سفر التكوين | 45 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر التكوين
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ وَٱلأَرْبَعُونَ
إظهار يوسف نفسه لإخوته وغفرانه لهم وحثه وتشجيعهم على أن يأتوا هم وأبوه إلى مصر
١ « فَلَمْ يَسْتَطِعْ يُوسُفُ أَنْ يَضْبِطَ نَفْسَهُ لَدَى جَمِيعِ ٱلْوَاقِفِينَ عِنْدَهُ فَصَرَخَ: أَخْرِجُوا كُلَّ إِنْسَانٍ عَنِّي! فَلَمْ يَقِفْ أَحَدٌ عِنْدَهُ حِينَ عَرَّفَ يُوسُفُ إِخْوَتَهُ بِنَفْسِهِ».
ص ٤٣: ٣١ عدد ١٢: ٦ وأعمال ٧: ١٣
فَلَمْ يَسْتَطِعْ يُوسُفُ أَنْ يَضْبِطَ نَفْسَهُ الصورة التي صورها يهوذا بكلامه البليغ في ذهن يوسف من حب أبيه لبنيامين وإن بعده عن أبيه يعقوب يكون علة موته ونزوله حزيناً إلى دار الأموات وقد اشتعل رأسه شيباً. ومشاهدة يوسف إخوته في تلك الحال التي يرثي لهم فيها العدو ولا سيما حال يهوذا ودنوه من يوسف وتسليمه له نفسه عبداً فداء عن بنيامين وإطلاقاً له ليرجع إلى أبيه إلى غير ذلك من مؤثرات ذلك المشهد غلبت تجلد يوسف فقويت عواطف الحب البنوي والأخوي فيه حتى لم يستطع أن يكتم عنهم أنه أخوهم.
٢ «فَأَطْلَقَ صَوْتَهُ بِٱلْبُكَاءِ. فَسَمِعَ ٱلْمِصْرِيُّونَ وَسَمِعَ بَيْتُ فِرْعَوْنَ».
عدد ١٤: ١ ع ١٦
فَسَمِعَ ٱلْمِصْرِيُّونَ الخ أي إنه بلغهم نبأ مجيء إخوته لأنهم سمعوا صوت بكائه.
٣ « وَقَالَ يُوسُفُ لإِخْوَتِهِ: أَنَا يُوسُفُ. أَحَيٌّ أَبِي بَعْدُ؟ فَلَمْ يَسْتَطِعْ إِخْوَتُهُ أَنْ يُجِيبُوهُ، لأَنَّهُمُ ٱرْتَاعُوا مِنْهُ».
أعمال ٧: ١٣ أيوب ٢٣: ١٥ ومتّى ١٤: ٢٦ ومرقس ٦: ٥٠ ويوحنا ١٨: ٦
أَحَيٌّ أَبِي بَعْدُ (الاستفهام هنا للتعجب وإظهار الابتهاج بحياته لأنه عرف منهم مراراً أن أباه حي وإنهم يخشون من أن يموت حزناً إن لم يرجعوا بنيامين إليه).
٤، ٥ «٤ فَقَالَ يُوسُفُ لإِخْوَتِهِ: تَقَدَّمُوا إِلَيَّ. فَتَقَدَّمُوا. فَقَالَ: أَنَا يُوسُفُ أَخُوكُمُ ٱلَّذِي بِعْتُمُوهُ إِلَى مِصْرَ. ٥ وَٱلآنَ لاَ تَتَأَسَّفُوا وَلاَ تَغْتَاظُوا لأَنَّكُمْ بِعْتُمُونِي إِلَى هُنَا، لأَنَّهُ لٱسْتِبْقَاءِ حَيَاةٍ أَرْسَلَنِيَ ٱللهُ قُدَّامَكُمْ».
ص ٣٧: ٢٨ إشعياء ٤٠: ٢ و٢كورنثوس ٢: ٧ ص ٥٠: ٢٠ وعزرا ٩: ٨ و٩ ص ٥٠: ٢٠ ومزمور ١٠٥: ١٧
أَنَا يُوسُفُ أَخُوكُمُ أكدّ لهم بهذه العبارة أنه يوسف وزاد على ذلك أنه لم يزل أخاً لهم بالإخوة الحقة الموجبة للحب والإكرام فصمتوا يرتعدون خوفاً إذ رأوا أنفسهم في حضرة «صاحب الأحلام» الذي حسدوه وأبغضوه وعزموا على قتله ثم باعوه عبداً وقد صار قادراً على أن يهلك كثيرين من أمثالهم غير مسؤول بشيء ولذلك ما لبث أن أزال خوفهم بأن أبان رضاه عنهم وإن ما كان منهم لم يكن إلا بعناية الله وإحسانه إليهم وإلى غيرهم من الناس وإن الله في أحكامه حكماً تقصر عن إدراكها الألباب وإنه لا يقضي إلا بما هو خير وإن جهل ذلك البشر.
٦، ٧ «٦ لأَنَّ لِلْجُوعِ فِي ٱلأَرْضِ ٱلآنَ سَنَتَيْنِ. وَخَمْسُ سِنِينَ أَيْضاً لاَ تَكُونُ فِيهَا فَلاَحَةٌ وَلاَ حَصَادٌ. ٧ فَقَدْ أَرْسَلَنِي ٱللهُ قُدَّامَكُمْ لِيَجْعَلَ لَكُمْ بَقِيَّةً فِي ٱلأَرْضِ وَلِيَسْتَبْقِيَ لَكُمْ نَجَاةً عَظِيمَةً».
٢صموئيل ١٤: ٧ وإرميا ٤٠: ١١ و٤٤: ٧ إشعياء ٤: ٢ و١٠: ٢٠ و٣٧: ٤
لِيَجْعَلَ لَكُمْ بَقِيَّةً فِي ٱلأَرْضِ أي ليحفظ لكم بقية على الأرض أي ذرية تبقى عليها. وقد جاءت الكملة العبرانية بهذا المعنى في سفر الملوك الثاني (٢ملوك ١٩: ٣١). والمعنى ان الله سمح لكم بأن تبيعوني لأصير إلى مصر ويعدّ بواسطتي طعاماً في سني القحط لتبقوا وبيقى نسلكم من بعدكم ويصير أمة عظيمة.
٨ «فَٱلآنَ لَيْسَ أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمُونِي إِلَى هُنَا بَلِ ٱللهُ. وَهُوَ قَدْ جَعَلَنِي أَباً لِفِرْعَوْنَ وَسَيِّداً لِكُلِّ بَيْتِهِ وَمُتَسَلِّطاً عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ».
قضاة ١٧: ١٠ وأيوب ٢٩: ١٦
بَلِ ٱللهُ وفي العبرانية «بل الإله» فجاء «إلوهيم» معرّفاً (ولفظة «هالوهيم» فإن حرف الهاء في العبرانية يأتي حرف تعريف «كأل» في العربية). وحيث زيد حرف التعريف على إلوهيم دل على عمق شعور المتكلم (قابل هذا بما في ص ٤٨: ١٥) فكان الإله أو «هالوهيم» الذي هو موضوع عبادة نسلهم هو الذي أنقذهم.
أَباً لِفِرْعَوْنَ كثيراً ما كان يكنى الصدر الأعظم أو وزير الملك الأول بأبي الملك عند الملوك الشرقيين في العصور القديمة.
٩، ١٠ «٩ أَسْرِعُوا وَٱصْعَدُوا إِلَى أَبِي وَقُولُوا لَهُ: هٰكَذَا يَقُولُ ٱبْنُكَ يُوسُفُ: قَدْ جَعَلَنِيَ ٱللهُ سَيِّداً لِكُلِّ مِصْرَ. اِنْزِلْ إِلَيَّ. لاَ تَقِفْ. ١٠ فَتَسْكُنَ فِي أَرْضِ جَاسَانَ وَتَكُونَ قَرِيباً مِنِّي، أَنْتَ وَبَنُوكَ وَبَنُو بَنِيكَ وَغَنَمُكَ وَبَقَرُكَ وَكُلُّ مَا لَكَ».
