أعمال الرسل

أعمال الرسل | 23 | الكنز الجليل

الكنز الجليل في تفسير الإنجيل

شرح سفر أعمال الرسل 

للدكتور . وليم إدي

الأصحاح الثالث والعشرون

بولس في مجمع اليهود ع ١ إلى ١٠

١ «فَتَفَرَّسَ بُولُسُ فِي ٱلْمَجْمَعِ وَقَالَ: أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِخْوَةُ، إِنِّي بِكُلِّ ضَمِيرٍ صَالِحٍ قَدْ عِشْتُ لِلّٰهِ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

ص ٢٤: ١٦ و١كورنثوس ٤: ٤ و٢كورنثوس ١: ١٢ و٤: ٢ و٢تيموثاوس ١: ٣ وعبرانيين ١٣: ١٨

فَتَفَرَّسَ بُولُسُ حضر هنالك منذ خمس وعشرين سنة مشتكياً على استفانوس أو قاضياً عليه ومن هنالك أخذ رسائل توصية إلى دمشق ليضطهد من فيها من المسيحيين (ص ٩: ١ و٢). «وتفرس في المجمع» أي نظر بإمعان ليعرف هل بينهم من عرفه سابقاً وليحكم من علمات وجوههم على صفاتهم وإحساساتهم من جهته وليعلم أي منهم فريسي وأي منهم صدوقي على ما يتبين من (ع ٦).

فِي ٱلْمَجْمَعِ أي أهل المجمع وهم سبعون رجلاً لهم الحكم في أمور أمة اليهود الدينية وبعض أمورها السياسية.

أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِخْوَةُ ترك كلمة «الآباء» التي لفظها في خطابه على الدرج ولعله أتى ذلك عمداً ليبيّن أنه مساو لهم غير فاقد شيئاً من الحقوق التي كانت له سابقاً وهو عضو في ذلك المجمع. وكان يخاطبهم باليونانية لأنهم فهموا الخطاب هم والأمير (ع ٢٩).

بِكُلِّ ضَمِيرٍ صَالِحٍ ما في هذا الجملة مختصر كل ما أراد أن يحتج به في المجمع وأتى به خوفاً من أن يقطعوا خطابه قبل أن يفرغ منه. وفيه تصريح بأربعة أمور:

  • الأول: أنه ليس بمرتد عن ناموس موسى بل كان أميناً بكل الواجبات باعتبار كونه يهودياً.
  • الثاني: أنه بريء مما اتهمه به أعداءه من الإساءة إلى اليهود وديانتهم في ذلك الوقت وفي ما قبله.
  • الثالث: أنه اضطهد المسيحيين وهو يظن ذلك خدمة لله.
  • الرابع: أنه أتى الآن باعتبار كونه مسيحياً ما أتاه خدمة لله كقصده سابقاً فما قاله في المجلس تبرئة لنفسه كتبه في (٢تيموثاوس ١: ٣ وفي ١كورنثوس ٤: ٤ انظر أيضاً أعمال ٢٤: ١٦).

وتصريحه ببقائه أميناً بعد تنصره في كل واجباته باعتبار كونه يهودياً مبني على اعتقاده المصرّح به في كل تعاليمه أن الديانة النصرانية هي كمال الديانة اليهودية لا منافية لها. وهذا على وفق قول المسيح «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ ٱلنَّامُوسَ أَوِ ٱلأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ» (متّى ٥: ١٧).

لِلّٰهِ مطيعاً للشريعة التي أُوحي بها فهو يعرف إخلاصي في تصرفي وصدق ما أقوله الآن.

إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ أي اضطهدت دين المسيح ويوم بشرت به فحين ظننت الدين المسيحي كذباً قاومته بكل ما استطعت وحين اقتنعت بصدقه بذلت كل جهدي في إثبات دعاويه (انظر شرح يوحنا ١٦: ٢).

٢ «فَأَمَرَ حَنَانِيَّا رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ، ٱلْوَاقِفِينَ عِنْدَهُ أَنْ يَضْرِبُوهُ عَلَى فَمِهِ».

١ملوك ٢٢: ٢٤ وإرميا ٢٠: ٢ ويوحنا ١٨: ٢٢ و٢٣

حَنَانِيَّا رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ قال يوسيفوس أن هذا الإنسان صدوقي ابن نبيديوس وأنه كان ظالماً ناهباً فكاد يميت الكهنة الصغار جوعاً بأخذه كل العشور. وبقي رئيس كهنة مدة أطول من مدة غيره من رؤساء الكهنة في ذلك العصر وهي من سنة ٤٨ ب. م إلى سنة ٥٢ ب. م ثم أرسله كيومانوس الوالي الذي قبل فيلكس مقيداً بالسلاسل إلى رومية ليحاكم أمام الأمبراطور كلوديوس فنجا هنالك من الدعوى التي أُقيمت عليه بعد مشقة عظيمة ورجع إلى أورشليم سنة ٥٧ وتولى رئاسة الكهنة في غيابه يوناثان فأبغضه فيلكس وأمر بقتله سراً. وأوقف بولس أمامه سنة ٥٨.

ظن كثيرون أن فيلكس أذن له في ممارسة الرئاسة بدون أن يُرسم ثانية إلى أن أقام أغريباس الثاني اسماعيل رئيساً. فكان كل من تولى تلك الرئاسة يلقب برئيس الكهنة مدة حياته فإذا تسميته هنا رئيساً ليست بدليل قاطع على أنه كان الرئيس القانوني.

ٱلْوَاقِفِينَ عِنْدَهُ أي أتباعه القريبين منه.

أَنْ يَضْرِبُوهُ عَلَى فَمِهِ منعاً له من التكلم وإظهاراً لكون قوله كذباً وتجديفاً فإنه اغتاظ من أن إنساناً اعتبره مذنباً مرتداً عن دين آبائه مستحقاً الموت يدّعي أنه عاش لله بضمير صالح في كل تصرفه ومن أنه بتبرئته نفسه كذّبه وسائر رؤساء الكهنة المشتكين عليه ومن أنه دعاهم «إخوة» بدلاً من أن يدعوهم «آباء» على أنه مساو ومن نجاته من تسلطهم بتصريحه بأنه روماني. والمسيح نفسه احتمل مثل هذا الظلم وتلك الإهانة من أحد خدام قيافا (يوحنا ١٨: ٢٢). وكذا ميخا النبي يوم ضربه صدقيا على الفك (٢أيام ١٨: ٢٣).

٣ «حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ بُولُسُ: سَيَضْرِبُكَ ٱللّٰهُ أَيُّهَا ٱلْحَائِطُ ٱلْمُبَيَّضُ! أَفَأَنْتَ جَالِسٌ تَحْكُمُ عَلَيَّ حَسَبَ ٱلنَّامُوسِ، وَأَنْتَ تَأْمُرُ بِضَرْبِي مُخَالِفاً لِلنَّامُوسِ؟».

لاويين ١٩: ٣٥ وتثنية ٢٥: ١ و٢ ويوحنا ٧: ٥١

سَيَضْرِبُكَ ٱللّٰهُ أي سيعاقبك لأنه عادل لا بد من أن يعاقب من يعوّج القضاء هكذا.

عرف بولس براءته وأن الله سيحامي عنه. فقول بولس ليس بدعاء على حنانيا بل هو نبوءة بما سيقع عليه علم به بولس بالوحي لأنه كان نبياً أو بعلمه أن الله ديّان عادل يعاقب المرائين الظالمين لا محالة. وقد أُنجزت هذه النبوءة بعد نحو خمس سنين من هذه المحاورة بدليل قول يوسيفوس «أن المشمليين القتلة فتنوا على حنانيا الرئيس فأخرجوه منها وقتلوه».

ٱلْحَائِطُ ٱلْمُبَيَّضُ أي الحسن الظاهر القبيح الباطن وكنى بذلك عن أنه مراء ومما قال فيه يوسيفوس يتضح أنه مستحق هذا اللقب. ووصف المسيح الفريسيين بمثل هذا (متّى ٣: ٢٠ و٢٧ ولوقا ١١: ٢٤). فإن حنانيا تظاهر أنه جالس في المجلس للقضاء بالعدل فدل عمله على أنه جلس هنالك ليشفي غيظه وليجري مقاصد جماعته.

جَالِسٌ تَحْكُمُ باعتبار كونك واحداً من أعضاء المجلس الذين من واجباتهم أن يعطوا المشكو عليه فرصة للدفع عن نفسه ويحكموا بمقتضى الشريعة الموسوية. وهذا كقول نيقوديموس «أَلَعَلَّ نَامُوسَنَا يَدِينُ إِنْسَاناً لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَوَّلاً وَيَعْرِفْ مَاذَا فَعَلَ» (يوحنا ٧: ٥١ انظر أيضاً أمثال ١٨: ١٣ ولاويين ١٩: ١٥ و١٦ وخروج ٢٣: ١ و٢ وتثنية ١٩: ١٥).

مُخَالِفاً لِلنَّامُوسِ القائل «لاَ تَرْتَكِبُوا جَوْراً فِي ٱلْقَضَاءِ» (لاويين ١٩: ٣٥). فإن حنانيا خالف الناموس بأمرين الأول أمره بضرب بولس جوراً. والثاني أنه بذلك الأمر حكم عليه بأنه مذنب قبل أن يسمع احتجاجه.

فعلينا أن نلاحظ أن هذه الحادثة ليست مقصورة على شخص بولس بل عامة له وليسوع المسيح ودينه. فإن بولس صرّح في الآية الأولى بأمانته لكل مشتملات العهد القديم لأنه بإيمانه بالمسيح آمن بكل نبوآت العهد القديم وصرح بأن يسوع أكمل كل رسوم الناموس الموسوي غير ناقض شيئاً منه. والجور على بولس كان جوراً على المسيح الذي جعل نفسه وتلاميذه واحداً إذ قال «ٱلَّذِي يُرْذِلُكُمْ يُرْذِلُنِي» (لوقا ١٠: ١٦). وتوبيخ بولس لحنانيا لم يكن لغاية شخصية. قال المسيح لرسله «مَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ، لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ ٱلْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ ٱلَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ» (متّى ١٠: ١٩ و٢٠). إن بولس كان واقفاً في المجلس ليشهد للمسيح ولا ريب في أن الروح القدس علمه ما تكلم به على وفق وعده. فلا محل لقول بعضهم أنه تكلم بحدة وفرّط بشفتيه والذي يستأصل هذا الوهم أن الرب ظهر لبولس في تلك الليلة وقال له «كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ، هٰكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضاً» (ع ١١).

٤ «فَقَالَ ٱلْوَاقِفُونَ: أَتَشْتِمُ رَئِيسَ كَهَنَةِ ٱللّٰهِ؟».

فَقَالَ ٱلْوَاقِفُونَ هم الذين من حزب حنانيا ولعلهم توقفوا عن لطم بولس خجلاً من جراءته على توبيخ حنانيا أو خوفاً من الأمير بينهم واكتفوا بما قالوه توبيخاً. ومما يتوقع أن أصحاب حنانيا أعداء بولس يحسبون نبوءته وقاحة وفجوراً لأنهم لم يعلموا أنه تنبأ بأمر روح الله.

٥ «فَقَالَ بُولُسُ: لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ أَنَّهُ رَئِيسُ كَهَنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: رَئِيسُ شَعْبِكَ لاَ تَقُلْ فِيهِ سُوءاً».

ص ٢٤: ١٧ خروج ٢٢: ٢٨ وجامعة ١٠: ٢٠ و٢بطرس ٢: ١٠ ويهوذا ٨

لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ… أَنَّهُ رَئِيسُ لا مانع من أن نأخذ هذا القول على ظاهر معناه لأن حنانيا أُقيم رئيساً بعد نحو أربع عشرة سنة لتنصر بولس فلم يكن له من وسيلة إلى معرفة الرؤساء في تلك المدة. ولا يلزم أن يكون رئيس الكهنة رئيس المجلس حتى أنه يعرف من مكان جلوسه. ولم يكن من عوائد رئيس الكهنة أن يلبس أثوابه الخاصة إلا عند ممارسة الخدمة في الهيكل فلا سبيل إلى معرفته من ملبوسه في كل زمان أو مكان. ويصح أن يكون معنى قول بولس أنه لم يعرفه رئيس كهنة الله لأنه ليس كذلك لأنه يجب أن يكون «رئيس كهنة الله» من أبناء هارون ويبقى كاهناً إلى أن يموت ثم يقوم مكانه آخر من أبناء هارون أيضاً وهذا الإنسان لا دليل على أنه من أبناء هارون أو على أنه رئيس بأمر إلهي إنما أقامه الناس للرشوة أو ما شاكلها. وكان في ذلك المجلس كثيرون ممن تولوا تلك الرئاسة وعُزلوا وكان من الواجب أن يكون رئيس كهنة الله مشابهاً لله بعض المشابهة في صفاته الأدبية لكن حنانيا كان على غاية المخالفة لذلك فلم يسلم بولس بأنه رئيس كهنة الله ولم يحسب أنه خالف الناموس بما قاله له.

لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ (خروج ٢٢: ٢٨) أظهر بولس باقتباسه هذا أنه عارف الناموس وذاكر إياه ومعتبره قانون حياته وسيرته وبرّر نفسه من تهمة الشتم ولم يكن كلامه اعتذاراً. فكأنه قال لم أخالف الناموس فاين رئيس كهنة الله. لأن بينكم كثيرين من رؤساء الكهنة وكثرة عددهم دليل على أنكم تركتم الناموس ولم يبق سبيل إلى معرفة رئيس الكهنة الحقيقي.

رَئِيسُ شَعْبِكَ هذا يعم كل ذي منصب سياسي أو ديني فيصدق على رئيس الكهنة الذي قال بولس أنه من المحال أن يقول فيه سوءاً. والخلاصة أن جواب بولس يشتمل على أمرين الأول أنه لم يعرف أن حنانيا رئيس كهنة الله والثاني أنه غير غافل عن الناموس.

٦ «وَلَمَّا عَلِمَ بُولُسُ أَنَّ قِسْماً مِنْهُمْ صَدُّوقِيُّونَ وَٱلآخَرَ فَرِّيسِيُّونَ، صَرَخَ فِي ٱلْمَجْمَعِ: أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِخْوَةُ، أَنَا فَرِّيسِيٌّ ٱبْنُ فَرِّيسِيٍّ. عَلَى رَجَاءِ قِيَامَةِ ٱلأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ».

ص ٢٦: ٥ وفيلبي ٣: ٥ ص ٢٤: ١٥ و٢١ و٢٦: ٦ و٢٨: ٢٠

عَلِمَ بُولُسُ لأنه كان قد عرف بعضهم معرفة شخصية وعرف الآخر معرفة عامة مما شاع بين الناس.

قِسْماً مِنْهُمْ صَدُّوقِيُّونَ وَٱلآخَرَ فَرِّيسِيُّونَ وهما الفرقتان الكبيرتان في اليهود وسبق الكلام عليهما في شرح (متّى ٣: ٧) وعلم بولس فوق ذلك أن الفرقتين متفقتان على الحكم عليه لاعتقادهما أنه مقدام شيعة الناصري الضالة.

صَرَخَ لأربعة أسباب:

  • الأول: يأسه من أن الرؤساء يحكمون في أمره بالعدل والإنصاف. وغيظهم منه قد أعمى قلوبهم فاعتقدوا أنه مذنب قبل أن ينظروا في أمره.
  • الثاني: يأسه من إفادتهم إن بشرّهم بالمسيح ودينه.
  • الثالث: أن يعرف الأمير براءته مما اتهموه بما يشاهده منهم من أدلة الحسد والخصام والبغض والاضطهاد.
  • الرابع: إرشاد الروح القدس إيّاه إلى ما أتاه على وفق وعد المسيح (متّى ١٠: ١٩ و٢٠).

أَنَا فَرِّيسِيٌّ بالنظر إلى الخلاف بين الفريسيين والصدوقيين في العقائد. وأنا فريسي باعتبار كوني يهودياً قبل وبعد. وهذا لا يستلزم إنكار أنه مسيحي أيضاًً.

ٱبْنُ فَرِّيسِيٍّ فإذاً هو فريسي مولداً وتربية واقتداء بوالديه وله كل ما للفريسيين من الحقوق. وقد تأصلت فيه كل المبادئ الجوهرية التي امتاز بها الفريسيون عن غيرهم وكان كل أصدقائه ومخالطيه من تلك الفرقة.

عَلَى رَجَاءِ قِيَامَةِ ٱلأَمْوَاتِ الخ أي أن الموتى كلهم ينامون وذلك الرجاء مبني على إيمانه بقيامة يسوع. وهذا موافق لقوله في الرسالة إلى أهل كورنثوس «إِنْ لَمْ يَكُنِ ٱلْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ، وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضاً شُهُودَ زُورٍ لِلّٰهِ، لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ ٱللّٰهِ أَنَّهُ أَقَامَ ٱلْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ… وَلٰكِنِ ٱلآنَ قَدْ قَامَ ٱلْمَسِيحُ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ ٱلرَّاقِدِينَ» (١كورنثوس ١٥: ١٣ – ٢٠). وكان بولس وسائر الرسل يسندون دائماً إيمانهم بصحة دعوة يسوع أنه المسيح إلى قيامته من الموت (ص ١٣: ٣٤ و١٧: ٣١ و٣٢ و٢٦: ٦ و٧ و٢٣: ٢٥). واتخذوا قيامة المسيح البرهان الأعظم في كل محاورتهم لليهود ومعظم موضوع مواعظهم. فاعتاظ الصدوقيون من المسيحيين كل الاغتياظ لأن تعليمهم القيامة قوّى حجة الفريسيين على الصدوقيين. ولا يلزم من قول بولس «على رجاء قيامة الأموات أنا أحاكم» إن ذلك العلة الوحيدة لمحاكمتهم إياه وبغضهم له ولكنه خصه بالذكر لأن سائر الاختلافات المتعلقة بناموس موسى ليست شيئاً بالنسبة إليه ولأنها تبطل كلها إذا ثبت وتثبت كلها إذا بطل. وقد علم بولس بمناظرته لليهود أشد التعاليم تهييجاً لبغض اليهود له ومقاومته إياه فبينه هنا وهو الشهادة بقيامة المسيح. ومثل احتجاج بولس هنا احتجاجه أما أغريباس بقوله «وَٱلآنَ أَنَا وَاقِفٌ أُحَاكَمُ عَلَى رَجَاءِ ٱلْوَعْدِ ٱلَّذِي صَارَ مِنَ ٱللّٰهِ لآبَائِنَا، ٱلَّذِي أَسْبَاطُنَا ٱلٱثْنَا عَشَرَ يَرْجُونَ نَوَالَهُ، عَابِدِينَ بِٱلْجَهْدِ لَيْلاً وَنَهَاراً. فَمِنْ أَجْلِ هٰذَا ٱلرَّجَاءِ أَنَا أُحَاكَمُ مِنَ ٱلْيَهُودِ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ. لِمَاذَا يُعَدُّ عِنْدَكُمْ أَمْراً لاَ يُصَدَّقُ إِنْ أَقَامَ ٱللّٰهُ أَمْوَاتاً؟» (ص ٢٦: ٦ – ٨).

زعم بعضهم أن ما فعله بولس هنا من القاء الفتنة بين الفريقين للنجاة منهما مما لا يتوقع من مثله وحسبوه ضرباَ من الاحتيال ولكن لا داعي له إلى شيء من الحيل إذ لم يكن خائفاً لأنه ذهب إلى أورشليم وهو يتوقع «الوثق والشدائد غير محتسب لشيء» (ص ٢٠: ٢٣ و٢٤). ولم يكن عرضة للخطر لكونه في حماية الأمير وعساكره الرومانيين. وكانت غاية مجيئه إلى أورشليم الشهادة للمسيح ويئس من إفادة الصدوقيين فانتهز الفرصة الأخيرة لجذب الفريسيين إليه ((إن أمكن) ليقودهم بواسطة اعتقادهم قيامة الأموات إلى الإيمان بيسوع الذي قام من الموت.

٧ «وَلَمَّا قَالَ هٰذَا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَٱلصَّدُّوقِيِّينَ، وَٱنْشَقَّتِ ٱلْجَمَاعَةُ».

مُنَازَعَةٌ في تبرئة بولس أو الحكم عليه. أراد الفريسيون تبرئته والصدوقيون الحكم عليه بأنه مرتد عن الناموس ومجدف عليه ومدنس للهيكل. لأن الفريسيين حسبوا بولس أقرب إليهم في الاعتقاد من الصدوقيين ولم يروا من الحكمة الحكم على إنسان يساعدهم على الصدوقيون في أعظم ما اختلفوا عليه.

وَٱنْشَقَّتِ ٱلْجَمَاعَةُ أي أعضاء المجمع.

٨ «لأَنَّ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَيْسَ قِيَامَةٌ وَلاَ مَلاَكٌ وَلاَ رُوحٌ، وَأَمَّا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ فَيُقِرُّونَ بِكُلِّ ذٰلِكَ».

متّى ٢٢: ٢٣ ومرقس ١٢: ١٨ ولوقا ٢٠: ٢٧

ما في هذه الآية جاء به لوقا شرحاً للاختلاف بين الفرقتين في الاعتقاد بياناً لعلة منازعتهم مناداة بولس بالقيامة.

إِنَّهُ لَيْسَ قِيَامَةٌ اي أن الموتى لا يقومون وأنكروا فوق ذلك خلود النفس وقالوا لا حياة إلا الحياة في هذه الدنيا (انظر شرح متّى ٣: ٧ و٢٢: ٢٣).

وَلاَ مَلاَكٌ وَلاَ رُوحٌ فأنكروا بذلك الأرواح السماوية والأرواح الجهنمية وأرواح البشر منفصلة عن الأجساد ولم يُثبتوا للمخلوق سوى المادة. قال فيهم يوسيفوس أنهم نفوا خلود النفس والثواب والعقاب في العالم الآتي واعتقدوا أن النفس تموت بموت الجسد. وأن الفريسيين اعتقدوا أن نفوس البشر خالدة تُثاب أو تُعاقب وهي في الأجساد على مقتضى أعمالها الصالحة أو الشريرة. فإن قيل كيف اعتقد الصدوقيون ما اعتقدوه وهم يؤمنون بصحة أسفار موسى الخمسة وفيها ذكر حضور الملائكة مراراً قلنا أنهم اعتبروا ظهورهم وقتياً بخلق الله إياهم في الحال لغاية مخصوصة وملاشاته إياهم بعد إدراك تلك الغاية.

٩ «فَحَدَثَ صِيَاحٌ عَظِيمٌ، وَنَهَضَ كَتَبَةُ قِسْمِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَطَفِقُوا يُخَاصِمُونَ قَائِلِينَ: لَسْنَا نَجِدُ شَيْئاً رَدِيّاً فِي هٰذَا ٱلإِنْسَانِ! وَإِنْ كَانَ رُوحٌ أَوْ مَلاَكٌ قَدْ كَلَّمَهُ فَلاَ نُحَارِبَنَّ ٱللّٰهَ».

ص ٢٥: ٢٥ و٢٦: ٣١ ص ٢٢: ٧ و١٧ و١٨ ص ٥: ٣٩

كَتَبَةُ هم علماء اليهود ومفسروا الناموس فمن الطبع أن يكونوا المتقدمين في الكلام.

قِسْمِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ كان بعض الكتبة صدوقيين وأكثرهم فريسيين فهم ليسوا شيعة مخصوصة.

لَسْنَا نَجِدُ شَيْئاً رَدِيّاً فِي هٰذَا ٱلإِنْسَانِ أي أنه لم يخالف شيئاً من شريعة موسى وكل ما قاله في القيامة حقّ. فرضى الفريسيين عن بولس لقوله بالقيامة أنساهم وقتياً سائر الدعاوي عليه.

إِنْ كَانَ رُوحٌ أَوْ مَلاَكٌ قَدْ كَلَّمَهُ أشاروا بهذا إلى ما قصه عليهم بولس من حديث رؤياه في طريق دمشق وفي الهيكل (ص ٢٢: ١٤ و١٧ و١٨). فكأنهم قالوا أخبرنا بولس أنه ذهب إلى الأمم إطاعة للرؤيا في الهيكل وهذا ليس مما تستحيل صحته لأن الله اعتاد أن يُظهر إرادته بواسطة الأرواح والملائكة فيحتمل أنه تعالى أعلن له ما قاله ولذلك ذهب إلى الأمم ينادي لهم بقيامة الأموات. وفي قولهم هذا طعن صريح في ضلال الصدوقيين وإقرار باعتقادهم وجود الأرواح والملائكة. وليس لنا أن نتخذ قولهم دليلاً على أنهم صاروا أصدقاء لبولس وآمنوا بدين المسيح فإنهم حاموا عن بولس لبغضهم الصدوقيين ولأنه حامى عن اعتقادهم القيامة التي نفاها الصدوقيون. وفي قولهم تحريف لقول بولس فإنه قال «إن الرب (أي يسوع) ظهر له وكلمه» وهم قالوا «إن كان روح أو ملاك قد كلمه».

فَلاَ نُحَارِبَنَّ ٱللّٰهَ لأنه على فرض أن الله أمر بولس أن يبشر الأمم كانت المقاومة له مقاومة لله الذي أرسله (انظر شرح ص ٥: ٣٩).

١٠ «وَلَمَّا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ كَثِيرَةٌ ٱخْتَشَى ٱلأَمِيرُ أَنْ يَفْسَخُوا بُولُسَ، فَأَمَرَ ٱلْعَسْكَرَ أَنْ يَنْزِلُوا وَيَخْتَطِفُوهُ مِنْ وَسَطِهِمْ وَيَأْتُوا بِهِ إِلَى ٱلْمُعَسْكَرِ».

مُنَازَعَةٌ كَثِيرَةٌ بين الفرقتين في المجلس.

ٱخْتَشَى ٱلأَمِيرُ لأنه ما برح حاضراً معهم.

أَنْ يَفْسَخُوا بُولُسَ الظاهر أن كلاّ من الفرقتين أرادت جذب بولس إليها فالفريسيون أرادوا جذبه ليحموه والصدوقيون لينتقموا منه.

فَأَمَرَ ٱلْعَسْكَرَ أَنْ يَنْزِلُوا أي أرسل من بلغهم أمره بنزولهم من القلعة القريبة.

يَأْتُوا بِهِ إِلَى ٱلْمُعَسْكَرِ الموضع الذي وضعوه فيه أولاً في القلعة (ص ٢١: ٣٤) ليقيه من الخطر. وكان من واجباته أن يحمي كل معتدي عليه ولا سيما الروماني. وقد تحقق مما جرى في المجلس أن بولس لم يكن مذنباً شيئاً بحسب شريعة الرومانيين وغير مستوجب العقاب من يهودي أو روماني.

ظهور الرب لبولس في السجن ع ١١

١١ «وَفِي ٱللَّيْلَةِ ٱلتَّالِيَةِ وَقَفَ بِهِ ٱلرَّبُّ وَقَالَ: ثِقْ يَا بُولُسُ، لأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ، هٰكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضاً».

ص ١٨: ٩ و٢٧: ٢٣ و٢٤

فِي ٱللَّيْلَةِ ٱلتَّالِيَةِ أي التابعة ليوم حضوره في مجلس السبعين.

وَقَفَ بِهِ ٱلرَّبُّ ليعزيه ويشجعه ويؤكد له العناية به والحماية له من المخاطر المحيطة به ورضاه عنه بما فعله في أورشليم وليخبره بأن خدمته إياه في أورشليم قد انتهت وأنه سيذهب إلى رومية ويبشر بالإنجيل فيها كما كان يشتهي منذ زمن طويل (رومية ١: ١٣ و١٥: ٢٣). وهذا الظهور ظهور الرب له ووعده إياه كانا سنداً له واليهود يتآمرون عليه في أورشليم وهو في سجن قيصرية وهو مسافر في البحر والبحر مضطرب وهو في رومية لا يعلم كيف ينتهي أمره في محكمة نيرون. ومثلما ظهر له هنا ظهر له سابقاً في كورنثوس (ص ١٨: ٩ و١٠) وبعد ذلك في السفينة (ص ٢٧: ٢٣ و٢٤). ولا يلزم من ظهور الرب له وتعزيته إياه أنه كان مضطراً آيساً لرفض اليهود شهادته. ومما أظهره الله من رضاه عن بولس هنا يبطل ظن البعض أنه أخذته الحدة في المجلس واضطر إلى الاستغفار وإلا كان الله وبخه كما وبخ موسى (عدد ٢٠: ١٢).

تآمر اليهود على قتل بولس وإرساله إلى قيصرية ع ١٢ إلى ٣٥

١٢ «وَلَمَّا صَارَ ٱلنَّهَارُ صَنَعَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ ٱتِّفَاقاً، وَحَرَمُوا أَنْفُسَهُمْ قَائِلِينَ إِنَّهُمْ لاَ يَأْكُلُونَ وَلاَ يَشْرَبُونَ حَتَّى يَقْتُلُوا بُولُسَ».

ع ٢١ و٣٠ وص ٢٥: ٣

كان بين اليهود أناس اشتهروا بالغيرة الدينية فلقب كل منهم بالغيور وكان من عادتهم أن يأتوا كل ما استطاعوا غيرة للدين خيراً كان أم شراً. والأرجح أن الذين تآمروا هنا كانوا من أولئك الناس وأنهم من الصدوقيين أتباع حنانيا رئيس الكهنة.

صَنَعَ… ٱتِّفَاقاً، وَحَرَمُوا أَنْفُسَهُمْ أي تحالفوا وسألوا الله أن يلعن من نقض عهده. واعتقدوا أنه من وقع تحت الحرم كان عرضة لغضب الله والهلاك.

أَنْ لاَ نَذُوقَ شَيْئاً الخ سبق مثل هذا الحلف في (١صموئيل ١٤: ٢٤ و٢صموئيل ٣: ٣٥) ولأن الطعام والشراب من ضروريات الحياة كان حلفهم على الامتناع عنهما إلى نجاز عهدهم دليلاً قاطعاً على صدق عزمهم على إنجازه ومحركاً شديداً على الاجتهاد فيه والإسراع إليه. وكانت علة هذه المؤامرة شدة بغضهم لبولس ورغبتهم في إملاكه وضعف أملهم في أن الأمير يعاقبه فلم يجدوا وسيلة إلى مرادهم إلا أنهم يتولون قتله بأيديهم.

١٣، ١٤ «١٣ وَكَانَ ٱلَّذِينَ صَنَعُوا هٰذَا ٱلتَّحَالُفَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ. ١٤ فَتَقَدَّمُوا إِلَى رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلشُّيُوخِ وَقَالُوا: قَدْ حَرَمْنَا أَنْفُسَنَا حِرْماً أَنْ لاَ نَذُوقَ شَيْئاً حَتَّى نَقْتُلَ بُولُسَ».

أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ تدل كثرة عدد المتآمرين على وفرة عدد المبغضين له وشدة غضبهم عليه وخشيتهم من المصاعب الحائلة دون قصدهم وقوّة عزمهم على إدراك مقصدهم مهما كانت الصعوبات. وغنيّ عن البيان أن كلاً من عزمهم على القتل وحلفهم عليه شرّ محض.

لم تكن مؤامرتهم على قتله كالمؤامرة على قتل إنسان تشفياً من الغيظ الشخصي، لكنها كانت باسم الله لنفع الأمة بأسرها وخدمة الدين وبرضى أكثر أعضاء المجمع. فما أظهره هؤلاء من العزم على ارتكاب الجور والقتل وعدم الاكتراث بالشريعة سياسية ودينية كان من شأن أكثر اليهود يومئذ وهو الذي جلب عليهم غضب الله وتدمير مدينتهم. وما جاء هنا مصداق لقول المسيح لتلاميذه «تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً لِلّٰهِ» (يوحنا ١٦: ٢).

رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلشُّيُوخِ تحقق المتآمرون أن رؤساء الشعب والدين يرضون عملهم ولا يحسبونه ذنباً بل مما يثيبهم الله عليه. وإذا كان الرؤساء يسرون بالشر فهل تعجب إن ارتكبه المرؤوسون.

١٥ «وَٱلآنَ أَعْلِمُوا ٱلأَمِيرَ أَنْتُمْ مَعَ ٱلْمَجْمَعِ لِكَيْ يُنْزِلَهُ إِلَيْكُمْ غَداً، كَأَنَّكُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْحَصُوا بِأَكْثَرِ تَدْقِيقٍ عَمَّا لَهُ. وَنَحْنُ، قَبْلَ أَنْ يَقْتَرِبَ، مُسْتَعِدُّونَ لِقَتْلِهِ».

كشفوا للرؤساء ما اتفقوا عليه لأنهم لم يكونوا قادرين أن يهجموا إلى القلعة ويصلوا إلى بولس ويقتلوه فاحتاجوا إلى مساعدتهم ومساعدة سائر المجمع في خداع الأمير لكي يأتي ببولس من القلعة إلى حيث تصل أيديهم إليه.

مَعَ ٱلْمَجْمَعِ تحققوا أعضاء المجمع إذا اتفقوا على طلب شيء من الأمير منحهم إياه لا محالة. وتوقعهم أن أعضاء المجمع يسلمون برأيهم وأنهم يوافقونهم على سؤال الأمير ما أرادوه توصلاً إلى قتل بولس دليل على أن فرقتي الفريسيين والصدوقيين اللتين اختلفتا في أمره وقتياً اتفقتا على أنه عدوهما كلتيهما وأنه يستحق الموت منهما. ومما يؤيد ذلك أنهما اتفقتا على شكايته إلى الوالي في قيصرية (ص ٢٤: ٩ و١٥ انظر شرح ص ٢٤: ١٥).

يُنْزِلَهُ من القلعة إلى المجلس.

قَبْلَ أَنْ يَقْتَرِبَ الخ أي قبل أن يصل إلى المجمع لكي لا تكون المسؤولية على أعضائه. ولا ريب في أن تدبيرهم كان في غاية الإحكام ولولا عناية الله بتخييب مسعاهم لنجح لا محالة.

١٦ «وَلٰكِنَّ ٱبْنَ أُخْتِ بُولُسَ سَمِعَ بِٱلْكَمِينِ، فَجَاءَ وَدَخَلَ ٱلْمُعَسْكَرَ وَأَخْبَرَ بُولُسَ».

ٱبْنَ أُخْتِ بُولُسَ لا نعلم شيئاً من أمر هذا الشاب غير ما كُتب هنا ولا عجب من أن أخت بولس أرسلت ابنها إلى أورشليم ليتهذّب فيها كما تهذّب خاله ولا عجب من أن الله اتخذه وسيلة لإبطال مقاصد أعداء بولس الراغبين في قتله.

سَمِعَ بِٱلْكَمِينِ إما من المتحالفين وهم يتكالمون أو من أحد بلّغه ذلك. فالسرّ بين أربعين لا يكون سراً ولا سيما بعد ما أُعلن لرؤساء الكهنة والشيوخ (ع ١٤). ولعل المتحالفين لم يروا كتم كمينهم ضرورياً إلا عن الأسير والرومانيين الذين حرسوه ولم يخطر على بالهم أن بينهم أحداً من أقرباء بولس يكشف سرّهم.

وَدَخَلَ ٱلْمُعَسْكَرَ لم يعامل الأمير بولس بشدة لأنه روماني ولم يثبت عليه ذنب فكان مأذوناً له في أن يستقبل أصدقاءه كما كان في قيصرية بعدئذ (ص ٢٤: ٢٣) فدخل ابن اخته باعتبار كونه صديقاً له.

١٧ «فَٱسْتَدْعَى بُولُسُ وَاحِداً مِنْ قُوَّادِ ٱلْمِئَاتِ وَقَالَ: ٱذْهَبْ بِهٰذَا ٱلشَّابِّ إِلَى ٱلأَمِيرِ، لأَنَّ عِنْدَهُ شَيْئاً يُخْبِرُهُ بِهِ».

وَاحِداً مِنْ قُوَّادِ ٱلْمِئَاتِ الأرجح أنه هو الذي وُكلت إليه حراسته كما سبق في (ص ٢٢: ٢٥). إن الله قد وعد بولس بالوقاية من الخطر وأنه يصل إلى رومية لكنه لم يتخذ ذلك الوعد عذراً لترك ما يستطيعه من الوسائط اتقاء للخطر بل ذلك الوعد كان حاثاً له على عمله لتحققه أن ذلك العمل لا يكون عبثاً. كذلك وعد الله المؤمنين بالخلاص لا يغنيهم عن بذل الاجتهاد في جعل دعوتهم واختيارهم ثابتين (١بطرس ١: ١٠).

١٨ «فَأَخَذَهُ وَأَحْضَرَهُ إِلَى ٱلأَمِيرِ وَقَالَ: ٱسْتَدْعَانِي ٱلأَسِيرُ بُولُسُ، وَطَلَبَ أَنْ أُحْضِرَ هٰذَا ٱلشَّابَّ إِلَيْكَ، وَهُوَ عِنْدَهُ شَيْءٌ لِيَقُولَهُ لَكَ».

أجاب القائد طلب بولس في الحال إما للطفه وإما لرغبته في كشف السر للأمير وإما لعلمه أن بولس روماني.

ٱلأَسِيرُ بُولُسُ هذا يدل على أنه لم يزل مربوطاً بسلسلة إلى أحد الجنود. وما سماه به القائد وقتئذ سمى به نفسه في رسائله (أفسس ٣: ١ و٤: ١ وفليمون ١: ٩).

ٱسْتَدْعَانِي… وَطَلَبَ قال ذلك للأمير خيفة أن يظنه دخل في الأمر من تلقاء نفسه ويلومه على تكلمه مع الأسير والميل إليه.

١٩ «فَأَخَذَ ٱلأَمِيرُ بِيَدِهِ وَتَنَحَّى بِهِ مُنْفَرِداً، وَٱسْتَخْبَرَهُ: مَا هُوَ ٱلَّذِي عِنْدَكَ لِتُخْبِرَنِي بِهِ؟».

فَأَخَذَ ٱلأَمِيرُ بِيَدِهِ بلطف شفقة عليه لحداثته ولما بدا منه من إمارات الخوف وهو يخاطب ذا رتبة عالية. ولا يتوقع مثل هذا اللطف بفتى يهودي من أمير روماني ولعل الذي ليّن قلبه تأثير إلهي.

تَنَحَّى بِهِ مُنْفَرِداً فهم الأمير من أسلوب الخبر أن عند الفتى سراً. وكان يرغب في أن يعلم علة ما أثار الشغب على بولس وأفكار الشعب في أمره وقتئذ. وكان حفظ الأمر سراً ضرورياً لبقاء الشاب في الأمن لأن المتآمرين لا بد من أن ينتقموا منه إن عرفوا أنّه هو الذي كشف مؤامرتهم للأمير.

٢٠ «فَقَالَ: إِنَّ ٱلْيَهُودَ تَعَاهَدُوا أَنْ يَطْلُبُوا مِنْكَ أَنْ تُنْزِلَ بُولُسَ غَداً إِلَى ٱلْمَجْمَعِ، كَأَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَسْتَخْبِرُوا عَنْهُ بِأَكْثَرِ تَدْقِيقٍ».

ع ١٢

قول الشاب هنا للأمير على وفق ما في (ع ١٤ و١٥).

ٱلْيَهُودَ تَعَاهَدُوا هذا دليل على أن الخلاف الذي نشأ بين الفريسيين والصدوقيين في المجلس في شأن بولس لم يبق له أثر واتفق الفريقان على أنه عدو للدين اليهودي واتفقوا على أن يفعلوا ما سألهم إياه المتآمرون.

٢١ «فَلاَ تَنْقَدْ إِلَيْهِمْ، لأَنَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً مِنْهُمْ كَامِنُونَ لَهُ، قَدْ حَرَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ لاَ يَأْكُلُوا وَلاَ يَشْرَبُوا حَتَّى يَقْتُلُوهُ. وَهُمُ ٱلآنَ مُسْتَعِدُّونَ مُنْتَظِرُونَ ٱلْوَعْدَ مِنْكَ».

فَلاَ تَنْقَدْ إِلَيْهِمْ لأن طلبهم وإن ظهر موافقاً لحكم العقل هو خداع للتوصل إلى غاية رديئة.

مِنْهُمْ هذا دليل على أن الأربعين ليسوا سوى نواب عن جمهور اليهود في الميل والقصد.

مُنْتَظِرُونَ ٱلْوَعْدَ مِنْكَ أي إجابة طلبهم أن تُنزله إلى المجلس.

٢٢ «فَأَطْلَقَ ٱلأَمِيرُ ٱلشَّابَّ مُوصِياً إِيَّاهُ أَنْ: لاَ تَقُلْ لأَحَدٍ إِنَّكَ أَعْلَمْتَنِي بِهٰذَا».

أوصاه الأمير بهذا لئلا يخطر لهم أن الأمير يرسل بولس إلى قيصرية فيكمنوا له في الطريق ويقتلوه ولئلا يكون الشاب عرضة لانتقامهم.

٢٣ «ثُمَّ دَعَا ٱثْنَيْنِ مِنْ قُوَّادِ ٱلْمِئَاتِ وَقَالَ: أَعِدَّا مِئَتَيْ عَسْكَرِيٍّ لِيَذْهَبُوا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، وَسَبْعِينَ فَارِساً وَمِئَتَيْ رَامِحٍ، مِنَ ٱلسَّاعَةِ ٱلثَّالِثَةِ مِنَ ٱللَّيْلِ».

قَيْصَرِيَّةَ قصبة سورية السياسية عند الرومانين صارت مقام والي سورية منذ مات هيرودس أغريباس (ص ١٢: ٢٣) كما كانت قبله مراراً كثيرة (انظر شرح ص ٨: ٤٠ و٢١:٨).

رَامِحٍ أي حامل رمح. كان الجنود الذين أرسلهم الأمير لحراسة بولس ٤٧٠ فإن قيل كيف أرسل كل هؤلاء للحراسة من أربعين قلنا أن أولئك الأربعين ليسوا سوى نواب عن ألوف كثيرة مستعدين لإمدادهم. وكان أهل سورية يومئذ مضطربين ولا أمن فيها للمسافرين.

وما شاهده الأمير من استعداد اليهود للفتنة على بولس في الهيكل وفي المجلس ومن مؤامرتهم عليه وعزمهم على قتله بين القلعة والمجلس حقّق له شدة الخطر على بولس وأنهم مستعدون لارتكاب كل ما أمكنهم من المحظورات وهذا حمله على إبعاده عن أورشليم وأن يصحبه بكثير من الجنود عند إبعاده إياه.

مِنَ ٱلسَّاعَةِ ٱلثَّالِثَةِ مِنَ ٱللَّيْلِ أي الثالثة بعد المغرب فيكون أكثر الناس حينئذ في بيوتهم فلا يعرفون بمن يذهب ولا بمن يجيء. ويظهر من تصرف الأمير أن ميله إلى بولس كان أكثر من ميله إلى حنانيا رئيس الكهنة وأنه مسرور بإرسال بولس إلى قيصرية حيث الأمن وبتخلصه من أتعاب كثيرة في هذا الشأن وبتبيينه للوالي غيرته لروماني كتابة وفعلاً.

٢٤ «وَأَنْ يُقَدِّمَا دَوَابَّ لِيُرْكِبَا بُولُسَ وَيُوصِلاَهُ سَالِماً إِلَى فِيلِكْسَ ٱلْوَالِي».

دَوَابَّ لكي يركب دابة ويريح أخرى على التوالي.

فِيلِكْسَ كان فيلكس وأخوه بالاس عبدين لأنطونيا أم الأمبراطور كلوديوس ثم حرّر وسماه بعض مؤرخي عصره أنطونيوس فيلكس نسبة إلى أنطونيا وبعضهم كلوديوس فيلكس نسبة إلى ابنها. وكان أخوه بالاس محبوباً إلى الأمبراطور كلوديوس جداً وبواسطته حصل فيلكس على تولي سورية سنة ٥٢ ب. م. وصفه المؤرخون بالقسوة والطمع والفجور. قال تاسيطوس المؤرخ أنه «تصرّف تصرف الملك بصفات العبد». فأظهر القوة والنشاط في تذليل العصاة والقتلة الذين عاثوا يومئذ اليهودية. (انظر شرح ٢١: ٢٨) لكنه استأجر بعض أولئك القتلة لقتل يوناثان رئيس الكهنة الذي ساعده على توليه. قال سويتونيس المؤرخ أنه تزوج ثلاث ملكات الأولى دروسلا بنت يوبا ملك موريتانيا. والثانية دروسلا بنت أغريباس الأول وأخت أغريباس الثاني فإنها تركت زوجها الأول أزيزوس ملك أماسيا (أي حمص) لتأخذه. والثالثة لم يذكر التاريخ اسمها.

٢٥، ٢٦ «٢٥ وَكَتَبَ رِسَالَةً حَاوِيَةً هٰذِهِ ٱلصُّورَةَ: ٢٦ كُلُودِيُوسُ لِيسِيَاسُ، يُهْدِي سَلاَماً إِلَى ٱلْعَزِيزِ فِيلِكْسَ ٱلْوَالِي».

كُلُودِيُوسُ لِيسِيَاسُ لولا مقدمة هذا الرقيم ما عرفنا اسم الأمير. وكلوديوس اسم لاتيني وليسياس اسم يوناني. رأى بعضهم أن الاسم اليوناني هو الأصلي لأنه حصل على الرعوية الرومانية بالشراء (ص ٢٢: ٢٨). ولعل بولس حصل على صورة هذا الرقيم من فيلكس أو قائد المئة الذي كان يحرسه.

٢٧ «هٰذَا ٱلرَّجُلُ لَمَّا أَمْسَكَهُ ٱلْيَهُودُ وَكَانُوا مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، أَقْبَلْتُ مَعَ ٱلْعَسْكَرِ وَأَنْقَذْتُهُ، إِذْ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ».

ص ٢١:٣٣ و٢٤: ٧

اقتصر الأمير على ذكر الحوادث المهمة في أمر بولس. ولم يخبره أنه أخطأ في أول الأمر معرفة أن بولس روماني لأن في ذلك شكاية على نفسه وليس فيه ما يوضح شيئاً من أمر الأسير.

٢٨، ٢٩ «٢٨ وَكُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَعْلَمَ ٱلْعِلَّةَ ٱلَّتِي لأَجْلِهَا كَانُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلْتُهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ، ٢٩ فَوَجَدْتُهُ مَشْكُوّاً عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ مَسَائِلِ نَامُوسِهِمْ. وَلٰكِنَّ شَكْوَى تَسْتَحِقُّ ٱلْمَوْتَ أَوِ ٱلْقُيُودَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ».

ص ٢٢: ٣٠ ص ١٨: ١٥ و٢٥: ١٩ ص ٢٦: ٣١

مَسَائِلِ نَامُوسِهِمْ أي عقائد تتعلق بالدين اليهودي. ومراده أن هذه مما لا طائل تحته. والولاة الرومانيون اعتبروا العقائد العظمى التي اختلف بها المسيحيون عن اليهود أموراً زهيدة لا يعبأ بها. انظر كيف تصرف غاليون في مثل هذا الأمر (ص ١٨: ١٤ و١٥) وفستوس (ص ٢٥: ١٨ و١٩).

٣٠ «ثُمَّ لَمَّا أُعْلِمْتُ بِمَكِيدَةٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَصِيرَ عَلَى ٱلرَّجُلِ مِنَ ٱلْيَهُودِ، أَرْسَلْتُهُ لِلْوَقْتِ إِلَيْكَ، آمِراً ٱلْمُشْتَكِينَ أَيْضاً أَنْ يَقُولُوا لَدَيْكَ مَا عَلَيْهِ. كُنْ مُعَافىً».

ع ٢٠ ص ٢٤: ٨ و٢٥: ٦

آمِراً ٱلْمُشْتَكِينَ أراد بذلك ما نوى أن يفعله وهو يكتب بناء على أنه يتم حين وصول رقيمه إلى الوالي.

كُنْ مُعَافىً هذا مثل ما في (ص ١٥: ٢٩).

٣١ «فَٱلْعَسْكَرُ أَخَذُوا بُولُسَ كَمَا أُمِرُوا، وَذَهَبُوا بِهِ لَيْلاً إِلَى أَنْتِيبَاتْرِيسَ».

فَٱلْعَسْكَرُ أي المشاة والفرسان والرامحون فمعنى العسكر هنا عام.

لَيلاً أي ليل سفرهم وهذا يدل على سراهم الليل كله وقطعهم فيه معظم المسافة ولا يستلزم أنهم لم يسيروا شيئاً في صباح الغد.

أَنْتِيبَاتْرِيسَ مدينة على الطريق السلطانية من أورشليم إلى قيصرية وعلى أمد ثلاثة وأربعين ميلاً منها وذلك نحو ثلثي المسافة بين أورشليم وقيصرية. قال يوسيفوس أن اسمها القديم كفرسابا وأن هيرودس الكبير جددها وسماها أنتيباتريس إكراماً لأبيه أنتيباتر. وتسمى اليوم كفرسابا اسمها القديم. ولا نعلم ماذا كان من أمر المتآمرين الذين حلفوا أن لا يأكلوا ولا يشربوا حتى يقتلوا بولس والأرجح أنهم اعتقدوا تحررهم من نذرهم بسبب ذهابه من أورشليم.

٣٢، ٣٣ «٣٢ وَفِي ٱلْغَدِ تَرَكُوا ٱلْفُرْسَانَ يَذْهَبُونَ مَعَهُ وَرَجَعُوا إِلَى ٱلْمُعَسْكَرِ. ٣٣ وَأُولٰئِكَ لَمَّا دَخَلُوا قَيْصَرِيَّةَ وَدَفَعُوا ٱلرِّسَالَةَ إِلَى ٱلْوَالِي، أَحْضَرُوا بُولُسَ أَيْضاً إِلَيْهِ».

وَفِي ٱلْغَدِ أي اليوم التالي بعد مضي جزء منه.

تَرَكُوا ٱلْفُرْسَانَ نفهم من ذلك أنه لم يبق مع بولس من أربع المئة والسبعين من الجنود سوى سبعين وهم الفرسان ورجع سائرهم لاعتقادهم أنه قد زال معظم الخطر عليه لابتعادهم عن أورشليم ولم يبق خوف من هجوم اليهود عليهم فكان الفرسان كفاة لحراسته في ثُلث الطريق الباقي. وما ذُكر هنا من سرعة سير العسكر وجريهم على مقتضى الأمر مما عُهد من الجنود الرومانية المشهورة من إطاعتهم لأوامر قوادهم وأحكام ما أمروا به.

٣٤، ٣٥ «٣٤ فَلَمَّا قَرَأَ ٱلْوَالِي ٱلرِّسَالَةَ، وَسَأَلَ مِنْ أَيَّةِ وِلاَيَةٍ هُوَ، وَوَجَدَ أَنَّهُ مِنْ كِيلِيكِيَّةَ، ٣٥ قَالَ: سَأَسْمَعُكَ مَتَى حَضَرَ ٱلْمُشْتَكُونَ عَلَيْكَ أَيْضاً. وَأَمَرَ أَنْ يُحْرَسَ فِي قَصْرِ هِيرُودُسَ».

ص ٢١: ٣٩ ص ٢٤: ١ و١٠ و٢٥: ١٦ متّى ٢٧: ٢٧

مِنْ أَيَّةِ وِلاَيَةٍ سأل بيلاطس يسوع مثل هذا السؤال (لوقا ٢٣: ٦). ولعل غاية الوالي من ذلك أن يرسله إلى تلك الولاية للمحاكمة إن وجدها قريبة منه وأنها ولاية يريد أن يستعطف واليها بذلك أو أن يتخلص من أمر الأسير إن وجد فيه صعوبة. أو لعله قصد بذلك أن يعرف أي شيء بنى عليه ادعاءه الرعوية الرومانية لكي يتحقق دعواه من دفتر نفوس الولاية التي هو منها إن اقتضت الحال ذلك.

سَأَسْمَعُكَ في محاكمة قانونية.

ٱلْمُشْتَكُونَ عَلَيْكَ هم المذكورون في رقيم الأمير ليسياس (ع ٣٠).

يُحْرَسَ بمنزلة أسير (ص ١٢: ٤).

قَصْرِ هِيرُودُسَ الأرجح أنه القصر الذي بناه هيرودس الكبير مسكناً ملكياً فاتخذه الولاة الرومانيون مسكناً لهم وللجنود. والمرجح أنه هو القصر الذي مات فيه أغريباس الثاني. ذكر لوقا أن الله ضربه وهو في المشهد (ص ١٢: ٢٣) وزاد يوسيفوس على ذلك أنه مات بعد خمسة أيام من ضربته ولا منافاة بين القولين.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى