سفر صموئيل الأول | 28 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الأول
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ وَٱلْعِشْرُونَ
١، ٢ «١ وَكَانَ فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ أَنَّ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ جَمَعُوا جُيُوشَهُمْ لِيُحَارِبُوا إِسْرَائِيلَ. فَقَالَ أَخِيشُ لِدَاوُدَ: ٱعْلَمْ يَقِيناً أَنَّكَ سَتَخْرُجُ مَعِي فِي ٱلْجَيْشِ أَنْتَ وَرِجَالُكَ. ٢ فَقَالَ دَاوُدُ لأَخِيشَ: لِذٰلِكَ أَنْتَ سَتَعْلَمُ مَا يَفْعَلُ عَبْدُكَ. فَقَالَ أَخِيشُ لِدَاوُدَ: لِذٰلِكَ أَجْعَلُكَ حَارِساً لِرَأْسِي كُلَّ ٱلأَيَّامِ».
ص ٢٩: ١ ص ١: ٢٢ و٢٨
فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ أيام إقامة داود في صقلغ.
أَنْتَ سَتَعْلَمُ مَا يَفْعَلُ عَبْدُكَ في جواب داود التباس مقصود لأنه يود أن ما يفعله يكون مجهولاً إما أن يكون مع الفلسطينيين وإما أن يكون عليهم وفي الآخر يظهر ما سيفعله. وأما أخيش ففهم أن داود سيخرج معه ويفعل ما يفتخر الفلسطينيون به. وهذا جعل داود في حيص بيص لأنه لا يقدر أن يظاهر الفلسطينيين ولا يقدر أن يُظهر لهم أنه مع إسرائيل.
حَارِساً لِرَأْسِي أظهر ثقته بداود واعتباره لاقتداره في الحرب فوعده بتعيينه في أسمى منصب عنده فيكون قائداً لحرسه الخاص.
٣ «وَمَاتَ صَمُوئِيلُ وَنَدَبَهُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ وَدَفَنُوهُ فِي ٱلرَّامَةِ فِي مَدِينَتِهِ. وَكَانَ شَاوُلُ قَدْ نَفَى أَصْحَابَ ٱلْجَانِّ وَٱلتَّوَابِعِ مِنَ ٱلأَرْضِ».
ص ٢٥: ١ ص ٧: ١٧
مَاتَ صَمُوئِيلُ كان مات قبل الحوادث المذكورة (٢٥: ١) وموته مذكور هنا لإيضاح الكلام الآتي في (ع ١١) «أَصْعِدِي لِي صَمُوئِيلَ الخ».
وَكَانَ شَاوُلُ قَدْ نَفَى أَصْحَابَ ٱلْجَانِّ لعل ذلك كان في أول ملكه (١٥: ٢٣) وكان عمله وفقاً للشريعة (لاويين ١٩: ٣١ و٢٠: ٢٧ وتثنية ١٨: ١٠ الخ).
أَصْحَابَ ٱلْجَانِّ الكلمة الأصلية تعني الذين يتكلمون كأنه من بطونهم فيتظاهرون بجانّ حالة فيهم.
ٱلتَّوَابِعِ التابع الجني قيل يكون مع الإنسان يتبعه حيث يذهب كخادم يتبع مولاه. ويزعمون بأن الجني يعرف ما لا يعرفه بنو البشر فيعرف صاحبه فمثله مثل أرواح الموتى. ومن يطلب التوابع يخطئ خطيئة عظيمة لأنه بعمله يجعلها في مكان الله الذي وحده يعرف المستقبل. ولم يتلجىء شاول إلى أصحاب الجان والتوابع إلا بعدما كان ترك الرب.
٤ «فَٱجْتَمَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ وَجَاءُوا وَنَزَلُوا فِي شُونَمَ وَجَمَعَ شَاوُلُ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ وَنَزَلَ فِي جِلْبُوعَ».
١ملوك ١: ٣ و٢ملوك ٤: ٨ ص ٣١: ١
شُونَمَ مدينة في أرض يساكر اسمها اليوم سولم على جانب جبل الدوحي الجنوبي الغربي وفيها عين وحولها أرض مخصبة وتبعد عن جبل الكرمل نحو ١٢ ميلاً.
جِلْبُوعَ جبل فقوع الحالي جنوبي شونم يبعد عنها نحو أربعة أميال علوه عن السهل ١٢٠٠ قدم وعن سطح البحر ١٦٠٠ قدم. والسهل هو المسمى اليوم مرج ابن عامر. وهذا السهل على شكل مثلث الجانب الواحد يمتد من جبل الكرمل إلى جهة الجنوب الشرقي إلى عين جنيم أي جنين الحالية وطول هذا الجانب نحو ٣٠ ميلاً. والجانب الثاني يمتد من عين جنيم إلى جهة الشمال إلى جبل طور إلى الكرمل وطوله نحو ٢٥ ميلاً. وهذا السهل مخصب جداً وكان ساحة معارك كثيرة (انظر يزرعيل في قاموس الكتاب). والمظنون أن الفلسطينيين ساروا في طريق البحر فوصلوا إلى جبل الكرمل وحيفا الحالية ثم داروا إلى الجنوب الشرقي وساروا في مرج ابن عامر إلى شونم أولاً ثم إلى أفيق (٢٩: ١) في آخر هذا السهل إلى الشرق. فلم يفتحوا كل أرض إسرائيل الواقعة جنوباً من جلبوع. ولم يكن عملهم هذا غزوة فقط بل حرباً شديدة بكل جنودهم قاصدين إخضاع مملكة إسرائيل. ولعلهم خافوا امتداد مملكة شاول إلى شمالي مرج ابن عامر فتُسد طريق الفلسطينيين إلى الممالك الشرقية كأشور وغيرها.
٥ «وَلَمَّا رَأَى شَاوُلُ جَيْشَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ خَافَ وَٱضْطَرَبَ قَلْبُهُ جِدّاً».
خَافَ انظر قول داود «اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ ٱلرَّبُّ. إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي» (مزمور ٢٧: ١ و٣). وخاف شاول من الفلسطينيين لأن الرب كان قد تركه.
٦ «فَسَأَلَ شَاوُلُ مِنَ ٱلرَّبِّ، فَلَمْ يُجِبْهُ ٱلرَّبُّ لاَ بِٱلأَحْلاَمِ وَلاَ بِٱلأُورِيمِ وَلاَ بِٱلأَنْبِيَاءِ».
١أيام ١٠: ١٣ و١٤ أمثال ١: ٢٤ – ٣١ عدد ١٢: ٦ ويوئيل ٢: ٢٨ خروج ٢٨: ٣٠ و٢صموئيل ٨: ١٧
فَلَمْ يُجِبْهُ ٱلرَّبُّ يستجيب الرب لكل من يدعوه. وأعظم الخطايا تُغفر للناس. وأما شاول فرفض مشيئة الرب في بداءة ملكه واختار مشيئته. وسؤاله من الرب هنا لم يكن من كل قلبه بتوبة حقيقية بل ليخلص من الفلسطينيين. ولم يفحص عن سبب عدم جواب الرب فيتركها بل التجأ إلى صاحبة الجان. وهكذا أهان الرب أعظم إهانة إذ أقام تلك المرأة الكاذبة في مكان الرب (١أيام ١٠: ١٣ و١٤).
بِٱلأَحْلاَمِ (عدد ١٢: ٦).
بِٱلأُورِيمِ (٢٣: ٩ اطلب أوريم في قاموس الكتاب). كان أبياثار هرب من نوب والتجأ إلى داود وبيده الأفود (٢٣: ٦) ونستنتج من القول هنا أن شاول كان عمل أفوداً آخر وأقام كاهناً آخر ونرى في (٢صموئيل ٨: ١٧) أنه في زمان ملك داود كان رئيسان للكهنة.
وَلاَ بِٱلأَنْبِيَاءِ (٩: ٦ و٢٢: ٥).
٧ «فَقَالَ شَاوُلُ لِعَبِيدِهِ: فَتِّشُوا لِي عَلَى ٱمْرَأَةٍ صَاحِبَةِ جَانٍّ فَأَذْهَبَ إِلَيْهَا وَأَسْأَلَهَا. فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: هُوَذَا ٱمْرَأَةٌ صَاحِبَةُ جَانٍّ فِي عَيْنِ دُورٍ».
أعمال ١٦: ١٦ يشوع ١٧: ١ ومزمور ٨٣: ١٠
صَاحِبَةِ جَانٍّ (ع ٣).
عَيْنِ دُورٍ باد سيسرا في جوارها (مزمور ٨٣: ٩ و١٠) وهي عين دور الحالية وموقعها على جانب جبل دوحي الشمالي ومن جلبوع إلى عين دور نحو عشرة أميال فكان على شاول تعب وخطر أيضاً لأن الفلسطينيين كانوا حالين في شونم وهي بين جلبوع وعين دور.
٨ «فَتَنَكَّرَ شَاوُلُ وَلَبِسَ ثِيَاباً أُخْرَى، وَذَهَبَ هُوَ وَرَجُلاَنِ مَعَهُ وَجَاءُوا إِلَى ٱلْمَرْأَةِ لَيْلاً. وَقَالَ: ٱعْرِفِي لِي بِٱلْجَانِّ وَأَصْعِدِي لِي مَنْ أَقُولُ لَكِ».
٢أيام ١٨: ٢٩ و٣٥: ٢٢ إشعياء ٨: ١٩ تثنية ١٨: ١٠ و١١
تَنَكَّرَ لئلا تعرفه المرأة وتخاف منه فتُنكر إنها صاحبة جان. فما أعظم انحطاط ملك إسرائيل فإنه كان أمامه معركة فاصلة بينه وبين الفلسطينيين وعليه التدبير والاستعداد والالتجاء إلى الرب الذي منه وحده النصرة. ولكنه تنكر وتنحى وقتياً عن منصبه الملكي وانقضت تلك الليلة الأخيرة من حياته في الذهاب إلى تلك المرأة الكاذبة الجاهلة. والذين يدعون بالذكاء والمعرفة كثيراً ما لا يصدقون الكتاب المقدس ولكنهم ينقادون إلى الخرافات السخيفة.
٩، ١٠ «٩ فَقَالَتْ لَهُ ٱلْمَرْأَةُ: هُوَذَا أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فَعَلَ شَاوُلُ، كَيْفَ قَطَعَ أَصْحَابَ ٱلْجَانِّ وَٱلتَّوَابِعِ مِنَ ٱلأَرْضِ. فَلِمَاذَا تَضَعُ شَرَكاً لِنَفْسِي لِتُمِيتَهَا؟ ١٠ فَحَلَفَ لَهَا شَاوُلُ بِٱلرَّبِّ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ، إِنَّهُ لاَ يَلْحَقُكِ إِثْمٌ فِي هٰذَا ٱلأَمْرِ».
ع ٣
ظنت أنه جاسوس من قبل الملك قصده أن يجربها (ع ٣). وربما عرفت أنه الملك نفسه وإن كان قد تنكر. ولم يقدر شاول أن ينكر طول قامته لأنه كان أطول جميع الشعب.
فَحَلَفَ لَهَا شَاوُلُ بِٱلرَّبِّ استعمل ألفاظ الدين وإن كان قد ترك جوهره. وهنا إشارة للمرأة إلى أنه الملك.
١١، ١٢ «١١ فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ: مَنْ أُصْعِدُ لَكَ؟ فَقَالَ: أَصْعِدِي لِي صَمُوئِيلَ. ١٢ فَلَمَّا رَأَتِ ٱلْمَرْأَةُ صَمُوئِيلَ صَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَقَالَتِ لِشَاوُلَ: لِمَاذَا خَدَعْتَنِي وَأَنْتَ شَاوُلُ؟»
مَنْ أُصْعِدُ لَكَ كانت تزعم أنها تقدر أن تُصعد للناس من أرادوه من أرواح الأموات فيكلمها وهي تكلم الناس كوسيطة ويزعم الناس ان الأموات يعرفون ما لا يعرفه الأحياء.
أَصْعِدِي لِي صَمُوئِيلَ إن صموئيل مسحه وعلّمه وأرشده وأنذره فافتكر شاول أنه إذا قام من الأموات يقدر أن يقول له كيف يخلص من الفلسطينيين ولعله ظن أنه يقدر أن يشفع فيه عند الرب. ولكنه نسي أنه كان عليه أن يسمع إنذار صموئيل وهو حي.
فَلَمَّا رَأَتِ ٱلْمَرْأَةُ الخ كانت تقصد أن تغش شاول كعادتها في غش الناس ولكن الله انتهز هذه الفرصة ليوبخ الملك الشرير بواسطتها وينبئه بالعقاب المقبل عليه وأظهر صموئيل بالحقيقة. فتعجبت المرأة حينما رأت صموئيل لأنها لم تتوقع هذا. وهذا مما يدل على عجزها عن إصعاد الموتى. وعندئذ خافت إذ تحققت أن الذي طلب إصعاده هو شاول.
رأى بعضهم أن الذي صعد هو الشيطان وقد تزيا بزي صموئيل. وظن آخرون أن العمل كله مكر وحيلة فلم يصعد صموئيل ولا غيره بل أن شاول رأى خيالاً ظنه صموئيل وسمع صوتاً ظن أنه صوت صموئيل. ولكن من يقرأ هذا النبأ بلا حكم سابق أو تغرّض يفهم منه أن صموئيل صعد صعوداً حقيقياً وتكلم مع شاول وذلك بقوة الله لا بقوة المرأة. والكتاب المقدس لا يخبرنا عن صعود غير صموئيل من الأموات ليكلم البشر إلا الرب يسوع وحده. إن إيليا وموسى في جبل التجلي لم يكلما غير يسوع. ونرى أن شاول لم يتعلم شيئاً جديداً ولم ينتفع من صعود صموئيل لأنه سمع نفس الكلام الذي سمعه من صموئيل وهو حي (لوقا ١٦: ٢٧ – ٣١).
١٣، ١٤ «١٣ فَقَالَ لَهَا ٱلْمَلِكُ: لاَ تَخَافِي. فَمَاذَا رَأَيْتِ؟ فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ لِشَاوُلَ: رَأَيْتُ آلِهَةً يَصْعَدُونَ مِنَ ٱلأَرْضِ. ١٤ فَقَالَ لَهَا: مَا هِيَ صُورَتُهُ؟ فَقَالَتْ: رَجُلٌ شَيْخٌ صَاعِدٌ وَهُوَ مُغَطّىً بِجُبَّةٍ. فَعَلِمَ شَاوُلُ أَنَّهُ صَمُوئِيلُ، فَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ وَسَجَدَ».
ص ١٥: ٢٧ ص ٢٤: ٨
آلِهَةً يَصْعَدُونَ الكلمة الأولى في الأصل جمع وهي تعني أحياناً الله الإله الحقيقي الوحيد وتعني أوقاتاً الآلهة الوثنية والأرجح أنها تعني هنا واحداً صاعداً من مكان الأموات الذي كانوا يزعمون أنه تحت الأرض. وهكذا في الترجمة الإنكليزية الجديدة. وفي الأول نظرته المرأة ولم ينظره شاول وبعد ذلك نظره شاول أيضاً. وعلم شاول أنه صموئيل من قول المرأة أنه شيخ مغطى بجبة كعادة صموئيل (١٥: ٢٧) وهذا ما توقعه شاول لأنه كان طلب إصعاده.
فَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ أظهر اعتباره لصموئيل الذي كان اشتهى رؤيته وأبدى اعتباره أيضاً لمن قد صعد من الأموات.
١٥ «فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: لِمَاذَا أَقْلَقْتَنِي بِإِصْعَادِكَ إِيَّايَ؟ فَقَالَ شَاوُلُ: قَدْ ضَاقَ بِي ٱلأَمْرُ جِدّاً. اَلْفِلِسْطِينِيُّونَ يُحَارِبُونَنِي، وَٱلرَّبُّ فَارَقَنِي وَلَمْ يَعُدْ يُجِيبُنِي لاَ بِٱلأَنْبِيَاءِ وَلاَ بِٱلأَحْلاَمِ. فَدَعَوْتُكَ لِتُعْلِمَنِي مَاذَا أَصْنَعُ».
ص ١٦: ١٣ و١٤ و١٨: ١٢ ع ٦
أَقْلَقْتَنِي قلق برجوعه إلى هموم هذا العالم وأحزانه التي كان استراح منها وقلق من عناد شاول الذي كان رفض كلامه وهو حي ولم يطلبه إلا بعدما كان وصل إلى يوم العقاب.
١٦ – ١٨ «١٦ فَقَالَ صَمُوئِيلُ: وَلِمَاذَا تَسْأَلُنِي وَٱلرَّبُّ قَدْ فَارَقَكَ وَصَارَ عَدُوَّكَ؟ ١٧ وَقَدْ فَعَلَ ٱلرَّبُّ لِنَفْسِهِ كَمَا تَكَلَّمَ عَنْ يَدِي، وَقَدْ شَقَّ ٱلرَّبُّ ٱلْمَمْلَكَةَ مِنْ يَدِكَ وَأَعْطَاهَا لِقَرِيبِكَ دَاوُدَ. ١٨ لأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ وَلَمْ تَفْعَلْ حُمُوَّ غَضَبِهِ فِي عَمَالِيقَ، لِذٰلِكَ قَدْ فَعَلَ ٱلرَّبُّ بِكَ هٰذَا ٱلأَمْرَ ٱلْيَوْمَ».
ص ١٥: ٢٨ ص ١٥: ٩ و٢٠ و٢٦
لِمَاذَا تَسْأَلُنِي كان مرسلاً من قِبل الرب فلم يقدر أن يقول شيئاً أو يعمل شيئاً من نفسه.
صَارَ عَدُوَّكَ لم يفارقه الرب فقط بل أيضاً أخذ يقاومه فيا لتعاسة ذلك الإنسان الذي صار الرب عدوه. وليس المعنى أن الرب يريد هلاك أحد بل أنه يقاوم الشرير ما دام في شروره. والضيق الذي وقع شاول فيه هو نتيجة طبيعية لتركه الرب. ثم عاد صموئيل وقال لشاول نفس الكلام الذي كلمه به وهو حي (١٥: ٢٨ و١٦: ١٣ و١٤).
١٩ «وَيَدْفَعُ ٱلرَّبُّ إِسْرَائِيلَ أَيْضاً مَعَكَ لِيَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَغَداً أَنْتَ وَبَنُوكَ تَكُونُونَ مَعِي، وَيَدْفَعُ ٱلرَّبُّ جَيْشَ إِسْرَائِيلَ أَيْضاً لِيَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ».
ص ٣١: ٢ وأيوب ٣: ١٧ – ١٩
إِسْرَائِيلَ أَيْضاً يفتقد الرب خطايا الملوك في شعوبهم أي إنه يشرك الشعب والملوك في العقاب وإن كان بين الشعب نساء وأطفال وكثيرون لم يشتركوا في خطايا رؤسائهم. ولا بد من ذلك نظراً لوحدة المملكة واتحاد الشعب بالملك كاتحاد أعضاء الجسد بالرأس.
أَنْتَ وَبَنُوكَ تَكُونُونَ مَعِي أي في مكان الأموات أبراراً كانوا أم أشراراً (تكوين ٣٧: ٣٥ مزمور ٣١: ١٧ إشعياء ٣٨: ١٠). وفي العهد القديم إشارات إلى القيامة من الأموات وسعادة الأبرار ولكن لم يعرف القدماء أمور العالم المقبل كما عرفناها من العهد الجديد (أيوب ١٩: ٢٥ – ٢٧ مزمور ١٦: ٨ – ١١ و١٧: ١٥ و٧٣: ٢٤ دانيال ١٢: ٢ و٣).
٢٠ – ٢٥ «٢٠ فَأَسْرَعَ شَاوُلُ وَسَقَطَ عَلَى طُولِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ وَخَافَ جِدّاً مِنْ كَلاَمِ صَمُوئِيلَ، وَأَيْضاً لَمْ تَكُنْ فِيهِ قُوَّةٌ، لأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ طَعَاماً ٱلنَّهَارَ كُلَّهُ وَٱللَّيْلَ. ٢١ ثُمَّ جَاءَتِ ٱلْمَرْأَةُ إِلَى شَاوُلَ وَرَأَتْ أَنَّهُ مُرْتَاعٌ جِدّاً، فَقَالَتْ لَهُ: هُوَذَا قَدْ سَمِعَتْ جَارِيَتُكَ لِصَوْتِكَ فَوَضَعْتُ نَفْسِي فِي كَفِّي وَسَمِعْتُ لِكَلاَمِكَ ٱلَّذِي كَلَّمْتَنِي بِهِ. ٢٢ وَٱلآنَ ٱسْمَعْ أَنْتَ أَيْضاً لِصَوْتِ جَارِيَتِكَ فَأَضَعَ قُدَّامَكَ كِسْرَةَ خُبْزٍ وَكُلْ، فَتَكُونَ فِيكَ قُوَّةٌ إِذْ تَسِيرُ فِي ٱلطَّرِيقِ. ٢٣ فَأَبَى وَقَالَ: لاَ آكُلُ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ عَبْدَاهُ وَٱلْمَرْأَةُ أَيْضاً، فَسَمِعَ لِصَوْتِهِمْ وَقَامَ عَنِ ٱلأَرْضِ وَجَلَسَ عَلَى ٱلسَّرِيرِ. ٢٤ وَكَانَ لِلْمَرْأَةِ عِجْلٌ مُسَمَّنٌ فِي ٱلْبَيْتِ، فَأَسْرَعَتْ وَذَبَحَتْهُ وَأَخَذَتْ دَقِيقاً وَعَجَنَتْهُ وَخَبَزَتْ فَطِيراً، ٢٥ ثُمَّ قَدَّمَتْهُ أَمَامَ شَاوُلَ وَأَمَامَ عَبْدَيْهِ فَأَكَلُوا. وَقَامُوا وَذَهَبُوا فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ».
ص ١٩: ٥ و٢ملوك ٥: ١٣ أستير ١: ٦ وحزقيال ٢٣: ٤١ تكوين ١٨: ٦ و٧
سَقَطَ عَلَى طُولِهِ وهو طويل جداً. وسقط من خوفه الشديد ومن ضعفه من عدم الأكل. فنرى هنا الملك الجبار الذي عليه رجاء إسرائيل في يوم أشد الخطر ساقطاً إلى الأرض في كوخ صاحبة الجان بلا طعام وبلا نوم يغلبه الخوف. والفلسطينيون مستعدون للهجوم على شعبه عند الفجر وهو بعيد عنهم في عين دور. والمرأة وإن كانت كذابة طماعة أشفقت عليه حينما رأته رجلاً مرتاعاً وهو ملكها أيضاً فخدمته حسب اقتدارها وقربت له أفضل ما عندها في البيت وألحت عليه قائلة إنها أطاعته في البداءة فعليه أن يصغي لها الآن. فأبى أولاً لأنه من اضطراب فكره لم يشته الأكل ولأنه كان مستعجلاً ليرجع إلى مقره قبل الفجر وهذا ما يرينا شيئاً من مروءته القديمة إذ اختار أن يرجع ويموت مع أبنائه وشعبه في ساحة الحرب.
- قال شاول ماذا أصنع (ع ١٥) فلم يحصل على جواب لأنه لم يرد أن يصنع ما قاله له الرب. قال حافظ السجن في فيلبي ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص فاستجاب له الرب بواسطة الرسولين لأنه كان مستعداً أن يقبل كلام الرب (أعمال ١٦: ٣٠ و٣١).
- في الكتاب المقدس كل ما نحتاجه لمعرفة طريق الخلاص والحياة الأبدية. فلا نحتاج إلى رجوع أحد من الأموات. وإن رجع لا يقدر أن يعلمنا شيئا جديداً (ع ١٦ – ١٨ ولوقا ١٦: ٢٧ – ٣١).
- يجب أن لا نغش نفوسنا بالقول إن الله رحيم فيغض النظر عن خطايانا مهما عملنا (ع ١٨).
- إن شاول في آخر حياته لم يجد من يعزيه ويقويه ولا ما يتكل عليه أو يفرح به لأنه كان قد ترك الله (ع ١٥).
-
ما أعظم الفرق بين شاول الملك الذي ارتاع عندما سمع إن وقت انتقاله قد حضر وشاول (أي بولس) الرسول الذي قال «وَقْتُ ٱنْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. قَدْ جَاهَدْتُ ٱلْجِهَادَ ٱلْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ ٱلسَّعْيَ، حَفِظْتُ ٱلإِيمَانَ، وَأَخِيراً قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ ٱلْبِرِّ» (٢تيموثاوس ٤: ٦ – ٨).
السابق |
التالي |