سفر الخروج

سفر الخروج | 19 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الخروج

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ عَشَرَ

ظهور الله للشعب على طور سينا

١، ٢ «١ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلثَّالِثِ بَعْدَ خُرُوجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ جَاءُوا إِلَى بَرِّيَّةِ سِينَاءَ. ٢ ٱرْتَحَلُوا مِنْ رَفِيدِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَرِّيَّةِ سِينَاءَ فَنَزَلُوا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. هُنَاكَ نَزَلَ إِسْرَائِيلُ مُقَابِلَ ٱلْجَبَلِ».

ص ١٦: ١ و عدد ٣٣: ١٥ ص ١٧: ١ و٨ ص ٣: ١ و١٢

ٱرْتَحَلُوا مِنْ رَفِيدِيمَ إن كانت رفيديم في وادي فيران كما قلنا سابقاً كان ارتحال الإسرائيليين إلى برية سيناء في وادي سلاف أو وادي الشيخ. ويمكن أنهم مروا في الواديين والمسافة على طريق وادي سلاف ثمانية عشر ميلاً. وعلى طريق وادي الشيخ نحو خمسة وعشرين ميلاً. وقد أجمع جمهور المفسرين اليوم على أن برية سيناء هي الأرض المعروفة اليوم بوادي الراحة. وطول هذا السهل ميلان وعرضه نصف ميل تحيط بها سلسلة جبال من الحجر الأسود والأصفر ويُعرف بعض أقسام ذلك الجبل في طرف البرية برأس الصفصافة. وهو هضبة يكثر عليها شجر الطرفاء ويظهر من كل موضع في السهل.

٣ «وَأَمَّا مُوسَى فَصَعِدَ إِلَى ٱللّٰهِ. فَنَادَاهُ ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلْجَبَلِ: هٰكَذَا تَقُولُ لِبَيْتِ يَعْقُوبَ وَتُخْبِرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

ص ٢٠: ٢١ وأعمال ٧: ٣٨ ص ٣: ٤

وَأَمَّا مُوسَى فَصَعِدَ إِلَى ٱللّٰهِ أي صعد إلى سيناء ليتوقع مخاطبة الله إياه.

فَنَادَاهُ ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلْجَبَلِ يظهر أن الله خاطبه وهو صاعد قبل أن يبلغ القنة حتى يخفف عنه مشقة الصعود إليها. فاذكر أن الله يلاقينا في الطريق إذا سرنا للقيام بالواجبات التي اقتضتها إرادته.

٤ «أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِٱلْمِصْرِيِّينَ. وَأَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ ٱلنُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ».

تثنية ٢٩: ٢ و٣ تثنية ٣٢: ١١ وإشعياء ٦٣: ٩ ورؤيا ١٢: ١٤

حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ ٱلنُّسُورِ قابل هذا بقوله «كَمَا يُحَرِّكُ ٱلنَّسْرُ عُشَّهُ وَعَلَى فِرَاخِهِ يَرِفُّ، وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ وَيَأْخُذُهَا وَيَحْمِلُهَا عَلَى مَنَاكِبِهِ، هٰكَذَا ٱلرَّبُّ وَحْدَهُ ٱقْتَادَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ إِلٰهٌ أَجْنَبِيٌّ» تثنية ٣٢: ١١ و١٢). قيل أن النسر إذا نبت ريش فرخه وجُنح ساعده على الطيران بطيرانه تحته حتى إذا تعب استقر على ظهره أو جناحيه. والمعنى أن الله ساعدهم بقدرته على سيرهم فلم يدعهم يسقطوا من الأعياء كما يساعد النسر فراخه فأنقذهم من الشدائد والأخطار.

جِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ أي أتيت بكم إلى حضرتي في سيناء كما أخرجتكم من مصر وفسادها والعبادة الباطلة (يشوع ٢٤: ١٤) وقدتكم إلى عبادتي الطاهرة وديني الحق.

٥ «فَٱلآنَ إِنْ سَمِعْتُمْ لِصَوْتِي وَحَفِظْتُمْ عَهْدِي تَكُونُونَ لِي خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ. فَإِنَّ لِي كُلَّ ٱلأَرْضِ».

تثنية ٥: ٢ تثنية ٤: ٢٠ و٧: ٦ و١٤: ٢ و٢٦: ١٨ و٣٢: ٩ و١ملوك ٨: ٥٣ ومزمور ١٣٥: ٤ وإشعياء ٤١: ٨ و٤٣: ١ وإرميا ١٠: ١٦ وملاخي ٣: ١٧ ص ٩: ٢٩ وتثنية ١٠: ١٤ وأيوب ٤١: ١١ ومزمور ٢٤: ١ و١كورنثوس ١٠: ٢٦

خَاصَّةً لأنه فداهم واشتراهم (ص ٦: ٦ و١٥: ١٣ و١٦).

مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ. فَإِنَّ لِي كُلَّ ٱلأَرْضِ لما ذكر الله أن إسرائيل له خاصة كان ذلك مما يوهم أنه ترك سائر البشر من عنايته. فقال دفعاً لذلك «إن لي كل الأرض» فإنه لا ينفك يعتني بكل خلائقه وهو «العلي على كل الأرض» (مزمور ٨٣: ١٨) «تفرح وتبتهج الأمم» لأنه «يدين الشعوب بالاستقامة» «ويهدي أمم الأرض» (مزمور ٦٧: ٤).

٦ «وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ وَأُمَّةً مُقَدَّسَةً. هٰذِهِ هِيَ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلَّتِي تُكَلِّمُ بِهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ».

١بطرس ٢: ٥ و٩ ورؤيا ١٠: ٦ و٥: ١٠ و٢٠: ٦ لاويين ٢٠: ٢٦ وتثنية ٧: ٦ و٢٦: ١٩ و٢٨: ٩ وإشعياء ٦٢: ١٢ و١كورنثوس ٣: ١٧ وأفسس ٥: ٢٧

مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ أي يكونون كلهم «كهنة وملوكاً لله» فمساواة بعضهم لبعض بالنسبة إلى الله. فكان للكهنة أن يقتربوا بالصلاة إلى الله مواجهة ويأتوه بالقرابين ويقدموا له النذور ويجتمعون معه بقلوبهم ونفوسهم. وأعلن الله هذا الامتياز لبطرس وليوحنا وأبان للمسيحيين أنهم إسرائيل الله (١بطرس ٢: ٩ ورؤيا ١: ٦ انظر أيضاً غلاطية ٦: ١٦).

وَأُمَّةً مُقَدَّسَةً أي أن المجموع مقدس لا كل فرد من الأفراد فإنه لا بد من أن أحدهم لم يكن مقدساً. على أنه كان بذلك يتيسر لكل أحد أن يكون مقدساً بالطاعة لله كما تكون الأمة إذا سمعت لصوته وحفظت عهده (ع ٥).

٧ «فَجَاءَ مُوسَى وَدَعَا شُيُوخَ ٱلشَّعْبِ وَوَضَعَ قُدَّامَهُمْ كُلَّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي أَوْصَاهُ بِهَا ٱلرَّبُّ».

شُيُوخَ ٱلشَّعْبِ كان الشيوخ صلة بين موسى والشعب يبلغونهم ما يأمر موسى به وكل ما يريد أن يعرفوه (انظر ص ٤: ٢٩ و١٢: ٢١ و١٧: ٥ و٦ و١٨: ٢ و١٩: ٤ الخ) وبيان مقام الشيوخ وسلطانهم في تفسير (ص ٣: ١٦) فارجع إليه.

٨ «فَأَجَابَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ مَعاً: كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ ٱلرَّبُّ نَفْعَلُ. فَرَدَّ مُوسَى كَلاَمَ ٱلشَّعْبِ إِلَى ٱلرَّبِّ».

ص ٢٤: ٣ و٧ وتثنية ٥: ٢٧

فَأَجَابَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ مَعاً بلا تأخر ولا جدال في الآراء فإن كل منهم راضياً بما وُكل إليه وراغباً في القيام بكل ما يريده الرب من سمع صوته وحفظ عهده وعمل مشيئته.

فَرَدَّ مُوسَى كَلاَمَ ٱلشَّعْبِ إِلَى ٱلرَّبِّ أٰي رفعه إليه أو أنبأه به (وأتى ذلك خضوعاً له وليعرف ماذا يأمره به في ذلك لا لأن الله لم يعرف ما كان).

٩ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: هَا أَنَا آتٍ إِلَيْكَ فِي ظَلاَمِ ٱلسَّحَابِ لِيَسْمَعَ ٱلشَّعْبُ حِينَمَا أَتَكَلَّمُ مَعَكَ، فَيُؤْمِنُوا بِكَ أَيْضاً إِلَى ٱلأَبَدِ. وَأَخْبَرَ مُوسَى ٱلرَّبَّ بِكَلاَمِ ٱلشَّعْبِ».

ع ١٦ وص ٢٠: ٢١ و٢٤: ١٥ و١٦ وتثنية ٤: ١١ ومزمور ١٨: ١١ و٩٧: ٢ تثنية ٤: ١٢ و٣٦ ويوحنا ١٢: ٢٩ و٣٠ ص ١٤: ٣١

فَقَالَ ٱلرَّبُّ كانت الخطوة الأولى في توثيق العهد بين الله وشعب إسرائيل قبول الشعب ما عرضه الله عليه. والخطة الثانية ما يذكره هنا وهي أنه كان لا بد من إعلان كلام العهد للشعب أو ما يقتضي أن يسمعه الشعب من الضروري منه وما هو بمنزلة الأساس للعهد كله. فأعلن حضوره لموسى وأرشده إلى كل ما يتعلق بذلك العهد.

هَا أَنَا آتٍ إِلَيْكَ فِي ظَلاَمِ ٱلسَّحَابِ نعم إن الله نور ومع أنه نور أحاط به السحاب والضباب (مزمور ٩٧: ٢) حتى أنه حين يُعلن نفسه يبقى ساكناً في الضباب (٢أيام ٦: ١) وكان من الضروري أن يبقى محتجباً حين يقرب من الشعب وإلا لم يستطيعوا أن يحتملوا دقيقة واحدة بهاء حضرته (انظر ص ٤٠: ٣٥ و٢أيام ٥: ١٤ و٧: ٢). وإذا كان الإسرائيليون لم يستطيعوا أن يروا وجه موسى من البهاء الذي اكتسبه من القرب إلى الله حتى أنه لبس البرقع فكم يجدر أن يحتجب الله عن أبصارهم حين يكلمهم وهو مجد المجد وبهاء البهاء كله. ويظهر إن ظلام السحاب الذي أنبأ الله موسى أن يأتي فيه إليه هو عمود السحاب الذي كان يظللهم قائد إسرائيل به ومنه خاطب موسى والشعب.

ِلِيَسْمَعَ ٱلشَّعْبُ… فَيُؤْمِنُوا بِكَ إِلَى ٱلأَبَد كان لإظهار الله نفسه للشعب غايتان (١) تأثير حضرته في قلوبهم وقلوب نسلهم. و(٢) جعلهم مستعدين للخضوع لموسى والإيمان به إلى الأبد. وقد تمّ كل ذلك. فإن الله بقي رهيباً للإسرائيليين أكثر من ثلاثة آلاف سنة. وبقيت شريعة موسى إماماً وقائداً لهم. ولا يزال اليهود إلى هذه الساعة يؤمنون بموسى ويخضعون لشريعته.

١٠ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ٱذْهَبْ إِلَى ٱلشَّعْبِ وَقَدِّسْهُمُ ٱلْيَوْمَ وَغَداً، وَلْيَغْسِلُوا ثِيَابَهُمْ».

لاويين ١١: ٤٤ وعبرانيين ١٠: ٢٢ تكوين ٣٥: ٢ وع ١٤ ولاويين ١٥: ٥

ٱذْهَبْ إِلَى ٱلشَّعْبِ وَقَدِّسْهُمُ كان من ضروريات الاستعداد للوقوف أمام الرب أن يتقدس الإسرائيليون تقديسين تقديساً ظاهراً وتقديساً باطناً والتقديس الباطني هو الأولى والأشد ضرورية ولكن هذا لا يظهر كالظاهر فأمرهم موسى بالتقديس الظاهر دلالة على الباطن. وكان هذا التقديس الظاهر يشتمل على ثلاثة أعمال (١) اغتسال الشخص. (٢) غسل الثياب. (٣) اعتزال النساء (ع ١٥).

