سفر حجي | 02 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر حجي
للقس . وليم مارش
مقدمة
تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.
ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.
هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.
ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».
القس ألبرت استيرو
الأمين العام
لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى
معنى الاسم صفنيا «يستره يهوه» وبخلاف العادة في الأنبياء فإن سلسلة نسبه مذكورة إلى الجيل الرابع والمظنون أن الغاية من ذلك البيان بأنه من نسل الملك حزقيا. وتنبأ في أيام يوشيا. كان يوشيا ابن ثماني سنين حين ملك وفي السنة الثامنة من ملكه ابتدأ يطلب الرب وفي السنة الثانية عشرة ابتدأ يطهر يهوذا وأورشليم من نجاسات عبادة الأصنام. وصفنيا يذكر بقية البعل (١: ٤) والساجدين على السطوح لجند السماء والحالفين بملكوم فالأرجح أنه تنبأ قبل ما ابتدأ يوشيا في إصلاح المملكة أي قبل السنة الثانية عشرة. والنبي يذكر بالاختصار أحكام الله من أيامه إلى انقضاء الدهر وكلامه الافتتاحي مبني على حادثة الطوفان (تكوين ٦: ٧) «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ ٱلإِنْسَانَ ٱلَّذِي خَلَقْتُهُ: ٱلإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ الخ» ويشير إلى اليوم الأخير (٢بطرس ٣: ١٠) «تَنْحَلُّ ٱلْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ ٱلأَرْضُ وَٱلْمَصْنُوعَاتُ ٱلَّتِي فِيهَا» وقول المسيح (متّى ١٣: ١٤) «يَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ ٱلْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي ٱلإِثْمِ» و«المعاثر مع الأشرار» أي الأوثان والساجدين لها. ويبتدئ النبي من يهوذا وأورشليم (ع ٤) (انظر إرميا ٢٥: ١٧ – ٢٩) حيث النبي إرميا سقى الأمم من كأس سخط الرب مبتدئاً من أورشليم.
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ
١ – ٦ «١ كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي صَارَتْ إِلَى صَفَنْيَا بْنِ كُوشِي بْنِ جَدَلْيَا بْنِ أَمَرْيَا بْنِ حَزَقِيَّا، فِي أَيَّامِ يُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ يَهُوذَا: ٢ نَزْعاً أَنْزَعُ ٱلْكُلَّ عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ٣ أَنْزِعُ ٱلإِنْسَانَ وَٱلْحَيَوَانَ. أَنْزِعُ طُيُورَ ٱلسَّمَاءِ وَسَمَكَ ٱلْبَحْرِ، وَٱلْمَعَاثِرَ مَعَ ٱلأَشْرَارِ، وَأَقْطَعُ ٱلإِنْسَانَ عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ٤ وَأَمُدُّ يَدِي عَلَى يَهُوذَا وَعَلَى كُلِّ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ، وَأَقْطَعُ مِنْ هٰذَا ٱلْمَكَانِ بَقِيَّةَ ٱلْبَعْلِ، ٱسْمَ ٱلْكَمَارِيمِ، مَعَ ٱلْكَهَنَةِ، ٥ وَٱلسَّاجِدِينَ عَلَى ٱلسُّطُوحِ لِجُنْدِ ٱلسَّمَاءِ، وَٱلسَّاجِدِينَ ٱلْحَالِفِينَ بِٱلرَّبِّ، وَٱلْحَالِفِينَ بِمَلْكُومَ، ٦ وَٱلْمُرْتَدِّينَ مِنْ وَرَاءِ ٱلرَّبِّ، وَٱلَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُوا ٱلرَّبَّ وَلاَ سَأَلُوا عَنْهُ».
٢ملوك ٢٢: ١ – ٢٣ و٢أيام ٣٤: ١ – ٣٥: ٢٥ وإرميا ١: ٢ و٢٢: ١١ و٢ملوك ٢١: ١٨ – ٢٦ و٢أيام ٣٣: ٢٠ – ٢٥ إرميا ٧: ٢٠ و حزقيال ٣٣: ٢٧ و٢٨ إشعياء ٦: ١١ و١٢ إرميا ٤: ٢٥ و٩: ١٠ حزقيال ٧: ١٩ و١٤: ٣ و٤ و٨ إرميا ٦: ١٢ وحزقيال ٦: ١٤ ميخا ٥: ١٣ و٢ملوك ٢٣: ٥ و٤ و٨ إرميا ٦: ١٢ وحزقيال ٦: ١٤ ميخا ٥: ١٣ و٢ملوك ٢٣: ٥ وهوشع ١٠: ٥ و٢ملوك ٢٣: ١٢ وإرميا ١٩: ١٣ إرميا ٥: ٢ و٧ و٧: ٩ و١٠ إرميا ٤٩: ١ إشعياء ١: ٤ إشعياء ٩: ١٣
معنى الاسم صفنيا «يستره يهوه» وبخلاف العادة في الأنبياء فإن سلسلة نسبه مذكورة إلى الجيل الرابع والمظنون أن الغاية من ذلك البيان بأنه من نسل الملك حزقيا. وتنبأ في أيام يوشيا. كان يوشيا ابن ثماني سنين حين ملك وفي السنة الثامنة من ملكه ابتدأ يطلب الرب وفي السنة الثانية عشرة ابتدأ يطهر يهوذا وأورشليم من نجاسات عبادة الأصنام. وصفنيا يذكر بقية البعل (١: ٤) والساجدين على السطوح لجند السماء والحالفين بملكوم فالأرجح أنه تنبأ قبل ما ابتدأ يوشيا في إصلاح المملكة أي قبل السنة الثانية عشرة.
والنبي يذكر بالاختصار أحكام الله من أيامه إلى انقضاء الدهر وكلامه الافتتاحي مبني على حادثة الطوفان (تكوين ٦: ٧) «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ ٱلإِنْسَانَ ٱلَّذِي خَلَقْتُهُ: ٱلإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ الخ» ويشير إلى اليوم الأخير (٢بطرس ٣: ١٠) «تَنْحَلُّ ٱلْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ ٱلأَرْضُ وَٱلْمَصْنُوعَاتُ ٱلَّتِي فِيهَا» وقول المسيح (متّى ١٣: ١٤) «يَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ ٱلْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي ٱلإِثْمِ» و«المعاثر مع الأشرار» أي الأوثان والساجدين لها. ويبتدئ النبي من يهوذا وأورشليم (ع ٤) (انظر إرميا ٢٥: ١٧ – ٢٩) حيث النبي إرميا سقى الأمم من كأس سخط الرب مبتدئاً من أورشليم. ويستنتج البعض من القول «بقية البعل» أن النبي تنبأ بعد الإصلاح الذي ابتدأ في السنة العاشرة من ملك يوشيا والأرجح أنه ابتدأ قبل السنة العاشرة ومعنى القول «بقية البعل» هو أن الرب سيقطع عبادة البعل تماماً من أولها إلى آخرها فلا تبقى لها بقية (اطلب «البعل» في قاموس الكتاب).
ٱلْكَمَارِيمِ وردت هذه الكلمة أيضاً في ٢ملوك ٢٣: ٥ «كهنة الأصنام» وفي هوشع ١٠: ٥ «كهنته» وبهذا الاسم يشير إلى كهنة العجول.
مَعَ ٱلْكَهَنَةِ هم كهنة الرب ولكنهم كهنة الاسم فقط وأعمالهم لم توافق اسمهم. ولعلهم افتخروا في رتبهم وألقابهم الشريفة. والرب يقطع اسمهم مع اسم الكماريم.
ٱلسَّاجِدِينَ عَلَى ٱلسُّطُوحِ سجودهم لجند السماء الشمس والقمر والنجوم وكان على السطوح من حيث تُرى الأجرام السماوية (انظر ٢ملوك ٢٣: ٥ أيوب ٣١: ٢٦ حزقيال ٨: ١٦) وكانت العبادة على هذا النوع في أيام المملكة الأخيرة. وكانت العائلة كلها تشترك بهذه العبادة. إرميا ٧: ١٨ «ٱلأَبْنَاءُ يَلْتَقِطُونَ حَطَباً، وَٱلآبَاءُ يُوقِدُونَ ٱلنَّارَ، وَٱلنِّسَاءُ يَعْجِنَّ ٱلْعَجِينَ، لِيَصْنَعْنَ كَعْكاً لِمَلِكَةِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَلِسَكْبِ سَكَائِبَ لِآلِهَةٍ أُخْرَى لِيُغِيظُونِي» وملكوم أو مولك كان إله العمونيين كانوا يذبحون له ذبائح بشرية ولا سيما الأطفال (انظر ٢ملوك ٢٣: ١٠) (اطلب مولك في قاموس الكتاب). حلفوا بالرب وحلفوا أيضاً بملكوم أي ظنوا بأنهم يقدرون أن يعبدوا الرب ويعبدوا ملكوم معاً (انظر حزقيال ٢٣: ٢٧ – ٣٩).
ٱلْمُرْتَدِّينَ (ع ٦) وخطيتهم أعظم بما أنهم تركوا الرب بعدما عرفوه والذين لم يطلبوا الرب هم الذين لم يطلبوه من كل قلوبهم. فكانوا عالمين وبلا دين وعندهم كل الأديان مثل بعضها وكلها باطلة.
٧ – ١٣ «٧ اُسْكُتْ قُدَّامَ ٱلسَّيِّدِ ٱلرَّبِّ، لأَنَّ يَوْمَ ٱلرَّبِّ قَرِيبٌ. لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَعَدَّ ذَبِيحَةً. قَدَّسَ مَدْعُوِّيهِ. ٨ وَيَكُونُ فِي يَوْمِ ذَبِيحَةِ ٱلرَّبِّ أَنِّي أُعَاقِبُ ٱلرُّؤَسَاءَ وَبَنِي ٱلْمَلِكِ وَجَمِيعَ ٱللاَّبِسِينَ لِبَاساً غَرِيباً. ٩ وَفِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أُعَاقِبُ كُلَّ ٱلَّذِينَ يَقْفِزُونَ مِنْ فَوْقِ ٱلْعَتَبَةِ، ٱلَّذِينَ يَمْلأُونَ بَيْتَ سَيِّدِهِمْ ظُلْماً وَغِشّاً. ١٠ وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، صَوْتُ صُرَاخٍ مِنْ بَابِ ٱلسَّمَكِ، وَوَلْوَلَةٌ مِنَ ٱلْقِسْمِ ٱلثَّانِي، وَكَسْرٌ عَظِيمٌ مِنَ ٱلآكَامِ. ١١ وَلْوِلُوا يَا سُكَّانَ مَكْتِيشَ لأَنَّ كُلَّ شَعْبِ كَنْعَانَ بَادَ. ٱنْقَطَعَ كُلُّ ٱلْحَامِلِينَ ٱلْفِضَّةَ. ١٢ وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ أَنِّي أُفَتِّشُ أُورُشَلِيمَ بِٱلسُّرُجِ، وَأُعَاقِبُ ٱلرِّجَالَ ٱلْجَامِدِينَ عَلَى دُرْدِيِّهِمِ، ٱلْقَائِلِينَ فِي قُلُوبِهِمْ: إِنَّ ٱلرَّبَّ لاَ يُحْسِنُ وَلاَ يُسِيءُ. ١٣ فَتَكُونُ ثَرْوَتُهُمْ غَنِيمَةً وَبُيُوتُهُمْ خَرَاباً، وَيَبْنُونَ بُيُوتاً وَلاَ يَسْكُنُونَهَا، وَيَغْرِسُونَ كُرُوماً وَلاَ يَشْرَبُونَ خَمْرَهَا».
