سفر الملوك الأول | 03 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الملوك الأول
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ
١ – ٤ «١ وَصَاهَرَ سُلَيْمَانُ فِرْعَوْنَ مَلِكَ مِصْرَ وَأَخَذَ بِنْتَ فِرْعَوْنَ وَأَتَى بِهَا إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ إِلَى أَنْ أَكْمَلَ بِنَاءَ بَيْتِهِ وَبَيْتِ ٱلرَّبِّ وَسُورِ أُورُشَلِيمَ حَوَالَيْهَا. ٢ إِلاَّ أَنَّ ٱلشَّعْبَ كَانُوا يَذْبَحُونَ فِي ٱلْمُرْتَفَعَاتِ، لأَنَّهُ لَمْ يُبْنَ بَيْتٌ لاسْمِ ٱلرَّبِّ إِلَى تِلْكَ ٱلأَيَّامِ. ٣ وَأَحَبَّ سُلَيْمَانُ ٱلرَّبَّ سَائِراً فِي فَرَائِضِ دَاوُدَ أَبِيهِ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَذْبَحُ وَيُوقِدُ فِي ٱلْمُرْتَفَعَاتِ. ٤ وَذَهَبَ ٱلْمَلِكُ إِلَى جِبْعُونَ لِيَذْبَحَ هُنَاكَ، لأَنَّهَا هِيَ ٱلْمُرْتَفَعَةُ ٱلْعُظْمَى. وَأَصْعَدَ سُلَيْمَانُ أَلْفَ مُحْرَقَةٍ عَلَى ذٰلِكَ ٱلْمَذْبَحِ».
ص ٧: ٨ و٩: ١٦ و٢٤ و٢أيام ٨: ١١ ص ٩: ٢٤ ص ٧: ١ و٩: ١٠ ص ٩: ١٥ لاويين ١٧: ٣ – ٥ وتثنية ١٢: ١٣ و١٤ تثنية ٦: ٥ ومزمور ٣١: ٢٣ ص ٢: ٣ و٩: ٤ و١١: ٤ و٦ و٣٨ و٢أيام ١: ٣ يشوع ١٨: ٢١ – ٢٥ و١أيام ١٦: ٣٩ و٢١: ٢٩
فِرْعَوْنَ مَلِكَ مِصْرَ هنا أول ذكر لمصر بعد الخروج. إن الاسم فرعون لقب لملوك كثيرين في مصر وليس لواحد منهم فقط. والمظنون أن الملك المشار إليه هنا هو بسيناسيس. وربما أن ابنته لما تزوجت بسليمان دانت بالدين اليهودي ومما يؤيد ذلك أنه في آخر حياة سليمان لما بنى مرتفعات لآلهة نسائه الغريبات لم يُذكر أنه بنى مرتفعة لآلهة مصر (١١: ١ – ٨) كانت مصر أعظم الممالك القديمة وكان اتحادها بمملكة إسرائيل من الأمور الموافقة حسب أفكار أرباب السياسة.
مَدِينَةِ دَاوُدَ إن مدينة أورشليم مبنية على لسان من الأرض منفصل عن بقية البلاد بأودية عميقة من كل الجهات إلا جهة الشمال. فحدها الشرقي وادي قدرون والجنوبي والغربي وادي هنوم. وبين هذين الواديين ثالث يسمى وادي الجبانيين. وقد قسم هذا الوادي ساحة المدينة قسمين متوازيين شرقيهما جبل موريا موقع الهيكل وقصر سليمان وبيت نسائه وبيت وعر لبنان. وكانت مدينة داود أو صهيون في هذا القسم وإلى جهة الجنوب من الهيكل والأبنية المذكورة. غير أن بعضهم يظنون أنها في القسم الغربي من قسمي المدينة (اطلب أورشليم وصهيون في قاموس الكتاب).
إِلَى أَنْ أَكْمَلَ بِنَاءَ بَيْتِهِ نفهم من ٧: ٨ أن سليمان عمل لابنة فرعون بيتاً عظيماً جميلاً كبيته. ومن ٢أيام ٨: ١١ أنه أصعدها من مدينة داود إلى البيت الذي بناه لها لأنه قال لا تسكن امرأة لي في بيت داود ملك إسرائيل لأن الأماكن التي دخل إليها تابوت الرب إنما هي مقدسة. وكانت مدة إقامتها في مدينة داود ١٣ سنة (٧: ١ – ٨). وبعضهم يرى في مزمور ٤٥ وفي سفر نشيد الأنشاد إشارات إلى ابنة فرعون.
وَسُورِ أُورُشَلِيمَ حَوَالَيْهَا وسّع أسوار المدينة فصارت تحيط بالأحياء المضافة إليها وبأسوار مدينة داود وبنى القلعة وسد شقوق مدينة داود أبيه (١١: ٢٧) ونبوخذ ناصر هدم هذه الأسوار ورممها نحميا وهُدمت وبُنيت مرات كثيرة.
إِلاَّ (ع ٢) كانت المملكة ثبتت وتنظمت إلا في أمر السجود للرب في المرتفعات. وكانت تلك العبادة جائزة وقتياً (خروج ٢٠: ٢٤). وبعد تعيين أورشليم والهيكل مكاناً لتقديم الذبائح لم يجز تقديمها في مكان آخر. كان الناس يميلون إلى العبادة في المرتفعات لأنها حسب الظاهر مرتفعة عن هموم العالم وشروره ومقتربة إلى السماء. ولكن العبادة على هذا النمط كانت ممنوعة أولاً لأنهم بواسطتها كانوا يقتربون إلى العبادة الوثنية ونجاساتها. وثانياً لأن العبادة في مكان واحد فقط لجميع الشعب كانت أحسن واسطة لاتحاد الشعب.
لاسْمِ ٱلرَّبِّ اسم الرب هنا بمعنى عبادة الرب لأن الاسم هو ما يُعرف به.
وَأَحَبَّ سُلَيْمَانُ ٱلرَّبَّ (ع ٣) حفظ الوصية الأولى «تُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ» (تثنية ٦: ٥). والمحبة تكميل الناموس. وهنا أعظم مدح لسليمان لأن المحبة للرب أعظم من الحكمة والغنى والسلطة والمجد العالمي.
فَرَائِضِ دَاوُدَ أَبِيهِ فرائض الرب التي سار داود فيها.
إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَذْبَحُ الخ (انظر تفسير ع ٢) إشارة إلى أن العبادة في المرتفعات هي عبادة غير كاملة ومقبولة إلى أن تقام عبادة أفضل في الهيكل في أورشليم. وليس هنا إشارة إلى أن سليمان أخطأ في هذا الأمر.
جِبْعُونَ (ع ٤) مدينة لبنيامين كانت للحويين (يشوع ٩) شمال أورشليم على بعد خمسة أميال منها اسمها اليوم الجيب وموقعها على قمة هضبة وفي أسفل الهضبة ينبوع ماء. فكانت مكاناً ملائماً لتقديم الذبائح. وكانت الخيمة في جبعون ومذبح النحاس قد انتقل إلى جبعون من نوب. فدُعي المكان المرتفعة العظمى.
أَلْفَ مُحْرَقَةٍ ذبيحة عظيمة توافق عظمة الملك ووقفه نفسه لخدمة الرب في أول ملكه. وفي (٢أيام ١: ١ – ٦) خبر هذه الذبيحة بالتفصيل ونعرف منه أن الذبيحة كانت بحضور رؤساء جميع إسرائيل فكانت علامة اتحادهم في عبادة واحدة للإله الوحيد. وبعد هذه الذبيحة ليس في الكتاب ذكر ذبائح في جبعون. ولعل الذبائح في جبعون لم تكن كلها في وقت واحد بل على مدة سبعة أيام أو أكثر كالعادة في الأعياد.
٥ – ١٥ «٥ فِي جِبْعُونَ تَرَاءَى ٱلرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ فِي حُلْمٍ لَيْلاً. وَقَالَ ٱللّٰهُ: ٱسْأَلْ مَاذَا أُعْطِيكَ. ٦ فَقَالَ سُلَيْمَانُ: إِنَّكَ قَدْ فَعَلْتَ مَعَ عَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي رَحْمَةً عَظِيمَةً حَسْبَمَا سَارَ أَمَامَكَ بِأَمَانَةٍ وَبِرٍّ وَٱسْتِقَامَةِ قَلْبٍ مَعَكَ، فَحَفِظْتَ لَهُ هٰذِهِ ٱلرَّحْمَةَ ٱلْعَظِيمَةَ وَأَعْطَيْتَهُ ٱبْناً يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّهِ كَهٰذَا ٱلْيَوْمِ. ٧ وَٱلآنَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهِي، أَنْتَ مَلَّكْتَ عَبْدَكَ مَكَانَ دَاوُدَ أَبِي، وَأَنَا فَتىً صَغِيرٌ لاَ أَعْلَمُ ٱلْخُرُوجَ وَٱلدُّخُولَ. ٨ وَعَبْدُكَ فِي وَسَطِ شَعْبِكَ ٱلَّذِي ٱخْتَرْتَهُ شَعْبٌ كَثِيرٌ لاَ يُحْصَى وَلاَ يُعَدُّ مِنَ ٱلْكَثْرَةِ. ٩ فَأَعْطِ عَبْدَكَ قَلْباً فَهِيماً لأَحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ وَأُمَيِّزَ بَيْنَ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ، لأَنَّهُ مَنْ يَقْدُرُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ ٱلْعَظِيمِ هٰذَا؟ ١٠ فَحَسُنَ ٱلْكَلاَمُ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ، لأَنَّ سُلَيْمَانَ سَأَلَ هٰذَا ٱلأَمْرَ. ١١ فَقَالَ لَهُ ٱللّٰهُ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ هٰذَا ٱلأَمْرَ وَلَمْ تَسْأَلْ لِنَفْسِكَ أَيَّاماً كَثِيرَةً وَلاَ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ غِنىً وَلاَ سَأَلْتَ أَنْفُسَ أَعْدَائِكَ، بَلْ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ تَمْيِيزاً لِتَفْهَمَ ٱلْحُكْمَ، ١٢ هُوَذَا قَدْ فَعَلْتُ حَسَبَ كَلاَمِكَ. هُوَذَا أَعْطَيْتُكَ قَلْباً حَكِيماً وَمُمَيِّزاً حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُكَ قَبْلَكَ وَلاَ يَقُومُ بَعْدَكَ نَظِيرُكَ. ١٣ وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ أَيْضاً مَا لَمْ تَسْأَلْهُ، غِنىً وَكَرَامَةً حَتَّى إِنَّهُ لاَ يَكُونُ رَجُلٌ مِثْلَكَ فِي ٱلْمُلُوكِ كُلَّ أَيَّامِكَ. ١٤ فَإِنْ سَلَكْتَ فِي طَرِيقِي وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَوَصَايَايَ كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أَبُوكَ فَإِنِّي أُطِيلُ أَيَّامَكَ. ١٥ فَٱسْتَيْقَظَ سُلَيْمَانُ وَإِذَا هُوَ حُلْمٌ. وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَوَقَفَ أَمَامَ تَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ وَقَرَّبَ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ وَعَمِلَ وَلِيمَةً لِكُلِّ عَبِيدِهِ».
ص ٩: ٢ و١١: ٩ عدد ١٢: ٦ ومتّى ١: ٢٠ و٢صموئيل ٧: ٨ – ١٧ ص ٩: ٤ ص ١: ٤٨ و١أيام ٢٢: ٩ – ١٣ و١أيام ٢٩: ١ وإرميا ١: ٦ و٧ عدد ٢٧: ١٧ خروج ١٩: ٦ وتثنية ٧: ٦ تكوين ١٥: ٥ و٢٢: ١٧ أمثال ٢: ٣ – ٩ ومزمور ٧٢: ١ و٢ ويعقوب ١: ٥ و٢صموئيل ١٤: ١٧ و١يوحنا ٥: ١٤ و١٥ ص ٤: ٢٩ – ٣١ و٥: ١٢ ص ٤: ٢١ – ٢٤ و١٠: ٢٣ و٢٧ ع ٦ تكوين ٤١: ٧ ص ٨: ٦٥
فِي حُلْمٍ لَيْلاً (ع ٥) كان الله يكلّم شعبه وغيرهم قديماً بأحلام ولكنه أعطانا في كتابه إعلاناً أثبت فليس للأحلام اعتبار في أيامنا. وأما سليمان فتراءى الله له حقيقة وكلّمه حقيقة.
ٱسْأَلْ مَاذَا أُعْطِيكَ وهذا القول من القادر على كل شيء بمثابة وعد منه أنه يعطيه مهما سأله. وليس هذا الوعد لسليمان فقط بل لجميع الذين يسألون من الله باسم المسيح الذي قال «مَهْمَا سَأَلْتُمْ بِٱسْمِي فَذٰلِكَ أَفْعَلُهُ» (يوحنا ١٤: ١٣).
رَحْمَةً عَظِيمَةً (ع ٦) والرحمة لداود إقامة ابنه ليجلس على كرسيه فلم ينتقل المُلك لبيت آخر كما انتقل من شاول إلى داود. سار داود أمام الرب بأمانة ولكن ما فعل الرب معه فهو من باب الرحمة وليس من باب الاستحقاق.
وَأَنَا فَتىً صَغِيرٌ (ع ٧) كان عمره نحو عشرين سنة فكان فتى نظراً إلى سمو منصبه وهو ملك على شعب الله شعب عظيم (تكوين ١٣: ١٦).
ٱلْخُرُوجَ وَٱلدُّخُولَ يخرج الإنسان من بيته صباحاً ليبتدئ بعمل ويدخل بيته مساء بعد إتمام العمل فيشمل هذا القول أعمال الإنسان كلها من الأول إلى الآخر (مزمور ١٢١: ٨).
قَلْباً فَهِيماً وفي ٢أيام ١: ١٠ «أَعْطِنِي ٱلآنَ حِكْمَةً وَمَعْرِفَةً». ومضمون طلبته أولاً أن الله يرشده بروحه في قلبه. وثانياً أنه يجعله يسمع ويعمل بموجب إرشادات الرب. فيخرج كل كلامه وكل أعماله من قلب متنوّر من الرب. وغايته الخصوصية هي الحكم على الشعب بالصواب. انظر قول يعقوب (يعقوب ١: ٥) «إِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ فَلْيَطْلُبْ مِنَ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يُعْطِي ٱلْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ». أي أن الله يعطي الحكمة لكل من يطلبها. والحكمة الحقيقية تتميّز عن المعرفة بما أن مقرها في القلب وليس في العقل ورأسها مخافة الرب ونتيجتها الأعمال الصالحة. ونرى أن حكمة سليمان كانت ناقصة. فإنه عرف علوماً كثيرة والتمييز بين الخير والشر ولكن في آخر حياته لم يختبر الخير ولم يسلك حسب معرفته.
فَحَسُنَ ٱلْكَلاَمُ (ع ١٠) لأنه طلب ما ينفع الشعب وليس ما ينفع نفسه فقط. وطلب بركات روحية لا بركات جسدية. ولا نفهم أن الله أعطاه هذه البركة بلا عمل منه. فلا شك في أن سليمان حصّل العلوم بواسطة الدرس والبحث ومعاشرة العلماء واكتسب فضائله الروحية بدرسه في شريعة الرب والتأمل والاجتهاد في السلوك الحسن. ولما تكاسل في السهر والصلاة والاجتهاد سقط من مقامه السامي. وأما الرب فبارك على الوسائل وأعطاه عقلاً ذكياً وذاكرة قوية وفهماً وإدراكاً.
لَمْ يَكُنْ مِثْلُكَ (ع ١٢) في الحكمة. اشتهر إبراهيم لإيمانه وموسى لأمانته وداود لاقترابه إلى الله وسليمان لحكمته.
غِنىً وَكَرَامَةً (ع ١٣) وهما نتيجة طبيعية للحكمة.
أُطِيلُ أَيَّامَكَ لكل المواعيد شروط وشرط هذا الوعد هو أنه يسلك في طرق الرب وبما أن سليمان لم يسلك في هذ الطرق في آخر حياته لم يطل الرب أيامه كثيراً. وكان عمره نحو ستين سنة.
وَإِذَا هُوَ حُلْمٌ (ع ١٥) انظر (ع ٥) وتفسيره. نقول في أيامنا هذا حلم. أي غير حقيقي وبلا اعتبار. وأما سليمان فلما استيقظ شعر بأنه قد أتاه حلم من الله كأحلام يعقوب ويوسف وكثيرين من الأفاضل القدماء الذين كلمهم الله بواسطة الأحلام.
تَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ (٢صموئيل ٦: ١٢).
وَعَمِلَ وَلِيمَةً علامة شكره وفرحه بعدما تراءى له الرب وأعطاه هذه البركات العظمى.
١٦ – ٢٨ «١٦ حِينَئِذٍ أَتَتْ زَانِيَتَانِ إِلَى ٱلْمَلِكِ وَوَقَفَتَا بَيْنَ يَدَيْهِ. ١٧ فَقَالَتِ ٱلْوَاحِدَةُ: ٱسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. إِنِّي أَنَا وَهٰذِهِ ٱلْمَرْأَةُ سَاكِنَتَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ وَلَدْتُ مَعَهَا فِي ٱلْبَيْتِ. ١٨ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ بَعْدَ وِلاَدَتِي وَلَدَتْ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةُ أَيْضاً، وَكُنَّا مَعاً وَلَمْ يَكُنْ مَعَنَا غَرِيبٌ فِي ٱلْبَيْتِ. ١٩ فَمَاتَ ٱبْنُ هٰذِهِ فِي ٱللَّيْلِ لأَنَّهَا ٱضْطَجَعَتْ عَلَيْهِ. ٢٠ فَقَامَتْ فِي وَسَطِ ٱللَّيْلِ وَأَخَذَتِ ٱبْنِي مِنْ جَانِبِي وَأَمَتُكَ نَائِمَةٌ، وَأَضْجَعَتْهُ فِي حِضْنِهَا، وَأَضْجَعَتِ ٱبْنَهَا ٱلْمَيِّتَ فِي حِضْنِي. ٢١ فَلَمَّا قُمْتُ صَبَاحاً لأُرَضِّعَ ٱبْنِي إِذَا هُوَ مَيِّتٌ. وَلَمَّا تَأَمَّلْتُ فِيهِ فِي ٱلصَّبَاحِ إِذَا هُوَ لَيْسَ ٱبْنِيَ ٱلَّذِي وَلَدْتُهُ. ٢٢ وَكَانَتِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلأُخْرَى تَقُولُ: كَلاَّ بَلِ ٱبْنِيَ ٱلْحَيُّ وَٱبْنُكِ ٱلْمَيِّتُ. وَهٰذِهِ تَقُولُ: لاَ بَلِ ٱبْنُكِ ٱلْمَيِّتُ وَٱبْنِيَ ٱلْحَيُّ. وَتَكَلَّمَتَا أَمَامَ ٱلْمَلِكِ. ٢٣ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: هٰذِهِ تَقُولُ: هٰذَا ٱبْنِيَ ٱلْحَيُّ وَٱبْنُكِ ٱلْمَيِّتُ، وَتِلْكَ تَقُولُ: لاَ بَلِ ٱبْنُكِ ٱلْمَيِّتُ وَٱبْنِيَ ٱلْحَيُّ. ٢٤ اِيتُونِي بِسَيْفٍ. فَأَتَوْا بِسَيْفٍ بَيْنَ يَدَيِ ٱلْمَلِكِ. ٢٥ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: ٱشْطُرُوا ٱلْوَلَدَ ٱلْحَيَّ ٱثْنَيْنِ، وَأَعْطُوا نِصْفاً لِلْوَاحِدَةِ وَنِصْفاً لِلأُخْرَى. ٢٦ فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي ٱبْنُهَا ٱلْحَيُّ لِلْمَلِكِ (لأَنَّ أَحْشَاءَهَا ٱضْطَرَمَتْ عَلَى ٱبْنِهَا): ٱسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. أَعْطُوهَا ٱلْوَلَدَ ٱلْحَيَّ وَلاَ تُمِيتُوهُ. وَأَمَّا تِلْكَ فَقَالَتْ: لاَ يَكُونُ لِي وَلاَ لَكِ. اُشْطُرُوهُ. ٢٧ فَأَمَرَ ٱلْمَلِكُ: أَعْطُوهَا ٱلْوَلَدَ ٱلْحَيَّ وَلاَ تُمِيتُوهُ فَإِنَّهَا أُمُّهُ. ٢٨ وَلَمَّا سَمِعَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِٱلْحُكْمِ ٱلَّذِي حَكَمَ بِهِ ٱلْمَلِكُ هَابُوا ٱلْمَلِكَ، لأَنَّهُمْ رَأَوْا حِكْمَةَ ٱللّٰهِ فِيهِ لإِجْرَاءِ ٱلْحُكْمِ».
عدد ٢٧: ٢ تكوين ٤٣: ٣٠ وإرميا ٣١: ٢٠ ع ٩ و١١ و١٢
في هذه الحادثة امتحان حكمة سليمان وكان حكمه فيها شهادة لحكمته. وكان الحكم فيها صعباً لأنه لم يكن في البيت إلا المرأتان دون شاهد. إن محبة الأولاد أمر طبيعي حتى في الأشرار فلا تتعجب أن كل واحدة من الاثنتين قد ادعت أن الولد لها. ولكن محبة الواحدة وهي أم الولد أقوى من محبة الأخرى له. والتي ليس لها ولد لم تحتمل أن ترى ولداً في حضن رفيقتها وهي بلا ولد. فاستحسنت أنه يكون لا لها ولا لرفيقتها بل يُقتل. وسليمان وإن كان شاباً أظهر معرفته بما في الإنسان. لأن محبة الأم أقوى من الحسد وأما الأخرى فحسدها أقوى من محبتها للولد. والواقفون في المحكمة قبلما سمعوا حكم الملك رأوا أن حل المشكل أمر مستحيل ولكنهم بعدما سمعوا حكم الملك رأوا أنه أمر بسيط جداً. وهكذا ظهرت حكمة سليمان الفائقة لحكمتهم أجمعين.
- ع ١ «وصاهر سليمان فرعون» المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة.
(١) الرجل وامرأته. لا بد من تأثير المرأة في الرجل وإذا كانت المرأة غير مؤمنة فلا بد من خسارة الرجل في الحياة الروحية (٢) الرجل وأهل امرأته. لا بد من تأثيرهم فيه فيتعب منهم إذا كانوا غير مؤمنين حتى ولو كانت امرأته مؤمنة (٣) الرجل وأولاده. إن تربية الأولاد على أمهم أكثر مما هي على أبيهم. وربما يصبح الرجل وحده في بيته وتكون امرأته وأولاده مضادين له في الإيمان (٤) خسارة الرجل بفقده المعاشرات الصالحة (١١: ١ ونحميا ١٣: ٢٦).
- ع ٢ «وأحب سليمان الرب»
(١) المحبة للرب أمر واجب لأن كل المواهب الصالحة منه ولأن يسوع مات لأجلنا (٢) المحبة للرب أحسن محرك على الأعمال الصالحة. كثيرون يعملون بباعث المحبة ما لا يعملونه بباعث الخوف (٣) المحبة للرب يجب أن تكون في أيام الشبيبة (جامعة ١٢: ١).
- ع ٥ «اسأل ماذا أعطيك» دعوة الله إلى الصلاة.
(١) إن الله يقدر أن يعطينا أعظم العطايا (٢) إنه يعرف أن يعطينا أحسن العطايا (٣) إنه يحب أن يعطينا فيعطينا بسخاء (٤) لنطلب منه أن يعلمنا ماذا نطلبه منه ولنطلب بالإيمان والثقة.
- ع ١٣ «وقد أعطيتك أيضاً» الزمنيات:
(١) هي ثانوية (٢) إن الله لا ينسى إننا محتاجون إليها فلا يلزمنا أن نهتم بها (٣) إنها خطرة إذا لم ننل نعمته أولاً.
السابق |
التالي |