سفر التكوين

سفر التكوين | 34 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر التكوين 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلثَّلاَثُونَ

١ – ٤ «١ وَخَرَجَتْ دِينَةُ ٱبْنَةُ لَيْئَةَ ٱلَّتِي وَلَدَتْهَا لِيَعْقُوبَ لِتَنْظُرَ بَنَاتِ ٱلأَرْضِ، ٢ فَرَآهَا شَكِيمُ ٱبْنُ حَمُورَ ٱلْحِوِّيِّ رَئِيسِ ٱلأَرْضِ، وَأَخَذَهَا وَٱضْطَجَعَ مَعَهَا وَأَذَلَّهَا. ٣ وَتَعَلَّقَتْ نَفْسُهُ بِدِينَةَ ٱبْنَةِ يَعْقُوبَ، وَأَحَبَّ ٱلْفَتَاةَ وَلاَطَفَها. ٤ فَقَالَ شَكِيمُ لِحَمُورَ أَبِيهِ: خُذْ لِي هٰذِهِ ٱلصَّبِيَّةَ زَوْجَةً».

تيطس ٢: ٥ ص ٣٠: ٢١ ص ٢٤: ٣ و٢٧: ٤٦ و٢٨: ١ ص ٦: ٢ وقضاة ١٤: ١ ص ٢٠: ٢ تثنية ٢٢: ٢٩ وقضاة ١٩: ٢٤ و٢٠: ٥ و٢صموئيل ١٣: ٢٢ ص ٥٠: ٢١ وإشعياء ٤٠: ٢ وهوشع ٢: ١٤ قضاة ١٤: ٢

خَرَجَتْ دِينَةُ… لِتَنْظُرَ بَنَاتِ ٱلأَرْضِ المفسرون الذين ذهبوا إلى أن يعقوب بقي في حاران عشرين سنة يضطرون إلى القول بأنه بقي سنتين أو أكثر في سكوت وثماني سنين في شكيم قبل هذه الحادثة فلا يبقى بين تعيير دينة وبيع يوسف للإسماعيليين سوى سنة واحدة. لكن يُقال مع هذا إن كانت دينة لم تتجاوز حينئذ سن الرابعة عشرة لم يبق سوى تسع سنين ولدت فيها ليئة ست بنين وابنة مع بقائها زمناً طويلاً عاقراً فيه أعطت يعقوب جاريتها زلفة وولدت له ابنين. ثم إنه فوق هذا المحال إن يعقوب لم يبق في سكوت إلا إلى أن استراح وشُفي وهذا ظاهر كل الظهور. وما حمل دينة على الخروج إلا رغبتها في أن ترى الأمور الجديدة لأنها خرجت لتنظر بنات الأرض. أي لترى كيف نساء تلك الأرض وماذا تلبس. وقال يوسيفوس إنه كان يومئذ وليمة في شكيم فانتهزت دينة الفرصة لتعرف ما يتعلق بنساء البلاد الجديدة ولعلها تركت محلة أبيها مع بعض النساء ولم يعلم بذلك أبوها ولا أحد من إخوتها لأنهم كانوا يعتنون بالمواشي فنالت جزاء ما فعلته رغبة في معرفة الغريب. والمرجّح أنها أصابها ذلك العار بعد بضعة أسابيع من وصول يعقوب إلى هناك.

٥ «وَسَمِعَ يَعْقُوبُ أَنَّهُ نَجَّسَ دِينَةَ ٱبْنَتَهُ. وَأَمَّا بَنُوهُ فَكَانُوا مَعَ مَوَاشِيهِ فِي ٱلْحَقْلِ، فَسَكَتَ يَعْقُوبُ حَتَّى جَاءُوا».

حزقيال ١٨: ٦ و١١ و٢٥ و٣٣: ٢٦ و١صموئيل ١٠: ٢٧ و٢صموئيل ١٣: ٢٢

سَمِعَ يَعْقُوبُ لأن دينة لم ترجع إلى البيت (ع ٢٦) ولعله سمع نبأ إذلالها من الخادمة التي خرجت معها.

فَسَكَتَ يَعْقُوبُ الخ لا خوفاً من الحويين بل لأنه كان لأولاد ليئة الحق في أن ينظروا في أمر أختهم ويتدبروا في تحصيل شرفها ورفع عارها عنها.

٦ – ٩ «٦ فَخَرَجَ حَمُورُ أَبُو شَكِيمَ إِلَى يَعْقُوبَ لِيَتَكَلَّمَ مَعَهُ. ٧ وَأَتَى بَنُو يَعْقُوبَ مِنَ ٱلْحَقْلِ حِينَ سَمِعُوا. وَغَضِبَ ٱلرِّجَالُ وَٱغْتَاظُوا جِدّاً لأَنَّهُ صَنَعَ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِمُضَاجَعَةِ ٱبْنَةِ يَعْقُوبَ. وَهٰكَذَا لاَ يُصْنَعُ. ٨ وَقَالَ لَهُمْ حَمُورُ: شَكِيمُ ٱبْنِي قَدْ تَعَلَّقَتْ نَفْسُهُ بِٱبْنَتِكُمْ. أَعْطُوهُ إِيَّاهَا زَوْجَةً ٩ وَصَاهِرُونَا. تُعْطُونَنَا بَنَاتِكُمْ وَتَأْخُذُونَ لَكُمْ بَنَاتِنَا».

ص ٤٩: ٧ و٢صموئيل ١٣: ٢١ تثنية ٢٢: ٢١ ويشوع ٧: ١٥ وقضاة ٢٠: ٦ تثنية ٢٣: ١٧ و٢صموئيل ١٣: ١٢

صَنَعَ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ سكوت يعقوب دل على أنه رجل روية وغضب أولاده دلّ على شدة حميتهم لكنهم أخطأوا بشدة قسوتهم. وتسمية نسل يعقوب بالإسرائيليين خاص بزمن موسى وحدوثها هنا دل على أنه هو كاتب هذا السفر.

١٠ «وَتَسْكُنُونَ مَعَنَا، وَتَكُونُ ٱلأَرْضُ قُدَّامَكُمُ. ٱسْكُنُوا وَاتَّجِرُوا فِيهَا وَتَمَلَّكُوا بِهَا».

ص ١٣: ٩ و٢٠: ١٥ ص ٤٢: ٣٤ ص ٤٧: ٢٧

تَسْكُنُونَ مَعَنَا أراد حمور أن يترك يعقوب وآله عيش البداوة ويسكنوا بين الحويين ويشتغلوا بالتجارة ويستولوا على الأملاك غير المنقولة كالدار والحقل مما يُعرف بالعقار لا المنقولة كالغنم والبقر وما أشبه ذلك وأن يصيروا أمة واحدة.

١١، ١٢ «١١ ثُمَّ قَالَ شَكِيمُ لأَبِيهَا وَلإِخْوَتِهَا: دَعُونِي أَجِدْ نِعْمَةً فِي أَعْيُنِكُمْ. فَٱلَّذِي تَقُولُونَ لِي أُعْطِي. ١٢ كَثِّرُوا عَلَيَّ جِدّاً مَهْراً وَعَطِيَّةً، فَأُعْطِيَ كَمَا تَقُولُونَ لِي. وَأَعْطُونِي ٱلْفَتَاةَ زَوْجَةً».

خروج ٢٢: ١٧ وتثنية ٢٢: ٢٩ و١صموئيل ١٨: ٢٥

مَهْراً وَعَطِيَّةً كان المهر عندهم ما يُعطاه والدا العروس وأقرباؤها وما تعطاه العروس نفسها. والمهر كثير عند العرب.

١٣ – ١٧ «١٣ فَأَجَابَ بَنُو يَعْقُوبَ شَكِيمَ وَحَمُورَ أَبَاهُ بِمَكْرٍ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ نَجَّسَ دِينَةَ أُخْتَهُمْ: ١٤ لاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَفْعَلَ هٰذَا ٱلأَمْرَ أَنْ نُعْطِيَ أُخْتَنَا لِرَجُلٍ أَغْلَفَ، لأَنَّهُ عَارٌ لَنَا. ١٥ غَيْرَ أَنَّنَا بِهٰذَا نُواتِيكُمْ: إِنْ صِرْتُمْ مِثْلَنَا بِخَتْنِكُمْ كُلَّ ذَكَرٍ. ١٦ نُعْطِيكُمْ بَنَاتِنَا وَنَأْخُذُ لَنَا بَنَاتِكُمْ، وَنَسْكُنُ مَعَكُمْ وَنَصِيرُ شَعْباً وَاحِداً. ١٧ وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لَنَا، أَنْ تَخْتَتِنُوا، نَأْخُذُ ٱبْنَتَنَا وَنَمْضِي».

٢صموئيل ١٣: ٢٣ إلى ٢٧ يشوع ٥: ٩ خروج ١٢: ٤٨

لم يُذكر هنا إن يعقوب تكلم بشيء.

١٨ – ٢٠ «١٨ فَحَسُنَ كَلاَمُهُمْ فِي عَيْنَيْ حَمُورَ وَفِي عَيْنَيْ شَكِيمَ بْنِ حَمُورَ. ١٩ وَلَمْ يَتَأَخَّرِ ٱلْغُلاَمُ أَنْ يَفْعَلَ ٱلأَمْرَ، لأَنَّهُ كَانَ مَسْرُوراً بِٱبْنَةِ يَعْقُوبَ. وَكَانَ أَكْرَمَ جَمِيعِ بَيْتِ أَبِيهِ. ٢٠ فَأَتَى حَمُورُ وَشَكِيمُ ٱبْنُهُ إِلَى بَابِ مَدِينَتِهُمَا، وَقَالاَ لأَهْلِ مَدِينَتِهُمَا»

١أيام ٤: ٩ ص ٢٣: ١٠ و١٨ وراعوث ٤: ١

فَحَسُنَ كَلاَمُهُمْ فِي عَيْنَيْ حَمُورَ الخ أي راق له ما قالوه ورضيه. ولنا مما قيل هنا إن الإسرائيليين كانوا في أيام يعقوب يرون الختان من الواجبات وإنه كان مكرماً أيضاً عند الأمم وإلا لم يرضوا أن يحتملوا ألمه.

٢١ – ٢٤ «٢١ هٰؤُلاَءِ ٱلْقَوْمُ مُسَالِمُونَ لَنَا. فَلْيَسْكُنُوا فِي ٱلأَرْضِ وَيَتَّجِرُوا فِيهَا. وَهُوَذَا ٱلأَرْضُ وَاسِعَةُ ٱلطَّرَفَيْنِ أَمَامَهُمْ. نَأْخُذُ لَنَا بَنَاتِهِمْ زَوْجَاتٍ وَنُعْطِيهِمْ بَنَاتِنَا. ٢٢ غَيْرَ أَنَّهُ بِهٰذَا فَقَطْ يُواتِينَا ٱلْقَوْمُ عَلَى ٱلسَّكَنِ مَعَنَا لِنَصِيرَ شَعْباً وَاحِداً: بِخَتْنِنَا كُلَّ ذَكَرٍ كَمَا هُمْ مَخْتُونُونَ. ٢٣ أَلاَ تَكُونُ مَوَاشِيهِمْ وَمُقْتَنَاهُمْ وَكُلُّ بَهَائِمِهِمْ لَنَا؟ نُواتِيهِمْ فَقَطْ فَيَسْكُنُونَ مَعَنَا. ٢٤ فَسَمِعَ لِحَمُورَ وَشَكِيمَ ٱبْنِهِ جَمِيعُ ٱلْخَارِجِينَ مِنْ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ. وَٱخْتَتَنَ كُلُّ ذَكَرٍ كُلُّ ٱلْخَارِجِينَ مِنْ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ».

نَأْخُذُ لَنَا بَنَاتِهِمْ في جماعة جديدة كالحويين تُعد كثرة النساء من أسباب القوة لأنها علة الإكثار. وكان بنو يعقوب من النسل السامي فكانوا على درجة عالية من القوة العقلية والجسدية. وكانوا أغنياء بكثرة القطعان وغيرها من أمور الثراء. فكان اتحادهم بأهل شكيم من وسائل رفعة الحويين وزيادة قوتهم في الكنعانيين وهذا ما حمل حمور على ما قاله لآل يعقوب ولقومه.

٢٥، ٢٦ «٢٥ فَحَدَثَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ إِذْ كَانُوا مُتَوَجِّعِينَ أَنَّ ٱبْنَيْ يَعْقُوبَ، شَمْعُونَ وَلاَوِيَ أَخَوَيْ دِينَةَ، أَخَذَا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ وَأَتَيَا عَلَى ٱلْمَدِينَةِ بِأَمْنٍ وَقَتَلاَ كُلَّ ذَكَرٍ. ٢٦ وَقَتَلاَ حَمُورَ وَشَكِيمَ ٱبْنَهُ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ، وَأَخَذَا دِينَةَ مِنْ بَيْتِ شَكِيمَ وَخَرَجَا».

ص ٤٩: ٥ إلى ٧

شَمْعُونَ وَلاَوِيَ أَخَوَيْ دِينَةَ كان شمعون ولاوي مولدين من أم دينة ولهذا اتفقا هما ورأوبين ويهوذا على الانتقام لاختهما لكنما جاوزا حدا الاعتدال. ويظهر من الكتاب إن هذين الأخوين كانا القائدين في ذلك العمل الفظيع ولم يكن رأوبين ممن يحبون سفك الدم مثلهما (ص ٣٧: ٢٢).

٢٧، ٢٨ «٢٧ ثُمَّ أَتَى بَنُو يَعْقُوبَ عَلَى ٱلْقَتْلَى وَنَهَبُوا ٱلْمَدِينَةَ، لأَنَّهُمْ نَجَّسُوا أُخْتَهُمْ. ٢٨ غَنَمَهُمْ وَبَقَرَهُمْ وَحَمِيرَهُمْ وَكُلَّ مَا فِي ٱلْمَدِينَةِ وَمَا فِي ٱلْحَقْلِ أَخَذُوهُ».

بَنُو يَعْقُوبَ بعد أن قتل الأخوان حمور وشكيم أخذا دينة من بيت شكيم وخرجا ولكن أبناء يعقوب كلهم اشتركوا في ذلك العمل ما عدا الصغار بدليل أنهم نهبوا.

٢٩ «وَسَبَوْا وَنَهَبُوا كُلَّ ثَرْوَتِهِمْ وَكُلَّ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَاءَهُمْ وَكُلَّ مَا فِي ٱلْبُيُوتِ».

سَبَوْا… كُلَّ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَاءَهُمْ ليكونوا لهم عبيداً وإماء.

٣٠، ٣١ «٣٠ فَقَالَ يَعْقُوبُ لِشَمْعُونَ وَلاَوِي: كَدَّرْتُمَانِي بِتَكْرِيهِكُمَا إِيَّايَ عِنْدَ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْفِرِزِيِّينَ، وَأَنَا نَفَرٌ قَلِيلٌ. فَيَجْتَمِعُونَ عَلَيَّ وَيَضْرِبُونَنِي، فَأَبِيدُ أَنَا وَبَيْتِي. ٣١ فَقَالاَ: أَنَظِيرَ زَانِيَةٍ يَفْعَلُ بِأُخْتِنَا؟».

ص ٤٩: ٦ ويشوع ٧: ٢٥ خروج ٥: ٢١ و١صموئيل ١٣: ٤ مزمور ١٠٥: ١٢

كَدَّرْتُمَانِي الخ قال يعقوب هذا لما توقعه من الخطر الذي ينشأ عن عملهما فاعتذرا له لكنهما جاوزا حدود الانتقام الذي يستحقه ما اعتذرا به.

السابق
التالي

 

زر الذهاب إلى الأعلى