حبقوق ٢: ٢٠ وزكريا ٢: ١٣ ع ١٤ إشعياء ٣٤: ٦ وإرميا ٤٦: ١٠ و١صموئيل ١٦: ٥ وإشعياء ١٣: ٣ إشعياء ٢٤: ٢١ وحبقوق ١: ١٠ إشعياء ٢: ٦ إرميا ٥: ٢٧ وعاموس ٣: ١٠ إشعياء ٢٢: ٥ وعاموس ٨: ٣ و٢أيام ٣٣: ١٤ و٢أيام ٣٤: ٢٢ و٢صموئيل ٥: ٧ وحزقيال ٦: ١٣ ص ٢: ٥ وزكريا ١٤: ٢١ أيوب ٢٧: ١٦ و١٧ وهوشع ٩: ٦ إرميا ١٦: ١٦ و١٧ وحزقيال ٩: ٤ – ١١ وعاموس ٩: ١ – ٣ إرميا ٤٨: ١١ وعاموس ٦: ١ حزقيال ٨: ١٢ و٩: ٩ إرميا ١٥: ١٣ و١٧: ٣ عاموس ٥: ١١ وميخا ٦: ١٥
اُسْكُتْ قُدَّامَ ٱلرَّبِّ (انظر حبقوق ٢: ٢٠) ويوم الرب هو اليوم المعين منه لسقوط المدينة ولعله يشير أيضاً إلى يوم الدينونة الأخيرة. والذبيحة التي أعدها الرب هي شعبه اليهود ويظن البعض أن المدعوين الذين قدسهم الرب أي خصصهم للعمل هم السكينيون الذين دخلوا أسيا من أوربا في الجيل السابع ق م. وغزوا مادي وفلسطين. ولكن الأرجح أن المدعوين هم الكلدانيون وهم مقدسون لأنهم معينون ومخصصون لإجراء مقاصد الرب في تأديب شعبه مع أنهم ليسوا مقدسين من جهة أعمالهم. كان كوش مسيح الرب (انظر إشعياء ٤٥: ١) مع كونه ملكاً وثنياً.
وَبَنِي ٱلْمَلِكِ (ع ٨) لا يذكر الملك يوشيا لأنه كان صالحاً ولعل بني الملك هم أعمامه وأقاربه والذين استلموا زمام الحكومة حينما كان الملك يوشيا لا يزال قاصراً.
ٱللاَّبِسِينَ لِبَاساً غَرِيباً الرب أوصى شعبه ببعض علامات توضع في لباسهم وتدل على أنهم شعبه وتذكرهم وصاياه ليحفظوها (انظر عدد ١٥: ٣٧ – ٤١) فمن ترك هذا اللباس هو كعسكري يخلع بدلته الرسمية. ليست الديانة الحقيقية باللباس أو غيره من الجسديات ولكن اللباس يعبر عن أحوال الإنسان الروحية كما قال بطرس الرسول للنساء (١بطرس ٣: ٣ و٤) «لاَ تَكُنْ زِينَتُكُنَّ ٱلزِّينَةَ ٱلْخَارِجِيَّةَ مِنْ ضَفْرِ ٱلشَّعْرِ وَٱلتَّحَلِّي بِٱلذَّهَبِ وَلِبْسِ ٱلثِّيَابِ، بَلْ إِنْسَانَ ٱلْقَلْبِ ٱلْخَفِيَّ فِي ٱلْعَدِيمَةِ ٱلْفَسَادِ، زِينَةَ ٱلرُّوحِ ٱلْوَدِيعِ ٱلْهَادِئِ، ٱلَّذِي هُوَ قُدَّامَ ٱللّٰهِ كَثِيرُ ٱلثَّمَنِ». وأما الذين لبسوا لباساً غريباً في زمان صفنيا كلباس البابليين والمصريين فتقلدوا أيضاً صفاتهم الأدبية وأولعوا بتنعمهم وترفههم.
ٱلَّذِينَ يَقْفِزُونَ مِنْ فَوْقِ ٱلْعَتَبَة (ع ٩) هم العبيد الذين يدخلون البيوت بأمر سيدهم ويسلبون المساكين وقفزهم فوق العتبة يدل على قساوتهم وطمعهم بهجومهم على البائسين. كان باب السمك (ع ١٠) إلى جهة الشمال من مدينة أورشليم (انظر نحميا ٣: ١ – ٣) والقسم الثاني مذكور في (٢ملوك ٢٢: ١٤). كانت النبية خلدة ساكنة فيه. وربما قصد بالآكام آكام «جارب وجوعة» المذكورتين في (إرميا ٣١: ٣٩) أو صهيون ومريا. والمعنى هو أن الصراخ سيصعد من كل الجهات وتسقط المدينة كلها بيد الكلدانيين. وكان حصن صهيون منيعاً جداً فتحه محال تقريباً فكان بيد أهل أورشليم القدماء اليبوسيين إلى أيام داود (انظر ٢صموئيل ٥: ٦ – ٩) وسقوطه عن يد الكلدانيين دليل على انقطاع كل رجاء بالنجاة.
ومعنى الكلمة «مَكْتِيشَ» (ع ١١) «الهاون أو الجرن» وهو وادي في وسط أورشليم وكان مركزاً للصنائع والتجارة وقول النبي هو إنه حينما تسقط المدينة يكون أهلها المجتمعون في هذا الوادي كالحبوب في الهاون لا يمكنها أن تهرب من الدق. وكلمة «كنعان» بالأصل تفيد معنيين وهما «كنعاني» و«تاجر» وكان اليهود كالكنعانيين نظراً إلى عبادتهم الأصنام. وبالمعنى الثاني قال النبي إن التجارة تنقطع من أورشليم أي يباد عبدة الأصنام ويباد التجار.
أُفَتِّشُ أُورُشَلِيمَ (ع ١٢) فلا يمكن أحداً أن يهرب أو يأخذ معه شيئاً من ثروته قيل إنه لما سقطت المدينة عن يد الرومانيين إنهم فتشوا على اليهود ليقتلوهم فأخرجوا البعض من أكابر المدينة من الأقبية والبلاليع والآبار.
ٱلْجَامِدِينَ عَلَى دُرْدِيِّهِمِ انظر ما قيل عن موآب (إرميا ٤٨: ١١) «َهُوَ مُسْتَقِرٌّ عَلَى دُرْدِيِّهِ، وَلَمْ يُفْرَغْ مِنْ إِنَاءٍ إِلَى إِنَاءٍ، وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى ٱلسَّبْيِ». فإنه لولا التأديب والأحزان والأوجاع والمصائب كان الناس يميلون إلى الكسل الروحي والفتور والكفر. والويل هنا هو للذين لا يعملون شيئاً لا خيراً ولا شراً وهم معتبرون ومستقيمون في أعين الناس ويطمنون أنفسهم بقولهم إن كل شيء سيبقى كما هو. الكاهن يبقى يمارس خدمته الدينية وإن كانت خدمة كلام بلا روح والتاجر يبقى في تجارته وإن كانت مع الغش والغني يبقى في غناه وإن كان بواسطة الظلم.
ٱلْقَائِلِينَ فِي قُلُوبِهِمْ غالباً الكفر يكون في قلوب الناس وليس بأقوالهم (انظر مزمور ١٤: ١) «قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: لَيْسَ إِلٰهٌ».
ثَرْوَتُهُمْ (ع ١٣) الثروة لا تخلص وبالعكس قد تكون سبباً للهلاك لأنه مما يُخمل الإنسان ويرخيه ويحرّك الطمع في أعدائه (انظر ١ملوك ١٤: ٢٥ و٢٦) «صَعِدَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ إِلَى أُورُشَلِيمَ… وَأَخَذَ جَمِيعَ أَتْرَاسِ ٱلذَّهَبِ ٱلَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ» أي وجود هذه الثروة كان سبب صعود شيشق.
١٤ – ١٨ «١٤ قَرِيبٌ يَوْمُ ٱلرَّبِّ ٱلْعَظِيمِ. قَرِيبٌ وَسَرِيعٌ جِدّاً. صَوْتُ يَوْمِ ٱلّرَبِّ. يَصْرُخُ حِينَئِذٍ ٱلْجَبَّارُ مُرّاً. ١٥ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمُ يَوْمُ سَخَطٍ. يَوْمُ ضِيقٍ وَشِدَّةٍ. يَوْمُ خَرَابٍ وَدَمَارٍ. يَوْمُ ظَلاَمٍ وَقَتَامٍ. يَوْمُ سَحَابٍ وَضَبَابٍ. ١٦ يَوْمُ بُوقٍ وَهُتَافٍ عَلَى ٱلْمُدُنِ ٱلْمُحَصَّنَةِ وَعَلَى ٱلشُّرُفِ ٱلرَّفِيعَةِ. ١٧ وَأُضَايِقُ ٱلنَّاسَ فَيَمْشُونَ كَٱلْعُمْيِ، لأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَى ٱلرَّبِّ، فَيُسْفَحُ دَمُهُمْ كَٱلتُّرَابِ وَلَحْمُهُمْ كَٱلْجِلَّةِ. ١٨ لاَ فِضَّتُهُمْ وَلاَ ذَهَبُهُمْ يَسْتَطِيعُ إِنْقَاذَهُمْ فِي يَوْمِ غَضَبِ ٱلرَّبِّ، بَلْ بِنَارِ غَيْرَتِهِ تُؤْكَلُ ٱلأَرْضُ كُلُّهَا، لأَنَّهُ يَصْنَعُ فَنَاءً بَاغِتاً لِكُلِّ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ».
ع ٧ وحزقيال ٧: ٧ و١٢ و٣٠: ٣ ويوئيل ١: ١٥ و٣: ١٤ إرميا ٣٠: ٧ ويوئيل ٢: ١١ وملاخي ٤: ٥ حزقيال ٧: ١٦ – ١٨ إشعياء ٢٢: ٥ يوئيل ٢: ٢ و٣١ وعاموس ٥: ١٨ – ٢٠ إرميا ٤: ١٩ إشعياء ٢: ١٢ – ١٥ إرميا ١: ١٨ تثنية ٢٨: ٢٩ حزقيال ٢٤: ٧ و٨ إرميا ٨: ٢ و٩: ٢٢ حزقيال ٧: ١٩ ص ٣: ٨ حزقيال ٧: ٥ – ٧
قَرِيبٌ يَوْمُ ٱلرَّبِّ (انظر يوئيل ٢: ٣١) كان يوم الرب المذكور في يوئيل أتى ومضى. وأما يوم الرب المشار إليه هنا فهو دمار أورشليم عن يد الكلدانيين وهو قريب أي بعد نحو ٣٠ سنة. واليوم الأخير أي يوم الدينونة قريب لكل إنسان لأن حياته بهذا العالم كلها كأيام قليلة. وهو يوم ظلام (ع ١٥) لأن الله ابتعد عنهم ولذلك يمشون كالعمي (ع ١٧).
فَيُسْفَحُ دَمُهُمْ (ع ١٧) لا شيء أفضل من الحياة ولكن دمهم أي حياتهم يُسفح كالتراب كشيء ليس له قيمة مطلقاً.
لاَ فِضَّتُهُمْ (ع ١٨) إن المال وإن كان يأتينا بخيرات كثيرة لا يستطيع أن يعطينا كل شيء ولا الأشياء الأفضل. فإننا لا نقدر أن نشتري الصحة ولا السلام ولا التعزية ولا أصحاب مخلصين ولا الشرف الحقيقي ولا غفران الخطايا والحياة الأبدية. والمال لا يدوم. والقول هنا هو أن المال لا يستطيع أن يخلصهم من الأعداء الذين سيرسلهم الرب.
كُلِّ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ ليس فقط أرض يهوذا وهنا يرجع النبي إلى موضوع الذي كان فيه في أول الأصحاح.
السابق |