لْيَغْسِلُوا ثِيَابَهُمْ كانت شريعة اللاويين تأمر بغسل الثياب في أحوال كثيرة (لاويين ٩: ٢٥ و٢٨ و٤٠ و١٣: ٦ و٣٤ و٥٨ و١٤: ٨ و٩ و٤٧ و١٥: ٥ – ٢٢ الخ) وكانت هذه السنّة مما شاع عند المصريين على ما ذكر هيرودوتس وعند اليونان على ما قال أوميروس وعند الرومان على ما أفاد دولنجر. وظهر من هذا وغيره أن الاستحمام كان عند الجميع للإيماء إلى النظافة الأدبية علاوة على منفعته الطبيعية.

١١ «وَيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ. لأَنَّهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ يَنْزِلُ ٱلرَّبُّ أَمَامَ عُيُونِ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ».

ع ١٨ وص ٣٤: ٥ وتثنية ٣٣: ٢

مُسْتَعِدِّينَ لِلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ هذا يدل على أن التقديس شغل يومين ولم يكفهم لذلك يوم واحد وهذا يدلنا على أن دنس الإنسان مما يكرهه الله شديد الكره.

يَنْزِلُ ٱلرَّبُّ أي يُعلن نفسه للشعب كأنه ينزل من السماء إليهم (انظر تفسير ع ٩).

١٢ «وَتُقِيمُ لِلشَّعْبِ حُدُوداً مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، قَائِلاً: ٱحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْعَدُوا إِلَى ٱلْجَبَلِ أَوْ تَمَسُّوا طَرَفَهُ. كُلُّ مَنْ يَمَسُّ ٱلْجَبَلَ يُقْتَلُ قَتْلاً».

تُقِيمُ لِلشَّعْبِ حُدُوداً هنا إشارة عملية أو صناعية إلى أن الله لا يمكن الدنو من عظمته وقداسته. ومعنى إقامة الحدود هنا وضع موانع وحواجز بين المخيم وحضيض طور سيناء منعاً للبهائم وللناس من مس الجبل. أنبأنا المسافرون أنه عند رأس الصفصافة تجاه طور سيناء أحداباً وأحادير من الصخور تمنع من القرب إليه أو من مسه وهي أكمام طبيعية يُظن أن موسى جعلها حدوداً للشعب يوم استعلان الرب على الطور. وهو ظن غير مرجّح لأن النص يقتضي أن حدود موسى كانت صناعية ولا يبعد أن تلك الحدود على الحواجز الطبيعية وعلى خط امتدادها.

أَنْ تَصْعَدُوا إِلَى ٱلْجَبَلِ لولا منع الله من ذلك ما ظهر لنا سبب لامتناع صعود أتقياء الإسرائيليين إلى الجبل ليقتربوا من الله بالصلاة والله أعلم بما هو الأحسن.

١٣ «لاَ تَمَسُّهُ يَدٌ بَلْ يُرْجَمُ رَجْماً أَوْ يُرْمَى رَمْياً. بَهِيمَةً كَانَ أَمْ إِنْسَاناً لاَ يَعِيشُ. أَمَّا عِنْدَ صَوْتِ ٱلْبُوقِ فَهُمْ يَصْعَدُونَ إِلَى ٱلْجَبَلِ».

عبرانيين ١٢: ٢٠ ع ١٦ و١٩

لاَ تَمَسُّهُ يَدٌ رجّح كثيرون أن الضمير في قوله «لا تمسه يد». راجع إلى من يمس الجبل لا إلى الجبل وهو الموافق للنص. فالمعنى أنه لا تمس العاصي والمتعدي الحدود يدٌ بل يُرجم الخ. وترجيعه إلى الجبل يفسد المعنى والتركيب اللفظي معاً.

بَهِيمَةً كَانَ أَمْ إِنْسَاناً إن البهائم وإن كانت غير مكلفة أو مسوؤلة بالخطاء كان الله يطلب قتلها في بعض الأحوال (١) إذا كانت مؤذية (ص ٢١: ٢٨) و (٢) إذا دُنست (لاويين ٢٠: ١٥). و(٣) إذا كان ذنب صاحبها يوجب تخسيره أكثر منها (ص ١٣: ١٣).

