الملوك الأول

سفر الملوك الأول | 13 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الملوك الأول

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ

١ – ١٠ «١ وَإِذَا بِرَجُلِ ٱللّٰهِ قَدْ أَتَى مِنْ يَهُوذَا بِكَلاَمِ ٱلرَّبِّ إِلَى بَيْتِ إِيلَ، وَيَرُبْعَامُ وَاقِفٌ لَدَى ٱلْمَذْبَحِ لِيُوقِدَ. ٢ فَنَادَى نَحْوَ ٱلْمَذْبَحِ بِكَلاَمِ ٱلرَّبِّ: يَا مَذْبَحُ يَا مَذْبَحُ، هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: هُوَذَا سَيُولَدُ لِبَيْتِ دَاوُدَ ٱبْنٌ ٱسْمُهُ يُوشِيَّا، وَيَذْبَحُ عَلَيْكَ كَهَنَةَ ٱلْمُرْتَفَعَاتِ ٱلَّذِينَ يُوقِدُونَ عَلَيْكَ، وَتُحْرَقُ عَلَيْكَ عِظَامُ ٱلنَّاسِ. ٣ وَأَعْطَى فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ عَلاَمَةً قَائِلاً: هٰذِهِ هِيَ ٱلْعَلاَمَةُ ٱلَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا ٱلرَّبُّ: هُوَذَا ٱلْمَذْبَحُ يَنْشَقُّ وَيُذْرَى ٱلرَّمَادُ ٱلَّذِي عَلَيْهِ. ٤ فَلَمَّا سَمِعَ ٱلْمَلِكُ كَلاَمَ رَجُلِ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي نَادَى نَحْوَ ٱلْمَذْبَحِ فِي بَيْتِ إِيلَ، مَدَّ يَرُبْعَامُ يَدَهُ عَنِ ٱلْمَذْبَحِ قَائِلاً: أَمْسِكُوهُ. فَيَبِسَتْ يَدُهُ ٱلَّتِي مَدَّهَا نَحْوَهُ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ! ٥ وَٱنْشَقَّ ٱلْمَذْبَحُ وَذُرِيَ ٱلرَّمَادُ مِنْ عَلَيْهِ حَسَبَ ٱلْعَلاَمَةِ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا رَجُلُ ٱللّٰهِ بِكَلاَمِ ٱلرَّبِّ. ٦ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِرَجُلِ ٱللّٰهِ: تَضَرَّعْ إِلَى وَجْهِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وَصَلِّ مِنْ أَجْلِي فَتَرْجِعَ يَدِي إِلَيَّ. فَتَضَرَّعَ رَجُلُ ٱللّٰهِ إِلَى وَجْهِ ٱلرَّبِّ فَرَجَعَتْ يَدُ ٱلْمَلِكِ إِلَيْهِ وَكَانَتْ كَمَا فِي ٱلأَوَّلِ. ٧ ثُمَّ قَالَ ٱلْمَلِكُ لِرَجُلِ ٱللّٰهِ: ٱدْخُلْ مَعِي إِلَى ٱلْبَيْتِ وَتَقَوَّتْ فَأُعْطِيَكَ أُجْرَةً. ٨ فَقَالَ رَجُلُ ٱللّٰهِ لِلْمَلِكِ: لَوْ أَعْطَيْتَنِي نِصْفَ بَيْتِكَ لاَ أَدْخُلُ مَعَكَ وَلاَ آكُلُ خُبْزاً وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً فِي هٰذَا ٱلْمَوْضِعِ. ٩ لأَنِّي هٰكَذَا أُوصِيتُ بِكَلاَمِ ٱلرَّبِّ: لاَ تَأْكُلْ خُبْزاً وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً وَلاَ تَرْجِعْ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي ذَهَبْتَ فِيهِ. ١٠ فَذَهَبَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ، وَلَمْ يَرْجِعْ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي جَاءَ فِيهِ إِلَى بَيْتِ إِيلَ».

ص ١٢: ٢٢ و٢ملوك ٢٣: ١٧ ص ١٢: ٣٣ ع ٣٢ و٢ملوك ٢٣: ١٥ و١٦ خروج ٤: ١ – ٥ وقضاة ٦: ١٧ خروج ٨: ٨ و٢٨ و٩: ٢٨ وأعمال ٨: ٢٤ لوقا ٦: ٢٧ و٢٨ و١صموئيل ٩: ٧ و٨ و٢ملوك ٥: ١٥ ع ١٦ و١٧ وعدد ٢٢: ١٨ و٢٤: ١٣

اسم رجل الله مجهول. كان أنبياء في إسرائيل ولكن لهذه النبوة علاقة مع يهوذا فكان من الموافق أن النبي يكون من يهوذا. والمذبح الذي كان الملك واقفاً أمامه هو مذبح المحرقة.

نَادَى نَحْوَ ٱلْمَذْبَحِ (ع ٢) لم يوجه كلامه إلى الملك. لأن الملك كان قد قسّى قلبه ورفض كلام الله. بل إلى المذبح الذي سيبقى إلى أيام يوشيا للشهادة. انظر كلام إشعياء للسماء والأرض (إشعياء ١: ٢) وكلام حزقيال للجبال (حزقيال ٦: ١ – ٥).

ٱسْمُهُ يُوشِيَّا وهذه من أعجب النبوات لأنها كانت قبل زمان يوشيا بنحو ٣٥٠ سنة. ورأى بعضهم في هذه النبوة صعوبة. ليست الصعوبة بذكر ما سيحدث بعد ٣٥٠ سنة لأن الرب يعرف كل الأمور المستقبلة. ولكن ذكر اسم أو غيره من التفاصيل يخالف أسلوب أكثر النبوات التي تذكر الأمور المستقبلة بألفاظ مبهمة لا تُفهم تماماً إلا بعد تتميمها وليس مثل لهذه النبوة إلا النبوة في كورش (إشيعاء ٤٤: ٢٨) وأما النبوة في كورش فلها استعداد سابق في سياق الكلام. وأما هنا فلا يظهر ما يستدعي ذكر يوشيا باسمه قبلما وُلد بمدة ٣٥٠ سنة ولما تمت النبوة (٢ملوك ٢٣: ١٥ – ٢٠) لا إشارة إلى أن اسم يوشيا كان مذكوراً في النبوة. فيظن بعضهم أن أحد النساخ وضع اسم يوشيا في الحاشية وغيره أدخله في المتن.

وَيَذْبَحُ عَلَيْكَ الخ تمت هذه النبوة في يوشيا (٢ملوك ٢٣: ٢٠) قيل في عدد ١٩: ١٣ «مَنْ مَسَّ مَيِّتاً… يُنَجِّسُ مَسْكَنَ ٱلرَّبِّ» فكم بالحري ذبح الناس وحرق عظامهم ينجس المذبح.

عَلاَمَةً قَائِلاً (ع ٣) كانت الأمور التي تبنأ عنها في المستقبل البعيد فلا يراها أحد السامعين فاقتضى الحال علامة تثبت كلام النبي (إشعياء ٧: ١٤ – ١٦ و٢ملوك ١٩: ٢٩).

مَدَّ يَرُبْعَامُ يَدَهُ (ع ٤) كان واقفاً لدى المذبح لكي يوقد ولما سمع كلام رجل الله غضب وترك ما كان يعمله ومد يده عن المذبح إشارة لخدامه ليمسكوه وربما قصد قتله.

وَٱنْشَقَّ ٱلْمَذْبَحُ (ع ٥) العلامة التي كان رجل الله قد وعد بها. وشهدت العلامة لصحة كلام رجل الله وكانت رمزاً إلى أن الرب قد رفض عبادة يربعام وإنها ستسقط.

فَقَالَ ٱلْمَلِكُ (ع ٦) خاف واتضع مما أصابه ولكن كان خوفه وقتياً فقط ولما رجعت يده إليه رجع هو إلى طرقه الرديئة. انظر قول فرعون (خروج ٨: ٨) وقول الشعب لموسى (عدد ٢١: ٧). وقوله لرجل الله «تضرع إلى الرب إلهك» يشير إلى شعوره بأنه قد ترك الرب وإن الرب قد تركه.

ٱدْخُلْ مَعِي إِلَى ٱلْبَيْتِ (ع ٧) أكرمه ودعاه إلى بيته. والأجرة على شفائه يده. وربما أراد إكرامه أمام الشعب ليظهر اتحادهم مع رجل الله فلا يخافون مما حدث ولا يرجعون إلى عبادة الرب في أورشليم. كقول شاول لصموئيل (١صموئيل ١٥: ٣٠).

فَقَالَ رَجُلُ ٱللّٰهِ الخ (ع ٨) رفض دعوة الملك لأن الأكل والشرب في بيت الملك أو في بيت غيره في بيت إيل كان علامة اتفاقه معهم ورضى الله عن أعمالهم. ورجع في طريق غير الذي جاء فيه لئلا يراه أحد من الذين كانوا قد رأوه سابقاً فيدعوه إلى بيته.

١١ – ٢٢ «١١ وَكَانَ نَبِيٌّ شَيْخٌ سَاكِناً فِي بَيْتِ إِيلَ. فَأَتَى بَنُوهُ وَقَصُّوا عَلَيْهِ كُلَّ ٱلْعَمَلِ ٱلَّذِي عَمِلَهُ رَجُلُ ٱللّٰهِ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ فِي بَيْتِ إِيلَ، وَقَصُّوا عَلَى أَبِيهِمِ ٱلْكَلاَمَ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ إِلَى ٱلْمَلِكِ. ١٢ فَقَالَ لَهُمْ أَبُوهُمْ: مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ ذَهَبَ؟ وَكَانَ بَنُوهُ قَدْ رَأَوُا ٱلطَّرِيقَ ٱلَّذِي سَارَ فِيهِ رَجُلُ ٱللّٰهِ. ١٣ فَقَالَ لِبَنِيهِ: شُدُّوا لِي عَلَى ٱلْحِمَارِ. فَشَدُّوا لَهُ عَلَى ٱلْحِمَارِ فَرَكِبَ عَلَيْهِ ١٤ وَسَارَ وَرَاءَ رَجُلِ ٱللّٰهِ، فَوَجَدَهُ جَالِساً تَحْتَ ٱلْبَلُّوطَةِ، فَقَالَ لَهُ: أَأَنْتَ رَجُلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي جَاءَ مِنْ يَهُوذَا؟ فَقَالَ: أَنَا هُوَ. ١٥ فَقَالَ لَهُ: سِرْ مَعِي إِلَى ٱلْبَيْتِ وَكُلْ خُبْزاً. ١٦ فَقَالَ: لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَرْجِعَ مَعَكَ وَلاَ أَدْخُلُ مَعَكَ وَلاَ آكُلُ خُبْزاً وَلاَ أَشْرَبُ مَعَكَ مَاءً فِي هٰذَا ٱلْمَوْضِعِ. ١٧ لأَنَّهُ قِيلَ لِي بِكَلاَمِ ٱلرَّبِّ: لاَ تَأْكُلْ خُبْزاً وَلاَ تَشْرَبْ هُنَاكَ مَاءً وَلاَ تَرْجِعْ سَائِراً فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي ذَهَبْتَ فِيهِ. ١٨ فَقَالَ لَهُ: أَنَا أَيْضاً نَبِيٌّ مِثْلُكَ، وَقَدْ كَلَّمَنِي مَلاَكٌ بِكَلاَمِ ٱلرَّبِّ قَائِلاً: ٱرْجِعْ بِهِ مَعَكَ إِلَى بَيْتِكَ فَيَأْكُلَ خُبْزاً وَيَشْرَبَ مَاءً – كَذَبَ عَلَيْهِ. ١٩ فَرَجَعَ مَعَهُ وَأَكَلَ خُبْزاً فِي بَيْتِهِ وَشَرِبَ مَاءً. ٢٠ وَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عَلَى ٱلْمَائِدَةِ كَانَ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ إِلَى ٱلنَّبِيِّ ٱلَّذِي أَرْجَعَهُ، ٢١ فَصَاحَ إِلَى رَجُلِ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي جَاءَ مِنْ يَهُوذَا: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ خَالَفْتَ قَوْلَ ٱلرَّبِّ وَلَمْ تَحْفَظِ ٱلْوَصِيَّةَ ٱلَّتِي أَوْصَاكَ بِهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، ٢٢ فَرَجَعْتَ وَأَكَلْتَ خُبْزاً وَشَرِبْتَ مَاءً فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي قَالَ لَكَ: لاَ تَأْكُلْ فِيهِ خُبْزاً وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً، لاَ تَدْخُلُ جُثَّتُكَ قَبْرَ آبَائِكَ».

ع ٢٥ و٢ملوك ٢٣: ١٨ ع ٨ و٩ ص ٢٠: ٣٥

إن سكنى النبي الشيخ في بيت إيل دليل على عدم ثباته في طرق الرب. وعذره هو أنه لا يقدر أن يقاوم الملك وجميع الشعب وله بيت وأولاد يلزمهم ما يعيشون به ولم يحضر حينما أوقد الملك على المذبح (ع) إما لشيخوخته أو لعدم رضاه بتلك العبادة. غير أنه كان ساكتاً. وربما كانت غايته الاتفاق مع رجل الله وإظهار المحبة الأخوية فلا يظهر أنه هو والملك والشعب أجمعون قد وقعوا تحت غضب الله ولعنته. وربما افتكر أنه يصير وسيطاً بين رجل الله والملك فيكون له مجد ونفوذ.

فَرَجَعَ مَعَهُ (ع ١٩) وكان ذلك خطيئة منه لأنه كان يجب عليه أن لا يصدق كلام النبي الشيخ لأن الرب لا يتغير ولا يمكن أنه يقول شيئاً لرجل الله وخلافه للنبي الشيخ. ولا شك أن رجل الله كان متعباً وجائعاً وعطشاناً وحزيناً فجلس تحت البلوطة وكانت دعوة النبي الشيخ دعوة مقبولة فمال إلى تصديقه والذهاب إلى بيته.

فَصَاحَ إِلَى الرَجُلِ (ع ٢١) كان في الأول قد كذب عليه وادّعى بأنه أتاه بكلام من الله (ع ١٨) ولكن بعدما جلس إلى المائدة أتاه كلام حقيقي من الله فلم يقدر أن يسكت بل صاح إلى ضيفه. وأحياناً يتكلم الرب بواسطة أناس غير كاملين في الإيمان والطاعة كبلعام (عدد ٢٤) وقيافا (يوحنا ١١: ٥١).

لاَ تَدْخُلُ جُثَّتُكَ قَبْرَ آبَائِكَ (ع ٢٢) لا يموت موتاً طبيعياً ولا يُدفن دفناً اعتيادياً وذلك مصيبة عظيمة ولا سيما عند القدماء.

٢٣ – ٣٢ «٢٣ ثُمَّ بَعْدَمَا أَكَلَ خُبْزاً وَبَعْدَ أَنْ شَرِبَ شَدَّ لَهُ عَلَى ٱلْحِمَارِ (أَيْ لِلنَّبِيِّ ٱلَّذِي أَرْجَعَهُ) ٢٤ وَٱنْطَلَقَ. فَصَادَفَهُ أَسَدٌ فِي ٱلطَّرِيقِ وَقَتَلَهُ. وَكَانَتْ جُثَّتُهُ مَطْرُوحَةً فِي ٱلطَّرِيقِ وَٱلْحِمَارُ وَاقِفٌ بِجَانِبِهَا وَٱلأَسَدُ وَاقِفٌ بِجَانِبِ ٱلْجُثَّةِ. ٢٥ وَإِذَا بِقَوْمٍ يَعْبُرُونَ فَرَأَوْا ٱلْجُثَّةَ مَطْرُوحَةً فِي ٱلطَّرِيقِ وَٱلأَسَدُ وَاقِفٌ بِجَانِبِ ٱلْجُثَّةِ. فَأَتَوْا وَأَخْبَرُوا فِي ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي كَانَ ٱلنَّبِيُّ ٱلشَّيْخُ سَاكِناً بِهَا. ٢٦ وَلَمَّا سَمِعَ ٱلنَّبِيُّ ٱلَّذِي أَرْجَعَهُ عَنِ ٱلطَّرِيقِ قَالَ: هُوَ رَجُلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي خَالَفَ قَوْلَ ٱلرَّبِّ، فَدَفَعَهُ ٱلرَّبُّ لِلأَسَدِ فَٱفْتَرَسَهُ وَقَتَلَهُ حَسَبَ كَلاَمِ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ. ٢٧ وَقَالَ لِبَنِيهِ: شُدُّوا لِي عَلَى ٱلْحِمَارِ. فَشَدُّوا. ٢٨ فَذَهَبَ وَوَجَدَ جُثَّتَهُ مَطْرُوحَةً فِي ٱلطَّرِيقِ، وَٱلْحِمَارَ وَٱلأَسَدَ وَاقِفَيْنِ بِجَانِبِ ٱلْجُثَّةِ، وَلَمْ يَأْكُلِ ٱلأَسَدُ ٱلْجُثَّةَ وَلاَ ٱفْتَرَسَ ٱلْحِمَارَ. ٢٩ فَرَفَعَ ٱلنَّبِيُّ جُثَّةَ رَجُلِ ٱللّٰهِ وَوَضَعَهَا عَلَى ٱلْحِمَارِ وَرَجَعَ بِهَا، وَدَخَلَ ٱلنَّبِيُّ ٱلشَّيْخُ ٱلْمَدِينَةَ لِيَنْدُبَهُ وَيَدْفِنَهُ ٣٠ فَوَضَعَ جُثَّتَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَاحُوا عَلَيْهِ قَائِلِينَ: آهِ يَا أَخِي! ٣١ وَبَعْدَ دَفْنِهِ إِيَّاهُ قَالَ لِبَنِيهِ: عِنْدَ وَفَاتِي ٱدْفِنُونِي فِي ٱلْقَبْرِ ٱلَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَجُلُ ٱللّٰهِ. بِجَانِبِ عِظَامِهِ ضَعُوا عِظَامِي. ٣٢ لأَنَّهُ تَمَاماً سَيَتِمُّ ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي نَادَى بِهِ بِكَلاَمِ ٱلرَّبِّ نَحْوَ ٱلْمَذْبَحِ ٱلَّذِي فِي بَيْتِ إِيلَ، وَنَحْوَ جَمِيعِ بُيُوتِ ٱلْمُرْتَفَعَاتِ ٱلَّتِي فِي مُدُنِ ٱلسَّامِرَةِ».

ص ٢٠: ٣٦ ع ١١ و٢ملوك ٢٣: ١٧ و١٨ ع ٢ ص ١٢: ٣١ ص ١٦: ٢٤

فَصَادَفَهُ أَسَدٌ (ع ٢٤) لا أسود في أرض فلسطين في أيامنا ولكنها وُجدت في القديم (١صموئيل ١٧: ٣٤). والدليل على أن موت رجل الله كان من الرب وليس أمراً طبيعياً هو أن الأسد لم يأكل الجثة ولا افترس الحمار فكان أمراً غريباً استلفت نظر العابرين. فكابد رجل الله مجازاة ثقيلة ولكنها عادلة لأنه كان مرسلاً من قِبل الرب بكلام خطير وبعمله الأخير نقض الكلام الذي تكلم به في الأول وجعل الناس يظنون أن الرب رجع عن كلامه فلا يعمل كما تكلم. وأما مجازاته فكانت موت الجسد ولا نستنتج أن الرب رفضه كل الرفض أو أهلك نفسه هلاكاً أبدياً.

فَوَضَعَ جُثَّتَهُ فِي قَبْرِهِ (ع ٣٠) ربما كان في القبر الواحد محلات فدُفن في نفس القبر جثث ولكل جثة محل. ووصية النبي الشيخ لأولاده هي أن توضع جثته في محل في القبر بجانب المحل الذي كانت قد وُضعت جثة رجل الله فيه. وقصده الشهادة حتى بعد موته إن الكلام الذي تكلم به رجل الله هو كلام الله بالحقيقة ولا بد من إتمامه. ونعرف من (٢ملوك ٢٣: ١٧) إنهم أقاموا صوّة على القبر وهي إكرام خصوصي وبقيت هذه الصوّة إلى أيام يوشيا.

مُدُنِ ٱلسَّامِرَةِ (ع ٣٢) بُنيت السامرة بعد أيام يربعام (١٦: ٢٤) ولكن الكاتب سمى البلاد بالاسم المعروف في زمانه. وقوله جميع بيوت المرتفعات ربما يشير إلى التي كانت في زمان الحادثة المذكورة أو إلى خراب المرتفعات في أيام يوشيا. وكلام النبي الشيخ هذا يدل على أنه تاب توبة حقيقية عن خطيئته في كذبه على رجل الله.

٣٣، ٣٤ «٣٣ بَعْدَ هٰذَا ٱلأَمْرِ لَمْ يَرْجِعْ يَرُبْعَامُ عَنْ طَرِيقِهِ ٱلرَّدِيئَةِ، بَلْ عَادَ فَعَمِلَ مِنْ أَطْرَافِ ٱلشَّعْبِ كَهَنَةَ مُرْتَفَعَاتٍ. مَنْ شَاءَ مَلأَ يَدَهُ فَصَارَ مِنْ كَهَنَةِ ٱلْمُرْتَفَعَاتِ. ٣٤ وَكَانَ مِنْ هٰذَا ٱلأَمْرِ خَطِيَّةٌ لِبَيْتِ يَرُبْعَامَ، وَكَانَ لإِبَادَتِهِ وَخَرَابِهِ عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ».

قضاة ١٧: ٥ ص ١٢: ٣٠ و٢ملوك ١٧: ٢١ ص ١٤: ١٠ و١٥: ٢٩ و٣٠

مِنْ أَطْرَافِ ٱلشَّعْبِ (انظر ١٢: ٣١).

مَنْ شَاءَ مَلأَ يَدَهُ (لاويين ٨: ٢٥ – ٢٨) وقيل في (٢أيام ١٣: ٩) كل من أتى بثور وسبعة كباش.

وَكَانَ لإِبَادَتِهِ أي كانت خطيئته سبب إبادته وهلاك كل إنسان هو من نفسه.

فوائد

  1. ع ٢ «مجازاة الله»(١) إنها قد تكون بعد زمان لأن الرب طويل الروح وكثير الرحمة (٢) إنها وإن كانت بعد زمان فلا بد منها لأن الرب لا يغض النظر عن الخطيئة ولا يغير أقواله (٣) إنها بوسائل مختلفة لأن الرب يجازي كما يريد وحين يريد وبوسائل يختارها هو.
  2. ع ١٩ «فرجع معه». التقلُّب(١) إنه يجب على الإنسان أن لا يعتمد على أمر من أمور الحياة الرئيسية إلا بعد التأمل والصلاة (٢) إنه بعد الاعتماد على أمر يجب أن لا يعدل عنه إلا بعد حدوث شيء جديد يمس جوهر عزمه (٣) يجب الاحتراس من التسليم إلى صعوبات عرضية أو أميال الجسد أو كلام أناس قليلي المعرفة وإن كانوا من أحباء الله.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى