سفر الخروج | 13 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الخروج
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ
تقديس الأبكار وشريعة الفداء
١، ٢ «١ وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ٢ قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ، كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِنَ ٱلنَّاسِ وَمِنَ ٱلْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي».
ع ١٢ و١٣ و١٥ وص ٢٢: ٢٩ و٣٠ و٣٤: ١٩ ولاويين ٢٧: ٢٦ وعدد ٣: ١٣ و٨: ١٦ و١٧ و١٨: ١٥ وتثنية ١٥: ١٩ ولوقا ٢: ٢٣
قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ هذا الطلب مبني على ما يقتضيه العقل السليم والعدل فإن الله ضرب أبكار المصريين وحفظ أبكار الإسرائيليين فكانوا مفرزين لخدمته وكان أبكار البهائم كذلك فكان من ذلك الوقت كل بكر من أبكارهم وأبكار بهائمهم له وأوجب عليهم ذلك تذكيراً لهم برحمته لهم ونعمته عليهم فجعل أبكار بهائمهم والبهائم الطاهرة بدل أبكار بهائمهم لأنها كانت أيضاً فداء للمختونين الذي يشير ختانهم إلى وجوب طهارتهم (انظر عدد ٣: ٤٠ – ٥١ و١٨: ١٦).
٣ «وَقَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: ٱذْكُرُوا هٰذَا ٱلْيَوْمَ ٱلَّذِي فِيهِ خَرَجْتُمْ مِنْ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ، فَإِنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَكُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ هُنَا. وَلاَ يُؤْكَلُ خَمِيرٌ».
ص ١٢: ٤٢ وتثنية ١٦: ٣ ص ٦: ١ ص ١٢: ٨
ٱذْكُرُوا هٰذَا ٱلْيَوْمَ كانت أمور الذكر أربعة:
- كون أول السنة الدينية غير أول السنة السياسية.
- سُنّة الفصح.
- سبعة أيام الفطير.
- تقدمة الفداء وما ينتج بالضرورة عن ذلك من سؤال أولادهم عن العلة (ع ١٤ و١٥).
٤ «اَلْيَوْمَ أَنْتُمْ خَارِجُونَ فِي شَهْرِ أَبِيبَ».
ص ٢٣: ١٥ و٣٤: ١٨ وتثنية ١٦: ١
شَهْرِ أَبِيبَ معنى أبيب سنابل الزرع الخضراء أو الخضرة (فهو يقرب من الأب في العربية). وكان أبيب شهر سنبلة الحنطة أي مصيرها ذات سنابل وتجدد خضرة الأرض. وكان أوله يوم البدر الذي يلي الاعتدال الربيعي. وبقي اسمه أبيب إلى جلاء بابل. وكان البابليون يسمونه نيسان فغلب هذا الاسم على ذاك (نحميا ٢: ١ وأستير ٣: ٧).
٥ «وَيَكُونُ مَتَى أَدْخَلَكَ ٱلرَّبُّ أَرْضَ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْحِثِّيِّينَ وَٱلأَمُورِيِّينَ وَٱلْحِوِّيِّينَ وَٱلْيَبُوسِيِّينَ ٱلَّتِي حَلَفَ لآبَائِكَ أَنْ يُعْطِيَكَ، أَرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً، أَنَّكَ تَصْنَعُ هٰذِهِ ٱلْخِدْمَةَ فِي هٰذَا ٱلشَّهْرِ».
ص ٣: ٨ ص ٦: ٨ ص ١٢: ٢٥ و٢٦
ٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْحِثِّيِّينَ الخ كانت قبائل أرض كنعان سبعاً ذكر خمساً منها هنا والقبيلتان الباقيتنان هما الفرزيون والجرجسيون والظاهر أنهما لم تكونا من ذوات الشأن. وكان أشهر تلك القبائل الكنعانيون والحثيون والأموريون ولهذا كانوا يُذكرون أولاً. وكان الحثيون من زمن الخروج إلى عدة قرون بعده أمة قوية جداً (انظر يشوع ١: ٤ و١ملوك ١٠: ٢٩ و٢ملوك ٧: ٦).
أَرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً (انظر تفسير ص ٣: ٨).
تَصْنَعُ هٰذِهِ ٱلْخِدْمَةَ استنتج كاليش من هذه الآية ومن الآية الخامسة والعشرين من الأصحاح السابق أن الإسرائيليين لم يكلفوا بحفظ الفصح فعلاً إلا بعد أن ملكوا أرض كنعان. وإنهم لم يحفظوا الفصح قبل ذلك إلا مرتين الأول بأمر موسى في برية سيناء والثاني بأمر يشوع في الجلجال في سهل أريحا (عدد ٩: ١ – ٥ ويشوع ٥: ١٠ و١١).
٦ – ٨ «٦ سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُ فَطِيراً وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ عِيدٌ لِلرَّبِّ. ٧ فَطِيرٌ يُؤْكَلُ ٱلسَّبْعَةَ ٱلأَيَّامِ، وَلاَ يُرَى عِنْدَكَ مُخْتَمِرٌ، وَلاَ يُرَى عِنْدَكَ خَمِيرٌ فِي جَمِيعِ تُخُومِكَ. ٨ وَتُخْبِرُ ٱبْنَكَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ قَائِلاً: مِنْ أَجْلِ مَا صَنَعَ إِلَيَّ ٱلرَّبُّ حِينَ أَخْرَجَنِي مِنْ مِصْرَ».
ص ١٢: ١٥ و١٦ ص ١٢: ١٩ ص ١٢: ٢٦ و٢٧ وع ١٤
عِيدٌ لِلرَّبِّ قابل هذا بما في (ص ١٢: ١٦) فإن الاحتفال ذا الشأن كان في اليوم السابع وهو اليوم الحادي والعشرين من أبيب وكان كذلك لأنهم جازوا فيه البحر الأحمر.
٩، ١٠ «٩ وَيَكُونُ لَكَ عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ، وَتَذْكَاراً بَيْنَ عَيْنَيْكَ، لِتَكُونَ شَرِيعَةُ ٱلرَّبِّ فِي فَمِكَ. لأَنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَكَ ٱلرَّبُّ مِنْ مِصْرَ. ١٠ فَتَحْفَظُ هٰذِهِ ٱلْفَرِيضَةَ فِي وَقْتِهَا مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ».
ص ١٢: ١٤ وع ١٦ وعدد ١٥: ٣٩ وتثنية ٦: ٨ و١١: ١٨ وأمثال ١: ٩ وإشعياء ٤٩: ١٦ وإرميا ٢٢: ٢٤ ومتّى ٢٣: ٥ ص ١٢: ١٤ و٢٤ و٤٣
وَيَكُونُ لَكَ عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ، وَتَذْكَاراً بَيْنَ عَيْنَيْكَ ما فتئ اليهود يلبسون العصائب منذ أيام الخروج وكانت تشتمل على ما فُصل في سفر التثنية على آيات الفصح. والذي عُرف من أمرها أنها كانت قدداً طويلة من الرق مكتوباً فيها الآيات الفصحية وهي ما في (خروج ١٣: ٢ – ١٠ وتثنية ٦: ٤ – ٩ و١١: ١٣ – ٢١). وكانوا يربطونها بعد طيها ويضعونها في علب صغيرة ويربطونها في الأرساغ اليسرى وعلى الجباه عند الصلاة. وقد عُرف ما يشبه ذلك عند قدماء المصريين. ومن ذلك اعترض بعضهم بأن موسى أخذ ذلك من خرافات المصريين. ودفع هذا الاعتراض بأن المصريين كانوا يحملون الأحراز والتمائم السحرية الباطلة لا كلام الله تذكاراً لإحسانه فشتان بين الأمرين. على أنه كان على الإسرائيليين أن يحملوا شريعة الله في قلوبهم لا على مجرد معاصمهم وجباههم (تثنية ١١: ١٨).
١١ «وَيَكُونُ مَتَى أَدْخَلَكَ ٱلرَّبُّ أَرْضَ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ كَمَا حَلَفَ لَكَ وَلآبَائِكَ وَأَعْطَاكَ إِيَّاهَا».
ع ٥
أَرْضَ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ نُسبت أرض فلسطين إلى الكنعانيين إما لسموّ مقامهم على مقام غيرهم وإما لسموّ نسبهم (تكوين ١٠: ١٥). وسُميت بأرض الكنعانيين دائماً (تكوين ١١: ٣١ و١٢: ٥ و١٣: ١٢).
١٢ «أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ، وَكُلَّ بِكْرٍ مِنْ نِتَاجِ ٱلْبَهَائِمِ ٱلَّتِي تَكُونُ لَكَ. ٱلذُّكُورُ لِلرَّبِّ».
ع ٢
أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ وترجم بعضهم الأصل بقوله «الذي أنت تفرز للرب كل الذي يفتح رحماً». ومعنى ذلك على ما قال أحد المفسرين أن يعزله عن القطيع لكي لا يختلط بغير المقدَّس. والعبارة على ما في العبرانية «والذي تصبّره كل فاطر رحم للرب» والتصبير الجمع وجعل الطعام صبرة واحدة. ولازم معنى ذلك تفرز للرب أو تقدم له كل بكر.
١٣ «وَلٰكِنَّ كُلَّ بِكْرِ حِمَارٍ تَفْدِيهِ بِشَاةٍ. وَإِنْ لَمْ تَفْدِهِ فَتَكْسِرُ عُنُقَهُ. وَكُلُّ بِكْرِ إِنْسَانٍ مِنْ أَوْلاَدِكَ تَفْدِيهِ».
ص ٣٤: ٢٠ ولاويين ٢٧: ٣٧ وعدد ١٨: ١٤ و١٦ عدد ٣: ٤٦ و٤٧ و١٨: ١٥ و١٦
كُلَّ بِكْرِ حِمَارٍ مما يُنتبه له هنا أنه لم يذكر أن الإسرائيليين اقتنوا خيلاً. فإن الخيل كانت مما عرفه المصريون ولكن لم يقتنها إلا الملوك والكبراء. ولم يكن عند الإسرائيليين فرس ولكن الحمير كانت وافرة عندهم وكانت أكثر بهائم الحمل لأنهم لم يكن لهم جمال على ما ظهر فاضطروا أن يحملوا خيامهم وسائر أمتعتهم على الحمير.
تَفْدِيهِ لأن الحمار ليس من الحيوانات الطاهرة. وكان فداءه بشاة وهي هنا الخروف مما سرّ صاحبه لأن الحمار أثمن من صغير الضأن.
وَإِنْ لَمْ تَفْدِهِ فَتَكْسِرُ عُنُقَهُ العادة في كل أمة أن يُعاقب كل من يأبى أن يقدم المفروض عليه لله.
كُلُّ بِكْرِ إِنْسَانٍ مِنْ أَوْلاَدِكَ تَفْدِيهِ كان هذا إلى أن صار الكهنة سبط لاوي بدلاً من الأبكار الخدمة الأقداس فكان على سائر أسباط إسرائيل أن يفدوا أبناءهم بأن يعطوا الكهنة خمسة شواقل عن أبنائهم (عدد ٣: ٤٠ – ٤٥ و١٨: ١٥ و١٦).
١٤، ١٥ «١٤ وَيَكُونُ مَتَى سَأَلَكَ ٱبْنُكَ غَداً: مَا هٰذَا؟ تَقُولُ لَهُ: بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَنَا ٱلرَّبُّ مِنْ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ. ١٥ وَكَانَ لَمَّا تَقَسَّى فِرْعَوْنُ عَنْ إِطْلاَقِنَا أَنَّ ٱلرَّبَّ قَتَلَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ، مِنْ بِكْرِ ٱلنَّاسِ إِلَى بِكْرِ ٱلْبَهَائِمِ. لِذٰلِكَ أَنَا أَذْبَحُ لِلرَّبِّ ٱلذُّكُورَ مِنْ كُلِّ فَاتِحِ رَحِمٍ، وَأَفْدِي كُلَّ بِكْرٍ مِنْ أَوْلاَدِي».
ص ١٢: ٢٦ وتثنية ٦: ٢٠ ويشوع ٤: ٦ و٢١ ع ٣ ص ١٢: ٢٩
(ما في هاتين الآيتين بيان الأمر الذي لأجله فُرض الفصح).
١٦ «فَيَكُونُ عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ وَعِصَابَةً بَيْنَ عَيْنَيْكَ. لأَنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَنَا ٱلرَّبُّ مِنْ مِصْرَ».
ع ٩
فَيَكُونُ عَلاَمَةً الخ (انظر تفسير ع ٩). سُمّيت العصابة في العبرانية في هذه الآية «طوطفُت» وسُميت في سفر التثنية الكلداني «طفلِن» والمرجّح ان معنى كل منهما عصابة أو رباط.
عناية الله بجهة السفر
١٧ «وَكَانَ لَمَّا أَطْلَقَ فِرْعَوْنُ ٱلشَّعْبَ أَنَّ ٱللّٰهَ لَمْ يَهْدِهِمْ فِي طَرِيقِ أَرْضِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ مَعَ أَنَّهَا قَرِيبَةٌ، لأَنَّ ٱللّٰهَ قَالَ: لِئَلاَّ يَنْدَمَ ٱلشَّعْبُ إِذَا رَأَوْا حَرْباً وَيَرْجِعُوا إِلَى مِصْرَ».
ص ١٤: ١١ و ١٢ وعدد ١٤: ١ إلى ٤ تثنية ١٧: ١٦
أَنَّ ٱللّٰهَ لَمْ يَهْدِهِمْ فِي طَرِيقِ أَرْضِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ الكلام من أول هذه الآية إلى آخر الآية التاسعة عشرة معترض من كلام معترض أوله من (ص ١٢: ٤٢). وكان أول سفر الإسرائيليين من مصر إلى كنعان من مدينة تنيس أو رعمسيس في شرقي الذلتا على مقربة من البحر الأحمر. فإن موسى رأى على ما ظهر له أن أخصر الطرق وأسهلها على الإسرائيليين الطريق المجاورة الشاطئ من تنيس إلى بيلسيوم ومنها إلى رينوكولورا ومن هذه إلى غزة فعسقلان فأشدود أمهات مدن الفلطسينيين. وكانت مسافة هذه الطريق لا تزيد على مئتي ميل ويمكن قطعها بأربعة عشر يوماً. فإن قيل لماذا لم يسلكوا هذه الطريق قلنا إن الله لم يرد وعلة أنه لم يرد بُيّنت في قوله «لئلا يندم الشعب إذا رأوا حرباً ويرجعوا إلى مصر». ومن المعلوم أن فلسطين كانت بلاداً قوية حصينة ورجالها من أبطال الحرب وإن لم يُذكر ذلك في الآثار المصرية فإنه لم يُذكر فيها سوى أسماء قليلين من أفراد سورية وأممها.
مَعَ أَنَّهَا قَرِيبَةٌ والأصل العبراني يحتمل «لأنها قريبة» فيكون المعنى على هذا وهو الذي رجّحه بعضهم هو أن الله لم يهدهم… لأنها قريبة فقادهم في طريق بعيدة.
إِذَا رَأَوْا حَرْباً إن كان الفلسطينيون هم بقية المصريين المعروفين بالبرساتا على ما قال بعضهم فلا بد من أنهم كانوا مشهورين بأنهم أبطال حرب. ولكن ذلك غير محقق فنحكم بأنهم قبائل سورية ذات شأن. وكان لها في عصر يشوع خمسة حصون منيعة غزة وعسقلان وأشدود وجت وعقرون (يشوع ١٣: ٣). وكان لها اسم عظيم في أيام القضاة وسُميت فلسطين باسمهم وهذا لا يكون ما لم يكونوا قوماً مشهورين بالعظمة والقوة. ولا ريب في أن الإسرائيليين كانوا بعد أن استُعبدوا أربعة قرون قد اعتادوا الذل والانكسار ضعفاء عاجزين عن مباراة الفلسطينيين فإذا التظت الحرب بينهم وبين الفلسطينيين انهزموا ورجعوا إلى مصر.
١٨ «فَأَدَارَ ٱللّٰهُ ٱلشَّعْبَ فِي طَرِيقِ بَرِّيَّةِ بَحْرِ سُوفٍ. وَصَعِدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مُتَجَهِّزِينَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ».
ص ١٤: ٢ وعدد ٣٣: ٦ إلى ١٠ يشوع ١: ١٤ وقضاة ٧: ١١
فَأَدَارَ ٱللّٰهُ ٱلشَّعْبَ أي لم يقودهم في الطريق المستقيمة في بيلسيوم وراء بحيرة سربونيس إلى رينوكولورا وغزة بل قادهم في طريق منحنية طريق البحر الأحمر وبرية سيناء إلى عبر الأردن أرض الأموريين فقطعوا الأردن إلى كنعان. وهذا مناف لقول برغش أن كاتب سفر التكوين أراد بالبحر الأحمر بحيرة سربونيس وإنهم ساورا جنوباً بعد قطعهم تلك البحيرة.
وَصَعِدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مُتَجَهِّزِينَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ وفي الأصل العبراني صعدوا «حمشيم» واختلف اللغويون في هذه اللفظة كثيراً فرأى بعضهم أن معناها «مستعدين للحرب» وبعضهم أنها «شجعان» وغيرهم غير ذلك. ومن المذاهب الموافقة هنا أن «حمشيم» جمع «حمش» أي «خميس» وهو الجيش (لأنه خمس فِرق المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساقة). (وعلى ما في الأصل العربي أنهم صعدوا متهيئين ومستعدين مطلقاً). وقال احد مشاهير المفسرين «إنهم صعدوا مترتبين كالعساكر». (وهذا موافق للترجمة الموافقة لسياق القصة وحال الإسرائيليين وعلى المرجّح تترجم العبارة هكذا وصعد بنو إسرائيل من مصر جيوشاً).
١٩ «وَأَخَذَ مُوسَى عِظَامَ يُوسُفَ مَعَهُ، لأَنَّهُ كَانَ قَدِ ٱسْتَحْلَفَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِحَلْفٍ قَائِلاً: إِنَّ ٱللّٰهَ سَيَفْتَقِدُكُمْ فَتُصْعِدُونَ عِظَامِي مِنْ هُنَا مَعَكُمْ».
تكوين ٥٠: ٢٥ ويشوع ٢٤: ٣٢ وأعمال ٧: ١٦
وَأَخَذَ مُوسَى عِظَامَ يُوسُفَ مَعَهُ كان جسد يوسف محنطاً على عادة المصريين (تكوين ٥٠: ٢٦) وكان قد أوصى أن يُنقل أثره إلى أرض كنعان (تكوين ٥٠: ٢٥).
استئناف السير
٢٠ «وَٱرْتَحَلُوا مِنْ سُكُّوتَ وَنَزَلُوا فِي إِيثَامَ فِي طَرَفِ ٱلْبَرِّيَّةِ».
عدد ٣٣: ٦
ٱرْتَحَلُوا مِنْ سُكُّوتَ وَنَزَلُوا فِي إِيثَامَ لم يتحقق موقع سكوت ولا موقع إيثام والمرجّح أنهما كانا على الجنوب الشرقي من تنيس بينها وبين البحيرات المالحة. وربما كانت سكوت قرب تل دفنة على غاية خمسة عشر ميلاً من تنيس وإيثام قرب الإسماعيلية على تخم البرية. ورأى الدكتور برغش أن إيثام هي خيتام المصرية وهو رأي بعيد لأن الخاء يبعد أن تتحول في العبرانية الفاً. ومعنى إيثام (أو ايتام) بيت تام أو تم وهو هيكل الشمس وكان المصريون يعبدونها في الذلتا في هيلوبوليس وفاثوم ومواضع أُخر.
٢١ «وَكَانَ ٱلرَّبُّ يَسِيرُ أَمَامَهُمْ نَهَاراً فِي عَمُودِ سَحَابٍ لِيَهْدِيَهُمْ فِي ٱلطَّرِيقِ، وَلَيْلاً فِي عَمُودِ نَارٍ لِيُضِيءَ لَهُمْ لِكَيْ يَمْشُوا نَهَاراً وَلَيْلاً».
ص ١٤: ١٩ و٢٤ و٤٠: ٣٨ وعدد ٩: ١٥ و١٠: ٣٤ و١٤: ١٤ وتثنية ١: ٣٣ ونحميا ٩: ١٢ و١٩ ومزمور ٧٨: ١٤ و٩٩: ٧ و١٠٥: ٣٩ وإشعياء ٤: ٥ واكورنثوس ١٠: ١
وَكَانَ ٱلرَّبُّ يَسِيرُ أَمَامَهُمْ أبان الكاتب في ع ١٨ و١٩ أن الله قاد الشعب وأوضح هنا كيف قادهم. فإنه سار أمام الشعب من سكوت والمرجّح أنه سار كذلك من رعمسيس بآية عمود كان يظهر كالدخان نهاراً وكالنار ليلاً. وكان الإسرائيليون يتبعونه جزءاً من النهار وجزءاً من الليل وكانوا ينزلون حيث يقف ويسيرون متى سار (ص ٤٠: ٣٦ – ٣٨) فأشبه الدخان والنار اللذين كان القواد يتخذونهما علامتين أمام الجيوش على ما أفاد المؤرخون. فكان الله بمنزلة قائد للإسرائيليين لكن عمله كان معجزة.
لَيْلاً ذُكر سفر الشعب ليلاً في (عدد ٣٣: ٤٩).
٢٢ «لَمْ يَبْرَحْ عَمُودُ ٱلسَّحَابِ نَهَاراً وَعَمُودُ ٱلنَّارِ لَيْلاً مِنْ أَمَامِ ٱلشَّعْبِ».
لَمْ يَبْرَحْ (قابل هذا بما في ص ٤٠: ٣٨ وعدد ٩: ١٦). ولعل السحابة توارت عنهم في آبل شطيم (عدد ٣٣: ٤٩).
السابق |
التالي |