سفر هوشع

سفر هوشع | 14 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر هوشع

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ

١ – ٣ «١ اِرْجِعْ يَا إِسْرَائِيلُ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لأَنَّكَ قَدْ تَعَثَّرْتَ بِإِثْمِكَ. ٢ خُذُوا مَعَكُمْ كَلاَماً وَٱرْجِعُوا إِلَى ٱلرَّبِّ. قُولُوا لَهُ: ٱرْفَعْ كُلَّ إِثْمٍ وَٱقْبَلْ حَسَناً، فَنُقَدِّمَ عُجُولَ شِفَاهِنَا. ٣ لاَ يُخَلِّصُنَا أَشُّورُ. لاَ نَرْكَبُ عَلَى ٱلْخَيْلِ، وَلاَ نَقُولُ أَيْضاً لِعَمَلِ أَيْدِينَا: آلِهَتَنَا. إِنَّهُ بِكَ يُرْحَمُ ٱلْيَتِيمُ».

ص ٦: ١ و١٠: ١٢ و١٢: ٦ ص ٤: ٨ و٥: ٥ و٩: ٧ ميخا ٧: ١٨ و١٩ ص ٦: ٦ ومزمور ٥١: ١٦ و١٧ ص ٥: ١٣ إشعياء ٣١: ١ ص ٨: ٦ و١٣: ٢ ص: ٤: ١٢ مزمور ٦٨: ٥

يدعو الرب إسرائيل إلى التوبة والرجوع إليه. وتدل الألفاظ على محبته لشعبه فإنه لا يزال يسميهم إسرائيل ويسمي نفسه إلههم ويذكرهم أنهم تعثروا بإثمهم لا بسبب من الرب لأنه لا يشاء أن يهلك الناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. وبذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به. بهذا السفر كثير من الإنذار والتهديد الهائل ولكن لا يختمه النبي إلا بعد دعوة جديدة للتوبة ووعد بغفران.

خُذُوا مَعَكُمْ كَلاَماً (ع ٢) كلام التضرع والاعتراف والوعد بطاعة جديدة. وكلام صادق ومن القلب وليس فقط كلام الشفتين ولا الكلام الذي كانوا اعتادوا عليه في خدمة الصلاة والتسبيح وهو أحياناً بلا انتباه إلى المعنى. قيل في الناموس (خروج ٢٣: ١٥) «لاَ يَظْهَرُوا أَمَامِي فَارِغِينَ» وأفضل تقدمة للرب الروح المنكسرة والقلب المنسحق «أُسَبِّحُ ٱسْمَ ٱللّٰهِ بِتَسْبِيحٍ، وَأُعَظِّمُهُ بِحَمْدٍ. فَيُسْتَطَابُ عِنْدَ ٱلرَّبِّ أَكْثَرَ مِنْ ثَوْرِ بَقَرٍ ذِي قُرُونٍ وَأَظْلاَفٍ» (مزمور ٦٩: ٣٠ و٣١)

عُجُولَ شِفَاهِنَا (عبرانيين ١٣: ١٥) «ذَبِيحَةَ ٱلتَّسْبِيحِ، أَيْ ثَمَرَ شِفَاهٍ مُعْتَرِفَةٍ بِٱسْمِهِ».

لاَ يُخَلِّصُنَا أَشُّورُ (ع ٣) هذا كلام الشعب يعبرون به عن توبتهم وقصدهم بطاعة جديدة فلا يتكلون على أشور ولا على القوة العسكرية ولا على الأصنام.

٤ – ٩ «٤ أَنَا أَشْفِي ٱرْتِدَادَهُمْ. أُحِبُّهُمْ فَضْلاً، لأَنَّ غَضَبِي قَدِ ٱرْتَدَّ عَنْهُ. ٥ أَكُونُ لإِسْرَائِيلَ كَٱلنَّدَى. يُزْهِرُ كَٱلسَّوْسَنِ وَيَضْرِبُ أُصُولَهُ كَلُبْنَانَ. ٦ تَمْتَدُّ خَرَاعِيبُهُ، وَيَكُونُ بَهَاؤُهُ كَٱلزَّيْتُونَةِ، وَلَهُ رَائِحَةٌ كَلُبْنَانَ. ٧ يَعُودُ ٱلسَّاكِنُونَ فِي ظِلِّهِ يُحْيُونَ حِنْطَةً وَيُزْهِرُونَ كَجَفْنَةٍ. يَكُونُ ذِكْرُهُمْ كَخَمْرِ لُبْنَانَ. ٨ يَقُولُ أَفْرَايِمُ: مَا لِي أَيْضاً وَلِلأَصْنَامِ؟ أَنَا قَدْ أَجَبْتُ فَأُلاَحِظُهُ. أَنَا كَسَرْوَةٍ خَضْرَاءَ. مِنْ قِبَلِي يُوجَدُ ثَمَرُكِ. ٩ مَنْ هُوَ حَكِيمٌ حَتَّى يَفْهَمَ هٰذِهِ ٱلأُمُورَ وَفَهِيمٌ حَتَّى يَعْرِفَهَا؟ فَإِنَّ طُرُقَ ٱلرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ وَٱلأَبْرَارَ يَسْلُكُونَ فِيهَا. وَأَمَّا ٱلْمُنَافِقُونَ فَيَعْثُرُونَ فِيهَا».

ص ٦: ١ وإشعياء ٥٧: ١٨ صفنيا ٣: ١٧ إشعياء ١٢: ١ إشعياء ٢٦: ١٩ نشيد الأنشاد ٢: ١ ومتّى ٦: ٢٨ إشعياء ٣٥: ٢ إرميا ١١: ١٦ نشيد الأنشاد ٤: ١١ حزقيال ١٧: ٢٣ ص ٢: ٢١ و٢٢ ع ٣ وأيوب ٣٤: ٣٢ إشعياء ٤١: ١٩ حزقيال ١٧: ٢٣ مزمور ١٠٧: ٤٣ وإرميا ٩: ١٢ مزمور ١١١: ٧ و٨ وصفنيا ٣: ٥ إشعياء ٢٦: ٧ إشعياء ١: ٢٨

أَنَا أَشْفِي ٱرْتِدَادَهُمْ شبّه ارتدادهم بمرض فإنه ليس للمريض قوة للعمل ولا قابلية للأكل ولا فرح و لا رجاء ما دام المرض عاملاً في داخله وشفاء المرض الروحي هو التطهير من الخطايا السالفة وتجديد القلب الفاسد والرجوع إلى الحياة الحقيقية.

أُحِبُّهُمْ فَضْلاً يظهر فضل محبة الله بما أنها لغير المستحقين بالنعمة وليس بناء على أعمالهم.

كَٱلنَّدَى ليس كالريح الشرقية (١٣: ١٥) والبركات التي يعطيها الرب كالندى (١) لأنها منعشة كالندى (٢) لأنها تأتي الناس بالسكوت واللطافة (٣) لأنها تسقط على الناس يومياً كالندى كل ليلة (٤) لأنها تسقط على البعض كالندى على العشب دون الأماكن المحجرة (٥) لأنها تسقط على القلوب المتوجهة إلى الله كالندى على الأشياء المكشوفة. والسوسن يدل على الجمال وأرز لبنان (مزمور ٨٠: ١٠) «أَرْز ٱللّٰهِ» تدل على القوة والعظمة فتكون هاتان الصفتان متحدتين بشعب الله.

كَٱلزَّيْتُونَةِ (ع ٦) بالجمال والأثمار الجيدة. ورائحة لبنان تشبيه الأعمال الصالحة (انظر فيلبي ٤: ١٨) وصلوات القديسين (انظر رؤيا ٥: ٨).

