سفر الخروج | 33 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الخروج
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلثَّلاَثُونَ
تواضع الشعب لترك الله إياه ع ١ إلى ٦
إن الله رضى أن يبقي شعبه بعد ارتكاب ما ارتكبوه من عبادة العجل ويحفظ عهده بعدما خالفوه على طريق جديدة فإنه في كتاب العهد الأول وعدهم أنه يصعد معهم بملاك وضع اسمه عليه (ص ٢٣: ٢٠ – ٢٣) وهو كرهه إثمهم غيّر الوعد تغييراً كان بعض ما استحقوه وهو أن يرسل معهم ملاكاً مخلوقاً جعله آية حضوره معهم بدليل قوله «ارسل أمامك ملاكاً» (ع ٢). وقوله «فإني لا أصعد في وسطك» (ع ٣) فحزن الإسرائيليون لهذا البدل وناحوا (ع ٤) واعتزلوا زينتهم كعادة الشرقيين في الحزن.
١ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ٱذْهَبِ ٱصْعَدْ مِنْ هُنَا أَنْتَ وَٱلشَّعْبُ ٱلَّذِي أَصْعَدْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي حَلَفْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ قَائِلاً: لِنَسْلِكَ أُعْطِيهَا».
ص ٣٢: ٧ تكوين ١٢: ٧ وص ٣٢: ١٣
قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى المرجّح أنه قال له هذا بعد نزوله من رأس الصفصافة إلى السهل عند حضيض الجبل.
ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي حَلَفْتُ لإِبْرَاهِيمَ يظهر من هذا أن الله لم يحرم الإسرائيليين من الوعد لإبراهيم على عبادتهم العجل أنه «أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ» (مزمور ١١٠: ٤).
٢ «وَأَنَا أُرْسِلُ أَمَامَكَ مَلاَكاً، وَأَطْرُدُ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلأَمُورِيِّينَ وَٱلْحِثِّيِّينَ وَٱلْفِرِزِّيِّينَ وَٱلْحِوِّيِّينَ وَٱلْيَبُوسِيِّينَ».
ص ٣٢: ٣٤ ص ٣٤: ١١ وتثنية ٧: ٣٢ ويشوع ٢٤: ١١
أُرْسِلُ أَمَامَكَ مَلاَكاً من الملائكة المخلوقين بدليل (التنكير) وقوله «لا أصعد في وسطك».
٣ «إِلَى أَرْضٍ تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً. فَإِنِّي لاَ أَصْعَدُ فِي وَسَطِكَ لأَنَّكَ شَعْبٌ صُلْبُ ٱلرَّقَبَةِ، لِئَلاَّ أُفْنِيَكَ فِي ٱلطَّرِيق».
ص ٣: ٨ ع ١٤ و١٧ ص ٣٢: ٩ و٣٤: ٩ وتثنية ٩: ٦ و١٣ ص ٢٣: ٢١ و٣٢: ١٠ وعدد ١٦: ٢١ و٤٥
أَرْضٍ تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً (انظر تفسير ص ٣: ٨).
لِئَلاَّ أُفْنِيَكَ (قابل بهذا ص ٢٢: ١٠ ولاويين ١٠: ٢ ومزمور ١٨: ٢١ و٣١ الخ) لأن الله نار آكلة (عبرانيين ١٢: ٢٩) فمن يقترب من حضرته تعالى ولم يكن مقدساً يحترق. وكان الإسرائيليون يغيظون الله مراراً كثيرة في البرية ويجلبون على أنفسهم الهلاك ومن فرط رحمته إنهم إذا تابوا عفا عنهم.
٤ «فَلَمَّا سَمِعَ ٱلشَّعْبُ هٰذَا ٱلْكَلاَمَ ٱلسُّوءَ نَاحُوا وَلَمْ يَضَعْ أَحَدٌ زِينَتَهُ عَلَيْهِ».
عدد ١٤: ١ و ٣٩ و٢صموئيل ١٩: ٢٤ و١ملوك ٢١: ٢٧ و٢ملوك ١٩: ١ وعزرا ٩: ٣ وأستير ٤: ١ وأيوب ١: ٢٠ و٢: ١٢ وإشعياء ٣٢: ١١ وحزقيال ٢٤: ١٧ و٢٣ و٢٦: ١٦
فَلَمَّا سَمِعَ ٱلشَّعْبُ هٰذَا ٱلْكَلاَمَ ٱلسُّوءَ نَاحُوا كان الإسرائيليون يشعرون أحياناً بالكلام السوء فيخافون. ومن الطبع أن الخطأة يخافون من القرب إلى الله (متّى ٨: ٣٤ ولوقا ٥: ٨) وعلى هذا ارتعدوا يوماً من قربه تعالى (ص ٢٠: ١٨ و١٩). وهنا يرجّح أنهم كانوا يخافون القرب منه على أنهم لم يريدوا أن يترك الله هدايتهم وقيادتهم فإنهم كانوا يعرفون قيمة حضوره بينهم وخسرانهم بأن ينيب الملاك عن نفسه ولذلك لما أنبأهم موسى بقول الله في هذا الشأن ناحوا أي لم يقتصروا على أنهم حزنوا باطناً بل أظهروا الحزن الباطن بالنوح الظاهر.
وَلَمْ يَضَعْ أَحَدٌ زِينَتَهُ عَلَيْهِ كان من عادة الشرقيين رجالاً ونساءً أن يظهروا مسرّة قلوبهم بلبس ما لهم من نفيس الحلي والحلل ويحبون الزينة دائماً. قال هيرودوتس إن الفرس الذين صحبوا اكسرسيس إلى بلاد اليونان كانوا لابسين أطواقاً وإسورة. وقال اكسينوفون أن ذلك كان شأن الماديين أيضاً. وكان المصريون في زمن الخروج يلبسون القلائد والأطواق والدمالج والخلاخيل. وكان الأشوريون يلبسون الدمالج والإسورة والأقراط. فاعتزال هذه الحلى كان من أعظم صنوف إنكار النفس عند الشرقيين وأظهر أدلة الحزن ولهذا كانوا يعتزلون الزنية أيام المناحة والأسف لوقوع الرزايا (ولم يزل كثيرون منهم على ذلك إلى هذا اليوم).
٥ «وَكَانَ ٱلرَّبُّ قَدْ قَالَ لِمُوسَى: قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْتُمْ شَعْبٌ صُلْبُ ٱلرَّقَبَةِ. إِنْ صَعِدْتُ لَحْظَةً وَاحِدَةً فِي وَسَطِكُمْ أَفْنَيْتُكُمْ. وَلٰكِنِ ٱلآنَ ٱخْلَعْ زِينَتَكَ عَنْكَ فَأَعْلَمَ مَاذَا أَصْنَعُ بِكَ».
ع ٣ عدد ١٦: ٤٥ تكوين ١٨: ٢١ و٢٢: ١٢ وتثنية ٨: ٢
قَالَ لِمُوسَى على أثر التوبة لا قبلها.
إِنْ صَعِدْتُ لَحْظَةً وَاحِدَةً فِي وَسَطِكُمْ أَفْنَيْتُكُمْ فعلم الشعب بهذا علة تنبيه الله و هي رحمته إياه فإنهم يهلكون إذا حضر بينهم ولم يكونوا قد تابوا ورجعوا إليه.
ٱخْلَعْ زِينَتَكَ عَنْكَ أي احزن على ما ارتكبت وتُب وحينئذ أعاملك بطريق لا تمكن تلك المعاملة بغيرها.
٦ «فَنَزَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ زِينَتَهُمْ مِنْ جَبَلِ حُورِيبَ».
فَنَزَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ زِينَتَهُمْ أي حزنوا أو تابوا لأن اعتزال الزنيةآية الحزن والندم.
مِنْ جَبَلِ حُورِيبَ أي منذ معصيتهم عند حوريب أي طور سيناء.
نصب موسى خيمة اجتماع وقتية ع ٧ إلى ١١
كان على موسى أن يصنع خيمة الاجتماع على المثال الذي أراه إياه في سيناء ولكنه رأى الحاجة إلى بيت لله قد اشتدت وكان ذلك البيت للصلاة والشفاعة. وكان إنشاء الخيمة على ذلك المثال يشغل شهوراً فاكتفى حينئذ بأن جعل خيمة من الخيام العادية بيتاً للرب وسماها خيمة الاجتماع. والظاهر للمتأمل أن تلك الخيمة خيمته الخاصة التي كانت في وسط المحلة واختار لنفسه غيرها والله رضيَ ذلك ونزل بعمود السحاب عليها عند دخول موسى إليها.
٧ «وَأَخَذَ مُوسَى ٱلْخَيْمَةَ وَنَصَبَهَا لَهُ خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ بَعِيداً عَنِ ٱلْمَحَلَّةِ، وَدَعَاهَا «خَيْمَةَ ٱلٱجْتِمَاعِ». فَكَانَ كُلُّ مَنْ يَطْلُبُ ٱلرَّبَّ يَخْرُجُ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ ٱلَّتِي خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ».
ع ٣ ص ٢٩: ٤٢ و٤٣ تثنية ٤: ٢٩ و٢صموئيل ٢١: ١
أَخَذَ مُوسَى ٱلْخَيْمَةَ الأَولى أن يترجم الأصل العبراني بقوله «أخذ موسى خيمته» لأن أداة التعريف في العبرانية تنوب عن الضمير كما في اليونانية (والعربية).
نَصَبَهَا لَهُ أي لنفسه والمعنى أنه أقامها لخدمة خاصة.
خَيْمَةَ ٱلٱجْتِمَاعِ (انظر تفسير ص ٢٥: ٢٢).
كُلُّ مَنْ… يَخْرُجُ إِلَى خَيْمَةِ مع أن موسى نصب تلك الخيمة لنفسه كان يأذن لكل من الشعب أن يستعملها لنفسه.
٨ «وَكَانَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ إِذَا خَرَجَ مُوسَى إِلَى ٱلْخَيْمَةِ يَقُومُونَ وَيَقِفُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ وَيَنْظُرُونَ وَرَاءَ مُوسَى حَتَّى يَدْخُلَ ٱلْخَيْمَةَ».
ع ١٦: ٢٧
إِذَا خَرَجَ مُوسَى إِلَى ٱلْخَيْمَةِ يَقُومُونَ احتراماً وإكراماً (قابل بهذا أستير ٥: ٩).
٩، ١٠ «٩ وَكَانَ عَمُودُ ٱلسَّحَابِ إِذَا دَخَلَ مُوسَى ٱلْخَيْمَةَ يَنْزِلُ وَيَقِفُ عِنْدَ بَابِ ٱلْخَيْمَةِ. وَيَتَكَلَّمُ ٱلرَّبُّ مَعَ مُوسَى، ١٠ فَيَرَى جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ عَمُودَ ٱلسَّحَابِ وَاقِفاً عِنْدَ بَابِ ٱلْخَيْمَةِ. وَيَقُومُ كُلُّ ٱلشَّعْبِ وَيَسْجُدُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ».
ص ٢٥: ٢٢ و٣١: ١٨ ومزمور ٩٩: ٧ ص ٤: ٣١
عَمُودُ ٱلسَّحَابِ… يَنْزِلُ كان منزل عمود السحاب مدة إقامة الشعب بحضيض سيناء قنة الجبل (ص ١٩: ١٦ و٢٠ و٢٠: ٢١ و٢٤: ١٥ – ١٨ و٣٤: ٥). وكان في هذا الوقت الخيمة الوقتية وكان ينزل عليها كلما دخلها موسى ويرتفع عنها متى خرج موسى منها.
