أعمال الرسل | المقدمة | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح سفر أعمال الرسل
للدكتور . وليم إدي
كاتب هذا السفر لوقا كاتب البشارة الثالثة. غاية هذا السفر بيان أن المسيح أنجز وعده بإرسال الروح القدس بإنشاء الكنيسة ومدها بين اليهود والأمم في المملكة الرومانية مبتدأة من أورشليم منتشرة من مدينة إلى مدينة في تلك المملكة حتى بلغت رومية. كُتب هذا السفر إلى ياثاوفيلوس وهو رجل شريف يوناني عالم مؤمن بالمسيح. والأرجح أنه كُتب أيضاً لفائدة المؤمنين من اليهود والأمم عامة. وإنما قدمه لذلك الرجل إكراماً كالعادة الجارية عند المؤلفين يومئذ وفي هذه الأيام. من فوائد هذا السفر غير ما ذكرناه في غاية كتابته ونسبته إلى ما كُتب قبله وما كُتب بعده من العهد الجديد تاريخ كنيسة المسيح في طفوليتها وكيفية نشوئها وانتظامها وكيفية تحرر أعضائها رويداً رويداً من رق الطقوس اليهودية وتمتعهم بحرية الديانة المسيحية وروحيتها. ومنها بيان ما ألمّ بالكنيسة من مقاومة اليهود والأمم في بعض عصر طيباريوس الأمبراطور الروماني وكل عصر كليغولا وكلوديوس وبعض أيام نيرون وانتصارها على كل ذلك. ومنها بيان أهمية المناداة بقيامة المسيح لإثبات صحة الديانة المسيحية كما يظهر من مواعظ الرسل وتأثيرها في السامعين. ومنها زيادة ما فعله الأقنوم الثالث أي الروح القدس في عمل الفداء. فيحسن أن نسمي العهد القديم أعمال الآب والبشائر أعمال الابن وهذا السفر أعمال الروح القدس بواسطة الرسل؟ وفيه من أقوى الأدلة على صحة الدين المسيحي سرعة انتصارات ذلك الدين وعظمتها مع كثرة المقاومين وقوتهم وقلة المسعفين وضعفهم.
تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.
ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.
هذا وقد تكرم سينودس سوريا ولبنان الأنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.
ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».
القس ألبرت استيرو
الأمين العام
لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى
المقدمة: وفيها ثمانية فصول
الفصل الأول: في اسم هذا السفر
اسم هذا السفر في اليونانية «إيركسيس» أي اعمال واسمه في العربية «الأعمال»أو أعمال الرسل. وليس لنا من دليل على أنه سُمي بهذا الاسم بالوحي ولا على أن كاتبه سماه به. ولكن نعلم أن المسيحيين سموه به منذ القرون الأولى للمسيحية. ولم يُسمّ به لأنه يشتمل على كل اعمال الرسل بل على بعض ما عملوه في تأسيس الكنيسة وبنيانها.
ولم ينبئنا بأعمال كل الرسل في خدمة الكنيسة فإن أكثره يتعلق بأعمال رسولين هما بطرس وبولس. فالمسيح اختار بطرس ليفتح أبواب الكنيسة المسيحية لليهود وللأمم (متّى ١٦: ١٨ و١٩). واختار بولس أعظم وسيلة لنشر الإنجيل بين الأمم. ودعا المسيح وهو على الأرض الأول ودعا وهو في السماء الثاني.
الفصل الثاني: في كاتب هذا السفر
كاتب هذا السفر لوقا كاتب البشارة الثالثة. ولنا على ذلك ثلاثة أدلة:
- الأول: إجماع المسيحيين منذ أول العهد إلى الآن على نسبته إلى لوقا.
- الثاني: ما ينتج من مقابلة مقدمة هذا السفر بمقدمة بشارة لوقا ولا سيما قوله في مقدمة الأعمال «الكلام الأول أنشأته يا ثاوفيولس» بقوله في مقدمة البشارة «رأيت أنا… أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلوس» ولنا من ذلك أمران (١) أن كاتب سفر الأعمال كتب سفر آخر قبله (٢) أنه كتب هذا السفر إلى الذي كتب إليه ذلك ولا يصدق هذان الأمران إلا على لوقا.
- الثالث: أن أسلوب الكتابة في الإثنين واحد في اللفظ والتركيب. فالذي يقرأ السفرين يرى جلياً أن الثاني تابع للأول أي أن الثاني يُبتدأ حيث ينتهي الأول. وقد سبق الكلام على ترجمة الكاتب في مقدمة بشارته فراجعها هناك لكي نقول بالاختصار أنه أهلٌ لأن يكتب هذا السفر لأنه كان رفيق بولس في أكثر أسفاره وفي مدة سجنه في قيصرية ورومية فعرف حقيقة ما كتبه من سمعه ووعظ بولس ومحاوراته علاوة على ما شاهده بنفسه من الأمور التي ذكرها.
الفصل الثالث: في زمن كتابة هذا السفر ومكانها
نستنتج من ص ٢٨: ٣٠ من هذا السفر أنه كُتب في سنة ٦٣ ب . م في رومية أي بعد السنة الثانية من وصول بولس إلى تلك المدينة. فإنه ذُكر في ع ١٦ من ذلك الأصحاح بلوغه رومية في ع ٣٠ بقاؤه هنالك سنتين ولم يُذكر بعد ذلك شيء من أمر بولس.
الفصل الرابع: في غاية كتابة هذا السفر
ظن بعضهم أن غاية كتابة هذا السفر بيان تاريخ كنيسة المسيح في ثلاثين سنة بعد إنشائها أي منذ ٣٣ للميلاد إلى سنة ٦٣ ولنا على هذا الظن أنه ليس فيه ذكر لحال كنيسة أورشليم بعد إيمان بولس ولا من نبإ بإنشاء الكنيسة المسيحية في دمشق ولا في مصر ولا في بابل ولا في رومية. وليس فيه من ذكر لبعض أسفار بولس وكثير من مصائبه التي ذُكرت في (٢كورنثوس ١١: ٢٥). وقد ترك فيه ذكر خدمة أكثر الرسل للكنيسة واقتصر على ذكر بعض أعمال اثنين بطرس وبولس.
والأصح أن غاية هذا السفر بيان أن المسيح أنجز وعده بإرسال الروح القدس بإنشاء الكنيسة ومدها بين اليهود والأمم في المملكة الرومانية مبتدأة من أورشليم منتشرة من مدينة إلى مدينة في تلك المملكة حتى بلغت رومية. وشغل ذلك الانتشار نحو ثلاثين سنة. أو بيان أنه كيف استمر المسيح يُجري عمل الفداء الذي ابتدأه هو وهو على الأرض بالجسد بعد موته وهو غير منظور بواسطة الروح القدس على وفق قوله في (يوحنا ١٦: ٧ – ١٣).
الفصل الخامس: في من كُتب هذا السفر إليه
كُتب هذا السفر إلى ثاوفيلوس وهو رجل شريف يوناني عالم مؤمن بالمسيح. والأرجح أنه كُتب أيضاً لفائدة المؤمنين من اليهود والأمم عامة. وإنما قدمه لذلك الرجل إكراماً كالعادة الجارية عند المؤلفين يومئذ وفي هذه الأيام.
الفصل السادس: في نسبة هذا السفر إلى البشائر والرسائل
نسبة هذا السفر إلى البشائر والرسائل كنسبة حلقة إلى سلسلتين تصل إحداهما بالأخرى وهو تتمة البشائر ومقدمة الرسائل. وفيه إنجاز نبوءات البشائر من جهة حلول الروح القدس واقتدار الرسل على صنع المعجزات العظيمة ومشاركة الأمم لليهود في حقوق كنيسة الله واضطهاد المسيحيين وانتصارهم على أعدائهم وبيان الوسائط التي أعدت الرسل لكتابة الرسائل كالاختبار والسلطان على ذلك. وبيان أنه من هو بولس الذي كتب أكثر تلك الرسائل ومن دعاه رسولاً وما الذي جعله أهلاً لكتابة ما كتبه وتفصيل تاريخ الكنائس والأشخاص التي كتب رسائله إليها.
فلولا هذا السفر ما عرفنا شيئاً من أمر حلول الروح القدس يوم الخمسين ولا موت استفانوس شهيداً ولا تنصر كرنيليوس ولا الحوادث الغريبة المتعلقة باهتداء بولس ولا تفاصيل انتشار الكنيسة من أورشليم إلى رومية.
الفصل السابع: في فوائد هذا السفر
من فوائد هذا السفر غير ما ذكرناه في غاية كتابته ونسبته إلى ما كُتب قبله وما كُتب بعده من العهد الجديد تاريخ كنيسة المسيح في طفوليتها وكيفية نشوئها وانتظامها وكيفية تحرر أعضائها رويداً رويداً من رق الطقوس اليهودية وتمتعهم بحرية الديانة المسيحية وروحيتها.
ومنها بيان ما ألمّ بالكنيسة من مقاومة اليهود والأمم في بعض عصر طيباريوس الأمبراطور الروماني وكل عصر كليغولا وكلوديوس وبعض أيام نيرون وانتصارها على كل ذلك. ومنها بيان أهمية المناداة بقيامة المسيح لإثبات صحة الديانة المسيحية كما يظهر من مواعظ الرسل وتأثيرها في السامعين. ومنها زيادة ما فعله الأقنوم الثالث أي الروح القدس في عمل الفداء. فيحسن أن نسمي العهد القديم أعمال الآب والبشائر أعمال الابن وهذا السفر أعمال الروح القدس بواسطة الرسل. وفيه من أقوى الأدلة على صحة الدين المسيحي سرعة انتصارات ذلك الدين وعظمتها مع كثرة المقاومين وقوتهم وقلة المسعفين وضعفهم.
الفصل الثامن: في قسمي هذا السفر
هذا السفر قسمان الأول من ص ١ إلى ص ١٢ ويشتمل على انتشار الديانة المسيحية بين اليهود على يد بطرس الرسول والثاني من ص ١٣ إلى ص ٢٨ ويشتمل على انتشارها بين الأمم على يد بولس.
التالي |