سفر الجامعة | 07 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الجامعة
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ
١ – ٧ «١ اَلصِّيتُ خَيْرٌ مِنَ ٱلدُّهْنِ ٱلطَّيِّبِ، وَيَوْمُ ٱلْمَمَاتِ خَيْرٌ مِنْ يَوْمِ ٱلْوِلاَدَةِ. ٢ اَلذَّهَابُ إِلَى بَيْتِ ٱلنَّوْحِ خَيْرٌ مِنَ ٱلذَّهَابِ إِلَى بَيْتِ ٱلْوَلِيمَةِ، لأَنَّ ذَاكَ نِهَايَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ، وَٱلْحَيُّ يَضَعُهُ فِي قَلْبِهِ. ٣ اَلْحُزْنُ خَيْرٌ مِنَ ٱلضَّحِكِ، لأَنَّهُ بِكَآبَةِ ٱلْوَجْهِ يُصْلَحُ ٱلْقَلْبُ. ٤ قَلْبُ ٱلْحُكَمَاءِ فِي بَيْتِ ٱلنَّوْحِ، وَقَلْبُ ٱلْجُهَّالِ فِي بَيْتِ ٱلْفَرَحِ. ٥ سَمْعُ ٱلانْتِهَارِ مِنَ ٱلْحَكِيمِ خَيْرٌ لِلإِنْسَانِ مِنْ سَمْعِ غِنَاءِ ٱلْجُهَّالِ، ٦ لأَنَّهُ كَصَوْتِ ٱلشَّوْكِ تَحْتَ ٱلْقِدْرِ هٰكَذَا ضِحْكُ ٱلْجُهَّالِ. هٰذَا أَيْضاً بَاطِلٌ. ٧ لأَنَّ ٱلظُّلْمَ يُحَمِّقُ ٱلْحَكِيمَ، وَٱلْعَطِيَّةَ تُفْسِدُ ٱلْقَلْبَ».
أمثال ٢٢: ١ ع ٨ وص ٤: ٢ ص ٢: ١٦ و٣: ١٩ و٢٠ و٦: ٦ و٩: ٢ و٣ مزمور ٩٠: ١٢ ص ٢: ٢ و٢كورنثوس ٧: ١ ص ٩: ١٧ ومزامير ١٤١: ٥ وأمثال ٦: ٢٣ و١٣: ١٨ و١٥: ٣١ و٣٢ و٢٥: ١٢ مزمور ٥٨: ٩ و١١٨: ١٢ ص ٢: ٢ ص ٤: ١ و٥: ٨ خروج ٢٣: ٨ وتثنية ١٦: ١٩ وأمثال ١٧: ٨ و٢٣
ٱلدُّهْنِ ٱلطَّيِّبِ (انظر نشيد الأنشاد ١: ٣) «ٱسْمُكَ دُهْنٌ مُهْرَاقٌ» و(مزمور ٤٥: ٨ وعاموس ٦: ٦ ولوقا ٧: ٣٧ و٣٨). كان الدهن من أفضل التنعمات. وقول الجامعة إن الصيت أي المدح والاعتبار من الناس أفضل منه لأن الدهن لمكان وزمان وأما الصيت فلكل مكان وزمان. والدهن للجسد فقط والصيت للإنسان كله فيشمل كل صفاته العقلية والأدبية وكل أعماله وحياته. دهنت مريم رأس يسوع بالطيب الثمين فأعطاها يسوع عوض الطيب اسماً يُذكر في كل العالم إلى الأبد (متّى ٢٦: ١٣). والصيت هنا ليس الاسم الكاذب بل كون الإنسان كاسمه.
يَوْمُ ٱلْمَمَاتِ (٤: ٢ و٣) والولادة هي الدخول في حياة مجهولة ربما تكون حياة مشقات وشرور وأما الموت فهو نهاية الجهاد والراحة بعد التعب. والموت مغبوط لمن كان صيته حسناً في حياته. قال الرسول «قَدْ جَاهَدْتُ ٱلْجِهَادَ ٱلْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ ٱلسَّعْيَ، حَفِظْتُ ٱلإِيمَانَ» (٢تيموثاوس ٤: ٧) وقال أيضاً «لِيَ ٱشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ ٱلْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً».
اَلذَّهَابُ إِلَى بَيْتِ ٱلنَّوْحِ (ع ٢) من عوائد اليهود أن ينوحوا على الميت سبعة أيام. وعلى هارون بكوا ثلاثين يوماً (انظر عدد ٢٠: ٢٩) وعلى موسى كذلك (انظر تثنية ٣٤: ٨) وكانوا يجتمعون ليعزوا أهل الميت (انظر يوحنا ١١: ٣١). وفي بيت نوح فرصة للتأمل في أمور الحياة والموت والأبدية وأما في بيت الوليمة فأفراح جسدية وما يُلهي الإنسان عن ما يختص بالنفس. ولكن قول الكاتب لا يصح مطلقاً فإنه لا يوافق الإنسان أن يفتكر كثيراً في الموت بل أن يفتكر في الخدمة اليومية وأحسن استعداد للموت هو الحياة المفيدة.
ٱلانْتِهَارِ مِنَ ٱلْحَكِيمِ (ع ٥) يفيد السامع وإن كان غير مقبول في الزمان الحاضر وغناء الجهال على الغالب مدح الخطية كالسكر والزنى فيميت الضمير ويهيج الشهوات.
صَوْتِ ٱلشَّوْكِ (ع ٦) عندما يحترق الشوك يعطي صوتاً قوياً ولهيباً عالياً ولكنه لوقت فقط وفائدته قليلة. وكذلك ضحك الجهال لأنه بلا فائدة أو تعزية أو تسلية حقيقية. والحكماء يضحكون والضحك مفيد للجسد وللنفس ولكن له وقت ومكان ولا يخرج عن دائرة العقل واللياقة (٣: ٤).
لا يصح اتصال الكلام في (ع ٧) ولعل الجامعة كتب هذه الفوائد كما يكتب إنسان أفكاراً وفوائد شتى في دفتره اليومي بلا علاقة بعضها في بعض.و «الحكيم» هو الظالم أو المظلوم والأرجح أنه الظلام بناء على تكملة الجملة «والعطية تفسد القلب» فالحكيم إذا ظلم يفسد قلبه ويتغير عن ما كان أصلاً ويصير أحمق.
٨ – ١٤ «٨ نِهَايَةُ أَمْرٍ خَيْرٌ مِنْ بَدَايَتِهِ. طُولُ ٱلرُّوحِ خَيْرٌ مِنْ تَكَبُّرِ ٱلرُّوحِ. ٩ لاَ تُسْرِعْ بِرُوحِكَ إِلَى ٱلْغَضَبِ، لأَنَّ ٱلْغَضَبَ يَسْتَقِرُّ فِي حِضْنِ ٱلْجُهَّالِ. ١٠ لاَ تَقُلْ: لِمَاذَا كَانَتِ ٱلأَيَّامُ ٱلأُولَى خَيْراً مِنْ هٰذِهِ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ حِكْمَةٍ تَسْأَلُ عَنْ هٰذَا. ١١ اَلْحِكْمَةُ صَالِحَةٌ مِثْلُ ٱلْمِيرَاثِ، بَلْ أَفْضَلُ لِنَاظِرِي ٱلشَّمْسِ. ١٢ لأَنَّ ٱلَّذِي فِي ظِلِّ ٱلْحِكْمَةِ هُوَ فِي ظِلِّ ٱلْفِضَّةِ، وَفَضْلُ ٱلْمَعْرِفَةِ هُوَ أَنَّ ٱلْحِكْمَةَ تُحْيِي أَصْحَابَهَا. ١٣ اُنْظُرْ عَمَلَ ٱللّٰهِ، لأَنَّهُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَقْوِيمِ مَا قَدْ عَوَّجَهُ؟ ١٤ فِي يَوْمِ ٱلْخَيْرِ كُنْ بِخَيْرٍ، وَفِي يَوْمِ ٱلشَّرِّ ٱعْتَبِرْ. إِنَّ ٱللّٰهَ جَعَلَ هٰذَا مَعَ ذَاكَ لِكَيْلاَ يَجِدَ ٱلإِنْسَانُ شَيْئاً بَعْدَهُ».
ع ١ أمثال ١٤: ٢٩ و١٦: ٣٢ وغلاطية ٥: ٢٢ وأفسس ٤: ٢ أمثال ١٤: ١٧ ويعقوب ١: ١٩ أمثال ٨: ١٠ و١١ ع ١٩ وص ٩: ١٨ أمثال ٣: ١٨ و٨: ٣٥ ص ٣: ١١ و٨: ١٧ ص ١: ١٥ ص ٣: ٢٢ و٩: ٧ وتثنية ٢٦: ١١ تثنية ٨: ٥ ص ٣: ٢٢
نِهَايَةُ أَمْرٍ خَيْرٌ مِنْ بَدَايَتِهِ (١) لأن الأمر مجهول عند بدايته ومعروف عند نهايته كذهاب جندي إلى الحرب ورجوعه ظافراً (٢) لأن بداية الأمر بداية تعب ونهايته بداية راحة. فيجب على كل إنسان أن يعيش هكذا حتى يكون آخر حياته خيراً من أولها.
لاَ تُسْرِعْ (ع ٩) لا يسرع الحكيم إلى الكلام ولا إلى الغضب بل يسمع ويتأمل والكلام في نهاية الأمر خير منه في البداية.
ٱلْغَضَبَ يَسْتَقِرُّ فِي حِضْنِ ٱلْجُهَّالِ الجاهل يتكلم ويحكم في البداية قبل ما يفهم الأمر ثم من جهله يصرّ على قوله ولو وضح غلطه.
ٱلأَيَّامُ ٱلأُولَى (ع ١٠) كثيراً ما يمدح المتقدمون في السن والعواجز عن العمل ما كان لهم يد فيه ويحتقرون ما يعمله غيرهم في الأيام الحاضرة ومن أراد أن يحكم حكماً عادلاً فعليه أن ينظر إلى الأيام الأولى وإلى الأيام الحاضرة بلا تغرض وإذ ذاك فلا بد أن يرى التقدم المتواصل في العالم وإن وُجد بعض شرور في الأيام الحاضرة فإن الله هو العامل في العالم وملكوته على الكل يسود.
بَلْ أَفْضَلُ (ع ١١) (١) لأنه بالحكمة يقدر الإنسان أن يحصل معيشته (٢) لأن الحكمة هي في داخل الإنسان ولا تنفصل عنه وأما المال فللجسد وقد يُخسر (٣) لأن الحكمة للنفس وأما المال فللجسد.
لِنَاظِرِي ٱلشَّمْسِ أي الأحياء. ومن فوائد الحكمة العمل وليس التأمل فقط.
ظِلِّ ٱلْحِكْمَةِ (ع ١٢) «ظِلِّ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ فِي أَرْضٍ مُعْيِيَةٍ» (إشعياء ٣٢: ٢) والفضة أي المال ظل لأن الناس يلجأون إليها لتصونهم من الضيق. وفي الترجمة اليسوعية «الحكمة مع الغنى أفضل… لأنهم إذ ذاك في ظل الحكمة وظل الفضة» أي يلزم الإنسان الحكمة والمال معاً. و «الحكمة تحيي أصحابها» لأنها تعلم الناس طرقاً لتحصيل معيشتهم وتحييهم أيضاً حياة عقلية وأدبية كما من مطالعة الكتب ومعاشرة الأفاضل ومشاهدة الجمال في الصور وفي الطبيعة وما أشبه ذلك.
مَا قَدْ عَوَّجَهُ (ع ١٣) أعمال الله جميعها مستقيمة «يَدِينُ ٱلشُّعُوبَ بِٱلاسْتِقَامَةِ» (مزمور ٩: ٨) ولكن بعض أعماله تظهر لنا كأنها معوجة لأننا لا نقدر أن نفهمها أو لأنها ليست بحسب إرادتنا ولكننا لا نقدر أن نغير شيئاً ولو عرفنا كل شيء لما كنا نريد أن نغير شيئاً فيجب عندما ننظر إلى عمل الله أن نسلم لإرادته.
كُنْ بِخَيْرٍ (ع ١٤) أي اقبله بالشكر واستعمله حسناً.
ٱعْتَبِرْ اعتبر المصيبة أنها من الله وهو قاصد بها خيراً.
جَعَلَ هٰذَا مَعَ ذَاكَ ليست الحياة كلها خيراً ولا كلها شراً والله رتب أمورها.
لِكَيْلاَ يَجِدَ ٱلإِنْسَانُ شَيْئاً بَعْدَهُ (انظر ٣: ٢٢) أي رتب الله أمور حياة الإنسان هكذا لكي لا يقدر أن يعرف مستقبله فعليه أن يفرح بالخير الحاضر وإن كان لا يعرف أنه يدوم ويصير في الضيق الحاضر وإن كان لا يعرف أنه يزول. وحياة الإنسان بالإيمان وليس بالعيان. وبالترجمة اليسوعية «لئلا يطلع البشر على شيء مما يكون فيما بعد» وعلى تفسير اليهود «لكي لا يجد الإنسان شيئاً من النقص في تدبير الله».
١٥ – ٢٢ «١٥ قَدْ رَأَيْتُ ٱلْكُلَّ فِي أَيَّامِ بُطْلِي. قَدْ يَكُونُ بَارٌّ يَبِيدُ فِي بِرِّهِ، وَقَدْ يَكُونُ شِرِّيرٌ يَطُولُ فِي شَرِّهِ. ١٦ لاَ تَكُنْ بَارّاً كَثِيراً وَلاَ تَكُنْ حَكِيماً بِزِيَادَةٍ. لِمَاذَا تَخْرِبُ نَفْسَكَ؟ ١٧ لاَ تَكُنْ شِرِّيراً كَثِيراً وَلاَ تَكُنْ جَاهِلاً. لِمَاذَا تَمُوتُ فِي غَيْرِ وَقْتِكَ؟ ١٨ حَسَنٌ أَنْ تَتَمَسَّكَ بِهٰذَا وَأَيْضاً أَنْ لاَ تَرْخِيَ يَدَكَ عَنْ ذَاكَ، لأَنَّ مُتَّقِيَ ٱللّٰهِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا كِلَيْهِمَا. ١٩ اَلْحِكْمَةُ تُقَوِّي ٱلْحَكِيمَ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ مُسَلَّطِينَ ٱلَّذِينَ هُمْ فِي ٱلْمَدِينَةِ. ٢٠ لأَنَّهُ لاَ إِنْسَانٌ صِدِّيقٌ فِي ٱلأَرْضِ يَعْمَلُ صَلاَحاً وَلاَ يُخْطِئُ. ٢١ أَيْضاً لاَ تَضَعْ قَلْبَكَ عَلَى كُلِّ ٱلْكَلاَمِ ٱلَّذِي يُقَالُ، لِئَلاَّ تَسْمَعَ عَبْدَكَ يَسِبُّكَ. ٢٢ لأَنَّ قَلْبَكَ أَيْضاً يَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ كَذٰلِكَ مِرَاراً كَثِيرَةً سَبَبْتَ آخَرِينَ».
ص ٦: ١٢ و٩: ٩ ص ٨: ١٤ ص ٨: ١٢ و١٣ رومية ١٢: ٣ أيوب ٢٢: ١٦ ومزمور ٥٥: ٢٣ وأمثال ١٠: ٢٧ ع ١٦ ع ١٧ ص ٣: ١٤ و٥: ٧ و٨: ١٢ و١٣ و١٢: ١٣ ع ١٢ وص ٩: ١٣ – ١٨ و١ملوك ٨: ٤٦ و٢أيام ٦: ٣٦ ومزمور ١٤٣: ٢ وأمثال ٢٠: ٩ ورومية ٣: ٢٣ أمثال ٣٠: ١١
أَيَّامِ بُطْلِي وصف حياته بالبطل نظراً إلى قصرها وقلة نفعها وذكر ما كان بأفكاره قبلما فهم الأمر والذي رآه هو أن «البار يبيد في بره وقد يكون شريراً يطول في شره» والمشكلة هنا هو ما بحث فيه أيوب وأصحابه والمرنم في (مزمور ٧٣).
لاَ تَكُنْ بَارّاً كَثِيراً (ع ١٦) حذّر القارئ من بر كبرّ الفريسيين في زمان يسوع الذين كانوا يحفظون الناموس حرفياً وعشروا النعنع والشيث والكمون وتركوا أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان (انظر متّى ٢٣: ٢٣) وكانوا يأكلون بيوت الأرامل ولعلة يطيلون صلواتهم. والحكمة المذكورة (لا تكن حكيماً زيادة) هي الحكمة الفلسفية التي تحمل الإنسان على الافتخار فإن من يظن أنه يعرف كل شيء لا يعرف شيئاً كما يجب.
لِمَاذَا تَخْرِبُ نَفْسَكَ إن عقاب الافتخار والتطرف في البر الحرفي والحكمة الفلسفية هو الهلاك كما قال يسوع للفريسيين «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْمُرَاؤُونَ… أَيُّهَا ٱلْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ ٱلأَفَاعِي، كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟» (متّى ٢٣: ٢٩ و٣٣).
لاَ تَكُنْ شِرِّيراً كَثِيراً (ع ١٧) كالذين يخطئون تعمداً وحباً بالخطيئة ويبقون فيها ويزدادون شراً كالقتلة واللصوص والسكارى والزناة. وهم جهال لأنهم لا يعرفون خيرهم و «يموتون في غيرتهم» أي يقصرون أيامهم بشرورهم. ولا نستنتج أن الجامعة سمح للقارئ أن يخطئ بعض الخطايا.
هٰذَا… ذَاكَ (ع ١٨) النصيحتان المتقدمتان أي «لا تكن باراً كثيراً… لا تكن شريراً كثيراً» أي أن لا يكون الإنسان متطرفاً في ممارسة فرائض الدين بترك جوهره كما كان للبعض عادة في أيامه ولا يرخى يده عن ذاك أي لا يرفض الدين جوهره مع فرائضه. و «متقي الله» يخرج منهما أي يسلم من الخطإ من الجهتين.
عَشَرَةِ مُسَلَّطِينَ (ع ١٩) العشرة عدد كامل والمعنى أن حكيماً واحداً خير من مسلطين كثيرين بالقوة الجسدية. وحكمة الإنسان تتسلط في حياته كمسلطين في مدينة.
لأَنَّهُ (ع ٢٠) العلاقة بالكلام السابق أي الحكمة التي تقوي الحكيم هي اتقاء الله وليست حكمة عقلية فقط وهذه الحكمة من الله وحده. ويحتاج الإنسان إلى هذه الحكمة من الله لكي يتحفظ من المعاشرات الردية لأن «لا إنسان صديق في الأرض» فلا بد من هذه المعاشرات (انظر ١كورنثوس ٥: ٩ و١٠).
لاَ تَضَعْ قَلْبَكَ (ع ٢١) الاهتمام الزائد فيما يقوله الناس عنا علامة الضعف وأفضل الناس هم الذين لا يطلبون المجد لأنفسهم ولا يتكدرون كثيراً من اللوم بل ينسون أنفسهم في اهتمامهم بغيرهم (انظر ٢كورنثوس ١٣: ٧ – ٩). ومن وضع قلبه على كل الكلام يعتبر حتى كلام عبده الذي لا يُعتبر.
أَنْتَ كَذٰلِكَ (ع ٢٢) انظر قول يسوع «بِالْكَيْلِ ٱلَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ» (متّى ٧: ١) ولعل العبد الذي يرى سلوك سيده اليومي وحياته البيتية يعرف نقائصه أكثر من غيره.
٢٣ – ٢٩ «٢٣ كُلُّ هٰذَا ٱمْتَحَنْتُهُ بِٱلْحِكْمَةِ. قُلْتُ: أَكُونُ حَكِيماً. أَمَّا هِيَ فَبَعِيدَةٌ عَنِّي. ٢٤ بَعِيدٌ مَا كَانَ بَعِيداً، وَٱلْعَمِيقُ ٱلْعَمِيقُ مَنْ يَجِدُهُ؟ ٢٥ دُرْتُ أَنَا وَقَلْبِي لأَعْلَمَ وَلأَبْحَثَ وَلأَطْلُبَ حِكْمَةً وَعَقْلاً، وَلأَعْرِفَ ٱلشَّرَّ أَنَّهُ جَهَالَةٌ، وَٱلْحَمَاقَةَ أَنَّهَا جُنُونٌ. ٢٦ فَوَجَدْتُ أَمَرَّ مِنَ ٱلْمَوْتِ: ٱلْمَرْأَةَ ٱلَّتِي هِيَ شِبَاكٌ، وَقَلْبُهَا أَشْرَاكٌ، وَيَدَاهَا قُيُودٌ. ٱلصَّالِحُ قُدَّامَ ٱللّٰهِ يَنْجُو مِنْهَا. أَمَّا ٱلْخَاطِئُ فَيُؤْخَذُ بِهَا. ٢٧ اُنْظُرْ. هٰذَا وَجَدْتُهُ قَالَ ٱلْجَامِعَةُ: وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً لأَجِدَ ٱلنَّتِيجَةَ ٢٨ ٱلَّتِي لَمْ تَزَلْ نَفْسِي تَطْلُبُهَا فَلَمْ أَجِدْهَا. رَجُلاً وَاحِداً بَيْنَ أَلْفٍ وَجَدْتُ. أَمَّا ٱمْرَأَةً، فَبَيْنَ كُلِّ أُولَئِكَ لَمْ أَجِدْ! ٢٩ اُنْظُرْ. هٰذَا وَجَدْتُ فَقَطْ: أَنَّ ٱللّٰهَ صَنَعَ ٱلإِنْسَانَ مُسْتَقِيماً، أَمَّا هُمْ فَطَلَبُوا ٱخْتِرَاعَاتٍ كَثِيرَةً».
ص ٣: ١١ و٨: ١٧ رومية ١١: ٣٣ أيوب ١١: ٧ و٣٧: ٢٣ ص ١: ١٧ و١٠: ١٣ أمثال ٥: ٤ أمثال ٧: ٢٣ وأمثال ٦: ٢٣ و٢٤ أمثال ٢٢: ١٤ و١ملوك ١١: ٣ تكوين ١: ٢٧
قال الجامعة أنه طلب الحكمة ولم يجدها وإذا وجد شيئاً منها بالامتحان فهو كلا شيء بالنسبة إلى ما لم يجده. وما كان بعيداً عن الإدراك لم يزل بعيدا وتكرار الكلمة «العميق» (ع ٢٤) يفيد ما كان عميقاً جداً ولعل الأمور التي تأمل فيها هي ما كان في ما مضى من تاريخ العالم وما سيكون بعد انقضاء الدهر ووجود الشرور والخطية في العالم وما أشبه ذلك.
أَنَا وَقَلْبِي (ع ٢٥) كأن قلبه شخص آخر فيخاطبه والقلب يعترض أو يصدق والمعنى أنه طلب الحكمة برغبة ومن كل قلبه.
لأَعْرِفَ ٱلشَّرَّ أَنَّهُ جَهَالَةٌ ينسب الخطية إلى الجهالة فيقال إن كل خاطي جاهل وأحياناً تصل جهالته إلى درجة الجنون (انظر أمثال ٢: ١٦ – ١٩ و٧: ١ – ٢٧ وقضاة ١٦: ٤ – ٢٠).
أَمَرَّ مِنَ ٱلْمَوْتِ: ٱلْمَرْأَةَ (ع ٢٦) إن العفة واجبة على الرجل كما على المرأة ولكنها من صفات المرأة الجوهرية وسقوط المرأة كالأقذار في الثياب البيضاء والمرأة الشريرة شر من الرجل الشرير ولا ينجو أحد منها إلا بنعمة الله.
وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً (ع ٢٧) هذا دليل على التفتيش بالتدقيق. ولا يخفى وجود مبالغة في قوله هذا. وإذا نظرنا إلى القرينة نرى أن المرأة الشريرة كانت بأفكاره. إن الملوك والعظماء في القديم كثّروا النساء كسليمان الذي أخذ ألفاً وهنّ غريبات ووثنيات فلا عجب إذا لم يجد بينهن امرأة فاضلة. وطبعاً من يأخذ أكثر من واحدة ليس له حق أن يطلب من إحداهن أن تحبه من كل قلبها لأنه لا يحبها من كل قلبه وحالة النساء تحسنت جداً بواسطة الديانة المسيحية كما يظهر جلياً بمقابلة حالتهن في البلدان الوثنية بما هن عليه في البلدان المسيحية. إن الله أعطى النساء بعض مواهب والرجال مواهب أخرى ومن مواهب النساء الخصوصية المحبة واللطف وطول الأناة والحنو والحكمة في التكلم والخدمة البيتية وتربية الأولاد.
وخاتمة الأمر (ع ٢٩) إن الله صنع الإنسان مستقيماً (انظر تكوين ١: ٢٦ – ٢٨) وأما الخطية فمن الإنسان. كان الجامعة امتحن أمور الحياة وكان دار ليعلم ويبحث ويطلب حكمة وعقلاً وأما الناس فلم يبحثوا عن هذه الأمور الجوهرية وما طلبوا الله بل اخترعوا لأنفسهم اختراعات كثيرة كمدينة قايين (تكوين ٤: ١٧) وبرج بابل (تكوين ١١: ٤) والمخترعات وإن كانت نافعة قد تكون للإنسان تجربة إذ تُنشئ فيه الكبرياء والاتكال على نفسه دون الاتكال على الله.
السابق |
التالي |