العبرانيين

الرسالة إلى العبرانيين | 06 | الكنز الجليل

الكنز الجليل في تفسير الإنجيل

شرح الرسالة إلى العبرانيين

للدكتور . وليم إدي

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ

كان الكاتب قد ذكر مراده بالكلام في كهنوت المسيح المرموز إليه بملكي صادق (ص ٥: ١١) وهو عسر التفسير وممثل بالطعام القوي الذي لا يناسب الأطفال بل البالغين. فقال في هذا الأصحاح أولاً أنه تارك كلام بداءة المسيح أي التعاليم الأولية البسيطة في الديانة فيتقدم إلى الكمال أي التعليم الكامل. وليس قصده أن يضع أيضاً أساس التعليم في التوبة والإيمان والمعموديات الخ لأن الذين كانوا قد قبلوا هذا التعليم ثم ارتدوا لم يكن تجديدهم أيضاً ولا ينفعهم تكرار التعليم نفسه. وبما أن الارتداد المشار إليه أمر مخيف جداً أطال الكلام فيه وأعلن رجاءه بثبات المخاطبين الأحباء. ثم لأجل إنهاض رجاءهم يذكر لهم ثبات مواعيد الله المبنية على صدقه تعالى وعدم تغيره في أقواله وعلى قَسَم عظيم منه يمكن الإنسان من الرجاء غير المتزعزع بمواعيده الصادقة الكريمة والثقة الكاملة بأقواله تعالى ولو في وسط العواصف التي تهيج على إيماننا وتحاول اقتلاع رجاءنا والإفضاء بنا إلى ظلمة اليأس والخراب (ع ١٣ – ١٩) ومما يؤيد هذا الرجاء دخول المسيح كسابق إلى السماء لأجلنا وككاهن عظيم على رتبة ملكي صادق (ع ٢٠). وهذا الموضوع الأخير يشرع فيه بالتفصيل في الأصحاح السابع.

١ «لِذٰلِكَ وَنَحْنُ تَارِكُونَ كَلاَمَ بَدَاءَةِ ٱلْمَسِيحِ لِنَتَقَدَّمْ إِلَى ٱلْكَمَالِ، غَيْرَ وَاضِعِينَ أَيْضاً أَسَاسَ ٱلتَّوْبَةِ مِنَ ٱلأَعْمَالِ ٱلْمَيِّتَةِ، وَٱلإِيمَانِ بِٱللّٰهِ».

فيلبي ٣: ١٢ – ١٤ وص ٥: ١٢ وص ٩: ١٤

لِذٰلِكَ وَنَحْنُ أشار الكاتب إلى نفسه بصيغة الجمع كقوله في (ص ٥: ١١) «اَلَّذِي مِنْ جِهَتِهِ ٱلْكَلاَمُ كَثِيرٌ عِنْدَنَا الخ». وقوله هنا أنه قاصد ترك الكلام في الأمور الأولية البسيطة.

لِنَتَقَدَّمْ إِلَى ٱلْكَمَالِ سمى هنا تعاليم الإنجيل المرتقية الكمال إشارة إلى قوله آنفاً الطعام القوي للبالغين.

غَيْرَ وَاضِعِينَ أَيْضاً أَسَاسَ أي غير راجعين إلى الكلام الأساسيي أو الأولي في –

ٱلتَّوْبَةِ مِنَ ٱلأَعْمَالِ ٱلْمَيِّتَةِ أي الرجوع إلى الله عن الأعمال المحرّمة التي من شأنها أن تقتاد الإنسان إلى الشقاء والموت الأبدي. أو الأعمال غير المثمرة العديمة الفائدة (أفسس ٥: ١١).

وَٱلإِيمَانِ بِٱللّٰهِ بما يتعلق بالله وبأقوال الله من جهة ابنه مخلص العالم.

٢ «تَعْلِيمَ ٱلْمَعْمُودِيَّاتِ، وَوَضْعَ ٱلأَيَادِي، قِيَامَةَ ٱلأَمْوَاتِ، وَٱلدَّيْنُونَةَ ٱلأَبَدِيَّةَ».

مرقس ٧: ٨ وأعمال ١٩: ٤ و٥ وص ٩: ١ وأعمال ٨: ١٤ إلى ١٧ و١٩: ٦ وأعمال ١٧: ٣١ و٣٢ وأعمال ٢٤: ٢٥ ورومية ٢: ١٦

تَعْلِيمَ ٱلْمَعْمُودِيَّاتِ بصيغة الجمع فذهب البعض إلى أن المراد أنواع الغسل والتطهيرات بالماء التي كانت تأمر بها الشريعة الموسوية. وقال غيرهم لا مدخل لذلك هنا لأن الكاتب يتكلم في أركان الديانة المسيحية لا اليهودية. ولذلك كان الأصح فهم الكلمة بمعنى المعمودية المسيحية. وأما استعمالها بصيغة الجمع فهذا كثير منه في الكتب المقدسة على اصطلاح لغاتها القديمة. منها في العهد القديم تسمية الله بالآلهة وفي العهد الجديد الدم بالمفرد في العربية في (يوحنا ١: ١٣) وكذلك الزنا في (١كورنثوس ٧: ٢) بصيغة الجمع في اليوناني. ويصح في العربية أن يراد بالمعموديات الأمور المتعلقة بالمعمودية.

وَوَضْعَ ٱلأَيَادِي الإشارة في ذلك إلى مواهب الروح التي كانت تُعطى بوضع أيدي الرسل وغيرهم (أعمال ٨: ١٤ – ١٩).

قِيَامَةَ ٱلأَمْوَاتِ اليهود كانوا على اختلاف في مسئلة القيامة في زمان المسيح ورسله فكان الفريسيون يؤمنون بها والصدوقيون ينكرونها ولذلك كان الرسل يعلّمونها جلياً وجعلوها من الأركان الأصلية في الديانة المسيحية.

وَٱلدَّيْنُونَةَ ٱلأَبَدِيَّةَ أي الدينونة التي جزاؤها أبديٌ إن كان خيراً أو شراً.

٣ «وَهٰذَا سَنَفْعَلُهُ إِنْ أَذِنَ ٱللّٰهُ».

أعمال ١٨: ٢١ و١كورنثوس ٤: ١٩

وَهٰذَا سَنَفْعَلُهُ إِنْ أَذِنَ ٱللّٰهُ أشار إلى التقديم الذي ذكره في (ع ١) حيث قال «وَنَحْنُ تَارِكُونَ كَلاَمَ بَدَاءَةِ ٱلْمَسِيحِ لِنَتَقَدَّمْ إِلَى ٱلْكَمَالِ» فيكون المعنى وهذا التقدم سنفعله أن أذن الله.

٤ «لأَنَّ ٱلَّذِينَ ٱسْتُنِيرُوا مَرَّةً، وَذَاقُوا ٱلْمَوْهِبَةَ ٱلسَّمَاوِيَّةَ وَصَارُوا شُرَكَاءَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ».

ص ١٠: ٣٢ ويوحنا ٤: ١٠ و٦: ٣٢ وأفسس ٢: ٨ وغلاطية ٣: ٢ و٥ وص ٢: ٤

لأَنَّ العلاقة بين هذا الكلام وما سبق هي على ما يظهر هكذا: يجب أن نتقدم في المعرفة والخبرة المسيحية ولا نرجع إلى الوراء أو نرتد عن الإيمان المسيحي لأن المرتد في الأحوال التي ذكرها لا يمكن تجديده ثانية للتوبة.

ٱلَّذِينَ ٱسْتُنِيرُوا مَرَّةً هذا أول وصف للذين إذا ارتدوا لا يمكن تجديدهم ثانية. ومعنى «الاستنارة» هنا تعلم الديانة المسيحية والوقوف على مبادئها الخلاصية. والكلمة «مرة» تشير إلى عدم تثنية الاستنارة المشار إليها فإنها مختصة بالتجديد من الروح القدس فلا يتجدد الإنسان ثانية على أن المتجدد التجديد الحقيقي لا يرتد ولا يهلك أبداً بل يحفظه الله بنعمته إلى النهاية.

وَذَاقُوا ٱلْمَوْهِبَةَ ٱلسَّمَاوِيَّةَ معنى «ذاقوا» هنا عرفوا بالاختبار. والأرجح أن «الموهبة السماوية» هي غفران الخطايا بدليل ما في (إرميا ٣١: ٣٣ و٣٤) وهو قوله «هٰذَا هُوَ ٱلْعَهْدُ ٱلَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ… لأَنِّي أَكُونُ صَفُوحاً عَنْ آثَامِهِمْ، وَلاَ أَذْكُرُ خَطَايَاهُمْ فِي مَا بَعْدُ» (عبرانيين ٨: ١٠ – ١٢ و١٠: ١٧).

وَصَارُوا شُرَكَاءَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ أي شركاء في عطايا الروح القدس التي بها كانوا يتكلمون بألسنة غريبة إلى غير ذلك من المعجزات وقد أشار إلى ذلك في (ع ٢) بقوله «ووضع الأيادي».

٥ «وَذَاقُوا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ ٱلصَّالِحَةَ وَقُوَّاتِ ٱلدَّهْرِ ٱلآتِي».

ص ٢: ٥

وَذَاقُوا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ ٱلصَّالِحَةَ الوعد بالخير أي مواعيد الإنجيل الكريمة الصالحة.

وَقُوَّاتِ ٱلدَّهْرِ ٱلآتِي (انظر تفسير ص ٢: ٥). إن هذه القوات وإن كانت مستقبلة يذوقها المؤمنون في الزمان الحاضر فإنهم ينظرون إليها بالإيمان ويحققونها ويعيشون بموجبها ويتعزون ويتشجعون ويفرحون بها. وقد عدد الكاتب الخيرات المار ذكرها هكذا:

  1. تعلموا مبادئ الديانة المسيحية.
  2. تمتعوا بوسائط النعمة التي يقدمها الإنجيل.
  3. نالوا عطايا الروح القدس.
  4. ذاقوا لذة رجاء مواعيد الإنجيل.
  5. شاهدوا المعجزات العظيمة التي كانت تثبت صحة الديانة المسيحية. فبناء على ذلك كان لهم جميع الأدلة الباطنة والخارجة فإقناعهم إقناعاً تاماً بصحة الديانة المسيحية فإذا سقطوا بعد ذلك وارتدوا عنها لم يبق لهم وسيلة للرجوع إليها.

٦ «وَسَقَطُوا، لاَ يُمْكِنُ تَجْدِيدُهُمْ أَيْضاً لِلتَّوْبَةِ، إِذْ هُمْ يَصْلِبُونَ لأَنْفُسِهِمِ ٱبْنَ ٱللّٰهِ ثَانِيَةً وَيُشَهِّرُونَهُ».

متّى ١٢: ٣١ و٣٢ وص ١٠: ٢٦ و٢بطرس ٢: ٢٠ و٢١ و١يوحنا ٥: ١٦ وص ١٠: ٢٩ وعدد ٢٥: ٤ ومتّى ١: ١٩

وَسَقَطُوا انظر قوله في (ص ١٠: ٢٦) «إِنْ أَخْطَأْنَا بِٱخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ ٱلْحَقِّ الخ».

لاَ يُمْكِنُ تَجْدِيدُهُمْ أَيْضاً لِلتَّوْبَةِ قوله «التجديد أيضاً للتوبة» بمعنى الرجوع إلى الحالة التي سقطوا منها أي الإيمان بالديانة المسيحية والتمتع بالرجاء الذي تقدمه للإنسان. وقوله «لا يمكن» قد اختلفوا عليه كثيراً فمنهم من يقول أن ذلك يستحيل على الإنسان ولكنه لا يستحيل على الله ويستندون في هذا القول على قوله في (متّى ١٩: ٢٣ – ٢٦) «الغير مستطاع عند الناس مستطاع عند الله». وبعضهم يقول «لا يمكن» بمعنى الصعوبة العظيمة لا عدم الإمكان بالحصر ولكن الكلمة الأصلية لا تحتمل ذلك. وبعضهم وهو الأصح أن المعنى هو عدم الإمكان بالحصر. هذا وأنه بحسب الظاهر هنا صعوبة لاهوتية وهي أن الذين أُشير إليهم في الآيات السابقة كانوا مسيحيين فهل يمكن إذا سقوط المسيحي إلى درجة يستحيل رجوعه منها فيهلك أليس ثبات المسيحيين في النعمة من تعاليم الكتب المقدسة. بلى فإن المتجددين التجديد الحقيقي لا يتركون المسيح والمسيح لا يتركهم ولكن عليهم أن يسهروا ويصلوا في كل حين. قال بولس (١كورنثوس ٩: ٢٧) «أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضاً». وعرف بولس جيداً أنه لا يسقط ولكنه شعر بوجوب السهر والجهاد ومقاومة الشهوات. ولكل مسيحي حقيقي رجاء أكيد أنه لا يسقط إلى النهاية ومع ذلك يلزمه التعليم أنه إذا سقط لا يمكن تجديده أيضاً فلا يتكبر ولا يتكاسل بل يلتجئ إلى الله ويتكل عليه دائماً ويثبت فيه.

إِذْ هُمْ يَصْلِبُونَ لأَنْفُسِهِمِ ٱبْنَ ٱللّٰهِ ثَانِيَةً أي يرتكبون خطيئة اليهود الذين صلبوا المسيح في إنكارهم إياه فيوافقوهم بالفعل إن كان ليس بالقول على عملهم إلا أن اليهود صلبوا المسيح وهم لم يعرفوا أنه كان المسيح الحقيقي وأما الذين قد عرفوا صحة دعواه وآمنوا به إذا أنكروه كانت خطيتهم أعظم من خطية اليهود. قوله «لأنفسهم» أما بمعنى عاراً لأنفسهم أو لزيادة إظهار الفاعل.

وَيُشَهِّرُونَهُ أي المسيح للعار والافتراء على صدق ديانته كما يفعل الأعداء عند ارتداد أحد من المسيحيين.

٧ «لأَنَّ أَرْضاً قَدْ شَرِبَتِ ٱلْمَطَرَ ٱلآتِيَ عَلَيْهَا مِرَاراً كَثِيرَةً، وَأَنْتَجَتْ عُشْباً صَالِحاً لِلَّذِينَ فُلِحَتْ مِنْ أَجْلِهِمْ، تَنَالُ بَرَكَةً مِنَ ٱللّٰهِ».

مزمور ٦٥: ١

لأَنَّ أَرْضاً قَدْ شَرِبَتِ ٱلْمَطَرَ ٱلآتِيَ عَلَيْهَا مِرَاراً كَثِيرَةً كما يكون مجازاً حال الذين يسمعون الإنجيل.

وَأَنْتَجَتْ عُشْباً صَالِحاً معنى الكلمة الأصلية حاصل العشب وهو البزر بحسب استعمالها العبراني ولكن بحسب استعمال اليونانين لها فالمعنى العشب أو الخضرة بدون نظر إلى البزور.

لِلَّذِينَ فُلِحَتْ مِنْ أَجْلِهِمْ أو منهم مع أن الكلمة في المتن على وفق اليوناني.

تَنَالُ بَرَكَةً مِنَ ٱللّٰهِ يحتمل المعنى أن يُراد زيادة خصبها ببركة الله أو أن الله ينظر إلى مثل هذه الأرض بالرضا والسرور والإشارة المعنوية هي إلى الذين يسمعون كلام الله ويأتون بثمر كثير فيباركهم الله يزيادة الأثمار (يوحنا ١٥: ٢) أو ينظر إليهم بعين الرضا والسرور.

٨ «وَلٰكِنْ إِنْ أَخْرَجَتْ شَوْكاً وَحَسَكاً، فَهِيَ مَرْفُوضَةٌ وَقَرِيبَةٌ مِنَ ٱللَّعْنَةِ، ٱلَّتِي نِهَايَتُهَا لِلْحَرِيقِ».

إشعياء ٥: ٦ وتثنية ٢٩: ٢٢ و٢٣

وَلٰكِنْ إِنْ أَخْرَجَتْ شَوْكاً وَحَسَكاً بعد الفلاحة والتعب عليها كما يبين من العدد السابق.

فَهِيَ مَرْفُوضَةٌ أي تُهمل كما يهمل الفلاحون الأرض العقيمة.

وَقَرِيبَةٌ مِنَ ٱللَّعْنَةِ ربما كانت الإشارة في ذلك إلى لعن الله للأرض عند سقوط الإنسان والقول له أنها ستنبت له شوكاً وحسكاً.

ٱلَّتِي نِهَايَتُهَا لِلْحَرِيقِ بعضهم يجعل اسم الموصول عائداً إلى «اللعنة» التي تنتهي بالحريق وبعضهم إلى «الأرض» وهذا الأخير ربما كان الأصح لأننا نرى الفلاحين يحرقون الأرض التي تُخرج الشوك والحسك بقصد إصلاحها لأنه إذا أُحرقت هذه الأعشاب المضرة كان رمادها مصلحاً للتربة. والإشارة المعنوية هي إلى الذين يتمتعون بنور الإنجيل ولا يأتون بثمر فإن نهايتهم الهلاك.

٩ «وَلٰكِنَّنَا قَدْ تَيَقَّنَّا مِنْ جِهَتِكُمْ أَيُّهَا ٱلأَحِبَّاءُ أُمُوراً أَفْضَلَ، وَمُخْتَصَّةً بِٱلْخَلاَصِ، وَإِنْ كُنَّا نَتَكَلَّمُ هٰكَذَا».

وَلٰكِنَّنَا قَدْ تَيَقَّنَّا مِنْ جِهَتِكُمْ أَيُّهَا ٱلأَحِبَّاءُ أُمُوراً أَفْضَلَ مما ذكره في الأعداد السابقة عن خطيئة الارتداد. وفي هذه الآية لا غيرها دعا الكاتب المخاطبين «أحباء» فإن ذكر الهلاك هو مما حرّك عواطفه نحوهم وشوقه إلى نجاتهم من السقوط الموصوف.

وَمُخْتَصَّةً بِٱلْخَلاَصِ تؤول إلى الخلاص لا إلى الهلاك كما يؤول أمر الأرض التي نهايتها للحريق.

وَإِنْ كُنَّا نَتَكَلَّمُ هٰكَذَا بصرامة على الذين يرتدون عن الإيمان المسيحي فإن غايتنا تنبيهكم لئلا تسقطوا في هذه الحالة المخيفة.

١٠ «لأَنَّ ٱللّٰهَ لَيْسَ بِظَالِمٍ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ وَتَعَبَ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلَّتِي أَظْهَرْتُمُوهَا نَحْوَ ٱسْمِهِ، إِذْ قَدْ خَدَمْتُمُ ٱلْقِدِّيسِينَ وَتَخْدِمُونَهُمْ».

أمثال ١٤: ٣١ ومتّى ١٠: ٤٢ و٢٥: ٤٠ ويوحنا ١٣: ٢٠ ورومية ٣: ٤ و٢تسالونيكي ١: ٦ و٧ و١تسالونيكي ١: ٢ ورومية ١٥: ٢٥ و٢كورنثوس ٨: ٤ و٩: ١ و١٢ و٢تيموثاوس ١: ١٨

لأَنَّ ٱللّٰهَ لَيْسَ بِظَالِمٍ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ وَتَعَبَ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلَّتِي أَظْهَرْتُمُوهَا نَحْوَ ٱسْمِهِ أي نحو الله فإن قوله «اسم» كثيراً ما يأتي بمعنى الذات أو الشخص (متّى ٦: ٩) وهكذا في الاصطلاح العبراني (خروج ٢٣: ٢١).

إِذْ قَدْ خَدَمْتُمُ الفعل هنا في الأصل معناه ليس المساعدة بالمال فقط ولكن من كل جهة تصل إليها يد الإنسانية والرأفة.

ٱلْقِدِّيسِينَ المسيحيين المغفورة خطاياهم والمبرّرين ببر المسيح الغالبة فيهم صفة القداسة أو المُفرزين لله (ص ٣: ١).

وَتَخْدِمُونَهُمْ أي لا تزالون تفعلون ذلك. ومعنى جميع العبارة أنهم إذ كانوا يظهرون أثمار الإيمان في أعمال المحبة والخدمة لشعب الله يتيقن الكاتب من جهتهم أنه تعالى لا يمنع عنهم تأثير نعمته لحفظهم في وسط الشدائد والاضطهاد والتجارب من السقوط والارتداد. ولا يوجد هنا وجه لقول اللاهوتيين التقليدين استناداً على هذه الآية إن الإنسان المسيحي يستطيع أن يعمل أعمالاً صالحة تامة تستحق من الله الجزاء العادل وزيادة النعم الروحية. فدفعاً لهذا الغلط العظيم المضاد لأقوال الله الصريحة يرد اللاهوتيين الإنجيليون عليهم بأن الإنسان في أفضل حالته المسيحية أعماله الصالحة غير تامة وملطخة بالخطيئة فضلاً عن كونها واجبة عليه فالجزاء الذي أقامه الله لهذه الأعمال ليس من باب الجزاء المستحق ولكن من باب النعمة. وقال بعضهم (وهو ابرارد) إن الله يكون ظالماً للمسيح لا لنا لو ترك أحداً من شعب المسيح للهلاك فإننا ما دمنا للمسيح وأعمالنا تُظهر صدق إيماننا لا يمكن أن الله يهملنها كل الإهمال لقوة التجارب أو للهلاك.

١١ «وَلٰكِنَّنَا نَشْتَهِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يُظْهِرُ هٰذَا ٱلاجْتِهَادَ عَيْنَهُ لِيَقِينِ ٱلرَّجَاءِ إِلَى ٱلنِّهَايَةِ».

ص ٣: ٦ و١٤ وكولوسي ٢: ٢

وَلٰكِنَّنَا نَشْتَهِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يُظْهِرُ هٰذَا ٱلاجْتِهَادَ عَيْنَهُ الذي ذكره في الآية السابقة من جهة الأعمال الصالحة وعلى كل منهم الاجتهاد في حفظ إيمانه وحياته الروحية الداخلية كما كان مجتهداً في خدمته للمحتاجين.

لِيَقِينِ ٱلرَّجَاءِ أي لأجل نيل رجاء يقيني ثابت ولأجل الثبوت فيه بناء على أن القاعدة التي وضعها المخلص من جهة معرفة الإنسان بواسطة أثماره هي قاعدة نعرف بها صحة رجائنا أو فساده فإن كنا مثمرين بالأعمال الصالحة نرى بذلك دليلاً على كوننا بحال النعمة ووجهاً لرجاء صحيح بأننا مسيحيون بالحق بالعكس إذا كانت أعمالنا غير مستقيمة لدى الله.

إِلَى ٱلنِّهَايَةِ متعلق إما «بالرجاء» أي رجاء دائم إلى نهاية الحياة أو «بالاجتهاد» أي مجتهدين في الأعمال الصالحة إلى آخر العمر.

١٢ «لِكَيْ لاَ تَكُونُوا مُتَبَاطِئِينَ بَلْ مُتَمَثِّلِينَ بِٱلَّذِينَ بِٱلإِيمَانِ وَٱلأَنَاةِ يَرِثُونَ ٱلْمَوَاعِيدَ».

ص ١٠: ٣٦

لِكَيْ لاَ تَكُونُوا مُتَبَاطِئِينَ عن تتميم الواجبات المسيحية.

بَلْ مُتَمَثِّلِينَ بِٱلَّذِينَ بِٱلإِيمَانِ اليقين بالأمور المرجوة.

وَٱلأَنَاةِ أي الصبر في الانتظار وعدم الملل في الرجاء تحت شدة أتعاب الحياة ومصاعبها.

يَرِثُونَ ٱلْمَوَاعِيدَ أي ينالون البركات والخيرات الكثيرة المتنوعة الموعود بها. ومن الذين يُتمثل بهم إبراهيم الذي ذكره في الآية التابعة.

١٣ «فَإِنَّهُ لَمَّا وَعَدَ ٱللّٰهُ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْظَمُ يُقْسِمُ بِهِ، أَقْسَمَ بِنَفْسِهِ».

تكوين ٢٢: ١٦ و١٧ ومزمور ١٠٥: ٩ ولوقا ١: ٧٣

لما قصد الكاتب تثبيت العبرانيين في الإيمان المسيحي وذكر لهم في الآية السابقة (ع ١٢) مثال الذين بالإيمان والأناة ينالون أو بالحري قد نالوا المواعيد ساقه الكلام إلى ذكر أمرين الأول وعد الله لإبراهيم مقسماً بنفسه والثاني صبر إبراهيم في الرجاء ونيله الموعد ومن ذلك يُظهر متانة الأساس الذي يُبنى عليه الرجاء المسيحي وهو وعد الله الصادق وإقسامه بنفسه.

فَإِنَّهُ الحرف الأصلي في اليوناني المقابل للفاء كثيراً ما يدخل على جملة يكون المقصود منها إيضاح ما سبق وهو أيضاً معنى هذا الحرف في الترجمة العربية فكأن ما يتبعه شاهد أو مثال على ما سبق. فإنه لما ذكر الكاتب الذين بالإيمان والأناة يرثون المواعيد قدم مثالاً أو شاهداً على ذلك أمر إبراهم الذي وعده الله بوعد معلوم فآمن وتأنى ونال الموعد (ع ١٢).

لَمَّا وَعَدَ ٱللّٰهُ إِبْرَاهِيمَ عندما قدم ابنه إسحاق للذبح لأن هذه هي الحادثة الوحيدة التي فيها وعد الله إبراهيم بقَسم.

إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْظَمُ يُقْسِمُ بِهِ فإنه لا شيء أعظم من الله.

أَقْسَمَ بِنَفْسِهِ لما قال «بذاتي أقسمت» (تكوين ٢٢: ١٦).

١٤ « قَائِلاً: إِنِّي لأُبَارِكَنَّكَ بَرَكَةً وَأُكَثِّرَنَّكَ تَكْثِيراً».

قَائِلاً: إِنِّي لأُبَارِكَنَّكَ بَرَكَةً وَأُكَثِّرَنَّكَ تَكْثِيراً أي أعطينّك ذرية كثيرة العدد (تكوين ٢٢: ١٧) تكرير العبارة للتوكيد واللام في أباركنّك للقَسم.

١٥ «وَهٰكَذَا إِذْ تَأَنَّى نَالَ ٱلْمَوْعِدَ».

وَهٰكَذَا أي بناء على تلك المواعيد.

إِذْ تَأَنَّى صبر صبراً طويلاً.

نَالَ ٱلْمَوْعِد الله وعد إبراهيم مرّات متعددة وأما الموعد المذكور فمقيّد بالمرة التي فيها أقسم الله بنفسه وكان ذلك بعد تقديم إسحاق فيكون المراد إذاً تكثير نسله. وإبراهيم نال هذه الموعد كما نعلم أنه من ذريّة إسحاق أعطاه الله نسلاً كثيراً ولو أنه لم يشاهد من إنجاز هذا الوعد إلا بداءته.

١٦ «فَإِنَّ ٱلنَّاسَ يُقْسِمُونَ بِٱلأَعْظَمِ، وَنِهَايَةُ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ عِنْدَهُمْ لأَجْلِ ٱلتَّثْبِيتِ هِيَ ٱلْقَسَمُ».

خروج ٢٢: ١١

فَإِنَّ ٱلنَّاسَ يُقْسِمُونَ بِٱلأَعْظَمِ أي بمن هو أعظم منهم لأنهم يخافون غضبه إذا حلفوا كذباً كما إذا حلف الإنسان بالملك أو برئيس. وإذا أقسموا بالله يشهدونه تعالى على صدق قولهم ويتوقعون لعنته وغضبه إذا كانوا من الكاذبين.

