سفر التكوين | 26 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر التكوين
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ وَٱلْعِشْرُونَ
ذهاب إسحاق إلى جرار
١ « وَكَانَ فِي ٱلأَرْضِ جُوعٌ غَيْرُ ٱلْجُوعِ ٱلأَوَّلِ ٱلَّذِي كَانَ فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ، فَذَهَبَ إِسْحَاقُ إِلَى أَبِيمَالِكَ مَلِكِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ إِلَى جَرَارَ».
ص ١٢: ١٠ ص ٢٠: ٢
فَذَهَبَ إِسْحَاقُ… إِلَى جَرَارَ جرياً على سنن المهاجرة السامية (ص ١٢: ١٥). كان إسحاق يقصد أن يذهب إلى مصر لكن الله أمره أن يقيم بأرض كنعان وبذلك حقق له أنه يرثها بمقتضى الوعد لأبيه. وكان إسحاق يومئذ ساكناً عند بئر «لحي رئي». وهذا المحل لم يعرف حق المعرفة اليوم ولكنه كان بعيداً إلى الجنوب لأن إسحاق ذهب منه إلى جرار على الطريق المؤدية إلى مصر.
٢ «وَظَهَرَ لَهُ ٱلرَّبُّ وَقَالَ: لاَ تَنْزِلْ إِلَى مِصْرَ. ٱسْكُنْ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَقُولُ لَكَ».
ص ١٢: ١
وَظَهَرَ لَهُ ٱلرَّبُّ هذه المرة فقط ما عدا ظهوره له في الآية الرابعة والعشرين وقد مر ستون سنة على ظهوره لإبراهيم في (ص ١٢). على أن ظهوره لغير إبراهيم من الآباء كان قليلاً نعم إنه كان يعتني بكل أمورهم ولكنه ما كان يظهر لهم إلا عند الضرورة لتقوية إيمانهم.
٣ – ٦ «٣ تَغَرَّبْ فِي هٰذِهِ ٱلأَرْضِ فَأَكُونَ مَعَكَ وَأُبَارِكَكَ، لأَنِّي لَكَ وَلِنَسْلِكَ أُعْطِي جَمِيعَ هٰذِهِ ٱلْبِلاَدِ، وَأَفِي بِٱلْقَسَمِ ٱلَّذِي أَقْسَمْتُ لإِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ. ٤ وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ كَنُجُومِ ٱلسَّمَاءِ، وَأُعْطِي نَسْلَكَ جَمِيعَ هٰذِهِ ٱلْبِلاَدِ، وَتَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ ٱلأَرْضِ، ٥ مِنْ أَجْلِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ لِقَوْلِي وَحَفِظَ مَا يُحْفَظُ لِي: أَوَامِرِي وَفَرَائِضِي وَشَرَائِعِي. ٦ فَأَقَامَ إِسْحَاقُ فِي جَرَارَ».
ص ٢٠: ١ ومزمور ٣٩: ١٢ وعبرانيين ١١: ٩ ص ٢٨: ١٥ ص ١٢: ٢ ص ١٣: ١٥ و١٥: ١٨ ص ٢٢: ١٦ ومزمور ١٠٥: ٩ ص ١٥: ٥ و٢٢: ١٧ ص ١٢: ٣ و٢٢: ١٨ ص ٢٢: ١٦ و١٨
هٰذِهِ ٱلأَرْضِ الخ ذُكر سكان هذه الأرض في (ص ١٥: ١٩ – ٢١). وذُكر الكلام على القَسم في تفسير (ص ١٢: ١٦). وعلى التمثيل بالنجوم في تفسير (ص ١٥: ٥).
٧ «وَسَأَلَهُ أَهْلُ ٱلْمَكَانِ عَنِ ٱمْرَأَتِهِ،ؤ فَقَالَ: هِيَ أُخْتِي. لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَقُولَ «ٱمْرَأَتِي» لَعَلَّ أَهْلَ ٱلْمَكَانِ «يَقْتُلُونَنِي مِنْ أَجْلِ رِفْقَةَ» لأَنَّهَا كَانَتْ حَسَنَةَ ٱلْمَنْظَرِ».
فَقَالَ هِيَ أُخْتِي جرى إسحاق في هذا على سنن أبيه (ص ٢٠: ٢) وكانت علته علة أبيه عينها ولكن ملك جرار لم يأخذ هنا رفقة كما أخذ الذي قبله سارة ولم يُعط هذا إسحاق كما أعطى ذاك إبراهيم. وعرف هذا بعد ذلك إن رفقة امرأة إسحاق وأخيراً طرده من أرضه فبعد عنه ثم صار بينهما صداقة وسلام.
٨ «وَحَدَثَ إِذْ طَالَتْ لَهُ ٱلأَيَّامُ هُنَاكَ أَنَّ أَبِيمَالِكَ مَلِكَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ أَشْرَفَ مِنَ ٱلْكُوَّةِ وَنَظَرَ، وَإِذَا إِسْحَاقُ يُلاَعِبُ رِفْقَةَ ٱمْرَأَتَهُ».
قضاة ٥: ٢٨ وأمثال ٧: ٦
أَبِيمَالِكَ هذا اسم لكل ملك من ملوك الفلسطينيين (انظر تفسير ص ٢١: ٢٢). كان قد مضى ثمانون سنة على تغرب إبراهيم في جرار فيرجح كل الترجيح ان أبيمالك إسحاق غير أبيمالك إبراهيم. وكانت فلسطين مملكة ضعيفة لكنها قويت أخيراً وكانت من شر أعداء الإسرائيليين في نهاية عصر القضاة.
٩ – ١١ «٩ فَدَعَا أَبِيمَالِكُ إِسْحَاقَ وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ ٱمْرَأَتُكَ! فَكَيْفَ قُلْتَ: هِيَ أُخْتِي؟ فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ: لأَنِّي قُلْتُ: لَعَلِّي أَمُوتُ بِسَبَبِهَا. ١٠ فَقَالَ أَبِيمَالِكُ: مَا هٰذَا ٱلَّذِي صَنَعْتَ بِنَا؟ لَوْلاَ قَلِيلٌ لٱضْطَجَعَ أَحَدُ ٱلشَّعْبِ مَعَ ٱمْرَأَتِكَ فَجَلَبْتَ عَلَيْنَا ذَنْباً. ١١ فَأَوْصَى أَبِيمَالِكُ جَمِيعَ ٱلشَّعْبِ: ٱلَّذِي يَمَسُّ هٰذَا ٱلرَّجُلَ أَوِ ٱمْرَأَتَهُ مَوْتاً يَمُوتُ».
ص ٢٠: ٩ مزمور ١٠٥: ١٥
في هذه الآيات دليل قاطع على حسن أخلاق أبيمالك وعظيم مروءته وبيان أن علة كذب إسحاق كانت كعلة كذب إبراهيم أبيه.
١٢، ١٣ «١٢ وَزَرَعَ إِسْحَاقُ فِي تِلْكَ ٱلأَرْضِ فَأَصَابَ فِي تِلْكَ ٱلسَّنَةِ مِئَةَ ضِعْفٍ، وَبَارَكَهُ ٱلرَّبُّ. ١٣ فَتَعَاظَمَ ٱلرَّجُلُ وَكَانَ يَتَزَايَدُ فِي ٱلتَّعَاظُمِ حَتَّى صَارَ عَظِيماً جِدّاً».
ص ٢٤: ١ و٤٥ وع ٣ وأيوب ٤٢: ١٢ ص ٢٤: ٣٥ ومزمور ١١١٢: ٣ وأمثال ١٠: ٢٢
وَزَرَعَ إِسْحَاقُ فِي تِلْكَ ٱلأَرْضِ غرس إبراهيم اثلاً في بئر سبع (ص ٢١: ٣٣) فأعلن إن الموضع مقام دائم يستحق أن يزين بالغروس ويُزاد حسناً. وإسحاق ويعقوب تقدماً في إعلان ذلك شيئاً إذ حرثا الأرض وزرعاها. ولم يكن إسحاق في أول أمره كأحد شيوخ البلاد في هذا العصر. فإن أهل البادية كثيراً ما يرون أرضاً مزروعة فينتظرون أن ينضج زرعها ويجنونه غنيمة باردة لأن حرث الأرض وزرعها عار عندهم وإسحاق لما اضطر إلى ذلك حرث وزرع ولعله أخذ الميل إلى الزرع عن أبيه إبراهيم في بئر سبع. وكان قبل يشتري الحبوب لا ينهبها. ولم يذهب إسحاق إلى جرار إلا من الجوع ويرجح أنه كان قد فقد أكثر مواشيه وقطعانه وكثيراً من قومه حتى اضطر إلى الزرع وبارك الله زرعه فنما وأغناه. ثم رجع إلى بئر سبع وصار منذ ذلك العهد يزرع تلك الأرض.
١٤ «فَكَانَ لَهُ مَوَاشٍ مِنَ ٱلْغَنَمِ وَمَوَاشٍ مِنَ ٱلْبَقَرِ وَعَبِيدٌ كَثِيرُونَ. فَحَسَدَهُ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ».
ص ١٢: ١٦ ص ٣٧: ١١ وجامعة ٤: ٤
عَبِيدٌ كَثِيرُونَ يعتنون بالبقر والغنم والزرع.
١٥، ١٦ «١٥ وَجَمِيعُ ٱلآبَارِ، ٱلَّتِي حَفَرَهَا عَبِيدُ أَبِيهِ فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ، طَمَّهَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ وَمَلأُوهَا تُرَاباً. ١٦ وَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِسْحَاقَ: ٱذْهَبْ مِنْ عِنْدِنَا لأَنَّكَ صِرْتَ أَقْوَى مِنَّا جِدّاً».
ص ٢١: ٣٠ خروج ١: ٩
ٱلآبَار الخ يُعتبر حفر الآبار في الشرق من أحسن أعمال الإحسان لكن الفلسطينيين طموا الآبار التي حفرها إبراهيم. ولعل الذي حملهم على ذلك ملكه إياها لما كان بينه وبين أبيمالك من العهد (ص ٢١: ٢٣) وحسبوا ذلك اختلاساً لحقوقهم لأنهم أهل الأرض فوق ما اتقد في قلوبهم من نيران الحسد. ولما رأوا وفرة غناه عزموا على طرده من أرضهم وكان من أحسن الوسائل إلى ذلك طم الآبار التي بدونها تهلك كل بهائمه. ثم أمره الملك بالذهاب وأبان له العلة وهي أنه صار أقوى منهم.
١٧ «فَمَضَى إِسْحَاقُ مِنْ هُنَاكَ. وَنَزَلَ فِي وَادِي جَرَارَ وَأَقَامَ هُنَاكَ».
وَادِي جَرَارَ هذا الوادي مضيق يجري فيه الماء صيفاً في عدة مواضع وإذا حفر هضمه خرج الماء منه. وسار إسحاق إلى هناك لأنه ظن الوادي بعيداً عن جرار فيقيم به بسلام لكنه أخطأ بذلك وإن مر عليه فيه مدة وهو في راحة وأمن.
١٨ – ٢٢ «١٨ فَعَادَ إِسْحَاقُ وَنَبَشَ آبَارَ ٱلْمَاءِ ٱلَّتِي حَفَرُوهَا فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ، وَطَمَّهَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَدَعَاهَا بِأَسْمَاءٍ كَٱلأَسْمَاءِ ٱلَّتِي دَعَاهَا بِهَا أَبُوهُ. ١٩ وَحَفَرَ عَبِيدُ إِسْحَاقَ فِي ٱلْوَادِي فَوَجَدُوا هُنَاكَ بِئْرَ مَاءٍ حَيٍّ. ٢٠ فَخَاصَمَ رُعَاةُ جَرَارَ رُعَاةَ إِسْحَاقَ قَائِلِينَ: لَنَا ٱلْمَاءُ. فَدَعَا ٱسْمَ ٱلْبِئْرِ «عِسِقَ» لأَنَّهُمْ نَازَعُوهُ. ٢١ ثُمَّ حَفَرُوا بِئْراً أُخْرَى وَتَخَاصَمُوا عَلَيْهَا أَيْضاً، فَدَعَا ٱسْمَهَا سِطْنَةَ. ٢٢ ثُمَّ نَقَلَ مِنْ هُنَاكَ وَحَفَرَ بِئْراً أُخْرَى وَلَمْ يَتَخَاصَمُوا عَلَيْهَا، فَدَعَا ٱسْمَهَا «رَحُوبُوتَ» وَقَالَ: إِنَّهُ ٱلآنَ قَدْ أَرْحَبَ لَنَا ٱلرَّبُّ وَأَثْمَرْنَا فِي ٱلأَرْضِ».
ع ١٥ ص ٢١: ٣١ نشيد الأنشاد ٤: ١٥ وإرميا ٢: ١٣ وزكريا ١٤: ٨ ويوحنا ٤: ١٠ ص ٢١: ٢٥ تثنية ٣٣: ٢٠ و٢صموئيل ٢٢: ٢٠ ص ١٧: ٦ و٢٨: ٣ و٤١: ٥٢ وخروج ١: ٧
فَعَادَ إِسْحَاقُ وَنَبَشَ آبَارَ ٱلْمَاءِ هذا العمل جدّد ملكه في أرض الفلسطينيين وكانت بئره الأولى في وادي جرار وكانت ذات قيمة عظيمة لا لبقاء مائها فقط بل لكونها كانت تمد من الينابيع المجاورة بدليل أنها «بئر ماء حي» (ع ١٩). فخاصمه الفلسطينيون فتركها بغية السلام مع أنه كان يحق له أن يملكها بناء على العهد الذي كان بين أبيه وملك جرار لكنه تركها كارهاً ولذلك سماها «عسق» أي نزاعاً (ع ٢٠). ولما اضطر أن يترك البئر الثانية دعاها «سطنة» أي خصاماً أو عداوة فإنهم شددوا الاضطهاد له حينئذ. ولما سئم الخصام وتعب منه أبعد عنهم كثيراً فبلغوا غايتهم وكفوا عنه. فحفر بئراً أخرى ودعا اسمها «رحوبوت» أي رحباً أو موضعاً واسعاً. وهي البئر المعروفة اليوم في وادي رحيبة قطرها في الأصل اثنتا عشر قدماً يحيط بها حجر عظيم كمحيط الدائرة وهي جنوبي بئر سبع على أمد خمسة وعشرين ميلاً من جرار.
٢٣ – ٢٥ «٢٣ ثُمَّ صَعِدَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ. ٢٤ فَظَهَرَ لَهُ ٱلرَّبُّ فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ وَقَالَ: أَنَا إِلٰهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ. لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ، وَأُبَارِكُكَ وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ مِنْ أَجْلِ إِبْرَاهِيمَ عَبْدِي. ٢٥ فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً وَدَعَا بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ. وَنَصَبَ هُنَاكَ خَيْمَتَهُ. وَحَفَرَ هُنَاكَ عَبِيدُ إِسْحَاقَ بِئْراً».
ص ١٧: ٧ و٢٤: ١٢ و٢٨: ١٣ وخروج ٣: ٦ وأعمال ٧: ٣٢ ص ١٥: ١ ع ٣ و٤ ص ١٢: ٧ و١٣: ١٨ مزمور ١١٦: ١٧
إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ كان ذلك شاقاً على إسحاق وضاراً له فإنه بعد أن أمن من الأعداء بالبعد عنهم رجع إلى الموضع الذي ليس بينه وبين جرار سوى خمسة عشر ميلاً فلو عاد اضطهادهم إياه وخصامهم لالتظت نار الحرب ولم يرجع إلى «لحي رئي» مع أنه أقام بها مدة طويلة بل عاد إلى بئر سبع وطن أبيه المحبوب. وكان ملكه الشرعي لأنه ورثه عن أبيه إبراهيم. وفي تلك الليلة ظهر له الرب وقال له «لا تخف» وجدد له الوعد بحقوق ميلاده.
إِبْرَاهِيمَ عَبْدِي (ع ٢٤) هذا من ألقاب الشرف والسمو لقب به موسى ويشوع (يشوع ٢٤: ٢٩) وإسرائيل (إشعياء ٤١: ٨) والمسيح (إشعياء ٥٢: ٣).
فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً (ع ٢٥) لما رجع إسحاق إلى بئر سبع رأى أنه في موضع هو فيه عرضة للخطر مع أنه بمقتضى العهد بين أبيه وأبيمالك كان ملكه ولما حقق الله له الوعد أعاد العبادة لله في الموضع الذي عبده فيه أبوه وأقام فيه مذبحه (ص ٢١: ٣٣).
٢٦ «وَذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ جَرَارَ أَبِيمَالِكُ وَأَحُزَّاتُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِيكُولُ رَئِيسُ جَيْشِهِ».
١ملوك ٤: ٥ و١أيام ٢٧: ٣٣ ص ٢١: ٢٢
أَبِيمَالِكُ كان رجوع إسحاق إلى بئر سبع أمراً ذا شأن عند أبيمالك. وكان الفلسطينيون أنفسهم حلفاء. وكانت المحالفة بين إسحاق وإسماعيل وغيره من النسل السامي قد انتهت بعد طردهم من البلاد. وكان إبراهيم نفسه حليف الأموريين (ص ١٤: ١٣) وصديقاً للحثيين (ص ٢٣: ٦) وكانا من أقوياء الكنعانيين ومستعدين أن يساعدوا ابنه. فلما رجع إسحاق إلى وطن أبيه ولم يعلم أبيمالك قصده بذلك أسرع إلى عقد الصداقة والولاء بينه وبين إسحاق وتجديد العهد القديم الذي كان بين إبراهيم وأهل جرار.
أَحُزَّاتُ لا نعلم أعلم شخصي هذا أم اسم جماعة من الأصحاب على ما في الترجوم وما قاله جيروم فإن كان علم شخص كان ذلك الشخص من حلفائه أو كاتم أسراره.
فِيكُولُ (انظر تفسير ص ٢١: ٢٢).
٢٧ «فَقَالَ لَهُمْ إِسْحَاقُ: مَا بَالُكُمْ أَتَيْتُمْ إِلَيَّ وَأَنْتُمْ قَدْ أَبْغَضْتُمُونِي وَصَرَفْتُمُونِي مِنْ عِنْدِكُمْ؟».
قضاة ١١: ٧ ع ١٦
مَا بَالُكُمْ أَتَيْتُمْ إِلَيَّ أراد إسحاق البحث والنظر في المسئلة وكان على أبيمالك حينئذ أن يبين أللسلام أتى أم للحرب.
٢٨، ٢٩ «٢٨ فَقَالُوا: إِنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا أَنَّ ٱلرَّبَّ كَانَ مَعَكَ، فَقُلْنَا: لِيَكُنْ بَيْنَنَا حَلْفٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ، وَنَقْطَعُ مَعَكَ عَهْداً: ٢٩ أَنْ لاَ تَصْنَعَ بِنَا شَرّاً، كَمَا لَمْ نَمَسَّكَ وَكَمَا لَمْ نَصْنَعْ بِكَ إِلاَّ خَيْراً وَصَرَفْنَاكَ بِسَلاَمٍ. أَنْتَ ٱلآنَ مُبَارَكُ ٱلرَّبِّ!».
ص ٢١: ٢٢ و٢٣ ص ٢٤: ٣١ ومزمور ١١٥: ١٥
لِيَكُنْ بَيْنَنَا حَلْفٌ كان ذلك الحلف أن يسأل الله أن يضربه إن نكث العهد.
نَقْطَعُ مَعَكَ عَهْداً (انظر تفسير ص ١٥: ١٠ و١٨).
مُبَارَكُ ٱلرَّبِّ (ع ٢٩) الرب هنا «يهوه» في العبرانية وهو اسم الواجب الوجود عند العبرانيين خاصة. وأبيمالك كان يستعمل اسم «إلوهيم» اي الله فكيف استعمل هنا اسم «يهوه» فالظاهر أن الفلسطينيين بمجاورة إبراهيم وإسحاق إياهم صاروا يعرفون دين الآباء. ولكن بقي هنا إن يهوه لم يكن اسم الله المعتاد (خروج ٦: ٣) فكيف عرفه أبيمالك ومن معه. فما لنا هنا إلا أن نقول كما قال روسنمولر إن موسى كتب «يهوه» موضع الاسم الذي تلفظ به إبيمالك. ومما يجب الالتفات إليه هنا ان أبيمالك لم يستعمل اسم إلهٍ من آلهة الفلسطينيين بل اختار إله الآباء وإله عهدهم ولعله أتى ذلك احتراماً وإكراماً.
٣٠، ٣١ «٣٠ فَصَنَعَ لَهُمْ ضِيَافَةً. فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا، ٣١ ثُمَّ بَكَّرُوا فِي ٱلْغَدِ وَحَلَفُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَصَرَفَهُمْ إِسْحَاقُ. فَمَضَوْا مِنْ عِنْدِهِ بِسَلاَمٍ».
ص ١٩: ٣ ص ٢١: ٣١
(أتى ذلك إثباتاً للعهد وتوثيقاً للصداقة التي حلفوا عليهما).
٣٢ «وَحَدَثَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّ عَبِيدَ إِسْحَاقَ جَاءُوا وَأَخْبَرُوهُ عَنِ ٱلْبِئْرِ ٱلَّتِي حَفَرُوا، وَقَالُوا لَهُ: قَدْ وَجَدْنَا مَاءً».
ع ٢٥
وَجَدْنَا مَاءً لا نعلم أبئراً جديدة حفروا أم بئراً قديمة نبشوا.
٣٣ «فَدَعَاهَا «شِبْعَةَ». لِذٰلِكَ ٱسْمُ ٱلْمَدِينَةِ بِئْرُ سَبْعٍ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».
ص ٢١: ٣١
لِذٰلِكَ ٱسْمُ ٱلْمَدِينَةِ بِئْرُ سَبْعٍ أي جدد إسحاق اسمها القديم فثبت.
تزوج عيسو امرأتين كنعانيتين
٣٤، ٣٥ «٣٤ وَلَمَّا كَانَ عِيسُو ٱبْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً اتَّخَذَ زَوْجَةً: يَهُودِيتَ ٱبْنَةَ بِيرِي ٱلْحِثِّيِّ، وَبَسْمَةَ ٱبْنَةَ إِيلُونَ ٱلْحِثِّيِّ. ٣٥ فَكَانَتَا مَرَارَةَ نَفْسٍ لإِسْحَاقَ وَرِفْقَةَ».
ص ٣٦: ٢ ص ٢٧: ٤٦ و٢٨: ١ و٨
كَانَ عِيسُو ٱبْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً الخ خالف عيسو بذلك سنة إبراهيم (ص ٢٤: ٣) ولذلك كان ما في (ع ٣٥).
مَرَارَةَ نَفْسٍ أي حزناً ممزوجاً بغيظ. ويظهر من اسمي المرأتين أن الحثيين كانوا يتكلمون باللغة السامية لأن يهوديت مؤنث يهودا أي ممدوح. ومعنى «بسمة» في العبرانية عطرة وسُميت بنت سليمان به (١ملوك ٤: ١٥) وبهذا تمم عيسو رفضه للبكورية.
السابق |
التالي |