فِي ظِلِّهِ (ع ٧) ظل إسرائيل وشعب الله في العهد الجديد كنيسة المسيح التي بظلها تحتمي الشعوب أي بظل المسيح الذي هو رأس الكنيسة ومصدر كل خير.

يُحْيُونَ حِنْطَةً يزرعون ويحصدون كأن الفلاح بعمله يحيي الحنطة.

يَقُولُ أَفْرَايِمُ (ع ٨) إنه تارك عبادة الأصنام ويقول الرب «أنا قد أجبت» أي سمع اعتراف أفرايم وقبله. «فالاحظ» أي يعتني به ويبارك عليه. والرب كسروة خضراء بالعظمة والقوة. والسروة وإن كانت كبيرة وجميلة بلا ثمر وأما الرب فكل خير منه فيقول «من قبلي يوجد ثمرك».

مَنْ هُوَ حَكِيمٌ (ع ٩) وهذه الأمور كلها بسيطة ومفهومة لذي قلب بسيط (انظر ١كورنثوس ١: ٢٦ – ٣١).

طُرُقَ ٱلرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ كل أعماله عدل وحق. وأما الإعوجاج فهو من الناس والناس لا يفهمون طرق الرب لأنهم لا يريدون أن يفهموها ولا يريدون أن يسلكوا فيها. والنبي بالختام بسط أمام الجميع طريق الأشرار وعاقبتها وطريق الأبرار وبركاتها ليختار كل إنسان لنفسه طريقه ويسلك فيها.

خلاصة تعليم هذا السفر

  1. تعليم السفر من جهة المعرفة. «هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ ٱلْمَعْرِفَةِ» (٤: ٦). كانت نسبة هوشع إلى امرأته جومر رمزاً إلى نسبة الله إلى شعبه لأن جومر لم تعرف قيمة رجلها ولا عظمة محبته لها كما أن إسرائيل لم يعرف عظمة محبة الله له وكما يشتاق الرجل إلى المحبة من امرأته هكذا يشتاق الرب إلى المحبة من شعبه. تكلم هوشع من اختباره ومن قلبه. والمعرفة المطلوبة من الشعب ليست معرفة حوادث تاريخية فقط بل معرفة قلبية التي تحتوي على الثقة والخدمة والشركة. ومما منع الإسرائيليين عن معرفة الرب إهمال الكهنة واجباتهم في تعليم الشعب وعدم المحبة من الشعب للرب والإيمان به والخضوع له التي بدونها لا يمكنهم أن يعرفوه معرفة حقيقية.
  2. تعليم السفر من جهة التوبة. خانت جومر رجلها وسقطت إلى حالة يُرثى لها ثم رجعت وقبلها رجلها وغفر لها خطيتها. والرب من فيض نعمته ألحّ على شعبه وهم في حالة تعيسة أن يرجعوا إليه ووعدهم بالغفران والمحبة التي تحمل الناس على التوبة كالابن الضال لما تذكر محبة أبيه قال «أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي» (لوقا ١٥: ١٨).
  3. تعليم السفر من جهة محبة الله لشعبه. في المحبة آلام كآلام الأم حينما تنظر ابنها المريض وآلام الأب حينما ينظر ابنه الشقي. وآلام الآب السماوي لما نظر شعبه إسرائيل وقال «قَدِ ٱنْقَلَبَ عَلَيَّ قَلْبِي. ٱضْطَرَمَتْ مَرَاحِمِي جَمِيعاً» (١١: ٨). كانت خطية الذين رفضوا هذه المحبة في زمان هوشع خطية عظيمة وما أعظم خطية الذين يرفضون محبة يسوع. بكى يسوع على أورشليم وقال «يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ، يَا قَاتِلَةَ ٱلأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ ٱلدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا» (متّى ٢٣: ٣٧).
السابق
زر الذهاب إلى الأعلى