سفر الجامعة | 04 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الجامعة
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ
موضوعه عدم النتيجة للذين يتعبون في طلب الخير الحقيقي في هذا العالم فإن الفقراء مظلومين والأغنياء محسودون ومن يجمع المال لا يشبع منه ولا يعرف لمن يتركه ومن يتسلط لا يثبت في سلطته ولا يفرح الشعب فيه.
١ – ٦ «١ ثُمَّ رَجَعْتُ وَرَأَيْتُ كُلَّ ٱلْمَظَالِمِ ٱلَّتِي تُجْرَى تَحْتَ ٱلشَّمْسِ، فَهُوَذَا دُمُوعُ ٱلْمَظْلُومِينَ وَلاَ مُعَزٍّ لَهُمْ، وَمِنْ يَدِ ظَالِمِيهِمْ قَهْرٌ. أَمَّا هُمْ فَلاَ مُعَزٍّ لَهُمْ. ٢ فَغَبَطْتُ أَنَا ٱلأَمْوَاتَ ٱلَّذِينَ قَدْ مَاتُوا مُنْذُ زَمَانٍ أَكْثَرَ مِنَ ٱلأَحْيَاءِ ٱلَّذِينَ هُمْ عَائِشُونَ بَعْدُ. ٣ وَخَيْرٌ مِنْ كِلَيْهِمَا ٱلَّذِي لَمْ يُولَدْ بَعْدُ، ٱلَّذِي لَمْ يَرَ ٱلْعَمَلَ ٱلرَّدِيءَ ٱلَّذِي عُمِلَ تَحْتَ ٱلشَّمْسِ! ٤ وَرَأَيْتُ كُلَّ ٱلتَّعَبِ وَكُلَّ فَلاَحِ عَمَلٍ أَنَّهُ حَسَدُ ٱلإِنْسَانِ مِنْ قَرِيبِهِ! وَهٰذَا أَيْضاً بَاطِلٌ وَقَبْضُ ٱلرِّيحِ. ٥ اَلْكَسْلاَنُ يَأْكُلُ لَحْمَهُ وَهُوَ طَاوٍ يَدَيْهِ. ٦ حُفْنَةُ رَاحَةٍ خَيْرٌ مِنْ حُفْنَتَيْ تَعَبٍ وَقَبْضُ ٱلرِّيحِ».
ص ٣: ١٦ و٥: ٨ وأيوب ٣٥: ٩ ومزمور ١٢: ٥ وإشعياء ٥: ٧ مراثي ١: ٩ ص ٢: ١٧ وأيوب ٣: ١١ – ٢٦ ص ٦: ٣ ص ٢: ٢١ ص ١: ١٤ إشعياء ٩: ٢٠ أمثال ٦: ١٠ و٢٤: ٣٣ أمثال ١٥: ١٦ و١٦: ١٨
رَجَعْتُ إلى قوله في ٣: ١٦ وأما هنا فنظر إلى حال المظلومين ورق قلبه عليهم.
لاَ مُعَزٍّ لَهُمْ القول مكرر لأن الأمر أثر في المتكلم (مزمور ٦٩: ٢٠) «ٱنْتَظَرْتُ رِقَّةً فَلَمْ تَكُنْ وَمُعَزِّينَ فَلَمْ أَجِدْ» (مراثي ١: ٢) «لَيْسَ لَهَا مُعَزٍّ مِنْ كُلِّ مُحِبِّيهَا».
فَغَبَطْتُ أَنَا ٱلأَمْوَاتَ (ع ٢) كما قال أيوب (٣: ١) وإرميا (٢٠: ١٤) والقول مبالغة تدل على حزن شديد وهو وقتي وأما الحياة فهي من أعظم بركات الله وقليلون يرفضونها وإن كان فيها مشقات.
أَنَّهُ حَسَدُ (ع ٤) والأغنياء في كل جيل يصادقون على هذا القول فإن كل غني عرضة للحسد من الذين هم أقل منه غنىً وهو أيضاً يحسد الذين هم أغنى منه.
اَلْكَسْلاَنُ يَأْكُلُ لَحْمَهُ (ع ٥) إن البعض يفهمون كلمة «لحمه» بمعنى طعامه أي الجاهل يأكل طعامه البسيط بلا تعب وبلا هم ويقول «حفنة راحة» أي العيشة البسيطة مع الراحة «خير من حفنتي تعب» أي عيشة الأغنياء مع التعب. ويقول أكثر المفسرين أن «لحمه» هو لحم الكسلان وبموجب هذا التفسير القول في ع ٦ قول كاتب السفر وليس قول الجاهل فلا يمدح الكسلان الذي لا يعمل مطلقاً ولا الذي يتعب تعباً زائداً بل من يرتضي بعيشة بسيطة مع تعب معتدل.
٧ – ١٢ «٧ ثُمَّ عُدْتُ وَرَأَيْتُ بَاطِلاً تَحْتَ ٱلشَّمْسِ: ٨ يُوجَدُ وَاحِدٌ وَلاَ ثَانِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ ٱبْنٌ وَلاَ أَخٌ، وَلاَ نِهَايَةَ لِكُلِّ تَعَبِهِ، وَلاَ تَشْبَعُ عَيْنُهُ مِنَ ٱلْغِنَى. فَلِمَنْ أَتْعَبُ أَنَا وَأُحَرِّمُ نَفْسِي ٱلْخَيْرَ؟ هٰذَا أَيْضاً بَاطِلٌ وَأَمْرٌ رَدِيءٌ هُوَ. ٩ اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ، لأَنَّ لَهُمَا أُجْرَةً لِتَعَبِهِمَا صَالِحَةً. ١٠ لأَنَّهُ إِنْ وَقَعَ، أَحَدُهُمَا يُقِيمُهُ رَفِيقُهُ. وَوَيْلٌ لِمَنْ هُوَ وَحْدَهُ إِنْ وَقَعَ، إِذْ لَيْسَ ثَانٍ لِيُقِيمَهُ. ١١ أَيْضاً إِنِ ٱضْطَجَعَ ٱثْنَانِ يَكُونُ لَهُمَا دِفْءٌ. أَمَّا ٱلْوَحْدُ فَكَيْفَ يَدْفَأُ؟ ١٢ وَإِنْ غَلَبَ أَحَدٌ عَلَى ٱلْوَاحِدِ يَقِفُ مُقَابِلَهُ ٱلاثْنَانِ، وَٱلْخَيْطُ ٱلْمَثْلُوثُ لاَ يَنْقَطِعُ سَرِيعاً».
ص ١: ٨ و٥: ١٠ وأمثال ٢٧: ٢٠ ص ٢: ٣١ ص ١: ١٣ و١ملوك ١: ١
لاَ ثَانِيَ لَهُ أي لا ثاني للطماع لأنه لا يريد أن يُشرك أحداً ولا ينفق شيئاً من أمواله على غيره ولا تشبع عينه من الغنى لأنه كلما ازداد غناه ازداد طمعه أيضاً يحرم نفسه الخير أي لا يحب أن ينفق على نفسه وهكذا يقضي حياته بالتعب والهموم وأخيراً يترك لغيره ما كانت تعب فيه.
اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ (ع ٩) قال المثل اليد الواحدة تغسل الأخرى و «الأجرة الصالحة» هي الفرح والتعزية من الرفقة وربما أشار إلى مسافرين ومساعدة أحدهما الآخر في الطريق ودفئهما بنومهما مع بعضهما في المنزل ونصر الواحد الآخر على عدوّه.
وَٱلْخَيْطُ ٱلْمَثْلُوثُ (ع ١٢) للتشديد كما في (أمثال ٣٠: ١٥ و١٨ و٢١ و٢٩) أي اثنان وزيادة ولا نرى في القول إشارة إلى العائلة أي الأب والأم والولد ولا إلى الثالوث الأقدس.
١٣ – ١٦ «١٣ وَلَدٌ فَقِيرٌ وَحَكِيمٌ خَيْرٌ مِنْ مَلِكٍ شَيْخٍ جَاهِلٍ، ٱلَّذِي لاَ يَعْرِفُ أَنْ يُحَذَّرَ بَعْدُ. ١٤ لأَنَّهُ مِنَ ٱلسِّجْنِ خَرَجَ إِلَى ٱلْمُلْكِ، وَٱلْمَوْلُودُ مَلِكاً قَدْ يَفْتَقِرُ. ١٥ رَأَيْتُ كُلَّ ٱلأَحْيَاءِ ٱلسَّائِرِينَ تَحْتَ ٱلشَّمْسِ مَعَ ٱلْوَلَدِ ٱلثَّانِي ٱلَّذِي يَقُومُ عِوَضاً عَنْهُ. ١٦ لاَ نِهَايَةَ لِكُلِّ ٱلشَّعْبِ، لِكُلِّ ٱلَّذِينَ كَانَ أَمَامَهُمْ. أَيْضاً ٱلْمُتَأَخِّرُونَ لاَ يَفْرَحُونَ بِهِ. فَهٰذَا أَيْضاً بَاطِلٌ وَقَبْضُ ٱلرِّيحِ!».
ص ٧: ١٩ و٩: ١٥ تكوين ٤١: ١٤ و٤١ – ٤٣ ص ١: ١٤
وَلَدٌ فَقِيرٌ الخ القول عمومي غير أن البعض خصصوه لأناس معروفين كيوسف وفرعون وداود وشاول. وكثيراً ما يصبح ابن الغني فقيراً وعبده غنياً. والملك كغيره يجب أن يحذّر أي يقبل التعليم والتوبيخ.
مَعَ ٱلْوَلَدِ ٱلثَّانِي (ع ١٥) هو الملك الجديد الذي يسير كل الشعب معه والظاهر أن الكاتب عنى حوادث معروفة في زمانه. ويظن البعض أن الملك الشيخ الجاهل هو أنطيوكس الشهير والولد الفقير هو ديمتريوس الذي خلفه والولد الثاني هو الاسكندر الذي خلف ديمتريوس (انظر مكابيين ص ١٠ و١١).
لاَ نِهَايَةَ لِكُلِّ ٱلشَّعْبِ ذكر بطل المجد العالمي فإن للملك في أول ملكه أتباعاً كثيرين ولكن المتأخرين أي الذين يكونون في آخر ملكه فلا يفرحون به.
السابق |
التالي |