ص ٤٦: ٢٨ و٣٤ و٤٧: ١ و٥٠: ٨ وخروج ٩: ٢٦
أَرْضِ جَاسَانَ وتسمى أرض رعمسيس أيضاً (ص ٤٧: ١١) والمرجّح أنها سُميت بذلك من مدينة رعمسيس التي سُخّر الإسرائيليون ببنائها (خروج ١: ١١). وكانت تلك الأرض على شاطئ النيل الشرقي من قرب ممفيس إلى البحر المتوسط وحدود أرض فلسطين (خروج ١٣: ١٧). ودُعيت في سفر المزامير «بلاد صوعن» والمرجح أنها لم تكن مسكونة ولكنها كانت كثيرة الكلإ والمراعي. وسُميت في ترجمة السبعين «جاسان العربية» وحسبها هيرودوتس وسترابو كل الأرض التي شرق النيل إلى خليج السويس. وكان المهاجرون الساميون لا يفتأون يأتون أفواجاً إلى الإسرائيليين هناك بأولادهم وعيالهم حتى زاد عدد السكان كثيراً فإننا رأينا في ما مرّ أنه ليس بيت إبراهيم وحده اختتن بل غلمانه وعبيده وكل أتباعه أيضاً وحُسب كل من آمن إيمان إبراهيم واختتن من الإسرائيليين آل إبراهيم ومن هذا الجمع العظيم كانت الكنيسة اليهودية.
١١ «وَأَعُولُكَ هُنَاكَ، لأَنَّهُ يَكُونُ أَيْضاً خَمْسُ سِنِينَ جُوعاً. لِئَلاَّ تَفْتَقِرَ أَنْتَ وَبَيْتُكَ وَكُلُّ مَا لَكَ».
ص ٤٧: ١٢ و٥٠: ٢١
بَيْتُكَ إنه إذ لم يكن قد مرّ من سني المجاعة سوى سنتين وكان ليعقوب كثير من الرجال والنساء والأولاد وكثير من البهائم من غنم وبقر وجمال وحمير وغيرها وكان لم يمت منها إلا قليل على ما يرجح كان مضطراً أن يذهب إلى مصر مع كل شيء له والإسرائيليين الذين معه الذين سُموا بالإسرائيليين نسبة إليه كما سُمي الإسماعيليون إسماعيليين بالنبسة إلى إسماعيل (ص ٣٧: ٢٥) ولم يُسموا بالإسماعيليين لأنهم كلهم من إسماعيل فإن بعضهم منه وكثيرين منهم خضعوا له وانضموا إلى شعبه فحُسبوا منهم. وفي قول يوسف في الآية الثامنة عشرة «بيوتكم» ما يدل على أنه كان لكل من الآباء عشيرة نُسبت إليه سوى الكثيرين الذين نُسبوا إلى يعقوب.
١٢ – ١٥ «١٢ وَهُوَذَا عُيُونُكُمْ تَرَى وَعَيْنَا أَخِي بِنْيَامِينَ أَنَّ فَمِي هُوَ ٱلَّذِي يُكَلِّمُكُمْ. ١٣ وَتُخْبِرُونَ أَبِي بِكُلِّ مَجْدِي فِي مِصْرَ وَبِكُلِّ مَا رَأَيْتُمْ، وَتَسْتَعْجِلُونَ وَتَنْزِلُونَ بِأَبِي إِلَى هُنَا. ١٤ ثُمَّ وَقَعَ عَلَى عُنُقِ بِنْيَامِينَ أَخِيهِ وَبَكَى. وَبَكَى بِنْيَامِينُ عَلَى عُنُقِهِ. ١٥ وَقَبَّلَ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ وَبَكَى عَلَيْهِمْ. وَبَعْدَ ذٰلِكَ تَكَلَّمَ إِخْوَتُهُ مَعَهُ».
ص ٤٢: ٢٣ أعمال ٧: ١٤ ص ٤٦: ٢٩ ولوقا ١٥: ٢٠
(يظهر من هذه الآيات أنه كان يقدم عليهم بنيامين شيئاً لزيادة حبه له لأنه أخوه من أبيه وأمه ولأنه كان سلوى يعقوب عن راحيل ويوسف ولم يظهر من سائر إخوته أدنى إمارة تدل على الحسد).
١٦ «وَسُمِعَ ٱلْخَبَرُ فِي بَيْتِ فِرْعَوْنَ، وَقِيلَ: جَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ. فَحَسُنَ فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ وَفِي عُيُونِ عَبِيدِهِ».
ص ٤١: ٣٧
فَحَسُنَ فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ كان لمجيء الإسرائيليين إلى مصر شأن عظيم وكان له كرامة إذ لم يأتوا إليها مرغومين أو مجبرين بل دعوا إليها ضيوف أعزاء محبوبين كما أثبت ما كان بعد ذلك. ولهذا سُرّ فرعون بنبإ مجيئهم ووصول إخوة يوسف وسألهم أن يأتوا بأبيهم ويسكنوا بلاده على الرحب والسعة.
١٧، ١٨ «١٧ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: قُلْ لإِخْوَتِكَ: ٱفْعَلُوا هٰذَا. حَمِّلُوا دَوَابَّكُمْ وَٱنْطَلِقُوا ٱذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. ١٨ وَخُذُوا أَبَاكُمْ وَبُيُوتَكُمْ وَتَعَالَوْا إِلَيَّ. فَأُعْطِيَكُمْ خَيْرَاتِ أَرْضِ مِصْرَ وَتَأْكُلُوا دَسَمَ ٱلأَرْضِ».
عزرا ٩: ١٢ وإشعياء ١: ١٩ وإرميا ٢: ٧ ص ٢٧: ٢٨ وعدد ١٨: ١٢ و٢٩
فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ (فكانت دعوتهم إلى مصر من فرعون نفسه فكانوا بمنزلة ضيوفه وعدهم خيراً وسمح لهم بدسم الأرض ولا ريب في أن علة ذلك حبه ليوسف).
١٩ «فَأَنْتَ قَدْ أُمِرْتَ. ٱفْعَلُوا هٰذَا. خُذُوا لَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ عَجَلاَتٍ لأَوْلاَدِكُمْ وَنِسَائِكُمْ، وَٱحْمِلُوا أَبَاكُمْ وَتَعَالَوْا».
عَجَلاَتٍ أرض مصر سهل فكانت مناسبة لاستعمال العجلات واستعملها المصريون منذ عهد بعيد. وشوهد على الأثار عجلة يجرها ثور. والمرجح أن مركبات فرعون ومركبات يوسف كانت تجرها الخيل التي كانت قد دخلت يومئذ أرض مصر.
لأَوْلاَدِكُمْ وفي العبرانية لأهل بيوتكم الصغار (انظر تفسير ص ٣٤: ٢٩).
٢٠ «وَلاَ تَحْزَنْ عُيُونُكُمْ عَلَى أَثَاثِكُمْ، لأَنَّ خَيْرَاتِ جَمِيعِ أَرْضِ مِصْرَ لَكُمْ».
أَثَاثِكُمْ الأثاث ما يكتسيه الإنسان ويستعلمه في الغطاء والوطاء وهنا كل ما في البيت من منسوج وآنية وأدوات.
٢١، ٢٢ «٢١ فَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ هٰكَذَا. وَأَعْطَاهُمْ يُوسُفُ عَجَلاَتٍ بِحَسَبِ أَمْرِ فِرْعَوْنَ. وَأَعْطَاهُمْ زَاداً لِلطَّرِيقِ. ٢٢ وَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُلَلَ ثِيَابٍ. وَأَمَّا بِنْيَامِينُ فَأَعْطَاهُ ثَلاَثَ مِئَةٍ مِنَ ٱلْفِضَّةِ وَخَمْسَ حُلَلِ ثِيَابٍ».
عدد ٣: ١٦ قضاة ١٤: ١٢ و٢ملوك ٥: ٥ ص ٤٣: ٣٤
حُلَلَ ثِيَابٍ كانت هبة الثياب تُعد في الشرق إكراماً ممتازاً (ص ٤١: ٤٢) فكان ما أتاه يوسف دليلاً على وفرة إكرامه لإخوته.
٢٣ «وَأَرْسَلَ لأَبِيهِ عَشَرَةَ حَمِيرٍ حَامِلَةً مِنْ خَيْرَاتِ مِصْرَ، وَعَشَرَ أُتُنٍ حَامِلَةً حِنْطَةً، وَخُبْزاً وَطَعَاماً لأَبِيهِ لأَجْلِ ٱلطَّرِيقِ».
ٱلطَّرِيقِ أي طريق المجيء إلى مصر.
٢٤ «ثُمَّ صَرَفَ إِخْوَتَهُ فَٱنْطَلَقُوا، وَقَالَ لَهُمْ: لاَ تَتَغَاضَبُوا فِي ٱلطَّرِيقِ».
ص ٤٢: ٢٢
لاَ تَتَغَاضَبُوا فِي ٱلطَّرِيقِ خشي يوسف أن يلوم كل منهم الآخر على ما أتاه يوم باعوه وأن يجعلوا معظم اللوم على واحد أو اثنين منهم فينشأ عن ذلك تحزب وانقسام وهذا كان من جملة أغراضه من بيانه لهم إن ما عملوه كان بإرادة الله وعنايته (وإن كان إثماً عليهم بالنظر إلى مقاصدهم).
٢٥ – ٢٧ «٢٥ فَصَعِدُوا مِنْ مِصْرَ وَجَاءُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ إِلَى يَعْقُوبَ أَبِيهِمْ، ٢٦ وَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: يُوسُفُ حَيٌّ بَعْدُ، وَهُوَ مُتَسَلِّطٌ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ! فَجَمَدَ قَلْبُهُ لأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ. ٢٧ ثُمَّ كَلَّمُوهُ بِكُلِّ كَلاَمِ يُوسُفَ ٱلَّذِي كَلَّمَهُمْ بِهِ، وَأَبْصَرَ ٱلْعَجَلاَتِ ٱلَّتِي أَرْسَلَهَا يُوسُفُ لِتَحْمِلَهُ. فَعَاشَتْ رُوحُ يَعْقُوبَ أَبِيهِمْ».
مزمور ٣٨: ٨ و٧٧: ٣ ص ٣٧: ٢١ و٣١ إلى ٣٣ مزمور ٢٢: ٢٦ و٦٩: ٣٢
فَجَمَدَ قَلْبُهُ أي برد دم قلبه حتى كاد يجمد لفرط دهشه وحيرته حتى أنه لم يصدق قولهم. فإن يعقوب كان قد مُزّق فؤاده حزناً على يوسف لأنه كان ولده وعلة تسلّيه عن راحيل المحبوبة ولم يبق له شيء من العزاء إلا سلامة بنيامين فلما بلغه أن يوسف لم يزل حياً لم يكن في ذهنه موضع لتصديق هذا الخبر السار ولا موضع في قلبه لقبوله فكان ما كان من جموده. وبعد أن رأى العجلات والهدايا الكثيرة رجع إلى صحوه وصدّق أن يوسف حي واستطاع أن يلذ بابتهاجه.
٢٨ «فَقَالَ إِسْرَائِيلُ: كَفَى! يُوسُفُ ٱبْنِي حَيٌّ بَعْدُ. أَذْهَبُ وَأَرَاهُ قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ».
فَقَالَ إِسْرَائِيلُ دعاه هنا إسرائيل باسمه الجديد لأن هذا الاسم كان يدعى به في أوقات الفوز والابتهاج والثقة بالوعد الذي وعده الله به كما وعد جده إبراهيم ودُعي نسله إسرائيل أيضاً لرفعته ولتلك الثقة عينها والتيقن أنه يرث بركة إبراهيم.
السابق |
التالي |