يَتَكَلَّمُ ٱلرَّبُّ مَعَ مُوسَى من وسط السحاب.
١١ «وَيُكَلِّمُ ٱلرَّبُّ مُوسَى وَجْهاً لِوَجْهٍ، كَمَا يُكَلِّمُ ٱلرَّجُلُ صَاحِبَهُ. وَإِذَا رَجَعَ مُوسَى إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ كَانَ خَادِمُهُ يَشُوعُ بْنُ نُونَ ٱلْغُلاَمُ، لاَ يَبْرَحُ مِنْ دَاخِلِ ٱلْخَيْمَةِ».
تكوين ٣٢: ٣٠ وعدد ١٢: ٨ وتثنية ٣٤: ١٠ ص ٢٤: ١٣
وَجْهاً لِوَجْهٍ (قابل بهذا عدد ١٢: ٨). كان هذا التكلم مما امتاز به موسى ولا نعلم كيف كان. ولا ريب في أن الكلام كان على غاية القرب بدون واسطة مخلوق وهذا ما يدل عليه قوله وجهاً لوجه. وكان مثل هذا لبعض الأنبياء المتأخرين كإشيعاء (إشعياء ٦: ١ – ٥) وحزقيال (حزقيال ١: ٢٨) على ما يرجّح.
خَادِمُهُ يَشُوعُ (ص ٢٤: ١٣).
تجديد الوعد لموسى بأن الله يصعد معه ع ١٢ إلى ١٧
تواضع الشعب سكّن غضب الله (ع ٤ إلى ٦) كان راضياً بأن يتضرع إليه وكرر موسى حينئذ تضرعه وجدّده وسأله أن يعفو عن الشعب ويحضر فيه لأنه شعبه وأن يكون هو معهم بدلاً من الملاك. وكان موسى حينئذ يخاطب الله كما يخاطب الإنسان صديقه (ع ١١) وتجاسر على إيضاح مبتغاه وألح حتى أدركه (ع ١٧).
١٢ «وَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: ٱنْظُرْ! أَنْتَ قَائِلٌ لِي أَصْعِدْ هٰذَا ٱلشَّعْبَ، وَأَنْتَ لَمْ تُعَرِّفْنِي مَنْ تُرْسِلُ مَعِي. وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: عَرَفْتُكَ بِٱسْمِكَ، وَوَجَدْتَ أَيْضاً نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ».
ص ٣٢: ٣٤ تكوين ١٨: ١٩ وع ١٧ ومزمور ١: ٦ وإرميا ١: ٥ ويوحنا ١٠: ١٤ و١٥ و٢تيموثاوس ٢: ١٩
لَمْ تُعَرِّفْنِي مَنْ تُرْسِلُ مَعِي كان لموسى الوعد في (ص ٣٢: ٣٤ وص ٣٣) والتبس عليه المقصود بالملاك فما عرف الملاك الذي ذُكر في (ص ٢٣: ٢٠ – ٢٣) هو أم ملاك آخر.
عَرَفْتُكَ بِٱسْمِكَ أعلن الله ذلك لموسى حين دعاه من العليقة الملتهبة (ص ٣: ٤) والمرجّح أنه أعلن ذلك أيضاً حين دعاه من السحاب (ص ٢٤: ١٦). لكن هذه العبارة لم تُذكر في ما سبق ولا ريب في أنها إعلان امتياز عظيم لموسى (انظر تفسير ص ٣١: ٢).
١٣ «فَٱلآنَ إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَعَلِّمْنِي طَرِيقَكَ حَتَّى أَعْرِفَكَ لِكَيْ أَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ. وَٱنْظُرْ أَنَّ هٰذِهِ ٱلأُمَّةَ شَعْبُكَ».
ص ٣٤: ٩ مزمور ٢٥: ٤ و٢٧: ١١ و٨٦: ١١ و١١٩: ٣٣ تثنية ٩: ٢٦ و٢٩ ويوئيل ٢: ١٧
فَعَلِّمْنِي طَرِيقَكَ أي أعلن لي قصدك وأسلوب إجرائه. أين لي هل تعرض عني وعن شعبك وتقيم نائباً عنك أحد مخلوقاتك.
َ ٱنْظُرْ أَنَّ هٰذِهِ ٱلأُمَّةَ شَعْبُكَ التفت موسى هنا إلى كلام الله في (ص ٣٢: ٧) وذكر أن إسرائيل شعب الله لا شعبه هو أي أنه شعب الله حقيقة وشعب موسى مجازاً وإنه تعالى صرّح بذلك (ص ٣: ٧ و١٠ و٥: ١ و٦: ٧ و٧: ٤ الخ).
١٤ «فَقَالَ: وَجْهِي يَسِيرُ فَأُرِيحُكَ».
٢صموئيل ١٧: ١١ ومزمور ٣١: ٢٠ و٤٢: ٥ و٨٩: ١٥ وإشعياء ٦٣: ٩ تثنية ٣: ٢٠ ويشوع ٢١: ٤٤ و٢٢: ٤ و٢٣: ١ ومزمور ٩٥: ١١
وَجْهِي يَسِيرُ لم يذكر مع من يسير فلم يتبين أيسير مع موسى وحده أم مع الشعب كله ولذلك طلب الإيضاح أي سأل أيسير الله معه وحده أم مع الشعب كله كما وعد سابقاً.
١٥، ١٦ «١٥ فَقَالَ لَهُ: إِنْ لَمْ يَسِرْ وَجْهُكَ فَلاَ تُصْعِدْنَا مِنْ هٰهُنَا، ١٦ فَإِنَّهُ بِمَاذَا يُعْلَمُ أَنِّي وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ أَنَا وَشَعْبُكَ؟ أَلَيْسَ بِمَسِيرِكَ مَعَنَا؟ فَنَمْتَازَ أَنَا وَشَعْبُكَ عَنْ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ عَلَى وَجْهِ ٱلأَرْضِ».
ع ٣ وص ٣٤: ٩ عدد ١٤: ١٤ ص ٣٤: ١٠ وتثنية ٤: ٧ و٣٤ و٢صموئيل ٧: ٢٣ و١ملوك ٨: ٥٣ ومزمور ١٤٧: ٢٠
هاتان الآيتان طلب الإيضاح الكافي.
١٧ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: هٰذَا ٱلأَمْرُ أَيْضاً ٱلَّذِي تَكَلَّمْتَ عَنْهُ أَفْعَلُهُ، لأَنَّكَ وَجَدْتَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ، وَعَرَفْتُكَ بِٱسْمِكَ».
تكوين ١٩: ٢١ ويعقوب ٥: ١٦ ع ١٢
ٱلَّذِي تَكَلَّمْتَ عَنْهُ أَفْعَلُهُ رفع الله بهذا ما كان من الالتباس فأنعم على موسى بمبتغاه ورضي عن شعبه. فصعد مع الإسرائيليين وميّزهم من كل الأمم التي على وجه الأرض.
طلب موسى أن يرى مجد الله وإجابة الله إياه ع ١٨ إلى ٢٣
لما حصل موسى على تحقق وعد الله أن يرد الشعب إلى كرامته السابقة وحصل على أن يخاطب الله وجهاً لوجه كما يخاطب الرجل صاحبه رغب في أن ينال بركة روحية فسأل الله أن يريه مجده فكأن كل ما رآه من بركات الله لم يره كافياً لرغبته في الروحيات فسأله ما لم يُنل إلا في العالم الآخر. فلم يسمح الله لموسى بكل سؤله لأنه مما لا يمكن الإنسان وهو في الجسد ويحيا. والله لم يره أحد قط (يوحنا ١: ١٨) لكن سمح له بكل ما يمكن فأجاز كل جودته قدامه. وأعلن له اسمه جديداً (ص ٣٤: ٧٦ و٧). وأراه جزءاً من ذلك المجد ما لم يره أحد ممن بعده من الناس ولن يراه أحد إلى نهاية كل شيء (ع ٢٢ و٢٣).
١٨، ١٩ «١٨ فَقَالَ: أَرِنِي مَجْدَكَ. ١٩ فَقَالَ: أُجِيزُ كُلَّ جُودَتِي قُدَّامَكَ. وَأُنَادِي بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ قُدَّامَكَ. وَأَتَرَأَّفُ عَلَى مَنْ أَتَرَأَّفُ وَأَرْحَمُ مَنْ أَرْحَمُ».
ع ٢٠ و١تيموثاوس ٦: ١٦ ص ٣٤: ٥ إلى ٧ و إرميا ٣١: ١٢ وهوشع ٣: ٥ وزكريا ٩: ١٧ رومية ٩: ١٥ و١٦ و١٨
أُجِيزُ كُلَّ جُودَتِي قُدَّامَكَ لم يتضح كيف تم هذا والمرجّح أنه حين أظهر له الله اسمه بقوله «ٱلرَّبُّ ٱلرَّبُّ إِلٰهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ وَكَثِيرُ ٱلإِحْسَانِ وَٱلْوَفَاءِ الخ» (ص ٣٤: ٦ و٧) أعلن له جودته بما شعر به في نفسه بغتة من تلك الصفات على نوع عجيب كأنه مرّ أمام عينيه.
أَتَرَأَّفُ عَلَى مَنْ أَتَرَأَّفُ أي أحسن إلى من أحسن وإن لم يكن مستحقاً الإحسان على سبيل الأجرة والمعنى أن إحسانه ورأفته ورحمته من هباته.
٢٠ «وَقَالَ: لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ ٱلإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ».
تكوين ٣٢: ٣٠ وص ٣٤: ١١ وتثنية ٥: ٢٤ وقضاة ٦: ٢٢ و٢٣ و١٣: ٢٢ وإشعياء ٦: ٥ ورؤيا ١: ١٧
ٱلإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ ما دام في الجسد البشري الخاطئ.
٢١ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ: هُوَذَا عِنْدِي مَكَانٌ، فَتَقِفُ عَلَى ٱلصَّخْرَةِ».
عِنْدِي مَكَانٌ كان هذا المكان على قنة طور سيناء.
٢٢ «وَيَكُونُ مَتَى ٱجْتَازَ مَجْدِي أَنِّي أَضَعُكَ فِي نُقْرَةٍ مِنَ ٱلصَّخْرَةِ، وَأَسْتُرُكَ بِيَدِي حَتَّى أَجْتَازَ».
إشعياء ٢: ٢١ مزمور ٩١: ١ و٤
أَسْتُرُكَ بِيَدِي لما كان الإنسان قاصراً عن مدركات السماويات ولغته قاصرة عن التعبير عنها أُشير إليها بالاستعارات المادية. والذي نعلمه من هذه الآية أن الله وقى موسى من الهلاك بطريق عجيبة كما يوقى المرء من الضرر بيد قدير تدفع عنه وأنه تعالى لم يُره إلا لمحة من ضياء مجده وسنى بهائه هي أثر لذلك المجد الأعظم.
٢٣ «ثُمَّ أَرْفَعُ يَدِي فَتَنْظُرُ وَرَائِي. وَأَمَّا وَجْهِي فَلاَ يُرَى».
ع ٢٠ ويوحنا ١: ١٨
فَتَنْظُرُ وَرَائِي أي أثر مجدي.
السابق |
التالي |