سفر عزرا

سفر عزرا | 09 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر عزرا

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ

١ – ٥ «١ وَلَمَّا كَمَلَتْ هٰذِهِ تَقَدَّمَ إِلَيَّ ٱلرُّؤَسَاءُ قَائِلِينَ: لَمْ يَنْفَصِلْ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ وَٱلْكَهَنَةُ وَٱللاَّوِيُّونَ مِنْ شُعُوبِ ٱلأَرَاضِي حَسَبَ رَجَاسَاتِهِمْ مِنَ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْحِثِّيِّينَ وَٱلْفِرِزِّيِّينَ وَٱلْيَبُوسِيِّينَ وَٱلْعَمُّونِيِّينَ وَٱلْمُوآبِيِّينَ وَٱلْمِصْرِيِّينَ وَٱلأَمُورِيِّينَ. ٢ لأَنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا مِنْ بَنَاتِهِمْ لأَنْفُسِهِمْ وَلِبَنِيهِمْ، وَٱخْتَلَطَ ٱلزَّرْعُ ٱلْمُقَدَّسُ بِشُعُوبِ ٱلأَرَاضِي. وَكَانَتْ يَدُ ٱلرُّؤَسَاءِ وَٱلْوُلاَةِ فِي هٰذِهِ ٱلْخِيَانَةِ أَوَّلاً. ٣ فَلَمَّا سَمِعْتُ بِهٰذَا ٱلأَمْرِ مَزَّقْتُ ثِيَابِي وَرِدَائِي وَنَتَّفْتُ شَعْرَ رَأْسِي وَذَقْنِي وَجَلَسْتُ مُتَحَيِّراً. ٤ فَٱجْتَمَعَ إِلَيَّ كُلُّ مَنِ ٱرْتَعَدَ مِنْ كَلاَمِ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَجْلِ خِيَانَةِ ٱلْمَسْبِيِّينَ، وَأَنَا جَلَسْتُ مُتَحَيِّراً إِلَى تَقْدِمَةِ ٱلْمَسَاءِ. ٥ وَعِنْدَ تَقْدِمَةِ ٱلْمَسَاءِ قُمْتُ مِنْ تَذَلُّلِي، وَفِي ثِيَابِي وَرِدَائِي ٱلْمُمَزَّقَةِ جَثَوْتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَبَسَطْتُ يَدَيَّ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِي»

ص ٦: ٢١ ونحميا ٩: ٢ لاويين ١٨: ٢٤ – ٣٠ ص ١٠: ٢ و١٨ نحميا ١٣: ٣ خروج ٢٢: ٣١ و١ملوك ١٨: ٣٧ نحميا ١: ٤ ص ١٠: ٣ خروج ٢٩: ٣٩ خروج ٩: ٢٩

وَلَمَّا كَمَلَتْ هٰذِهِ وصل عزرا إلى أورشليم في الشهر الخامس أي شهر آب (٧: ٩) وبعد وصوله رتب الأمور اللازمة في أورشليم ثم بلّغ الخزنة وغيرهم من المأمورين في عبر النهر أوامر الملك (٧: ٢١ – ٢٦) ولعله دار عليهم بنفسه. ولما كملت هذه الأمور تقدم إليه الرؤساء وكان الاجتماع في أورشليم في الشهر التاسع وهو كانون الأول أي بعد وصوله إلى أورشليم بأربعة أشهر قضاها بما ذكرنا.

شُعُوبِ ٱلأَرَاضِي في (خروج ١٣: ٥) ذكر خمسة من الشعوب وفي (خروج ٣: ٨) ستة منها وفي (تثنية ٧: ١) سبعة منها وهنا ثمانية. ولا يُذكر هنا الحويون ولا الجرجاشيون أما العمونيون والموآبيون والمصريون فمذكورون. وكانوا عبدة أصنام وكان في تلك العبادة كثير من الرجاسات فإذا تزوج الإسرائيليون بناتهم تفسد أخلاقهم من المعاشرات الرديئة. ولا شك في أنه استُثني من ذلك راعوث الموآبية وأمثالها التي قالت لحماتها «شعبك شعبي وإلهك إلهي» (راعوث ١: ١٦) فانضمت إلى شعب الله.

ٱخْتَلَطَ ٱلزَّرْعُ ٱلْمُقَدَّسُ (ع ٢) (خروج ١٩: ٥ و٦ وإشعياء ٤: ٣) ومعنى المقدس (١) المخصص للرب و(٢) الطاهر في حياته. وكان شعب اليهود أمة صغيرة بالنسبة إلى الشعوب الوثنية وكان اليهود الشعب الوحيد في العالم الذي كان يسجد للإله الحقيقي وحده فكان اعتزالهم عن شعوب العالم أمراً ضرورياً وإلا يتلاشى الدين الحقيقي.

فِي هٰذِهِ ٱلْخِيَانَةِ تسمى عملهم خيانة لأنهم تركوا به إلههم.

مَزَّقْتُ ثِيَابِي (ع ٣) علامة الحزن الشديد والاشمئزاز (تكوين ٣٧: ٢٩ و٣٤ وقضاة ١١: ٣٥ وأيوب ١: ٢٠).

نَتَّفْتُ شَعْرَ رَأْسِي نتف من شعر رأسه وذقنه.

وَجَلَسْتُ عمله هذا أثر في الشعب تأثيراً عظيماً وأكثر من تأثير الكلام.

كُلُّ مَنِ ٱرْتَعَدَ مِنْ كَلاَمِ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ (ع ٤) إشارة إلى (تثنية ٧: ١ – ٤).

إِلَى تَقْدِمَةِ ٱلْمَسَاءِ (خروج ٢٩: ٣٨ – ٤٢) كان قد جلس زماناً وعند تقدمة المساء انتبه إلى الخدمة الدينية فالتجأ إلى الله في الصلاة «أَلْقِ عَلَى ٱلرَّبِّ هَمَّكَ» (مزمور ٥٥: ٢٢).

جَثَوْتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ (ع ٥) كان القدماء يصلّون أحياناً جاثين (١ملوك ٨: ٥٤ دانيال ٦: ١٠ مزمور ٩٥: ٦ لوقا ٢٢: ٤١ أعمال ٧: ٦٠) وأحياناً واقفين (١صموئيل ١: ٢٦ ومتّى ٦: ٥ ولوقا ١٨: ١١).

٦ – ١٥ «٦ وَقُلْتُ: ٱللّٰهُمَّ إِنِّي أَخْجَلُ وَأَخْزَى مِنْ أَنْ أَرْفَعَ يَا إِلٰهِي وَجْهِي نَحْوَكَ، لأَنَّ ذُنُوبَنَا قَدْ كَثُرَتْ فَوْقَ رُؤُوسِنَا، وَآثَامَنَا تَعَاظَمَتْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ. ٧ مُنْذُ أَيَّامِ آبَائِنَا نَحْنُ فِي إِثْمٍ عَظِيمٍ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ. وَلأَجْلِ ذُنُوبِنَا قَدْ دُفِعْنَا نَحْنُ وَمُلُوكُنَا وَكَهَنَتُنَا لِيَدِ مُلُوكِ ٱلأَرَاضِي لِلسَّيْفِ وَٱلسَّبْيِ وَٱلنَّهْبِ وَخِزْيِ ٱلْوُجُوهِ كَهٰذَا ٱلْيَوْمِ. ٨ وَٱلآنَ كَلُحَيْظَةٍ كَانَتْ رَأْفَةٌ مِنْ لَدُنِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا لِيُبْقِيَ لَنَا نَجَاةً وَيُعْطِيَنَا وَتَداً فِي مَكَانِ قُدْسِهِ، لِيُنِيرَ إِلٰهُنَا أَعْيُنَنَا وَيُعْطِيَنَا حَيَاةً قَلِيلَةً فِي عُبُودِيَّتِنَا. ٩ لأَنَّنَا عَبِيدٌ نَحْنُ، وَفِي عُبُودِيَّتِنَا لَمْ يَتْرُكْنَا إِلٰهُنَا بَلْ بَسَطَ عَلَيْنَا رَحْمَةً أَمَامَ مُلُوكِ فَارِسَ لِيُعْطِيَنَا حَيَاةً لِنَرْفَعَ بَيْتَ إِلٰهِنَا وَنُقِيمَ خَرَائِبَهُ وَلْيُعْطِيَنَا حَائِطاً فِي يَهُوذَا وَفِي أُورُشَلِيمَ. ١٠ وَٱلآنَ فَمَاذَا نَقُولُ يَا إِلٰهَنَا بَعْدَ هٰذَا، لأَنَّنَا قَدْ تَرَكْنَا وَصَايَاكَ ١١ ٱلَّتِي أَوْصَيْتَ بِهَا عَنْ يَدِ عَبِيدِكَ ٱلأَنْبِيَاءِ قَائِلاً: إِنَّ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي تَدْخُلُونَ لِتَمْتَلِكُوهَا هِيَ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِنَجَاسَةِ شُعُوبِ ٱلأَرَاضِي بِرَجَاسَاتِهِمِ ٱلَّتِي مَلَأُوهَا بِهَا مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ بِنَجَاسَتِهِمْ. ١٢ وَٱلآنَ فَلاَ تُعْطُوا بَنَاتِكُمْ لِبَنِيهِمْ وَلاَ تَأْخُذُوا بَنَاتِهِمْ لِبَنِيكُمْ، وَلاَ تَطْلُبُوا سَلاَمَتَهُمْ وَخَيْرَهُمْ إِلَى ٱلأَبَدِ لِتَتَشَدَّدُوا وَتَأْكُلُوا خَيْرَ ٱلأَرْضِ وَتُورِثُوا بَنِيكُمْ إِيَّاهَا إِلَى ٱلأَبَدِ. ١٣ وَبَعْدَ كُلِّ مَا جَاءَ عَلَيْنَا لأَجْلِ أَعْمَالِنَا ٱلرَّدِيئَةِ وَآثَامِنَا ٱلْعَظِيمَةِ لأَنَّكَ قَدْ جَازَيْتَنَا يَا إِلٰهَنَا أَقَلَّ مِنْ آثَامِنَا وَأَعْطَيْتَنَا نَجَاةً كَهٰذِهِ، ١٤ أَفَنَعُودُ وَنَتَعَدَّى وَصَايَاكَ وَنُصَاهِرُ شُعُوبَ هٰذِهِ ٱلرَّجَاسَاتِ؟ أَمَا تَسْخَطُ عَلَيْنَا حَتَّى تُفْنِيَنَا فَلاَ تَكُونُ بَقِيَّةٌ وَلاَ نَجَاةٌ؟ ١٥ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ، أَنْتَ بَارٌّ لأَنَّنَا بَقِينَا نَاجِينَ كَهٰذَا ٱلْيَوْمِ. هَا نَحْنُ أَمَامَكَ فِي آثَامِنَا، لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَقِفَ أَمَامَكَ مِنْ أَجْلِ هٰذَا».

ع ١٣ و١٥ و١أيام ٢٨: ٩ ورؤيا ١٨: ٥ و٢أيام ٢٩: ٦ دانيال ٩: ٨ ع ١٣ – ١٥ إشعياء ٢٢: ٢٣ نحميا ٩: ٣٦ ص ٧: ٢٨ ص ٦: ٢١ ع ٢ أمثال ١٣: ٢٢ ع ٦ و٧ ع ٨ ع ٢ تثنية ٩: ٨ و١٤ نحميا ٩: ٣٣ ودانيال ٩: ٧ ع ٦ أيوب ٩: ٢

نرى في صلاة عزرا (١) إنه لم يطلب طلبات وذلك بخلاف صلواتنا الاعتيادية التي أكثرها طلبات بل كشف قلبه للرب كما لأحب أحبائه (٢) إنه تكلم كأحد الشعب قائلاً «ذنوبنا… آثامنا… أفنعود… ونصاهر شعوب هذه الرجاسات» مع أنه لم يخطئ هو في هذا الأمر أي تكلم ككاهن حقيقي فكان فيه روح موسى الذي طلب من الرب أن يمحو اسمه من كتابه (خروج ٣٢: ٣٢) وبولس الذي قال «كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ أَكُونُ أَنَا نَفْسِي مَحْرُوماً مِنَ ٱلْمَسِيحِ لأَجْلِ إِخْوَتِي» (رومية ٩: ٣) والمسيح الذي حمل خطايانا ومات البار من أجل الأثمة. وهذه الصلاة الحارة وهذه المحبة القلبية لشعب المخطئين أثرت في الشعب تأثيراً عظيماً فتابوا وأصلحوا سيرتهم البيتية وإن كان بخسارة أحب ما عندهم (انظر صلاة دانيال ٩: ٤ – ١٩).

تَعَاظَمَتْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ أي كانت عظيمة جداً كبرج بابل رأسه بالسماء (تكوين ١١: ٤) وكصراخ خطايا سدوم وعمورة كان قد دخل إلى أذني الرب (تكوين ١٨: ٢٠).

مُنْذُ أَيَّامِ آبَائِنَا (ع ٧) من أول أيام بني إسرائيل إلى اليوم.

مُلُوكُنَا وَكَهَنَتُنَا رؤساءهم المدنيون والروحيون.

مُلُوكِ ٱلأَرَاضِي ولا سيما ملوك أشور وملوك بابل.

كَلُحَيْظَةٍ (ع ٨) من نداء كورش إلى ذلك اليوم كان نحو ٨٠ سنة وهي كلحيظة بالنسبة إلى مدة تاريخ إسرائيل من الأول وهي نحو ٨٠٠ سنة.

نَجَاةً (١) من خراب أورشليم (٢) من بابل وشرورها.

وَتَداً الوتد ما رُزّ في الأرض كأوتاد الخيمة أو في الحائط لتتعلق عليه الثياب (إشعياء ٢٢: ٢٣) وشعب إسرائيل هو الوتد وأورشليم مكان قدسه.

لِيُنِيرَ إِلٰهُنَا أَعْيُنَنَا كانت أيام السبي كأيام ظلمة والرجوع كأيام نور وأيام السبي مشبهة أيضاً بالموت وأيام الرجوع كحياة قليلة.

لأَنَّنَا عَبِيدٌ (ع ٩) كانوا عبيداً في بابل ولم يزالوا عبيداً لملك فارس بعد الرجوع.

لِيُعْطِيَنَا حَائِطاً رضى الملك وحمايته كانت لهم كحائط.

بَعْدَ هٰذَا (ع ١٠) بعد هذه الرحمة التي كان الله قد بسطها عليهم أمام ملوك فارس تركوا وصاياه فماذا يقولون.

أَوْصَيْتَ بِهَا عَنْ يَدِ عَبِيدِكَ ٱلأَنْبِيَاءِ (ع ١١) (تثنية ٧: ١ – ٣). ليس من نبوءة بهذه الألفاظ ولكن عزرا ذكر خلاصة النبوءات المتعلقة بتزوّج الأجنبيات.

نَجَاسَتِهِمْ (لاويين ص ١٨).

لاَ تَطْلُبُوا سَلاَمَتَهُمْ (ع ١٢) (تثنية ٢٣: ٦) يعلّمنا العهد الجديد المحبة لجميع الناس من كل جنس ومذهب فإن الله أحب العالم ويسوع أوصى تلاميذه أن يتلمذوا جميع الأمم. إن الوصية المشار إليها هنا تنهى عن الاتحاد مع الوثنيين والاشتراك في نجاساتهم. وكانت وصية كهذه ضرورية في القديم لأن الإسرائيليين كانوا ضعفاء في معرفتهم وفي سيرتهم الروحية فلم يقدروا أن يصلحوا فساد الأمم بل كانوا عرضة للسقوط فيه.

أَنْتَ بَارٌّ (ع ١٥) استحقوا كل ما أصابهم من الله.

لأَنَّنَا بَقِينَا نَاجِينَ أي بقية صغيرة وصغر البقية شهادة لعدل الله ولولا رحمته لم تبق بقية صغيرة.

هَا نَحْنُ أَمَامَكَ سلّم الأمر للرب ولم يقدر أن يقول شيئاً ومهما عمل الرب بهم فهو بار.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى