الملوك الأول

سفر الملوك الأول | 11 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الملوك الأول

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ

١ – ٨ «١ وَأَحَبَّ ٱلْمَلِكُ سُلَيْمَانُ نِسَاءً غَرِيبَةً كَثِيرَةً مَعَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ: مُوآبِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَأَدُومِيَّاتٍ وَصَيْدُونِيَّاتٍ وَحِثِّيَّاتٍ ٢ مِنَ ٱلأُمَمِ ٱلَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ ٱلرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: لاَ تَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لاَ يَدْخُلُونَ إِلَيْكُمْ، لأَنَّهُمْ يُمِيلُونَ قُلُوبَكُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ. فَٱلْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهٰؤُلاَءِ بِٱلْمَحَبَّةِ. ٣ وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ ٱلنِّسَاءِ ٱلسَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ ٱلسَّرَارِيِّ. فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ. ٤ وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. ٥ فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلٰهَةِ ٱلصَّيْدُونِيِّينَ وَمَلْكُومَ رِجْسِ ٱلْعَمُّونِيِّينَ. ٦ وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ ٱلرَّبَّ تَمَاماً كَدَاوُدَ أَبِيهِ. ٧ حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ ٱلْمُوآبِيِّينَ عَلَى ٱلْجَبَلِ ٱلَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ. ٨ وَهٰكَذَا فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ ٱلْغَرِيبَاتِ ٱللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ لآلِهَتِهِنَّ».

تثنية ٧: ١٧ ونحميا ١٣: ٢٣ – ٢٧ خروج ٢٣: ٣١ – ٣٣ و٣٤: ١٢ – ١٦ و٢صموئيل ٣: ٢ – ٥ و٥: ١٣ – ١٦ ص ٩: ٤ قضاة ٢: ١٣ و١٠: ٦ و١صموئيل ٧: ٣ و٤ ع ٧ عدد ٢١: ٢٩ وقضاة ١١: ٢٤ و٢ملوك ٢٣: ١٣ لاويين ٢٠: ٢ – ٥ و٢ملوك ٢٣: ١٠ وأعمال ٧: ٤٣

إن الشريعة نهت الملك عن ثلاثة أمور (١) تكثير الخيل (٢) تكثير الفضة والذهب (٣) تكثير النساء (تثنية ١٧: ١٦ و١٧) وفي الأصحاح السابق ذِكر مخالفة سليمان الشريعة في أمرين أي تكثير الخيل وتكثير الذهب وهنا ذكر مخالفته في الأمر الثالث. وربما غايته في تكثير النساء الافتخار وحب المجد العالمي لأن جميع الملوك كانوا يكثرون من النساء فقصد سليمان أن يسبقهم في هذا الأمر كما سبقهم في الغنى والمجد. ومما زاد في خطيئة سليمان أن نساءه كن غريبات أي أجنبيات ووثنيات. وربما أن سليمان بعد معاشرته رؤساء الأمم وهم من أديان مختلفة اعتاد نوعاً من الحرية أو التوسع في الدين. وربما لم يترك عبادة الرب وتقديم الذبائح له (٩: ٢٥) ولكنه سمح لنسائه أن يعبدن آلهتهن وبنى لها معابد ليرضيهن. كان الموآبيون والعمونيون والأدوميون في الشرق والصيدونيون في الغرب على شط البحر والحثيون في الشمال في جوار حماه.

فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ (ع ٤) حينما مات كان له من العمر نحو ٦٠ سنة. وربما في الوقت المذكور لم يتجاوز خمسين سنة ولكنه كان شيخاً لأنه قد شبع من جميع الخيرات الجسدية وربما كان قد وصل إلى درجة الانحطاط الجسدي والعقلي. ويمكننا أن نتصور ذلك الجمهور العظيم من النساء الأجنبيات مع أتباعهن وكلامهن وأصواتهن القبيحة بلغاتهم الغريبة وبينهن ذلك الرجل الضعيف لا يقدر أن يقاومهن مهما طلبن منه. فقد زال المجد. وعشتروث (ع ٥) إلاهة الصدونيين وهي مؤنث بعل إله الشمس فكانت إلاهة القمر أو النجوم. وملكوم (ع ٥) أو مولك (ع ٧) كان إله النار. وقدم له عبدته ذبائح من البشر. فكانوا يعبرون أولادهم له في النار أي كانوا يحرقونهم (٢أيام ٢٨: ٣ وإرميا ٧: ٣١). وكان كموش إله الموآبيين والعمونيين أيضاً (قضاة ١١: ٢٤) وكركميش مدينة الحثيين وهي جرابلس الحالية وهي قلعة كموش. والجبل الذي تجاه أورشليم هو جبل الزيتون فكان بناء تلك المعابد إهانة للرب علانية.

يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ (ع ٨) ربما أن سليمان لم يوقد ولا ذبح للأصنام ولكنه سمح بهذه العبادة وبنى المعابد.

٩ – ١٣ «٩ فَغَضِبَ ٱلرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، ١٠ وَأَوْصَاهُ فِي هٰذَا ٱلأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبِعَ آلِهَةً أُخْرَى. فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ ٱلرَّبُّ. ١١ فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذٰلِكَ عِنْدَكَ، وَلَمْ تَحْفَظْ عَهْدِي وَفَرَائِضِيَ ٱلَّتِي أَوْصَيْتُكَ بِهَا، فَإِنِّي أُمَزِّقُ ٱلْمَمْلَكَةَ عَنْكَ تَمْزِيقاً وَأُعْطِيهَا لِعَبْدِكَ. ١٢ إِلاَّ إِنِّي لاَ أَفْعَلُ ذٰلِكَ فِي أَيَّامِكَ، مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ أَبِيكَ، بَلْ مِنْ يَدِ ٱبْنِكَ أُمَزِّقُهَا. ١٣ عَلَى أَنِّي لاَ أُمَزِّقُ مِنْكَ ٱلْمَمْلَكَةَ كُلَّهَا، بَلْ أُعْطِي سِبْطاً وَاحِداً لابْنِكَ، لأَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي، وَلأَجْلِ أُورُشَلِيمَ ٱلَّتِي ٱخْتَرْتُهَا».

ع ٢ و٤ ص ٣: ٥ و٩: ٢ ص ٦: ١٢ و٩: ٦ و٧ ع ٢٩ – ٣١ وص ١٢: ١٥ و١٦ و٢٠ و١صموئيل ٢: ٣٠ و٢صموئيل ٧: ١٥ و١أيام ١٧: ١٣ ع ٣٢ و٣٦ وص ١٢: ٢٠ ص ٨: ٢٩

فَغَضِبَ ٱلرَّبُّ لأنه إله غيور ومجده لا يعطيه لغيره.

تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ أول مرة في جبعون (٣: ٥) وثاني مرة بعد أن أكمل بناء الهيكل (٩: ٢) وكان على سليمان دينونة أعظم لكثرة امتيازاته (عاموس ٣: ٢ ولوقا ١٠: ١٢ – ١٥).

أَوْصَاهُ (ع ١٠) (انظر ٩: ٦).

فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ (ع ١١) ربما كلّمه بواسطة نبي كأخيا (ع ٢٩) ولم يتراء له ثالثة.

ذٰلِكَ عِنْدَكَ الخطيئة المشار إليها هنا ليست خطيئة في عمل أو في أعمال بل خطيئته في فساد قلبه الكلي لأن قلبه كان قد مال إلى العالم والابتعاد عن الرب.

أُمَزِّقُ ٱلْمَمْلَكَةَ (٢٩ – ٣١) فلا تنفعه خيله ومركباته وذهبه وفضته وحصونه وما أعدّه بحكمته.

لِعَبْدِكَ ليربعام (٢٦) (انظر جامعة ٢: ١٨ و١٩).

لاَ أَفْعَلُ ذٰلِكَ فِي أَيَّامِكَ الرحمة لسليمان من أجل أبيه كانت في أمرين أولاً إن تمزيق المملكة كان بعد موته. وثانياً إن الرب أبقى له سبطاً واحداً. وقال سبطا مع أن بنيامين كان مع يهوذا لأنه انضم إلى يهوذا فصارا سبطاً واحداً. وبما أن الهيكل كان في أورشليم حفظها الرب زماناً لئلا تتلاشى عبادته في العالم.

١٤ – ٢٥ «١٤ وَأَقَامَ ٱلرَّبُّ خَصْماً لِسُلَيْمَانَ: هَدَدَ ٱلأَدُومِيَّ كَانَ مِنْ نَسْلِ ٱلْمَلِكِ فِي أَدُومَ. ١٥ وَحَدَثَ لَمَّا كَانَ دَاوُدُ فِي أَدُومَ، عِنْدَ صُعُودِ يُوآبَ رَئِيسِ ٱلْجَيْشِ لِدَفْنِ ٱلْقَتْلَى، وَضَرَبَ كُلَّ ذَكَرٍ فِي أَدُومَ. ١٦ (لأَنَّ يُوآبَ وَكُلَّ إِسْرَائِيلَ أَقَامُوا هُنَاكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى أَفْنَوْا كُلَّ ذَكَرٍ فِي أَدُومَ). ١٧ أَنَّ هَدَدَ هَرَبَ هُوَ وَرِجَالٌ أَدُومِيُّونَ مِنْ عَبِيدِ أَبِيهِ مَعَهُ لِيَأْتُوا مِصْرَ. وَكَانَ هَدَدُ غُلاَماً صَغِيراً. ١٨ وَقَامُوا مِنْ مِدْيَانَ وَأَتَوْا إِلَى فَارَانَ وَأَخَذُوا مَعَهُمْ رِجَالاً مِنْ فَارَانَ وَأَتَوْا إِلَى مِصْرَ إِلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأَعْطَاهُ بَيْتاً وَعَيَّنَ لَهُ طَعَاماً وَأَعْطَاهُ أَرْضاً. ١٩ فَوَجَدَ هَدَدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ جِدّاً، وَزَوَّجَهُ أُخْتَ ٱمْرَأَتِهِ (أُخْتَ تَحْفَنِيسَ ٱلْمَلِكَةِ). ٢٠ فَوَلَدَتْ لَهُ أُخْتُ تَحْفَنِيسَ جَنُوبَثَ ٱبْنَهُ، وَفَطَمَتْهُ تَحْفَنِيسُ فِي وَسَطِ بَيْتِ فِرْعَوْنَ. وَكَانَ جَنُوبَثُ فِي بَيْتِ فِرْعَوْنَ بَيْنَ بَنِي فِرْعَوْنَ. ٢١ فَسَمِعَ هَدَدُ فِي مِصْرَ بِأَنَّ دَاوُدَ قَدِ ٱضْطَجَعَ مَعَ آبَائِهِ، وَبِأَنَّ يُوآبَ رَئِيسَ ٱلْجَيْشِ قَدْ مَاتَ. فَقَالَ هَدَدُ لِفِرْعَوْنَ: أَطْلِقْنِي إِلَى أَرْضِي. ٢٢ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ: مَاذَا أَعْوَزَكَ عِنْدِي حَتَّى إِنَّكَ تَطْلُبُ ٱلذَّهَابَ إِلَى أَرْضِكَ؟ فَقَالَ: لاَ شَيْءَ، وَإِنَّمَا أَطْلِقْنِي. ٢٣ وَأَقَامَ ٱللّٰهُ لَهُ خَصْماً آخَرَ رَزُونَ بْنَ أَلِيدَاعَ ٱلَّذِي هَرَبَ مِنْ عِنْدِ سَيِّدِهِ هَدَدَ عَزَرَ مَلِكِ صُوبَةَ، ٢٤ فَجَمَعَ إِلَيْهِ رِجَالاً فَصَارَ رَئِيسَ غُزَاةٍ عِنْدَ قَتْلِ دَاوُدَ إِيَّاهُمْ. فَٱنْطَلَقُوا إِلَى دِمَشْقَ وَأَقَامُوا بِهَا وَمَلَكُوا فِي دِمَشْقَ. ٢٥ وَكَانَ خَصْماً لإِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِ سُلَيْمَانَ (مَعَ شَرِّ هَدَدَ). فَكَرِهَ إِسْرَائِيلَ، وَمَلَكَ عَلَى أَرَامَ».

٢صموئيل ٨: ١٤ و١أيام ١٨: ١٢ و١٣ عدد ١٠: ١٢ وتثنية ١: ١ ص ٢: ١٠ ع ١٤ و٢صموئيل ٨: ٣ و١٠: ١٦

جمع المؤرخون في (ص ٦ – ٨) كل كلامه في بناء الهيكل وفي (ص ٩ و١٠) كلامه في غنى سليمان ومجده. وجمع هنا كلامه في خصومه. فلا نفهم أن هؤلاء الخصوم قاموا كلهم بعد كلام الرب لسليمان المذكور في (ع ١٠) ولا شك أن مقاومة هدد ورزون ابتدأت قبل الزمان المذكور هنا. كان داود قد أخضع أدوم (١أيام ١٨: ١٢ و١٣) ولكنهم اغتنموا الفرصة ليسترجعوا استقلالهم حينما رأوا علامات الضعف في مملكة سليمان. وهدد من أسماء ملوك أدوم القدماء (تكوين ٣٦: ٣٦). وقَبله وكرّمه فرعون لكونه من نسل الملك في أدوم.

لِدَفْنِ ٱلْقَتْلَى القتلى من بني إسرائيل.

ضَرَبَ كُلَّ ذَكَرٍ المقاومين كما يظهر من (٢صموئيل ٨: ١٤) حيث قيل أن داود وضع محافظين في أدوم وكان جميع الأدوميين عبيداً لداود. وكل إسرائيل هنا رجال يوآب وربما كانوا القسم الأكبر من الجيش. وهرب هدد إلى مصر لأنه في أيام داود لم تكن بين مصر وإسرائيل العلاقات الحبية التي كانت بينهما في أيام سليمان. والقول «غلام» هنا يشير إلى شاب له نحو ٢٠ سنة من العمر طارّ الشارب.

وَقَامُوا مِنْ مِدْيَانَ (ع ١٨) كانت مديان تمتد من طور سيناء وخليج العقبة إلى الشمال والشرق ولا يمكن تعيين حدودها بالضبط لأنها قفر وأهلها من الرحل. وكانت أدوم إلى الغرب والشمال من مديان. وفاران هي بادية تيه بني إسرائيل وكانت إلى الشمال من طور سيناء في شبه الجزيرة وامتدت إلى تخم يهوذا الجنوبي. وأخذوا رجالاً من فاران إما لأجل المحافظة أو لأجل الدلالة. وفرعون المذكور هنا ليس الذي أعطى ابنته لسليمان بل أحد أسلافه. وكرّمه فرعون وأعطاه بيتاً وطعاماً وأرضاً وأخت امرأته امرأة له. وربما كان ذلك لغاية سياسية فتكون له مساعدة من أدوم إذا وقع عليه حرب.

فَطَمَتْهُ (ع ٢٠) ربما صنعت له وليمة واحتفالاً تذكاراً لفطامه كما صنع إبراهيم لابنه إسحاق (تكوين ٢١: ٨).

فَسَمِعَ هَدَدُ الخ (ع ٢١) كان خائفاً من داود ومن يوآب فلم يستحسن الرجوع إلى أرضه قبل موتهما. وكان موت يوآب في أول ملك سليمان (٢: ٢٨ – ٣٤) فرجع هدد إلى أدوم وعمل شراً كل أيام سليمان (ع ٢٥) أي كان يهيّج الأدوميين على إسرائيل. كان مستريحاً ومكرماً في مصر ولكنه فضّل أن يتركها غيرة لوطنه أدوم.

وَأَقَامَ ٱللّٰهُ لَهُ خَصْماً (ع ٢٣) (انظر ع ١٤) إن الملوك بيد الرب كآلات يؤدب بها شعبه كما يريد. غير أنهم يعملون بإرادتهم. والرب يعطي السلام لشعبه إما بإيجاد الجبانة في قلوب أعدائهم أو بإيجاده النشاط في قلوب شعبه فينتصرون على أعدائهم. وبالعكس إذا قصد تأديب شعبه فإنه يوجد الجبانة في قلوبهم والنشاط في قلوب أعدائهم.

رَزُونَ (٢صموئيل ٨: ٣ – ٨) كان هدد عزر ملك صوبة وهي إلى جهة الشرق من حماه والشمال من دمشق. وكانت دمشق تحت سلطته فجاءوا لنجدته. وضربهم داود وجعل محافظين في أرام دمشق (٢صموئيل ٨: ٣ – ٨). وهرب روزن وجمع إليه رجالاً فصار رئيس غزاة عند قتل داود إياهم أي عند قتله أهل صوبة. وبعد زمان ملكوا في دمشق أي ملك رزون وهو رئيسهم وطردوا المحافظين الذين كانوا من قِبل داود. فصار لسليمان خصمان أحدهما هدد في الجنوب والآخر روزن في الشمال.

٢٦ – ٣٩ «٢٦ وَيَرُبْعَامُ بْنُ نَابَاطَ، أَفْرَايِمِيٌّ مِنْ صَرَدَةَ، عَبْدٌ لِسُلَيْمَانَ. وَٱسْمُ أُمِّهِ صَرُوعَةُ، وَهِيَ أَرْمَلَةٌ، رَفَعَ يَدَهُ عَلَى ٱلْمَلِكِ. ٢٧ وَهٰذَا هُوَ سَبَبُ رَفْعِهِ يَدَهُ عَلَى ٱلْمَلِكِ: أَنَّ سُلَيْمَانَ بَنَى ٱلْقَلْعَةَ وَسَدَّ شُقُوقَ مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ. ٢٨ وَكَانَ يَرُبْعَامُ جَبَّارَ بَأْسٍ. فَلَمَّا رَأَى سُلَيْمَانُ ٱلْغُلاَمَ أَنَّهُ عَامِلٌ شُغْلاً أَقَامَهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِ بَيْتِ يُوسُفَ. ٢٩ وَكَانَ فِي ذٰلِكَ ٱلزَّمَانِ لَمَّا خَرَجَ يَرُبْعَامُ مِنْ أُورُشَلِيمَ أَنَّهُ لاَقَاهُ أَخِيَّا ٱلشِّيلُونِيُّ ٱلنَّبِيُّ فِي ٱلطَّرِيقِ وَهُوَ لاَبِسٌ رِدَاءً جَدِيداً، وَهُمَا وَحْدَهُمَا فِي ٱلْحَقْلِ. ٣٠ فَقَبَضَ أَخِيَّا عَلَى ٱلرِّدَاءِ ٱلْجَدِيدِ ٱلَّذِي عَلَيْهِ وَمَزَّقَهُ ٱثْنَتَيْ عَشَرَةَ قِطْعَةً ٣١ وَقَالَ لِيَرُبْعَامَ: خُذْ لِنَفْسِكَ عَشَرَ قِطَعٍ، لأَنَّهُ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ: هَئَنَذَا أُمَزِّقُ ٱلْمَمْلَكَةَ مِنْ يَدِ سُلَيْمَانَ وَأُعْطِيكَ عَشَرَةَ أَسْبَاطٍ. ٣٢ وَيَكُونُ لَهُ سِبْطٌ وَاحِدٌ مِنْ أَجْلِ عَبْدِي دَاوُدَ وَمِنْ أَجْلِ أُورُشَلِيمَ ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي ٱخْتَرْتُهَا مِنْ كُلِّ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، ٣٣ لأَنَّهُمْ تَرَكُونِي وَسَجَدُوا لِعَشْتُورَثَ إِلٰهَةُ ٱلصَّيْدُونِيِّينَ وَلِكَمُوشَ إِلٰهِ ٱلْمُوآبِيِّينَ وَلِمَلْكُومَ إِلٰهِ بَنِي عَمُّونَ، وَلَمْ يَسْلُكُوا فِي طُرُقِي لِيَعْمَلُوا ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيَّ وَفَرَائِضِي وَأَحْكَامِي كَدَاوُدَ أَبِيهِ. ٣٤ وَلاَ آخُذُ كُلَّ ٱلْمَمْلَكَةِ مِنْ يَدِهِ، بَلْ أُصَيِّرُهُ رَئِيساً كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ لأَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي ٱلَّذِي ٱخْتَرْتُهُ ٱلَّذِي حَفِظَ وَصَايَايَ وَفَرَائِضِي. ٣٥ وَآخُذُ ٱلْمَمْلَكَةَ مِنْ يَدِ ٱبْنِهِ وَأُعْطِيكَ إِيَّاهَا (أَيِ ٱلأَسْبَاطَ ٱلْعَشَرَةَ). ٣٦ وَأُعْطِي ٱبْنَهُ سِبْطاً وَاحِداً لِيَكُونَ سِرَاجٌ لِدَاوُدَ عَبْدِي كُلَّ ٱلأَيَّامِ أَمَامِي فِي أُورُشَلِيمَ ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي ٱخْتَرْتُهَا لِنَفْسِي لأَضَعَ ٱسْمِي فِيهَا. ٣٧ وَآخُذُكَ فَتَمْلِكُ حَسَبَ كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ، وَتَكُونُ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ. ٣٨ فَإِذَا سَمِعْتَ لِكُلِّ مَا أُوصِيكَ بِهِ وَسَلَكْتَ فِي طُرُقِي وَفَعَلْتَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيَّ وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَوَصَايَايَ كَمَا فَعَلَ دَاوُدُ عَبْدِي، أَكُونُ مَعَكَ وَأَبْنِي لَكَ بَيْتاً آمِناً كَمَا بَنَيْتُ لِدَاوُدَ، وَأُعْطِيكَ إِسْرَائِيلَ. ٣٩ وَأُذِلُّ نَسْلَ دَاوُدَ مِنْ أَجْلِ هٰذَا، وَلٰكِنْ لاَ كُلَّ ٱلأَيَّامِ».

ع ١١ و٢٨ وص ١٢: ٢ و٢٠ و٢أيام ١٣: ٦ و٢صموئيل ٢٠: ٢١ ص ٩: ١٥ و٢٤ أمثال ٢٢: ٢٩ ص ١٢: ١٥ و١٤: ٢ و٢أيام ٩: ٢٩ و١صموئيل ١٥: ٢٧ و٢٨ ع ١١ و١٢ ع ١٣ وص ١٢: ٢١ ع ١٣ وص ١٤: ٢١ ع ٥ – ٨ ع ١٢ وص ١٢: ١٦ و١٧ ع ١٣ ص ١٥: ٤ و٢ملوك ٨: ١٩ ع ١٣ تثنية ٣١: ٨ ويشوع ١: ٥ و٢صموئيل ٧: ١١ و٢٧

يَرُبْعَامُ من صردة وهي في غور الأردن وغربي النهر وقريبة من الموضع الذي فيه سبك سليمان النحاس لأجل آنية الهيكل (٢أيام ٤: ١٧) واسم أمه مذكور لأن أباه كان قد مات. وخصام يربعام اختلف عن خصام هدد ورزون لأن يربعام كان أحد عبيد سليمان. فصار لسليمان خصام من الخارج ومن الداخل أيضاً.

ٱلْقَلْعَةَ (ع ٢٧) (انظر ٩: ١٥ وتفسيره). وفهم بعضهم من القول أن سليمان سد شقوق مدينة داود أنه مدّ سور المدينة من الأكمة الشرقية إلى الأكمة الغربية وهكذا سدّ الوادي المسمى وادي الجبانيين. (انظر ٣: ١) وتفسيره واطلب أورشليم في قاموس الكتاب. وكان ذلك في نحو السنة الخامسة والعشرين من ملك سليمان (٩: ١٠).

جَبَّارَ بَأْسٍ (ع ٢٨) مقتدراً في العمل. ويُطلق الاسم على المقتدر في العمل أو في الحرب أو في المال. أقامه سليمان على كل أعمال بيت يوسف أي التسخير وبلا شك كان ذلك عملاً مكروهاً أولاً لأنه تسخير وثانياً إن بيت يوسف أي أفرايم سُخّروا لعمل لأجل سبط يهوذا الذي كانوا يحسدونه.

أَخِيَّا (ع ٢٩) نبي معتبر في زمان سليمان وفي زمان ملك يربعام (١٤: ٤) وسفر نبوته مذكور في (٢أيام ٩: ٢٩) وكانت شيلوه بين أورشليم ونابلس واسمها اليوم سيلون وكانت مقر خيمة الاجتماع في زمان عالي وصموئيل. وكان بيت أخيا فيها (١٤: ٢ – ٤). والأرجح أن الرداء الجديد كان لأخيا غير أن بعضهم يقولون أنه كان ليربعام. لاقاه أخيا في الطريق وحاد به إلى الحقل.

وَمَزَّقَهُ (ع ٣٠) عبّر عن فائدة روحية بواسطة عمل جسدي. والاثنتا عشرة قطعة هي الأسباط الاثنا عشر وأعطى يربعام عشر قطعات وأبقى لبيت داود سبطاً واحداً (ع ١٣) أي يهوذا وكان بنيامين مع يهوذا ولكنه كان سبطاً صغيراً لا يكاد يُذكر.

تَرَكُونِي وَسَجَدُوا (ع ٣٣) ليس لسليمان وأهل بيته فقط بل كثيرون من الشعب أيضاً لأن قدوة الملك تؤثر في الشعب ولا سيما القدوة في الخطيئة.

عَشْتُورَثَ الخ (انظر ع ٥ وتفسيره).

سِرَاجٌ لِدَاوُدَ (ع ٣٦) (مزمور ١٣٢: ١٧) السراج المنطفئ يدل على عدم وجود أحد في البيت. ووعد الرب هو أن سراج بيت داود لا ينطفئ بل يكون له من يجلس على كرسيه في أورشليم ما دامت المملكة قائمة. ولم يرد الرب أن يترك المدينة والهيكل الذي كان قد قدسه لنفسه. وكانت أورشليم آخر ما سقط من المملكة.

وَآخُذُكَ (ع ٣٧) أوضح ليربعام كل الإيضاح أنه هو الذي ملّكه على إسرائيل وإن نجاحه وثباته وثبات نسله في الملك مقيدة بشرط أنهم يسمعون كل ما أوصاهم به وبهذا الشرط يعطيه الرب ما اشتهى لنفسه. وهذا القول الأخير يدل على أنه كان قد اشتهى لنفسه الملك وعرف الرب أفكاره السرية. وأهل أفرايم كانوا مستعدين أن يتبعوا يربعام لأنهم كانوا من الأول شعباً عظيماً طامحاً (يشوع ١٧: ١٤) وأظهروا حسدهم مرات كثيرة (قضاة ٨: ١ و١٢: ١) وكان صموئيل منهم وكانت الخيمة عندهم. وإنهم قبلوا شاول الذي كان من بنيامين لأن بنيامين كان سبطاً صغيراً لا يُخاف منه وقبلوا داود إلا في فتنة شبع (٢صموئيل ٢٠: ٢١) وقبلوا سليمان في أول ملكه. ولكنهم نفروا حينما رأوا أن أورشليم صارت مركز السياسة والدين فاغتنموا أول فرصة للعصيان.

لاَ كُلَّ ٱلأَيَّامِ (ع ٣٩) إشارة إلى وعد الرب أن المسيح يكون من نسله فبقي هذا الوعد ثابتاً.

٤٠ – ٤٣ «٤٠ وَطَلَبَ سُلَيْمَانُ قَتْلَ يَرُبْعَامَ، فَقَامَ يَرُبْعَامُ وَهَرَبَ إِلَى مِصْرَ إِلَى شِيشَقَ مَلِكِ مِصْرَ. وَكَانَ فِي مِصْرَ إِلَى وَفَاةِ سُلَيْمَانَ. ٤١ وَبَقِيَّةُ أُمُورِ سُلَيْمَانَ وَكُلُّ مَا صَنَعَ وَحِكْمَتُهُ هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أُمُورِ سُلَيْمَانَ. ٤٢ وَكَانَتِ ٱلأَيَّامُ ٱلَّتِي مَلَكَ فِيهَا سُلَيْمَانُ فِي أُورُشَلِيمَ عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. ٤٣ ثُمَّ ٱضْطَجَعَ سُلَيْمَانُ مَعَ آبَائِهِ وَدُفِنَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَمَلَكَ رَحُبْعَامُ ٱبْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ».

ص ١٤: ٢٥ و٢أيام ١٢: ٢ – ٩ و٢أيام ٩: ٢٩ الخ ص ٢: ١٠ ص ١٤: ٢١

وَطَلَبَ سُلَيْمَانُ قَتْلَ يَرُبْعَامَ ربما لأنه رفع يده عليه في ذلك الوقت (ع ٢٦) أو لأن الملك سمع خبر ما جرى بينه وبين أخيا النبي أو رأى فيه ما دل على مقاصده قبلما عمل شيئاً منها. والملك المطلق يقدر أن يقتل من يريد من غير إقامة دعوى شرعية عليه. وشيشق مَلَك في مصر في السنة السابعة عشرة لسليمان حسب تواريخ مصر وهو الذي صعد على أورشليم في أيام رحبعام (١٤: ٢٥).

سِفْرِ أُمُورِ سُلَيْمَانَ (ع ٤١) (٢أيام ٩: ٢٩ – ٣١) ومن هذا السفر وغيره جمع كاتب سفري الملوك أخباره.

ٱضْطَجَعَ سُلَيْمَانُ مَعَ آبَائِهِ (ع ٤٣) انتهى الكلام في سليمان. وبعد عظمته وحكمته وغناه ومجده اضطجع مع آبائه. باطل الأباطيل قال الجامعة الكل باطل. وهكذا حياة كل من يعيش لنفسه والعالم الحاضر فقط. استصعب بعضهم نسبة أسفار من الكتاب المقدس كسفر الأمثال وغيره إلى من ترك الله في آخر حياته. ومن المحتمل أنه تاب عن خطيئته ورجع إلى الله ولكن لا شيء في الكتاب يثبت هذا الرأي.

فوائد

  1. ع ٤ «في زمان شيخوخته» تجارب الشيخ(١) إنه بعدما تضعف شهواته الجسدية يطلب ما يهيجها بخلاف الطبيعة. في زمان شيخوخته أحب نساء غريبات. (٢) إنه يحب المال. وأحياناً الشيخ في آخر حياته يحب المال أكثر من الشاب في أولها (٣) إنه يضعف إيمانه. لأنه لم ير في نفسه ما كان يرجوه من الخير ولم ير في العالم ما كان ينتظره فيميل إلى الشك والاعتقاد (٤) إنه يتقسى قلبه من كثرة المواعظ التي لم ينتبه إليها وكثرة التأديب الذي لم يستفد منه. فلا يُطلب عمر طويل بلا مخافة الرب.
  2. ع ٦ «وعمل سليمان الشر في عيني الرب». تجارب النجاح(١) الرخاء في الروحيات كالرخاء الجسدي من عدم العمل والكسل (٢) محبة الذات فيطلب أن يُخدم ولا يخدم. (٣) الاكتفاء بهذا العالم دون اشتهاء الآخرة. فلنكتف بما نحن فيه ولنشته أن نكون أغنياء في ما لله.
  3. ع ١٤ و٢٣ و٢٦ «أقام الرب خصماً» مجازاة الخطيئة هي منها ومن نوعها.(١) إن سليمان أخطأ في تكثيره الخيل. وأعداءه صعدوا على المملكة بخيل وعربات في زمان ابنه (٢) إنه أخطأ بتكثيره الذهب. وأعداؤه طمعوا في كنوزه وسلبوها (٣) إنه أخطأ في تكثيره النساء فحملنه على ترك الرب والاتحاد مع أعدائه (٤) إنه أخطأ في تسخيره شعبه وسوقه الغرباء إلى أعمال شاقة. ويربعام الذي كان قد أقامه على بيت يوسف رفع يده عليه. وأدورام الذي كان وكيل التسخير رجمه الشعب وقتلوه.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى