سفر صموئيل الأول | 02 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الأول
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي
مضمونه: تسبيحة حنة (ع ١ – ١١). الكهنة غير الأمناء (ع ١٢ – ١٧) خدمة صموئيل في الخيمة (ع ١٨ – ٢١). توبيح عالي لأبنائه وعدم استماعهم له (ع ٢٢ – ٢٦). كلام الله لعالي ونبوءته بسقوط بيته وكهنوته وإقامة كاهن أمين (ع ٢٧ – ٣٦).
تسبيحة حنة: هذه التسبيحة نبوءة لأن حنة رأت فيها مثال ما سيحدث في ملكوت الله في كل العصور وفي غلبتها على ضرتها مثال انتصار جميع المتكلمين على الرب. وفي هذه التسبيحة إشارة إلى المسيح الذي اتضع ليرتفع وإلى كنيسته التي وهي صغيرة وضعيفة في أولها تمت وامتدت وصارت ممالك العالم للمسيح. ونرى أن حنة لم تتكلم إلا قليلاً في أمرها الخاص ولكنها تكثر الكلام في أمور الله الجامعة. وخلاصة كلامها أن الخلاص من الرب وحده وهو موضوع تسبيحتها وليس مثله في القداسة والقدرة وعلى المفتخرين أن يسكتوا أمامه وهو يعرف أفكارهم ومقاصدهم وهو الملك القدير العادل فيضع المتكبرين ويرفع المتواضعين المتكلين عليه فيقهر أعداءه ويدين العالم ويقيم ملكوت مسيحه (انظر تسبيحة مريم العذراء لوقا ١: ٤٦ – ٥٥) و المشابهة بينها وبين تسبيحة حنة. وأما المشابهة ففي النفس والموضوع أكثر مما هو في الألفاظ. ولا عجب في ذلك لأن مريم شابهت حنة في إيمانها وتقواها وأحوالها (انظر أيضاً مزمور ١١٣).
١ «فَصَلَّتْ حَنَّةُ: فَرِحَ قَلْبِي بِٱلرَّبِّ. ٱرْتَفَعَ قَرْنِي بِٱلرَّبِّ. اتَّسَعَ فَمِي عَلَى أَعْدَائِي، لأَنِّي قَدِ ٱبْتَهَجْتُ بِخَلاَصِكَ».
فيلبي ٤: ٦ لوقا ١: ٤٦ الخ مزمور ٩٢: ١٠ و١١٢: ٩ مزمور ٩: ١٤ و١٣: ٥ و٢٠: ٥ و٣٥: ٩
فَصَلَّتْ حَنَّةُ الكلام الآتي تسبيح وليس فيه طلبة ولكنه صلاة لأن التسبيح جزء من الصلاة كما ترى في (حبقوق ص ٣ ومزمور ٧٢: ٢٠) حيث تسمت مزامير داود «صلوات» مع أن أكثرها تسبيح وشكر.
فَرِحَ قَلْبِي القلب مقرّ حياة الجسد ولكن أكثر استعمال الكلمة في الكتاب المقدس للقوى العقلية والعواطف والإرادة.
ٱرْتَفَعَ قَرْنِي يشير ارتفاع القرن إلى زيادة القوة (تثنية ٣٣: ١٧) والكرامة (أيوب ١٦: ١٥). والتشبيه بثور يرفع رأسه علامة القوة والشجاعة والافتخار.
اتَّسَعَ فَمِي عَلَى أَعْدَائِي نستنتج من (ص ١: ٦ و٧) أن حنة كانت صامتة مدة عُقرها لأن ليس لها ما تتكلم به ولكن بعدما استجاب لها الرب وولدت ابناً زال عارها وتكلمت وصمت أعداؤها.
بِخَلاَصِكَ ابتهجت بخلاصها من ضيقها وابتهجت أيضاً لأن هذا الخلاص هو من الرب فكان علامة رضاه (لوقا ١: ٤٧).
٢ «لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ ٱلرَّبِّ، لأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَكَ، وَلَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلٰهِنَا».
خروج ١٥: ١١ وتثنية ٣: ٢٤ و٣٢: ٤ ومزمور ٨٦: ٨ و٨٩: ٦ و٨ تثنية ٤: ٣٥ و٢صموئيل ٢٢: ٣٢ تثنية ٣٢: ١٥ و٣٧ وإشعياء ١٧: ١٠
قُدُّوسٌ فيلتجئ إليه كل مظلوم وكل تقي ومُخلِص النية بكل ثقة.
صَخْرَةٌ يُكنى بالصخرة عن القوة والثبات (تثنية ٣٢: ٤ و١٥ و٣١ و٢صموئيل ٢٢: ٣٢).
٣ «لاَ تُكَثِّرُوا ٱلْكَلاَمَ ٱلْعَالِيَ ٱلْمُسْتَعْلِيَ، وَلْتَبْرَحْ وَقَاحَةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ. لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهٌ عَلِيمٌ، وَبِهِ تُوزَنُ ٱلأَعْمَالُ».
مزمور ٩٤: ٤ وملاخي ٣: ١٣ ويهوذا ١٥
يفتخر الناس بأمورهم الخارجية كالكسوة والأملاك والرتب والألقاب وربما يخجلون بأمورهم الداخلية لو ظهرت. فكيف يفتخر الإنسان أمام الله الذي يعرف سرائر القلب والحياة.
٤ «قِسِيُّ ٱلْجَبَابِرَةِ ٱنْحَطَمَتْ وَٱلضُّعَفَاءُ تَمَنْطَقُوا بِٱلْبَأْسِ».
مزمور ٣٧: ١٥ و١٧ و٧٦: ٣
نتعلّم أولاً أنه لا يجوز الاتكال على الخيرات الزمنية والقوة الجسدية لأن الإنسان عرضة للضعف والموت وأمواله عرضة للسلب والفساد. وثانياً أن جميع الناس بيد الله هم وأموالهم فيجازيهم عن شرورهم وإن غضّ النظر عنهم في الزمان الحاضر انظر انكسار سنحاريب وانتصار جدعون.
٥ «ٱلشَّبَاعَى آجَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِٱلْخُبْزِ، وَٱلْجِيَاعُ كَفُّوا. حَتَّى أَنَّ ٱلْعَاقِرَ وَلَدَتْ سَبْعَةً، وَكَثِيرَةَ ٱلْبَنِينَ ذَبُلَتْ».
مزمور ٣٤: ١٠ ولوقا ١: ٥٣ و٦: ٢٥ مزمور ١٢٣: ٩ إشعياء ٥٤: وإرميا ٥: ٩
ٱلشَّبَاعَى آجَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِٱلْخُبْزِ أي من عوزهم التزموا أن يخدموا بالخبز اليومي فقط.
وَٱلْجِيَاعُ كَفُّوا أي شبعوا. فانقلبت الأحوال. وليس المعنى أن جميع الشباعى جاعوا وجميع الجياع شبعوا بل إن الأغنياء افتقروا والفقراء المتكلين على الرب استغنوا. ورب معترض يقول أننا لا نرى ذلك في أيامنا فنجيب أولاً إن الرب لا يكمل عمله في يوم واحد ولا في سنة واحدة. وثانياً إن كثيرين من الشباعى جسدياً جياع روحياً وكثيرين من فقراء هذا العالم أغنياء في ما لله.
ٱلْعَاقِرَ وَلَدَتْ سَبْعَةً والسبعة عدد الكمال أي ولدت كثيرين. وحنة ولدت ستة (ع ٢١). ونتعلم أن الرب ينظر إلى كل الناس ويعتني بأمورهم العظيمة كالحروب وسقوط الممالك وقيامها وأمورهم البيتية كولادة الأولاد وهموم النساء.
٦ – ٨ «٦ ٱلرَّبُّ يُمِيتُ وَيُحْيِي. يُهْبِطُ إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ وَيُصْعِدُ. ٧ ٱلرَّبُّ يُفْقِرُ وَيُغْنِي. يَضَعُ وَيَرْفَعُ. ٨ يُقِيمُ ٱلْمِسْكِينَ مِنَ ٱلتُّرَابِ. يَرْفَعُ ٱلْفَقِيرَ مِنَ ٱلْمَزْبَلَةِ لِلْجُلُوسِ مَعَ ٱلشُّرَفَاءِ وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ ٱلْمَجْدِ. لأَنَّ لِلرَّبِّ أَعْمِدَةَ ٱلأَرْضِ، وَقَدْ وَضَعَ عَلَيْهَا ٱلْمَسْكُونَةَ».
تثنية ٣٢: ٣٩ وأيوب ٥: ١٨ وهوشع ٦: ١ تكوين ٤٢: ٣٨ أيوب ١: ٢١ مزمور ٧٥: ٧ مزمور ١١٣: ٧ و٨ ودانيال ٤: ١٧ ولوقا ١: ٥٢ أيوب ٣٦: ٧ أيوب ٣٨: ٤ – ٦ ومزمور ٢٤: ٢ و١٠٢: ٢٥ و١٠٤: ٥ وعبرانيين ١: ٣
ٱلْهَاوِيَةِ أي القبر والمعنى إن الرب يُنزل الناس إلى القبر أي يُميتهم ويُصعد من حافة القبر أناساً كانوا مشرفين على الموت فيشفيهم. والأرجح إن الكلام لا يشير إلى القيامة من الأموات.
وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ ٱلْمَجْدِ انظر نبأ يوسف الذي خرج من السجن ليتسلط على مصر والملك داود الذي كان راعياً للغنم ودانيال وزير بابل الذي كان أسيراً وغيرهم كثيرون. كما صبّت الأرملة الفقيرة الزيت في أوعية فارغة (٢ملوك ٤: ٢ – ٧) هكذا يصب الرب زيت نعمته في القلوب المنكسرة الفارغة من كل كبرياء وطمع.
أَعْمِدَةَ ٱلأَرْضِ لا نستنتج من القول إن الأرض مؤسسة على أعمدة حقيقية لأن علم الفلك يعلّمنا أن الأرض كرة تدور على محورها في كل ٢٤ ساعة وتدور حول الشمس مرة واحدة في كل سنة ولا شيء في الكتاب يخالف العلوم الطبيعية. والمعنى أن الكل من الرب وهو خالق الكل وضابط الكل. والقول مجاز يعبّر عن العقليات بواسطة المادّيات.
٩ «أَرْجُلَ أَتْقِيَائِهِ يَحْرُسُ، وَٱلأَشْرَارُ فِي ٱلظَّلاَمِ يَصْمُتُونَ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِٱلْقُوَّةِ يَغْلِبُ إِنْسَانٌ».
مزمور ٩١: ١١ و١٢١: ٣
أَرْجُلَ أَتْقِيَائِهِ إشارة إلى سلوكهم اليومي. وكل تقي يطلب من الرب أن يرشده في الطريق الذي يجب أن يسلك فيه الأمر الذي لا يهتم له أهل هذا العالم. ويطلب أيضاً من الرب أن يحفظه من الحيدان عن الطريق المستقيم ومن السقوط في الخطيئة. وليس للتقي وعد أثمن من هذا أي إن الرب يحرس رجليه.
وَٱلأَشْرَارُ فِي ٱلظَّلاَمِ الله نور والذين يبعدون عنه هم في الظلام.
يَصْمُتُونَ لأنهم يسقطون في الهاوية والهلاك فصمتهم صمت الموت.
