سفر الجامعة | 11 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الجامعة
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ
١ – ٦ «١ اِرْمِ خُبْزَكَ عَلَى وَجْهِ ٱلْمِيَاهِ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ. ٢ أَعْطِ نَصِيباً لِسَبْعَةٍ وَلِثَمَانِيَةٍ أَيْضاً، لأَنَّكَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَيَّ شَرٍّ يَكُونُ عَلَى ٱلأَرْضِ. ٣ إِذَا ٱمْتَلأَتِ ٱلسُّحُبُ مَطَراً تُرِيقُهُ عَلَى ٱلأَرْضِ. وَإِذَا وَقَعَتِ ٱلشَّجَرَةُ نَحْوَ ٱلْجَنُوبِ أَوْ نَحْوَ ٱلشِّمَالِ فَفِي ٱلْمَوْضِعِ حَيْثُ تَقَعُ ٱلشَّجَرَةُ هُنَاكَ تَكُونُ. ٤ مَنْ يَرْصُدُ ٱلرِّيحَ لاَ يَزْرَعُ، وَمَنْ يُرَاقِبُ ٱلسُّحُبَ لاَ يَحْصُدُ. ٥ كَمَا أَنَّكَ لَسْتَ تَعْلَمُ مَا هِيَ طَرِيقُ ٱلرِّيحِ، وَلاَ كَيْفَ ٱلْعِظَامُ فِي بَطْنِ ٱلْحُبْلَى، كَذٰلِكَ لاَ تَعْلَمُ أَعْمَالَ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَصْنَعُ ٱلْجَمِيعَ. ٦ فِي ٱلصَّبَاحِ ٱزْرَعْ زَرْعَكَ وَفِي ٱلْمَسَاءِ لاَ تَرْخِ يَدَكَ، لأَنَّكَ لاَ تَعْلَمُ أَيُّهُمَا يَنْمُو هٰذَا أَوْ ذَاكَ، أَوْ أَنْ يَكُونَ كِلاَهُمَا جَيِّدَيْنِ سَوَاءً».
إشعياء ٣٢: ٢٠ تثنية ١٥: ١٠ وأمثال ١٩: ١٧ ومتّى ١: ٤٢ و٢كورنثوس ٩: ٨ وغلاطية ٦: ٩ وعبرانيين ٦: ١٠ مزمور ١١٢: ٩ ومتّى ٥: ٤٢ ولوقا ٦: ٣٠ و١تيموثاوس ٦: ١٨ و١٩ ع ٨ وص ١٢: ١ يوحنا ٣: ٨ مزمور ١٣٩: ١٣ – ١٦ ص ١: ١٣ و٣: ١٠ و١١ و٨: ١٧ ص ٩: ١٠
اِرْمِ خُبْزَكَ الإشارة إلى عمل الخير على اختلاف أنواعه وإن كان بدون النتيجة المرغوبة كالإحسان لغير الشاكرين وتوزيع الكتب المقدسة على غير المنتبهين ووعظ السامعين أو غير الفاهمين فيقول الجامعة لهؤلاء العاملين أن لا ييأسوا فإنهم سيجدون ثمر عملهم وإن كان عبثاً حسب الظاهر. ووجد البعض إشارة إلى الزرع على مياه النيل عند فيضانه الذي يأتي بالحصاد بعد أيام كثيرة. ويفهم غيرهم إرسال مراكب تجارية في البحر التي ترجع بعد أيام كثيرة بمكسب لأصحابها وأما يسوع فقال (انظر لوقا ١٤: ١٢ – ١٤) إنه يجب عمل الخير بلا نظر إلى هذه المكافأة.
لِسَبْعَةٍ وَلِثَمَانِيَةٍ (ع ٢) أي المطلوب وأكثر من المطلوب (انظر أيوب ٥: ١٩ وعاموس ١: ٣) فيكون العطاء بالسخاء وليس كأجرة محدودة.
لأَنَّكَ لَسْتَ تَعْلَمُ يجب العطاء اليوم بالسخاء لأن الغد مجهول وربما لا يمكن الإنسان أن يعطي بالمستقبل كما اليوم.
إِذَا ٱمْتَلأَتِ ٱلسُّحُبُ (ع ٣) السحب والمطر كناية هنا عن البلايا وكذلك وقوع الشجرة ولا بد من إراقة المطر ووقوع الشجرة وحدوث بلايا «حيث تقع الشجرة هناك تكون» وليست هذه الحوادث بيد الإنسان ولا بعلمه فعليه أن لا يهتم بها ولا يمتنع عن عمل الخير لخوفه منها وكما أن الحارث الذي يرصد الريح ويراقب السحب لا يحصد (ع ٤) هكذا من ينتظر فرصة موافقة تماماً وزوال كل الصعوبات قبلما يعمل الخير فإنه لا يعمل شيئاً ولا يحصد شيئاً.
طَرِيقُ ٱلرِّيحِ (ع ٥) الريح غير منظورة وطريقها غير معروفة وكذلك تكوين الولد في بطن أمه وهذان الأمران يمثلان عناية الله. وفي الترجمة اليسوعية وغيرها «أي مسلك للروح وكيف تنشأ العظام في بطن الحبلى» وليست الصعوبة في كيفية تكوين الجسد فقط بل بالأكثر في مصدر الروح والصفات العقلية والأدبية أي يمتاز بها كل إنسان عن غيره. قال يسوع (يوحنا ٣: ٨) «اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لٰكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هٰكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ ٱلرُّوحِ» أي كما أننا لا نعلم طريق الريح ولا نعلم ولادة الجسد ومصدر حياته لا نعلم كيفية الولادة من فوق. فعلينا أن نزرع الكلمة عن رجاء وبالإيمان بأن الله ينميها وإن كنا لا نعلم كيف (انظر مرقس ٤: ٢٧) والكلمة المزروعة قد تكون واسطة للولادة من فوق.
فِي ٱلصَّبَاحِ… وَفِي ٱلْمَسَاءِ (ع ٦) أي دائماً وكل حياتك من أولها إلى آخرها وفي كل الأوقات موافقة كانت أو غير موافقة.
٧ – ١٠ «٧ اَلنُّورُ حُلْوٌ، وَخَيْرٌ لِلْعَيْنَيْنِ أَنْ تَنْظُرَا ٱلشَّمْسَ. ٨ لأَنَّهُ إِنْ عَاشَ ٱلإِنْسَانُ سِنِينَ كَثِيرَةً فَلْيَفْرَحْ فِيهَا كُلِّهَا، وَلْيَتَذَكَّرْ أَيَّامَ ٱلظُّلْمَةِ لأَنَّهَا تَكُونُ كَثِيرَةً. كُلُّ مَا يَأْتِي بَاطِلٌ. ٩ اِفْرَحْ أَيُّهَا ٱلشَّابُّ فِي حَدَاثَتِكَ، وَلْيَسُرَّكَ قَلْبُكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ وَٱسْلُكْ فِي طَرِيقِ قَلْبِكَ وَبِمَرْأَى عَيْنَيْكَ، وَٱعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى هٰذِهِ ٱلأُمُورِ كُلِّهَا يَأْتِي بِكَ ٱللّٰهُ إِلَى ٱلدَّيْنُونَةِ. ١٠ فَٱنْزِعِ ٱلْغَمَّ مِنْ قَلْبِكَ، وَأَبْعِدِ ٱلشَّرَّ عَنْ لَحْمِكَ، لأَنَّ ٱلْحَدَاثَةَ وَٱلشَّبَابَ بَاطِلاَنِ».
ص ٦: ٥ و٧: ١١ ص ٩: ٧ ص ١٢: ١ ص ٢: ١٠ عدد ١٥: ٣٩ وأيوب ٣١: ٧ ص ٣: ١٧ و١٢: ٤ ورومية ١٤ و٢كورنثوس ٧: ١ و٢تيموثاوس ٢: ٢٢
نظر النور والشمس هو الحياة والحياة حلوة إن عاش الإنسان سنين كثيرة أو قليلة وأيام الظلمة هي الموت وهي كثيرة لأنها بلا نهاية. وكل ما يأتي أي بالمستقبل باطل أنه مجهول وحسب اعتقاد القدماء بلا فرح ويقول الجامعة للشاب أن يفرح في حداثته لأنها باطلة أي تزول سريعاً فعليه أن يفرح فيها قبلما تزول. ووصية كهذه يجب أن لا تحمل الشاب على السكر والخلاعة بل بالعكس على الاعتدال والصحو والحكمة والاستعداد ليوم الحساب. والفرح الحقيقي هو باستعمال الخيرات استعمالاً جيداً بتقوى الله. وكان اليهود الأتقياء يفرحون بدينونة الله المقبلة (انظر مزمور ٩٦: ١٠ – ١٣) «لِتَتَرَنَّمْ… أَمَامَ ٱلرَّبِّ لأَنَّهُ جَاءَ. جَاءَ لِيَدِينَ ٱلأَرْضَ. يَدِينُ ٱلْمَسْكُونَةَ بِٱلْعَدْلِ وَٱلشُّعُوبَ بِأَمَانَتِهِ».
وَٱسْلُكْ فِي طَرِيقِ قَلْبِكَ (ع ٩) في سفر العدد ١٥: ٣٩ «لاَ تَطُوفُونَ وَرَاءَ قُلُوبِكُمْ» فيفهم البعض أن وصية الجامعة تهكم والمعنى «إذا رفضت الإنذار واخترت العصيان اسلك في طرق قلبك واعمل كما تشاء ولكن اعلم الخ» والأرجح أن المعنى أن أفراح الحياة مقدسة فيمكن الشاب أن يسلك في طرق قلبه إذا كان في قلبه خوف الله والأبدية فلا يميل إلى الخطية.
فَٱنْزِعِ ٱلْغَمَّ مِنْ قَلْبِكَ، وَأَبْعِدِ ٱلشَّرَّ عَنْ لَحْمِكَ (ع ١٠) كل الخطايا من القلب (انظر متّى ١٥: ١٩) وبعض الخطايا تؤثر نوعاً في الجسد كالسكر والزنى. والغم يكون من عدم الإيمان بالله أو عدم المحبة للناس أو وجود الحسد والحقد في القلب الخ فعلى الشاب أن ينزع هذه كلها لكي يفرح فرحاً حقيقياً.
لأَنَّ ٱلْحَدَاثَةَ وَٱلشَّبَابَ بَاطِلاَنِ أي الشباب بلا خوف الله الذي أفراحه وقتية وآخرها مرارة ولكن الشباب المقدس جميل ومكرّم ونافع. وفخر الكنيسة شبابها.
السابق |
التالي |