سفر صموئيل الأول | 16 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الأول
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ
مضمونه: إرسال الرب صموئيل إلى بيت لحم لكي يمسح ملكاً على إسرائيل من أولاد يسّى. مسحه داود. مباغتة روح رديء لشاول. طلب شاول من داود أن يسكّن روحه الرديء بضربه بالعود.
١ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: حَتَّى مَتَى تَنُوحُ عَلَى شَاوُلَ، وَأَنَا قَدْ رَفَضْتُهُ عَنْ أَنْ يَمْلِكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ؟ اِمْلأْ قَرْنَكَ دُهْناً وَتَعَالَ أُرْسِلْكَ إِلَى يَسَّى ٱلْبَيْتَلَحْمِيِّ، لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ لِي فِي بَنِيهِ مَلِكاً».
ص ١٥: ٣٥ ص ١٣: ١٣ و١٤ و١٥: ٢٣ ص ٩: ١٦ و١٠: ١ و٢ملوك ٩: ١ راعوث ٤: ١٨ – ٢٢
ناح صموئيل على شاول (ص ١٥: ١٠ وتفسيره) ولكن للنوح نهاية ويجب التسليم لإرادة الرب والإيمان بأنه يحوّل كل شيء إلى الخير ولا ينسى شعبه بل يقيم لهم ملكاً أفضل من شاول.
قَرْنَكَ دُهْناً (انظر ص ١٠: ١) قنينة. كان دهن خاصّ لمسح الكهنة وأواني الخيمة (حزقيال ٣٠: ٢٣ – ٣٣). وقيل في (١ملوك ١: ٣٩) إن «صادوق الكاهن أخذ قرن الدهن من الخيمة ومسح سليمان ملكاً» فمن المحتمل أن القصد الأصلي في هذا الدهن أن يُستعمل لمسح الكهنة والملوك غير أن استعماله لعموم الشعب ممنوع.
يَسَّى ابن عوبيد بن بوعز زوج راعوث الموآبية.
رَأَيْتُ لِي فِي بَنِيهِ مَلِكاً رأى الرب ما لم يره الناس كما يرى النقاش قطعة مرمر ويرى أنه يقدر أن يعمل منها تمثالاً جميلاً. والقصد في مسح داود قبل موت شاول أن يكون لداود فرصة كافية للاستعداد لمنصب ملك ويكون لصموئيل وغيره من الأتقياء رجاء بإصلاح المملكة.
«٢، ٣ فَقَالَ صَمُوئِيلُ: كَيْفَ أَذْهَبُ؟ إِنْ سَمِعَ شَاوُلُ يَقْتُلُنِي. فَقَالَ ٱلرَّبُّ: خُذْ بِيَدِكَ عِجْلَةً مِنَ ٱلْبَقَرِ وَقُلْ: قَدْ جِئْتُ لأَذْبَحَ لِلرَّبِّ. ٣ وَٱدْعُ يَسَّى إِلَى ٱلذَّبِيحَةِ، وَأَنَا أُعَلِّمُكَ مَاذَا تَصْنَعُ. وَٱمْسَحْ لِيَ ٱلَّذِي أَقُولُ لَكَ عَنْهُ».
ص ٢٠: ٢٩ خروج ٤: ١٥ وأعمال ٩: ٦ ص ٩: ١٦ وتثنية ١٧: ١٤ و١٥
شَاوُلُ يَقْتُلُنِي إذا سمع أن سواه صار ملكاً وهنا دليل على ما كان شاول وصل إليه من الظلم والقساوة والمقاومة للرب.
وَقُلْ: قَدْ جِئْتُ لأَذْبَحَ لِلرَّبِّ لا داعي لإعلام شاول بمسح داود (١) لأنه لم يُقصد به تملُّك داود قبل موت شاول (٢) لأن شاول لو عرف به كان حاول أن يقتل صموئيل وداود وأهلهما (٣) إننا لا نكتم شيئاً عن صديق مخلص (يوحنا ١٥: ١٥) ولكننا نكتمه عمّن لا نثق به. فشاول بعصيانه الرب فقد حقوق الصديق. والظاهر أن ذبائح كهذه كانت عادية وإلا كان شاول اعترض عليها.
٤، ٥ «٤ فَفَعَلَ صَمُوئِيلُ كَمَا تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ. فَٱرْتَعَدَ شُيُوخُ ٱلْمَدِينَةِ عِنْدَ ٱسْتِقْبَالِهِ وَقَالُوا: أَسَلاَمٌ مَجِيئُكَ؟ ٥ فَقَالَ: سَلاَمٌ. قَدْ جِئْتُ لأَذْبَحَ لِلرَّبِّ. تَقَدَّسُوا وَتَعَالَوْا مَعِي إِلَى ٱلذَّبِيحَةِ. وَقَدَّسَ يَسَّى وَبَنِيهِ وَدَعَاهُمْ إِلَى ٱلذَّبِيحَةِ».
تكوين ٤٨: ٧ ولوقا ٢: ٤ و١ملوك ٢: ١٣ و٢ملوك ٩: ٢٢ و١أيام ١٢: ١٧ و١٨ تكوين ٣٥: ٢ وخروج ١٩: ١٠
بَيْتِ لَحْمٍ كان اسمها في زمان يعقوب «أفراتة» وفي طريقها قبر راحيل (تكوين ٤٨: ٧). وهي موقع حوادث سفر راعوث. واشتهرت لأنها مسقط رأس داود والرب يسوع المسيح. وهي في أرض يهوذا جنوبي أورشليم وعلى بُعد ستة أميال منها. وفيها ترجم العالم جيروم الكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية.
ٱرْتَعَدَ لم يعرفوا قصد صموئيل وظنوا أنهم كانوا أخطأوا في شيء من واجباتهم الدينية. وهنا دليل على اعتبار عموم الشعب له.
تَقَدَّسُوا (خروج ١٩: ١٠) كان عليهم أن يغتسلوا ويلبسوا ثيابهم الرسمية ويمتنعوا عن كل ما يدنسهم بحسب الفروض الدينية.
وَقَدَّسَ يَسَّى وَبَنِيهِ ربما نزل صموئيل ضيفاً على يسّى واعتنى بذاته بإعدادهم الجسدي والروحي لأن رسالته الخاصة لهم.
٦، ٧ «٦ وَكَانَ لَمَّا جَاءُوا أَنَّهُ رَأَى أَلِيآبَ، فَقَالَ: إِنَّ أَمَامَ ٱلرَّبِّ مَسِيحَهُ. ٧ فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: لاَ تَنْظُرْ إِلَى مَنْظَرِهِ وَطُولِ قَامَتِهِ لأَنِّي قَدْ رَفَضْتُهُ. لأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ ٱلإِنْسَانُ. لأَنَّ ٱلإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا ٱلرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْقَلْبِ».
ص ١٧: ١٣ ص ٢: ٣ و١ملوك ٨: ٣٩ و١أيام ٢٨: ٩ ولوقا ١٦: ١٥
لَمَّا جَاءُوا حضروا أمام صموئيل في البيت وربما كانوا رجعوا إلى البيت بعد الذبيحة ليستنظروا إعداد الوليمة التابعة للذبيحة (تثنية ١٢: ٧ – ١٨).
أَلِيآبَ البكر والأرجح أنه أليهو الذي تعيّن رئيساً على سبط يهوذا بعدما ملك داود (١أيام ٢٧: ١٨) وكان طويل القامة وحسن المنظر وظنّ صموئيل أنه مختار للرب. وكان الرب أعطى شعبه في الأول ملكاً حسب مطلوبهم أي ملكاً طويل القامة وحسن المنظر. وأما الملك الثاني فسيكون حسب فكر الرب الذي ينظر إلى القلب ويفضل الصفات الروحية على الجسدية.
ٱلإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْعَيْنَيْنِ أي إلى الوجه لأن فيه أدلة على صفات الإنسان الداخلية ولكن هذه الأدلة أحياناً تدل على الحقيقة وأحياناً تُضل. والرب وحده يعرف القلوب (انظر تفسير ع ١١).
٨ – ١٠ «٨ فَدَعَا يَسَّى أَبِينَادَابَ وَعَبَّرَهُ أَمَامَ صَمُوئِيلَ، فَقَالَ: وَهٰذَا أَيْضاً لَمْ يَخْتَرْهُ ٱلرَّبُّ. ٩ وَعَبَّرَ يَسَّى شَمَّةَ، فَقَالَ: وَهٰذَا أَيْضاً لَمْ يَخْتَرْهُ ٱلرَّبُّ. ١٠ وَعَبَّرَ يَسَّى بَنِيهِ ٱلسَّبْعَةَ أَمَامَ صَمُوئِيلَ، فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِيَسَّى: ٱلرَّبُّ لَمْ يَخْتَرْ هٰؤُلاَءِ».
ص ١٧: ١٣ ص ١٧: ١٣
شَمَّةَ دُعي شمعي في (٢صموئيل ١٣: ٣) وكان ابنه يوناداب رجلاً حكيماً صديقاً لأمنون بن داود وله ابن آخر اسمه يوناثان جبار بأس (٢صموئيل ٢١: ٢١).
في (١أيام ٢: ١٣ – ١٥) ذُكر سبعة بنين ليسى وربما كان مات أحد الثمانية.
١١ «وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِيَسَّى: هَلْ كَمَلَ ٱلْغِلْمَانُ؟ فَقَالَ: بَقِيَ بَعْدُ ٱلصَّغِيرُ وَهُوَذَا يَرْعَى ٱلْغَنَمَ. فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِيَسَّى: أَرْسِلْ وَأْتِ بِهِ، لأَنَّنَا لاَ نَجْلِسُ حَتَّى يَأْتِيَ إِلَى هٰهُنَا».
ص ١٧: ١٢ و٢صموئيل ١٣: ٣
كان داود يرعى الغنم في البرية ولم يدعه أبوه لأنه صغير السن. وكان عمره نحو عشرين سنة.
لاَ نَجْلِسُ حَتَّى يَأْتِيَ إشارة إلى الوليمة التابعة للذبيحة التي كانوا يتوقعون إعدادها. وبما أن الرب قال لصموئيل إنه اختار واحداً من بني يسى والآن رفض السبعة ولم يبق إلا داود اتضح لصموئيل أن داود هو مختار الرب فامتنع عن الأكل قبل إتمام الأمر بمسحه. ومن الضرورة أيضاً أن داود وهو ملك المستقبل يقعد معهم وإن كان صغيراً.
١٢ «فَأَرْسَلَ وَأَتَى بِهِ. وَكَانَ أَشْقَرَ مَعَ حَلاَوَةِ ٱلْعَيْنَيْنِ وَحَسَنَ ٱلْمَنْظَرِ. فَقَالَ ٱلرَّبُّ: قُمِ ٱمْسَحْهُ لأَنَّ هٰذَا هُوَ».
تكوين ٣٩: ٦ وخروج ٢: ٢ وأعمال ٧: ٢٠ ص ٩: ١٧
قيل في ع ٧ «ٱلإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا ٱلرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْقَلْبِ». أي إن الرب لا ينظر إلى المنظر الخارجي فقط بل ينظر أولاً إلى القلب. ومما أعد داود لمنصب ملك (١) صفاته الداخلية وقلبه المطيع لكلام الرب. (٢) صفاته الجسدية لأنه كان حسن المنظر ممدوحاً ومحبوباً عند جميع الشعب. وهكذا يوسف (تكوين ٣٩: ٦) وموسى (عبرانيين ١١: ٢٣).
١٣ «فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ قَرْنَ ٱلدُّهْنِ وَمَسَحَهُ فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. وَحَلَّ رُوحُ ٱلرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ مِنْ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ فَصَاعِداً. ثُمَّ قَامَ صَمُوئِيلُ وَذَهَبَ إِلَى ٱلرَّامَةِ».
ص ١٠: ١ ص ١٠: ٦ و٩ و١٠
فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ نستنتج أن مسح داود كان في البيت ولم يحضر إلا أهل البيت. ولم يفهم إخوة داود حقيقة الأمر ولم يصدقوا أن أخوهم الصغير سيملك عليهم وعلى كل إسرائيل ويكون أعظم الملوك ويدوم اسمه في كل القرون. وذُكر في ص ١٧: ٢٧ أن أخاه أليآب احتقره. ولعل داود ذاته في الأول لم يفهم معنى المسح كل الفهم بل ظن أنه منتخب ليكون تلميذ صموئيل في نابوت في الرامة (ص ١٩: ٢٢ و٢٣).
حَلَّ رُوحُ ٱلرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ كما رفّ روح الله على وجه المياه (تكوين ١: ٢). فالأرض الخربة والخالية ترتبت وأخرجت نباتات وحيوانات وأُعدت لتكون مسكناً للإنسان هكذا حل روح الرب على داود وأحيا قواه الجسدية والعقلية والروحية وجعل فيه الشوق إلى معرفة الرب والغيرة في خدمته فاستعد من صغره لدعوة الله العليا.
ونرى في السنين الأولى من حياة داود أموراً كثيرة أهلته لمنصب ملك منها أنه اعتاد الأخطار والمشقات والخضوع لمن كان أكبر منه وتعوّد النظر إلى الطبيعة والتأمل في قدرة خالقها ومجده (مزمور ٨ و١٩). ومن رعاية الغنم تعلم أمور رعاية الله لبني البشر (مزمور ٢٣) وتعلم الضرب بآلات العزف ونظم الأغاني الروحية. وفي زمان خدمته لشاول تعرّف بقواد الجيش وأرباب السياسة واختبر الحرب واجتذب إلى نفسه قلوب الشعب. ومن ذلك اليوم لم يُذكر صموئيل إلا في (ص ١٩: ١٨ – ٢٤) وصار داود العامل الأول في تاريخ إسرائيل.
١٤ «وَذَهَبَ رُوحُ ٱلرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ».
ص ١١: ٦ و١٨: ١٢ و٢٨: ١٥ ع ١٥ و١٦ وص ١٨: ١٠ و١٩: ٩ و١ملوك ٢٢: ١٩ – ٢٢
الروح الذي حلّ على داود ذهب من عند شاول وكما ابتدأ داود ينمو ويتقدم في كل أمر صالح هكذا ابتدأ شاول يفقد محاسنه الأصلية وينحط أكثر فأكثر.
مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ ليس الرب مصدر الشرّ ولكنه يستخدم الأرواح الشريرة في تأديب شعبه كما أمر أيوب وفي إضلال المرتدين كشاول وآخاب (١ملوك ٢٢: ١٧ – ٢٣). إن الله خلق الإنسان صالحاً وأما الإنسان فأخطأ وسقط. والله خلق الملائكة صالحين ولكن بعضهم سقطوا. ولا يقدر أحد أن يوفق بين قدرة الله وجودته وبين دخول الخطيئة إلى العالم وبقائها ونموها. ولكننا نعرف (١) إن الله هو القادر على كل شيء وهو يدبر كل شيء حسب إرادته الصالحة ولا تقدر الأرواح الشريرة أن تعمل شيئاً بلا إرادته. (٢) إن الأرواح الشريرة لا تتسلط على الإنسان إلا بإرادة الإنسان. لأن الإنسان يفتح لها باب قلبه وإن لم يفتح لها الباب لا تقدر أن تدخل. وكل من يلتجئ إلى الرب ويثبت فيه لا يقدر الشيطان أن يعمل فيه شيئاً والرب لا يسلّم إلى خدمة الشيطان إلا من قد اختار لنفسه تلك الخدمة. وربما بين فعل الأرواح الشريرة وبين بعض أنواع الجنون علاقة لأن الأخيرة ليست أمراضاً عقلية فقط بل هي حالة روحية يصل الإنسان إليها بإرادته وتسليمه نفسه لسلطة الأفكار الرديئة القبيحة كالحسد والطمع والنجاسة والكبرياء والعناد الخ.
١٥ – ١٧ «١٥ فَقَالَ عَبِيدُ شَاوُلَ لَهُ: هُوَذَا رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ يَبْغَتُكَ. ١٦ فَلْيَأْمُرْ سَيِّدُنَا عَبِيدَهُ قُدَّامَهُ أَنْ يُفَتِّشُوا عَلَى رَجُلٍ يُحْسِنُ ٱلضَّرْبَ بِٱلْعُودِ. وَيَكُونُ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ ٱلرُّوحُ ٱلرَّدِيءُ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ أَنَّهُ يَضْرِبُ بِيَدِهِ فَتَطِيبُ. ١٧ فَقَالَ شَاوُلُ لِعَبِيدِهِ: ٱنْظُرُوا لِي رَجُلاً يُحْسِنُ ٱلضَّرْبَ وَأْتُوا بِهِ إِلَيَّ».
ص ١٨: ١٠ و١٩: ٩ و١ملوك ٢٢: ١٩ – ٢٢
أَنَّهُ يَضْرِبُ بِيَدِهِ فَتَطِيبُ يشهد كثيرون من الأطباء والمختبرين أن الموسيقى نافعة جداً في علاج الأمراض العقلية. ليس كل أنواع الموسيقى بل ما يسلّي ويسكّن العواطف المهيجة. ولكن النفع وقتيّ فقط كما سنرى في أمر شاول. وللموسيقى قوة للشر أيضاُ فإنها أحياناً تهيج الشهوات وتُميل الإنسان إلى الكسل والإهمال في العمل.
١٨ «فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْغِلْمَانِ: هُوَذَا قَدْ رَأَيْتُ ٱبْناً لِيَسَّى ٱلْبَيْتَلَحْمِيِّ يُحْسِنُ ٱلضَّرْبَ، وَهُوَ جَبَّارُ بَأْسٍ وَرَجُلُ حَرْبٍ وَفَصِيحٌ وَرَجُلٌ جَمِيلٌ، وَٱلرَّبُّ مَعَهُ».
ص ١٧: ٣٢ – ٣٦ ص ٣: ١٩
وَاحِدٌ مِنَ ٱلْغِلْمَانِ لعل العبيد في (ع ١٥) هم الذين كانوا يخدمون في البيت والغلمان كانوا يخدمون الخدمة العسكرية.
جَبَّارُ بَأْسٍ ظهر بأسه في رعاية الغنم إذ حارب وحوشاً ولصوصاً.
رَجُلُ حَرْبٍ أي رجل فيه صفات تؤهله للحرب كالشجاعة والقوة والنباهة فيُرجى منه أن ينفع الملك في حروبه وليس فقط في الضرب بالعود.
فَصِيحٌ إشارة إلى اقتداره في نظم مزامير.
وَٱلرَّبُّ مَعَهُ وهو ناجح في كل أموره.
١٩، ٢٠ «١٩ فَأَرْسَلَ شَاوُلُ رُسُلاً إِلَى يَسَّى يَقُولُ: أَرْسِلْ إِلَيَّ دَاوُدَ ٱبْنَكَ ٱلَّذِي مَعَ ٱلْغَنَمِ. ٢٠ فَأَخَذَ يَسَّى حِمَاراً حَامِلاً خُبْزاً وَزِقَّ خَمْرٍ وَجَدْيَ مِعْزىً وَأَرْسَلَهَا بِيَدِ دَاوُدَ ٱبْنِهِ إِلَى شَاوُلَ».
ص ١٠: ٤ و٢٧ وأمثال ١٨: ١٦
فَأَرْسَلَ شَاوُلُ (ص ٨: ١١ و١٤: ٥٢) من دأب الملوك القدماء أن يأخذوا ولا يُعطوا فلم يكفِ يسّى أن يقدم ابنه المحبوب للملك بل رأى أنه يجب أن يرسل معه هدية أيضاً.
٢١ – ٢٣ «٢١ فَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى شَاوُلَ وَوَقَفَ أَمَامَهُ، فَأَحَبَّهُ جِدّاً وَكَانَ لَهُ حَامِلَ سِلاَحٍ. ٢٢ فَأَرْسَلَ شَاوُلُ إِلَى يَسَّى يَقُولُ: لِيَقِفْ دَاوُدُ أَمَامِي لأَنَّهُ وَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ. ٢٣ وَكَانَ عِنْدَمَا جَاءَ ٱلرُّوحُ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ عَلَى شَاوُلَ أَنَّ دَاوُدَ أَخَذَ ٱلْعُودَ وَضَرَبَ بِيَدِهِ، فَكَانَ شَاوُلُ يَرْتَاحُ وَيَطِيبُ وَيَذْهَبُ عَنْهُ ٱلرُّوحُ ٱلرَّدِيءُ».
تكوين ٤١: ٤٦ وأمثال ٢٢: ٢٩ ع ١٤ – ١٦
فَأَحَبَّهُ شَاوُل لما رآه وسمعه يتكلم ويضرب بالعود.
لِيَقِفْ دَاوُدُ أَمَامِي أي ليبق في خدمتي ولا يخدم خدمة وقتية فقط.
حَامِلَ سِلاَحٍ إن حامل سلاح الملك هو من كان الملك اختبره أنه شجاع ولبيب وأمين له وامتاز عن غيره في الخدمة. ولا شك كان تعيين داود لتلك الخدمة الشريفة بعد زمان وكان داود سابقاً يأتي إلى شاول ويضرب له بالعود ويرجع إلى بيته. وبعد زمان قتل جليات (ص ١٧) ورآه الملك ولكنه كان قد نسيه فسأل أبنير من هو هذا الغلام (١٧: ٥٦) ثم أخذه الملك شاول ليكون له خادماً على الدوام ولم يسمح له بالرجوع إلى بيت أبيه. ثم تقدم داود في الخدمة حتى صار حامل لسلاح الملك. وكان ذلك كله بعناية الله وكان أحسن استعداد لداود ليكون ملكاً على إسرائيل في المستقبل.
السابق |
التالي |