وَنِهَايَةُ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ عِنْدَهُمْ لأَجْلِ ٱلتَّثْبِيتِ هِيَ ٱلْقَسَمُ قد جرت العادة في ما بين الناس أن في كثير من مشاجراتهم لا يتثبت السلام بينهم إلا بإشهاد الله عليهم وهو القَسم. ولذلك كان كل كلام المسيحي بالحق من باب القسم لأنه يتكلم وهو موقن بوجود الله الشاهد عليه وبانتقامه منه إذا تكلم بالكذب فيجوز القَسم إذا كان للحق وباحترام وفي أمور تستحق القسم ولكنه لا يجوز في الحديث المعتاد وبلا احترام كما هو جار في أيامنا.

١٧ «فَلِذٰلِكَ إِذْ أَرَادَ ٱللّٰهُ أَنْ يُظْهِرَ أَكْثَرَ كَثِيراً لِوَرَثَةِ ٱلْمَوْعِدِ عَدَمَ تَغَيُّرِ قَضَائِهِ، تَوَسَّطَ بِقَسَمٍ».

ص ١١: ٩ ورومية ١١: ٢٩

فَلِذٰلِكَ اي لما كان القَسم يقطع كل مشاجرة وشك أو لما كان الناس يقسمون بمن هو أعظم منهم.

إِذْ أَرَادَ ٱللّٰهُ تنازلاً منه لأجل زيادة يقينهم بمواعيده.

أَنْ يُظْهِرَ أو يبرهن.

أَكْثَرَ كَثِيراً بنوع وافر جداً.

لِوَرَثَةِ ٱلْمَوْعِدِ أي المسيحيين.

عَدَمَ تَغَيُّرِ قَضَائِهِ إرادته فإن إرادته وقضائه تعالى واحد.

تَوَسَّطَ بِقَسَمٍ جعل نفسه وسيطاً بينه وبين ورثة الموعد أو بالحري أشهد تعالى نفسه على نفسه بأنه ينجز مواعيده لهم لكي يطمئنوا واثقين بصدقه تعالى فيها.

١٨ «حَتَّى بِأَمْرَيْنِ عَدِيمَيِ ٱلتَّغَيُّرِ، لاَ يُمْكِنُ أَنَّ ٱللّٰهَ يَكْذِبُ فِيهِمَا، تَكُونُ لَنَا تَعْزِيَةٌ قَوِيَّةٌ، نَحْنُ ٱلَّذِينَ ٱلْتَجَأْنَا لِنُمْسِكَ بِٱلرَّجَاءِ ٱلْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا».

ص ١٢: ١

حَتَّى بِأَمْرَيْنِ الوعد والقَسم والله هو الواعد وهو كفيل الوعد أيضاً.

عَدِيمَيِ ٱلتَّغَيُّرِ، لاَ يُمْكِنُ أَنَّ ٱللّٰهَ يَكْذِبُ فِيهِمَا لما كان الله صادقاً ولا يتغير كان وعده كافياً ليقين الإنسان بدون أن يلتزم إلى قَسم فلما شاء تنازلاً ورحمة منه أن يضيف إلى ذلك قَسماً كان من باب أولى أن يُصدق بمواعيده.

تَكُونُ لَنَا تَعْزِيَةٌ قَوِيَّةٌ عندما تضطرب ضمائرنا بالنظر إلى خطايانا وما توجبه علينا من القصاص.

نَحْنُ ٱلَّذِينَ ٱلْتَجَأْنَا لِنُمْسِكَ بِٱلرَّجَاءِ ٱلْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا وهو رجاء المغفرة والخلاص الذي يقدمه الله لنا بواسطة المسيح في إنجيله المثبّت بصدقه تعالى وقسمه. أو قد يكون المعنى إذا اتخذنا كلمة تعزية بمعنى المحثة وهي تحتمله في الأصل أنه لما قدم الله كل ما يلزم لخلاص الذين يتمسكون بالمسيح وأثبته بمواعيد وأقسام كان ذلك محثة عظيمة لدوام التمسك برجاء الخلاص لكل من التجأ إلى ديانة المسيح طالباً فيها الفرار من سلطة خطاياه وأثقالها وعواقبها.

١٩ «ٱلَّذِي هُوَ لَنَا كَمِرْسَاةٍ لِلنَّفْسِ مُؤْتَمَنَةٍ وَثَابِتَةٍ، تَدْخُلُ إِلَى مَا دَاخِلَ ٱلْحِجَابِ».

لاويين ١٦: ١٥ وص ٩: ٧

ٱلَّذِي الاسم الموصول يعود إلى «الرجاء» المستقر على الرب يسوع المسيح وحده.

هُوَ لَنَا الملتجئين للمخلص.

كَمِرْسَاةٍ هي الحديد الذي به تتعلق السفن في الأرض بحيث لا تدفعها العواصف فتصدم الصخور أن تطرحها إلى البر فتتكسر.

لِلنَّفْسِ أي كما أن المرساة تحفظ السفن من الانكسار هكذا الرجاء المسيحي فإنه يحفظ النفس من الهلاك عند فعل التجارب وغرور الدنيا ومحاربة الأفكار الكفرية والاضطهاد لأجل المسيح. والقدماء كانوا يشبهون الرجاء بالمرساة.

مُؤْتَمَنَةٍ وَثَابِتَةٍ لا يُخشى عليها أي المرساة من أن تتزحزح فتقع النفس في خطر من سلامتها بل هي مؤتمنة لا تخيب الأمل وثابتة متشبثة في الأرض لا تقتلعها الرياح والأمواج.

تَدْخُلُ إِلَى مَا دَاخِلَ ٱلْحِجَابِ في التشبيه الأول كانت النفس كسفينة والعالم كبحر يتلاعب بها والرجاء بمواعيد الله كمرساة وأما هنا فالإشارة إلى قدس الأقداس الذي كان يفصله عن الهيكل حجاب والمراد أن الرجاء المسيحي يمتد إلى السماء حيث الله هناك وهناك كمرساة يتشبث بعرش النعمة وتحفظ النفس من أخطار هذه الحياة إلى أن تُسحب بالسلامة إلى الميناء الأمين في السماء. وهذا نصيب كل من يتمسك بهذا الرجاء إلى النهاية.

٢٠ «حَيْثُ دَخَلَ يَسُوعُ كَسَابِقٍ لأَجْلِنَا، صَائِراً عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ، رَئِيسَ كَهَنَةٍ إِلَى ٱلأَبَدِ».

ص ٤: ١٤ و٨: ١ و٠: ٢٤ ٢ ٣: ١ و٥: ٦ و٧: ١٧

حَيْثُ أي إلى قدس الأقداس ما داخل الحجاب إلى السماء بعينها (ص ٩: ٢٤).

دَخَلَ يَسُوعُ بجسده الممجّد بعد قيامته.

كَسَابِقٍ دخل قبلنا وعلى هذه الآية قال ثيودوريتوس «قصد الكاتب بتسمية المسيح سابقاً» زيادة ثقتهم لأنه إذا كان سابقهم وذهب إلى هناك لأجلهم فيجب على المسيحيين أن يتبعوه لينالوا غاية سيرهم.

لأَجْلِنَا ليشفع فينا بعد أن قدّم ذاته على الأرض ذبيحة لأجل خطايانا وفي ذلك يمارس عملاً كان يُشار إليه في وظيفة الكهنوت في العهد القديم.

صَائِراً عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ، رَئِيسَ كَهَنَةٍ إِلَى ٱلأَبَدِ فإن لرئيس الكهنة فقط كان يجوز الدخول إلى قدس الأقداس. والآن قد وصل الكاتب إلى الكلام في كهنوت المسيح ومقابتله بكهنوت اليهود وهو الموضوع الذي سيأتي في الأصحاحات التابعة غير أنه قبل المقابلة المذكورة يذكر نسبة كهنوت ملكي صادق الرمزية إلى كهنوت المسيح في (٧: ١ – ١٠).

فوائد

  1. إن عمل النعمة في قلب المسيحي عمل تدريجي يقدم الإنسان في المعرفة والتقوى إلى أن يصير أخيراً كاملاً في المسيح.
  2. إن لأعمال الخير على جميع أنواعه جزاء عظيماً في السماء غير أن هذا الجزاء هو من فضل الله ونعمته لا من مجرد استحقاق الإنسان – وهذا الأمر بعيد جداً عن مذهب الذين يزعمون أن الأعمال الصالحة إيفاء عن الخطايا.
  3. إنه لا خوف على الذين قد التجأوا إلى المسيح ووضعوا اتكالهم عليه واتبعوا سيرته الصالحة – لأن رجاءهم مبني على وعد الله الصادق غير المتغير أبداً فهو كالمرساة التي أُلقيت داخل الحجاب وتعلّقت بكرسي نعمة الله.
  4. إن العبرانيين الذين كُتبت إليهم هذه الرسالة كانوا في الضيق (ص ١٠: ٣٢ – ٣٤) فكان لهم استعداد للكلام في رجائهم بالمسيح (ع ١٨ – ٢٠). فإننا لا نعرف قيمة مواعيد الله حتى تقع في الضيق ولا لذة التعزية حتى نختبر الأحزان ولا عظمة الخلاص إن لم نتأكد أننا هالكون.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى