سفر الخروج | 22 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الخروج
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ
مجازاة السارق مع تفصيل ثلاثة أمور:
(١) النقب
(٢) السرقة قبل التصرف بالمسروق
(٣) السرقة بعد التصرف بالمسروق. والتعويض بضعفي المسروق قبل التصرف وبأربعة أضعاف بعده (ع ١ – ٤). وكان لصاحب المسروق أو البيت المنقوب أن يقبض على السارق وأن يقتل الناقب إذا وجده وهو ينقب قبل أن تشرق الشمس (ع ٢). وأن يبيعه إذا قبض عليه وهو ينقب على أثر شروق الشمس (ع ٣).
١ «إِذَا سَرِقَ إِنْسَانٌ ثَوْراً أَوْ شَاةً فَذَبَحَهُ أَوْ بَاعَهُ، يُعَوِّضُ عَنِ ٱلثَّوْرِ بِخَمْسَةِ ثِيرَانٍ، وَعَنِ ٱلشَّاةِ بِأَرْبَعَةٍ مِنَ ٱلْغَنَمِ».
٢صموئيل ١٢: ٦ ولوقا ١٩: ٨
إِذَا سَرِقَ إِنْسَانٌ ثَوْراً أَوْ شَاةً كان أعظم مقتنيات الإسرائيليين البقر والغنم ولهذا جُعلت سرقتهما نيابة عن سرقة كل مقتنى.
فَذَبَحَهُ أَوْ بَاعَهُ فلا يبقى شبهة بأنه سارق.
بِخَمْسَةِ ثِيرَانٍ… بِأَرْبَعَةٍ مِنَ ٱلْغَنَمِ لم تظهر علة هذا الاختلاف في الجزاء ولعل العلة سارق الثور يعد أكثر جسارة من سارق الشاة فزيد جزاؤه كزيادة جسارته.
٢ «إِنْ وُجِدَ ٱلسَّارِقُ وَهُوَ يَنْقُبُ فَضُرِبَ وَمَاتَ، فَلَيْسَ لَهُ دَمٌ».
متّى ٢٤: ٤٣ عدد ٣٥: ٢٧
إِنْ وُجِدَ ٱلسَّارِقُ وَهُوَ يَنْقُبُ الخ يخرق الحائط ليدخل البيت. ووافق كثير من شرائع الأمم شريعة موسى في مقاومة الناقب ليلاً وإباحة قتله فإنه بذلك يُحرم الحقوق المدنية ويُحسب عدواً للأمة كلها.
٣ «وَلٰكِنْ إِنْ أَشْرَقَتْ عَلَيْهِ ٱلشَّمْسُ فَلَهُ دَمٌ. إِنَّهُ يُعَوِّضُ. إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يُبَعْ بِسِرْقَتِهِ».
ص ٢١: ٢ ومتّى ١٨: ٢٥
إِنْ أَشْرَقَتْ عَلَيْهِ ٱلشَّمْسُ لأنه إذا كانت الشمس شارقة كان النهار وفي النهار تؤمن السرقة ويستطيع رب البيت أن يستعين بغيره على القبض على الناقب إن لم يستطع القبض عليه بنفسه فلا حاجة حينئذ إلى قتله. وشريعة بعض الأوربيين كشريعة موسى بذلك.
إِنَّهُ يُعَوِّضُ لم يُعين ما هو العوض ولكن ذهب أكثر المفسرين إلى أن مقدار العوض مضاعف قيمة الخسارة.
إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ما يعوض به أو ما يكفي أن يكون عوضاً.
يُبَعْ بِسِرْقَتِهِ أي يكن عبداً لرب البيت ست سنين فيوفي بذلك ما عليه (والظاهر أن لرب البيت أن يبيعه لغيره عبداً إذا شاء).
٤ «إِنْ وُجِدَتِ ٱلسِّرْقَةُ فِي يَدِهِ حَيَّةً، ثَوْراً كَانَتْ أَمْ حِمَاراً أَمْ شَاةً، يُعَوِّضُ بِٱثْنَيْنِ».
ص ٢١: ٦١ ع ١ و٧ وأمثال ٦: ٣١
إِنْ وُجِدَتِ ٱلسِّرْقَةُ فِي يَدِهِ الخ أي إن لم يكن قد قتل المسروق أو تصرف به جوزي بالضعفين بدل خمسة الأصعاف أو الأربعة.
٥ «إِذَا رَعَى إِنْسَانٌ حَقْلاً أَوْ كَرْماً وَسَرَّحَ مَوَاشِيَهُ فَرَعَتْ فِي حَقْلِ غَيْرِهِ، فَمِنْ أَجْوَدِ حَقْلِهِ وَأَجْوَدِ كَرْمِهِ يُعَوِّضُ».
إِذَا رَعَى إِنْسَانٌ حَقْلاً أتى على أثر الكلام على السرقة بالكلام على الاعتداء المذكور وهو الإضرار بإتلاف المزروعات. ولم يذكر من ذلك سوى نوعين لكن ما ذكره من الجزاء يُقاس عليه في سائر أنواع الإضرار. فالإضرار غير المقصود الناشئ عن امتداد النار من حقل أحد الناس إلى حقل جاره جزاؤه مقدار قيمة الخسارة. ولكن الإضرار المقصود بذلك جزاؤه أعظم من المقدار المساوي وهو التعويض عما خسره بعد حساب قيمته من أحسن حاصلات المُضرّ.
٦ «إِذَا خَرَجَتْ نَارٌ وَأَصَابَتْ شَوْكاً فَٱحْتَرَقَتْ أَكْدَاسٌ أَوْ زَرْعٌ أَوْ حَقْلٌ، فَٱلَّذِي أَوْقَدَ ٱلْوَقِيدَ يُعَوِّضُ».
إِذَا خَرَجَتْ نَارٌ وَأَصَابَتْ شَوْكاً في الشرق وغيره كما في إيطاليا وانكلترا يحرث الناس في بعض فصول السنة الأعشاب وغيرها من النباتات الضارة المزروعات بعد أن يقطعوها ويجمعونها كالكدس. فهذه النار قد تمتد كثيراً ولا سيما في ترب الشرق اليابسة إن لم يستفرغ المجهود في دفع انتشارها فتحرق بعض أكداس الحنطة أو غيرها من الحبوب في الحقل المجاور ويضمن الضرر حينئذ مُوقد النار.
٧ «إِذَا أَعْطَى إِنْسَانٌ صَاحِبَهُ فِضَّةً أَوْ أَمْتِعَةً لِلْحِفْظِ فَسُرِقَتْ مِنْ بَيْتِ ٱلإِنْسَانِ، فَإِنْ وُجِدَ ٱلسَّارِقُ يُعَوِّضُ بِٱثْنَيْنِ».
ع ٤
المال المودوع يمكن المستودع أن يختلسه بسهولة أو أن يضيع بغفلته عنه فوجب أن توضع شريعة لوقايته وأن يوضع على المستودع جزاء إذا أتلف شيئاً مما أودع إليه بقصد وأن يعفى إذا كان بريئاً من قصد الشر كالاختلاس ونحوه. وقد وفت الشريعة الموسوية بالأمرين. فهي تطلب من المستودع العناية والحرص على الوديعة وتضع عليه المسؤولية إذا سُرقت الوديعة ولم يُعرف السارق. وجعلت جزاء الاختلاس تأدية المختلس ضعفي ما اختلس وأن للمستودع المتهم أن يتبرأ بالقسَم (ع ١٠) أو أن يبين أنه كان في أحوال تمنعه من أن يمنع من سرقة الوديعة.
إِذَا أَعْطَى إِنْسَانٌ صَاحِبَهُ فِضَّةً أَوْ أَمْتِعَةً لِلْحِفْظِ كانت الوديعة شائعة كثيراً بين القدماء إذ لم يكن عندهم مصارف أو مستودعات كالتي عندنا في هذه الأيام. وكان إنكار الودائع نادراً جداً. وكان المُنكر إذا ثبت عليه أنه استودع يُعاقب وقد أفاد ذلك كله هيرودوتس المؤرخ. وكان لليونان طُرق خاصة لكشف الوديعة.
٨ «وَإِنْ لَمْ يُوجَدِ ٱلسَّارِقُ يُقَدَّمُ صَاحِبُ ٱلْبَيْتِ إِلَى ٱللّٰهِ لِيَحْكُمَ هَلْ لَمْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى مُلْكِ صَاحِبِهِ».
ص ٢١: ٦ وثتنية ١٩: ١٧ و١٨
هَلْ لَمْ يَمُدَّ يَدَهُ أي ألم يمد يده ويسرق أو يختلس شيئاً من الوديعة. وجاء في بعض التراجم «ليحلف إنه لم يمد يده».
٩ «فِي كُلِّ دَعْوَى جِنَايَةٍ، مِنْ جِهَةِ ثَوْرٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَفْقُودٍ مَا، يُقَالُ: «إِنَّ هٰذَا هُوَ» تُقَدَّمُ إِلَى ٱللّٰهِ دَعْوَاهُمَا. فَٱلَّذِي يَحْكُمُ ٱللّٰهُ بِذَنْبِهِ يُعَوِّضُ صَاحِبَهُ بِٱثْنَيْنِ».
ص ٢١: ٦ وع ٨ وتثنية ١٩: ١٧ و١٨
فِي كُلِّ دَعْوَى جِنَايَةٍ تتعلق بالوديعة.
مِنْ جِهَةِ ثَوْرٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ ودائع البهائم لم تُعهد في العصور الخالية ولكن يحتمل أنها كانت تحدث بين الأغنياء بالماشية والقطعان أي أرباب البهائم الكثيرة من الغنم والبقر والحمير فكانوا يستودعون بهائمهم أو أثوابهم في البرية إلى من يحسن العناية بها من الأغنياء.
تُقَدَّمُ إِلَى ٱللّٰهِ أي إلى نوابه القضاة فإذا ثبت عليه يعوّض ضعفين.
١٠، ١١ «١٠ إِذَا أَعْطَى إِنْسَانٌ صَاحِبَهُ حِمَاراً أَوْ ثَوْراً أَوْ شَاةً أَوْ بَهِيمَةً مَا لِلْحِفْظِ، فَمَاتَ أَوِ ٱنْكَسَرَ أَوْ نُهِبَ وَلَيْسَ نَاظِرٌ، ١١ فَيَمِينُ ٱلرَّبِّ تَكُونُ بَيْنَهُمَا، هَلْ لَمْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى مُلْكِ صَاحِبِهِ. فَيَقْبَلُ صَاحِبُهُ. فَلاَ يُعَوِّضُ».
عبرانيين ٦: ١٦
فَمَاتَ أَوِ ٱنْكَسَرَ أَوْ نُهِبَ اي مات موتاً طبيعياً أو سقط على صخرة فانكسرت أعضاؤه أو سرقه أحد من الناس الأجانب من أبناء السبيل أو الرحل من قبائل البرية فيؤتى حينئذ بمن استُودع فيحلف بالرب (ع ١١).
١٢ «وَإِنْ سُرِقَ مِنْ عِنْدِهِ يُعَوِّضُ صَاحِبَهُ».
تكوين ٣١: ٣٩
إِنْ سُرِقَ مِنْ عِنْدِهِ يُعَوِّضُ صَاحِبَهُ مما يستحق الاعتبار هنا أنه كان يعوّض عن المسروق لاحتمال أن الوديعة سُرقت لعدم الحرص ولكنه لم يكن على المستودع أن يعوّض عما تفترسه الوحوش أو يسقط فينكسر ولا إمكان لوقايته.
١٣ «إِنِ ٱفْتُرِسَ يُحْضِرُهُ شَهَادَةً. لاَ يُعَوِّضُ عَنِ ٱلْمُفْتَرَسِ».
تكوين ٣١: ٣٩
إِنِ ٱفْتُرِسَ يُحْضِرُهُ شَهَادَةً وإذ لم يتهيأ إحضاره وجب اليمين.
١٤ «وَإِذَا ٱسْتَعَارَ إِنْسَانٌ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئاً فَٱنْكَسَرَ أَوْ مَاتَ وَصَاحِبُهُ لَيْسَ مَعَهُ».
وَإِذَا ٱسْتَعَارَ الاستعارة من الوديعة لكنها يطلبها من ليست له ولا يستودعها إياه من هي له. فكان على الطالب أي المستعير أن يضمنها فإن فقدت أو أتلفت وجب عليه الجزاء.
١٥ «وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مَعَهُ لاَ يُعَوِّضُ. إِنْ كَانَ مُسْتَأْجَراً أَتَى بِأُجْرَتِهِ».
إِنْ كَانَ مُسْتَأْجَراً إذا حصل ضرر للمستأجر فلا شيء من الجزاء على المستأجر سوى الأجرة المتفق عليها لأن الخطر الذي يمكن أن يتوقع للمستأجر فجزاؤه ضمن الأجرة.
شرائع متفرقة ع ١٦ إلى ٣١
هذه الشرائع لا تجمعها جهة واحدة ولا تتعلق بموضوع واحد ولذلك بقيت متفرقة.
١٦ «وَإِذَا رَاوَدَ رَجُلٌ عَذْرَاءَ لَمْ تُخْطَبْ، فَٱضْطَجَعَ مَعَهَا يَمْهُرُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً».
تثنية ٢٢: ٢٨ و٢٩
إِذَا رَاوَدَ رَجُلٌ عَذْرَاء كانت مراودة العذراء عند الأقدمين ذنباً أعظم مما هو عند المحدثين وكان لأبي العذراء أن يأخذ من المراوِد مالاً كثيراً. وكان هذا الجزاء يُنقص إذا تم الاتفاق أن تبقى المراوَدة زوجة للمراوِد. وإن كان المراوِد مما لا يرضاه أبوها زوجاً لابنته كان له أن يأخذ منه ما يستطيع مستحقها أن يجعله مهراً لها. ويحسن أن يجري أهل هذا العصر على السنّة الموسوية.
يَمْهُرُهَا الخ أي يؤدي أباها المهر المعتاد (انظر تثنية ٢٢: ٢٩) وكان المهر المعيّن خمسين شاقلاً من الفضة.
١٧ «إِنْ أَبَى أَبُوهَا أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهَا، يَزِنُ لَهُ فِضَّةً كَمَهْرِ ٱلْعَذَارَى».
تكوين ٢٣: ١٦ تكوين ٣٤: ١٢ وثتنية ٢٢: ٢٩ و١صموئيل ١٨: ٢٥
يَزِنُ لَهُ فِضَّةً كَمَهْرِ ٱلْعَذَارَى لم يُعيّن مقدار المهر في هذه الحال ولكن يرجّح أنه كان أكثر من المهر المعتاد.
١٨ «لاَ تَدَعْ سَاحِرَةً تَعِيشُ».
لاويين ١٩: ٢٦ و٣١ و٢٠: ٢٧ وتثنية ١٨: ١٠ و١صموئيل ٢٨: ٣ و٩
لاَ تَدَعْ سَاحِرَةً تَعِيشُ كان يغلب أن يكون أرباب السحر من النساء. والسحر إثم سواء كان حيلة أو من عمل الشيطان. فالساحر بمنزلة مقاوم لله كالمجدف وعابد الوثن فعقابه كعقابهما.
١٩ «كُلُّ مَنِ ٱضْطَجَعَ مَعَ بَهِيمَةٍ يُقْتَلُ قَتْلاً».
لاويين ١٨: ٢٣ و٢٠: ١٥
الخطيئة المذكورة في هذه الآية كانت كثيرة الحدوث بين الأمم الكنعانية (لاويين ١٨: ٢٤) ولم تُعرف بين المصريين على ما قال هيرودتس المؤرخ ولما كان بنو إسرائيل ذاهبين إلى أرض كنعان نبههم الله على شر ذلك الإثم ونهاهم عنه.
٢٠ «مَنْ ذَبَحَ لآلِهَةٍ غَيْرِ ٱلرَّبِّ وَحْدَهُ، يُهْلَكُ».
عدد ٢٥: ٢ و٤ وتثنية ١٣: ١ و٢ و٥ و٦ و٩ و١٣ إلى ١٥ و١٧: ٢ و٣ و٥
مَنْ ذَبَحَ لآلِهَةٍ غَيْرِ ٱلرَّبِّ الخ يُراد بالذبح هنا العبادة كلها لأن الذبح كان من أعمالها الضرورية وكان القتل جزاء من يعبد غير الله أو يدعو إلى عبادة غيره من الآلهة (تثنية ١٣: ١ – ١٦).
٢١، ٢٢ «٢١ وَلاَ تَضْطَهِدِ ٱلْغَرِيبَ وَلاَ تُضَايِقْهُ، لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. ٢٢ لاَ تُسِئْ إِلَى أَرْمَلَةٍ مَا وَلاَ يَتِيمٍ».
ص ٢٣: ٩ ولاويين ١٩: ٣٣ وتثنية ١٠: ١٩ وإرميا ٧: ٦ وزكريا ٧: ١٠ وملاخي ٣: ٥ تثنية ١٠: ١٨ و٢٤: ١٧ و٢٧: ١٩ وإشعياء ١٠: ٢ وحزقيال ٢٢: ٧ وزكريا ٧: ١٠ ويعقوب ١: ٢٧
من هذه الآية إلى آخر الآية الرابعة والعشرين ثلاث خطايا حسبها الله من شر الآثام ويجمع تلك الخطايا الثلاث الظلم وهي اضطهاد الغريب ومضايقته والإساءة إلى الأرامل والأيتام. والشارع لم يضع العقاب الشديد على ذلك ولم يعيّن الجزاء بل تركه لانتقام الرب نفسه «بالسيف» (ع ٢٤). فالمظلومون ثلاثة (١) الغريب والمقصود به الأجنبي. و(٢) الأرامل. و(٣) اليتامى. فإن الأرامل واليتامى قلما التفت إليهم حكام الأولين ما لم يكثر الجور عليهم ويُرفع إلى القضاة وقد حُسبوا أو كانوا من الوطنيين كما كان من أمر الميتوسي في أثينا. وكان في شريعة المتمدنين شيء من الوقاية لليتيم والأرملة وأكثر ما كانت في ما يتعلق بالمقتنيات ولكن أعظم من هذه كلها إن الله عدو المعتدين على اليتامى والأرامل.
لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فوجب لذلك أن تؤاسوا الغرباء وأن لا تغيظوهم وتضايقوهم بل أن تحبوهم كأنفسكم (لاويين ١٩: ٣٤). على أن حال الغرباء بين الإسرائيليين كانت أحسن كثيراً من حال الغرباء بين الكنعانيين (قضاة ١: ١٦ و٤: ١١) كما في سلوك أرونة اليابوسي (٢صموئيل ٢٤: ١٨ – ٢٤) وأوريا الحثي (٢صموئيل ٢٣: ٣٩) وصالق العموني (٢صموئيل ٢٣: ٣٧).
٢٣، ٢٤ «إِنْ أَسَأْتَ إِلَيْهِ فَإِنِّي إِنْ صَرَخَ إِلَيَّ أَسْمَعُ صُرَاخَهُ، ٢٤ فَيَحْمَى غَضَبِي وَأَقْتُلُكُمْ بِٱلسَّيْفِ، فَتَصِيرُ نِسَاؤُكُمْ أَرَامِلَ وَأَوْلاَدُكُمْ يَتَامَى».
تثنية ١٥: ٩ و٢٤: ١٥ وأيوب ٣٥: ٩ ولوقا ١٨: ٧ أيوب ٣٤: ٢٨ ومزمور ١٨: ٦ و١٤٥: ١٩ ويعقوب ٥: ٤ مزمور ٦٩: ٢٤ مزمور ١٠٩: ٩ ومراثي إرميا ٥: ٣
إِنْ أَسَأْتَ… أَسْمَعُ صُرَاخَهُ الخ انظر ما يتعلق بالإساءة والظلم في (إرميا ٥: ٢٨ و٧: ٦ و٢٢: ٣ و١٧ وزكريا ٧: ٢٠ وملاخي ٣: ٥ ومتّى ٢٣: ١٤ ا لخ). فسيف البابليين وسيف الرومانيين كانا النقمة حسب النبوءة (ع ٢٤).
٢٥ «إِنْ أَقْرَضْتَ فِضَّةً لِشَعْبِي ٱلْفَقِيرِ ٱلَّذِي عِنْدَكَ فَلاَ تَكُنْ لَهُ كَٱلْمُرَابِي. لاَ تَضَعُوا عَلَيْهِ رِباً».
لاويين ٢٥: ٣٥ و٣٦ تثنية ٢٣: ١٩ و٢٠ ونحميا ٥: ٧ ومزمور ١٥: ٥ وحزقيال ١٨: ٨ و١٧
أبان في هذه الآية إلى آخر (ع ٢٧) ما يتعلق بالإقراض ونهى فيه عن أخذ أقل رباً من فقراء الإسرائيليين. وأكد ذلك بما في (لاويين ٢٥: ٢٥ وتثنية ١٥: ٧). وذلك كله متعلق بالفقير لأنه هو الذي يحتاج إلى ذلك فكان أخذ الربا منه إثماً (انظر مزمور ١٥: ٥ وأمثال ٢٨: ٨ ونحميا ٥: ٧ و١١ وحزقيال ١٨: ١٣ و٢٢: ١٢). والنهي عن مثل هذا الربا ظاهر كل الظهور في (تثنية ٢٣: ١٩). ولكن أخذ الربا من الأجنبي كان جائزاً (تثنية ٢٣: ٢٠) ولم يعيّن مقداره في الكتاب المقدس.
رِباً مقداراً من النقود فوق النقود المقرَضة وهو ما يُعرف اليوم بالفائدة وبالفائض.
٢٦، ٢٧ «٢٦ إِنِ ٱرْتَهَنْتَ ثَوْبَ صَاحِبِكَ فَإِلَى غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ تَرُدُّهُ لَهُ، ٢٧ لأَنَّهُ وَحْدَهُ غِطَاؤُهُ. هُوَ ثَوْبُهُ لِجِلْدِهِ. فِي مَاذَا يَنَامُ؟ فَيَكُونُ إِذَا صَرَخَ إِلَيَّ أَنِّي أَسْمَعُ، لأَنِّي رَؤُوفٌ».
تثنية ٢٤: ١٧ وأيوب ٢٢: ٦ و٢٤: ٣ و٩ وأمثال ٢٠: ١٦ وحزقيال ١٨: ٧ و١٦ وعاموس ٢: ٨ ع ٢٣ ص ٣٤: ٦ و٢أيام ٣٠: ٩ ومزمور ٨٦: ١٥
ثَوْبَ صَاحِبِكَ الخ أي عباءه فإن فقراء الإسرائيليين كانوا في شدة الحاجة إلى العباء ليلاً لأنه دثارهم.
٢٨ «لاَ تَسُبَّ ٱللّٰهَ، وَلاَ تَلْعَنْ رَئِيساً فِي شَعْبِكَ».
لاويين ٢٤: ١١ جامعة ١٠: ٢٠ وأعمال ٢٣: ٥ ويهوذا ٨
لاَ تَسُبَّ ٱللّٰهَ وفي الترجمة السبعينية «لا تسب الآلهة» وكذا فهم العبارة فيلو ويوسيفوس فإنه قال إن اليهود منعوا عن أن يسبو آلهة الأمم. والواقع أن أتقياء اليهود في العصور المختلفة لم يكونوا كذلك (١ملوك ١٨: ٢٧ ومزمور ١١٥: ٤ – ٨ و١٣٥: ١٥ – ١٨ وإشعياء ٤١: ٢٩ و٤٤: ٩ – ٢٠ وإرميا ١٠: ١١ – ١٥). نعم كان أنبياء الإسرائيليين يهزأون بآلهة الأمم ويسبونها. وقال بعضهم إن معنى الآلهة هنا القضاة فيكون المعنى «لا تسب القضاة» وهي في العبرانية «اللوهيم» وغلب أن يكون ذلك بمعنى الله وهذا هو الحق وعليه دي وتي ونوبل وكيل والقانون كوك وغيرهم.
٢٩ «لاَ تُؤَخِّرْ مِلْءَ بَيْدَرِكَ وَقَطْرَ مِعْصَرَتِكَ، وَأَبْكَارَ بَنِيكَ تُعْطِينِي».
ص ٢٣: ١٦ و١٩ وأمثال ٣: ٩ ص ١٣: ٢٠ و٣٤: ٢٩
مِلْءَ بَيْدَرِكَ أي لا تتأخر عن تقديم باكورات غلتك للرب. وكانت تقدمة أول الغلال سنَّة عند أتقياء الأمم المختلفة حتى أن تقدمة قايين كانت من أبكار غلاله.
قَطْرَ مِعْصَرَتِكَ من الخمر والزيت (انظر نحميا ١٠: ٣٧ و٣٩).
أَبْكَارَ بَنِيكَ (انظر تفسير ص ١٣: ١٣ وعدد ١٧: ١٥ و١٦).
٣٠ «كَذٰلِكَ تَفْعَلُ بِبَقَرِكَ وَغَنَمِكَ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَكُونُ مَعَ أُمِّهِ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ تُعْطِينِي إِيَّاهُ».
تثنية ١٥: ١٩ لاويين ٢٢: ٢٧
بِبَقَرِكَ وَغَنَمِكَ ترجم بعضهم الأصل العبراني «بثيرانك» والكلمة العبرانية تُطلق على ذوات القرون من الجنسين.
سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَكُونُ مَعَ أُمِّهِ قابل هذا بما في لاويين ٢٢: ٢٧). كانت هذه الأيام السبعة لتقوية البكر بالرضاعة ولتمتع الأم بولدها وقتاً تنتعش بإرضاعه على ما اقتضته طبيعتها. فقابل بهذا ختان الولد الذكر في اليوم الثامن.
٣١ «وَتَكُونُونَ لِي أُنَاساً مُقَدَّسِينَ. وَلَحْمَ فَرِيسَةٍ فِي ٱلصَّحْرَاءِ لاَ تَأْكُلُوا. لِلْكِلاَبِ تَطْرَحُونَهُ».
ص ١٩: ٦ ولاويين ١٩: ٢ وتثنية ١٤: ٢١ لاويين ٢٢: ٨ وتثنية ١٤: ٢١ وحزقيال ٤: ١٤ و٤٤: ٣١ متّى ٧: ٦
تَكُونُونَ لِي أُنَاساً مُقَدَّسِينَ قابل هذا بما في (ص ١٩: ٦). إن القداسة الحقة المطلوبة هي قداسة القلب والروح. والرسوم الخارجية لا تستطيع أن تنشئ تلك القداسة فما شأن تلك الرسوم إلا أنها توجه الأفكار دائماً إلى وجوب تلك القداسة. فهي مثال ظاهر لما يجب أن يكون باطناً. ومقصد الشريعة الجوهري القداسة الباطنة. وقد تبين من الآية هنا أن الحيوان المفترس من البهائم الطاهرة كان مضاعف النجاسة لأمرين:
- ملامسته الحيوان النجس الذي هو الوحش المفترس.
- عدم خروج كل دمه فيحرم أكله على العبرانيين.
لِلْكِلاَبِ تَطْرَحُونَهُ أي إن طرح ذلك الحيوان إلى الكلاب أولى من أن تأكلوه لا إنه يجب عليهم فرضاً أن يطعموا الكلاب إياه (قابل هذا بما في تثنية ١٤: ٢١).
السابق |
التالي |