أَمَّا عِنْدَ صَوْتِ ٱلْبُوقِ (قابل هذا بالآية ١٩).

فَهُمْ يَصْعَدُونَ إِلَى ٱلْجَبَلِ ما مُنع في (ع ١٢) أُبيح في (ع ١٣) ولكن الإباحة لمُعيّنين كهارون لا للشعب ولا للكنهة أنفسهم (انظر ع ٢٤).

١٤، ١٥ «١٤ فَٱنْحَدَرَ مُوسَى مِنَ ٱلْجَبَلِ إِلَى ٱلشَّعْبِ وَقَدَّسَ ٱلشَّعْبَ وَغَسَلُوا ثِيَابَهُمْ. ١٥ وَقَالَ لِلشَّعْبِ: كُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ. لاَ تَقْرَبُوا ٱمْرَأَةً».

ع ١٠ ع ١١ و١صموئيل ٢١: ٤ و٥ و١كورنثوس ٧: ٥

لاَ تَقْرَبُوا ٱمْرَأَةً (أي لا يقرب أحد زوجته) قابل هذا بما في (١صموئيل ٢١: ٤ و٥ و١كورنثوس ٧: ٥). واعتاد الناس منذ العصور الخالية أن يمتنعوا عن نسائهم عند المشروع في الأعمال المقدسة عل ما ثبت من أقوال المؤرخين الأقدمين. وكانت الشريعة اللاوية كذلك (لاويين ١٥: ١٨). وهذه السنة لا تزال بين الهنود والمجوس والمسلمين (قرآن س ٤: آ ٥٠).

١٦ «وَحَدَثَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ لَمَّا كَانَ ٱلصَّبَاحُ أَنَّهُ صَارَتْ رُعُودٌ وَبُرُوقٌ وَسَحَابٌ ثَقِيلٌ عَلَى ٱلْجَبَلِ، وَصَوْتُ بُوقٍ شَدِيدٌ جِدّاً. فَٱرْتَعَدَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي فِي ٱلْمَحَلَّةِ».

مزمور ٧٧: ١٨ وعبرانيين ١٢: ١٨ و١٩ ورؤيا ٤: ٥ و٨: ٥ و١١: ١٩ ع ٥ وص ٤٠: ٣٤ و٢أيام ٥: ١٤ ع ١٣ ورؤيا ١: ١٠ و٤: ١ عبرانيين ١٢: ٢١

رُعُودٌ وَبُرُوقٌ وَسَحَابٌ ثَقِيلٌ قابل هذا بما في (تثنية ٤: ١١ و١٢). والذي في التثنية أوضح مما هنا وهو قوله «فَتَقَدَّمْتُمْ وَوَقَفْتُمْ فِي أَسْفَلِ ٱلْجَبَلِ، وَٱلْجَبَلُ يَضْطَرِمُ بِٱلنَّارِ إِلَى كَبِدِ ٱلسَّمَاءِ، بِظَلاَمٍ وَسَحَابٍ وَضَبَابٍ. فَكَلَّمَكُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ وَأَنْتُمْ سَامِعُونَ صَوْتَ كَلاَمٍ، وَلٰكِنْ لَمْ تَرَوْا صُورَةً». وكان الذي أثر في قلوب الشعب مشاهدة عدة أمور معاً وهي الرعد الشديد ولمعان البرق الباهر. ولهب النار الصاعد إلى كبد السماء. والدخان الكثيف الحجاب الجو المنشئ الظلام. وارتجاف الجبل كأنه زلزال دائم. وصوت بوق رفيع جداً يزداد على التوالي جهوراً وارتفاعاً. والخلاصة أن المشهد كان مخيفاً جداً لم يُعهد في عالم الطبيعة. فالقول بأن ذلك كان زلزالاً طبيعياً وثوراناً بركانياً مخالفاً للواقع والنص كل المخالفة.

صَوْتُ بُوقٍ شَدِيدٌ صوت البوق من آيات حضور الله وكان تنبيهاً لأن يصغوا إلى ما يقال بعده. وفي اليوم الأخير يعلن صوت البوق مجيء المسيح منتصراً وذلك البوق «بوق الله» (١تسالونيكي ٤: ١٦). وذُكر في سفر الرؤيا إن الملائكة يعلنون مجيئهم بصوت البوق (رؤيا ٨: ٧ و٨ و١٠ و١٢ و٩: ١ و١٤ الخ) وينبئون بما سيكون من الحوادث.

١٧ «وَأَخْرَجَ مُوسَى ٱلشَّعْبَ مِنَ ٱلْمَحَلَّةِ لِمُلاَقَاةِ ٱللّٰهِ، فَوَقَفُوا فِي أَسْفَلِ ٱلْجَبَلِ».

تثنية ٤: ١٠ و١١

مِنَ ٱلْمَحَلَّةِ (أي مكان الحلول وكان مخيماً لأنهم كانوا يسكنون في البرية الخيام). وكانت تلك المحلة هنا قرب طور سيناء يفصل بينها وبين الحدود التي وضعها موسى سهل أوقف فيه الشعب ليشاهدوا ما يكون على الطور ويسمعوا صوت الله.

فِي أَسْفَلِ ٱلْجَبَلِ في السهل الذي تجاه رأس الصفصافة.

١٨ «وَكَانَ جَبَلُ سِينَاءَ كُلُّهُ يُدَخِّنُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ ٱلرَّبَّ نَزَلَ عَلَيْهِ بِٱلنَّارِ، وَصَعِدَ دُخَانُهُ كَدُخَانِ ٱلأَتُونِ، وَٱرْتَجَفَ كُلُّ ٱلْجَبَلِ جِدّاً».

تثنية ٤: ١١ و٣٣: ٢ وقضاة ٥: ٥ ومزمور ٦٨: ٨ وإشعياء ٦: ٤ ص ٣: ٢ و٢٤: ١٧ و٢أيام ٧: ١ – ٣ تكوين ١٥: ١٧ ومزمور ١٤٤: ٥ ورؤيا ١٥: ٨ مزمور ٦٨: ٨ و٧٧: ١٨ و١٤: ٧ وإرميا ٤: ٢٤ وعبرانيين ١٢: ٢٦

وَكَانَ جَبَلُ سِينَاءَ كُلُّهُ يُدَخِّنُ أي كان السحاب عليه عاماً كثيفاً يشبه الدخان وإن كان الجبل قد احترق بالنار حقيقة (تثنية ٤: ١١) فالدخان على حقيقته.

وَٱرْتَجَفَ كُلُّ ٱلْجَبَلِ جِدّاً قابل هذا بما في (مزمور ٦٨: ٨) وهو قوله «ٱلأَرْضُ ٱرْتَعَدَتِ. ٱلسَّمَاوَاتُ أَيْضاً قَطَرَتْ أَمَامَ وَجْهِ ٱللّٰهِ. سِينَاءُ نَفْسُهُ مِنْ وَجْهِ ٱللّٰهِ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ» وهذا الصوت يصدق على الزلزلة أكثر مما يصدق على الاهتزاز الذي يحدث أحياناً من شدة الرعد.

١٩، ٢٠ «١٩ فَكَانَ صَوْتُ ٱلْبُوقِ يَزْدَادُ ٱشْتِدَاداً جِدّاً، وَمُوسَى يَتَكَلَّمُ وَٱللّٰهُ يُجِيبُهُ بِصَوْتٍ. ٢٠ وَنَزَلَ ٱلرَّبُّ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ إِلَى رَأْسِ ٱلْجَبَلِ، وَدَعَا ٱللّٰهُ مُوسَى إِلَى رَأْسِ ٱلْجَبَلِ. فَصَعِدَ مُوسَى».

ع ١٣ نحميا ٩: ١٣ ومزمور ٨١: ٧

رَأْسِ ٱلْجَبَلِ أي على قنة رأس الصفصافة لا على قنة جبل موسى الذي لا يُرى من سهل الراحة.

تحذير الله للشعب من الاقتراب ع ٢١ إلى ٢٥

كان هذا التحذير على أثر إعلان الله قصده صعود موسى إلى الجبل. ومنعاً للشعب من الاقتراب أمر موسى بوضع الحدود وبأن يأمر الشعب أن يبقوا وراءها. وكان جزاء من يجوز الحدود القتل (ع ١٢). ولا ريب في أن موسى أسرع في إقامة الحدود حيث أوصاه الله كما يظهر من الآية الثالثة والعشرين. وأنذر الشعب بقتل من يعصي الأمر. والذي يظهر من (ع ٢١ – ٢٥) إن الإنذار الأول لم يكن كافياً فأمر الرب موسى بالانحدار لتقرير ذلك الإنذار (ع ٢١ و٢٢). وحرّض الكهنة على التطهير وأنذر العاصي بالقتل أيضاً.

٢١ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ٱنْحَدِرْ حَذِّرِ ٱلشَّعْبَ لِئَلاَّ يَقْتَحِمُوا إِلَى ٱلرَّبِّ لِيَنْظُرُوا فَيَسْقُطَ مِنْهُمْ كَثِيرُونَ».

ص ٣: ٤ و١صموئيل ٦: ١٩

لِئَلاَّ يَقْتَحِمُوا أي يتجاوزوا الحدود التي وضعها موسى بأمر الرب.

لِيَنْظُرُوا فَيَسْقُطَ مِنْهُمْ كَثِيرُونَ بأن يمسوا الجبل (ع ١٣). والمرجّح أن الإشارة هنا إلى ضربة سماوية كضربة أهل بيت شمس التي قتلت «خَمْسِينَ أَلْفَ رَجُلٍ وَسَبْعِينَ رَجُلاً» (١صموئيل ٦: ١٩).

٢٢ «وَلْيَتَقَدَّسْ أَيْضاً ٱلْكَهَنَةُ ٱلَّذِينَ يَقْتَرِبُونَ إِلَى ٱلرَّبِّ لِئَلاَّ يَبْطِشَ بِهِمِ ٱلرَّبُّ».

لاويين ١٠: ٣ ص ٢٤: ٥ و٢صموئيل ٦: ٧ و٨

ٱلْكَهَنَةُ قال بعضهم أن ذكر الكهنة هنا خطأ لأن الكهنة كانوا من اللاويين بعد ذلك. والخطأ قولهم فإن الإسرائيليين يومئذ كانوا كسائر قدماء الشعوب في أن لهم كهنة. وكانت الكهنة رؤساء البيوت بدليل أنهم كانوا يقومون بالخدمة الكاهنية.

يَبْطِشَ بِهِمِ أي يعاقبهم بالموت علانية كما فعل بعزة (٢صموئيل ٦: ٨).

٢٣ «فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: لاَ يَقْدِرُ ٱلشَّعْبُ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى جَبَلِ سِينَاءَ، لأَنَّكَ أَنْتَ حَذَّرْتَنَا قَائِلاً: أَقِمْ حُدُوداً لِلْجَبَلِ وَقَدِّسْهُ».

ع ١٢ ويشوع ٣: ٤

لاَ يَقْدِرُ ٱلشَّعْبُ أَنْ يَصْعَدَ المظنون أن موسى أراد أنه لا يصعد سهواً فإنه لم يظن أن الشعب يسهو عن الإنذار لكن الله عرف أن الشعب يميل إلى ذلك فكرر الإنذار.

٢٤، ٢٥ «٢٤ فَقَالَ لَهُ ٱلرَّبُّ: ٱذْهَبِ ٱنْحَدِرْ ثُمَّ ٱصْعَدْ أَنْتَ وَهَارُونُ مَعَكَ. وَأَمَّا ٱلْكَهَنَةُ وَٱلشَّعْبُ فَلاَ يَقْتَحِمُوا لِيَصْعَدُوا إِلَى ٱلرَّبِّ لِئَلاَّ يَبْطِشَ بِهِمْ. ٢٥ فَٱنْحَدَرَ مُوسَى إِلَى ٱلشَّعْبِ وَقَالَ لَهُمْ».

ٱذْهَبِ ٱنْحَدِرْ الخ «ٱلَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ» (يعقوب ١: ١٧) دفع اعتراض موسى بعدم الاكتراث به واستمر على ما أراد من الإنذار وإجرائه فأطاع موسى الأمر وانحدر وأنذر الشعب وحذره من مجاوزة الحدود.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى