْقَوِيُّ مَشَاقَةً، وَعَمَلُهُ شَرَاراً، فَيَحْتَرِقَانِ كِلاَهُمَا مَعاً وَلَيْسَ مَنْ يُطْفِئُ».
حزقيال ٣٢: ٢١ ص ٤٣: ١٧
يَصِيرُ ٱلْقَوِيُّ أي الرؤساء الذين تقدم ذكرهم في (ع ٢٦).
مَشَاقَةً في النار. أي يضمحلون سريعاً كما تضمحل المشاقة وهي ما يبقى بعد مشط الكتان ويصلح لإيقاد النار.
وَعَمَلُهُ شَرَاراً، فَيَحْتَرِقَانِ كِلاَهُمَا مَعاً لعل المراد بعمله الأصنام التي عملوها بدليل الإشارة إليها وإلى عبادتها في (ع ٢٩). وكثيراً ما يكون هلاك الخطأة بواسطة الشرور التي اشتهوها وسعوا وراءها كمن يترك الله لأجل المال وبعدما ينال المال يجده تعباً وتجربة لبيته ولنفسه أو من يتبع لذات العالم ويجدها مراراً وليس فيها لذة حقيقية لا للجسد ولا للنفس ومن يفضل مجد الناس على مجد الله فيكون نصيبه الإهانة والاحتقار من الناس.
وَلَيْسَ مَنْ يُطْفِئُ أي لا يكون لها منقذ ولا معين.
فوائد للوعاظ
الأولى: البنين العصاة (ع ٢)
- إن البنين العصاة كافرون بالنعمة أي غير شاكرين عليها فإن الله خلّصنا ويحفظنا ويحبنا وبذل ابنه لأجلنا.
- إن البنين العصاة جهلاء فلا يعرفون مصلحتهم وليسوا قادرين على مقاومة الله فالبهائم أحكم منهم.
- إن عصيان البنين ناتج عن حب الذات والكبرياء والقلب الشرير وعدم الإيمان بالآخرة فعلى العصاة أن يرجعوا إلى الطاعة ويسمعوا كلام أبيهم فعنده المغفرة.
الثانية: لماذا لي كثرة ذبائحكم (ع ١١)
- إنه كثيراً ما يكسل الذين يبالغون في حفظ الرسوم الخارجية عن حسن السلوك والتقوى القلبية.
- إن الله لا يُغش فإنه ينظر إلى القلب ويعرف أفكار الناس وغاياتهم والتقدمة بالباطلة إهانة له لأنها تنزله منزلة من لا يعرف ولا يميّز.
- إن الله قدوس فيسر بالحق في الباطن وبالسلوك الكامل.
الثالثة: كيف صارت القرية الأمينة زانية (ع ٢١) أي كيف تركت الكنيسة محبتها الأولى. إنها تركتها على ما يأتي:
- مرور الأيام. فإن الإنسان إذا اعتاد المواعظ والاجتماعات الروحية لم تلذ له كالأول حين كان كل شيء جديداً عنده وكثيراً ما يكون الحديث في الإيمان والصغير السن غيوراً أكثر من المتقدم.
- هموم العالم وغرور الغنى. المسيحي يلهو بأمور هذه الحياة وحين يكثر المال والأملاك والأعمال والتنزهات والزيارات لا يبقى له وقت ولا ميل إلى الروحيات وأحياناً يكون الفقير بما للجسد غنياً بما لله.
- التهامل في عمل الخير. تأتي فرص للخدمة للمرضى والفقراء وفرص لتبشير الضالين فالضمير ينبه الإنسان على استغنام هذه الفرص ولكنه يهمل الفرصة وهكذا يقسي قلبه وبالتدريج يموّت ضميره.
ومن يريد أن يصلح هذه الحال التعيسة فعليه أن يأتي:
- أن يطلب النمو الدائم في معرفة كتاب الله.
- أن يطلب أولاً ملكوت الله ولا يسمح للعالم أن يأخذ المكان الأول في قلبه.
- أن يسمع لصوت الضمير ويطيعه حالاً ولا يرجع عن طاعته.
السابق |
التالي |