سفر هوشع | 09 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر هوشع
للقس . وليم مارش
١ – ٦ «١ لاَ تَفْرَحْ يَا إِسْرَائِيلُ طَرَباً كَٱلشُّعُوبِ، لأَنَّكَ قَدْ زَنَيْتَ عَنْ إِلٰهِكَ. أَحْبَبْتَ ٱلأُجْرَةَ عَلَى جَمِيعِ بَيَادِرِ ٱلْحِنْطَةِ. ٢ لاَ يُطْعِمُهُمُ ٱلْبَيْدَرُ وَٱلْمِعْصَرَةُ، وَيَكْذِبُ عَلَيْهِمِ ٱلْمِسْطَارُ. ٣ لاَ يَسْكُنُونَ فِي أَرْضِ ٱلرَّبِّ بَلْ يَرْجِعُ أَفْرَايِمُ إِلَى مِصْرَ وَيَأْكُلُونَ ٱلنَّجِسَ فِي أَشُّورَ. ٤ لاَ يَسْكُبُونَ لِلرَّبِّ خَمْراً وَلاَ تَسُرُّهُ ذَبَائِحُهُمْ. إِنَّهَا لَهُمْ كَخُبْزِ ٱلْحُزْنِ. كُلُّ مَنْ أَكَلَهُ يَتَنَجَّسُ. إِنَّ خُبْزَهُمْ لِنَفْسِهِمْ. لاَ يَدْخُلُ بَيْتَ ٱلرَّبِّ. ٥ مَاذَا تَصْنَعُونَ فِي يَوْمِ ٱلْمَوْسِمِ وَفِي يَوْمِ عِيدِ ٱلرَّبِّ؟ ٦ إِنَّهُمْ قَدْ ذَهَبُوا مِنَ ٱلْخَرَابِ. تَجْمَعُهُمْ مِصْرُ. تَدْفِنُهُمْ مُوفُ. يَرِثُ ٱلْقَرِيصُ نَفَائِسَ فِضَّتِهِمْ. يَكُونُ ٱلْعَوْسَجُ فِي مَنَازِلِهِمْ».
ص ١٠: ٥ وإشعياء ٢٢: ١٢ و١٣ ص ٤: ١٢ ص ٧: ١٤ ص ٢: ٩ ع ٦ وص ٧: ١٦ و٨: ١٣ حزقيال ٤: ١٣ ص ٧: ١١ خروج ٢٩: ٤٠ ص ٥: ٦ و٨: ١٣ حجي ٢: ١٤ إشعياء ١٠: ٣ وإرميا ٥: ٣١ ص ٢: ١١ ويوئيل ١: ١٣ ع ٣ إشعياء ١٩: ١٣ وإرميا ٢: ١٦ و٤٤: ١ و٤٦: ١٤ و١٩ وحزقيال ٣٠: ١٣ و١٦ ص ١٠: ٨ وإشعياء ٥: ٦ و٧: ٢٣
حينما تأتي أيام السبي والخراب لا يكون لإسرائيل حصاد ولا بيدر ليفرحوا به حسب العادة وذلك لأنهم تركوا الرب.
أَحْبَبْتَ ٱلأُجْرَةَ تعبوا وخسروا في عبادة أصنامهم بالأمل أن آلهتهم تعطيهم مواسم جديدة فحسبوا أن الغلة المجموعة على البيدر هي أجرة تعبهم وغايتهم في عبادتهم هي الأكل لأجسادهم فقط.
يَكْذِبُ عَلَيْهِمِ ٱلْمِسْطَارُ (ع ٢) لا تعطيهم كرومهم الأثمار المنتظرة.
أَرْضِ ٱلرَّبِّ (ع ٣) أرض كنعان التي أعطاهم الرب إياها. والظاهر من سياق الكلام أن رجوعهم إلى مصر ليس بمعنى حرفي بل مجازي أي أنهم سيرجعون إلى حالتهم الأولى قبلما تعيّنوا شعب الله الخاص (انظر ٨: ١٣) وتفسيره فلا يستحقون أن يبقوا في أرض مقدسة بعدما كانوا تنجسوا بعبادة الأصنام. يأكلون النجس في أشور ولعله لا يكون نجساً بذاته بل لأنه ليس بموجب الشريعة الموسوية (لاويين ص ١١) ويلتزمون أن يأكلوا النجس لأنهم عبيد في بلاد وثنية في أرض نجسة وكل غلاتهم نجسة.
لاَ يَسْكُبُونَ لِلرَّبِّ خَمْراً (ع ٤) في بلاد السبي ستبطل التقدمات والذبائح. ولو قدموا ذبائح لا تسرّ الرب لأنها بلا صلاح (٦: ٦) وكانت بالرياء وعبادة كاذبة. وكانت كخبز الحزن (عدد ١٩: ١٤) لأن كل شيء في بيت الميت نجس ومن يأكل من خبز ذلك البيت يتنجس وخبزهم لا نفوسهم أي أنه خبز اعتيادي فقط وليس مقبولاً كتقدمة للرب. وكانت أفكارهم جسدية وأعظم غايتهم في عبادتهم غلات جيدة.
يَوْمِ ٱلْمَوْسِمِ (ع ٥) عندما تأتيهم الأعياد كعيد الفصح وعيد الخمسين وغيرها يتذكرون الأعياد التي كانوا يحفظونها في بلادهم.
ذَهَبُوا مِنَ ٱلْخَرَابِ (ع ٦) ستخرب بلادهم فيخرجون منها.
تَجْمَعُهُمْ مِصْرُ أي يجمعهم السبي والعبودية والهلاك والقبر (انظر ٨: ١٠) ومصر مذكورة مجازاً (انظر ٨: ١٣) وموف أو نوف (انظر إشعياء ١٩: ١٣ وإرميا ٢: ١٦) قريبة من مدينة القاهرة واشتهرت بأبنيتها ومقبرتها العظيمة. والجملة «تدفنهم موف» تتمة الجملة السابقة «تجمعهم مصر» أي «تجمعهم موف في مقبرتها».
٧ – ٩ «٧ جَاءَتْ أَيَّامُ ٱلْعِقَابِ. جَاءَتْ أَيَّامُ ٱلْجَزَاءِ. سَيَعْرِفُ إِسْرَائِيلُ. اَلنَّبِيُّ أَحْمَقُ. إِنْسَانُ ٱلرُّوحِ مَجْنُونٌ مِنْ كَثْرَةِ إِثْمِكَ وَكَثْرَةِ ٱلْحِقْدِ. ٨ أَفْرَايِمُ مُنْتَظَرٌ عِنْدَ إِلٰهِي. اَلنَّبِيُّ فَخُّ صَيَّادٍ عَلَى جَمِيعِ طُرُقِهِ. حِقْدٌ فِي بَيْتِ إِلٰهِهِ. ٩ قَدْ تَوَغَّلُوا، فَسَدُوا كَأَيَّامِ جِبْعَةَ. سَيَذْكُرُ إِثْمَهُمْ. سَيُعَاقِبُ خَطَايَاهُمْ».
إشعياء ١٠: ٣ وإرميا ١٠: ١٥ وميخا ٧: ٤ إشعياء ٣٤: ٨ وإرميا ١٦: ١٨ و٢٥: ١٤ مراثي ٢: ١٤ وحزقيال ١٣: ٣ و١٠ إشعياء ٤٤: ٢٥ حزقيال ١٤: ٩ و١٠ ص ٥: ١ وأمثال ٢٩: ٥ و ٦ إشعياء ٣١: ٦ ص ٥: ٨ و١٠: ٩ وقضاة ١٩: ١٢ ص ٧: ٢ و٨: ١٣
جَاءَتْ أَيَّامُ ٱلْعِقَابِ الأيام التي كانوا قالوا عنها أنها لا تأتيهم (انظر إشعياء ٢٨: ١٥).
سَيَعْرِفُ إِسْرَائِيلُ لم يصدقوا النبوة ولكنهم في أيام العقاب لا يمكنهم أن ينكروا الشر الواقع فيقولون «النبي أحمق» فإنه كان يطمنهم ويتنبأ بالسلام وكذلك الإنسان الذي كان يدعي الوحي سيقولون إنه مجنون. وكثرة الحقد أما حقدهم بعضهم على بعض أو حقدهم على الرب.
أَفْرَايِمُ مُنْتَظَرٌ عِنْدَ إِلٰهِي (ع ٨) بموجب ترجمتنا هوشع هو النبي الحقيقي فيقول إن الله الرب هو إلهه وأفرايم أي الشعب منتظر أن ناظرين إليه ليعرفوا كلام الرب بواسطته ولكن النبي الكذاب الأحمق (ع ٧) هو كفخ صياد على جميع طرق الشعب فصار حقد في بيت إلهه أي مقاومة شديدة لكلام الرب في أرض إسرائيل وهي مسكن الرب. وفي الترجمة اليسوعية «إن النبي رقيب أفرايم عند إلهي قد صار فخ صياد على جميع طرقه وحنقاً في بيت إلهي» والمعنى أن النبي (أي النبي الأحمق في ع ٧) الذي يجب أن يكون رقيب أفرايم عند إلهي (أي إله هوشع المتكلم) قد صار فخ صياد على جميع طرق الشعب وحنقاً أي مقاوماً شديداً في بيت إلهه أي في أرض إسرائيل المقدسة وهي مسكن إله إسرائيل. ويقول أكثر المفسرين إن رقيب أفرايم هو هوشع وهو عند إلهه (انظر إشعياء ٨: ١١) وأما أفرايم فوضعوا فخ صياد على جميع طرقه وحقدوا عليه حقداً شديداً وهذا التفسير يوافق القرينة أكثر من غيره.
كَأَيَّامِ جِبْعَةَ (ع ٩) (انظر قضاة ص ١٩ و٢٠) من جهة عظمة خطاياهم ومن جهة العقاب.
سَيَذْكُرُ إِثْمَهُمْ في أيام جبعة انتصر البنيامينيون أول يوم وثاني يوم ولكنهم انكسروا في اليوم الثالث وسقط منهم خمسة وعشرون ألف رجل ولم يبق إلا ست مئة وهكذا سيذكر الرب إثم أفرايم وإن كانوا قد نجوا في الزمان الحاضر.
١٠ – ١٤ «١٠ وَجَدْتُ إِسْرَائِيلَ كَعِنَبٍ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. رَأَيْتُ آبَاءَكُمْ كَبَاكُورَةٍ عَلَى تِينَةٍ فِي أَوَّلِهَا. أَمَّا هُمْ فَجَاءُوا إِلَى بَعْلِ فَغُورَ، وَنَذَرُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْخِزْيِ، وَصَارُوا رِجْساً كَمَا أَحَبُّوا. ١١ أَفْرَايِمُ تَطِيرُ كَرَامَتُهُمْ كَطَائِرٍ مِنَ ٱلْوِلاَدَةِ وَمِنَ ٱلْبَطْنِ وَمِنَ ٱلْحَبَلِ. ١٢ وَإِنْ رَبَّوْا أَوْلاَدَهُمْ أُثْكِلُهُمْ إِيَّاهُمْ حَتَّى لاَ يَكُونَ إِنْسَانٌ. وَيْلٌ لَهُمْ أَيْضاً مَتَى ٱنْصَرَفْتُ عَنْهُمْ. ١٣ أَفْرَايِمُ كَمَا أَرَى مِثْلُ صُورٍ مَغْرُوسٌ فِي مَرْعىً، وَلَكِنَّ أَفْرَايِمَ سَيُخْرِجُ بَنِيهِ إِلَى ٱلْقَاتِلِ. ١٤ أَعْطِهِمْ يَا رَبُّ. مَاذَا تُعْطِي؟ أَعْطِهِمْ رَحِماً مُسْقِطاً وَثَدْيَيْنِ يَبِسَيْنِ».
ميخا ٧: ١ إرميا ٢٤: ٢ عدد ٢٥: ١ – ٣ ص ٤: ١٨ وإرميا ١١: ١٣ حزقيال ٢٠: ٨ ص ٤: ٧ و١٠: ٥ ع ١٤ وص ٤: ١٠ ع ١٦ ص ٧: ١٣ حزقيال ٢٧: ٣ و٤ ع ١١
كَعِنَبٍ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ سرَّ الرب بشعبه لما اختارهم كما يسرُّ الإنسان إذا وجد عنباً في البرية أو يسرُّ في باكورة التين (انظر تثنية ٣٢: ١٠) وبالأول سرّ إسرائيل بالرب إذ رنموا له تسبيحاً لما خرجوا من مصر ووعدوه بالمحبة والطاعة وأما هم فجاءوا إلى بعل فغور (انظر عدد ٢٥: ٣) ونذروا نفوسهم للخزي أي عملوا قبائح في عبادة الأصنام كعادة الوثنيين وصاروا رجساً كآلهتهم الرجسة.
تَطِيرُ كَرَامَتُهُمْ (ع ١١) كل خيراتهم التي افتخروا بها ولا سيما أولادهم فنساؤهم لا يلدن ولا يحملن ولا يحبلن.
مَتَى ٱنْصَرَفْتُ عَنْهُمْ الله مصدر كل خير ومتى انصرف عنهم ينقطع عنهم كل خير جسدي وروحي.
مِثْلُ صُورٍ (ع ١٣) الصور هو قرن يُنفخ به (انظر مزمور ٩٨: ٦) «بِٱلأَبْوَاقِ وَصَوْتِ ٱلصُّورِ ٱهْتِفُوا» كان عاموس معاصراً هوشع وذكر خطايا إسرائيل الفظيعة وعبادتهم الريائية وغضب الرب عليهم والوعيد بالعقاب قائلاً (عاموس ٦: ٥ و٧) «ٱلْهَاذِرُونَ مَعَ صَوْتِ ٱلرَّبَابِ، ٱلْمُخْتَرِعُونَ لأَنْفُسِهِمْ آلاَتِ ٱلْغِنَاءِ كَدَاوُدَ… لِذٰلِكَ ٱلآنَ يُسْبَوْنَ فِي أَوَّلِ ٱلْمَسْبِيِّينَ» وقال الرب في هوشع إنه رأى أفرايم كصور أي كآلة كانت مقدسة في تسبيح الرب ولكنها تدنست في الهذر والسكر. وكان أفرايم مثمراً كاسمه وهو مغروس (أو كمغروس) في مرعى ولكنه سيخرج بنيه إلى القاتل. وبالترجمة اليسوعية «إن أفرايم كما رأيت مثل صور (مدينة صور) المغروسة في مرتع ولكن أفرايم سيخرج بنيه إلى القاتل» وهكذا الترجمة الإنكليزية وغيرها. وأكثر المفسرين يفضلون ما في الترجمة السبعينية وهو بالمعنى «أفرايم كما أرى سيخرج بنيه للصيد» أي سيُقتلون كصيد الصياد. ويُظن أن كلمة «صور» في العبرانية غلط من ناسخ والصواب «صيد» لأن بالعبرانية مشابهة بين لفظة «صور» ولفظة «صيد». والكلمات «مغروس في مرعى» متروكة بالترجمة السبعينية.
أَعْطِهِمْ رَحِماً مُسْقِطاً (ع ١٤) بما أن أفرايم سيخرج بنيه إلى القاتل كان أحسن له أن لا يأتيه بنون كما قال يسوع في يهوذا الاسخريوطي «كَانَ خَيْراً لِذٰلِكَ ٱلرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ» (مرقس ١٤: ٢١).
١٥ – ١٧ «١٥ كُلُّ شَرِّهِمْ فِي ٱلْجِلْجَالِ. إِنِّي هُنَاكَ أَبْغَضْتُهُمْ. مِنْ أَجْلِ سُوءِ أَفْعَالِهِمْ أَطْرُدُهُمْ مِنْ بَيْتِي. لاَ أَعُودُ أُحِبُّهُمْ. جَمِيعُ رُؤَسَائِهِمْ مُتَمَرِّدُونَ. ١٦ أَفْرَايِمُ مَضْرُوبٌ. أَصْلُهُمْ قَدْ جَفَّ. لاَ يَصْنَعُونَ ثَمَراً. وَإِنْ وَلَدُوا أُمِيتُ مُشْتَهَيَاتِ بُطُونِهِمْ. ١٧ يَرْفُضُهُمْ إِلٰهِي لأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا لَهُ، فَيَكُونُونَ تَائِهِينَ بَيْنَ ٱلأُمَمِ».
ص ٤: ١٥ و١٢: ١١ ص ٤: ٩ و٧: ٢ و١٢: ٢ ص ٥: ٢ ٥: ١١ ص ٨: ٧ ع ١٢ حزقيال ٢٤: ٢١ ص ٤: ١١ ص ٧: ١٣
ٱلْجِلْجَالِ (انظر ٤: ١٥) صارت الجلجال مركزاً للعبادة الوثنية. ويقول الرب بالتشديد «إني هناك أبغضتهم» لأن الجلجال التي دنسوها بعبادتهم كانت مكان الفصح الأول بعد دخولهم أرض كنعان ومكان تجديد عهد الختان (يشوع ٤: ١٩ – ٥: ٩).
أَطْرُدُهُمْ مِنْ بَيْتِي (انظر ٨: ١) كانت أرض إسرائيل بيت الرب لأن مسكنه فيها وإسرائيل شعبه الخاص.
لاَ أَعُودُ أُحِبُّهُمْ الله محبة ولكن شعبه رفض محبته. والقول موجّه إلى مملكة إسرائيل ولا يمنع رجوع البعض أفراداً بالتوبة وقبولهم.
أَصْلُهُمْ قَدْ جَفَّ (ع ١٦) إذا جف الأصل ينقطع كل أمل فلا ينبت منه غصن كما نبت من أصول يسّى (انظر إشعياء ١١: ١).
يَرْفُضُهُمْ إِلٰهِي (ع ١٧) لا يقول إلههم لأنهم مرفوضون. وتاهوا بين الأمم وهم اليوم مشتتون في كل ممالك العالم غير أنهم لا يختلطون مع الأمم.
السابق |
التالي |