سفر التثنية | 11 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر التثنية
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ
١ «فَأَحْبِبِ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ وَٱحْفَظْ حُقُوقَهُ وَفَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ وَوَصَايَاهُ كُلَّ ٱلأَيَّامِ».
ص ١٠: ١٢ و٣٠: ١٦ و٢٠ زكريا ٣: ٧
فَأَحْبِبِ الفاء سببية والسبب في آخر الأصحاح السابق فهذه الآية متصلة بالآية الأخيرة من ذلك الأصحاح فإذا وصلت هذه بتلك كان الكلام «قد جعلك الرب إلهك كنجوم السماء في الكثرة فاحبب الرب إلهك».
وَٱحْفَظْ حُقُوقَهُ أي قم بكل ما له عليك وأطعه الطاعة الكاملة.
كُلَّ ٱلأَيَّامِ أي دائماً فهو بمعنى قول المسيح «أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ» (متّى ٢٨: ٢٠). فكان على إسرائيل أن يحفظ حقوق الله كل يوم أو دائماً لأن «حافظ إسرائيل لا ينعس ولا ينام».
٢ «وَٱعْلَمُوا ٱلْيَوْمَ أَنِّي لَسْتُ أُرِيدُ بَنِيكُمُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا وَلاَ رَأَوْا تَأْدِيبَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ عَظَمَتَهُ وَيَدَهُ ٱلشَّدِيدَةَ وَذِرَاعَهُ ٱلرَّفِيعَةَ».
ص ٨: ٥ ص ٥: ٢٤ ص ٧: ١٩
وَٱعْلَمُوا (معطوف على «واحفظ» وأتى بضمير الجمع هنا بالنظر إلى الشعب أفراداً وبضمير المفرد قبله بالنظر إليه جملة كأنه شخص واحد).
لَسْتُ أُرِيدُ بَنِيكُمُ (أي لا أقصدهم بخطابي) ويجب أن يُذكر هنا أن كل الذين كانوا في أقل من سن العشرين منذ سنة الخروج كانوا لا يزالون أحياء وحوادث حداثتهم لا بد من أنها أبقت فيهم تأثيراً قوياً فرسخت في ذاكرتهم. وكل من كان منهم في سن الخامسة والأربعين أمكنه أن يشعر بقوة هذا الخطاب.
تَأْدِيبَ ٱلرَّبِّ للمصريين بغيظه وللإسرائيليين بمحبته.
يَدَهُ ٱلشَّدِيدَةَ أي قدرته العظيمة.
ذِرَاعَهُ ٱلرَّفِيعَةَ (أي استيلاؤه بالقدرة وغلبته).
٣ «وَآيَاتِهِ وَصَنَائِعَهُ ٱلَّتِي عَمِلَهَا فِي مِصْرَ بِفِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَبِكُلِّ أَرْضِهِ».
مزمور ٧٨: ١٢ و١٣٥: ٩
آيَاتِهِ (المعجزات التي صنعها لتكون علامات وأدلة للناس على أنه الله وأنه رب إسرائيل وأنه مرسل موسى وإن الأوامر والنواهي من سلطانه).
٤ «وَٱلَّتِي عَمِلَهَا بِجَيْشِ مِصْرَ بِخَيْلِهِمْ وَمَرَاكِبِهِمْ، حَيْثُ أَطَافَ مِيَاهَ بَحْرِ سُوفٍ عَلَى وُجُوهِهِمْ حِينَ سَعَوْا وَرَاءَكُمْ، فَأَبَادَهُمُ ٱلرَّبُّ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».
خروج ١٤: ٢٧ و٢٨ و١٥: ٩ و١٠ ومزمور ١٠٦: ١١
بَحْرِ سُوفٍ أي البحر الأحمر.
فَأَبَادَهُمُ ٱلرَّبُّ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ (إن الرب أباد جيش مصر بخيله ومركباته منذ نحو أربعين سنة لهذا العهد. ولهذا يصعب فهم قوله «إلى هذا اليوم» فالظاهر مستحيل فالأولى تعليق «إلى هذا اليوم» بقوله «يعرفوا» في (ع ٢) لا بقوله «أبادهم» في العبارة. فيصير الكلام لا أريد بنيكم الذين لم يعرفوا إلى هذا اليوم تأديب الرب الخ أو بقوله «رأوا» والمصير واحد).
٥ «وَٱلَّتِي عَمِلَهَا لَكُمْ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ حَتَّى جِئْتُمْ إِلَى هٰذَا ٱلْمَكَانِ».
ٱلَّتِي عَمِلَهَا لَكُمْ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ (من إنزال المن وإرسال السلوى والهداية لهم بالسحابة نهاراً وبعمود النار ليلاً إلى غير ذلك من آيات رحمته الكثيرة.
٦ «وَٱلَّتِي عَمِلَهَا بِدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ ٱبْنَيْ أَلِيآبَ ٱبْنِ رَأُوبَيْنَ ٱللَّذَيْنِ فَتَحَتِ ٱلأَرْضُ فَاهَا وَٱبْتَلَعَتْهُمَا مَعَ بُيُوتِهِمَا وَخِيَامِهِمَا وَكُلِّ ٱلْمَوْجُودَاتِ ٱلتَّابِعَةِ لَهُمَا فِي وَسْطِ كُلِّ إِسْرَائِيلَ».
عدد ١٦: ١ و٣١: ٢٧: ٣ ومزمور ١٠٦: ١٧
ٱلَّتِي عَمِلَهَا بِدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ (انظر عدد ص ١٦) لا يمكننا أن نفرق بين معصية قورح ومعصية داثان وأبيرام وقد رأينا أن كل موضوع معصية قورح في الكهنوت وذلك إن قورح كان يجتهد في رفع التمييز بين اللاويين والكهنة وهذا دليل قاطع على إبطال قول بعض المعترضين إن كاتب سفر التثنية لم يكن يعرف الفرق بين اللاويين والكهنة (انظر تفسير ص ١٠: ٨).
٧ «لأَنَّ أَعْيُنَكُمْ هِيَ ٱلَّتِي أَبْصَرَتْ كُلَّ صَنَائِعِ ٱلرَّبِّ ٱلْعَظِيمَةِ ٱلَّتِي عَمِلَهَا».
ص ٥: ٣ و٧: ١٩
لأَنَّ أَعْيُنَكُمْ هِيَ ٱلَّتِي أَبْصَرَتْ الخ أي أردتكم بالخطاب دون أبنائكم الذين لم يعرفوا ويروا لأنكم شاهدتم وعرفتم بالعيان كل ما صنعه الرب من العظائم.
٨ «فَٱحْفَظُوا كُلَّ ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ لِتَتَشَدَّدُوا وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا».
يشوع ١: ٦ و٧
كُلَّ ٱلْوَصَايَا وفي الأصل الوصية كلها أي الشريعة التي هي مجموع الوصايا.
وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا أي تكملوا انتصاركم وتدخلوا أرض الميعاد وتستولوا عليها وتتمتعوا بخيراتها كلها.
٩ «وَلِتُطِيلُوا ٱلأَيَّامَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكُمْ أَنْ يُعْطِيَهَا لَهُمْ وَلِنَسْلِهِمْ، أَرْضٌ تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً».
ص ٤: ٤٠ و٥: ١٦ وأمثال ١٠: ٢٧ ص ٩: ٥ خروج ٣: ٨
يُعْطِيَهَا لَهُمْ (انظر تفسير ع ٢١).
١٠ «لأَنَّ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا لَيْسَتْ مِثْلَ أَرْضِ مِصْرَ ٱلَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا، حَيْثُ كُنْتَ تَزْرَعُ زَرْعَكَ وَتَسْقِيهِ بِرِجْلِكَ كَبُسْتَانِ بُقُولٍ».
