سفر التكوين

سفر التكوين | 07 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر التكوين 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ

١ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِنُوحٍ: ٱدْخُلْ أَنْتَ وَجَمِيعُ بَيْتِكَ إِلَى ٱلْفُلْكِ، لأَنِّي إِيَّاكَ رَأَيْتُ بَارّاً لَدَيَّ فِي هٰذَا ٱلْجِيلِ».

ص ٦: ١٨ وع ٧ و١٣ ومتّى ٢٤: ٣٨ ولوقا ١٧: ٢٧ وعبرانيين ١١: ٧ و١بطرس ٣: ٢٠ و٢بطرس ٢: ٥ ص ٦: ٩ ومزمور ٣٣: ١٨ و١٩ وأمثال ١٠: ٩ و٢بطرس ٢: ٩

ٱدْخُلْ كان بناء السفينة قد تم. وبعد أسبوع شغله نوح بجمع الحيوانات كان عليه أن يدخلها. وكثيرون من المفسرين ظنوا أن نوحاً شغل بصنع الفلك مئة وعشرين سنة. ولكن الذي ساقهم إلى هذا الظن ما في الآية الثالثة من الأصحاح السادس ففهموها على غير معناها المقصود وهو تعيين مدة حياة الإنسان في المستقبل.

٢ «مِنْ جَمِيعِ ٱلْبَهَائِمِ ٱلطَّاهِرَةِ تَأْخُذُ مَعَكَ سَبْعَةً سَبْعَةً ذَكَراً وَأُنْثَى. وَمِنَ ٱلْبَهَائِمِ ٱلَّتِي لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ ٱثْنَيْنِ: ذَكَراً وَأُنْثَى».

ع ٨ ولاويين ١١ وتثنية ١٤: ٣ إلى ٢٠ لاويين ١٠: ١٠ وحزقيال ٤٤: ٢٣

مِنْ جَمِيعِ ٱلْبَهَائِمِ ٱلطَّاهِرَةِ ماذا أراد بالبهائم الطاهرة هنا والشريعة اللاوية لم تكن قد وُضعت فليس المقصود بها التي أُحل أن تؤكل ولا المقصود بها الداجنة هنا هي التي كانت تقدم قرابين منذ أيام آدم وهابيل وأنها حُفظت في السفينة ليقدم نوح قرابينه منها عند خروجه من الفلك وليكون باقيها نافعاً له مدة بقاء الأرض خالية من سواها. ولعل البهائم الطاهرة منها البقر والغنم والمعزى. والبهائم غير الطاهرة الجمل والفرس والحمار وأمثالهما مما ينتفع الإنسان بها ومن أخص الطيور الطاهرة الحمام.

سَبْعَةً سَبْعَةً (هذا يدلنا على أن الطوفان لم يكن عاماً وإلا استحال أن يسع الفلك كل تلك الحيوانات وما تحتاج إليه من الطعام والخدمة التي تتعذر على ثمانية أنفس. ولكن إذا كان خاصاً كانت تلك الحيوانات قليلة كأن تكون من حيوانات أرض عدن وما جاورها. وقول بعضهم بأن الطوفان عام وإن هذه الحيوانات ليست سبعة أزواج من كل نوع بل سبعة من كل جنس يستلزم مذهباً أصعب من مذهب دروين وغيره من أرباب النشوء وهو تنوع الأفراد الجنسية بعد استقلال أنواعها أو الخلق الجديد بعد إكمال الخلق الأول في الأيام الستة). قال الدكتور بين سمث ما نصه «المرجّح أن المعنى ليس سبعة أزواج من كل صنف مع أن الكثيرين من المفسرين صرّحوا بذلك بل سبعة من كل جنس (أو نوع) لأنه لو كان المقصود سبعة أزواج لكان عدد الحيوانات الداخلة الفلك كثيرة يعجز نوح وأولاده عن الاعتناء بها فتأمل».

