سفر هوشع

سفر هوشع | 04 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر هوشع

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ

١ – ٣ «١ اِسْمَعُوا قَوْلَ ٱلرَّبِّ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ: إِنَّ لِلرَّبِّ مُحَاكَمَةً مَعَ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ، لأَنَّهُ لاَ أَمَانَةَ وَلاَ إِحْسَانَ وَلاَ مَعْرِفَةَ ٱللّٰهِ فِي ٱلأَرْضِ. ٢ لَعْنٌ وَكَذِبٌ وَقَتْلٌ وَسِرْقَةٌ وَفِسْقٌ. يَعْتَنِفُونَ، وَدِمَاءٌ تَلْحَقُ دِمَاءً. ٣ لِذٰلِكَ تَنُوحُ ٱلأَرْضُ وَيَذْبُلُ كُلُّ مَنْ يَسْكُنُ فِيهَا مَعَ حَيَوَانِ ٱلْبَرِّيَّةِ وَطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ، وَأَسْمَاكِ ٱلْبَحْرِ أَيْضاً تَنْتَزِعُ».

ص ٥: ١ ص ١٢: ٢ وميخا ٦: ٢ إشعياء ٥٩: ٤ وإرميا ٧: ٢٨ ص ٦: ٦ ع ٦ وص ٥: ٤ ص ١٠: ٤ ص ٧: ٣ و١٠: ١٣ و١١: ١٢ ص ٦: ٩ ص ٧: ١ص ٧: ٤ ص ٦: ٨ و١٢: ١٤ إشعياء ٢٤: ٤ و٣٣: ٩ إرميا ٤: ٢٥

هذا الأصحاح أول القسم الثاني من هذه النبوة الذي فيه تُذكر خطايا إسرائيل بالتفصيل وبيّن النبي أول كل شيء أن كلامه هو كلام الرب. ونستنتج من مضمون هذه الأصحاحات أن الملك يربعام الثاني كان مات ويدل الكلام على الفساد الأدبي والروحي (انظر ٢ملوك ١٥: ٨ – ٣١) وفي هذه المحاكمة الرب هو المدّعي والقاضي أيضاً. وييأس النبي عندما ينظر إلى أحوال الشعب لأنه لم يرَ شيئاً في الأرض من الصلاح. وأصل هذه الشرور عدم معرفة الله. كانوا اعتمدوا على الطقوس الجسدية كالتقدمات والذبائح وحفظ الأعياد دون العبادة الروحية و اعتمدوا على كهنتهم دون النظر إلى الرب وأحبوا ما يوافق شهواتهم لا ما يأمر بضبطها وكانوا ينظرون إلى القوى الطبيعية كالشمس والمطر وخصب الأرض وتكثير النسل من البهائم ومن الناس ونسوا الله الذي منه نواميس الطبيعة. سجدوا لآلهة نجسة وصاروا مثلها (انظر مزمور ١١٥: ٨). «دماء» بالجمع (ع ٢) تدل على كثرة سفك الدم وسفكه المتواصل.

تَنُوحُ ٱلأَرْضُ (ع ٣) (انظر يوئيل ص ١ و٢) الأرض التي أعطاهم الله إياها وهي أرض جيدة تفيض لبناً وعسلاً وأما هذه الأرض الجيدة فصارت تفيض لعنة وكذباً وقتلاً وسرقة وفسقاً.

٤ – ١٠ «٤ وَلَكِنْ لاَ يُحَاكِمْ أَحَدٌ وَلاَ يُعَاتِبْ أَحَدٌ. وَشَعْبُكَ كَمَنْ يُخَاصِمُ كَاهِناً. ٥ فَتَتَعَثَّرُ فِي ٱلنَّهَارِ وَيَتَعَثَّرُ أَيْضاً ٱلنَّبِيُّ مَعَكَ فِي ٱللَّيْلِ، وَأَنَا أَخْرِبُ أُمَّكَ. ٦ قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ ٱلْمَعْرِفَةِ. لأَنَّكَ أَنْتَ رَفَضْتَ ٱلْمَعْرِفَةَ أَرْفُضُكَ أَنَا حَتَّى لاَ تَكْهَنَ لِي. وَلأَنَّكَ نَسِيتَ شَرِيعَةَ إِلٰهِكَ أَنْسَى أَنَا أَيْضاً بَنِيكَ. ٧ عَلَى حَسْبَمَا كَثُرُوا هٰكَذَا أَخْطَأُوا إِلَيَّ، فَأُبْدِلُ كَرَامَتَهُمْ بِهَوَانٍ. ٨ يَأْكُلُونَ خَطِيَّةَ شَعْبِي وَإِلَى إِثْمِهِمْ يَحْمِلُونَ نُفُوسَهُمْ. ٩ فَيَكُونُ كَمَا ٱلشَّعْبُ هٰكَذَا ٱلْكَاهِنُ. وَأُعَاقِبُهُمْ عَلَى طُرُقِهِمْ وَأَرُدُّ أَعْمَالَهُمْ عَلَيْهِمْ. ١٠ فَيَأْكُلُونَ وَلاَ يَشْبَعُونَ، وَيَزْنُونَ وَلاَ يَكْثُرُونَ، لأَنَّهُمْ قَدْ تَرَكُوا عِبَادَةَ ٱلرَّبِّ».

حزقيال ٣: ٢٦ وعاموس ٥: ١٠ و١٣ تثنية ١٧: ١٢ ص ٥: ٥ وحزقيال ١٤: ٣ و٧ ص ٢: ٢ و٥ ع ١ وص ٥: ٤ ملاخي ٢: ٧ و٨ ع ١٤ وزكريا ١١: ٨ و٩ و١٥ – ١٧ ص ٢: ١٣ و٨: ١٤ و١٣: ٦ ص ٨: ١ و١٢ ص ١٠: ١ و١٣: ٦ حبقوق ٢: ١٦ ع ١٨ ص ١٠: ١٣ إشعياء ٥٦: ١١ وميخا ٣: ١١ إشعياء ٢٤: ٢ وإرميا ٥: ٣١ ص ٨: ١٣ و٩: ٩ لاويين ٢٦: ٢٦ وإشعياء ٦٥: ١٣ وميخا ٦: ١٤ ص ٧: ٤ ص ٩: ١٧

لاَ يُحَاكِمْ أَحَدٌ أي جميع الناس مشتركون بهذه الخطايا أو ساكتون عنها. والكهنة أهملوا واجباتهم ولم يعلّموا الشعب ولا حذروهم فكان الشعب عديم المعرفة وبقوله «شعبك» يخاطب النبي الكهنة بالإجمال ويعاتبهم.

كَمَنْ يُخَاصِمُ كَاهِناً كان الزمان زمان تشويش سياسي وروحي لم يطيعوا الملك ولا اعتبروا الكاهن بل كانوا يخاصمونه.

فَتَتَعَثَّرُ فِي ٱلنَّهَارِ (ع ٥) أي الكاهن ويتعثر النبي أيضاً معه في الليل أي يتعثران دائماً نهاراً وليلاً في النور وفي الظلام «وأمك» هي شعب إسرائيل وهلك الشعب لأن كاهنهم لم يعلّمهم فرفضه الرب فلا يكهن له. وكان ذلك في مدة السبي. ورؤساء الكهنة رفضوا يسوع فرفضهم الله إذ خرب الهيكل وطقوسه. وأما شعب الله المؤمنون بالمسيح فصاروا كلهم كهنة لله (انظر ١بطرس ٢: ٩ ورؤيا ١: ٦) وأما الشعب فكان عليهم مسؤولية أيضاً فإنهم أحبوا الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة.

لأَنَّكَ نَسِيتَ شَرِيعَةَ إِلٰهِكَ (ع ٦) النسيان علامة الاحتقار فإن الناس ينسون ما ليس له قيمة في عيونهم.

أَنْسَى أَنَا أَيْضاً بَنِيكَ كابني الكاهن عالي (انظر ١صموئيل ٣: ١١ – ١٤) والمخاطب هنا الكهنة بالإجمال وينساهم الرب إذ يتركهم ويقطع عنهم بركاته.

عَلَى حَسْبَمَا كَثُرُوا (ع ٧) كثر طالبو الكهنوت في زمان يربعام (انظر ١ملوك ١٢: ٣١) طمعاً في المكسب والتسلط على الشعب. للكهنة الأمناء كرامة ووظيفتهم مقدسة لأنهم خدمة الرب ويتكلمون بكلامه ولكن تُبدل كرامتهم بالهوان لأنهم تركوا الرب.

يَأْكُلُونَ خَطِيَّةَ شَعْبِي (ع ٨) أي ذبيحة الخطية حسب الناموس (انظر لاويين ٦: ٢٤ – ٢٦) ونستنتج أن الكهنة المذكورين كانوا راضين بخطايا الشعب لكي يربحوا من تقدماتهم (انظر حزقيال ص ٣٤ و١صموئيل ٢: ١٢ – ١٧) فحملوا نفوسهم إلى إثمهم أي الكهنة حملوا نفوسهم إلى إثم الشعب (انظر مزمور ٢٤: ٤).

كَمَا ٱلشَّعْبُ هٰكَذَا ٱلْكَاهِنُ (ع ٩) لا يخلص الكاهن نفسه بادعاءه بأنه رجل مقدس. يأكل الكهنة ولا يشبعون (ع ١٠) لانهم كانوا تركوا خدمة الرب طمعاً في معاش ولا يحصلون عليه وزنوا طمعاً في عدم العقاب ولكنهم يعاقبون في بيوتهم وفي نسلهم.

١١ – ١٤ «١١ اَلزِّنَى وَٱلْخَمْرُ وَٱلسُّلاَفَةُ تَخْلِبُ ٱلْقَلْبَ. ١٢ شَعْبِي يَسْأَلُ خَشَبَهُ وَعَصَاهُ تُخْبِرُهُ، لأَنَّ رُوحَ ٱلزِّنَى قَدْ أَضَلَّهُمْ فَزَنَوْا مِنْ تَحْتِ إِلٰهِهِمْ. ١٣ يَذْبَحُونَ عَلَى رُؤُوسِ ٱلْجِبَالِ وَيُبَخِّرُونَ عَلَى ٱلتِّلاَلِ تَحْتَ ٱلْبَلُّوطِ وَٱللُّبْنَى وَٱلْبُطْمِ لأَنَّ ظِلَّهَا حَسَنٌ! لِذٰلِكَ تَزْنِي بَنَاتُكُمْ وَتَفْسِقُ كَنَّاتُكُمْ. ١٤ لاَ أُعَاقِبُ بَنَاتِكُمْ لأَنَّهُنَّ يَزْنِينَ وَلاَ كَنَّاتِكُمْ لأَنَّهُنَّ يَفْسِقْنَ. لأَنَّهُمْ يَعْتَزِلُونَ مَعَ ٱلزَّانِيَاتِ وَيَذْبَحُونَ مَعَ ٱلنَّاذِرَاتِ ٱلزِّنَى. وَشَعْبٌ لاَ يَعْقِلُ يُصْرَعُ».

ص ٥: ٤ إشعياء ٥: ١٢ و٢٨: ٧ إشعياء ٤٤: ١٩ وإرميا ٢: ٢٧ ص ٥: ٤ ص ٩: ١ إرميا ٣: ٦ ص ٢: ١٣ و١١: ٢ إرميا ٢: ٢٠ ع ١٨ وص ٧: ٤ تثنية ٢٣: ١٧ ع ٦ و١١ وص ٥: ٤

تَخْلِبُ ٱلْقَلْبَ (انظر إشعياء ٢٨: ٧ – ١٠) الخطايا المذكورة كوحوش مفترسة ذوات مخالب تمزق اللحم. وهاتان الخطيتان أكثر من غيرهما تثقلان الآذان وتطمسان العيون وتغلظان القلب وتميتان الحواس الروحية فلا يبصرون ولا يسمعون ولا يفهمون بل هم كبهائم بكم.

شَعْبِي يَسْأَلُ خَشَبَهُ (ع ١٢) جعلوا خشباً في مكان إلههم. وكانوا يوقفون عصاً ثم يتركونها ليروا إلى أية جهة تقع فيستدلون على الطريق الموافق. وزنوا من تحت إلههم أي خرجوا من الخضوع للرب كجومر التي تركت رجلها.

رُؤُوسِ ٱلْجِبَالِ (ع ١٣) سجدوا في المرتفعات للآلهة الوثنية وأحياناً للرب أيضاً. وكانوا يؤلهون القوى الطبيعية ولا سيما الاستثمار والتوليد وكانت هذه العبادة مقترنة بأعمال قبيحة كالزنى والسكر والناذرات الزنى (ع ١٤) هن المخصصات للزنى في هذه المعابد وكن يحسبن ذلك فضيلة لأن أجرتهن مقدسة للصنم. وظل الأشجار حسن للتنزه ولستر أعمالهم القبيحة.

لاَ أُعَاقِبُ (ع ١٤) عدم التأديب دليل على عدم الرجاء بالخلاص. لا يتبرر النساء ولكن خطية الرجال أعظم لأنهم متسلطون عليهن ولا رجاء أن النساء يكن طاهرات ما دام الرجال رذلاء.

١٥ – ١٩ «١٥ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. وَلاَ تَأْتُوا إِلَى ٱلْجِلْجَالِ وَلاَ تَصْعَدُوا إِلَى بَيْتِ آوِنَ وَلاَ تَحْلِفُوا: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ. ١٦ إِنَّهُ قَدْ جَمَحَ إِسْرَائِيلُ كَبَقَرَةٍ جَامِحَةٍ. اَلآنَ يَرْعَاهُمُ ٱلرَّبُّ كَخَرُوفٍ فِي مَكَانٍ وَاسِعٍ. ١٧ أَفْرَايِمُ مُوثَقٌ بِٱلأَصْنَامِ. ٱتْرُكُوهُ. ١٨ مَتَى ٱنْتَهَتْ مُنَادَمَتُهُمْ زَنَوْا زِنىً. أَحَبَّ مَجَانُّهَا، أَحَبُّوا ٱلْهَوَانَ. ١٩ قَدْ صَرَّتْهَا ٱلرِّيحُ فِي أَجْنِحَتِهَا، وَخَجِلُوا مِنْ ذَبَائِحِهِمْ».

ص ٩: ١٥ و١٢: ١١ ص ٥: ٨ و١٠: ٥ و٨ و١ملوك ١٢: ٢٨ و٢٩ إرميا ٥: ٢ و٤٤: ٢٦ مزمور ٧٨: ٨ إشعياء ٥: ١٧ و٧: ٢٥ ص ١٣: ٢ ع ٤ ومزمور ٨١: ١٢ ص ١٢: ١ و١٣: ١٥ ع ١٣ و١٤

فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا كان النبي من المملكة الشمالية وأكثر كلامه موجه إليها ولكنه أحياناً التفت إلى يهوذا والأرجح أن الجلجال المذكورة هي الواقعة بين أريحا والأردن (انظر يشوع ٥: ٨ – ١٠) وبيت آون هي بيت إيل وتغير الاسم بمناسبة التغيير في العبادة أي بيت إيل (بيت الله) صارت بيت آون (بيت البطل) ولا يجوز أن يحلفوا «حي هو الرب» في مراكز العبادة الوثنية المكروهة عنده.

بَقَرَةٍ جَامِحَةٍ (ع ١٦) ركبت هواها فلا يمكن ردها. ولم يسمع إسرائيل ولا عمل كما أراد الرب.

خَرُوفٍ فِي مَكَانٍ وَاسِعٍ لا يزال إسرائيل شعب الله ولكنه يرعاهم أي يجعلهم في بلاد واسعة غريبة بعيدة عن وطنهم وبين أعدائهم كخروف في البرية بين وحوش ضارية (انظر ٢ملوك ١٧: ٥ و٦).

أَفْرَايِمُ مُوثَقٌ بِٱلأَصْنَامِ (ع ١٧) كان أفرايم أكبر سبط فيُكنى به عن المملكة الشمالية كلها. وأمر الرب أن يتركوه لأنهم لم يريدوا أن يطيعوا فيلتزم الطبيب أن يتركه. ولكن أفرايم لا يخلص من العقاب. وخطية تلحق خطية ومتى انتهى السكر يتوجهون إلى الزنى ومجانها (ع ١٨) رؤساؤها فالذين كان من مقامهم أن يطلبوا الرفعة اختاروا الهوان.

صَرَّتْهَا ٱلرِّيحُ (ع ١٩) (انظر مزمور ١: ٤) «ٱلأَشْرَارُ… كَٱلْعُصَافَةِ ٱلَّتِي تُذَرِّيهَا ٱلرِّيحُ». لا ترى الريح ولكن قوتها عظيمة. ولا يُرى الله فلا يخافه غير المؤمنين ولكنه في كل مكان وقادر على كل شيء (انظر إشعياء ٥٧: ١٣) والماضي «قد صرتها» دليل على مستقبل حدوثه أكيد حسب اصطلاح الرؤى والنبوات (قابل إشعياء ٩: ١ و٢). ومجان الشعب والجيوش والمركبات والمجد والغنى كلها كالعصافة أمام الريح. والريح كناية عن قوة الله للحياة أيضاً (انظر حزقيال ٣٧: ٩ و١٠) هلّم يا روح من الرياح الأربع وهب على هؤلاء القتلى ليحيوا. وكانت ريح عاصفة علامة حلول الروح القدس يوم الخمسين (انظر أعمال ٢: ٢).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى