سفر الخروج | ملاحق | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الخروج
للقس . وليم مارش
في التاريخ المصري المتعلق بسفر الخروج
ملحق أول لسفر الخروج
معرفة تاريخ مصر في زمن خروج بني إسرائيل لذّتها أكبر من نفعها لتفسير الكتاب المقدس فيكاد تاريخ مصر يكون نبأ مستقلاً ولكن بني مصرايم لم يتركوا لنا من تواريخهم إلا ما وقفنا عليه من آثار ملوكهم ومتفرقات من أمور عقائدهم. والذي علم حسناً أن قوة مصر لم تتلاش مما طرأ عليها من الضربات والأرزاء وغرق المركبات في البحر الأحمر. والكتاب المقدس لم يتعرض لتفصيل تاريخ مصر ودولها وحوادثها فاقتصر على ذكر ما له علاقة بالإسرائيليين لأن هذا شأنه لا تاريخ مصر بالتفصيل على ما عُرف منه سيادة ملوكهم وعاداتهم. ومما تيقناه من ذلك أن تاريخ مصر يقسم إلى ثلاثة أقسام تاريخ العصور القديمة وتاريخ العصور المتوسطة وتاريخ العصور الحديثة. فتاريخ العصور القديمة هو تاريخ ما قبل إبراهيم والمرجّح أنه يتصل إلى سنة ١٩٠٠ قبل الميلاد وأن بدائته سنة ٢٥٠٠ قبل الميلاد فمدته نحو ٦٠٠ سنة. والثاني تاريخ انتصار الغزاة الأسيين على مصر ويُعرف بعصر الهكسوس أو الملوك الرعاة. ومدته لا تزيد على قول علماء زماننا على مئتي سنة أي ما بين سنة ١٩٠٠ وسنة ١٧٠٠ قبل الميلاد. وتاريخ العصور الحديثة تاريخ زمن قيام المصريين على الهكسوس وانتصارهم عليهم. وكان ذلك نحو ١٧٠٠ قبل الميلاد. والقول الذي عليه الجمهور إن سفر الخروج يتعلق بهذا التاريخ فإنه هو الموافق لما جاء في أنباء ذلك السفر. فإنه جاء في سفر الخروج إنه كان لملوك مصر مركبات تجرها الخيل وذلك لم يُعرف في تاريخ العصور القديمة ولا أثر للمركبات فيه ويستدل منه أنه لم يكن حينئذ من خيل في مصر. وأجمع العلماء اليوم على أن ما في سفر الخروج لا يمكن أن يكون في تاريخ العصور المتوسطة في مصر لأمور منها ما سيأتي. فاتفقوا على أنه كان في تاريخ العصور الحديثة لكن الخلاف أنه في عصر أي ملك خرج الإسرائيليون من مصر وإن ذلك الملك من أي الدول المعروفة. فقد تبين أن الدولة الثانية والعشرين في تاريخ منيثو كانت معاصرة لسليمان ومنها عُلم أن شيشنق الكتاب المقدس هو شيشنق تاريخ منيثو. وكانت غزوة شيشنق لفلسطين على ما ظهر من رسوم هيكل كرنك أوضح دليل على أن زمن الخروج كان في أول تاريخ العصور الحديثة أو المملكة الجديدة. فلم يبق من احتمال إلا أن الخروج كان في أيام الدولة الثامنة عشرة أو الدولة التاسعة عشرة لأن الدولة العشرين لم تشغل العرش سوى مئة سنة وثلاثين سنة وبداءة ذلك لا تتجاوز زمن قضاء صموئيل. والدولة الثامنة عشرة لا تثبت أنها دولة الخروج وإن كان فيها بعض الأدلة لأنها ليست الدولة التي فيها اشتد الجور على الإسرائيليين في مصر وبُنيت فيثوم ورعمسيس عل ما حقق علماء التاريخ فلم يبق إلّا أن الخروج كان في زمن الدولة التاسعة عشرة.
وجاء في قاموس الكتاب المقدس للدكتور بوست ما خلاصته «ذهب أكثر علماء التاريخ المصري إلى أن رعمسيس الثاني هو الملك الذي لم يعرف يوسف وأن ابنه منفثاه الثاني هو فرعون الخروج وكان بدء ملكه سنة ١٣٢٥ أو ١٣٢٢ قبل الميلاد فإذا ذهبنا مذهب هؤلاء العلماء كان ١٥ نيسان سنة ١٣١٧ ق. م يوم عبور بني إسرائيل البحر الأحمر».
في تهذيب موسى (ص ٢: ١٠)
ملحق ثانٍ بسفر الخروج
لا ريب في أن موسى تهذب كما يتهذب الأمراء لا كما يتهذب الكهنة لأنه كان بمنزلة أمير لتبني ابنة فرعون إياه. ولعل استفانوس لم يُرد غير ذلك بقوله «فَتَهَذَّبَ مُوسَى بِكُلِّ حِكْمَةِ ٱلْمِصْرِيِّينَ» (أعمال ٧: ٢٢). فبقي أن يُقال ماذا كان يُعلَّم الأمراء في عصر الخروج. والجواب على ذلك أنهم كانوا يعلمون أولاً القراءة ثم الصرف والنحو. فكان موسى يحسن التكلم والكتابة في اللغة المصرية ويحكم إنشاء الرسائل لأن هذا الفن كان عندهم مما يجب على الأعيان. وهل أحكم موسى نظم العشر ذلك مما شك فيه بعضهم ولكن تسبحته في (خروج ١٥: ١ – ٩) وبركته في تثنية (ص ٣٣) تدلان على أنه كان يجيد الشعر المصري. ولا بد من أنه كان متقناً الحساب والهندسة (لأن المصريين كانوا مشهورين بالعلمين ومتقدمين في الأول كثيراً) والآداب والإلهيات والشريعة الطبيعية الدينية والعلاقة بين الله والناس والحياة الآتية والنشر والحساب. فإن الأثار دلت على أن كبراء المصريين كانوا يتعلمون ذلك كله على أن كثيراً منه كان من أسرار الكهنة ولكن الواجبات الأدبية والعبادية والأمور المتعلقة بالمعاد والجزاء كانت مشهورة بين العامة. وأقوالهم الأدبية تشبه أمثال سليمان. وبقي فنون كثيرة من فنون المصريين قلما التفت إليها أعيانهم في العصور القديمة كالفلك والآليات والطب والتاريخ والله أعلم.
السابق |