الملوك الأول

سفر الملوك الأول | 06 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الملوك الأول

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ

١ – ١٠ «١ وَكَانَ فِي سَنَةِ ٱلأَرْبَعِ مِئَةٍ وَٱلثَّمَانِينَ لِخُرُوجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، فِي ٱلسَّنَةِ ٱلرَّابِعَةِ لِمُلْكِ سُلَيْمَانَ عَلَى إِسْرَائِيلَ، فِي شَهْرِ زِيُو وَهُوَ ٱلشَّهْرُ ٱلثَّانِي، أَنَّهُ بَنَى ٱلْبَيْتَ لِلرَّبِّ. ٢ وَٱلْبَيْتُ ٱلَّذِي بَنَاهُ ٱلْمَلِكُ سُلَيْمَانُ لِلرَّبِّ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعاً، وَعَرْضُهُ عِشْرُونَ ذِرَاعاً، وَٱرْتِفَاعُهُ ثَلاَثُونَ ذِرَاعاً. ٣ وَٱلرِّوَاقُ قُدَّامَ هَيْكَلِ ٱلْبَيْتِ طُولُهُ عِشْرُونَ ذِرَاعاً حَسَبَ عَرْضِ ٱلْبَيْتِ، وَعَرْضُهُ عَشَرُ أَذْرُعٍ قُدَّامَ ٱلْبَيْتِ. ٤ وَعَمِلَ لِلْبَيْتِ كُوىً مَسْقُوفَةً مُشَبَّكَةً. ٥ وَبَنَى مَعَ حَائِطِ ٱلْبَيْتِ طِبَاقاً حَوَالَيْهِ مَعَ حِيطَانِ ٱلْبَيْتِ حَوْلَ ٱلْهَيْكَلِ وَٱلْمِحْرَابِ، وَعَمِلَ غُرُفَاتٍ فِي مُسْتَدِيرِهَا. ٦ فَٱلطَّبَقَةُ ٱلسُّفْلَى عَرْضُهَا خَمْسُ أَذْرُعٍ، وَٱلْوُسْطَى عَرْضُهَا سِتُّ أَذْرُعٍ، وَٱلثَّالِثَةُ عَرْضُهَا سَبْعُ أَذْرُعٍ، لأَنَّهُ جَعَلَ لِلْبَيْتِ حَوَالَيْهِ مِنْ خَارِجٍ زَوَايَا لِئَلاَّ تَتَمَكَّنَ ٱلْجَوَائِزُ فِي حِيطَانِ ٱلْبَيْتِ. ٧ وَٱلْبَيْتُ فِي بِنَائِهِ بُنِيَ بِحِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ مُقْتَلَعَةٍ، وَلَمْ يُسْمَعْ فِي ٱلْبَيْتِ عِنْدَ بِنَائِهِ مِنْحَتٌ وَلاَ مِعْوَلٌ وَلاَ أَدَاةٌ مِنْ حَدِيدٍ. ٨ وَكَانَ بَابُ ٱلْغُرْفَةِ ٱلْوُسْطَى فِي جَانِبِ ٱلْبَيْتِ ٱلأَيْمَنِ، وَكَانُوا يَصْعَدُونَ بِدَرَجٍ مُعَطَّفٍ إِلَى ٱلْوُسْطَى، وَمِنَ ٱلْوُسْطَى إِلَى ٱلثَّالِثَةِ. ٩ فَبَنَى ٱلْبَيْتَ وَأَكْمَلَهُ وَسَقَفَ ٱلْبَيْتَ بِأَلْوَاحٍ وَجَوَائِزَ مِنَ ٱلأَرْزِ. ١٠ وَبَنَى ٱلْغُرُفَاتِ عَلَى ٱلْبَيْتِ كُلِّهِ ٱرْتِفَاعُهَا خَمْسُ أَذْرُعٍ، وَتَمَكَّنَتْ فِي ٱلْبَيْتِ بِخَشَبِ أَرْزٍ».

٢أيام ٣: ١ و٢ حزقيال ٤٠: ١٦ و٤١: ١٦ حزقيال ٤١: ٦ ع ١٦ و١٩ و٢٠ حزقيال ٤١: ٥ و٦ خروج ٢٠: ٢٥ وتثنية ٢٧: ٥ و٦ ع ١٤ و٣٨

فِي سَنَةِ ٱلأَرْبَعِ مِئَةٍ وَٱلثَّمَانِينَ (ع ١) إذا جمعنا مدة إقامة بني إسرائيل في البرية والمدات المذكورة في أسفار يشوع والقضاة وصموئيل يكون المجموع نحو ٥٥٠ سنة يُزاد عليه مدة حروب يشوع ومدة مُلك شاول وداود. ومن آراء العلماء الكثيرة استحسنا ما يأتي ذكره:

قسم المؤرخون الزمان من الخروج إلى تأسيس الهيكل إلى ١٢ مدة في كل مدة ٤٠ سنة فتعادل الاثنتا عشرة مدة ٤٨٠ سنة. وكانت المدة الأولى من خروج الإسرائيليين من مصر إلى دخولهم أرض كنعان وللقضاة ست مدات أو ثماني. نقرأ في قضاة ٣: ٨ إن بني إسرائيل عبدوا كوشان رشعتايم ثماني سنين أي مدة العبودية لكوشان. وهكذا غيرها من مدات العبودية فإنها ربما دخل حسابها في مدّات القضاة الشرعيين من بني إسرائيل. وقيل في قضاة ٣: ٣٠ إن الأرض استراحت ثمانين سنة أي مدّتين. (انظر قضاة ٥: ٣١ و٨: ٢٨ و١٣: ١). وربما المدّات المذكورة في (قضاة ١٠: ١ – ٤ وقضاة ١٢: ٧ – ١٤) كانت مجموعة فصارت مدّتين تقريباً. وكان للكاهن عالي ٤٠ سنة (١صموئيل ٤: ١٨) ولشاول ٤٠ سنة (أعمال ١٣: ٢١) ولداود ٤٠ سنة (١ملوك ٢: ١١) وكان أحياناً قاض في قطيعة من أرض إسرائيل وقاض آخر في قطيعة أخرى في نفس الزمان فلا يجوز إضافة مدة الواحد منها كلها إلى مدة الآخر. كشمشون في الغرب ويفتاح في الشرق في ذات الوقت.

ٱلسَّنَةِ ٱلرَّابِعَةِ لِمُلْكِ سُلَيْمَانَ ابتدأ في العمل أول ما جلس على كرسيه وقضى ثلاث سنين في جمع الأخشاب والحجارة وغيرها من المواد وفي تنظيم العاملين.

شَهْرِ زِيُو أو أيار وكان شهر أبيب أو نيسان الشهر الأول من السنة.

أَنَّهُ بَنَى أي شرع في بنائه (٢أيام ٣: ١) والوقت مذكور بالتدقيق لأن بناء الهيكل للرب في أورشليم مركزاً دينياً وحيداً ليهوذا وإسرائيل أجمعين فكل ما يختص بهذا البيت كطوله وعرضه وعلوه وغُرفه وحجارته وأخشابه والشروع في بنائه والفراغ منه صارت أمراً يستحق الذكر في كتاب الله.

طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعاً (ع ٢ الخ). الأرجح أن الذراع هنا تعادل ١٨ أصبعاً أو قدماً ونصف قدم إنكليزية والأقيسة صافية أي من الداخل وبلا حساب ثخن الحيطان كما يظهر من ص ٢٤ – ٢٧. وكل الأقيسة ضعفا قيمة خيمة الاجتماع فكان طول الهيكل ستين ذراعاً وطول الخيمة ثلاثين ذراعاً وعرضه عشرين ذراعاً وعرض الخيمة عشر أذرع الخ. فكانت نسبة أجزاء الهيكل بعضها لبعض كنسبة أجزاء الخيمة بعضها لبعض.

وَٱرْتِفَاعُهُ (سمكه) أي علوّه. ونلاحظ أن البيت لم يكن كبيراً بالنسبة إلى بعض الهياكل الوثنية كهيكل أرطاميس في أفسس الذي كان طوله ٤٢٥ قدماً أو ٢٨٠ ذراعاً وعرضه ٢٢٠ قدماً أو ١٤٦ ذراعاً وعلوه ٦٠ قدماً أو ٤٠ ذراعاً. ولا كبعض كنائس اليوم لأنه لم يُقصد اجتماع الشعب فيه كما في كنائسنا. ولكن لم يكن معبد لا في القديم ولا في أيامنا جميلاً ونفيساً كهيكل سليمان.

هَيْكَلِ ٱلْبَيْتِ (ع ٣) هو القدس أي أكبر المكانين في الهيكل والمكان الأصغر هو قدس الأقداس وهو المسمى المحراب (ع ١٩) وعلو الرواق ليس مذكوراً هنا وقيل في ٢أيام ٣: ٤ أنه ١٢٠ ذراعاً ويظن أكثر المفسرين أن هذا غلط من الناسخ والصواب ٢٠ ذراعاً. ويظن غيرهم أن العلو كان ٣٠ ذراعاً كعلو البيت.

كُوىً مَسْقُوفَةً مُشَبَّكَةً (ع ٤) قيل في ع ١٠ إن سمك الغرفات أو علوها كان خمس أذرع فكان علو الطبقات الثلاث خمس عشرة ذراعاً يُضاف إليها سمك أرض كل غرفة وسمك السطح فكانت الطبقات الثلاث أخفض من البيت الذي كان علوه عشرين ذراعاً وكانت الكوى فوق سطح هذه الطبقات. وكانت مسقوفة أي كان فوقها جزء من حائط البيت وكانت مشبكة ليدخل الهواء دون الطيور.

ٱلْهَيْكَلِ وَٱلْمِحْرَابِ (ع ٥) أي القدس وقدس الأقداس. وكانت الغرفات لأجل الكهنة والكتبة (إرميا ٣٦: ١٠ و٢٠) ولأجل وضع التقادم والبخور والآنية وعشر القمح والخمر والزيت فريضة اللاويين والمغنيين والبوابين ورفيعة الكهنة (نحميا ١٣: ٥) وكانت هذه الغرف مبنية على ثلاثة من جوانب البيت الأربعة ولا نعرف عددها.

خَمْسُ أَذْرُعٍ… سِتُّ أَذْرُعٍ… سَبْعُ أَذْرُعٍ (ع ٦) لم يستحسن أن تتمكن جوائز الغُرف في حيطان البيت فعمل الحائط بين البيت والغّرف في الطبقة السفلى أسمك من الحائط بين البيت والغُرف في الطبقة الوسطى وهذا أسمك من الحائط بين البيت والغُرف في الطبقة العليا فركزت جوائز الغُرف في الطبقة الوسطى والطبقة العليا على ما تحتها ولم تستبطن حيطان البيت.

زَوَايَا (أخصاماً) أي مناكبها اللاصقة بحائط البيت.

لَمْ يُسْمَعْ (ع ٧) إن الحجارة كلها كانت مهيأة على أقيستها بالضبط في المقلع فلم يبق إلا وضع كل حجر في موضعه في البيت. ولا شك في أن قصد سليمان احترام بيت الرب. والبناؤون شعروا بأن عملهم عمل مقدس. وعند أورشليم الحالية إلى جهة الشمال مقلع وُجد فيه كثير من النحاتة. وفي موضع هيكل سليمان لم يوجد شيء من النحاتة. وفي ذلك دليل على أن نحت الحجارة كان في المقلع وليس في موضع أساس الهيكل.

دَرَجٍ مُعَطَّفٍ (ع ٨) أو لولبي أي بهيئة اللولب (البرغي).

وَأَكْمَلَهُ (ع ٩) أي الهيكل نفسه والغُرفات مذكورة وحدها.

وَسَقَفَ ٱلْبَيْتَ لا نعرف هل كان السطح محدباً مستطيلاً (جملون) أم مسطحاً منبسطاً. والأرجح أنه كان في داخل البيت عواميد ركزت العوارض عليها لأن عرض البيت من الداخل كان عشرين ذراعاً أو ثلاثين قدماً.

ٱرْتِفَاعُهَا (سَمْكُها) (ع ١٠) أي علوّها من الداخل بلا حساب سمك أرض كل غرفة وسمك السطح.

وَتَمَكَّنَتْ فِي ٱلْبَيْتِ أي ركزت على الأخصام أو المناكب المذكورة في (ع ٦) وكانت عوارض الغُرفات من خشب أرز.

١١ – ١٣ «١١ وَكَانَ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ إِلَى سُلَيْمَانَ: ١٢ هٰذَا ٱلْبَيْتُ ٱلَّذِي أَنْتَ بَانِيهِ، إِنْ سَلَكْتَ فِي فَرَائِضِي وَعَمِلْتَ أَحْكَامِي وَحَفِظْتَ كُلَّ وَصَايَايَ لِلسُّلُوكِ بِهَا، فَإِنِّي أُقِيمُ مَعَكَ كَلاَمِي ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ إِلَى دَاوُدَ أَبِيكَ، ١٣ وَأَسْكُنُ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ أَتْرُكُ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».

ص ٩: ٤ و٢صموئيل ٧: ٥ – ١٦ خروج ٢٥: ٨ تثنية ٣١: ٦ ويشوع ١: ٥

لا نعرف بأية واسطة جاءه الكلام إما في رؤيا أو بواسطة ناثان النبي أو غيره. وجوهر الكلام أنه ليس للهيكل قيمة روحية بنفسه بل قيمته هي بسكن الرب فيه. بشرط الطاعة الكاملة لوصاياه.

أُقِيمُ مَعَكَ كَلاَمِي (٢: ٤ و٢صموئيل ٧: ١٢ – ١٧).

أَسْكُنُ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كما قال الرب من جهة خيمة الاجتماع بعد أن أُكمل أمره في بنائها وترتيب آنيتها وخدمتها (خروج ٢٩: ٤٥) والكلام هنا كالكلام في أمر خيمة الاجتماع يشير إلى التجسد لأن يسوع المسيح هو عمانوئيل – الله معنا – الهيكل الحقيقي الذي به نتقدم إلى الله ويقترب هو إلينا.

وَلاَ أَتْرُكُ شَعْبِي وفي تثنية ٣١: ١٧ أوضح ما ينتج لشعبه إذا تركه. فيكون مأكلة وتصيبه شرور كثيرة وشدائد حتى يقول في ذلك اليوم «لأن إلهي ليس في وسطي أصابتني هذه الشرور». والشرور التي تصيبنا هي نتيجة الشرور التي نعملها.

١٤ – ٢٢ «١٤ فَبَنَى سُلَيْمَانُ ٱلْبَيْتَ وَأَكْمَلَهُ. ١٥ وَبَنَى حِيطَانَ ٱلْبَيْتِ مِنْ دَاخِلٍ بِأَضْلاَعِ أَرْزٍ مِنْ أَرْضِ ٱلْبَيْتِ إِلَى حِيطَانِ ٱلسَّقْفِ، وَغَشَّاهُ مِنْ دَاخِلٍ بِخَشَبٍ، وَفَرَشَ أَرْضَ ٱلْبَيْتِ بِأَخْشَابِ سَرْوٍ. ١٦ وَبَنَى عِشْرِينَ ذِرَاعاً مِنْ مُؤَخَّرِ ٱلْبَيْتِ بِأَضْلاَعِ أَرْزٍ مِنَ ٱلأَرْضِ إِلَى ٱلْحِيطَانِ. وَبَنَى دَاخِلَهُ لأَجْلِ ٱلْمِحْرَابِ (أَيْ قُدْسِ ٱلأَقْدَاسِ). ١٧ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعاً كَانَتِ ٱلْبَيْتَ (أَيِ ٱلْهَيْكَلَ ٱلَّذِي أَمَامَهُ). ١٨ وَأَرْزُ ٱلْبَيْتِ مِنْ دَاخِلٍ كَانَ مَنْقُوراً عَلَى شِكْلِ قُثَّاءٍ وَبَرَاعِمِ زُهُورٍ. ٱلْجَمِيعُ أَرْزٌ. لَمْ يَكُنْ يُرَى حَجَرٌ. ١٩ وَهَيَّأَ مِحْرَاباً فِي وَسَطِ ٱلْبَيْتِ مِنْ دَاخِلٍ لِيَضَعَ هُنَاكَ تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ. ٢٠ وَلأَجْلِ ٱلْمِحْرَابِ عِشْرُونَ ذِرَاعاً طُولاً وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً عَرْضاً وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً ٱرْتِفَاعاً. وَغَشَّاهُ بِذَهَبٍ خَالِصٍ، وَغَشَّى ٱلْمَذْبَحَ بِأَرْزٍ. ٢١ وَغَشَّى سُلَيْمَانُ ٱلْبَيْتَ مِنْ دَاخِلٍ بِذَهَبٍ خَالِصٍ. وَسَدَّ بِسَلاَسِلِ ذَهَبٍ قُدَّامَ ٱلْمِحْرَابِ. وَغَشَّاهُ بِذَهَبٍ. ٢٢ وَجَمِيعُ ٱلْبَيْتِ غَشَّاهُ بِذَهَبٍ إِلَى تَمَامِ كُلِّ ٱلْبَيْتِ، وَكُلُّ ٱلْمَذْبَحِ ٱلَّذِي لِلْمِحْرَابِ غَشَّاهُ بِذَهَبٍ».

ع ٩ و٣٨ ص ٧: ٧ و٢أيام ٣: ٨ ص ٨: ٦ وخروج ٢٦: ٣٣ و٣٤ ص ٧: ٢٤ خروج ٣٠: ١ و٣ و٦

بِأَضْلاَعِ أَرْزٍ (ع ١٥) ألواح أرز غشى بها حجارة حيطان البيت من الداخل.

إِلَى حِيطَانِ ٱلسَّقْفِ جوائز السقف. أي من الأرض إلى السقف.

وَفَرَشَ أَرْضَ ٱلْبَيْتِ كانت الأرض مبلطة بحجارة والأخشاب مفروضة فوقها.

مُؤَخَّرِ ٱلْبَيْتِ كان الرواق والمدخل إلى جهة الشرق وكان الدخول أولاً إلى القدس ومنه إلى قدس الأقداس أو المحراب الذي كان في مؤخر البيت أي إلى جهة الغرب. وبُني حائط فاصل بين قدس الأقداس والقدس بأضلاع أرز من الأرض إلى جوائز السقف. وبين حائط البيت الغربي وهذا الفاصل من الأخشاب عشرون ذراعاً وهي طول قدس الأقداس وعرضه وعلوه. وفي هذا الفاصل باب يُدخل به من القدس إلى قدس الأقداس (ع ٣١) وأمام هذا الباب السلاسل من الذهب (ع ٢١) والحجاب من أسمانجوني وأرجوان وقرمز وكتان عليه كروبيم (٢أيام ٣: ١٤). والظاهر أن قدس الأقداس كان بلا كُوى. وكان علوه وهو عشرون ذراعاً أقل من علو القدس الذي كان ثلاثين ذراعاً. ولم يدخله إلا رئيس الكهنة مرة في السنة.

ٱلْهَيْكَلَ ٱلَّذِي أَمَامَهُ (ع ١٧) أي القدس الذي كان طوله أربعين ذراعاً وعرضه عشرين ذراعاً وعلوه ثلاثين ذراعاً.

مِحْرَاباً فِي وَسَطِ ٱلْبَيْتِ (ع ١٩) كان الدخول إليه من القدس وليس له مدخل من الخارج.

تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ الذي أتى به داود إلى أورشليم (٢صموئيل ٦: ١٢).

وَغَشَّى ٱلْمَذْبَحَ بِأَرْزٍ (ع ٢٠) مذبح البخور الذي كان في القدس أمام باب قدس الأقداس. وكان المذبح الذي في خيمة الاجتماع من خشب السنط. ولا نعرف من أي شيء بُني المذبح في هيكل سليمان والأرجح أنه من حجارة وكان مغشى بأرز وكان الأرز مغشى بالذهب (ع ٢٢) وسُمي مذبح خيمة الاجتماع مذبح الذهب للبخور (خروج ٤٠: ٥).

سَلاَسِلِ ذَهَبٍ قُدَّامَ ٱلْمِحْرَابِ (ع ٢١) قدام باب المحراب (ع ٣١) وقدام الحجاب (٢أيام ٣: ١٤).

جَمِيعُ ٱلْبَيْتِ غَشَّاهُ بِذَهَبٍ (ع ٢٢) ورث من أبيه داود مئة ألف وزنة من الذهب (١أيام ٢٢: ١٤) أي نحو ألف مليون ليرة وهو مبلغ عظيم جداً حتى أن بعض المفسرين يرجحون أن هذا غلط من الناسخ. ودخل سليمان في سنة واحدة كان ٦٦٦ وزنة (١٠: ١٤) أو نحو أربعة ملايين ليرة. وكانت النقود من الذهب قليلة الاستعمال في زمان سليمان فكان وهو وملوك غيره يستعملون في البناء وفي الزينة مقداراً من الذهب لا يمكن أن يستعمله ملوك عصرنا هذا.

٢٣ – ٣٠ «٢٣ وَعَمِلَ فِي ٱلْمِحْرَابِ كَرُوبَيْنِ مِنْ خَشَبِ ٱلزَّيْتُونِ، عُلُوُّ ٱلْوَاحِدِ عَشَرُ أَذْرُعٍ. ٢٤ وَخَمْسُ أَذْرُعٍ جَنَاحُ ٱلْكَرُوبِ ٱلْوَاحِدُ، وَخَمْسُ أَذْرُعٍ جَنَاحُ ٱلْكَرُوبِ ٱلآخَرُ. عَشَرُ أَذْرُعٍ مِنْ طَرَفِ جَنَاحِهِ إِلَى طَرَفِ جَنَاحِهِ. ٢٥ وَعَشَرُ أَذْرُعٍ ٱلْكَرُوبُ ٱلآخَرُ. قِيَاسٌ وَاحِدٌ وَشَكْلٌ وَاحِدٌ لِلْكَرُوبَيْنِ. ٢٦ عُلُوُّ ٱلْكَرُوبِ ٱلْوَاحِدِ عَشَرُ أَذْرُعٍ وَكَذَا ٱلْكَرُوبُ ٱلآخَرُ. ٢٧ وَجَعَلَ ٱلْكَرُوبَيْنِ فِي وَسَطِ ٱلْبَيْتِ ٱلدَّاخِلِيِّ، وَبَسَطُوا أَجْنِحَةَ ٱلْكَرُوبَيْنِ فَمَسَّ جَنَاحُ ٱلْوَاحِدِ ٱلْحَائِطَ وَجَنَاحُ ٱلْكَرُوبِ ٱلآخَرِ مَسَّ ٱلْحَائِطَ ٱلآخَرَ. وَكَانَتْ أَجْنِحَتُهُمَا فِي وَسَطِ ٱلْبَيْتِ يَمَسُّ أَحَدُهُمَا ٱلآخَرَ. ٢٨ وَغَشَّى ٱلْكَرُوبَيْنِ بِذَهَبٍ. ٢٩ وَجَمِيعُ حِيطَانِ ٱلْبَيْتِ فِي مُسْتَدِيرِهَا رَسَمَهَا نَقْشاً بِنَقْرِ كَرُوبِيمَ وَنَخِيلٍ وَبَرَاعِمِ زُهُورٍ مِنْ دَاخِلٍ وَمِنْ خَارِجٍ. ٣٠ وَغَشَّى أَرْضَ ٱلْبَيْتِ بِذَهَبٍ مِنْ دَاخِلٍ وَمِنْ خَارِجٍ».

٢أيام ٣: ١٠ – ١٢ خروج ٣٧: ٧ – ٩ ص ٨: ٧ وخروج ٢٥: ٢٠ و٣٧: ٩

وَعَمِلَ فِي ٱلْمِحْرَابِ كَرُوبَيْنِ (ع ٢٣) (٢صموئيل ٢٢: ١١) المفرد كروب والجمع كروبيم. وأول ذكرها في (تكوين ٣: ٢٤). وكروبا خيمة الاجتماع موصوفان في (خروج ٢٥: ١٨ – ٢٢). ولكل كروب من الكروبيم المذكورة في حزقيال أربعة أوجه وجه إنسان ووجه أسد ووجه ثور وقوة الثور وسرعة النسر. وكانت الكروبيم ترمز إلى الملائكة التي تخدم الله. كان الكروبان في خيمة الاجتماع فوق التابوت وكان الرب يتكلم مع موسى من على الغطاء من بين الكروبين. وأما الكروبان في هيكل سليمان فوقفا الواحد عن جانب التابوت الواحد والآخر عن الجانب الآخر (٢أيام ٣: ١٣).

بَسَطُوا أَجْنِحَةَ ٱلْكَرُوبَيْنِ (ع ٢٧) أي انبسطت أجنحتها. وكروبا هيكل سليمان اختلفا عن كروبي خيمة الاجتماع في كونهما من خشب الزيتون المغشى بذهب وليس من ذهب خالص. ووقفا على الأرض وليس على غطاء التابوت. وبسطا أجنحتهما من الحائط الواحد إلى الآخر. وأما كروبا الخيمة فبسطا أجنحتهما إلى فوق مظللين بأجنحتهما الغطاء. وكان وجها كروبي الهيكل إلى الداخل أي إلى القدس وأما كروبا الخيمة فكان وجه الواحد متجهاً إلى الآخر نحو الغطاء.

نَقْرِ كَرُوبِيمَ وَنَخِيلٍ وَبَرَاعِمِ زُهُورٍ (ع ٢٩) كانت الكروبيم ترمز إلى الملائكة أو كما يقول بعضهم إلى جميع الخلائق الحيوانية من الملائكة إلى حيوانات الأرض. وفي حزقيال ١: ٥ ورؤيا ٤: ٧ ذكر أربعة حيوانات وهي إنسان وأسد وثور أو عجل ونسر. والنخيل من أسمى الأشجار وأجملها وأنفعها. وبراعم زهور رمز إلى الحياة النباتية المثمرة. فيكون معنى الرسوم على حيطان البيت والمنقوش على المصاريع أن الخليقة كلها من الحيوانات والنباتات ومن الناس تسبح خالقها.

مِنْ دَاخِلٍ وَمِنْ خَارِجٍ (ع ٣٠) الداخل هو قدس الأقداس والخارج هو القدس. غير أن بعضهم يقولون أن الخارج هنا هو الرواق أي غشى أرض الرواق بذهب (٢أيام ٣: ٤).

٣١ – ٣٦ «٣١ وَعَمِلَ لِبَابِ ٱلْمِحْرَابِ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ خَشَبِ ٱلزَّيْتُونِ. ٱلْعَتَبَةِ ٱلْعُلْيَا وَٱلْقَائِمَتَانِ مُخَمَّسَةٌ. ٣٢ وَٱلْمِصْرَاعَانِ مِنْ خَشَبِ ٱلزَّيْتُونِ. وَرَسَمَ عَلَيْهِمَا نَقْشَ كَرُوبِيمَ وَنَخِيلٍ وَبَرَاعِمِ زُهُورٍ وَغَشَّاهُمَا بِذَهَبٍ، وَرَصَّعَ ٱلْكَرُوبِيمَ وَٱلنَّخِيلَ بِذَهَبٍ. ٣٣ وَكَذٰلِكَ عَمِلَ لِمَدْخَلِ ٱلْهَيْكَلِ قَوَائِمَ مِنْ خَشَبِ ٱلزَّيْتُونِ مُرَبَّعَةً، ٣٤ وَمِصْرَاعَيْنِ مِنْ خَشَبِ ٱلسَّرْوِ. ٱلْمِصْرَاعُ ٱلْوَاحِدُ دَفَّتَانِ تَنْطَوِيَانِ، وَٱلْمِصْرَاعُ ٱلآخَرُ دَفَّتَانِ تَنْطَوِيَانِ. ٣٥ وَنَحَتَ كَرُوبِيمَ وَنَخِيلاً وَبَرَاعِمَ زُهُورٍ وَغَشَّاهَا بِذَهَبٍ مُطَرَّقٍ عَلَى ٱلْمَنْقُوشِ. ٣٦ وَبَنَى ٱلدَّارَ ٱلدَّاخِلِيَّةَ ثَلاَثَةَ صُفُوفٍ مَنْحُوتَةٍ وَصَفّاً مِنْ جَوَائِزِ ٱلأَرْزِ».

حزقيال ٤١: ٢٣ – ٢٥ ص ٧: ١٢ وإرميا ٣٦: ١٠

كان باب المحراب في الحائط الفاصل بين القدس وقدس الأقداس. والساكف هو ما فوق الباب والقائمتان هما على جانبي الباب. وكانت مخمّسة أي كان عرض الباب خُمس عرض البيت أي أربع أذرع.

مُرَبَّعَةً (ع ٣٣) كان عرض الباب من القدس إلى الرواق ربع عرض البيت أي خمس أذرع.

ذَهَبٍ مُطَرَّقٍ عَلَى ٱلْمَنْقُوشِ (ع ٣٥) على الألواح التي كانت بلا نقش سمروا ألواحاً رقيقة من الذهب ولكن على المنقوش طرق الذهب ليظهر بالذهب المنقوش على الخشب.

ٱلدَّارَ ٱلدَّاخِلِيَّةَ (ع ٣٦) وفي ٢أيام ٤: ٩ «دار الكهنة والدار العظيمة» أي دار الكهنة هي الدار الداخلية وحواليها الدار العظيمة التي كانت لعموم الشعب. وفي إرميا ٣٦: ١٠ الدار العليا. أي كانت الدار الداخلية أو دار الكهنة أعلى من الدار العظيمة والمظنون أن سليمان بنى حائطاً بين الدارين من ثلاثة صفوف من حجارة منحوتة من أرض الدار السفلى إلى أرض الدار العليا فكان سنداً أو حاجزاً للدار العليا. وفوق الحجارة صف من جوائز الأرز للزينة أو لحفظ الحائط. ونستنتج من (٢أيام ٧: ٣) إن الشعب في الدار السفلى كانوا ينظرون ما يحدث في الدار العليا.

٣٧، ٣٨ «٣٧ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلرَّابِعَةِ أُسِّسَ بَيْتُ ٱلرَّبِّ فِي شَهْرِ زِيُو. ٣٨ وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلْحَادِيَةِ عَشَرَةَ فِي شَهْرِ بُولَ، وَهُوَ ٱلشَّهْرُ ٱلثَّامِنُ، أُكْمِلَ ٱلْبَيْتُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ وَأَحْكَامِهِ. فَبَنَاهُ فِي سَبْعِ سِنِينٍ».

ع ١

يظهر أن سليمان قضى ثلاث سنين في الاستعداد كجمع مواد الهيكل وتنظيم العمل وابتدأ في البناء في شهر زيو أي أيار وأكمل البيت في شهر بُول أي ما بين تشرين الثاني وكانون الأول. فكانت المدة كلها سبع سنين ونصف سنة.

فوائد

  1. إن الله مستحق أفضل خدمة وأثمن تقادم فلا نقول في هيكل سليمان كما قال يهوذا «لماذا هذا الإتلاف لأنه كان يمكن أن يُعطى للفقراء». يجب أن يكون المسيح الأول في قلوبنا. والعطاء للفقراء هو نتيجة العطاء للرب. وحيث ليس كنائس ليس مأوى ولا مطاعم للفقراء.
  2. إن الأمر الجوهري في العطاء هو التعبير عن المحبة للمسيح. ومن ليس له فضة ولا ذهب إذا قدم قلبه فهو مقبول عند الرب كسليمان. وأعظم العطايا هي بلا قيمة عند الرب إن لم تعبّر عن المحبة له.
  3. إن جمال البيت ليس بالذهب والأرز بل بوجود الله فيه. فالعليّة في أورشليم التي فيها رسم يسوع العشاء الربي، والبيت الذي كان فيه التلاميذ لما حل عليهم الروح القدس، والمكان عند نهر فيلبي حيث جرت العادة أن تكون صلاة. والسجن في فيلبي حيث صلى بولس وسيلا وسبحا الله في نصف الليل وشاطئ البحر عند صور حيث جثا بولس وأصدقاؤه وصلوا هي كلها أماكن مقدسة كهيكل سليمان.
  4. إن الله علّم شعبه الروحيات بواسطة الرموز الجسدية. فكان الهيكل وآنيته وخدمته لازمة في زمانها وليست لازمة بعد التجسد وحلول الروح القدس.
  5. إن الهيكل كان للكهنة ولم يدخله أحد الشعب وأما الكنيسة فهي لشعب الله كلهم. وأصغرهم كأكبرهم يقدر أن يصلي ويسبح الله فيها.
  6. إنه قد تكون أفضل خدمة بلا صوت (ع ٧) كالصلاة الانفرادية والقدوة الحسنة والعطاء حيث لا تعرف الشمال ما تفعل اليمين.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى