سفر التكوين

سفر التكوين | 24 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر التكوين 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

زواج إسحاق ورفقة

١ «وَشَاخَ إِبْرَاهِيمُ وَتَقَدَّمَ فِي ٱلأَيَّامِ. وَبَارَكَ ٱلرَّبُّ إِبْرَاهِيمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ».

ص ١٨: ١١ و٢١: ٥ ص ١٢: ٢ وع ٣٥ ومزمور ١١٢: ١ و٣ وأمثال ١٠: ٢٢

شَاخَ إِبْرَاهِيمُ كان إسحاق ابن سبع وثلاثين سنة يوم ماتت سارة (ص ٢٣: ١) وابن أربعين سنة يوم تزوج (ص ٢٥: ٢٠). وكان إبراهيم ابن مئة سنة يوم وُلد له إسحاق فكان سنّه نحو مئة وأربعين سنة يوم زيجة إسحاق وبقي حياً خمساً وثلاثين سنة بعد تلك الزيجة لأنه عاش ١٧٥ سنة (ص ٢٥: ٧) فيكون قد رأى ابني إسحاق عيسو ويعقوب شابين.

٢ «وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ ٱلْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي».

ص ١٥: ٢ ع ١٠ وص ٣٩: ٤ و٦ ص ٤٧: ٢٩

لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ أي وكيل بيته الكبير. لا ريب في أن هذا العبد كان كبير السن ولكنه كان قوياً وإلا لم يرسله إبراهيم إلى تلك البلاد البعيدة ويكلفه ذلك السفر الشاق فإن أليعازر كان قد قام بخدمة نظير هذه لإبراهيم منذ نحو خمس وخمسين سنة (ص ١٥: ٢) وهو صغير واسمه أليعازر الدمشقي كما مر. وكان الوكيل المعيّن يوم شاخ إبراهيم رجلاً أصغر من أليعازر.

ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي كان هذا أسلوب القسم المُعتبر في ذلك العصر وقد سأل يعقوب يوسف أن يقسم له على هذا الأسلوب (ص ٤٧: ٢٩). وما ترجم «بفخذي» هنا في العبرانية «يركي» أي وركي والورك ما فوق الفخذ كالكتف فوق العضد. وتُرجمت اللفظة في (ص ٤٦: ٢٦ وخروج ١: ٥) «بالصلب» بمعنى أنه مصدر النسل. واختلف المفسرون في علّة اختيار ذلك الأسلوب للقسم ورجّح بعضهم إن اليد بذلك تكون قُرب مكان الختان لأن الختان كان عهد الله لإبراهيم.

٣ – ٥ «٣ فَأَسْتَحْلِفَكَ بِٱلرَّبِّ إِلٰهِ ٱلسَّمَاءِ وَإِلٰهِ ٱلأَرْضِ أَنْ لاَ تَأْخُذَ زَوْجَةً لٱبْنِي مِنْ بَنَاتِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ ٱلَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ، ٤ بَلْ إِلَى أَرْضِي وَإِلَى عَشِيرَتِي تَذْهَبُ وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لٱبْنِي إِسْحَاقَ. ٥ فَقَالَ لَهُ ٱلْعَبْدُ: رُبَّمَا لاَ تَشَاءُ ٱلْمَرْأَةُ أَنْ تَتْبَعَنِي إِلَى هٰذِهِ ٱلأَرْضِ. هَلْ أَرْجِعُ بِٱبْنِكَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا؟».

ص ١٤: ٢٢ وتثنية ٦: ١٣ ويشوع ٢: ١٢ ص ٢٦: ٣٤ و٣٥ و٢٧: ٤٦ و٢٨: ١ و خروج ٣٤: ١٦ وتثنية ٧: ٣ ص ١٢: ١ ص ٢٨: ٢

الكلام في هذه الآيات أوضح من أن يُفسر.

٦ «فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: ٱحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَرْجِعَ بِٱبْنِي إِلَى هُنَاكَ».

ٱحْتَرِزْ الخ ذُكرت زيجة إسحاق ورفقة بالتفصيل لأن فيها مبدأين من المبادئ ذات الشأن في نسل إبراهيم الأول أن لا يختلط بالكنعانيين بل يبقى شعباً ممتازاً ولا يوافق ذلك إلا أن تكون زوجة إسحاق من عشيرته فليس المقصود منها وضع شريعة أن لا يتزوج الإنسان زوجة من غير عشيرته. والثاني أن لا يرجع إسحاق إلى ما بين النهرين بل يقيم هو وامرأته بالأرض التي وعد الله بأن تكون لإبراهيم ونسله. ويظهر من الآية الثامنة إن الثاني كان عند إبراهيم أهم من الأول لأنه لو أخذ إسحاق زوجة من الفلسطينيين لأمكن أن يبقى نسله شعباً ممتازاً لكن يخشى فساد عقائده ولكن لو رجع إلى فدان أرام رجّح كل الترجيح اختلاط نسله بالقوم وزوال المميزات ولم يكن له أن ينظر إلى غير النصيب الذي نظر إليه نسل لابان.

٧ «اَلرَّبُّ إِلٰهُ ٱلسَّمَاءِ ٱلَّذِي أَخَذَنِي مِنْ بَيْتِ أَبِي وَمِنْ أَرْضِ مِيلاَدِي، وَٱلَّذِي كَلَّمَنِي وَٱلَّذِي أَقْسَمَ لِي قَائِلاً: لِنَسْلِكَ أُعْطِي هٰذِهِ ٱلأَرْضَ، هُوَ يُرْسِلُ مَلاَكَهُ أَمَامَكَ، فَتَأْخُذُ زَوْجَةً لٱبْنِي مِنْ هُنَاكَ».

ص ١٢: ١ ص ١٢: ٧ و١٣: ١٥ و١٥: ١٨ و١٧: ٨ وخروج ٣٢: ١٣ وتثنية ١: ٨ و٣٤: ٤ وأعمال ٧: ٥ ص ١٦: ٩ وخروج ٢٣: ٢٠ و٢٣ و٣٣: ٢ وعبرانيين ١: ١٤

أَرْضِ مِيلاَدِي أي أُور الكلدانيين ولا ريب في أنه كان لإبراهيم أقرباء هناك وكان على أليعازر الدمشقي أن يسافر إلى هنالك لانتخاب زوجة لإسحاق ولا يخفى ما في ذلك من المشقة.

٨، ٩ «٨ وَإِنْ لَمْ تَشَإِ ٱلْمَرْأَةُ أَنْ تَتْبَعَكَ، تَبَرَّأْتَ مِنْ حَلْفِي هٰذَا. أَمَّا ٱبْنِي فَلاَ تَرْجِعْ بِهِ إِلَى هُنَاكَ. ٩ فَوَضَعَ ٱلْعَبْدُ يَدَهُ تَحْتَ فَخْذِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلاَهُ، وَحَلَفَ لَهُ عَلَى هٰذَا ٱلأَمْرِ».

يشوع ٢: ١٧ و٢٠

(يظهر من هذا أن ذلك العبد كان ذا سلطان وتأثير في بيت إبراهيم وشيء من الإمرة على إسحاق وإنه رجل حكيم يوثق به وتُلقى عليه الأمور المهمة مع أنه كان عبداً لإبراهيم فالحكمة والأمانة تسوّدان العبد على بيت سيده).

١٠ «ثُمَّ أَخَذَ ٱلْعَبْدُ عَشَرَةَ جِمَالٍ مِنْ جِمَالِ مَوْلاَهُ، وَمَضَى وَجَمِيعُ خَيْرَاتِ مَوْلاَهُ فِي يَدِهِ. فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى أَرَامِ ٱلنَّهْرَيْنِ إِلَى مَدِينَةِ نَاحُورَ».

ع ٢ تثنية ٢٣: ٤ وقضاة ٣: ٨ ص ٢٧: ٤٣

ثُمَّ أَخَذَ ٱلْعَبْدُ لماذا لم يذهب إسحاق نفسه ويفتش عن زوجة. والجواب أنه يجب هنا أن لا نستنتج من ذلك إن الأمر كان على غير رضا إسحاق بل أن نذكر أن إسحاق كان الوارث وإن من عادات الشرقيين أن يرسل العظماء معتمدين يخطبون لهم. والأمور الخاصة ذات الشأن في النبإ بٌعد الشقة التي كان على العبد أن يقطعها وتقييد اختياره بعشيرة معينة وأن كلا الأمرين ناشئ عن ملاحظة دينية. إن يعقوب نفسه ذهب لاختيار زوجة لنفسه لكن يجب أن نذكر أن رفقة كانت قد سألت له مكان الأمن وإلا كانت أرسلت إلى بيت لابان أخيها رسولاً يطلب ابنته زوجة لابنها.

جَمِيعُ خَيْرَاتِ مَوْلاَهُ فِي يَدِهِ كان من الضروري أن يأخذ العبد معه تلك الخيرات لا لمجرد راحته وراحة العروس بل ليبين غنى إبراهيم بالهدايا الوافرة.

أَرَامِ ٱلنَّهْرَيْنِ معنى أرام نجد أي أرض عالية ولكنهم أطلقوها على كل أرض سورية. وهي قسم من سورية بين دجلة والفرات ولا جبال فيها إلا جبال الجهة الشمالية. وسيأتي الكلام على فدان أرام في تفسير (ص ٢٥: ٢٠).

مَدِينَةِ نَاحُورَ هي حاران (ص ٢٧: ٤٣). المرجّح أن ناحور هاجر إليها من أُور لما شاخ تارح لكي يستولي على المراعي التي كان إبراهيم على وشك أن يتركها.

١١ «وَأَنَاخَ ٱلْجِمَالَ خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ عِنْدَ بِئْرِ ٱلْمَاءِ وَقْتَ ٱلْمَسَاءِ، وَقْتَ خُرُوجِ ٱلْمُسْتَقِيَاتِ».

خروج ٢: ١٦ و١صموئيل ٩: ١١ ويوحنا ٤: ٧

وَأَنَاخَ ٱلْجِمَالَ لكنه لم يحلّ عن الجمال حتى عرف أن الله سمع صلاته (انظر ع ٣٢).

عِنْدَ بِئْرِ ٱلْمَاءِ وَقْتَ ٱلْمَسَاءِ، وَقْتَ خُرُوجِ ٱلْمُسْتَقِيَاتِ كانت هذه البئر للمدينة كلها وكان يُستقى منها في أوقات معيّنة ولذلك أخذ عبد إبراهيم ينتظر مجيء النساء للاستقاء. وطلب النساء الماء أو قيامها بسقي المواشي ليس من خواص النساء الشرقيات فإنه لم تزل النساء في أكثر أجزاء أوربا تقوم بذلك. وكانت رفقة تحمل الجرّة على كتفها لكن النساء في جنوبي فرنسا في أرض البَسك تحمل جرارها على رؤوسها كنساء قدماء المصريين وأكثر نساء القرى السورية.

١٢ – ١٤ «١٢ وَقَالَ: أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ، يَسِّرْ لِي ٱلْيَوْمَ وَٱصْنَعْ لُطْفاً إِلَى سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ. ١٣ هَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ ٱلْمَاءِ، وَبَنَاتُ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ خَارِجَاتٌ لِيَسْتَقِينَ مَاءً. ١٤ فَلْيَكُنْ أَنَّ ٱلْفَتَاةَ ٱلَّتِي أَقُولُ لَهَا: أَمِيلِي جَرَّتَكِ لأَشْرَبَ، فَتَقُولَ: ٱشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضاً، هِيَ ٱلَّتِي عَيَّنْتَهَا لِعَبْدِكَ إِسْحَاقَ. وَبِهَا أَعْلَمُ أَنَّكَ صَنَعْتَ لُطْفاً إِلَى سَيِّدِي».

ع ٢٧ وص ٢٦: ٢٤ و٢٨: ١٣ و٣٢: ٩ وخروج ٣: ٦ و١٥ ص ٢٧: ٢٠ ونحميا ١: ١١ ومزمور ٣٧: ٥ ورومية ١: ١٠ ع ٤٣ ص ٢٩: ٩ وخروج ٢: ١٦ ع ٤٣ قضاة ٦: ١٧ و٣٧ و١صموئيل ٦: ٩ و١٤: ١٠ و٢٠: ٧

أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهَ سَيِّدِي وفي العبرانية «يهوه إلهي أدوني» فأدوني تطلق على الرب وعلى الكبير من الناس فهي بمعنى سيد. وكذا جاءت في الآية الثامنة عشرة.

إن عبد إبراهيم كان عضواً مختوناً من أعضاء بيت إبراهيم ولذلك صلى للرب «يهوه» إله إبراهيم. وكان قد نبّه على ما في الأمر من الصعوبة (ع ٥) فترك الأمر للرب الإله وسأل الله آية الفوز بمتقضى إرادته الإلهية.

ٱلْفَتَاةَ هي في العبرانية «نعر» مشتركة بين المذكر والمؤنث ومعناها الفتى أو الفتاة وكذا جاءت في ترجمة السبعين. وجاءت في العبرانية في غير هذا الموضع «نعره» (تثنية ٢٢: ١٩) بعلامة التأنيث. واليهود قرأوها منذ أمد بعيد بعلامة التأنيث في مجامعهم وهذا يدل على قدم الأسفار الخمسة.

١٥ «وَإِذْ كَانَ لَمْ يَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ ٱلْكَلاَمِ، إِذَا رِفْقَةُ ٱلَّتِي وُلِدَتْ لِبَتُوئِيلَ ٱبْنِ مِلْكَةَ ٱمْرَأَةِ نَاحُورَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ، خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا».

إشعياء ٦٥: ٢٤ ودانيال ٩: ٢١ ص ١١: ٢٩ و٢٢: ٢٣

(هذه الآية تدل على أن الله استجاب صلاته سريعاً لأن الحال اقتضت ذلك فكانت الإجابة في الوقت المناسب وإلا فالله كثيراً ما يؤخر الإجابة إلى الوقت الذي يراه مناسباً).

١٦ «وَكَانَتِ ٱلْفَتَاةُ حَسَنَةَ ٱلْمَنْظَرِ جِدّاً، وَعَذْرَاءَ لَمْ يَعْرِفْهَا رَجُلٌ. فَنَزَلَتْ إِلَى ٱلْعَيْنِ وَمَلأَتْ جَرَّتَهَا وَطَلَعَتْ».

ص ٢٦: ٧

كَانَتِ ٱلْفَتَاةُ حَسَنَةَ ٱلْمَنْظَرِ جِدّاً (كسارة أم إسحاق ص ١٢: ١١ و١٤).

فَنَزَلَتْ إِلَى ٱلْعَيْنِ (هذه العين هي التي سميّت بالبئر في ع ١١) قال بعض المفسرين أنها ما كانت بئراً تجري إليها مياه المطر ضيقة الأعلى واسعة الأسفل كآبار الجمع المعروفة بل كانت ينبوعاً يُنزل إليه بدرج. ولم تزل هذه العين هنالك إلى هذا اليوم. ولم يزل عدة من أمثالها في سورية.

١٧ – ٢٠ «١٧ فَرَكَضَ ٱلْعَبْدُ لِلِقَائِهَا وَقَالَ: ٱسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ. ١٨ فَقَالَتِ: ٱشْرَبْ يَا سَيِّدِي. وَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَلَى يَدِهَا وَسَقَتْهُ. ١٩ وَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ سَقْيِهِ قَالَتْ: أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضاً حَتَّى تَفْرَغَ مِنَ ٱلشُّرْبِ. ٢٠ فَأَسْرَعَتْ وَأَفْرَغَتْ جَرَّتَهَا فِي ٱلْمَسْقَاةِ، وَرَكَضَتْ أَيْضاً إِلَى ٱلْبِئْرِ لِتَسْتَقِيَ. فَٱسْتَقَتْ لِكُلِّ جِمَالِهِ».

رومية ١٢: ١٣ و١بطرس ٣: ٨ و٤: ٩

(هذه الآيات تدل صريحاً على أن الله جعل للعبد العلامة التي طلبها حتى لم يبق أدنى ريب في نفسه إن رفقة هي الزوجة التي اختارها الله لإسحاق).

٢١ «وَٱلرَّجُلُ يَتَفَرَّسُ فِيهَا صَامِتاً لِيَعْلَمَ: هَلْ أَنْجَحَ ٱلرَّبُّ طَرِيقَهُ أَمْ لاَ؟».

ع ١٢ و٥٦

وَٱلرَّجُلُ يَتَفَرَّسُ فِيهَا صَامِتاً لِيَعْلَمَ فعلم جيداً أنها هي نصيب ابن سيده مما ذُكر في (ع ١٧ – ٢٠ انظر أيضاً ع ١٤).

٢٢ «وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَتِ ٱلْجِمَالُ مِنَ ٱلشُّرْبِ أَنَّ ٱلرَّجُلَ أَخَذَ خِزَامَةَ ذَهَبٍ وَزْنُهَا نِصْفُ شَاقِلٍ وَسِوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا وَزْنُهُمَا عَشَرَةُ شَوَاقِلِ ذَهَبٍ».

خروج ٣٢: ٢ وإشعياء ٣: ١٩ إلى ٢١ وخروج ١٦: ١١ و١٢ و١بطرس ٣: ٣

خِزَامَةَ المقصود بالخزامة هنا حلقة تُعلق بجانب الأنف أي منخره الأيسر ولم تزل نساء العرب تتحلى به وهي تُصنع من ذهب أو فضة ومرجان ولؤلؤ وصدف وقد تكون من المعادن الرخيصة كان ثقلها بين درهمين وثلاثة دراهم (هذا ما قاله الدكتور بين سمث).

وَسِوَارَيْنِ لم تزل نساء الشرق تتحلى بالإسورة وقد تلبس المرأة في كل يد إسورة كثيرة حتى تكاد تغطي بها كل ذراعها.

٢٣ «وَقَالَ: بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ أَخْبِرِينِي. هَلْ فِي بَيْتِ أَبِيكِ مَكَانٌ لَنَا لِنَبِيتَ؟».

بِنْتُ مَنْ أَنْتِ لا ريب في أن العبد عرف من العلامة التي طلبها وصنعها الله له أن رفقة من عشيرة إبراهيم لكن ذلك لا يعين له من أبوها فسؤاله كان حتى يعرف أباها فهو لم يكن عن عدم إيمان على أن جوابها كان من خير ما توقعه.

٢٤ – ٢٧ «٢٤ فَقَالَتْ لَهُ: أَنَا بِنْتُ بَتُوئِيلَ ٱبْنِ مِلْكَةَ ٱلَّذِي وَلَدَتْهُ لِنَاحُورَ. ٢٥ وَقَالَتْ لَهُ: عِنْدَنَا تِبْنٌ وَعَلَفٌ كَثِيرٌ، وَمَكَانٌ لِتَبِيتُوا أَيْضاً. ٢٦ فَخَرَّ ٱلرَّجُلُ وَسَجَدَ لِلرَّبِّ، ٢٧ وَقَالَ: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي لَمْ يَمْنَعْ لُطْفَهُ وَحَقَّهُ عَنْ سَيِّدِي. إِذْ كُنْتُ أَنَا فِي ٱلطَّرِيقِ هَدَانِي ٱلرَّبُّ إِلَى بَيْتِ إِخْوَةِ سَيِّدِي».

ص ٢٢: ٢٣ ع ٥٢ وخروج ٤: ٣١ و١٢: ٢٧ وعدد ٢٢: ٣١ خروج ١٨: ١٠ وراعوث ٤: ١٤ و١صموئيل ٢٥: ٣٢ و٢صموئيل ١٨: ٢٨ ولوقا ١: ٦٨ ص ٣٢: ١٠ ومزمور ٩٨: ٣ ع ٤٨

بَتُوئِيلَ ٱبْنِ مِلْكَةَ ٱلَّذِي وَلَدَتْهُ لِنَاحُورَ ذكرت رفقة اسم أم أبيها مع اسم أبيها لتبيين أنه ابنة أب كريم الجدين. فسرّ الخادم أو العبد بأم أبيها كما سر بأبيها لأنها ابنة عم إسحاق لأن ملكة بنت حاران أخي إبراهيم ولما عرف ذلك رأى الشروط تامة من كل وجه فأعطاها الحُلي وسجد لله وأثنى عليه.

٢٨ «فَرَكَضَتِ ٱلْفَتَاةُ وَأَخْبَرَتْ بَيْتَ أُمِّهَا بِحَسَبِ هٰذِهِ ٱلأُمُورِ».

فَرَكَضَتِ ٱلْفَتَاةُ وَأَخْبَرَتْ بَيْتَ أُمِّهَا كان لامرأة كبير القوم موضع بعينه ولعل علة ذلك إن الرجل يأخذ غير امرأة فيكون لكل امرأة بيت معين لها وبقيت هذه العادة بينهم سواء كان للرجل امرأة واحدة أو امرأتان أو أكثر (انظر ع ٦٧). ومن عادة البنات أن يلجأن إلى الأمهات في أمورهن. ونجد هنا أنه كان للابان سلطان في الأمر كما كان لبتوئيل. ولابان هو أخو رفقة (ع ٢٩). والظاهر أن بتوئيل لم يحكم بالأمر إلا بعد ان حكمت به أم رفقة وأخوها (ع ٥٠).

٢٩، ٣٠ «٢٩ وَكَانَ لِرِفْقَةَ أَخٌ ٱسْمُهُ لاَبَانُ. فَرَكَضَ لاَبَانُ إِلَى ٱلرَّجُلِ خَارِجاً إِلَى ٱلْعَيْنِ. ٣٠ وَحَدَثَ أَنَّهُ إِذْ رَأَى ٱلْخِزَامَةَ وَٱلسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْ أُخْتِهِ، وَإِذْ سَمِعَ كَلاَمَ رِفْقَةَ أُخْتِهِ قَائِلَةً: «هٰكَذَا كَلَّمَنِي ٱلرَّجُلُ» جَاءَ إِلَى ٱلرَّجُلِ، وَإِذَا هُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ ٱلْجِمَالِ عَلَى ٱلْعَيْنِ».

ص ٢٨: ٢ و٢٩: ٥

لم يركض إلا بعد أن وقف على كلام رفقة المذكور في (ع ٣٠) والمرجّح أن أم لابان دعته إلى خبائها وأرته هنالك رفقة الخزامة والإسوارين.

٣١، ٣٢ «٣١ فَقَالَ: ٱدْخُلْ يَا مُبَارَكَ ٱلرَّبِّ. لِمَاذَا تَقِفُ خَارِجاً وَأَنَا قَدْ هَيَّأْتُ ٱلْبَيْتَ وَمَكَاناً لِلْجِمَالِ؟ ٣٢ فَدَخَلَ ٱلرَّجُلُ إِلَى ٱلْبَيْتِ وَحَلَّ عَنِ ٱلْجِمَالِ. فَأَعْطَى تِبْناً وَعَلَفاً لِلْجِمَالِ، وَمَاءً لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ وَأَرْجُلِ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ».

ص ٢٦: ٢٩ وقضاة ١٧: ٢ وراعوث ٣: ١٠ ومزمور ١١٥: ١٥ ص ٤٣: ٢٤ وقضاة ١٩: ٢١

ٱدْخُلْ يَا مُبَارَكَ ٱلرَّبِّ الخ كان لا بد من مثل هذا القول في دعوة الضيف في الشرق على أن لابان ربما زاد ترحيبه به من حُسن الحلي الذهبية التي رآها على أخته رفقة. وقال له «يا مبارك الرب» (وفي العبرانية يهوه) لأنه كان من الموحدين بدليل ما في سفر يشوع (يشوع ٢٤: ٢) فإنه بيّنة على أن التوحيد لم يزل في سلالة ناحور. ولم يكونوا مجرد عبدة أوثان و «الألهة الأخرى» التي أكرموها ربما كانت الترافيم لأنه ذُكرت ألهة لابان في (ص ٣١: ٣٠). على أن هذه أيضاً كانت من الخرافات التي اعترتهم من الأمم وعقلاء بيت حاران كانوا يحرمون إكرامها ولعهلهم على توالي الأيام رأوها وسطاء صغيرة. وهذه الخرافة تفشت بعد سنين كثيرة بين الإسرائيليين ولامهم الله عليها شديد اللوم (هوشع ٣: ٤).

٣٣ « وَوُضِعَ قُدَّامَهُ لِيَأْكُلَ. فَقَالَ: لاَ آكُلُ حَتَّى أَتَكَلَّمَ كَلاَمِي. فَقَالَ: تَكَلَّمْ».

أيوب ٢٣: ١٢ ويوحنا ٤: ٣٤ وأفسس ٦: ٥ إلى٧

لاَ آكُلُ حَتَّى أَتَكَلَّمَ كَلاَمِي هنا أمران من أمور الشرقي الأول إيجابه الضيافة حيث لا خان لأبناء السبيل. والثاني أن يحمل كل شيء ويسلم بكل شيء دون أن ترفض ضيافته. فعبد إبراهم أبى أن يذوق خبز لابان وملحه قبل أن يسمع طلبته وبعد ذلك يصير ضيفاً للابان ويكون حينئذ للابان أن يفعل ما أراد.

٣٤ – ٤٩ «٣٤ فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ. ٣٥ وَٱلرَّبُّ قَدْ بَارَكَ مَوْلاَيَ جِدّاً فَصَارَ عَظِيماً، وَأَعْطَاهُ غَنَماً وَبَقَراً وَفِضَّةً وَذَهَباً وَعَبِيداً وَإِمَاءً وَجِمَالاً وَحَمِيراً. ٣٦ وَوَلَدَتْ سَارَةُ ٱمْرَأَةُ سَيِّدِي ٱبْناً لِسَيِّدِي بَعْدَ مَا شَاخَتْ، فَقَدْ أَعْطَاهُ كُلَّ مَا لَهُ. ٣٧ وَٱسْتَحْلَفَنِي سَيِّدِي قَائِلاً: لاَ تَأْخُذْ زَوْجَةً لٱبْنِي مِنْ بَنَاتِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ ٱلَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ فِي أَرْضِهِمْ، ٣٨ بَلْ إِلَى بَيْتِ أَبِي تَذْهَبُ وَإِلَى عَشِيرَتِي، وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لٱبْنِي. ٣٩ فَقُلْتُ لِسَيِّدِي: رُبَّمَا لاَ تَتْبَعُنِي ٱلْمَرْأَةُ. ٤٠ فَقَالَ لِي: إِنَّ ٱلرَّبَّ ٱلَّذِي سِرْتُ أَمَامَهُ يُرْسِلُ مَلاَكَهُ مَعَكَ وَيُنْجِحُ طَرِيقَكَ، فَتَأْخُذُ زَوْجَةً لٱبْنِي مِنْ عَشِيرَتِي وَمِنْ بَيْتِ أَبِي. ٤١ حِينَئِذٍ تَتَبَرَّأُ مِنْ حَلْفِي حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى عَشِيرَتِي. وَإِنْ لَمْ يُعْطُوكَ فَتَكُونُ بَرِيئاً مِنْ حَلْفِي. ٤٢ فَجِئْتُ ٱلْيَوْمَ إِلَى ٱلْعَيْنِ، وَقُلْتُ: أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ، إِنْ كُنْتَ تُنْجِحُ طَرِيقِي ٱلَّذِي أَنَا سَالِكٌ فِيهِ، ٤٣ فَهَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ ٱلْمَاءِ، وَلْيَكُنْ أَنَّ ٱلْفَتَاةَ ٱلَّتِي تَخْرُجُ لِتَسْتَقِيَ وَأَقُولُ لَهَا: ٱسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ ٤٤ فَتَقُولَ لِيَ: ٱشْرَبْ أَنْتَ، وَأَنَا أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضاً، هِيَ ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي عَيَّنَهَا ٱلرَّبُّ لٱبْنِ سَيِّدِي. ٤٥ وَإِذْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ ٱلْكَلاَمِ فِي قَلْبِي، إِذَا رِفْقَةُ خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا، فَنَزَلَتْ إِلَى ٱلْعَيْنِ وَٱسْتَقَتْ. فَقُلْتُ لَهَا: ٱسْقِينِي. ٤٦ فَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَنْهَا وَقَالَتِ: ٱشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضاً. فَشَرِبْتُ، وَسَقَتِ ٱلْجِمَالَ أَيْضاً. ٤٧ فَسَأَلْتُهَا: بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: بِنْتُ بَتُوئِيلَ بْنِ نَاحُورَ ٱلَّذِي وَلَدَتْهُ لَهُ مِلْكَةُ. فَوَضَعْتُ ٱلْخِزَامَةَ فِي أَنْفِهَا وَٱلسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا. ٤٨ وَخَرَرْتُ وَسَجَدْتُ لِلرَّبِّ، وَبَارَكْتُ ٱلرَّبَّ إِلٰهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي هَدَانِي فِي طَرِيقٍ أَمِينٍ لآخُذَ ٱبْنَةَ أَخِي سَيِّدِي لٱبْنِهِ. ٤٩ وَٱلآنَ إِنْ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعْرُوفاً وَأَمَانَةً إِلَى سَيِّدِي فَأَخْبِرُونِي، وَإِلاَّ فَأَخْبِرُونِي لأَنْصَرِفَ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً».

ص ١٣: ٢ وع ١ ص ٢١: ٢ ص ٢١: ١٠ و٢٥: ٥ ع ٣ ع ٤ ع ٥ ع ٧ ص ١٧: ١ ع ٨ ع ١٢ ع ١٣ ع ١٥ و١صموئيل ١: ١٣ أمثال ١١: ٢٢ وإشعياء ٣: ٢١ وحزقيال ١٦: ١٢ ع ٢٦ ص ٢٢: ٢٣ ص ٤٧: ٢٩ ويشوع ٢: ١٤

(ما في الآيات الأولى من هذه الآيات أي ع ٣٤ إلى ع ٣٦ يدل على أن بيت بتوئيل لم يكن لهم علم بأحوال إبراهيم لبعد المسافة وعدم وسائل المنابأة على البُعد. والآيات ٣٧ – ٤٨ قصّ ما تقدم ذكره بمعناه وأكثر ألفاظه. والآية التاسعة والاربعون طلبه رفقة وبت الحكم).

٥٠ – ٥٢ «٥٠ فَأَجَابَ لاَبَانُ وَبَتُوئِيلُ: مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ خَرَجَ ٱلأَمْرُ. لاَ نَقْدِرُ أَنْ نُكَلِّمَكَ بِشَرٍّ أَوْ خَيْرٍ. ٥١ هُوَذَا رِفْقَةُ قُدَّامَكَ. خُذْهَا وَٱذْهَبْ. فَلْتَكُنْ زَوْجَةً لٱبْنِ سَيِّدِكَ كَمَا تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ. ٥٢ وَكَانَ عِنْدَمَا سَمِعَ عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ كَلاَمَهُمْ أَنَّهُ سَجَدَ لِلرَّبِّ إِلَى ٱلأَرْضِ».

مزمور ١١٨: ٢٣ ومتّى ٢١: ٤٢ ومرقس ١٢: ١١ ص ٣١: ٢٤ ص ٢٠: ١٥ ع ٢٦

فَأَجَابَ لاَبَانُ وَبَتُوئِيلُ ذُكر لابان قبل أبيه بتوئيل لأنه سبق إلى بت الأمر بينه وبين أليعازر في بيت أمه لأنه كان الابن يفترق عن أبيه في بيت أمه لتعدد الزوجات كما عرفت في تفسير الآية الثامنة والعشرين. وكان أولاد كل زوجة مع أمهم بيتاً مستقلاً ولهذا انتقم لدينة أخواها ابنا أمها شمعون ولاوي (ص ٣٤: ١٣ – ٢٥). ولثامار أخوها أبشالوم (٢صموئيل ١٣: ٢٢ – ٣٠) وكان من الضروري أن يُنبأ بتوئيل بذلك لأنه رئيس البيت فرضي ما رضوا وترك الأمر للمرأة وابنها ولم يُذكر بعد (ع ٥٣ – ٥٥). وقولهما «بشر أو خير» عبارة عن عدم الاعتراض بشيء (انظر تفسير ص ٣١: ٢٤).

٥٣، ٥٤ «٥٣ وَأَخْرَجَ ٱلْعَبْدُ آنِيَةَ فِضَّةٍ وَآنِيَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَأَعْطَاهَا لِرِفْقَةَ، وَأَعْطَى تُحَفاً لأَخِيهَا وَلأُمِّهَا. ٥٤ فَأَكَلَ وَشَرِبَ هُوَ وَٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ مَعَهُ وَبَاتُوا. ثُمَّ قَامُوا صَبَاحاً فَقَالَ: ٱصْرِفُونِي إِلَى سَيِّدِي».

خروج ٣: ٢٢ و ١١: ٢ و١٢: ٣٥ و٢أيام ٢١: ٣ وعزرا ١: ٦ ع ٥٦ و٥٩

آنِيَةَ فِضَّةٍ وَآنِيَةَ ذَهَبٍ كانت المرأة تُشترى في العصور القديمة (ص ٣٤: ١٢) فلم تكن الهدايا مجرد الحلي بل كانت مع ذلك عدة أدوات نافعة ثمينة. وكانت تلك الهدايا تُقسم على العروس وأهلها وكان قسم الأهل لأم رفقة وأخيها. ومن تقاليد اليهود في هذا النبإ أن بتوئيل كان مريضاً ومات في يوم وصول أليعازر لكن أسلوب كلام إسحاق في بتوئيل لا يدل على أنه كان قد مات (ص ٢٨: ٢).

٥٥ «فَقَالَ أَخُوهَا وَأُمُّهَا: لِتَمْكُثِ ٱلْفَتَاةُ عِنْدَنَا أَيَّاماً أَوْ عَشَرَةً، بَعْدَ ذٰلِكَ تَمْضِي».

١صموئيل ٢٩: ٣

أَيَّاماً أَوْ عَشَرَةً فسرّ بعضهم ذلك بسنة أو عشرة أشهر. وقال آخر المرجّح إن العشرة كانت عندهم اسماً للجزء الثالث من الشهر. (والعرب قسموا الشهر إلى ثلاث عشرات العَشر الأُول والعَشر الوُسط والعَشر الأواخر). ومن غريب الاتفاق إن عشيرة تارح قسمت الوقت إلى عشرات كعادة المصريين في تاريخهم.

٥٦ – ٥٨ « ٥٦ فَقَالَ لَهُمْ: لاَ تُعَوِّقُونِي وَٱلرَّبُّ قَدْ أَنْجَحَ طَرِيقِي. اِصْرِفُونِي لأَذْهَبَ إِلَى سَيِّدِي. ٥٧ فَقَالُوا: نَدْعُو ٱلْفَتَاةَ وَنَسْأَلُهَا شِفَاهاً. ٥٨ فَدَعَوْا رِفْقَةَ وَقَالُوا لَهَا: هَلْ تَذْهَبِينَ مَعَ هٰذَا ٱلرَّجُلِ؟ فَقَالَتْ: أَذْهَبُ».

هَلْ تَذْهَبِينَ مَعَ هٰذَا ٱلرَّجُلِ لم يكن حينئذ للمرأة في الشرق إلا قليل من الاختيار في أمر زيجتها فكانت رفقة هنا كأبيها وأخيها في أنها نظراً لأدلة عناية الله الواضحة رأت من القبيح أن تأتي شيئاً يصعب الأمر (ع ٥٠) فأعلنت رضاها واستعدادها للذهاب حالاً مع أنها كانت لا تتوقع أن ترى أقرباءها بعد ذلك.

٥٩ «فَصَرَفُوا رِفْقَةَ أُخْتَهُمْ وَمُرْضِعَتَهَا وَعَبْدَ إِبْرَاهِيمَ وَرِجَالَهُ».

ص ٣٥: ٨

أُخْتَهُمْ هذا دليل أنه كان لبتوئيل أبناء غير لابان لكن لم يُذكر أحد منهم سوى لابان.

مُرْضِعَتَهَا اسم هذه المرضعة دبورة وكانت محبوبة إلى رفقة ثم إلى يعقوب كما يظهر من نوحه عليها (ص ٣٥: ٨).

٦٠، ٦١ «٦٠ وَبَارَكُوا رِفْقَةَ وَقَالُوا لَهَا: أَنْتِ أُخْتُنَا. صِيرِي أُلُوفَ رَبَوَاتٍ، وَلْيَرِثْ نَسْلُكِ بَابَ مُبْغِضِيهِ. ٦١ فَقَامَتْ رِفْقَةُ وَفَتَيَاتُهَا وَرَكِبْنَ عَلَى ٱلْجِمَالِ وَتَبِعْنَ ٱلرَّجُلَ. فَأَخَذَ ٱلْعَبْدُ رِفْقَةَ وَمَضَى».

ص ١٧: ١٦ ص ٢٢: ١٧

أُلُوفَ رَبَوَاتٍ الربوة عشرة آلاف ويراد «بألوف ربوات» هنا مجرد الكثرة. وهذه البركة قسمان الأول الإثمار والنمو على وفق الوصية القديمة (ص ١: ٢٨). والثاني الانتصار في الحرب (انظر ص ٢٢: ١٧).

٦٢ «وَكَانَ إِسْحَاقُ قَدْ أَتَى مِنْ وُرُودِ بِئْرِ لَحَيْ رُئِي إِذْ كَانَ سَاكِناً فِي أَرْضِ ٱلْجَنُوبِ».

ص ١٦: ١٤ و٢٥: ١١

لَحَيْ رُئِي هي بئر هاجر (ص ١٦: ١٤) وكانت في جنوبي البلاد (ص ١٢: ٩) وهنالك جرعاء (واحة) كانت مقاماً محبوباً إلى إسحاق (ص ٢٥: ١١) في جوار بئر سبع حيث كان إبراهيم يوم موت سارة (ص ٢٣: ٢). ولا بد من أن أليعازر شغل بالسفر أشهراً وكانت قطعان إبراهيم تجول من مكان إلى آخر في تلك المدة لكن أليعازر كان يعرف أين هي في كل وقت لمعرفته السابقة زمان نقل القطعان من الجبال إلى السهول ومن السهول إلى الجبال.

٦٣ «وَخَرَجَ إِسْحَاقُ لِيَتَأَمَّلَ فِي ٱلْحَقْلِ عِنْدَ إِقْبَالِ ٱلْمَسَاءِ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا جِمَالٌ مُقْبِلَةٌ».

يشوع ١: ٨ ومزمور ١: ٢ و٧٧: ١٢ و١١٩: ١٥ و١٤٣: ٥ خروج ١٤: ٢٧ وتثنية ٢٣: ١١

لِيَتَأَمَّلَ فِي ٱلْحَقْلِ فسّر كثيرون من مفسري اليهود التأمل هنا بالصلاة العقلية وكان هذا موافقاً لصلاة اليهود المسائية. وهذا موافق لسجية إسحاق رمز حمل الله الذي سيق إلى الذبح لم يفتح فاه (ص ٢٢: ٧).

٦٤ «وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ ٱلْجَمَلِ».

يشوع ١٥: ١٨ و١صموئيل ٢٥: ٢٣

فَنَزَلَتْ عَنِ ٱلْجَمَلِ لم تزل العادة في الشرق إلى هذا اليوم إن الإنسان الراكب إذا التقى بمن هو أسمى منه ترجّل ومشى إليه على قدميه فلو لم تترجّل رفقة لظُنت متكبرة غير معترفة بأن إسحاق أسمى منها وأنه سيدها (كما كان إبراهيم سيد سارة). فهنا يظهر لنا إن رفقة كانت فوق كونها جميلة جداً على غاية اللطف والتواضع والخضوع للعناية الإلهية.

٦٥، ٦٦ «٦٥ وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: مَنْ هٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلْمَاشِي فِي ٱلْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟ فَقَالَ ٱلْعَبْدُ: هُوَ سَيِّدِي. فَأَخَذَتِ ٱلْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ. ٦٦ ثُمَّ حَدَّثَ ٱلْعَبْدُ إِسْحَاقَ بِكُلِّ ٱلأُمُورِ ٱلَّتِي صَنَعَ».

فَأَخَذَتِ ٱلْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ كانت العروس في الشرق تُزف على زوجها محجبة الجسد كله وكان برقعها حينئذ أحمر والبرقع العادي أي في غير أيام الزفاف أزرق أو أبيض فأظهرت رفقة بذلك لإسحاق أنها عروسه. وكان بعد الزواج يندر أن العروس تتبرقع ولهذا رأى المصريون وأبيمالك سارة فعرفوا أنها جميلة جداً.

٦٧ «فَأَدْخَلَهَا إِسْحَاقُ إِلَى خِبَاءِ سَارَةَ أُمِّهِ، وَأَخَذَ رِفْقَةَ فَصَارَتْ لَهُ زَوْجَةً وَأَحَبَّهَا. فَتَعَزَّى إِسْحَاقُ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ».

ص ٣٨: ١٢

خِبَاءِ سَارَةَ وكذا كان لكل من ليئة وراحيل خباء خاص (ص ٣١: ٣٣ وانظر أيضاً ع ٢٨ وتفسيره).

السابق
التالي

 

زر الذهاب إلى الأعلى