الرسالة الأولى إلى تسالونيكي| المقدمة | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح الرسالة الأولى إلى تسالونيكي
للدكتور . وليم إدي
إن الذي دعا بولس إلى كتابة هذه الرسالة كونه ترك تسالونيكي فجأة لسبب هياج اليهود عليه فلم يكن له من فرصة ليعلم المؤمنين شفاهاً ضروريات الدين المسيحي وتوقع أنه يرجع إليها سريعاً فلم يستطع (ص ٢: ١٨) فرأى أن يبلغهم بالكتابة ما فاتهم بالكلام وخاف أن شدة اضطهاد اليهود إياهم تحملهم على الارتداد وهم حديثو الإيمان فقصد أن يعزيهم ويشجعهم ليثبتوا. إنه كان قد أرسل تيموثاوس إليهم لفرط اهتمامه بهم لكي يأتيه بإنبائهم (أعمال ١٧: ١٦ وص ٣: ١). فرجع إليه بالخبر الذي أنعش روحه (ص ٣: ٦) فكتب إليهم ليعلن سروره بما سمعه من أنباء ثبوتهم وتقدمهم. والظاهر أن تيموثاوس أخبره أيضاً بما نشأ عندهم من النقائص فأخذ بولس يكتب إليهم بغية إصلاحهم. وحزن بعضهم حزناً مفرطاً على موتاهم ويئسوا من رؤيتهم أيضاُ فعزاهم وأكد لهم أن الراقدين هم مع المسيح وأنهم سيجتمعون بهم أيضاً.
مقدمة
المقدمة وفيها ستة فصول
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ
مقدمة
تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.
ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.
هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.
ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».
القس ألبرت استيرو
الأمين العام
لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى
المقدمة وفيها ستة فصول
الفصل الأول: في مدينة تسالونيكي
كانت تسالونيكي قصبة مكدونية في أيام المملكة الرومانية وكرسي الوالي الروماني وهي على طرف خليج ثرمائي وعلى أمد مئة ميل من فيلبي جنوباً غربياً. وكانت مبنية على حدب به تشرف كل بيوتها على البحر واسمها القديم ثرمي جدد بناءها كسندر أحد قواد اسكندر الكبير وحصّنها وسماها تسالونيكي إكراماً لزوجته تساليا أخت اسكندر. واشتهرت بعظمتها وغناها ومتجرها ولم تزل منذ ذلك الوقت إلى هذه الساعة عامرة واسمها اليوم سالونيك وسكانها ما بين سبعين ألفاً وتسعين ألفاً وقيل أن سُدس أهلها من اليهود قصدوها لجودة متجرها وأن فيها نحو عشرين مجمعاً يهودياً. وأبنيتها اليوم على النسق الجديد ولكن لم يزل فيها بعض الأبنية الرومانية القديمة.
الفصل الثاني: في كنيسة تسالونيكي
أنشأ كنيسة تسالونيكي بولس بمساعدة سيلا وتيموثاوس في سفره الثاني للتبشير سنة ٥٢ ب. م وهي الكنيسة الثانية التي أنشأها في أوربا (أعمال ١٧: ١ – ٩) أتى بولس إلى تسالونيكي وكان لم يزل متألماً مما قاساه في فيلبي من الجَلد والسجن. وشرع حسب عادته في تبشير اليهود بمجمعهم لكنهم لم يقبلوه فيه سوى ثلاثة سبوت فانصرف عنهم إلى الأمم. ولا نعلم كم من الزمان تقضى عليه في تسالونيكي لكن نعلم أنه بقي وقتاً كافياً لإنشاء كنيسة كبيرة بعضها من اليهود وأكثرها من الأمم بدليل قوله «فَٱقْتَنَعَ قَوْمٌ مِنْهُمْ (أي من اليهود) وَٱنْحَازُوا إِلَى بُولُسَ وَسِيلاَ، وَمِنَ ٱلْيُونَانِيِّينَ ٱلْمُتَعَبِّدِينَ (أي الدخلاء) جُمْهُورٌ كَثِيرٌ، وَمِنَ ٱلنِّسَاءِ ٱلْمُتَقَدِّمَاتِ عَدَدٌ لَيْسَ بِقَلِيلٍ» (أعمال ١٧: ٤). ومما يؤيد أن أكثرها من الأمم هذه الرسالة نفسها إذ ليس فيها مقتبسات من العهد القديم أو حجج مبنية عليه ولا إشارة إلى شيء من تاريخ اليهود أو رسومهم أو عقائدهم بل فيها ما نصه «رَجَعْتُمْ إِلَى ٱللّٰهِ مِنَ ٱلأَوْثَانِ لِتَعْبُدُوا ٱللّٰهَ ٱلْحَيَّ ٱلْحَقِيقِيَّ» (ص ١: ٩) ولو كانوا من متنصري اليهود لكان المناسب أن يقول رجعتم «من الأعمال الميتة» (ص ١: ٩). وقيل أنهم قبلوا كلمة الله بسرور وثبتوا على الإيمان في شدائد واضطهادات كثيرة. ولم يرد بولس في مدة إقامته عندهم أن يكلمهم شيئاً من أسباب معاشه بل حصل تلك الأسباب بعمل يديه وبما أخذه من كنيسة فيلبي (ص ٢: ٩ و٢تسالونيكي ٣: ٨ وفيلبي ٤: ١٦). وأما اليهود فحسدوه على نجاحه بين الأمم والدخلاء فهيجوا عليه أوباش اليهود مدعين أن تبشيره بملكوت المسيح خيانة للأمبراطور كلوديوس قيصر رومية فاضطر الإخوة أن يرسلوه ليلاً إلى بيرية (أعمال ١٧: ٥ – ١٠). واجتهد بولس مرتين في أن يزورهم وهو في أثينا ولم يستطع والأرجح أنه زارهم أيضاً بعد ذلك وهو مار في مكدونية ولكن ليس لنا من نبإ خاص يتعلق بهذا الأمر.
وبقيت كنيسة تسالونيكي مشهورة قروناً عديدة واشتهرت بأتعابها في إرشاد أهل البلغار والسرب من الأوثان إلى المسيح. وسُميت تسالونيكي لشدة اجتهاد مؤمنيها في المحاماة عن الحق «بالمدينة الأرثوذكيسة».
الفصل الثالث: في كاتب هذه الرسالة
كاتب هذه الرسالة بولس الرسول (ص ١: ١) وهذا موافق لما قاله لوقا في سفر الأعمال في شأن بولس ورفاقه. وأسلوب الكلام فيها كالأسلوب الذي اعتاده بولس في سائر رسائله وهذا ما أجمعت عليه الكنيسة في كل العصور. وكتب بولس إلى سبع كنائس وهي كنائس رومية وكورنثوس وغلاطية وأفسس وفيلبي وكولوسي وتسالونيكي وما كتبه إلى تسالونيكي وضع بعد سائرها في كتاب العهد الجديد ولكنه كتبه قبل غيره بنحو خمس سنين.
الفصل الرابع: في زمان كتابة هذه الرسالة ومكانها
كتب بولس الرسول هذه الرسالة في كورنثوس حيث أقام نحو سنة ونصف سنة (أعمال ١٨: ٥) في ما بين سنة ٥٢ ب. م (حين أتى إلى كورنثوس) وربيع سنة ٥٤ حين ذهب منها فالأرجح أنه كتبها سنة ٥٣ ب. م وأدلة ذلك أن سلوانس وتيموثاوس كانا معه في كورنثوس حين كتبها ونعلم أنهما أتيا إليه وهو في تلك المدينة (أعمال ١٨: ٥). ولم نسمع أن سلوانس كان معه بعد ذهابه منها. وكان تيموثاوس قد وصل إليه من تسالونيكي قرب زمن كتابتها (ص ٣: ٦). فإذاً لم يكتبها في بدء وصوله ولم يكتبها في أثينا لأنه ذكر وجوده في أثينا أمراً قد مضى (ص ٣: ١). ومما يؤيد أنه لم يكتبها في أول وصوله إلى كورنثوس أنه كان للكنيسة فرصة كافية للمناجاة بالإنجيل في كل مكدونية وأخائية (ص ١: ٨) ولدخول بعض البدع والتشويش بينهم مما أضر بإيمانهم وطهارتهم (ص ٤: ٤ و٥: ١٤). وكانت فرصة لذهاب تيموثاوس من عنده إليهم ورجوعه إليه (ص ٣: ٢ و٦) وقد مات بعضهم (ص ٣: ١٣ – ١٨).
الفصل الخامس: في الدواعي إلى كتابة هذه الرسالة
إن الذي دعا بولس إلى كتابة هذه الرسالة كونه ترك تسالونيكي فجأة لسبب هياج اليهود عليه فلم يكن له من فرصة ليعلم المؤمنين شفاهاً ضروريات الدين المسيحي وتوقع أنه يرجع إليها سريعاً فلم يستطع (ص ٢: ١٨) فرأى أن يبلغهم بالكتابة ما فاتهم بالكلام وخاف أن شدة اضطهاد اليهود إياهم تحملهم على الارتداد وهم حديثو الإيمان فقصد أن يعزيهم ويشجعهم ليثبتوا. إنه كان قد أرسل تيموثاوس إليهم لفرط اهتمامه بهم لكي يأتيه بأنبائهم (أعمال ١٧: ١٦ وص ٣: ١). فرجع إليه بالخبر الذي أنعش روحه (ص ٣: ٦) فكتب إليهم ليعلن سروره بما سمعه من أنباء ثبوتهم وتقدمهم. والظاهر أن تيموثاوس أخبره أيضاً بما نشأ عندهم من النقائص فأخذ بولس يكتب إليهم بغية إصلاحهم. وحزن بعضهم حزناً مفرطاً على موتاهم ويئسوا من رؤيتهم أيضاً فعزاهم وأكد لهم أن الراقدين هم مع المسيح وأنهم سيجتمعون بهم أيضاً.
الفصل السادس: في مضمون هذه الرسالة
تنقسم هذه الرسالة إلى قسمين القسم الأول تاريخي وشخصي والقسم الثاني تعليمي. فذكّر الرسول في الأول مؤمني تسالونيكي بالحوادث التي حدثت وهو عندهم لكي يثبت إيمانهم بالإنجيل وصبرهم في الضيقات وشغل بذلك ثلاثة أصحاحات. ومضمون هذا القسم بعد التحية في (ص ١: ١ و٢) الشكر لله على نعمته وإعلان قوته لمؤمني تسالونيكي حتى قدرهم على أن ينموا في الإيمان والمحبة الأخوية والصبر في الشدائد (ص ١: ٣ – ١٠). وتذكيره إياهم بسيرته بينهم (ص ٢: ١ – ١٢). وإعلانه سروره بما بلغه من غيرتهم في سمع الإنجيل والطاعة له وثبوتهم في أثناء الاضطهاد (ص ٢: ١٣ – ١٦). وبيان اهتمامه بهم واجتهاده في أن يزورهم وإرساله تيموثاوس لينبئه بأحوالهم وختمه هذا القسم بالصلاة من أجلهم (ص ٢: ٢٧ – ٢٠ وص ٣: ١ – ١٣).
أما القسم التعليمي فشغل بقية الرسالة ومضمونه وجوب القداسة والامتناع عن الزناء (ص ٤: ١ – ٨). وإظهار المحبة الأخوية والهدوء والدأب والاستقامة أمام الناس (ص ٤: ٩ – ١٢). وتعليم القيامة ومجيء المسيح ثانية (ص ٤: ١٣ – ١٨). وبيان جهلنا وقت مجيء المسيح ثانية ووجوب سهرنا أبداً استعداداً له (ص ٥: ١ – ١١) وبيان واجباتهم لخدم الدين وواجباتهم الأدبية في معاملة بعضهم لبعض (ص ٥: ١٢ – ١٥). ونصائح ووصايا يتعلق أكثرها بالعبادة الجمهورية (ص ٥: ١٦ – ٢٢). وصلاة الرسول من أجلهم (ص ٥: ٢٣ و٢٤). وتوصية وبركة (ص ٥: ٢٥ – ٢٨).
التالي |