سفر التكوين

سفر التكوين | 18 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر التكوين 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنَ عَشَرَ

زيارة الملائكة لإبراهيم عند بلوطات ممرا وخراب سدوم

١ «وَظَهَرَ لَهُ ٱلرَّبُّ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَابِ ٱلْخَيْمَةِ وَقْتَ حَرِّ ٱلنَّهَارِ

ص ١٣: ١٨ و١٤: ١٣ ١صموئيل ١١: ٩ و١١ و٢صموئيل ٤: ٥

ظَهَرَ لَهُ ٱلرَّبُّ «يهوه» وهذا ليس نبأ جديد منقطع عما قبله بل هو تكملة نبإ الختان فيكون «الرب» (يهوه) هنا هو «الله» (إلوهيم) في الكلام السابق (ص ١٧: ٢٢ و٢٣) وهو «الله» (إلوهيم) الذي سأله إبراهيم العفو عن سدوم وخلص لوطاً إكراماً له (ص ١٩: ٢٩). وعند اليهود إن هذا حدث بعد ثلاثة أيام من القيام بالختان وإن الله زاره حينئذ ليشفيه من ألم الجرح. فلو صح قولهم لكان إبراهيم في فراشه أو في بيته بدلاً من أن يكون معتنياً بقطعانه وقت حر النهار في باب الخيمة التي قرب المرعى ويركض عند الحاجة (ع ٧). والذي نراه أن إبراهيم لما أخذ العهد صار الله يكثر مخالطته.

بَلُّوطَاتِ مَمْرَا (انظر ص ١٣: ١٨ و١٤: ١٣ والتفسير).

٢ «فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا ثَلاَثَةُ رِجَالٍ وَاقِفُونَ لَدَيْهِ. فَلَمَّا نَظَرَ رَكَضَ لٱسْتِقْبَالِهِمْ مِنْ بَابِ ٱلْخَيْمَةِ وَسَجَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ».

ص ١٩: ١ وعبرانيين ١٣: ٢ ص ١٩: ١ و١بطرس ٤: ٩

ثَلاَثَةُ رِجَالٍ قال مفسرو اليهود إذ كان لا يقدر الملاك الواحد أن يقوم بغير عمل واحد يرسل لأجله في وقت واحد فأرسل الله ثلاثة ملائكة الأول لشفاء إبراهيم والثاني لتبشير سارة والثالث لقلب سدوم وإهلاك أهلها. والذي يعتمد هنا إن الأول كان ملاك الرب «يهوه» أتى ممثلاً الإله لإبراهيم والاثنين الآخرين صاحباه أرسلهما إلى سدوم لأنفاذ القضاء عليها وعلى ما جاورها من مدن الدائرة. وعدد الثلاثة يشير إلى تثليث الأقانيم في اللاهوت لكنه ليس ببرهان على التثليث.

سَجَدَ سجود إكرام كانوا يأتونه عادة في التحيات.

٣ «وَقَالَ: يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلاَ تَتَجَاوَزْ عَبْدَكَ».

ع ١٣ و٢٢و ٢٧ وص ١٩: ٢٧

يَا سَيِّدُ خطاب إكرام للضيف لا خطاب مخلوق لخالق فإن إبراهيم لم يعرف في أول الأمر أنه ملاك وسجوده للثلاثة كان من باب الإكرام العادي أيضاً لأنه لم يكن يعرف أنهم ملائكة. ويؤيد ذلك قوله «أَضَافَ أُنَاسٌ مَلاَئِكَةً وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ» (عبرانيين ١٣: ٢).

٤ «لِيُؤْخَذْ قَلِيلُ مَاءٍ وَٱغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ وَٱتَّكِئُوا تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ».

ص ١٩: ٢ و٤٣: ٢٤

وَٱغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ هذا كان من أول الأمور الواجبة للضيف عند الشرقيين (قضاة ١٩: ٢١) لا لمجرد كون الرجلين تتوسخان من غبار الطريق للبس الناس يومئذ النعال التي لا تقي من الوسخ بل لأن الجسد كله فوق ذلك يبرد بتبريد القدمين في زمن الحر من حرارة الشمس وحرارة الجسم الناشئة عن الحركة في السير.

وَٱتَّكِئُوا الخ أي استريحوا في الظلّ.

٥ « فَآخُذَ كِسْرَةَ خُبْزٍ، فَتُسْنِدُونَ قُلُوبَكُمْ ثُمَّ تَجْتَازُونَ، لأَنَّكُمْ قَدْ مَرَرْتُمْ عَلَى عَبْدِكُمْ. فَقَالُوا: هٰكَذَا تَفْعَلُ كَمَا تَكَلَّمْتَ».

قضاة ٥: ١٨ و١٣: ١٥ قضاة ١٩: ٥ و١ملوك ١٣: ٧ ومزمور ١٠٤: ١٥ ص ١٩: ٨

فَتُسْنِدُونَ قُلُوبَكُمْ أي فتتقوون. ويُراد هنا «بالقلب» الإنسان كله عقلاً وجسداً كما يكون كثيراً في هذا المعنى في اللغة العبرانية.

ثُمَّ تَجْتَازُونَ هذا يدل دلالة قاطعة على أن إبراهيم كان يعتقد أنهم رجال مسافرون مروا به عند الظهيرة للأكل والراحة ثم استئناف السير.

لأَنَّكُمْ الخ وهذا يدل على أن خيمة إبراهيم كانت على مقربة من الطريق ليتمكن من وجدان الضيوف لأن ذلك كان من الأمور الممدوحة عند شيوخ العرب.

٦ «فَأَسْرَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى ٱلْخَيْمَةِ إِلَى سَارَةَ، وَقَالَ: أَسْرِعِي بِثَلاَثِ كَيْلاَتٍ دَقِيقاً سَمِيذاً. ٱعْجِنِي وَٱصْنَعِي خُبْزَ مَلَّةٍ».

بِثَلاَثِ كَيْلاَتٍ نحو مدٍ سوري (وقال ربانيو اليهود ثلاثة أرباع الإيفة والإيفة نحو ١٤ أقة من القمح) ولا تزال العادة عند البدو أنهم يعجنون للضيف المستعجل بعض الدقيق ويخبزونه ويقدمون مع الخبز حليباً أو رائباً ويطبخون الدقيق في اللبن.

خُبْزَ مَلَّةٍ عجين يخبز على الحجارة المحماة ويُعد من الخبز النفيس (١ملوك ١٩: ٦).

٧ « ثُمَّ رَكَضَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى ٱلْبَقَرِ وَأَخَذَ عِجْلاً رَخْصاً وَجَيِّداً وَأَعْطَاهُ لِلْغُلاَمِ فَأَسْرَعَ لِيَعْمَلَهُ».

عِجْلاً رَخْصاً وَجَيِّداً هذا يدل على كرم إبراهيم واعتباره لضيوفه واعتقاده أنهم من الكبراء والمرجّح أن إبراهيم قطع العجل قطعاً صغيرة لينضج سريعاً. وكثرة هذا الطعام تدل على أنه كان لأولئك الرجال الثلاثة رفقاء وحشم.

٨ «ثُمَّ أَخَذَ زُبْداً وَلَبَناً، وَٱلْعِجْلَ ٱلَّذِي عَمِلَهُ، وَوَضَعَهَا قُدَّامَهُمْ. وَإِذْ كَانَ هُوَ وَاقِفاً لَدَيْهِمْ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ أَكَلُوا».

ص ١٩: ٣ ولوقا ٣٤: ٤٣

زُبْداً ما يستخرج من اللبن بالمخض. وهو في العبرانية «حماه» أي رائب أو لبن خاثر. وفي العربية «خما اللبن اشتد». وأكل الملائكة من الأسرار التي لم نعرفها كأكل المسيح بعد قيامته (قضاة ١٣: ١٦ ولوقا ٢٤: ٤٣). وقال أوغسطينوس «الإنسان يأكل ليعيش والملاك يأكل ليكون مثل الإنسان وهكذا أكل المسيح بعد قيامته لا لاحتياج جسده إلى الطعام بل ليقنع التلاميذ أنه جسده حقيقة».

٩ «وَقَالُوا لَهُ: أَيْنَ سَارَةُ ٱمْرَأَتُكَ؟ فَقَالَ: هَا هِيَ فِي ٱلْخَيْمَةِ».

ص ٢٤: ٦٧

وَقَالُوا لَهُ وفي الآية العاشرة «قال» وفي (ع ١٣ و١٧ و٢٠ الخ) «قال الرب» (يهوه) فالملاك تكلم كأنه هو الرب أو نائب الرب.

أَيْنَ سَارَةُ ٱمْرَأَتُكَ هذا السؤال على خلاف عادة الشرقيين فإنهم إذا أرادوا ذكر المرأة كنوا عنها ولم يصرحوا ولكن المرجّح أن إبراهيم في أثناء تكلمه مع ضيوفه وهم يأكلون أخذ يرى أنهم كانوا فوق الناس.

١٠ «فَقَالَ: إِنِّي أَرْجِعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ ٱلْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ٱمْرَأَتِكَ ٱبْنٌ. وَكَانَتْ سَارَةُ سَامِعَةً فِي بَابِ ٱلْخَيْمَةِ وَهُوَ وَرَاءَهُ».

ع ١٤ و٢ملوك ٤: ١٦ و١٧ ص ١٧: ١٩ و٢١ و٢١: ٢ ورومية ٩: ٩

نَحْوَ زَمَانِ ٱلْحَيَاةِ يظهر من الآية الرابعة عشرة ومن (٢ملوك ٤: ١٦ و١٧) إن هذه العبارة كان يراد بها وقت معين. وقال بعضهم إن المعنى في نحو هذه السنة التي لم تنته لأن السنة إذا انتهت كانت كأنها ماتت. وجاء في التفاسير اليهودية «في نحو هذا الوقت من السنة الآتية». وقال بعضهم المعنى «في زمن من أزمان الحياة».

وَهُوَ وَرَاءَهُ وفي ترجمة السبعين (وهي وراءه). والظاهر على هذا أنها كانت وراء السجف الذي على الباب. والذي في العبرانية على وفق ما في ترجمتنا العربية فيكون الضمير لإبراهيم.

١١ «وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ شَيْخَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ فِي ٱلأَيَّامِ، وَقَدِ ٱنْقَطَعَ أَنْ يَكُونَ لِسَارَةَ عَادَةٌ كَٱلنِّسَاءِ».

ص ١٧: ١٧ ولوقا ١: ٧ و١٨ ورومية ٤: ١٩ وعبرانيين ١١: ١١ و١٢ ص ٣١: ٣٥

شَيْخَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ المعنى أنه كان يستحيل بمقتضى العادة أن يولد لهما.

١٢ «فَضَحِكَتْ سَارَةُ فِي بَاطِنِهَا قَائِلَةً: أَبَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ، وَسَيِّدِي قَدْ شَاخَ!»

ص ١٧: ١٧ ١بطرس ٣: ٦

فَضَحِكَتْ سَارَةُ (انظر تفسير ص ١٧: ١٧). لم تضحك سارة إلا لأنها لم تعلم إن المتكلمين سماويون ولكن إبراهيم انتبه لما يدل أنهم كذلك. وكانت سارة في أحوال تحملها على الضحك طبعاً من ذلك الكلام. ولعلها ظنت أنهم لم يعرفوا سنها حتى قالوا ذلك.

أَبَعْدَ فَنَائِي أي بعد أن بليت كالثوب من الهرَم.

١٣ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ: لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: أَفَبِٱلْحَقِيقَةِ أَلِدُ وَأَنَا قَدْ شِخْتُ؟

لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ (لم تُسمع سارة صوتاً لأنها «ضحكت… في باطنها» (ع ١٢) فدل بذلك على أنه ليس رجلاً حقيقة) بل عرفها كما عرف المسيح نثنائيل وهو تحت التينة (يوحنا ١: ٤٨).

١٤ «هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى ٱلرَّبِّ شَيْءٌ؟ فِي ٱلْمِيعَادِ أَرْجِعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ ٱلْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ٱبْنٌ».

إرميا ٣٢: ١٧ و٢٧ وزكريا ٨: ٦ ومتى ٣: ٩ و١٩: ٢٦ ولوقا ١: ٣٧ ص ١٧: ٢١ وع ١٠ و٢ملوك ٤: ١٦

هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى ٱلرَّبِّ شَيْءٌ دل بذلك على أنه ملاك يتكلم بكلام الرب باعتبار أنه نائب عنه وقد يكون الرب والملاك بمعنىً واحد لظهور الرب بهيئة ملاك. والاستفهام هنا إنكاري معناه أن الرب قادر على كل شيء فلا يتعذر عليه أمر.

١٥ «فَأَنْكَرَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: لَمْ أَضْحَكْ. (لأَنَّهَا خَافَتْ). فَقَالَ: لاَ! بَلْ ضَحِكْتِ».

فَأَنْكَرَتْ سَارَةُ لا ريب في أن سارة عرفت حينئذ أن المتكلم إلهي لأنه عرف ما في قلبها فخافت جداً لأنها رأت أنها هزئت بموعد الرب فلجأت إلى الكذب كعادة الخائفين. فإن شدة الخوف لم تترك لها فرصة للتفكير في الجواب اللائق لكن الملاك وبخها برفق ولطف تقوية لإيمانها كما أتى الملاك في مخاطبة مريم فأزال شكها وقوّى إيمانها (لوقا ١: ٣٤ – ٣٧).

١٦ «ثُمَّ قَامَ ٱلرِّجَالُ مِنْ هُنَاكَ وَتَطَلَّعُوا نَحْوَ سَدُومَ. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ مَاشِياً مَعَهُمْ لِيُشَيِّعَهُمْ.

ص ١٢: ٢٠ ورومية ١٥: ٢٤ و٣يوحنا ٦

ٱلرِّجَالُ… تَطَلَّعُوا نَحْوَ سَدُومَ كانت زيارة الله لإبراهيم مصحوبة بالرحمة والمحبة له وللجنس البشري به وعقاب الأشرار الذين عمّ شرّهم حتى لم يكن منهم من يشهد للرب ويسير على سنن الحق. وفي هذا النبإ مخالطة عظيمة عجيبة بين ملائكة الله والناس ومشابهة قريبة جداً. فإن إبراهيم بعد أن أظهروا له أنفسهم ظل يقوم لهم بواجبات الضيوف من الناس بأن صحبهم دليلاً لهم وشيعهم. وكان طريقهم إلى الشرق الجنوبي في وسط بلاد اليهودية الجبلية. وفي التقاليد اليهودية أن إبراهيم سار بهم إلى قرية كفرباروخ التي كانت في مضيق عميق يُرى منه بحر لوط.

١٧، ١٨ «١٧ فَقَالَ ٱلرَّبُّ: هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا أَنَا فَاعِلُهُ، ١٨ وَإِبْرَاهِيمُ يَكُونُ أُمَّةً كَبِيرَةً وَقَوِيَّةً، وَيَتَبَارَكُ بِهِ جَمِيعُ أُمَمِ ٱلأَرْضِ».

مزمور ٢٥: ١٤ وعاموس ٣: ٧ ويوحنا ١٥: ١٥ ص ١٢: ٣ و٢٢: ١٨ وأعمال ٣: ٢٥ وغلاطية ٣: ٨

فَقَالَ ٱلرَّبُّ (أي الملاك النائب عن الرب).

هَلْ أُخْفِي (أي لا أخفي فالاستفهام إنكاري).

وَإِبْرَاهِيمُ الخ (الواو حالية أي في حال كون إبراهيم الخ).

١٩ «لأَنِّي عَرَفْتُهُ لِكَيْ يُوصِيَ بَنِيهِ وَبَيْتَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ يَحْفَظُوا طَرِيقَ ٱلرَّبِّ، لِيَعْمَلُوا بِرّاً وَعَدْلاً، لِكَيْ يَأْتِيَ ٱلرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ».

خروج ٣٣: ١٢ و١٧ ومزمور ١: ٦ تثنية ٤: ٩ و١٠ و٦: ٧ ويشوع ٢٤: ١٥ وأفسس ٦: ٤

لأَنِّي عَرَفْتُهُ لِكَيْ يُوصِيَ عرفته أي اخترته. هذا تعليل لعنايته بإبراهيم وإعلانه له قصده فإنه به وبنسله تُذاع معرفة الله وحقه ومنه يقوم الأنبياء الذين يعلنون إرادة الله للناس ومنه يأتي المسيح حسب الجسد. فكان من اللائق أن يُرفع إلى مقام الأنبياء وأن يكون له نصيب من مشورة الله «إِنَّ ٱلسَّيِّدَ ٱلرَّبَّ لاَ يَصْنَعُ أَمْراً إِلاَّ وَهُوَ يُعْلِنُ سِرَّهُ لِعَبِيدِهِ ٱلأَنْبِيَاءِ» (عاموس ٣: ٧). وعلى ذلك قول المسيح «قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي» (يوحنا ١٥: ١٥).

٢٠ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ: إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ، وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّاً».

ص ٤: ١٠ و١٩: ١٣ ويعقوب ٥: ٤ ص ١٣: ١٣ وحزقيال ١٦: ٤٩ و٥٠

سَدُومَ وَعَمُورَةَ (كلاهما من المدن المجاورة بحر لوط ومعنى سدوم احتراق ومعنى عمورة عمارة).

٢١ «أَنْزِلُ وَأَرَى هَلْ فَعَلُوا بِٱلتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا ٱلآتِي إِلَيَّ، وَإِلاَّ فَأَعْلَمُ».

ص ١١: ٥ و٧ وخروج ٣: ٨ تثنية ٨: ٢ و١٣: ٣ ويشوع ٢٢: ٢٢ ولوقا ١٦: ١٥

أَنْزِلُ إن الله يفحص قبل القصاص بكل اعتناء كالقاضي الأرض العادل والكلام تمثيل يراد به إن الله لا يعاقب إلا عدلاً (انظر تفسير ص ١١: ٥).

وَأَرَى هَلْ كان ذهاب الملاكين إلى سدوم الامتحان الأخير فلو قبلهما أهل سدوم وعاملوهما حسناً لكانوا وقفوا على حد من شرورهم وصبر الله عليهم.

٢٢ «وَٱنْصَرَفَ ٱلرِّجَالُ مِنْ هُنَاكَ وَذَهَبُوا نَحْوَ سَدُومَ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ قَائِماً أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص ١٩: ١ ع ٨

وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ قَائِماً أَمَامَ ٱلرَّبِّ ذهب اثنان من الثلاثة الملائكة في الطريق إلى سدوم وبقي الثالث نائب الرب مع إبراهيم.

٢٣ «فَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: أَفَتُهْلِكُ ٱلْبَارَّ مَعَ ٱلأَثِيمِ؟».

عبرانيين ١٠: ٢٢ ويعقوب ٤: ٨ عدد ١٦: ٢٢ و٢صموئيل ٢٤: ١٧

فَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ تُستعمل كلمة تقدم للشروع في الصلاة وعلى هذا مفسروا اليهود. وكان إبراهيم هنا يصلي للرب لا محالة. ولم يهتم بنجاة لوط وحده بل بنجاة كل أهل سدوم. ولا ريب في أنه ذكر حينئذ ملك سدوم الذي رد إليه الأسرى والغنائم. وشاهد يومئذ عواطف أولئك الناس وفرح الوالد بلقاء ولده والصديق بلقاء صديقه. ورجا أن يكون بينهم جماعة من الصالحين فيعفو الله عن المدينة ويتوب كثيرون بذلك الخلاص العظيم. فكان يصلي بحرارة وإلحاح بغية الحصول على ما كان يتوقع. وهذا يدلنا على أن إيمان المؤمن يقوي على قدر ما يشعر بقبول صلاته ويجسر على زيادة الطلب من جودة الله. وتلك القاعدة حقة لا تتخلّف.

أَفَتُهْلِكُ الخ أي أنت لا تهلك الخ لأنك بار (ع ٢٥).

٢٤ – ٣٢ «٢٤ عَسَى أَنْ يَكُونَ خَمْسُونَ بَارّاً فِي ٱلْمَدِينَةِ. أَفَتُهْلِكُ ٱلْمَكَانَ وَلاَ تَصْفَحُ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ ٱلْخَمْسِينَ بَارّاً ٱلَّذِينَ فِيهِ؟ ٢٥ حَاشَا لَكَ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ هٰذَا ٱلأَمْرِ، أَنْ تُمِيتَ ٱلْبَارَّ مَعَ ٱلأَثِيمِ، فَيَكُونُ ٱلْبَارُّ كَٱلأَثِيمِ. حَاشَا لَكَ! أَدَيَّانُ كُلِّ ٱلأَرْضِ لاَ يَصْنَعُ عَدْلاً؟ ٢٦ فَقَالَ ٱلرَّبُّ: إِنْ وَجَدْتُ فِي سَدُومَ خَمْسِينَ بَارّاً فِي ٱلْمَدِينَةِ، فَإِنِّي أَصْفَحُ عَنِ ٱلْمَكَانِ كُلِّهِ مِنْ أَجْلِهِمْ. ٢٧ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ ٱلْمَوْلىٰ وَأَنَا تُرَابٌ وَرَمَادٌ. ٢٨ رُبَّمَا نَقَصَ ٱلْخَمْسُونَ بَارّاً خَمْسَةً. أَتُهْلِكُ كُلَّ ٱلْمَدِينَةِ بِٱلْخَمْسَةِ؟ فَقَالَ: لاَ أُهْلِكُ إِنْ وَجَدْتُ هُنَاكَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ. ٢٩ فَعَادَ يُكَلِّمُهُ أَيْضاً وَقَالَ: عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ أَرْبَعُونَ. فَقَالَ: لاَ أَفْعَلُ مِنْ أَجْلِ ٱلأَرْبَعِينَ. ٣٠ فَقَالَ: لاَ يَسْخَطِ ٱلْمَوْلىٰ فَأَتَكَلَّمَ. عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ ثَلاَثُونَ. فَقَالَ: لاَ أَفْعَلُ إِنْ وَجَدْتُ هُنَاكَ ثَلاَثِينَ. ٣١ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ ٱلْمَوْلىٰ. عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ عِشْرُونَ. فَقَالَ: لاَ أُهْلِكُ مِنْ أَجْلِ ٱلْعِشْرِينَ. ٣٢ فَقَالَ: لاَ يَسْخَطِ ٱلْمَوْلىٰ فَأَتَكَلَّمَ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ فَقَطْ. عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ عَشَرَةٌ. فَقَالَ: لاَ أُهْلِكُ مِنْ أَجْلِ ٱلْعَشَرَةِ».

إرميا ٥: ١ أيوب ٨: ٢٠ وإشعياء ٣: ١٠ و١١ أيوب ٣٤: ١٧ ومزمور ٥٨: ١١ و٩٤: ٢ ورومية ٣: ٦ تثنية ٣٢: ٤ وأيوب ٨: ٣ وإشعياء ١١: ٣ و٤ إرميا ٥: ١ وحزقيال ٢٢: ٣٠ لوقا ١٨: ١ ص ٣: ١٩ وايوب ٤: ١٩ وجامعة ١٢: ٧ و١كورنثوس ١٥: ٤٧ و٤٨ قضاة ٦: ٣٩ يعقوب ٥: ١٦

(شفع إبراهيم بأهل سدوم لأقل عدد من الأبرار وكان الله يستجيب له فما أحسن وجود الصالحين بين الناس أنه بكثرتهم في مكان يُدفع كثير من الضربات وذلك إكرام من الله لهم لفرط جودته ونعمته لا لاستحقاقهم).

٣٣ وَذَهَبَ ٱلرَّبُّ عِنْدَمَا فَرَغَ مِنَ ٱلْكَلاَمِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ، وَرَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَكَانِهِ.

وَذَهَبَ ٱلرَّبُّ (يهوه) لأنه لم يبق لإبراهيم أن يطلب فوق ما طلبه. ومن هذا النبإ ترى أن الله يعتني بكل أمة وإن رحمته معدّة للكل كما هي معدة لشعبه وأهل عهده. وكان مثل هذا شأن أهل نينوى كما بُيّن في نبوءة يونان.

السابق
التالي

 

زر الذهاب إلى الأعلى