سفر صموئيل الأول | 20 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الأول
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْعِشْرُونَ
١ – ٣ «١ فَهَرَبَ دَاوُدُ مِنْ نَايُوتَ فِي ٱلرَّامَةِ، وَجَاءَ وَقَالَ قُدَّامَ يُونَاثَانَ: مَاذَا عَمِلْتُ وَمَا هُوَ إِثْمِي وَمَا هِيَ خَطِيَّتِي أَمَامَ أَبِيكَ حَتَّى يَطْلُبَ نَفْسِي؟ ٢ فَقَالَ لَهُ: حَاشَا. لاَ تَمُوتُ. هُوَذَا أَبِي لاَ يَعْمَلُ أَمْراً كَبِيراً وَلاَ أَمْراً صَغِيراً إِلَّا وَيُخْبِرُنِي بِهِ. وَلِمَاذَا يُخْفِي عَنِّي أَبِي هٰذَا ٱلأَمْرَ؟ لَيْسَ كَذَا. ٣ فَحَلَفَ أَيْضاً دَاوُدُ وَقَالَ: إِنَّ أَبَاكَ قَدْ عَلِمَ أَنِّي قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ، فَقَالَ: لاَ يَعْلَمْ يُونَاثَانُ هٰذَا لِئَلاَّ يَغْتَمَّ. وَلٰكِنْ حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنَّهُ كَخَطْوَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَ ٱلْمَوْتِ».
ص ٢٤: ٩ تثنية ٦: ١٣ ص ٢٥: ٢٦ و٢ملوك ٢: ٦
فَهَرَبَ دَاوُدُ قيل في الأصحاح السابق أن شاول أرسل رسلاً إلى نايوت ليقبضوا على داود أولاً وثانياً وثالثاً. وأخيراً ذهب هو أيضاً. فدل ذلك على عزمه الشديد على أن يقتله. ولكن حل روح الله عليه وانطرح ذلك النهار كله وكل الليل فلم يقبض على داود. ونرى في ع ٥ أن من واجبات داود أن يجلس مع الملك للأكل في أول الشهر. ولكن داود عرف طبيعة الملك وتقلبه فلم يأتمنه على نفسه بل هرب من نايوت ولم يشك في محبة يوناثان المخلصة وإن كان طريد أبيه.
مَاذَا عَمِلْتُ استفهام إنكاري أي لم أعمل شيئاً والمزمور السابع يعبّر عن أفكاره في مثل هذه الأحوال. كان في يوناثان ما يجذب الناس إليه. وكان بينه وبين أبيه صداقة عظيمة حتى أنه لم يصدق أن أباه يقتل داود أو يعمل شيئاً كبيراً أو صغيراً بلا علمه. شاول حاول قتل داود مرات كثيرة وأمر يوناثان وعبيده أن يقتلوه ولكن يوناثان حسب أن ذلك كله قد مضى.
كَخَطْوَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَ ٱلْمَوْتِ شعر بأن الموت قريب منه فيأتيه في أي ساعة.
٤ «فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: مَهْمَا تَقُلْ نَفْسُكَ أَفْعَلْهُ لَكَ».
هذا قول كل صديق حقيقي فإننا لا نعمل لأصدقائنا كما نريد نحن بل كما يريدون هم غير أنه لا يجوز أن نعمل ما يخالف وصايا الله.
٥ – ٧ «٥ فَقَالَ دَاوُدُ لِيُونَاثَانَ: هُوَذَا ٱلشَّهْرُ غَداً حِينَمَا أَجْلِسُ مَعَ ٱلْمَلِكِ لِلأَكْلِ. وَلٰكِنْ أَرْسِلْنِي فَأَخْتَبِئَ فِي ٱلْحَقْلِ إِلَى مَسَاءِ ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ. ٦ وَإِذَا ٱفْتَقَدَنِي أَبُوكَ، فَقُلْ: قَدْ طَلَبَ دَاوُدُ مِنِّي طِلْبَةً أَنْ يَرْكُضَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ مَدِينَتِهِ، لأَنَّ هُنَاكَ ذَبِيحَةً سَنَوِيَّةً لِكُلِّ ٱلْعَشِيرَةِ. ٧ فَإِنْ قَالَ: حَسَناً. كَانَ سَلاَمٌ لِعَبْدِكَ. وَلٰكِنْ إِنِ ٱغْتَاظَ غَيْظاً، فَٱعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ أُعِدَّ ٱلشَّرُّ عِنْدَهُ».
عدد ١٠: ١٠ و٢٨: ١١ – ١٥ وعاموس ٨: ٥ ع ٢٤ و٢٧ ص ١٩: ٢ ص ١٧: ٥٨ تثنية ١٢: ٥
ٱلشَّهْرُ في أول كل شهر كانوا يقدمون ذبائح خاصة ويولمون الولائم ويضربون بالأبواق علامة الفرح وكانت فرصة للراحة والسجود وكان يدوم هذا العمل يومين على الأقل وكان المنتظر من داود أن يكون مع شاول لأنه صهره.
أَرْسِلْنِي كان داود يأتمر بأمر شاول وعند غياب شاول يأتمر بأمر يوناثان.
ذَبِيحَةً سَنَوِيَّةً (تثنية ١٢: ٥ – ١٢) ولم يذهبوا إلى أورشليم حسب الوصية في التثنية لأنه لم يكن الهيكل قد بُني بعد ولا ترتبت العادة وكان العيد المشار إليه وقت اجتماع العشيرة كلها ووقت فرح بيتي. وقوله إنه سيركض إلى بيت لحم يفيد أنه سيذهب ويرجع في أقرب وقت فلا تكون خسارة على الملك. والظاهر أنه لم يذهب إلى بيت لحم ولا نعرف إذا كان قصد الذهاب ولم يتيسر له أو قصد خدع شاول. ولا نقدر نبرّره من الخداع إذا خدَع.
٨ – ١١ «٨ فَتَعْمَلُ مَعْرُوفاً مَعَ عَبْدِكَ، لأَنَّكَ بِعَهْدِ ٱلرَّبِّ أَدْخَلْتَ عَبْدَكَ مَعَكَ. وَإِنْ كَانَ فِيَّ إِثْمٌ فَٱقْتُلْنِي أَنْتَ، وَلِمَاذَا تَأْتِي بِي إِلَى أَبِيكَ؟ ٩ فَقَالَ يُونَاثَانُ: حَاشَا لَكَ! لأَنَّهُ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ ٱلشَّرَّ قَدْ أُعِدَّ عِنْدَ أَبِي لِيَأْتِيَ عَلَيْكَ، أَفَمَا كُنْتُ أُخْبِرُكَ بِهِ؟ ١٠ فَقَالَ دَاوُدُ لِيُونَاثَانَ: مَنْ يُخْبِرُنِي إِنْ جَاوَبَكَ أَبُوكَ شَيْئاً قَاسِياً؟ ١١ فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: تَعَالَ نَخْرُجُ إِلَى ٱلْحَقْلِ. فَخَرَجَا كِلاَهُمَا إِلَى ٱلْحَقْلِ».
ص ١٨: ٣ و٢٣: ١٨ و٢صموئيل ١٤: ٣٢
أَدْخَلْتَ عَبْدَكَ كان يوناثان ابن الملك وولي العهد فلا يليق بأحد عبيده أي أحد شعب الملك أن يطلب معاهدته فالتحالف بينه وبين داود يُعدّ تنازلاً من يوناثان. ولم يُعرف في ذلك الوقت أن داود سيكون ملكاً وأعظم الملوك إلا بالإيمان بمواعيد الرب. وقيل عهد الرب لأنهما كانا حلفا باسم الرب لما دخلا في عهدهما (١٨: ٣ و٢٠: ١٢ – ١٧).
وَإِنْ كَانَ فِيَّ إِثْمٌ أي خيانة أو فتنة على الملك.
فَٱقْتُلْنِي أَنْتَ فضّل أن يموت بيد يوناثان صديقه ولا يموت بيد شاول أو أحد عبيده. وأما داود فعرف يقيناً أنه ليس فيه إثم بل كان أميناً في كل خدمة الملك.
حَاشَا لَكَ! أي أنت منزّه عن الإثم ومن المستحيل ان أقتلك أو أسلمك للملك.
خَرَجَا كِلاَهُمَا إِلَى ٱلْحَقْلِ حتى يتكلما ويتعاهدا ولا يراهما أو يسمعهما أحدٌ.
١٢ – ١٥ «١٢ وَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: يَا رَبُّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ، مَتَى ٱخْتَبَرْتُ أَبِي مِثْلَ ٱلآنَ غَداً أَوْ بَعْدَ غَدٍ، فَإِنْ كَانَ خَيْرٌ لِدَاوُدَ وَلَمْ أُرْسِلْ حِينَئِذٍ فَأُخْبِرَهُ، ١٣ فَهٰكَذَا يَفْعَلُ ٱلرَّبُّ لِيُونَاثَانَ وَهٰكَذَا يَزِيدُ. وَإِنِ ٱسْتَحْسَنَ أَبِي ٱلشَّرَّ نَحْوَكَ، فَإِنِّي أُخْبِرُكَ وَأُطْلِقُكَ فَتَذْهَبُ بِسَلاَمٍ. وَلْيَكُنِ ٱلرَّبُّ مَعَكَ كَمَا كَانَ مَعَ أَبِي. ١٤ وَلاَ وَأَنَا حَيٌّ بَعْدُ تَصْنَعُ مَعِي إِحْسَانَ ٱلرَّبِّ حَتَّى لاَ أَمُوتَ، ١٥ بَلْ لاَ تَقْطَعُ مَعْرُوفَكَ عَنْ بَيْتِي إِلَى ٱلأَبَدِ، وَلاَ حِينَ يَقْطَعُ ٱلرَّبُّ أَعْدَاءَ دَاوُدَ جَمِيعاً عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ».
ص ٣: ١٧ وراعوث ١: ١٧ ص ١٨: ١٢ و٢صموئيل ٩: ١
ابتدأ يوناثان كلامه بقسم وكان الحلف يُعدُّ صلاة. وعلى كل من يحلف أن يتذكر أن الحلف صلاة فلا يليق إلا في أمر يستحقه وباحترام مقدّس ونية مخلصة. إن كان خيراً يرسل يوناثان رسولاً وإن كان شراً يخبره هو. ومن محبته لدواد لم يرد أن خبر الشر يُنقل بواسطة رسول.
كَمَا كَانَ مَعَ أَبِي كما كان مع شاول لما دعاه ومسحه ملكاً. فآمن يوناثان بوعد الرب أن داود سيخلف أباه في الملك.
حَتَّى لاَ أَمُوتَ أشار إلى عادة قديمة وهي أنه إذا تبوّأ أحدٌ المُلك يقتل أبناء الملك السابق (١ملوك ١٥: ٢٩ و١٦: ١١) وطلب يوناثان من داود أن يصنع إحسان الرب معه ومع نسله فلا يقتلهم. وكان داود أميناً بحفظ هذا العهد (٢صموئيل ص ٩ و٢١: ٧).
١٦، ١٧ «١٦ فَعَاهَدَ يُونَاثَانُ بَيْتَ دَاوُدَ وَقَالَ: لِيَطْلُبِ ٱلرَّبُّ مِنْ يَدِ أَعْدَاءِ دَاوُدَ. ١٧ ثُمَّ عَادَ يُونَاثَانُ وَٱسْتَحْلَفَ دَاوُدَ بِمَحَبَّتِهِ لَهُ لأَنَّهُ أَحَبَّهُ مَحَبَّةَ نَفْسِهِ».
تثنية ٢٣: ٢١ ص ١٨: ١
بَيْتَ دَاوُدَ أي داود ونسله إلى الأبد.
مِنْ يَدِ أَعْدَاءِ دَاوُدَ معنى الحلف أنه إذا خالف داود عهده يطلب الرب من يده أي يجازيه حسب عمله. ولكن يوناثان لم يستحسن أن يطلب مجازاة داود ولو كان على سبيل الفرض فقال «أعداء داود» (٢٥: ٢٢).
١٨ – ٢٣ «١٨ وَقَالَ لَهُ يُونَاثَانُ: غَداً ٱلشَّهْرُ فَتُفْتَقَدُ لأَنَّ مَوْضِعَكَ يَكُونُ خَالِياً. ١٩ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ تَنْزِلُ سَرِيعاً وَتَأْتِي إِلَى ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي ٱخْتَبَأْتَ فِيهِ يَوْمَ ٱلْعَمَلِ، وَتَجْلِسُ بِجَانِبِ حَجَرِ ٱلٱفْتِرَاقِ. ٢٠ وَأَنَا أَرْمِي ثَلاَثَةَ سِهَامٍ إِلَى جَانِبِهِ كَأَنِّي أَرْمِي هَدَفاً. ٢١ وَحِينَئِذٍ أُرْسِلُ ٱلْغُلاَمَ قَائِلاً: ٱذْهَبِ ٱلْتَقِطِ ٱلسِّهَامَ. فَإِنْ قُلْتُ لِلْغُلاَمِ: هُوَذَا ٱلسِّهَامُ دُونَكَ فَجَائِياً، خُذْهَا. فَتَعَالَ لأَنَّ لَكَ سَلاَماً. لاَ يُوجَدُ شَيْءٌ. حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ. ٢٢ وَلٰكِنْ إِنْ قُلْتُ هٰكَذَا لِلْغُلاَمِ: هُوَذَا ٱلسِّهَامُ دُونَكَ فَصَاعِداً. فَٱذْهَبْ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَطْلَقَكَ. ٢٣ وَأَمَّا ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي تَكَلَّمْنَا بِهِ أَنَا وَأَنْتَ فَهُوَذَا ٱلرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ إِلَى ٱلأَبَدِ».
ع ٥ و٢٥ ع ٣٧ ع ١٤ و١٥ تكوين ٣١: ٤٩ و٥٣
غَداً ٱلشَّهْرُ أول الشهر القمري وهو عيد (ع ٥).
تَنْزِلُ سَرِيعاً معنى الكلمة الأصلية كثيراً. فإذا تُرجمت سريعاً يكون المعنى أنه لا يجوز أن يتأخر عن الميعاد في اليوم الثالث. ومن معاني الكلمة الأصلية العمق وعلى هذا يُطلب منه أن ينزل إلى أسفل المكان فلا يُرى.
يَوْمَ ٱلْعَمَلِ إشارة إلى ما ذُكر في (١٩: ٢).
حَجَرِ ٱلٱفْتِرَاقِ تسمّى هكذا بعد هذه الحادثة فصار تذكاراً لافتراق يوناثان وداود (ع ٤١ و٤٢).
ثَلاَثَةَ سِهَامٍ الخ اختار هذه الواسطة لإخبار داود خوفاً من وجود جواسيس يسمعون ويخبرون الملك.
ٱلرَّبَّ قَدْ أَطْلَقَكَ سلّم الأمر للرب. إن الافتراق ليس بحسب إرادتهما ولكنهما آمنا بالرب الذي يدبر كل شيء حسناً.
ٱلرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وإن فارق الواحد الآخر يكون الرب معهما كليهما وبه يثبت اتحادهما إلى الأبد ولنا هذه التعزية عند الافتراق أن الافتراق هو بالجسد وأما الاتحاد فهو بالروح وبالرب فيبقى إلى الأبد إذا كان مبنياً على الإيمان.
٢٤ – ٢٩ «٢٤ فَٱخْتَبَأَ دَاوُدُ فِي ٱلْحَقْلِ. وَكَانَ ٱلشَّهْرُ، فَجَلَسَ ٱلْمَلِكُ عَلَى ٱلطَّعَامِ لِيَأْكُلَ. ٢٥ فَجَلَسَ ٱلْمَلِكُ فِي مَوْضِعِهِ حَسَبَ كُلِّ مَرَّةٍ عَلَى مَجْلِسٍ عِنْدَ ٱلْحَائِطِ. وَقَامَ يُونَاثَانُ وَجَلَسَ أَبْنَيْرُ إِلَى جَانِبِ شَاوُلَ، وَخَلاَ مَوْضِعُ دَاوُدَ. ٢٦ وَلَمْ يَقُلْ شَاوُلُ شَيْئاً فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ لأَنَّهُ قَالَ: لَعَلَّهُ عَارِضٌ. غَيْرُ طَاهِرٍ هُوَ. إِنَّهُ لَيْسَ طَاهِراً. ٢٧ وَكَانَ فِي ٱلْغَدِ ٱلثَّانِي مِنَ ٱلشَّهْرِ أَنَّ مَوْضِعَ دَاوُدَ خَلاَ، فَقَالَ شَاوُلُ لِيُونَاثَانَ ٱبْنِهِ: لِمَاذَا لَمْ يَأْتِ ٱبْنُ يَسَّى إِلَى ٱلطَّعَامِ لاَ أَمْسِ وَلاَ ٱلْيَوْمَ؟ ٢٨ فَأَجَابَ يُونَاثَانُ شَاوُلَ: إِنَّ دَاوُدَ طَلَبَ مِنِّي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ ٢٩ وَقَالَ: أَطْلِقْنِي لأَنَّ عِنْدَنَا ذَبِيحَةَ عَشِيرَةٍ فِي ٱلْمَدِينَةِ، وَقَدْ أَوْصَانِي أَخِي بِذَلِكَ. وَٱلآنَ إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَدَعْنِي أُفْلِتُ وَأَرَى إِخْوَتِي. لِذٰلِكَ لَمْ يَأْتِ إِلَى مَائِدَةِ ٱلْمَلِكِ».
ع ١٨ ص ١٦: ٥ ولاويين ٧: ٢٠ و٢١ ع ٦
مَجْلِسٍ عِنْدَ ٱلْحَائِطِ في أشرف مكان قبالة المدخل.
وَقَامَ يُونَاثَانُ قعد يوناثان أولاً إلى جانب شاول اليمين ولما دخل أبنير قام وأعطاه مكانه وخلا مكان داود عن يسار الملك. أو قام يوناثان لما دخل أبنير وقعد بعدما قعد أبنير. أو كانوا جميعهم قاعدين فلما دخل الملك وقف الحاضرون جميعاً وبعدما استوى الملك قعد يوناثان عن يمينه وأبنير عن يساره. وقُرئت كلمة قام «تقدّم» هذا ما فعله يوسيفوس والترجمة السعبينية فيكون المعنى أن يوناثان تقدّم أبنير أي سبقه لما دخلا وقعد عن يمين الملك وأبنير عن يساره.
لَيْسَ طَاهِراً (لاويين ٧: ٢٠ و٢١).
ٱبْنُ يَسَّى لقب احتقار (٢٥: ١٠ و٢صموئيل ٢٠: ١).
وَقَدْ أَوْصَانِي أَخِي أخو داود الكبير أليآب الذي دبّر أمور الوليمة. وكان الأب لم يزل حياً (٢٢: ٣ و٤) ولكنه كان شيخاً كبيراً (١٧: ١٢).
دَعْنِي أُفْلِتُ شبه نفسه بطير ممسوك أو دابّة مربوطة أو أسير مسجون فطلب حرية وقتية.
٣٠ – ٣٤ «٣٠ فَحَمِيَ غَضَبُ شَاوُلَ عَلَى يُونَاثَانَ وَقَالَ لَهُ: يَا ٱبْنَ ٱلْمُتَعَوِّجَةِ ٱلْمُتَمَرِّدَةِ، أَمَا عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدِ ٱخْتَرْتَ ٱبْنَ يَسَّى لِخِزْيِكَ وَخِزْيِ عَوْرَةِ أُمِّكَ؟ ٣١ لأَنَّهُ مَا دَامَ ٱبْنُ يَسَّى حَيّاً عَلَى ٱلأَرْضِ لاَ تُثْبَتُ أَنْتَ وَلاَ مَمْلَكَتُكَ. وَٱلآنَ أَرْسِلْ وَأْتِ بِهِ إِلَيَّ لأَنَّهُ ٱبْنُ ٱلْمَوْتِ هُوَ. ٣٢ فَأَجَابَ يُونَاثَانُ شَاوُلَ أَبَاهُ: لِمَاذَا يُقْتَلُ؟ مَاذَا عَمِلَ؟ ٣٣ فَوَجَّهَ شَاوُلُ ٱلرُّمْحَ نَحْوَهُ لِيَطْعَنَهُ. فَعَلِمَ يُونَاثَانُ أَنَّ أَبَاهُ قَدْ عَزَمَ عَلَى قَتْلِ دَاوُدَ. ٣٤ فَقَامَ يُونَاثَانُ عَنِ ٱلْمَائِدَةِ بِحُمُوِّ غَضَبٍ وَلَمْ يَأْكُلْ خُبْزاً فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّانِي مِنَ ٱلشَّهْرِ، لأَنَّهُ ٱغْتَمَّ عَلَى دَاوُدَ، لأَنَّ أَبَاهُ قَدْ أَخْزَاهُ».
٢صموئيل ١٢: ٥ ص ١٩: ٥ ص ١٨: ١١ و١٩: ١٠ ع ٧
فَحَمِيَ غَضَبُ شَاوُلَ لأنه فهم أن يوناثان قد رضي عن ذهاب داود ولم يرضَ عن قتله.
يَا ٱبْنَ ٱلْمُتَعَوِّجَةِ لم يقصد بهذا الكلام السفيه الإهانة لامرأته بل قصد إهانة يوناثان وهذا اصطلاح كثير من اللغات الشرقية.
أَمَا عَلِمْتُ وعلم يوناثان جيداً أن أباه لا يثبت ولا تثبت مملكته بل يتحوّل الملك إلى داود ومع ذلك اختار داود وفضّله لأنه أحبه أكثر من نفسه.
ٱبْنُ ٱلْمَوْتِ قد حُكم عليه بالموت.
لِمَاذَا يُقْتَلُ مَاذَا عَمِلَ لم يقدر شاول على الجواب بالكلام لأنه كان حكم على داود ظلماً فجاوب بالفعل وأشرع الرمح نحوه. والروح الذي كان في شاول هو روح المضطهدين في كل قرن. لأن ليس عندهم كلام ولا براهين بها يقاومون التعليم الحق فليتجئون إلى القوة الجسدية ويضربون ويسجنون ويقتلون. رفع اليهود الحجارة ليرجموا يسوع لما عجزوا عن الكلام (يوحنا ٨: ٥٩) ورجموا استفانوس لأنهم لم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به (أعمال ٦: ٩ – ١٥).
لأَنَّهُ ٱغْتَمَّ عَلَى دَاوُدَ كان أبوه أهانه وتهدّده بالموت ولكنه لم يغتم على نفسه كما على صديقه. وكان عمل شاول كعمل مجنون لأنه أبعد عنه ابنه الحبيب وخادمه داود الأمين وهما أحسن جبابرة الحرب وأمينان له في كل خدمة.
٣٥ – ٤٢ «٣٥ وَكَانَ فِي ٱلصَّبَاحِ أَنَّ يُونَاثَانَ خَرَجَ إِلَى ٱلْحَقْلِ إِلَى مِيعَادِ دَاوُدَ وَغُلاَمٌ صَغِيرٌ مَعَهُ. ٣٦ وَقَالَ لِغُلاَمِهِ: ٱرْكُضِ ٱلْتَقِطِ ٱلسِّهَامَ ٱلَّتِي أَنَا رَامِيهَا. وَبَيْنَمَا ٱلْغُلاَمُ رَاكِضٌ رَمَى ٱلسَّهْمَ حَتَّى جَاوَزَهُ. ٣٧ وَلَمَّا جَاءَ ٱلْغُلاَمُ إِلَى مَوْضِعِ ٱلسَّهْمِ ٱلَّذِي رَمَاهُ يُونَاثَانُ، نَادَى يُونَاثَانُ وَرَاءَ ٱلْغُلاَمِ: أَلَيْسَ ٱلسَّهْمُ دُونَكَ فَصَاعِداً؟ ٣٨ وَنَادَى يُونَاثَانُ وَرَاءَ ٱلْغُلاَمِ: ٱعْجَلْ. أَسْرِعْ. لاَ تَقِفْ. فَٱلْتَقَطَ غُلاَمُ يُونَاثَانَ ٱلسَّهْمَ وَجَاءَ إِلَى سَيِّدِهِ. ٣٩ وَٱلْغُلاَمُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ شَيْئاً، وَأَمَّا يُونَاثَانُ وَدَاوُدُ فَكَانَا يَعْلَمَانِ ٱلأَمْرَ. ٤٠ فَأَعْطَى يُونَاثَانُ سِلاَحَهُ لِلْغُلاَمِ ٱلَّذِي لَهُ وَقَالَ لَهُ: ٱذْهَبِ. ٱدْخُلْ بِهِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ. ٤١ اَلْغُلاَمُ ذَهَبَ وَدَاوُدُ قَامَ مِنْ جَانِبِ ٱلْجَنُوبِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ وَسَجَدَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. وَقَبَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَبَكَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ حَتَّى زَادَ دَاوُدُ. ٤٢ فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: ٱذْهَبْ بِسَلاَمٍ لأَنَّنَا كِلَيْنَا قَدْ حَلَفْنَا بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ قَائِلَيْنِ: ٱلرَّبُّ يَكُونُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ نَسْلِي وَنَسْلِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ. فَقَامَ وَذَهَبَ، وَأَمَّا يُونَاثَانُ فَجَاءَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ».
ع ٢٠ و٢١ ع ٢٢ تكوين ٤٢: ٦ ص ١٨: ٣ ع ٢٢ ع ١٥ و١٦ و٢٣
فِي ٱلصَّبَاحِ أي اليوم الثالث (ع ١٢).
غُلاَمٌ صَغِيرٌ لم يعلم الغلام شيئاً من أمر يوناثان وداود. وأخذ يوناثان الغلام والسلاح حتى يظن أهل البيت أنه خرج للتمرين على رمي السهام كعادته. ولو خرج وحده لكانوا راقبوه وتبعوه ليعرفوا مقصده.
حَتَّى جَاوَزَهُ… أَلَيْسَ ٱلسَّهْمُ دُونَكَ فَصَاعِداً… ٱعْجَلْ. أَسْرِعْ المقصود أن داود وهو مختبئ في الحقل يسمع قول يوناثان ويفهم منه أن شاول لم يزل يطلب قتله فعليه أن يهرب عاجلاً (ع ٢٢).
مِن جَانِبِ ٱلْجَنُوبِ أي جنوبي الافتراق المذكور في (ع ١٩). وفي الترجمة السبعينية من جانب الرجمة بناء على ما أتى في (ع ١٩) من جانب حجر الافتراق. وكلمة رجمة بالعبرانية «أرجب» وكلمة جنوب «نجب» فظن المترجمون أن نجب كُتبت سهواً والصحيح أرجب.
سَجَدَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ علامة الاحترام ليوناثان لكونه ابن الملك ودليل الشكر لما كان يوناثان صنع معه من المعروف.
بَكَى كُلٌّ مِنْهُمَا بكيا لأنهما سيفترقان. وزاد داود لأنه سيفارق أهله وبيت أبيه وخدمته الشريفة لشعبه بمحاربته عنهم وأمامه أخطار ومشقات وأما يوناثان فجاء إلى المدينة أي إلى بيت أبيه وخدمته.
ٱذْهَبْ بِسَلاَمٍ لأَنَّنَا كِلَيْنَا قَدْ حَلَفْنَا أي ليس لداود أن يخاف من يوناثان لأنه كان قد حلف له وليس ليوناثان ونسله أن يخافوا من داود عندما يصير ملكاً.
- إن محبة يوناثان لداود تشبه محبة كل مؤمن للمسيح. لأنه أعطاه أفضل ما عنده (١٨: ٤) وأخبره بكل ما قلبه (٩) وقال له مهما تقل نفسك افعله لك (٤) واحتمل العار والاضطهاد والظلم والخسارة من أجله (٣٠) وصدّق أن ملكوته سيأتي (١٥) وأحب أن يسمع مواعيده (١٧).
- بيننا وبين الموت خطوة. فمن المحتمل في أي ساعة كانت أن القلب يتوقف عن الخفقان أو يدخل الجسم جرثومة مرض مميت أو تصيبنا مصيبة ما. والأيام والسنون تمضي سريعاً ومهما كان عددها كلها فهي كخطوة فقط. ولكن من يحب الرب لا يخاف الموت لأنه عنده كمجيء رب البيت المحبوب بعد سفره الطويل.
- إن كثيرين يلاحظون الهفوات الصغيرة في غيرهم (ع ٢٧) ولا ينتبهون إلى الخطايا العظيمة في أنفسهم (ع ٣٣ انظر أيضاً متّى ١٥: ١ – ٩).
- قد يعمل الغلام الصغير ما لا يقدر عليه الكبير (٣٥)
- في المحبة آلام فإنه لولا محبة داود ويوناثان الواحد للآخر لم يبكيا ولم يقبّل كل واحد منهما الآخر ولم يبكِ كلٌّ منهما على الآخر (٤١).
-
إن الفراق يكون بسلام متى وُجد التسليم للرب والاتكال عليه (٤٢).
السابق |
التالي |