سفر صموئيل الأول | 01 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الأول
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ
١ «كَانَ رَجُلٌ مِنْ رَامَتَايِمِ صُوفِيمَ مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ ٱسْمُهُ أَلْقَانَةُ بْنُ يَرُوحَامَ بْنِ أَلِيهُوَ بْنِ تُوحُوَ بْنِ صُوفٍ. هُوَ أَفْرَايِمِيٌّ».
١أيام ٦: ٢٧ و٣٤ ص ٩: ٥ راعوث ١: ٢
رَامَتَايِمِ وهي رامة حيث وُلد صموئيل (ع ١٩) وسكن (ص ٧: ١٧) ودُفن (ص ٢٥: ١). ومعنى رامة رابية ومعنى رامتايم رابيتين. ورامة هي الرام الحالية شمالي أورشليم وعلى بُعد خمسة أميال منها أو النبي صموئيل إلى الشمال الغربي من أورشليم وعلى بُعد خمسة أميال منها أو رام الله شمالي أورشليم وعلى بُعد ١٣ ميلاً منها.
صُوفِيمَ كان صوف أحد أسلاف القانة أتى من أفرايم وسكن في رامتايم أو رامة فتسمت به. وكان القانة أفرايمي لأنه من أفرايم أصلاً وبنياميني لأنه سكن في أرض بنيامين ولاويٌّ لأنه من سبط لاوي. والظاهر أنه لم يمارس منصب اللاويين. وكان عاقلاً لطيفاً ذا ثروة عظيمة. وسلسلة نسب صموئيل مذكورة هنا وفي (١أيام ٦: ٢٦ و٢٧ و٣٤ و٣٥) وفي هذه الآيات شيء من الاختلاف وهو من عدم الضبط قديماً في الأسماء. فأليهو مسمى أيضاً ألياب وإيليئيل. وتوحو مسمى أيضاً نحت وتوح. وصوف هو صوفاي.
٢ «وَلَهُ ٱمْرَأَتَانِ، ٱسْمُ ٱلْوَاحِدَةِ حَنَّةُ وَٱسْمُ ٱلأُخْرَى فَنِنَّةُ. وَكَانَ لِفَنِنَّةَ أَوْلاَدٌ، وَأَمَّا حَنَّةُ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَوْلاَدٌ».
وَلَهُ ٱمْرَأَتَانِ في البدء خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى امرأة واحدة لرجل واحد (تكوين ٢: ٢٤ وملاخي ٢: ١٥) ولكن بعض الأفاضل في العهد القديم تزوجوا أكثر من واحدة كإبراهيم ويعقوب وجدعون وداود. والله غضّ النظر عن ذلك وقتياً فلم يوبخهم (تثنية ٢١: ١٤ – ١٧). ولكن العهد الجديد يعلّم جلياً وجوب تزوج امرأة واحدة فقط (متّى ١٩: ٣ – ١٢ و١تيموثاوس ٣: ٢) وتؤيد ذلك شهادة الاختبار لأننا لا نرى الخير والسلم في بيت فيه أكثر من زوجة واحدة.
حَنَّةُ معنى الاسم نعمة.
فَنِنَّةُ لؤلؤة (أيوب ٢٨: ١٨ وأمثال ٣: ١٥).
وَكَانَ لِفَنِنَّةَ أَوْلاَدٌ حسب أفكارنا كانت حنة مستحقة أن يكون لها أولاد أكثر من فننّة لأنها امرأة فاضلة تقيّة مستعدة لتربية الأولاد أكثر من ضرتها ولكن يجب أن ننظر إلى آخر كل أمر قبلما نحكم فيه. فنرى أن الرب حوّل مصيبة حنة إلى بركة لأنها تعلمت الصبر والتجأت إلى الرب بالصلاة وولدت ولداً استجابة لصلاتها وصار ولدها أي صموئيل رجلاً عظيماً مكرماً في ملكوت الله مع أن أولاد فننّة ليس لهم ذكر.
٣ «وَكَانَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ يَصْعَدُ مِنْ مَدِينَتِهِ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ لِيَسْجُدَ وَيَذْبَحَ لِرَبِّ ٱلْجُنُودِ فِي شِيلُوهَ. وَكَانَ هُنَاكَ ٱبْنَا عَالِي: حُفْنِي وَفِينَحَاسُ، كَاهِنَا ٱلرَّبِّ».
خروج ٢٣: ١٤ وتثنية ١٦: ١٦ ولوقا ٢: ٤١ تثنية ١٢: ٥ و٦ و٧ يشوع ١٨: ١
مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ على الإسرائيليين أن يعيّدوا للرب ثلاث مرات في السنة أي في عيد الفطير أو الفصح وعيد الحصاد أو عيد الخمسين وعيد المظال (خروج ٢٣: ١٤) ولكنهم اكتفوا بمرة واحدة فقط (لوقا ٢: ٤١) ولا نعرف في أي عيد صعد القانة. وظهرت تقواه لأنه كان يصعد كل سنة ومعه أهل بيته ويقدّم ذبائح للرب.
رَبِّ ٱلْجُنُودِ وردت هذه العبارة في الكتاب المقدس ٢٦٠ مرة وهذه هي المرة الأولى. «والجنود» هم جنود بني البشر (خروج ٧: ٤ ومزمور ٤٤: ٩) وجنود السماء وهي الأجرام السماوية (تكوين ٢: ١ وتثنية ٤: ١٩) أو الملائكة (١ملوك ٢٢: ١٩ وتكوين ١٤٨: ٢). فالرب هو رب كل ما في السماء وعلى الأرض وليس رب سواه وكان إسرائيل شعبه الخاص.
شِيلُوهَ هي سيلون الحالية شمالي بيت إيل وعلى بُعد عشرة أميال منها. وفي شيلوه نُصبت خيمة الاجتماع (يشوع ١٨: ١) فبقيت فيها ٣٠٠ سنة. وكانت مقر العبادة إلى وقت انهزام إسرائيل عند حجر المعونة في أفيق حين أخذ الفلسطينيون التابوت (١صموئيل ٤: ١ و١١). ولم يرجع التابوت إلى شيلوه والأرجح أن الفلسطينيين احتلوها وأخربوها خراباً تاماً (إرميا ٧: ١٢).
ٱبْنَا عَالِي كان عالي من نسل هارون من ابنه الأصغر إيثامار وهو أول من مارس منصب رئيس الكهنة من نسل إيثامار وبقي هذا المنصب لبيت عالي إلى أبياثار في القرن الرابع إذ رجع إلى نسل أليعازار. ومارس عالي منصب رئيس كهنة ومنصب قاض معاً. وقضى لإسرائيل ٤٠ سنة. وكان مقتدراً تقياً غير أنه أخطأ في عدم ردعه أولاده عن شرورهم. وفي شيخوخته سلّم خدمة الكهنة لابنيه حفني وفينحاس.
٤ «وَلَمَّا كَانَ ٱلْوَقْتُ وَذَبَحَ أَلْقَانَةُ، أَعْطَى فَنِنَّةَ ٱمْرَأَتَهُ وَجَمِيعَ بَنِيهَا وَبَنَاتِهَا أَنْصِبَةً».
تثنية ١٢: ١٧ و١٦: ١١
وَذَبَحَ كانت ذبيحته ذبيحة السلامة (لاويين ٧: ١١ – ٢١) لأجل الشكر وكان الشحم للرب والصدر والساق اليمنى للكاهن والباقي لمقدمها فأكله هو وأهل بيته. وفوائد الذبيحة:
- كانت رمزاً إلى المسيح الذي به الكفارة عن الخطيئة.
- تخصيص النفس للرب بالتوبة والإيمان والطاعة.
- الاتحاد مع الرب المشار إليه بالأكل فإن الذبيحة كلها للرب ثم سمح الرب لمقدمها أن يأكل منها فأكل من مائدة الرب. وكان امرأتاه وأبناؤه وبناته معه إشارة إلى أن مواعيد لله للمؤمنين ولأولادهم.
٥ «وَأَمَّا حَنَّةُ فَأَعْطَاهَا نَصِيبَ ٱثْنَيْنِ، لأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ حَنَّةَ. وَلٰكِنَّ ٱلرَّبَّ كَانَ قَدْ أَغْلَقَ رَحِمَهَا».
تكوين ٣٠: ٢
نَصِيبَ ٱثْنَيْنِ علامة محبته الخصوصية لها. أعطى يوسف أخاه بنيامين نصيب خمسة (تكوين ٤٣: ٣٤). ولا شك أن هذا الأمر زاد الاختلاف والحسد بين امرأتيه مع أنه لم يقصد ذلك.
قَدْ أَغْلَقَ رَحِمَهَا انظر أنباء سارة (تكوين ١٧: ١٥ – ١٩) ورفقة (تكوين ٢٥: ٢١) وراحيل (تكوين ٢٩: ٣١) وامرأة منوح (قضاة ١٣: ١ – ٥) وأليصابات (لوقا ١: ٥ – ٧). فترى أن الرب إذا قصد لأحبائه بركات عظمى كثيراً ما يمتحن إيمانهم بتابطؤه في إتمام الوعد.
٦ «وَكَانَتْ ضَرَّتُهَا تُغِيظُهَا أَيْضاً غَيْظاً لأَجْلِ ٱلإِذْلاَلِ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ أَغْلَقَ رَحِمَهَا».
أيوب ٢٤: ٢١
ضَرَّتُهَا أي فننّة. ولا شك أنها حسدت حنة لأن ألقانة أحبها وأعطاها نصيب اثنين فلم يكن عمله في محله بل كان سبباً لزيادة الخصام. وعلى كل رب بيت المساواة في معاملة أهل بيته.
لأَجْلِ ٱلإِذْلاَلِ (المراغمة) عرفت ما كان يكدر حنة أكثر من غيره فذكرته وكررته حتى صارت حنة لا تقدر أن تحتمل. وعلى كل مسيحي أن يعمل بالعكس أي أن يلاحظ ما يكدّر غيره فيتجنب ذكره أو يذكره على سبيل التعزية والمساعدة. وفننّة كدرت نفسها أكثر مما كدرت حنة لأنها قبلت في قلبها روح الحسد والبغض والخصام الذي مرر كل حياتها. وخيرٌ للإنسان أن يُظلَم ولا يَظلِم ويحتمل الشر ولا يعمله.
٧ «وَهٰكَذَا صَارَ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ، كُلَّمَا صَعِدَتْ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ، هٰكَذَا كَانَتْ تُغِيظُهَا. فَبَكَتْ وَلَمْ تَأْكُلْ».
سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ استمرت فننّة على هذه المعاملة الخبيثة سنين من الزمان وازدادت مصيبة حنة وحزنها وقلّ أملها بنيل مطلوبها ولكنها التجأت إلى الرب وصلت بأكثر لجاجة فكانت تلك السنين لها أحسن استعداد لقبول البركة التي أعدها الرب لها.
٨ «فَقَالَ لَهَا أَلْقَانَةُ رَجُلُهَا: يَا حَنَّةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ وَلِمَاذَا لاَ تَأْكُلِينَ وَلِمَاذَا يَكْتَئِبُ قَلْبُكِ؟ أَمَا أَنَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ عَشَرَةِ بَنِينَ؟».
راعوث ٤: ١٥
أَمَا أَنَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ عَشَرَةِ بَنِينَ ظهر من هذا القول محبته لها وشفقته عليها ولكنه لم يفهم طبيعة النساء لأنه من الأمور الطبيعية أن المرأة تلد أولاداً وفي قلبها محبة عظيمة لهم واشتياق شديد إليهم فلا يمكنها أن تكتفي بمحبة رجلها وإن كانت تلك المحبة ثمينة عندها.
٩ «فَقَامَتْ حَنَّةُ بَعْدَمَا أَكَلُوا فِي شِيلُوهَ وَبَعْدَمَا شَرِبُوا، وَعَالِي ٱلْكَاهِنُ جَالِسٌ عَلَى ٱلْكُرْسِيِّ عِنْدَ قَائِمَةِ هَيْكَلِ ٱلرَّبِّ».
ص ٣: ٣
فَقَامَتْ حَنَّةُ أكلت لأن الأكل مما قّدّم للرب كان من الواجبات الدينية ولكن حنة أكلت بلا قابلية وبلا لذة وقامت سريعاً وتقدمت إلى جهة الخيمة لتصلي صلاة انفرادية.
هَيْكَلِ ٱلرَّبِّ أي خيمة الاجتماع. وتسمت هيكلاً لأنها بقيت ٣٠٠ سنة في شيلوه وصار حولها أبنية وأمامها باب وقائمة ومكان لقعود رئيس الكهنة لأجل القضاء. والهيكل الحقيقي هو المكان الذي فيه يجتمع الإنسان مع الله لا فرق إن كان هيكلاً أو خيمة أو بيتاً أو قلوب المؤمنين.
١٠ «وَهِيَ مُرَّةُ ٱلنَّفْسِ. فَصَلَّتْ إِلَى ٱلرَّبِّ، وَبَكَتْ بُكَاءً».
٢صموئيل ١٧: ٨ وأيوب ٧: ١١ و١٠: ١
فَصَلَّتْ إِلَى ٱلرَّبِّ، وَبَكَتْ مَن يقدر أن يرفض طلبة امرأة إذا بكت. فالرب وهو حنون ورؤوف ويعرف سرائر القلوب لا يرفض من يلتجئ إليه بالبكاء (٢ملوك ٢٠: ٥ ومزمور ١٢٦: ٥ ومرقس ٩: ٢٤ ولوقا ٧: ٣٨ وعبرانيين ٥: ٧ ورؤيا ٧: ١٧). وكان بكاء حنة علامة الشوق الشديد إلى معونة الرب والالتجاء إليه مع الشعور بضعفها وعدم الأمل من الناس. وأما البكاء فله وقت وفي غير وقته ليس له رجاء (متّى ٢٢: ١٣ وعبرانيين ١٢: ١٧).
١١ «وَنَذَرَتْ نَذْراً وَقَالَتْ: يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ، إِنْ نَظَرْتَ نَظَراً إِلَى مَذَلَّةِ أَمَتِكَ، وَذَكَرْتَنِي وَلَمْ تَنْسَ أَمَتَكَ بَلْ أَعْطَيْتَ أَمَتَكَ زَرْعَ بَشَرٍ، فَإِنِّي أُعْطِيهِ لِلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، وَلاَ يَعْلُو رَأْسَهُ مُوسَى».
تكوين ٢٨: ٢٠ وعدد ٣٠: ٣ وقضاة ١١: ٣٠ تكوين ٢٩: ٣٢ وخروج ٤: ٣١ و٢صموئيل ١٦: ١٢ ومزمور ٢٥: ١٨ تكوين ٨: ١ و٣٠: ٢٢ عدد ٦: ٥ وقضاة ١٣: ٥
وَنَذَرَتْ نَذْراً وهو أن الابن الذي طلبته من الرب يكون له كل أيام حياته. وإرخاء الشعر علامة النذير (عدد ٦: ١ – ٢١). وعلى النذير ثلاثة أمور:
- أن يمتنع عن أكل وشرب كل ما يُعمل من الكرمة كالعنب والزبيب والخمر والدبس.
- أن لا يحلق رأسه.
- أن لا يمس ميتاً. وأيام انتذاره محدودة وأما صموئيل فزاد على ما ذُكر وكان نذيراً كل حياته. ومثله شمشون ويوحنا المعمدان. ولهذه الفرائض الجسدية غاية روحية لأن الامتناع عن أكل أثمار الكرمة علامة تخصيص الجسد والحكم عليه. وتجنُّب الميت علامة الطهارة. وكان إرخاء الشعر يذكّره ويذكّر غيره أنه لله فلا يعمل عملاً أو يقول شيئاً لا يليق بنذره. وبنور العهد الجديد نرى أن ليس محلّ للنذور لأننا نحن وأموالنا كلها لله فلا نقدر أن نعطيه إلا مما له فنحبه من كل قلوبنا ونخدمه بكل قوانا ونحفظ جميع وصاياه ونسلم لإرادته في كل شيء وهو وعدنا بأنه يعطينا مهما سألنا منه (يوحنا ١٤: ١٤) وذلك كله بلا شرط.
١٢، ١٣ «١٢ وَكَانَ إِذْ أَكْثَرَتِ ٱلصَّلاَةَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَعَالِي يُلاَحِظُ فَاهَا ١٣ فَإِنَّ حَنَّةَ كَانَتْ تَتَكَلَّمُ فِي قَلْبِهَا، وَشَفَتَاهَا فَقَطْ تَتَحَرَّكَانِ، وَصَوْتُهَا لَمْ يُسْمَعْ أَنَّ عَالِيَ ظَنَّهَا سَكْرَى».
صَوْتُهَا لَمْ يُسْمَعْ عرفت أن الله يسمع الصلاة وإن كانت بلا كلام مسموع مع أن أكثر الناس في أيامها ظنوا أنه من الضرورة أن الصلاة تكون بصوت عالٍ. ولنا رئيس كهنة وهو الرب يسوع المسيح يعرف أفكارنا وأشواقنا السرّية وليس كعالي الذي لم يقدر أن يميز بين امرأة حزينة الروح سكبت نفسها أمام الرب وبين سكرى ابنة بليعال.
ظَنَّهَا سَكْرَى يُستنتج من هذا الظن أن السكر كان من الأمور العادية الجارية في أيام حنة حتى بين النساء وعبدة الرب في مقدسه وفي زمان العبادة.
١٤، ١٥ «١٤ فَقَالَ لَهَا: حَتَّى مَتَى تَسْكَرِينَ؟ ٱنْزِعِي خَمْرَكِ عَنْكِ. ١٥ فَأَجَابَتْ حَنَّةُ: لاَ يَا سَيِّدِي. إِنِّي ٱمْرَأَةٌ حَزِينَةُ ٱلرُّوحِ وَلَمْ أَشْرَبْ خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً، بَلْ أَسْكُبُ نَفْسِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ».
مزمور ٦٢: ٨ و١٤٢: ٢
لَمْ أَشْرَبْ خَمْراً لم ينهَ الناموس الإسرائيليين عن شرب الخمر باعتدال ولكن قول حنّة هذا وقولها أن الابن المطلوب من الرب سيكون نذيراً لا يشرب المسكر يدلان على أنها لاحظت الشرور الناتجة منه فاستحسنت عياف المسكر الكلي. وفي أيامنا أجمع أكثر الأتقياء على وجوب عياف المسكر على اختلاف أنواعه.
١٦ «لاَ تَحْسَبْ أَمَتَكَ ٱبْنَةَ بَلِيَّعَالَ. لأَنِّي مِنْ كَثْرَةِ كُرْبَتِي وَغَيْظِي قَدْ تَكَلَّمْتُ إِلَى ٱلآنَ».
تثنية ١٣: ١٣
بَلِيَّعَالَ كلمة عبرانية معناها عدم النفع وابنة بليعال هي امرأة رديئة بلا دين و بلا حياء. وفي الترجمة الإنكليزية الحديثة «امرأة رديئة». وفي (٢كورنثوس ٦: ١٥) «بليعال» اسم للشيطان. وربما كان وجود الرديئات عند باب الخيمة أمراً عادياً فظنّ عالي أن حنة واحدة منهنّ. وعند الوثنيين كان الزناء مقترناً بالعبادة وكانت أجرة الزانية لإله المكان.
تَكَلَّمْتُ إِلَى ٱلآنَ لم تتكلم من فعل الخمر بل من كربتها وغيظها وذلك من أول الأمر إلى الآن أي لم تسكر قط.
١٧ «فَقَالَ لَهَا عَالِي: ٱذْهَبِي بِسَلاَمٍ، وَإِلٰهُ إِسْرَائِيلَ يُعْطِيكِ سُؤْلَكِ ٱلَّذِي سَأَلْتِهِ مِنْ لَدُنْهُ».
قضاة ١٨: ٦ ومرقس ٥: ٣٤ ولوقا ٧: ٥٠ و٨: ٤٨ مزمور ٢٠: ٤ و٥
يُعْطِيكِ سُؤْلَكِ اقتنع عالي من جوابها وقصد بقوله إصلاح غلطه في ظنه أنها ابنة بليعال. وكان قوله على سبيل الدعاء لأن حنة طلبت البركة من الله وليس منه.
١٨، ١٩ «١٨ فَقَالَتْ: لِتَجِدْ جَارِيَتُكَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ. ثُمَّ مَضَتِ ٱلْمَرْأَةُ فِي طَرِيقِهَا وَأَكَلَتْ، وَلَمْ يَكُنْ وَجْهُهَا بَعْدُ مُغَيَّراً. ١٩ وَبَكَّرُوا فِي ٱلصَّبَاحِ وَسَجَدُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَرَجَعُوا وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِهِمْ فِي ٱلرَّامَةِ. وَعَرَفَ أَلْقَانَةُ ٱمْرَأَتَهُ حَنَّةَ، وَٱلرَّبُّ ذَكَرَهَا».
تكوين ٣٣: ١٥ وراعوث ٢: ١٣ جامعة ٩: ٧ تكوين ٤: ١ تكوين ٣٠: ٢٢
نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ أظهرت اعتبارها لعالي لأنه رئيس الكهنة وقاضي الشعب.
فِي طَرِيقِهَا ذهبت إلى البيت أو المكان الذي نزلوا فيه وفي اليوم التالي بكروا ورجعوا إلى بيتهم في الرامة.
وَأَكَلَتْ آمنت واتكلت على قول عالي واستراحت من اضطراب أفكارها.
وَٱلرَّبُّ ذَكَرَهَا (تكوين ٣٠: ٢٢).
٢٠ «وَكَانَ فِي مَدَارِ ٱلسَّنَةِ أَنَّ حَنَّةَ حَبِلَتْ وَوَلَدَتِ ٱبْناً وَدَعَتِ ٱسْمَهُ صَمُوئِيلَ قَائِلَةً: لأَنِّي مِنَ ٱلرَّبِّ سَأَلْتُهُ».
فِي مَدَارِ ٱلسَّنَةِ (تكوين ١٨: ١٠ و٢ملوك ٤: ١٦).
صَمُوئِيلَ اسم عبراني مركّب من كلمتين «سم» و «إيل» أي اسم الله أو بإدخال حرف اللام في وسط الكلمة الأولى وجعل الميم حرف جر فيكون سل من إيل أي سؤل من الله. وأشارت حنة إلى المعنى الثاني بقولها «من الرب سألته». فكان هذا الاسم يذكر صموئيل كل أيامه بصلاة أمه وجواب الرب لها.
٢١ «وَصَعِدَ أَلْقَانَةُ وَجَمِيعُ بَيْتِهِ لِيَذْبَحَ لِلرَّبِّ ٱلذَّبِيحَةَ ٱلسَّنَوِيَّةَ، وَنَذْرَهُ».
ع ٣
وَنَذْرَهُ أي نذر حنة لأن نذرها كان بعلمه ورضاه فصار النذر نذرهما.
٢٢ «وَلٰكِنَّ حَنَّةَ لَمْ تَصْعَدْ لأَنَّهَا قَالَتْ لِرَجُلِهَا: مَتَى فُطِمَ ٱلصَّبِيُّ آتِي بِهِ لِيَتَرَاءَى أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَيُقِيمَ هُنَاكَ إِلَى ٱلأَبَدِ».
لوقا ٢: ٢٢ ع ١١ و٢٨ وص ٢: ١١ و١٨ و٣: ١ خروج ٢١: ٦
مَتَى فُطِمَ أي بعد نحو سنتين.
إِلَى ٱلأَبَدِ أي كل حياته.
٢٣ «فَقَالَ لَهَا أَلْقَانَةُ رَجُلُهَا: ٱعْمَلِي مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكِ. ٱمْكُثِي حَتَّى تَفْطِمِيهِ. إِنَّمَا ٱلرَّبُّ يُقِيمُ كَلاَمَهُ. فَمَكَثَتِ ٱلْمَرْأَةُ وَأَرْضَعَتِ ٱبْنَهَا حَتَّى فَطَمَتْهُ».
عدد ٣٠: ٧ ٢صموئيل ٧: ٢٥
ٱلرَّبُّ يُقِيمُ كَلاَمَهُ ربما استنظر أن الصبي الذي وُلد هكذا استجابة للصلاة بخلاف الطبيعة يكون رجلاً عظيماً في خدمة الرب كإسحاق ويعقوب وشمشون.
٢٤ «ثُمَّ حِينَ فَطَمَتْهُ أَصْعَدَتْهُ مَعَهَا بِثَلاَثَةِ ثِيرَانٍ وَإِيفَةِ دَقِيقٍ وَزِقِّ خَمْرٍ، وَأَتَتْ بِهِ إِلَى ٱلرَّبِّ فِي شِيلُوهَ وَٱلصَّبِيُّ صَغِيرٌ».
تثنية ١٢: ٥ و٦ و١١ قضاة ٦: ١٩ يشوع ١٨: ١
ثَلاَثَةِ ثِيرَانٍ هذا يدل على اقتدار ألقانة المالي وكرمه.
إِيفَةِ نحو عشرة أرطال. قيل أن حنّة أصعدت ابنها معها وثلاثة ثيران الخ ولا نفهم من هذا أنها اغتصبت رئاسة البيت بل أن رجلها كان متفقاً معها فقدّم التقدمات الواجبة اللائقة وصعد معها وصعد الجميع معاً وذبحوا كأهل بيت واحد.
٢٥ «فَذَبَحُوا ٱلثَّوْرَ وَجَاءُوا بِٱلصَّبِيِّ إِلَى عَالِي».
لوقا ٢: ٢٢
فَذَبَحُوا ٱلثَّوْرَ قيل في (ع ٢٤) «ثلاثة ثيران» والظاهر أن الثور المذكور هنا هو محرقة (لاويين ١: ١ – ٩) والمقصود فيه تقديم الصبي للرب تقدمة كاملة ليخدم الرب كل حياته فإن المحرقة كانت كلها للرب فأوقدها الكاهن جميعها فكان هذا الثور ذبيحة خصوصية غير عادية. وأما الثوران الآخران فكانا تقدمة القانة السنوية الواحد منهما ذبيحة سلامة والآخر ذبيحة خطيئة (لاويين ص ٣ و٤).
٢٦ – ٢٧ «٢٦ وَقَالَتْ: أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي. حَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ يَا سَيِّدِي، أَنَا ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي وَقَفَتْ لَدَيْكَ هُنَا تُصَلِّي إِلَى ٱلرَّبِّ. ٢٧ لأَجْلِ هٰذَا ٱلصَّبِيِّ صَلَّيْتُ فَأَعْطَانِيَ ٱلرَّبُّ سُؤْلِيَ ٱلَّذِي سَأَلْتُهُ مِنْ لَدُنْهُ».
تكوين ٤٢: ١٥ و٢ملوك ٢: ٢ و٤ و٦ متّى ٧: ٧
أَسْأَلُكَ أي التمس منك أن تسمع كلامي.
حَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ حلفت لأن أمرها غريب وربما أن عالي وغيره لم يصدقوا أنها هي التي كانت عاقراً وولدت ابناً وقيل أن معناها لتحي نفسك أي الله يطولّ عمرك الخ.
٢٨ «وَأَنَا أَيْضاً قَدْ أَعَرْتُهُ لِلرَّبِّ. جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ هُوَ مُعَارٌ لِلرَّبِّ. وَسَجَدُوا هُنَاكَ لِلرَّبِّ».
ع ١١ و٢٢ تكوين ٢٤: ٢٦ و٥٢
أَعَرْتُهُ الكلمة العبرانية مشتقة من الكلمة المترجمة «سألته» في آخر (ع ٢٠) والمعنى كما يأتي سألته من الرب والرب أعطاني سؤلي والآن أردُّ له ما سألته منه. والكلمة المترجمة «عارية» هي الترجمة «سؤل» في (ع ١٧). وليس المعنى أن حنة قدمته للرب بشرط أنها تسترده لأنها قدمته ليخدم الرب جميع أيام حياته. فما أصعب أن تفارق ابنها الصغير الوحيد. ولكن محبتها للرب ولبيته أعظم من محبتها العظيمة لابنها. والمحبة الحقيقية تحمل الأم على ما يوافق ابنها وليس على ما يوافقها. وأفضل شيء نطلبه لأولادنا أن يكونوا في خدمة الرب وإن كانت هذه الخدمة تستلزم إبعادهم عنا.
وَسَجَد من المحتمل أن الضمير يرجع إلى القانة والأرجح أنه يعود إلى صموئيل أي أن الصبي الصغير ابتدأ منذ حداثته في السجود للرب.
- إننا نشكر الله من أجل الضيقات التي تقربنا إليه. لم تجد حنة تعزية في رجلها ولا في الفرائض ولا في كاهن بيت الله فالتجأت إلى الله نفسه (ع ١٠).
- إن غايتنا العظمى في صلواتنا يجب ان تكون ملكوت الله ومجده وليس راحتنا وسرورنا الجسديين. طلبت حنة ولداً من الله ليس لتفتخر على ضرتها ولا لتستخدمه بل لتقدمه للرب (ع ١١).
- تبتدئ تربية الولد قبل ولادته. إن إيمان حنة وغيرتها على ملكوت الله وصلواتها الحارة وأفكارها المقدسة وسلوكها الطاهر وجميع صفاتها الحميدة وأعمالها الحسنة كانت لها أحسن استعداد لتكون أماً لنبي الله وقاضي إسرائيل ومؤسس المملكة (ع ١١).
- قد تكون الصلاة الحقيقية بلا صوت. وأحسن امتحان للمسيحي صلواته الانفرادية السرية (ع ١٣).
- يجب أن لا ندين غيرنا لأننا لا نعرف القلوب وربما من ندينه يكون أحد مختاري الله (ع ١٤).
- الإيمان بالله يزيد سرورنا في كل أمور حياتنا حتى الأمور الزهيدة كالأكل (ع ١٨).
-
يجب إيفاء النذور مهما كلفنا (ع ١٤). والمؤمن الحقيقي لا يغيّر وإن حلف لضرره (مزمور ١٥: ٤) وكثيرون ينسون نذورهم بعد نجاتهم. قيل إن أحد الوثنيين نذر لإلهه أن يذبح له مئة ثور إذا نجا من البحر وبعد نجاته رأى أن مئة ثور كثيرة عليه فبدل خروفاً بالثور وبعد التأمل اكتفى بكمية من البلح وتوجه إلى المعبد وفي طريقه أكل البلح وقدم لإلهه النوى فقط.
السابق |
التالي |