زكريا ١٤: ١٨
لَيْسَتْ مِثْلَ أَرْضِ مِصْرَ بل هي أحسن من أرض مصر كثيراً مع أن أرض مصر فُضلت على كثير من الأرضين. فقد جاء في سفر التكوين «فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأَى كُلَّ دَائِرَةِ ٱلأُرْدُنِّ أَنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ… كَجَنَّةِ ٱلرَّبِّ كَأَرْضِ مِصْرَ» (تكوين ١٣: ١٠). وأرض جاسان التي سكنها الإسرائيليون كانت أحسن أرض مصر (تكوين ٤٧: ٦) ومع ذلك لم تكن كأرض كنعان (راشي).
تَسْقِيهِ بِرِجْلِكَ أي تمشي إليه حاملاً الماء لتسقيه أو تدفع الماء برجلك إلى القناة المؤدية إليه.
١١ «بَلْ هِيَ أَرْضُ جِبَالٍ وَبِقَاعٍ. مِنْ مَطَرِ ٱلسَّمَاءِ تَشْرَبُ مَاءً».
ص ٨: ٧
مِنْ مَطَرِ ٱلسَّمَاءِ تَشْرَبُ وما أحسن قول مفسري اليهود هنا «وأنت مضطجع على فراشك يسقي القدوس تبارك اسمه أغوار أرضك وأنجادك» (قابل بهذا القول المثل في مرقس ٤: ٢٦ و٢٧).
١٢ «أَرْضٌ يَعْتَنِي بِهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ. عَيْنَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ عَلَيْهَا دَائِماً مِنْ أَوَّلِ ٱلسَّنَةِ إِلَى آخِرِهَا».
١ملوك ٩: ٣
أَرْضٌ يَعْتَنِي بِهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ قال الله في هذه الأرض «ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي تَجَسَّسْتُهَا لَهُمْ، تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً. هِيَ فَخْرُ كُلِّ ٱلأَرَاضِي» (حزقيال ٢٠: ٦) وهو تعالى التمسها لهم منزلاً (عدد ١٠: ٣٣). وهنا لا بد للمسيحي من أن يذكر وعد المخلّص بقوله «أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً» (يوحنا ١٤: ٢). ففي هذه الأرض الفقراء والمحتاجون لا يطلبون ماء ولا يبحثون عنه لأن الله يقودهم إلى ينابيع ماء حي ولا يجوعون ولا يعطشون بعد. قال أحد قدماء اليهود في هذه الآية «ألا يعتني بتلك الأرض الذي يَمْطُرَ عَلَى أَرْضٍ حَيْثُ لاَ إِنْسَانَ، عَلَى قَفْرٍ لاَ أَحَدَ فِيهِ» (أيوب ٣٨: ٢٦).
١٣ «فَإِذَا سَمِعْتُمْ لِوَصَايَايَ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ لِتُحِبُّوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ وَتَعْبُدُوهُ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ».
ص ٦: ١٧ وع ٢٢ ص ١٠: ١٢
أخذ هنا يبين الثواب والعقاب على حفظ الوصايا وعدم مراعاتها (قابل بهذا خروج ٢٣: ٢٠ الخ ولاويين ص ٢٦ وتثنية ص ٢٨ ومتّى ٢: ٧ ولوقا ص ٦).
لِتُحِبُّوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ «ولا تقولوا هوذا نحن تلاميذ لنغنى ونعظم ونُثاب بل اعملوا ما تستطيعون عمله بالمحبة» (راشي).
وَتَعْبُدُوهُ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ قال قدماء مفسري اليهود «هذا يشير إلى الصلاة» ومعنى ما قيل لدانيال «إِنَّ إِلٰهَكَ ٱلَّذِي تَعْبُدُهُ دَائِماً هُوَ يُنَجِّيكَ» (دانيال ٦: ١٦) إذ لم يكن للإسرائيليين من عبادة سوى الصلاة. وهذا قول حسن وإن كان معنى العبادة أعمّ من ذلك.
١٤ «أُعْطِي مَطَرَ أَرْضِكُمْ فِي حِينِهِ: ٱلْمُبَكِّرَ وَٱلْمُتَأَخِّرَ. فَتَجْمَعُ حِنْطَتَكَ وَخَمْرَكَ وَزَيْتَكَ».
لاويين ٢٦: ٤ وص ٢٨: ١٢ يوئيل ٢: ٢٣ ويعقوب ٥: ٧
ٱلْمُبَكِّرَ هو المطر الذي يلي الزرع.
ٱلْمُتَأَخِّرَ هو المطر الذي قبل الحصاد قليلاً فالأول في الشهر الأول والثاني في الشهر التاسع (انظر عزرا ١٠: ٩ و١٣ ويوئيل ٢: ٢٣).
فَتَجْمَعُ أي ولذلك تجمع. قال راشي أحد أكابر مفسري اليهود «أي أنت تجمع لا أعداؤك». قال الله بلسان إشعياء «حَلَفَ ٱلرَّبُّ بِيَمِينِهِ وَبِذِرَاعِ عِزَّتِهِ قَائِلاً: إِنِّي لاَ أَدْفَعُ بَعْدُ قَمْحَكِ مَأْكَلاً لأَعْدَائِكِ، وَلاَ يَشْرَبُ بَنُو ٱلْغُرَبَاءِ خَمْرَكِ ٱلَّتِي تَعِبْتِ فِيهَا. بَلْ يَأْكُلُهُ ٱلَّذِينَ جَنَوْهُ وَيُسَبِّحُونَ ٱلرَّبَّ، وَيَشْرَبُهُ جَامِعُوهُ فِي دِيَارِ قُدْسِي» (إشعياء ٦٢: ٨ و٩).
١٥ «وَأُعْطِي لِبَهَائِمِكَ عُشْباً فِي حَقْلِكَ فَتَأْكُلُ أَنْتَ وَتَشْبَعُ».
مزمور ١٠٤: ١٤ ص ٦: ١١ ويوئيل ٢: ١٩
فَتَأْكُلُ أَنْتَ وَتَشْبَعُ هذا نص على كفاءة البركة إذ يمكن أن يأكل الإنسان ولا يشبع لقلة الطعام.
١٦ «فَٱحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَنْغَوِيَ قُلُوبُكُمْ فَتَزِيغُوا وَتَعْبُدُوا آلِهَةً أُخْرَى وَتَسْجُدُوا لَهَا».
ص ٢٩: ١٨ وأيوب ٣١: ٢٧ ص ٨: ١٩ و٣٠: ١٧
فَٱحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَنْغَوِيَ قُلُوبُكُمْ بما لكم من الرغد أي سعة العيش (قابل بهذا ص ٨: ١٠ و١١).
١٧ «فَيَحْمَى غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَيْكُمْ، وَيُغْلِقُ ٱلسَّمَاءَ فَلاَ يَكُونُ مَطَرٌ وَلاَ تُعْطِي ٱلأَرْضُ غَلَّتَهَا، فَتَبِيدُونَ سَرِيعاً عَنِ ٱلأَرْضِ ٱلْجَيِّدَةِ ٱلَّتِي يُعْطِيكُمُ ٱلرَّبُّ».
ص ٦: ١٥ و١ملوك ٨: ٣٥ و٢أيام ٦: ٢٦ و٧: ١٣ ص ٤: ٢٦ و٨: ١٩ و٢٠ و٣٠: ١٨ ويشوع ٢٣: ١٣ و١٥ و١٦
فَيَحْمَى غَضَبُ ٱلرَّبِّ (هذا عقاب على المعصية كما أن ما سبقه ثواب على الطاعة).
١٨ «فَضَعُوا كَلِمَاتِي هٰذِهِ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَنُفُوسِكُمْ، وَٱرْبُطُوهَا عَلاَمَةً عَلَى أَيْدِيكُمْ، وَلْتَكُنْ عَصَائِبَ بَيْنَ عُيُونِكُمْ».
ص ٦: ٦ و٣٢: ٤٦ ص ٦: ٨ ومتّى ٢٣: ٥
فَضَعُوا كَلِمَاتِي هٰذِهِ قد مرّ مثل هذا (ص ٦: ٦ – ٩) والفاء في قوله «فضعوا» سببية والسبب ما في (ع ١٦ و١٧) والمعنى إن عصيتم بأن نسيتم وصاياي حمي غضبي عليكم ويغلق السماء الخ فلذلك ضعوا كلماتي هذه الخ.
١٩، ٢٠ «١٩ وَعَلِّمُوهَا أَوْلاَدَكُمْ مُتَكَلِّمِينَ بِهَا حِينَ تَجْلِسُونَ فِي بُيُوتِكُمْ وَحِينَ تَمْشُونَ فِي ٱلطَّرِيقِ وَحِينَ تَنَامُونَ وَحِينَ تَقُومُونَ. ٢٠ وَٱكْتُبْهَا عَلَى قَوَائِمِ أَبْوَابِ بَيْتِكَ وَعَلَى أَبْوَابِكَ».
ص ٤: ٩ و١٠ و٦: ٧ ص ٦: ٩
حفظ ما في هاتين الآيتين لا يترك سبيلاً إلى نسيان شريعة الرب مع ما فيه من النفع للسلف وللخلف وفيهما أن الإنسان مسؤول بنفس أولاده كما هو مسوؤل بنفسه.
٢١ «لِتَكْثُرَ أَيَّامُكَ وَأَيَّامُ أَوْلاَدِكَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا، كَأَيَّامِ ٱلسَّمَاءِ عَلَى ٱلأَرْض».
ص ٤: ٤٠ و٦: ٢ وأمثال ٣: ٢ و٤: ١٠ و٩: ١١ مزمور ٧٢: ٥ و٨٩: ٢٩
ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا لم يقل أن يعطيك إياها بل أن يعطيها آباءك وهذا يدلنا على تعليم القيامة في التوراة. وليس هذا قول المسيحيين بل قول مفسري اليهود فإنهم يؤمنون بأن هذا الوعد تم حقيقة لإبراهيم وإسحاق ويعقوب لأن الله قال هكذا وإن ذلك لا جدال فيه (لأن أولئك الآباء لم يتلاشوا فأنفسهم باقية خالدة) مهما قيل في ذلك. وجاء في سفر الأعمال إن الله لم يعط إبراهيم من تلك الأرض ميراثاً ولا وطأة قدم ولكن وعد أن يعطيها ملكاً له ولنسله من بعده فكيف أعطاها لإبراهيم وهو لم يعطه ميراثاً ولا وطأة قدم منها لو لم تكن نفسه باقية بعد الوفاة. فيكون معنى ما في الأعمال أن إبراهيم وهو في الجسد لم يرث شيئاً من أرض كنعان لكن بعد وفاته ملك تلك الأرض هو نسله فتأمل.
٢٢ «لأَنَّهُ إِذَا حَفِظْتُمْ جَمِيعَ هٰذِهِ ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا لِتَعْمَلُوهَا، لِتُحِبُّوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ وَتَسْلُكُوا فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ وَتَلْتَصِقُوا بِهِ».
ص ٦: ١٧ وع ١٣ ص ١٠: ٢٠ و٣٠: ٢٠
تَسْلُكُوا فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ أي لتسلكوا في كل طريق يُسلك فيها فارحموا لأنه يرحم واشفقوا لأنه يشفق وأحسنوه لأنه يُحسن. وفي كلام راشي في تفسير هذه الآية ما يؤيد تعليم العهد الجديد الذي خلاصته الحاجة إلى وسيط. (والذي يظهر إن معنى هذه الآية كمعنى قول الرسول «فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِٱللّٰهِ» (أفسس ٥: ١) أي كونوا قديسين لأنه قدوس وغافرين لأنه غفور ومحبين لأنه محب وصابرين لأنه صبور إلى غير ذلك من الممدوحات).
تَلْتَصِقُوا بِهِ قال راشي هل يصح أن يُقال هذا أو يمكن أن يُقال أليس هو ناراً آكلة فكيف يمكن الالتصاق به. فإذاً التصقوا بالحكماء وتلامذتهم (أي دارسي الشريعة) وهذا نص في الحاجة إلى وسيط لأن الله بدون المسيح نار آكلة ولا يمكن الدنو منه. على أن في قول راشي إيماء إلى قول الوسيط الأعظم «من يقبلني يقبل الذي أرسلني».
٢٣ «يَطْرُدُ ٱلرَّبُّ جَمِيعَ هٰؤُلاَءِ ٱلشُّعُوبِ مِنْ أَمَامِكُمْ، فَتَرِثُونَ شُعُوباً أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكُمْ».
ص ٤: ٣٨ و٩: ٥ ص ٩: ١
يَطْرُدُ ٱلرَّبُّ (لا أنتم فلا تتكبروا فإن الرب لو لم يطردهم من أمامكم لسحقوكم لكثرتهم وقوتهم وقلتكم وضعفكم).
٢٤ «كُلُّ مَكَانٍ تَدُوسُهُ بُطُونُ أَقْدَامِكُمْ يَكُونُ لَكُمْ. مِنَ ٱلْبَرِّيَّةِ وَلُبْنَانَ. مِنَ نَهْرِ ٱلْفُرَاتِ إِلَى ٱلْبَحْرِ ٱلْغَرْبِيِّ يَكُونُ تُخُمُكُمْ».
يشوع ١: ٣ و١٤: ٩ تكوين ١٥: ١٨ وخروج ٢٣: ٣١ وعدد ٣٤: ٣ الخ
كُلُّ مَكَانٍ كرر هذا الكلام في سفر يشوع (انظر يشوع ١: ٣ و٤ والتفسير).
٢٥ «لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكُمْ. اَلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ يَجْعَلُ خَشْيَتَكُمْ وَرُعْبَكُمْ عَلَى كُلِّ ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي تَدُوسُونَهَا كَمَا كَلَّمَكُمْ».
ص ٧: ٢٤ ص ٢: ٢٥ خروج ٢٣: ٢٧
خَشْيَتَكُمْ وَرُعْبَكُمْ قال راشي المفسر اليهودي «خشيتكم على القريبين منكم ورعبكم على البعيدين». وهذه الآية نبوءة تمت فإن خشية اليهود ورعبهم كانا على كل أرض داسوها (انظر أستير ٨: ٢ و٣).
٢٦ – ٢٨ «٢٦ اُنْظُرْ! أَنَا وَاضِعٌ أَمَامَكُمُ ٱلْيَوْمَ بَرَكَةً وَلَعْنَةً. ٢٧ ٱلْبَرَكَةُ إِذَا سَمِعْتُمْ لِوَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ. ٢٨ وَٱللَّعْنَةُ إِذَا لَمْ تَسْمَعُوا لِوَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ، وَزُغْتُمْ عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ لِتَذْهَبُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا».
ص ٣٠: ١ و١٥ و١٩ ص ٢٨: ٢ ص ٢٨: ١٥
اُنْظُرْ هذا بداءة قسم آخر من أقسام سفر التثنية عند اليهود.
بَرَكَةً وَلَعْنَةً الخ فالبركة عليك إذا أطعت واللعنة إذا عصيت.
٢٩ «وَإِذَا جَاءَ بِكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا، فَٱجْعَلِ ٱلْبَرَكَةَ عَلَى جَبَلِ جِرِزِّيمَ وَٱللَّعْنَةَ عَلَى جَبَلِ عِيبَالَ».
ص ٢٧: ١٢ ويشوع ٨: ٣٣
ٱلْبَرَكَةَ… وَٱللَّعْنَةَ وفي ترجوم أُنكيلوس «هؤلاء آل البركة وهؤلاء أهل اللعنة» (انظر ص ٢٧: ١٢ والتفسير). وفي غيره من التراجم «حين يباركون يحولون وجوههم إلى جبل جرزيم وحين يلعنون يحولون وجوههم إلى جبل عيبال» وهذا يثبت قدم الرأي الذي في التلمود.
جِرِزِّيمَ… عِيبَالَ هما جبلان فوق شكيم المعروفة اليوم بنابلس يفصل بينهما وادٍ ضيق.
٣٠ «أَمَا هُمَا فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ، وَرَاءَ طَرِيقِ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ فِي أَرْضِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ ٱلسَّاكِنِينَ فِي ٱلْعَرَبَةِ مُقَابِلَ ٱلْجِلْجَالِ، بِجَانِبِ بَلُّوطَاتِ مُورَةَ؟».
تكوين ١٢: ٦ وقضاة ٧: ١
وَرَاءَ طَرِيقِ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ هذا يدل على أن المتكلم كان شرقي الأردن تجاه أريحا فإن الشمس تُرى من ذلك الموضع تغيب (كما شهد المسافرون) في الوادي بين جرزيم وعيبال تماماً.
ٱلْجِلْجَالِ قرية في سهل أريحا وموضع فوق بيت إيل على أمد ثمانية أميال منها شمالاً وهو المقصود هنا.
بَلُّوطَاتِ مُورَةَ موضع قرب شكيم وجبلَي عيبال وجرزيم (تكوين ١٢: ٦).
٣١ «لأَنَّكُمْ عَابِرُونَ ٱلأُرْدُنَّ لِتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ يُعْطِيكُمْ. تَمْتَلِكُونَهَا وَتَسْكُنُونَهَا».
ص ٩: ١ ويشوع ١: ١١
لأَنَّكُمْ عَابِرُونَ ٱلأُرْدُنَّ في موضع شكيم قرب بلوطات مورة ظهر الرب لإبراهيم وقال «لنسلك أعطي هذه الأرض» وهو أول عهد كُتب من العهود بإعطاء الأرض لنسل إبراهيم الذي خرج من أرضه لا يعرف أين يذهب (تكوين ١٢: ٦ و٧).
هذا نهاية الجزء الأول من بيان الوصايا العشر وإيضاحها الذي خُصص ببيان نسبة الشعب الذي أُخرج من مصر إلى الرب. والأصحاحات الآتية خُصصت بشريعة أرض إسرائيل وهي تشتمل على ثلاثة أمور:
- الأول: تعيين كون تلك الأرض مركز عبادة الرب.
- الثاني: تعيين كونها مركز ملكه على الأرض.
- الثالث: تعيين كونها دائرة وضع قوانين خاصة للسلوك المقصود به تمييز الإسرائيليين بالسجايا عن غيرهم.
وذهب بعض الكتبة المحدثين إن كاتب ما بقي من هذا السفر غير موسى فيجب أن نتأمل فيه حق التأمل لا بالنظر إلى مجرد كونه قسماً بنفسه بل بالنظر إلى صورته الأصلية وإلى أجزائه الطبيعية.
وأرض كنعان بعد استيلاء الإسرائيليين عليها تُعتبر مركز عبادة الله من (ص ١٢: ١ – ص ١٦: ١٧).
٣٢ «فَٱحْفَظُوا جَمِيعَ ٱلْفَرَائِضِ وَٱلأَحْكَامِ ٱلَّتِي أَنَا وَاضِعٌ أَمَامَكُمُ ٱلْيَوْمَ لِتَعْمَلُوهَا».
ص ٢٥: ٣٢ و١٢: ٣٢
فَٱحْفَظُوا علماً وعملاً.
جَمِيعَ ٱلْفَرَائِضِ لا بعضها «لأن من حفظ الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرماً في الكل» والفرائض ما كُلف به الإنسان وأوجب عليه.
ٱلأَحْكَامِ القوانين من عقائد وأعمال.
وقد كرر سبحانه وتعالى الأمر بحفظ فرائضه وأحكامه تنبيهاً على وفرة منفعتها وتقريراً لذلك في أذهان بني إسرائيل.
السابق |
التالي |