٣ «وَمِنْ طُيُورِ ٱلسَّمَاءِ أَيْضاً سَبْعَةً سَبْعَةً: ذَكَراً وَأُنْثَى. لٱسْتِبْقَاءِ نَسْلٍ عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلأَرْضِ».

طُيُورِ ٱلسَّمَاءِ (السماء على الإطلاق كل ما علاك وارتفع عنك والمقصود بها هنا الجو أي الهواء من وجه الأرض إلى غاية ما ينتهي إليه فوقها وأُضيفت الطيور إليه لطيرانها فيه).

٤ «لأَنِّي بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ أَيْضاً أُمْطِرُ عَلَى ٱلأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَأَمْحُو عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ كُلَّ قَائِمٍ عَمِلْتُهُ».

ع ١٢ و١٧

أَرْبَعِينَ يَوْماً ومن هذا كان عدد الأربعين مقدساً في التجربة والصبر فإن هذه المدة كانت كمدة صوم موسى وإيليا وصوم المسيح في البرية وإقامته على الأرض بعد القيامة. ومدة أيام الصبر على أهل نينوى للتوبة. ومدة سني بني إسرائيل في البرية فإنها ٤٠ سنة.

وَجْهِ ٱلأَرْضِ (وفي العبرانية وجه الأدمة أي الأرض المحروثة ولعل هذا مما يؤيد القول بأن الطوفان خاص.

كُلَّ قَائِمٍ عَمِلْتُهُ قائم هنا في العبرانية «هيقوم» ولم ترد هذه الكلمة في سوى ثلاث آيات هذه الآية والآية العشرين والآية السادسة من الأصحاح الحادي عشر من سفر التثنية (وتُرجمت في هذا السفر في ترجمتنا العربية بالموجودات) ومعناها كل منتصب. فيكون المقصود أن الله محا أي أتلف كل أحوال المبروءات الكائنة لا الناس والبهائم فقط (انظر تفسير ص ٦: ٧٩).

٥ «فَفَعَلَ نُوحٌ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَهُ بِهِ ٱلرَّبُّ».

ص ٦: ٢٢

ما في هذه الآية مثال الطاعة الكاملة فيجب على كل إنسان أن يعمل على حسب كل أمر الله لا علىة حسب ما يستحسنه هو من أمر ربه).

٦ «وَلَمَّا كَانَ نُوحٌ ٱبْنَ سِتِّ مِئَةِ سَنَةٍ صَارَ طُوفَانُ ٱلْمَاءِ عَلَى ٱلأَرْضِ».

نُوحٌ ٱبْنَ سِتِّ مِئَةِ سَنَةٍ فيكون سام حينئذ ابن نحو مئة سنة فإن نوحاً ولد سام وهو ابن خمس مئة سنة (ص ٥: ٣٢) وكان سام ابن مئة سنة بعد سنتين من بداءة الطوفان (ص ١١: ١٠) ومدة الطوفان ١٥٠ يوماً (ع ٢٤) انظر أيضاً تفسير ص ٨: ١٣).

٧ «فَدَخَلَ نُوحٌ وَبَنُوهُ وَٱمْرَأَتُهُ وَنِسَاءُ بَنِيهِ مَعَهُ إِلَى ٱلْفُلْكِ مِنْ وَجْهِ مِيَاهِ ٱلطُّوفَانِ».

ع ١

فَدَخَلَ نُوحٌ وَبَنُوهُ وَٱمْرَأَتُهُ وَنِسَاءُ بَنِيهِ فالكل ثمانية.

٨ «وَمِنَ ٱلْبَهَائِمِ ٱلطَّاهِرَةِ وَٱلْبَهَائِمِ ٱلَّتِي لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ، وَمِنَ ٱلطُّيُورِ وَكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى ٱلأَرْضِ».

يَدِبُّ (في العبرانية «يمش» أي يَمَسّ).

٩ «دَخَلَ ٱثْنَانِ ٱثْنَانِ إِلَى نُوحٍ إِلَى ٱلْفُلْكِ، ذَكَراً وَأُنْثَى. كَمَا أَمَرَ ٱللهُ نُوحاً».

ٱثْنَانِ ٱثْنَانِ (هذا يدل على أن السبعات كانت أزواجاً).

١٠ «وَحَدَثَ بَعْدَ ٱلسَّبْعَةِ ٱلأَيَّامِ أَنَّ مِيَاهَ ٱلطُّوفَانِ صَارَتْ عَلَى ٱلأَرْضِ».

بَعْدَ ٱلسَّبْعَةِ ٱلأَيَّامِ في التقاليد اليهودية كانت هذه الأيام السبعة أيام ندب متوشالح فإنه مات في سنة الطوفان.

١١، ١٢ «١١ فِي سَنَةِ سِتِّ مِئَةٍ مِنْ حَيَاةِ نُوحٍ، فِي ٱلشَّهْرِ ٱلثَّانِي، فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعَ عَشَرَ مِنَ ٱلشَّهْرِ، ٱنْفَجَرَتْ كُلُّ يَنَابِيعِ ٱلْغَمْرِ ٱلْعَظِيمِ، وَٱنْفَتَحَتْ طَاقَاتُ ٱلسَّمَاءِ. ١٢ وَكَانَ ٱلْمَطَرُ عَلَى ٱلأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً».

ص ٨: ٢ و٤٩: ٢٥ وتثنية ٣٣: ١٣ وأيوب ٣٨: ١٦ ومزمور ٢٤: ٢ و٣٣: ٧ و١٣٦: ٦ وأمثال ٨: ٢٨ ص ٨: ٢ و٢ملوك ٧: ٢ ومزمور ٧٨: ٢٣ وإشعياء ٢٤: ١٨ وملاخي ٣: ١٠ ع ٤ و١٧

فِي ٱلشَّهْرِ ٱلثَّانِي من السنة المدنية التي أولها «تسري» (الموافق لجزء من أيلول وجزء من تشرين الأول). وقال بين سميث إنه عيد الاعتدال الخريفي فيكون الطوفان ابتدأ في نحو آخر تشرين الأول. وأول السنة الدينية في «أبيب» أي نيسان لأنه كان تذكاراً لخروجهم من مصر ونجاتهم من العبودية (خروج ١٢: ٢ و٢٣: ١٥). ولهذا لا يكون المقصود هنا السنة الدينية. وكانت تلك السنة قمرية أي ٣٦٠ يوماً (على ما قال بين سميث) لأن المياه طغت ١٥٠ يوماً (ع ٢٤) ثم قلت ١٥٠ يوماً (ص ٨: ٣) وذُكر إن نهاية الدور الأول الذي هو ١٥٠ يوماً (في ص ٨: ٤) كانت اليوم السبع عشر من الشهر السابع لأن الطوفان ابتدأ في اليوم السابع عشر من الشهر الثاني فالعدد ١٥٠ هو عدد أيام خسمة أشهر كل شهر ثلاثين يوماً. وزيادة البيان في تفسير (ص ٨: ١٤).

ٱنْفَجَرَتْ كُلُّ يَنَابِيعِ ٱلْغَمْرِ ٱلْعَظِيمِ أي انفجرت المياه التي في قلب الأرض وأعماق البحر فصارت كالينابيع والعيون المعروفة لكنها كانت عظيمة تندفع إلى فوق وهذا يدل على أن مياه الطوفان لم تكن كلها من المطر الذي انصب أربعين يوماً وأربعين ليلة لأنه لو تحوّل كل البخار الذي في الجو ماء ما غطى الربى فضلاً عن الجبال. ولا بد هنا من فرض حادث غير طبيعي أو معجز ألجأ مياه الغمر إلى الاندفاع والطغيان.

والمرجّح إن مياه بحر الروم والبحر الأسود وبحر الخزر وخليج العجم ارتفعت وطمت على البر واجتمعت مع ماء المطر وغطت الأرض. وظن بعضهم إن بقايا جثث الأفيال التي تكثر اليوم في شمالي سيبيريا اندفعت إلى تلك الأقاليم زمان الطوفان ثم تجمدت من البر القارس وهي باقية محفوظة إلى هذا اليوم بدون تغيير أو انحلال.

طَاقَاتُ ٱلسَّمَاءِ الخ (في هذا تخيل شعري حسن) مبني على ما شوهد من الواقع وعلى الاعتقاد إن الماء في السموات محجوز بأبواب فلما فُتحت انصبّ بوفرة عظيمة.

١٣ «فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ دَخَلَ نُوحٌ وَسَامٌ وَحَامٌ وَيَافَثُ بَنُو نُوحٍ، وَٱمْرَأَةُ نُوحٍ، وَثَلاَثُ نِسَاءِ بَنِيهِ مَعَهُمْ إِلَى ٱلْفُلْكِ».

ع ١

فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ وفي العبرانية «في عظم ذلك اليوم» (انظر تفسير ص ٢: ٢٣).

١٤ «هُمْ وَكُلُّ ٱلْوُحُوشِ كَأَجْنَاسِهَا، وَكُلُّ ٱلْبَهَائِمِ كَأَجْنَاسِهَا، وَكُلُّ مَا يَدِبُّ عَلَى ٱلأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا، وَكُلُّ ٱلطُّيُورِ كَأَجْنَاسِهَا: كُلُّ عُصْفُورٍ، كُلُّ ذِي جَنَاحٍ».

ع ٢ و٣ و٨ و٩

وَكُلُّ ٱلْوُحُوشِ وفي العبرانية «كل الأحياء» كما في ص ٨: ١ (في العبرانية) «كل أحياء البرية» وهو الموافق للمقام.

ٱلْبَهَائِمِ (انظر تفسير ص ١: ٢٤). (يجب أن يُعلم هنا إنا كثيراً ما نذكر البهائم في التفسير ونريد بها كل ما سوى الإنسان من الحيوان وقد تأتي في الكتاب مقابلة للوحوش كما هنا).

وَكُلُّ مَا يَدِبُّ لا الزحافات فقط بل كل الحيوانات الصغيرة.

وَكُلُّ ٱلطُّيُورِ كَأَجْنَاسِهَا: كُلُّ عُصْفُورٍ، كُلُّ ذِي جَنَاحٍ رأى بعضهم إن الكاتب أراد هنا ثلاثة أجناس من ذوات الجناح الأول الطيور بالإجمال والثاني الطيور المغرّدة والثالث الهوام. والمرجّح أنه أراد كل أنواع ذوات الجناح.

١٥ «وَدَخَلَتْ إِلَى نُوحٍ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱثْنَيْنِ ٱثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ جَسَدٍ فِيهِ رُوحُ حَيَاةٍ».

ص ٦: ٢٠

وَدَخَلَتْ إِلَى نُوحٍ لا ريب في أن ذلك كان بقوة الله فتبعت بتحريكه إيّاها نوحاً وعياله الذين دخلوا أولاً. فدفع الله معاداتها الطبيعية فأمر الله الحيوانات كما أمر نوحاً. ونرى في ذلك رمزاً إلى الزمان المذكور في قول إشعياء النبي «فَيَسْكُنُ ٱلذِّئْبُ مَعَ ٱلْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ ٱلنَّمِرُ مَعَ ٱلْجَدْيِ، وَٱلْعِجْلُ وَٱلشِّبْلُ وَٱلْمُسَمَّنُ مَعاً، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا. وَٱلْبَقَرَةُ وَٱلدُّبَّةُ تَرْعَيَانِ. تَرْبُضُ أَوْلاَدُهُمَا مَعاً، وَٱلأَسَدُ كَٱلْبَقَرِ يَأْكُلُ تِبْناً» (إشيعاء ١١: ٦ و٧).

ٱثْنَيْنِ ٱثْنَيْنِ (انظر تفسير ع ٩).

١٦ «وَٱلدَّاخِلاَتُ دَخَلَتْ ذَكَراً وَأُنْثَى مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ كَمَا أَمَرَهُ ٱللهُ. وَأَغْلَقَ ٱلرَّبُّ عَلَيْهِ».

ع ٢ و٣

وَأَغْلَقَ ٱلرَّبُّ عَلَيْهِ وفي العبرانية «يهوه» واعتناء يهوه بنوح إلى هذا الحد من أعظم أعمال الإحسان. وفي الكلدانية «وأوصى اللاهوت كيسثروس أن يغلق على نفسه». وأتى ذلك أولاً لمنع الفلك وحفظ الذين فيه. وثانياً لمنع تعدي جماعات الأشرار الذين كانوا يرغبون عند انفجار المياه من دخول الفلك ولولا إغلاق الله على نوح لكانوا دخلوا أفواجاً وتعدوا على نوح وبيته. ولكن أُغلق الباب. ومثل ذلك ما جاء في (متى ٢٥: ١٠) في مثل الوليمة (انظر أيضاً قول المسيح في أيام نوح متى ٢٤: ٣٨ و٣٩).

١٧ – ١٩ «١٧ وَكَانَ ٱلطُّوفَانُ أَرْبَعِينَ يَوْماً عَلَى ٱلأَرْضِ. وَتَكَاثَرَتِ ٱلْمِيَاهُ وَرَفَعَتِ ٱلْفُلْكَ، فَٱرْتَفَعَ عَنِ ٱلأَرْضِ. ١٨ وَتَعَاظَمَتِ ٱلْمِيَاهُ وَتَكَاثَرَتْ جِدّاً عَلَى ٱلأَرْضِ، فَكَانَ ٱلْفُلْكُ يَسِيرُ عَلَى وَجْهِ ٱلْمِيَاهِ. ١٩ وَتَعَاظَمَتِ ٱلْمِيَاهُ كَثِيراً جِدّاً عَلَى ٱلأَرْضِ، فَتَغَطَّتْ جَمِيعُ ٱلْجِبَالِ ٱلشَّامِخَةِ ٱلَّتِي تَحْتَ كُلِّ ٱلسَّمَاءِ».

ع ٤ و١٢ مزمور ١٠٤: ٢٥ إرميا ٣: ٢٣

وَتَكَاثَرَتِ ٱلْمِيَاهُ فُصّل ارتفاع الماء بقوة في هذه الآيات حتى كأن الكاتب كان يشاهد على ظهر الفلك كل ما يحدث. وكرر هذا المعنى أربعاً في هذه الآيات وستاً في هذا الأصحاح.

فَتَغَطَّتْ جَمِيعُ ٱلْجِبَالِ ٱلشَّامِخَةِ ٱلَّتِي تَحْتَ كُلِّ ٱلسَّمَاءِ رأى بعضهم من هذه العبارة إن الطوفان كان عاماً إذ فهم منها أنه غطى كل جبل على وجه كل الكرة الأرضية التي تحيط بها سماء النجوم. لكن هذا لا يلزم من العبارة ضرورة فإن معنى «جميع» هنا المجموع أي مجموع الجبال في الأرض التي أصابها الطوفان. والمقصود «بالسماء» الجو الذي يحد النظر أطرافه على تلك الأرض وهو ما تراه فوقك كالقبة. على أن معنى «كل» كثيراً ما يكون محدوداً فيعني كل الشيء الحصة المعينة (كما في قوله خرج إليه أورشليم وكل اليهودية).

٢٠ – ٢٢ «٢٠ خَمْسَ عَشَرَةَ ذِرَاعاً فِي ٱلٱرْتِفَاعِ تَعَاظَمَتِ ٱلْمِيَاهُ، فَتَغَطَّتِ ٱلْجِبَالُ. ٢١ فَمَاتَ كُلُّ ذِي جَسَدٍ كَانَ يَدِبُّ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلطُّيُورِ وَٱلْبَهَائِمِ وَٱلْوُحُوشِ وَكُلُّ ٱلزَّحَّافَاتِ ٱلَّتِي كَانَتْ تَزْحَفُ عَلَى ٱلأَرْضِ، وَجَمِيعُ ٱلنَّاسِ. ٢٢ كُلُّ مَا فِي أَنْفِهِ نَسَمَةُ رُوحِ حَيَاةٍ مِنْ كُلِّ مَا فِي ٱلْيَابِسَةِ مَاتَ».

١ص ٦: ١٣ و١٧ وع ٤ وأيوب ٢٢: ١٦ ومتّى ٢٤: ٣٩ ولوقا ١٧: ٢٧ و٢بطرس ٣: ٦ ص ٢: ٧

خَمْسَ عَشَرَةَ ذِرَاعاً أي نحو ٢٢ قدماً وارتفاع الماء على قنن الجبال إلى هذا الحد لا ينشأ بمجرد وقوع المطر أربعين يوماً وأربعين ليلة فلزم من ذلك إن الأرض التي نشأ فيها الطوفان كانت منخفضة عما يجاورها حتى جرى إليها ما وقع عليه وإن مياه الغمر اندفعت لحادث من الحوادث الطبيعية فيما جاور تلك الأرض من الأنجاد فجرى إليها أيضاً. وإذ انخفضت تلك الأرض جرت مياه الأبحر الجنوبية إلى الشمال فأمكن الفلك السير شمالاً على خلاف جهة جريان النهرين دجلة والفرات حتى استقر على قنة أراراط.

٢٣ «فَمَحَا ٱللهُ كُلَّ قَائِمٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ ٱلأَرْضِ: ٱلنَّاسَ، وَٱلْبَهَائِمَ، وَمَا يَدِبُّ، وَطُيُورَ ٱلسَّمَاءِ، فَٱنْمَحَتْ مِنَ ٱلأَرْضِ. وَتَبَقَّى نُوحٌ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ فَقَطْ».

١بطرس ٣: ٢٠ و٢بطرس ٢: ٥

كُلَّ قَائِمٍ (انظر تفسير ع ٤).

ٱلأَرْضِ (الترجمة المفلوحة لأنها في العبرانية «أدمة»).

٢٤ «وَتَعَاظَمَتِ ٱلْمِيَاهُ عَلَى ٱلأَرْضِ مِئَةً وَخَمْسِينَ يَوْماً».

ص ٨: ٣

تَعَاظَمَتِ في العبرانية «قويت» وكذا في (ع ١٨) فيها. دام المطر أربعين يوماً ولكن المياه حملت السفينة مئة يوم وعشرة أيام وحينئذ استقرت على الأرض. ولكن مع أن المياه كانت قوية حينئذ كانت آخذة في النقصان (انظر ص ٨: ٣) بعد أن كانت فوق قنة أراراط ٢٢ قدماً تقصت حتى مست السفينة تربته وكل هذا يدل على أن أهل السفينة أو بعضهم عرف ذلك كله بالمشاهدة.

مِئَةً وَخَمْسِينَ يَوْماً كان أقل من ذلك كافياً لإهلاك كل البشر. ولكن امتحن الله إيمان نوح وصبره بطول هذه المدة وتطهرت الأرض من نجاسات الأشرار كما أن أرض إسرائيل استراحت سبتاً أي سبعين سنة وهي مدة السبي وتطهرت من عبادة الأصنام.

السابق
التالي

 

زر الذهاب إلى الأعلى