لَيْسَ بِٱلْقُوَّةِ يَغْلِبُ إِنْسَانٌ لا بالقوة الجسدية كقوة الجبابرة في الحرب ولا بقوة الكثرة كجيوش الملوك ولا بقوة العقل والمال بل بقوة الله. فعلى الإنسان أن يصلي ويتكل على الله وأن يراعي أول كل شيء العدل والحق والرحمة والمحبة وكل ما يأمرنا المسيح به ويقودنا إليه بقدرته.
١٠ «مُخَاصِمُو ٱلرَّبِّ يَنْكَسِرُونَ. مِنَ ٱلسَّمَاءِ يُرْعِدُ عَلَيْهِمْ. ٱلرَّبُّ يَدِينُ أَقَاصِيَ ٱلأَرْضِ، وَيُعْطِي عِزّاً لِمَلِكِهِ، وَيَرْفَعُ قَرْنَ مَسِيحِهِ».
مزمور ٢: ٩ ص ٧: ١٠ ومزمور ١٨: ١٣ مزمور ٩٦: ١٣ و٩٨: ٩ مزمور ٨٩: ٢٤
مُخَاصِمُو ٱلرَّبِّ الذين يسلكون حسب إرادتهم وغاياتهم النفسية ويجعلون مبادئهم العالمية مكان وصايا الله وتعليم الكتاب المقدس.
يُرْعِدُ عَلَيْهِمْ ليس الرعود الطبيعية بل غضب القدير المخيف لا يقدر أحد أن يقاومه أو يحتمله.
أَقَاصِيَ ٱلأَرْضِ رفعت حنة أفكارها عن نفسها وأمور بيتها حتى وعن شعبها اليهود أيضاً ونظرت إلى أقاصي الأرض فكانت نبية حقيقية تكلم فيها روح الله.
لِمَلِكِهِ لم يكن ملك في إسرائيل في زمانها ولكنها مع غيرها من الأتقياء كانت تتوقع إقامة ملك بناء على بعض أقوال الكتاب ووصاياه (تكوين ٤٩: ١٠ وتثنية ١٧: ١٤).
مَسِيحِهِ أي الملك الممسوح وفي كلامها إشارة إلى الرب يسوع المسيح ونبوءة بأنه أولاً يضع نفسه ثم يرتفع قرنه أي يرتفع في القوة والمجد وتسود مملكته على الكل. ولا يلزمنا القول إن حنة فهمت كل مضمون كلامها بل إن روح الله جعل في فمها كلاماً يوافق مقصوده. وهذا أول ورود كلمة مسيح في الكتاب المقدس.
١١ «وَذَهَبَ أَلْقَانَةُ إِلَى ٱلرَّامَةِ إِلَى بَيْتِهِ. وَكَانَ ٱلصَّبِيُّ يَخْدِمُ ٱلرَّبَّ أَمَامَ عَالِي ٱلْكَاهِنِ».
ع ١٨ وص ٣: ١
ذَهَبَ أَلْقَانَةُ بعدما قدّم هو وحنة ابنهما صموئيل للرب (ص ١: ٢٤ – ٢٨).
ٱلرَّامَةِ (ص ١: ١).
يَخْدِمُ ٱلرَّبَّ كان عمره نحو ثلاث سنين لما قدّمه والداه للرب وربما في الأول خدمه النساء اللواتي كن عند الخيمة لأجل الخدمة (خروج ٣٨: ٨) وبعد ما كبر تعلم القراءة والكتابة وناموس الرب وكل ما يتعلق بالخدمة الدينية واستلم شيئاً من الخدمة. وكان أمام عالي أي كان عالي رئيس الكهنة والوكيل على كل الخدمة ولا شك أنه أحب الولد واعتني به في أمر تعليمه وتربيته وربما رأى في صموئيل ما عزاه عن سلوك ابنيه الرديء.
١٢ «وَكَانَ بَنُو عَالِي بَنِي بَلِيَّعَالَ، لَمْ يَعْرِفُوا ٱلرَّبَّ».
تثنية ١٣: ١٣ قضاة ٢: ١٠ وإرميا ٢٢: ١٦ ورومية ١: ٢٨
بَلِيَّعَالَ (ص ١: ١٦).
لَمْ يَعْرِفُوا ٱلرَّبَّ كانوا كهنة وأبناء كاهن فعرفوا الرب بعض المعرفة ولكنهم لم يعرفوه معرفة حقيقية بل كانوا بكل أفكارهم ومقاصدهم وأميالهم بعيدين عن الله وإن كانوا في بيته ولم يعرفوا عظمة مسؤوليتهم كونهم خدمة الرب وخدمة شعبه ومختاريه لكي بواسطتهم يكلم الله شعبه ويعرف الشعب الله وأما هم فكانوا عثرة أمام الناس وأبعدوهم عن الرب وجعلوهم يجدفون.
ومن الأمور الغريبة وغير اللائقة أن يكون أولاد رجل صالح أشراراً. وليس لهذا الأمر تفسير كافٍ ولكننا نقول:
- لكل إنسان حرية فيختار لنفسه الحياة أو الموت وإيمان الوالدين لا يخلّص البنين ولا يُهلكهم عدم إيمان الوالدين (حزقيال ١٨: ١ – ٢٠).
- إن الأم عليها المسؤولية العظمى في تربية الأولاد لا الأب وحده فمن المحتمل أن امرأة عالي كانت ماتت أو إنها كانت متكاسلة في تربية أولادها.
- إن أرباب الأعمال الكبيرة تلهيهم واجباتهم فلا يتمكنون من الاعتناء بأولادهم كما يجب. وعلى كل حال كان على عالي شيء من اللوم لأنه لم يؤدب أولاده لما كانوا صغاراً ولما كبروا لم يردعهم (أمثال ٢٣: ١٣ و١٤) ولذلك عاقبه الله.
١٣ – ١٧ «١٣ وَلاَ حَقَّ ٱلْكَهَنَةِ مِنَ ٱلشَّعْبِ. كُلَّمَا ذَبَحَ رَجُلٌ ذَبِيحَةً يَجِيءُ غُلاَمُ ٱلْكَاهِنِ عِنْدَ طَبْخِ ٱللَّحْمِ، وَمِنْشَالٌ ذُو ثَلاَثَةِ أَسْنَانٍ بِيَدِهِ ١٤ فَيَضْرِبُ فِي ٱلْمِرْحَضَةِ أَوِ ٱلْمِرْجَلِ أَوِ ٱلْمِقْلَى أَوِ ٱلْقِدْرِ كُلُّ مَا يَصْعَدُ بِهِ ٱلْمِنْشَلُ يَأْخُذُهُ ٱلْكَاهِنُ لِنَفْسِهِ. هٰكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ ٱلآتِينَ إِلَى هُنَاكَ فِي شِيلُوهَ. ١٥ كَذٰلِكَ قَبْلَ مَا يُحْرِقُونَ ٱلشَّحْمَ يَأْتِي غُلاَمُ ٱلْكَاهِنِ وَيَقُولُ لِلرَّجُلِ ٱلذَّابِحِ: أَعْطِ لَحْماً لِيُشْوَى لِلْكَاهِنِ، فَإِنَّهُ لاَ يَأْخُذُ مِنْكَ لَحْماً مَطْبُوخاً بَلْ نَيْئاً. ١٦ فَيَقُولُ لَهُ ٱلرَّجُلُ: لِيُحْرِقُوا أَوَّلاً ٱلشَّحْمَ، ثُمَّ خُذْ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُكَ. فَيَقُولُ لَهُ: لاَ، بَلِ ٱلآنَ تُعْطِي وَإِلاَّ فَآخُذُ غَصْباً. ١٧ فَكَانَتْ خَطِيَّةُ ٱلْغِلْمَانِ عَظِيمَةً جِدّاً أَمَامَ ٱلرَّبِّ، لأَنَّ ٱلنَّاسَ ٱسْتَهَانُوا بِتَقْدِمَةِ ٱلرَّبِّ».
تثنية ١٨: ٣ لاويين ٣: ٣ و٤ و٥ و١٦ تكوين ٦: ١١ ملاخي ٢: ٨
حَقَّ ٱلْكَهَنَةِ مِنَ ٱلشَّعْبِ (لاويين ٧: ٢٨ – ٣٨) كان الشحم للرب وعلى الكاهن أن يوقده على المذبح. والصدر والساق اليمنى للكاهن بعد ترديد الصدر ورفع الساق أمام الرب والباقي من المذبوح لمقدمه ليأكله. وأما أولاد عالي فسلبوا الشعب لأنهم أخذوا من حصته غصباً (ع ١٣ و١٤) وأهانوا الرب لأنه إيقاد الشحم الذي هو حصة الرب كانوا يأخذون ما أرادوا من اللحم. وأبناء عالي كانوا يعرفون واجباتهم نحو الرب ويعرفون حق الكاهن وحق الشعب ولكنهم تعاموا عن هذا ولم يعترفوا به وما اعتبروه. والغلمان في (ع ١٧) حفني وفينحاس أو كما يقول بعضهم خدامهما.
ٱسْتَهَانُوا بِتَقْدِمَةِ ٱلرَّبِّ لسبب سلوك حفني وفينحاس احتقروا الخدمة كلها. فما أعظم خطايا خدَمة الدين لأن الشعب ينظرون إليهم ويستنتجون فساد اعتقادهم من فساد سلوكهم فيرفضون الصالح والطالح معاً. ويظهر من ع ١٦ إن الشعب لم يستحسنوا عمل أبناء عالي وكانوا غيورين للرب أكثر من كهنتهم.
١٨ «وَكَانَ صَمُوئِيلُ يَخْدِمُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَهُوَ صَبِيٌّ مُتَمَنْطِقٌ بِأَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ».
ع ١١ خروج ٢٨: ٤ وقضاة ٨: ٢٧ و١٧: ٥ و٢صموئيل ٦: ١٤
كَانَ صَمُوئِيلُ يَخْدِمُ هنا مقابلة بين أبناء عالي وصموئيل. رأينا في أبناء عالي أعظم خطر على إسرائيل فإنه إذا فسد الكهنة لا يبقى من يرشد الشعب ويصلحهم فيسقط الدين العبادة والآداب كلها. وأما الرب فلم يترك شعبه بل أقام نبياً أميناً. وحسب الظاهر لا يقدر الولد صموئيل أن يقاوم الشرور الكثيرة العظيمة الفاشية بين الشعب عموماً ولا يقدر أن يقاوم الكهنة وأباهم القاضي ولكن الرب اختار هذا الولد وهو كآلة ضعيفة وأعطاه نعمته فصار رجلاً مقتدراً لقهر الشرور وإرجاع الشعب إلى الله.
أَفُودٍ من ألبسة الكهنة العادية وهو رداء من كتان أبيض طويل وفوقه منطقة. قيل في (ص ٢٣: ٩ و٣٠: ٧) إن داود سأل من الرب بواسطة أفود. وقيل في (قضاة ٨: ٢٨) إن جدعون صنع أفوداً وميخا أيضاً (قضاة ١٧: ٥). وكان الأفود المشار إليه بهذه الآيات غير الأفود الذي لبسه صموئيل وربما هو الرداء المذكور في (خروج ٢٨: ٦ – ٣٠) الذي كان عليه الأوريم والتميم.
١٩ «وَعَمِلَتْ لَهُ أُمُّهُ جُبَّةً صَغِيرَةً وَأَصْعَدَتْهَا لَهُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ عِنْدَ صُعُودِهَا مَعَ رَجُلِهَا لِذَبْحِ ٱلذَّبِيحَةِ ٱلسَّنَوِيَّةِ».
لاويين ٨: ٧ ص ١: ٣
جُبَّةً من صوف بلا كمّين تُلبس فوق القميص وتحت الأفود وكانت من ألبسة الشعب العادية. وكانت أمه تعمل له جبة كل سنة وتُصعدها له وهكذا حفظت العلاقات الحبيّة البيتية بينها وبين ابنها الغائب عنها. كان لم يزل ابنها وإن كانت قد قدمته للرب. وحينما نقدم أولادنا للرب لا نخسرهم بل نثبتهم لأنفسنا إلى الأبد. والفراق الذي نخاف منه ليس الفراق الجسدي الزمني بل ابتعادنا وابتعادهم عن الرب. وصلاتنا هي أنه يحفظنا نحن وأولادنا فنكون له كلنا إلى الأبد.
وليس ذكر جبة صموئيل أمراً زهيداً لأن فيه فائدة. كانت الجبة من أمه تشهد له كل سنة بمحبتها له وصلواتها الدائمة لأجله وكانت تذكره أنه مخصّص لخدمة الرب. فكانت كل جبة علامة تخصيص جديد. ولا شك أن محبة أمه وصلواتها وهديتها السنوية كانت من جملة الوسائل التي حفظته من السقوط في الخطايا العظيمة التي كان يراها حوله يومياً.
٢٠ «وَبَارَكَ عَالِي أَلْقَانَةَ وَٱمْرَأَتَهُ وَقَالَ: يَجْعَلْ لَكَ ٱلرَّبُّ نَسْلاً مِنْ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةِ بَدَلَ ٱلْعَارِيَّةِ ٱلَّتِي أَعَارَتْ لِلرَّبِّ. وَذَهَبَا إِلَى مَكَانِهِمَا».
تكوين ١٤: ١٩ ص ١: ٢٨
يرجع الكلام إلى ما ذُكر في (ص ١: ٢١ – ٢٨ و٢: ١١) أي بارك عالي ألقانة وامرأته بعد ما قدّما صموئيل للرب.
ٱلْعَارِيَّةِ (انظر تفسير ص ١: ٢٨).
٢١ «وَلَمَّا ٱفْتَقَدَ ٱلرَّبُّ حَنَّةَ حَبِلَتْ وَوَلَدَتْ ثَلاَثَةَ بَنِينَ وَبِنْتَيْنِ. وَكَبِرَ ٱلصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ عِنْدَ ٱلرَّبِّ».
تكوين ٢١: ١ قضاة ١٣: ٢٤ وع ٢٦ وص ٣: ١٩ ولوقا ١: ٨ و٢: ٤٠
ثَلاَثَةَ بَنِينَ وَبِنْتَيْنِ قدمت للرب واحداً وهو بكرها من الخمسة الذين وهبهم لها. «ٱطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ وَبِرَّهُ، وَهٰذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» (متى ٦: ٣٣). «أَكْرِمِ ٱلرَّبَّ مِنْ مَالِكَ وَمِنْ كُلِّ بَاكُورَاتِ غَلَّتِكَ، فَتَمْتَلِئَ خَزَائِنُكَ شَبَعاً» (أمثال ٣: ٩ و١٠).
وَكَبِرَ عِنْدَ ٱلرَّبِّ ما أحلى نمو ولد عند الرب. فلا يلزم الولد أن ينتظر حتى يكبر فيقدم نفسه للرب بل يمكنه أن يكون له من الطفولية فتكون حياته كلها مباركة سعيدة. ونستنتج أن الرب اعتنى بصموئيل بعض الاعتناء فكان له أباً أفضل من أبيه وأمه في الجسد.
٢٢ «وَشَاخَ عَالِي جِدّاً، وَسَمِعَ بِكُلِّ مَا عَمِلَهُ بَنُوهُ بِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَبِأَنَّهُمْ كَانُوا يُضَاجِعُونَ ٱلنِّسَاءَ ٱلْمُجْتَمِعَاتِ فِي بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».
خروج ٣٨: ٨
ٱلْمُجْتَمِعَاتِ (خروج ٣٨: ٨) كن خادمات يقمنَ بخدمة الخيمة. فكانت خطيئة أبناء عالي أعظم لأنهم أفسدوا المخصصات للخدمة المقدسة. وكانت هذه القبائح في العبادة الوثنية في القديم ولا تزال فيها اليوم وهي معتبرة عندهم جزءًا من العبادة.
٢٣، ٢٤ «٢٣ فَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا تَعْمَلُونَ مِثْلَ هٰذِهِ ٱلأُمُورِ؟ لأَنِّي أَسْمَعُ بِأُمُورِكُمُ ٱلْخَبِيثَةِ مِنْ جَمِيعِ هٰذَا ٱلشَّعْبِ. ٢٤ لاَ يَا بَنِيَّ، لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَناً ٱلْخَبَرُ ٱلَّذِي أَسْمَعُ. تَجْعَلُونَ شَعْبَ ٱلرَّبِّ يَتَعَدَّوْنَ».
توبيخ عالي لطيف ضعيف مع أن الأمر احتاج إلى العمل بقساوة (تثنية ٢١: ١٨ – ٢١ وعدد ٢٥: ١ – ١٣). وكانت طهارة الخدمة ونجاة الشعب من العشرة والقدوة الرديئة ومجد اسم الرب ألزم من شفقة الوالد على أولاده الأشرار. وربما أن عالي لم ينتبه إلى أعمال أبنائه القبيحة لولا تذمُّر الشعب.
٢٥ «إِذَا أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى إِنْسَانٍ يَدِينُهُ ٱللّٰهُ. فَإِنْ أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى ٱلرَّبِّ فَمَنْ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِهِ؟ وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ أَبِيهِمْ لأَنَّ ٱلرَّبَّ شَاءَ أَنْ يُمِيتَهُمْ».
عدد ١٥: ٣٠ يشوع ١١: ٢٠ وأمثال ١٥: ١٠
إن الله يدين من أخطأ إلى الناس فكم بالحري من أخطأ إليه في الأمور المقدسة كالعبادة وخدمة بيت الله والتعليم الديني.
فَمَنْ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِهِ إشارة إلى خطيئة لا تُغفر (متّى ١٢: ٣١) لأن خطيئتهم كانت عمداً مع الوسائل الكافية لمعرفة واجباتهم.
ٱلرَّبَّ شَاءَ أَنْ يُمِيتَهُمْ لا يشاء الرب أن يهلك الناس (٢بطرس ٣: ٩) ولكن كان لأبناء عالي إنذار من أبيهم وفرص كثيرة للتوبة. فلم يرفضهم الرب إلا بعد ما كانوا رفضوه. وقساوة القلب وموت الضمير من نتائج الخطيئة عمداً وإصراراً وأعظم عقاب للخاطئ هو أن يتركه الله وينزع منه الروح القدس. وهذا العقاب يجلبه الإنسان على نفسه.
٢٦ «وَأَمَّا ٱلصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ فَتَزَايَدَ نُمُوّاً وَصَلاَحاً لَدَى ٱلرَّبِّ وَٱلنَّاسِ أَيْضاً».
ع ٢١ أمثال ٣: ٤ ولوقا ٢: ٥٢ وأعمال ٢: ٤٧ ورومية ١٤: ١٨
إن موضوع الأصحاح من ع ١٢ إلى آخره سلوك أبناء عالي الرديء ولكن الكاتب أدخل في وسط الكلام ذكر صموئيل أولاً في (ع ١٨ – ٢١) ثم في هذه الآية كأنه قصد المقابلة بين أولاد عالي وشرورهم وبين صموئيل وتقواه فخلط الكلام المحزن بكلام التعزية والرجاء.
لَدَى ٱلرَّبِّ وَٱلنَّاسِ أَيْضاً (لوقا ٢: ٥٢) ما يرضي الرب يرضي الناس أيضاً كالتواضع والمحبة والصدق والاستقامة وغيرها من الصفات الحميدة. وأما الذين يقاومون الصالحين فهم أصحاب الغايات كإخوة يوسف وشاول والكتبة والفريسيين في زمان المسيح والرسل.
٢٧ «وَجَاءَ رَجُلُ ٱللّٰهِ إِلَى عَالِي وَقَالَ لَهُ: هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ: هَلْ تَجَلَّيْتُ لِبَيْتِ أَبِيكَ وَهُمْ فِي مِصْرَ فِي بَيْتِ فِرْعَوْنَ»
١ملوك ١٣: ١ خروج ٤: ١٤ و٢٧
رَجُلُ ٱللّٰهِ لا نعرف من هو ولكنه كان نبياً أميناً شجاعاً. وإنذار عالي قبل سقوط بيته بزمان دليل على رحمة الله له. ومخاطبته وهو رئيس الكهنة بواسطة رجل آخر مما يدل على غضب الله.
هَلْ تَجَلَّيْتُ استفهام إيجابي أي الرب تجلى لبيت أبيه وانتخبه الخ. وهو للتشديد.
أَبِيكَ أي هارون (خروج ٤: ١٤ و٢٧ و١٢: ١ و٤٣).
٢٨ «وَٱنْتَخَبْتُهُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ لِي كَاهِناً لِيَصْعَدَ عَلَى مَذْبَحِي وَيُوقِدَ بَخُوراً وَيَلْبَسَ أَفُوداً أَمَامِي، وَدَفَعْتُ لِبَيْتِ أَبِيكَ جَمِيعَ وَقَائِدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ!».
خروج ٢٨: ١ و٤ وعدد ١٦: ٥ و١٨: ١ و٧ لاويين ٢: ٣ و١٠ و٦: ١٦ و٧: ٧ و٨ و٣٤ و٣٥ و١٠: ١٤ و١٥ وعدد ٥: ٩ و١٠ و١٨: ٨ – ١٩
وَٱنْتَخَبْتُهُ أي هارون (خروج ٢٨: ١ – ٤). وخدمة الكاهن المذكورة هنا ثلاث درجات. (١) تقديم الذبائح في الدار (٢) إيقاد البخور في القدس (٣) خدمة رئيس الكهنة لأن الأفود في أسفار موسى هو من ألبسته وليس من ألبسة الكهنة.
دَفَعْتُ لِبَيْتِ أَبِيكَ كان للكهنة جزء من الوقائد أي الذبائح وخبز الوجوه والعشور ومدنهم ومساريحها. وذكر ما أنعم به الرب عليهم يجب ان يخجلهم لأنهم أخطأوا بلا عذر إلى من أحسن إليهم وخانوا من كان أميناً معهم وأفسدوا شعب الله الخاص وأهلكوه.
٢٩ «فَلِمَاذَا تَدُوسُونَ ذَبِيحَتِي وَتَقْدِمَتِي ٱلَّتِي أَمَرْتُ بِهَا فِي ٱلْمَسْكَنِ، وَتُكْرِمُ بَنِيكَ عَلَيَّ لِتُسَمِّنُوا أَنْفُسَكُمْ بِأَوَائِلِ كُلِّ تَقْدِمَاتِ إِسْرَائِيلَ شَعْبِي؟».
تثنية ٣٢: ١٥ تثنية ١٢: ٥ و٦
لِمَاذَا تَدُوسُونَ الدوس علامة الاحتقار وأبناء عالي احتقروا الذبائح والتقدمات لأنهم أخذوها لأنفسهم وحسبوها مأكولات فقط ولم يروا فيها مغفرة الخطايا بدم المسيح الموعود به والشكر لله على رحمته واتحاد الإنسان مع الله بالإيمان وأنكروا حق الله فيها.
وَتُكْرِمُ بَنِيكَ عَلَيَّ إذا عزل عالي أولاده يُحتقرون وإذا أبقاهم يحتقر الرب فظهر من عدم عزلهم أن عالي فضّل أولاده على الرب. وفي أيامنا يغتاظ الرب على كل من يفضل نفسه وأولاده على الخدمة. ليست الكنيسة لأجل خادمها بل الخادم لأجل الكنيسة وليست المدرسة لأجل معلمها بل المعلم لأجل المدرسة.
٣٠ «لِذٰلِكَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ: إِنِّي قُلْتُ إِنَّ بَيْتَكَ وَبَيْتَ أَبِيكَ يَسِيرُونَ أَمَامِي إِلَى ٱلأَبَدِ. وَٱلآنَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ: حَاشَا لِي! فَإِنِّي أُكْرِمُ ٱلَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَٱلَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ».
خروج ٢٩: ٩ إرميا ١٨: ٩ و١٠ مزمور ١٨: ٢٠ و٩١: ١٤ ملاخي ٢: ٩
قال الرب (خروج ٢٩: ٩) إن الكهنوت كان لهارون وبنيه فريضة أبدية وجدد هذا الوعد لفينحاس بن أليعازار بن هارون (عدد ٢٥: ١ – ١٣) لسبب غيرته. ولا نعرف كيف انتقل الكهنوت من نسل أليعازار إلى نسل إيثامار وربما لم يكن في نسل أليعازار ما كان في عالي من الاقتدار والاستحقاق. إن مواعيد الله صادقة وثابتة ولكنها بشرط الطاعة والإيمان وإذا خان أحد الكهنة يُعزل وأما الكهنوت فبقي إلى زمان المسيح وبما أن المسيح رئيس الكهنة والمرموز إليه سيبقى الكهنوت فيه إلى الأبد.
قُتل حفني وفينحاس (ع ١١) وبعد زمان صار أخيطوب بن فينحاس كاهناً ثم ابناه أخيا وأخيمالك ثم أبياثار بن أخيمالك. وفي أيام سليمان عُزل أبياثار وتعيّن صادوق من نسل أليعازار وبقي الكهنوت لنسله إلى زمان المسيح. ويظن بعضهم أن أخيا وأخيمالك اسمان لشخص واحد.
فَإِنِّي أُكْرِمُ ٱلَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي نكرم الرب حينما نحفظ وصاياه ولا نعمل كما نريد ونعمل مشيئته لا مشيئتنا ونفضّله على جميع أحبائنا حتى الوالدين والنساء والأولاد. ويُكرمنا الرب لأنه يعدّنا من شعبه على الأرض ويعترف بنا في اليوم الأخير أمام الآب والملائكة.
٣١ «هُوَذَا تَأْتِي أَيَّامٌ أَقْطَعُ فِيهَا ذِرَاعَكَ وَذِرَاعَ بَيْتِ أَبِيكَ حَتَّى لاَ يَكُونَ شَيْخٌ فِي بَيْتِكَ».
ص ٤: ١١ و١٨ و٢٠ و١٤: ٣ و٢٢: ١٨ الخ و١ملوك ٢: ٢٧ وحزقيال ٤٤: ١٠
ذِرَاعَكَ قوّتك. وقوّة البيت شبانه. وقول الرب إنه قطع الشبان فلا يبقى منهم من يصير شيخاً. قتل الفلسطينيون حفني وفينحاس (ص ٤: ١١) وقتل دواغ في نوب خمسة وثمانين من الكهنة (ص ٢٢: ١٨ و١٩).
٣٢ «وَتَرَى ضِيقَ ٱلْمَسْكَنِ فِي كُلِّ مَا يُحْسَنُ بِهِ إِلَى إِسْرَائِيلَ، وَلاَ يَكُونُ شَيْخٌ فِي بَيْتِكَ كُلَّ ٱلأَيَّامِ».
زكريا ٨: ٤
تَرَى ضِيقَ ٱلْمَسْكَنِ أُخذ التابوت (ص ٤: ١١) ولم يرجع إلى شيلوه والظاهر إن الخيمة انتقلت إلى نوب (ص ٢١: ١ – ٦) وجلبوع (ص ٢٨: ٤ – ٦) وجبعون (١أيام ١٦: ٢٩) وسقط اعتبارها وبعد أيام سليمان لم يبق لها ذكر.
فِي كُلِّ مَا يُحْسَنُ بِهِ إِلَى إِسْرَائِيلَ أحسن الرب إلى إسرائيل ببركات كثيرة بعد زمانه عالي فإنه أقام لهم صموئيل قاضياً ونبياً وخلّصهم في أيامه من الفلسطينيين ثم أقام لهم شاول ملكهم الأول وداود ووسع المملكة وثبّتها. ورأى نسل عالي تقدماً ونجاحاً وبركات كثيرة للملكة. ولكن شيلوه خربت خراباً تاماً وسقط اعتبار المسكن كثيراً عما كان في زمان عالي وما قبله.
٣٣ «وَرَجُلٌ لَكَ لاَ أَقْطَعُهُ مِنْ أَمَامِ مَذْبَحِي يَكُونُ لإِكْلاَلِ عَيْنَيْكَ وَتَذْوِيبِ نَفْسِكَ. وَجَمِيعُ ذُرِّيَّةِ بَيْتِكَ يَمُوتُونَ شُبَّاناً».
وَرَجُلٌ لَكَ الكلام في عالي وفي نسله وأكثر البلايا المشار إليها أصابت نسله بعد موته (ص ٢٢: ١٨ و١٩ و١ملوك ٢: ٢٧).
لاَ أَقْطَعُهُ الموت أحياناً من رحمة الرب ومن لا يقطعه الرب يكون محفوظاً ليحتمل شر البلايا.
٣٤ «وَهٰذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ تَأْتِي عَلَى ٱبْنَيْكَ حُفْنِي وَفِينَحَاسَ: فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَمُوتَانِ كِلاَهُمَا».
١ملوك ١٣: ٣ ص ٤: ١١
عَلاَمَةٌ (ص ٤: ١١) حينما مات ابناه عرف أن النبوءة كلها ستتمّ.
٣٥ «وَأُقِيمُ لِنَفْسِي كَاهِناً أَمِيناً يَعْمَلُ حَسَبَ مَا بِقَلْبِي وَنَفْسِي، وَأَبْنِي لَهُ بَيْتاً أَمِيناً فَيَسِيرُ أَمَامَ مَسِيحِي كُلَّ ٱلأَيَّامِ».
١ملوك ٢: ٣٥ و١أيام ٢٩: ٢٢ وحزقيال ٤٤: ١٥ و٢صموئيل ٧: ١١ و٢٧ و١ملوك ١١: ٣٨ مزمور ٢: ٢ و١٨: ٥٠
كَاهِناً أَمِيناً يظن بعضهم أنه صادوق من نسل أليعازار بن هارون الذي عيّنه سليمان كاهناً عوضاً عن أبياثار الذي كان من نسل عالي وإيثامار (١ملوك ٢: ٢٧) والأرجح أن «الكاهن الأمين» المشار إليه هو صموئيل. لم يكن صموئيل كاهناً من بيت هارون ولكنه مارس منصب كاهن. صلى لأجل الشعب (ص ٧: ٩) وأصعد ذبائح (ص ٧: ١٠) وبارك الذبيحة (ص ٩: ١٢ و١٣) ومسح شاول ملكاً (ص ١٠: ١١) ومسح داود (ص ١٦: ١٣). وربما كان أخيطوب بن فينحاس رئيس الكهنة ولكنه لم يُذكر والظاهر أنه كان كاهناً بالاسم فقط.
أَبْنِي لَهُ بَيْتاً أَمِيناً (انظر ١أيام ٦: ٣٣) الذي يظهر منه أن هيمان بن بوئيل بن صموئيل كان مغنياً في بيت الرب في زمان داود. وربما كان الوعد لصموئيل لكونه نبياً ومن أيامه فصاعداً كان أنبياء أمناء فيكون الأنبياء بيته الأمين.
أَمَامَ مَسِيحِي سار صموئيل أمام شاول الملك مسيح الرب وداود وكان مشيراً لهما والنبوءة كلها تمت تماماً في يسوع المسيح وهو الكاهن الأمين الذي عمل حسب كل ما في قلب الرب وقدم نفسه ذبيحة ليكفر عن خطايا شعبه وهو يشفع فيهم على الدوام وهو كاهنٌ إلى الأبد.
٣٦ «وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَبْقَى فِي بَيْتِكَ يَأْتِي لِيَسْجُدَ لَهُ لأَجْلِ قِطْعَةِ فِضَّةٍ وَرَغِيفِ خُبْزٍ، وَيَقُولُ: ضُمَّنِي إِلَى إِحْدَى وَظَائِفِ ٱلْكَهَنُوتِ لآكُلَ كِسْرَةَ خُبْزٍ».
١ملوك ٢: ٢٧
قِطْعَةِ فِضَّةٍ وَرَغِيفِ خُبْزٍ إشارة إلى انحطاط بيت عالي الكليّ.
- يجب الشكر بعد الخلاص وبعد استجابة الصلاة.
- يجب رفع أفكارنا عن أنفسنا إلى مجد الله وأمور ملكوته (ع ٢ و١٠).
- إن الله يزن الأعمال (٢) وليست عياراته كعيارات الناس لأن الناس يعتبرون القوة والجمال الجسدي والمال والحكمة البشرية وأما الرب فينظر إلى القلب والنيّة. وقد يكون المحتقرون عند الناس مكرّمين عند الرب.
- نجاح الأشرار وقتيٌّ وأما الحق فسينتصر إن لم يكن عاجلاً فآجلاً.
- يجب أن تبتدئ تربية الأولاد من الطفولية فيكونون أولاد الله من أول حياتهم. ومن واجبات الوالدين وقف أولادهم للرب وتعليمهم التعاليم الدينية وجلبهم إلى الكنيسة ومدرسة الأحد وتمرينهم في الخدمة الروحية.
- إهمال التربية تربية رديئة.
- لا يقدر الإنسان أن يجعل مسؤولية خطاياه على والديه وإن كانا أخطأا في تربيته.
- إن خطايا خدَمة الدين تستوجب عقاباً أعظم من عقاب خطايا غيرهم.
- لا ينفع اسم منصب مقدس ولا رتبهُ وملابسه وامتيازاته إن لم يكن صاحبه مقدساً في قلبه وسلوكه.
- إن الابتعاد عن الله يكون تدرجاً لا نشعر به فنعمل أخيراً بلا فكر ما كنا نشمئز منه في الأول. فيلزمنا أن نسهر ونصلي دائماً.
-
إن الله ينبهنا مراراً قبل رفضه إيانا رفضاً تاماً فيكون التنبيه بواسطة رجل الله (ع ٢٥) أو مرض أو حزن أو مصيبة فطوبى لمن ينتبه ويرجع عن خطيئته ما دام للتوبة مكان.
السابق |
التالي |