أعمال الرسل | 07 | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح سفر أعمال الرسل
للدكتور . وليم إدي
الأصحاح السابع
احتجاج استفانوس ١ إلى ٥٣
١ «فَسَأَلَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ: أَتُرَى هٰذِهِ ٱلأُمُورُ هٰكَذَا هِيَ؟».
متّى ٢٦: ٦٢
لعله كان قد مرّ على الكنيسة منذ موت المسيح إلى ما حدث هنا نحو سبع سنين.
فَسَأَلَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ لأن ذلك مما يختص به باعتبار أنه رئيس المجلس.
أَتُرَى هٰذِهِ ٱلأُمُورُ هٰكَذَا هِيَ أي أمذنب أنت بما أُشتكي عليك أم بريء منه هل جدفت على موسى وعلى الله أو لا.
٢ «فَأَجَابَ: أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِخْوَةُ وَٱلآبَاءُ، ٱسْمَعُوا. ظَهَرَ إِلٰهُ ٱلْمَجْدِ لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ، قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ».
ص ٢٢: ١ تكوين ١١: ٣١
علينا أن نلاحظ في خطاب استفانوس أربعة أمور:
- الأول: أن ذلك الخطاب غير كامل لأن صراخ السامعين قطعه.
- الثاني: أن بولس على ما يرجح سمع ذلك الخطاب وأنبأ به لوقا لأن لوقا كان رفيقه في أسفاره ولشدة المشابهة بين ما قاله استفانوس في خطابه وما كتبه بولس في رسائله (قابل ع ٥٣ مع غلاطية ٣: ٩ وع ٤٨ مع ص ١٧: ٢٤).
- الثالث: أن خطاب استفانوس كأنه مختصر الرسالة إلى العبرانيين في إعلان نسبة الديانة اليهودية إلى الديانة المسيحية.
- الرابع: أن غاية هذا الخطاب ثلاثة أمور:
- الأول: تبرئته نفسه مما اتهموه به وهو التجديف على الله وموسى وأتى ذلك بإقامة البراهين على أن ظهور الله غير مقصور على أورشليم لأنه ظهر لإبراهيم ما بين النهرين وليوسف في مصر ولموسى في البرية وفي طور سينا وفي خيمة الشهادة قبل بناء الهيكل. وأبان من قول موسى نفسه أن العوائد الموسوية ليست بأبدية لأنه أنبا بمجيء نبي آخر فلزم من ذلك أن يكون تعليم آخر ما كان تعليم موسى سوى استعداد له.
- الثاني: بيان حقيقة ما نادى به.
- الثالث: إعلان أن اليهود برفضهم أن يسوع هو المسيح تمردوا على الله كما تمرد عليه آباؤهم في كل أيام تاريخ الأمة. ولا ريب في أنه لو تركوه يكمل خطابه لختمه بالمناداة بالمغفرة والمصالحة بواسطة دم يسوع الذي سفكوه كما ختم بطرس موعظته في (ص ٢ و٣). وسلك استفانوس في هذا الخطاب أحسن سبل الحكمة لبلوع الغاية.
أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِخْوَةُ وَٱلآبَاءُ هذا الخطاب مما اعتاد أن يخاطب به أعضاء المجلس فأظهر به الاحترام لهم ولرتبتهم.
إِلٰهُ ٱلْمَجْدِ أي الله المستحق كل المجد والإكرام وبهذا أظهر وفرة احترامه لإله إسرائيل ودفع عنه اتهامهم إيّاه بأنه جدف على الله. وفي هذه النسبة إشارة إلى الضياء اللامع الذي ظهر الله به في السحابة النيّرة وفي قبة العهد والهيكل (خروج ٢٤: ١٦ و٣٣: ١٨ و٤٠: ٣٤ ولاويين ٩: ٢٣ وعدد ١٤: ١٠ وتثنية ٥: ٢٤).
لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ افتخر اليهود بنسبتهم إلى إبراهيم (متّى ٣: ٩) فصرّح استفانوس بها هنا استعطافاً لهم.
وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ في أور الكلدانيين حيث سكن إبراهيم أولاً (تكوين ١١: ٢٨) وهي واقعة بين نهري دجلة والفرات. وما قاله استفانوس هنا من مصدرين تواريخ اليهود الشائعة بينهم سوى الكتاب المقدس وترجمة السبعين التي تختلف في بعض الأمور عن الأصل العبراني.
قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ حاران موضع غربي الفرات حيث مات تارح (تكوين ١١: ٣٢) وهرب يعقوب إليه من عيسو أخيه (تكوين ٢٧: ٤٣). ولا منافاة بين ما قيل هنا وما قيل في (تكوين ١١: ٣١ و١٢: ١) ما يتبين منه أن الله ظهر لإبراهيم في حاران بعدما ترك أُور الكلدانيين لأنه دعاه مرتين كما يتضح من قوله تعالى «أَنَا ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أُورِ ٱلْكِلْدَانِيِّينَ لِيُعْطِيَكَ هٰذِهِ ٱلأَرْضَ لِتَرِثَهَا» (تكوين ١٥: ٧ ويشوع ٢٤: ٣ ونحميا ٩: ٧). وذكر فيلو المؤرخ اليهودي في تاريخه أن الله دعا إبراهيم مرتين فكلم الله إبراهم في أور وفي حاران ومعاهدته هنالك برهان قاطع على أن ظهور الله للناس غير مقصور على هيكل أورشليم وأن عبادته ليست محصورة فيه وأنه هو لم يجدف بما قاله في هذا المعنى.
٣ «وَقَالَ لَهُ: ٱخْرُجْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ، وَهَلُمَّ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أُرِيكَ».
تكوين ١٢: ١
مِنْ عَشِيرَتِكَ نفهم من ذلك أن الله أنبأه بأنه ينفصل عن أهله وأقربائه نعم أن أباه تارح رافقه في جزء من الطريق لكنه لم يجاوز حاران.
إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أُرِيكَ دعاه الله بهذا إلى الاتكال على حكمته تعالى ومحبته وصدق مواعيده وإلى الطاعة لأوامره وإنكار نفسه ودعوته إلى ذلك تشبه دعوة الإنسان إلى أن يكون مسيحياً (متّى ٢٨: ٢٧ و٢٩ ولوقا ١٤: ٣٣).
٤ «فَخَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْضِ ٱلْكِلْدَانِيِّينَ وَسَكَنَ فِي حَارَانَ. وَمِنْ هُنَاكَ نَقَلَهُ، بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ، إِلَى هٰذِهِ ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتُمُ ٱلآنَ سَاكِنُونَ فِيهَا».
تكوين ١١: ٣١ و١٢: ٤ و٥
بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ قيل في تكوين ١١: ٢٦ «وَعَاشَ تَارَحُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ» وقيل في تكوين ١٢: ٤ «وَكَانَ أَبْرَامُ ٱبْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَارَانَ». لو لم يكن لنا سوى هذين النبأين لاستنتجنا أن تارح بلغ سن المئة والخامسة والأربعين لما خرج إبراهيم من حاران. وعلى ما قال استفانوس هنا أن إبراهيم لم يبارح حاران إلا بعد موت أبيه. فلنا منه ومما قبله أن تارح لم يتجاوز سن المئة والخامسة والأربعين لكن جاء في تكوين ١١: ٣٢ ما نصّه «وَكَانَتْ أَيَّامُ تَارَحَ مِئَتَيْنِ وَخَمْسَ سِنِينَ. وَمَاتَ تَارَحُ فِي حَارَانَ». فالفرق بين هذا وما استنتجناه ستون سنة وتُدفع شبهة الاختلاف بأن معنى ما قيل في تكوين ١١: ٢٦ أنه لم يولد لتارح ولد قبل سن السبعين وولد له بعد ذلك ثلاثة بنين بدون تعيين زمن الولادة ويبعد عن الظن أن الثلاثة وُلدوا في يوم واحد أو سنة واحدة وأن إبراهيم أصغر الثلاثة وذكره أولاً لا يمنع من ذلك سام قبل يافث مع أن ساماً هو الأصغر (قابل ما في تكوين ٥: ٣٢ بما في تكوين ١٠: ٢١). ومما يؤيد هذا القول أن إسحاق ابن إبراهيم تزوج حفيدة ناحور بنت بتوئيل وهو أصغر بني ناحور وهم ثمانية (تكوين ٢٢: ٢٢ و٢٣). وعلى ذلك يكون حاران وُلد لتارح وتارح في سن السبعين حسب الكتاب ووُلد له إبراهيم وهو في سن المئة والثلاثين ولما بلغ المئتين والخامسة ومات كان إبراهيم قد بلغ الخامسة والسبعين وخرج من حاران.
لا ريب في أن استفانوس تكلم في ذلك حسب اعتقاد اليهود وإلا اعترضوا عليه ولم ينقل لوقا الغلط لأنهم كانوا جميعاً يعرفون تاريخ إبراهيم.
مِنْ أَرْضِ ٱلْكِلْدَانِيِّينَ أي من أُور (تكوين ١١: ٣١).
٥ «وَلَمْ يُعْطِهِ فِيهَا مِيرَاثاً وَلاَ وَطْأَةَ قَدَمٍ، وَلٰكِنْ وَعَدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مُلْكاً لَهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدُ وَلَدٌ».
تكوين ١٢: ٧ و١٣: ١٥ و١٥: ٣ و١٨ و١٧: ٨ و٢٦: ٣
لَمْ يُعْطِهِ فِيهَا مِيرَاثاً فعاش فيها عيشة الرحّل في انتقاله من مكان إلى مكان ولا مسكن دائم له ولا ملك يقيم به والدليل على ذلك افتقاره إلى أن يشتري قبراً من أهل البلاد (ع ١٦) ولا ينافي ذلك شراؤه مدفناً في حبرون من أولاد حثّ لأن ذلك لا يُعتبر ميراثاً للسكن.
وَلاَ وَطْأَةَ قَدَمٍ أي لا شيء والكلام جارٍ مجرى المثل (تثنية ٢: ٥).
وَلٰكِنْ وَعَدَ ومعنى ذلك الوعد أن تلك الأرض تكون لسلالته إكراماً له (تكوين ١٥: ٥).
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدُ وَلَدٌ ولا رجاء أن يكون له (تكوين ١٥: ٢٣ و١٨: ١١ و١٢) وذكر بولس تصديق إبراهيم وعد الله في تلك الأحوال دليل قاطع على قوة إيمانه (رومية ٤: ١٨).
٦ «وَتَكَلَّمَ ٱللّٰهُ هٰكَذَا: أَنْ يَكُونَ نَسْلُهُ مُتَغَرِّباً فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ فَيَسْتَعْبِدُوهُ وَيُسِيئُوا إِلَيْهِ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ».
تكوين ١٥: ١٣ و١٦ خروج ١٢: ٤٠ وغلاطية ٣: ١٧
وَتَكَلَّمَ ٱللّٰهُ (تكوين ١٥: ١٣) والقول هنا منقول عن ترجمة السبعين وفيه وعد وبيان المدة التي تمر قبل إنجازه.
يَكُونَ نَسْلُهُ مُتَغَرِّباً ساكناً وقتياً كضيف وأجنبي.
فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ بعضها أرض كنعان وأكثرها أرض مصر.
فَيَسْتَعْبِدُوهُ خروج ١: ١١.
وَيُسِيئُوا إِلَيْهِ أي يظلموه ويعذبوه.
أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ بناء على قوله تعالى في (تكوين ١٥: ١٣). نحتاج إلى تفسير شيئين في هذا القول:
الأول: أنه جاء في خروج ١٢: ٤٠ إن مدة الغربة ٤٣٠ سنة وقال بولس في غلاطية ٣: ١٧ أن المدة من وقت الوعد لإبراهيم إلى إعطاء الشريعة في سيناء ٤٣٠ سنة فيظهر أن بين القول الأول والقولين بعده خلافاً وتدفع هذه الشبهة بأن موسى واستفانوس قالا «أربع مئة سنة» أي نحو أربع مئة باعتبار أنها أربعة قرون كاملة وغضّا النظر عن الكسر من القرن وهذا شائع لفظاً وكتابة للتقريب.
الثاني: تعيين الوقت الذي بداءة المدة المذكورة فظاهر الكلام هنا وفي خروج ١٢: ٤٠ أن الغربة والعبودية في تلك المدة كلها تكون في مصر والواقع ليس كذلك لأن الوقت من ولادة إسحاق إلى الخروج من مصر ٤٠٠ سنة والوقت من الوعد لإبراهيم ثلاثون سنة قبل ميلاد إسحاق وبيان ذلك ما يأتي:
فنفرض أن المدة بين وعد الله له وخروجه من حاران خمس سنين وأنه بقي في أرض كنعان قبل أن وُلد له إسماعيل ١١ سنة ومن ولادة إسماعيل إلى ميلاد إسحاق ١٤ سنة فالمجموع ثلاثون ومن ميلاد إسحاق إلى ميلاد يعقوب ٦٠ سنة ومن ميلاد يعقوب إلى ميلاد يوسف ٩٠ سنة ومن ميلاد يوسف إلى موته ١١٠ سنين ومن موت يوسف إلى ميلاد موسى ٦٠ سنة ومن ميلاد موسى إلى الخروج من مصر ٨٠ سنة فالجملة أربع مئة ومجموع المجموعين ٤٣٠ سنة. والذي يؤكد أن مدة العبودية في مصر لم تبلغ تلك المدة ما جاء في تكوين ٤٦: ٨ و١١ أن قهات وُلد قبلما نزل يعقوب إلى مصر وعاش ١٣٣ سنة (خروج ٦: ١٨) وعاش ابنه عمرام ١٣٧ سنة وكان عمر موسى ٨٠ سنة حين وقف أمام فرعون (خروج ٧: ٧) ومجموع حياتي قهات وعمرام ٢٧٠ سنة فإذا طرحنا من ذلك ٥٥ سنة وفرضناها ما عاشاه بعد ما وُلد لهما بقي ١٢٥ سنة. فعلينا أن نحسب الوقت من وعد الله لإبراهيم إلى الخروج من مصر الذي هو ٤٣٠ سنة وقت عبودية لأن إبراهيم ونسله كانوا فيه غرباء ونزلاء في أرض ليست لهم كما حسب بولس في (غلاطية ٣: ١٧) وأن استفانوس ذكر تلك المدة تقريباً.
٧ «وَٱلأُمَّةُ ٱلَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا سَأَدِينُهَا أَنَا، يَقُولُ ٱللّٰهُ. وَبَعْدَ ذٰلِكَ يَخْرُجُونَ وَيَعْبُدُونَنِي فِي هٰذَا ٱلْمَكَانِ».
خروج ٣: ١٢
فِي هٰذَا ٱلْمَكَانِ أي في أرض كنعان حيث كان الله يتكلم معه وهذا برهان على أن ظهور الله غير مقصور على الهيكل في أورشليم فما جرى في الماضي يمكن أن يجري في المستقبل فإذاً لم يجدف استفانوس إن كان قد قال ما يفيد ذلك. وعبّر استفانوس عن تبليغ الله لإبراهيم في وعده بما قاله تعالى لموسى حين ظهر له في العليقة ففي كلامه تلميح حسن إلى ظهور الله مرة أخرى في غير الهيكل.
٨ «وَأَعْطَاهُ عَهْدَ ٱلْخِتَانِ، وَهٰكَذَا وَلَدَ إِسْحَاقَ وَخَتَنَهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ. وَإِسْحَاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ، وَيَعْقُوبُ وَلَدَ رُؤَسَاءَ ٱلآبَاءِ ٱلٱثْنَيْ عَشَرَ».
تكوين ١٧: ٩ الخ تكوين ٢١: ٢ الخ و٢٥: ٢٦ و٢٩: ٣١ الخ و٣٠: ٥ الخ و٣٥: ١٨ و٢٣ إلى ٢٦
وَأَعْطَاهُ عَهْدَ ٱلْخِتَانِ أي العهد الذي كان الختان علامته وختمه وذلك العهد هو أن يجعله أمة عظيمة وأن يكون أباً لأمم كثيرة وأن يكون الله إلهاً له ولنسله وأنه بنسله تتبارك كل قبائل الأرض (تكوين ١٧: ٩ – ١٣). وبهذه العلامة امتاز بنو إسرائيل عن سائر الشعوب وعرفوا أنهم شعب الله الخاص وورثة الوعد لإبراهيم.
وَهٰكَذَا أي بعدما أخذ العهد وعلامته.
وَلَدَ إِسْحَاقَ لم يذكر ولادة إسماعيل لأنه وُلد قبل العهد.
رُؤَسَاءَ ٱلآبَاءِ ٱلٱثْنَيْ عَشَرَ وهم أسلاف الأمة اليهودية وسماهم كذلك اعتباراً لهم كما في (عبرانيين ٧: ٤) ولأن كل واحد منهم رئيس عشيرة من الإسرائيليين.
٩ «وَرُؤَسَاءُ ٱلآبَاءِ حَسَدُوا يُوسُفَ وَبَاعُوهُ إِلَى مِصْرَ، وَكَانَ ٱللّٰهُ مَعَهُ».
تكوين ٣٧: ٤ و١١ و٢٨ ومزمور ١٠٥: ١٧ تكوين ٣٩: ٢ و٢١ و٢٣
حَسَدُوا يُوسُفَ لأن أباهم أظهر حبه له أكثر مما أظهره لهم (تكوين ٣٧: ٣ – ١١).
وَبَاعُوهُ إِلَى مِصْرَ كما قال يوسف لهم (تكوين ٤٥: ٥) أما هم فباعوه للاسماعيليين ليأخذوه إلى مصر اتباعاً لمشورة يهوذا لكي لا يقتلوه (تكوين ٣٧: ٢٥ – ٢٨).
ولعل استفانوس أراد أن يشير إلى معاملة إخوة يوسف ليوسف كانت مثل معاملة الرؤساء ليسوع الذي كان يوسف رمزاً له لأن كليهما اسلمه إخوته حسداً (تكوين ٣٧: ٢٨ ومتّى ٢٧: ١٨) وأن كليهما رفضه الناس واختاره الله وأن كليهما رُفع بعد إلى يمين العظمة وأن كلاً منهما أنقذ شعبه.
كان الله معه وحماه من الخطر وفرج عليه في الضيق ورقاه إلى الشرف وجعله واسطة خير عظيم.
١٠ «وَأَنْقَذَهُ مِنْ جَمِيعِ ضِيقَاتِهِ، وَأَعْطَاهُ نِعْمَةً وَحِكْمَةً أَمَامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأَقَامَهُ مُدَبِّراً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُلِّ بَيْتِهِ».
تكوين ٤١: ٣٧ و٤٢: ٦
مِنْ جَمِيعِ ضِيقَاتِهِ أي من العبودية والعار.
نِعْمَةً أي وجاهة.
وَحِكْمَةً أي قوة على تفسير أحلام الملك (تكوين ص ٤١).
فِرْعَوْنَ هو علم لكل ملك من ملوك مصر قديماً كما كان بطليموس بعد ذلك في تلك البلاد وقيصر في رومية وفي بعض ممالك أوربا اليوم.
مُدَبِّراً وزيراً ومشيراً (تكوين ٤١: ٤٠ – ٤٣).
بَيْتِهِ أي على بلاط الملك الذي تصدر منه الأوامر الملكية فإذاً كان يوسف الصدر الأعظم عند فرعون.
١١ «ثُمَّ أَتَى جُوعٌ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ وَكَنْعَانَ، وَضِيقٌ عَظِيمٌ، فَكَانَ آبَاؤُنَا لاَ يَجِدُونَ قُوتاً».
تكوين ٤١: ٥٤
كما جاء في (تكوين ٤١: ٥٤).
وَكَنْعَان حيث يسكن يعقوب وعشيرته.
قُوتاً أي طعاماً لهم ولبهائهم.
١٢ «وَلَمَّا سَمِعَ يَعْقُوبُ أَنَّ فِي مِصْرَ قَمْحاً، أَرْسَلَ آبَاءَنَا أَوَّلَ مَرَّةٍ».
تكوين ٤٢: ١
آبَاءَنَا أي عشرة من أبنائه وهم غير يوسف وبنيامين (خروج ٤١).
فِي مِصْرَ قَمْحاً كانت تلك الأرض قديماً شونة العالم لخصب وادي النيل حتى أن الرومانيين كانوا في أيام الرسل يجلبون القمح من مصر (أعمال ٢٧: ٦ و٣٨).
أَوَّلَ مَرَّةٍ (تكوين ٤٥: ٤).
١٣ «وَفِي ٱلْمَرَّةِ ٱلثَّانِيَةِ ٱسْتَعْرَفَ يُوسُفُ إِلَى إِخْوَتِهِ، وَٱسْتَعْلَنَتْ عَشِيرَةُ يُوسُفَ لِفِرْعَوْنَ».
تكوين ٤٥: ٤ و١٦
ٱلْمَرَّةِ ٱلثَّانِيَةِ (تكوين ٤٥: ١٦).
وَٱسْتَعْلَنَتْ عَشِيرَةُ يُوسُفَ لِفِرْعَوْنَ عرف فرعون سابقاً أن يوسف عبراني (تكوين ٤١: ١٢) وعرف حينئذ وصول بعض عشيرته ثم تعرّف بها أخيراً (تكوين ٤٧: ٢).
١٤ «فَأَرْسَلَ يُوسُفُ وَٱسْتَدْعَى أَبَاهُ يَعْقُوبَ وَجَمِيعَ عَشِيرَتِهِ، خَمْسَةً وَسَبْعِينَ نَفْساً».
تكوين ٤٥: ٩ و٢٧ و٤٦: ٢٧ وتثنية ١٠: ٢٢
(تكوين ٤٥: ١٧ و١٨ و٤٦: ١ – ٢٦).
خَمْسَةً وَسَبْعِينَ نَفْساً تبع استفانوس في ذلك ترجمة السبعين التي كانت شائعة بين اليهود يومئذ شيوع اللغة اليونانية. وجاء في هذه النسخة أن النفوس المختصة بيوسف في مصر كانوا تسعة وأن كل عشيرة يعقوب التي كانت مع يعقوب هنالك خمسة وسبعين وفي الأصل العبراني في (تكوين ٤٦: ٢٦ وخروج ١: ٥ وتثنية ١٠: ٢٢) أنهم كانوا سبعين وفي (تكوين ٤٦: ٢٦ وخروج ١: ٥ وتثنية ١٠: ٢٢ أنهم كانوا سبعين وفي تكوين ٤٦: ٢٩٠ في النسختين أن عدد النفوس الحقيقي الذي أتى مع يعقوب ستة وستون وزاد على هؤلاء في العبرانية أربعة يعقوب ويوسف وابنيه أفرايم ومنسى فكانوا سبعين. وأما ترجمة السبعين فزادت على هؤلاء خمسة أولاد أفرايم ومنسى المذكورة أسماؤهم في (١أيام ٧: ١٤ – ٢١). ولا نعلم لماذا زاد المترجمون أولئك الخمسة إنما نعلم أن ذلك هو الواقع وأن استفانوس ذكر كما قرأ وهذا يوافق قول يعقوب ليوسف «وَٱلآنَ ٱبْنَاكَ ٱلْمَوْلُودَانِ لَكَ فِي أَرْضِ مِصْرَ قَبْلَمَا أَتَيْتُ إِلَيْكَ إِلَى مِصْرَ هُمَا لِي. أَفْرَايِمُ وَمَنَسَّى كَرَأُوبَيْنَ وَشَمْعُونَ يَكُونَانِ لِي» (تكوين ٤٨: ٥). وقوله «استدعى تلك النفوس مع أن الذين استدعاهم أقل من ذلك اصطلاح للعبرانيين لأنهم كانوا يحسبون نسل الإنسان كأنه فيه» (عبرانيين ٧: ٩ و١٠). وغرض استفانوس ليس تعيين العدد تماماً بل إظهار أن الذين كانوا في أول أمرهم شرذمة صغيرة صاروا ببركة الله بعد زمن ليس بطويل أمة عظيمة كما في (تثنية ١٠: ٢٢).
١٥، ١٦ «١٥ فَنَزَلَ يَعْقُوبُ إِلَى مِصْرَ وَمَاتَ هُوَ وَآبَاؤُنَا، ١٦ وَنُقِلُوا إِلَى شَكِيمَ وَوُضِعُوا فِي ٱلْقَبْرِ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ إِبْرَاهِيمُ بِثَمَنٍ فِضَّةٍ مِنْ بَنِي حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ».
تكوين ٤٦: ٥ و٤٩: ٣٣ وخروج ١: ٦ و١٣: ١٩ ويشوع ٢٤: ٣٢ ويوحنا ٤: ٥ تكوين ٢٣: ١٦ و٣٥: ١٩ تكوين ٣٤: ٢ و٦
وَمَاتَ (تكوين ٤٩: ٣٣) وكل بني يعقوب ماتوا قبل الخروج من مصر.
وَنُقِلُوا أي كل الآباء ما عدا يعقوب أباهم الذي دٌفن في حبرون (تكوين ٥٠: ١٣).
شَكِيمَ وهي التي تسمى نابلوس اليوم وهي شمالي أورشليم وعلى أمد أربعين ميلاً منها انظر شرح (يوحنا ٤: ٥). وقيل في العهد القديم «أن عظام يوسف دُفنت في شكيم» (يشوع ٢٤: ٣٢) ولم يذكر شيئاً من أمر عظام الآخرين والأرجح أنهم فعلوا بعظامهم كما فعلوا بعظامه ولا ريب أن استفانوس تكلم حسب اعتقاد اليهود بناء على ما سطر في تواريخهم.
ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ إِبْرَاهِيمُ ظن البعض أن بعض النسّاخ بدل اسم يعقوب باسم إبراهيم سهواً لأن ما كُتب في (تكوين ٣٣: ١٩ ويشوع ٢٤: ٣٢) أن يعقوب هو الذي اشتراه من أولاد حمور وأما الذي اشتراه إبراهيم فهو مغارة في حبرون اشتراها من اولاد حثّ وهذا أقرب احتمالاً من أن استفانوس غلط قدّام رؤساء المجلس وأن لوقا كتب كلامه بلا إصلاح ولا يبعد ذلك عن الناسخ لأنه لم يوح إليه ولم يكن من المعصومين. وظن آخرون أن إبراهيم اشترى أرضاً في شكيم وإن لم يُذكر نبأ ذلك في سفر التكوين لأنه قيل في تكوين ١٢: ٦ و٧ أن الله ظهر لإبراهيم في شكيم وبنى هناك مذبحاً للرب ولو لم يكن قد اشترى تلك الأرض لم يحق له أن يبني المذبح فيها فإن يعقوب حين أتى إلى هنالك وبنى مذبحاً اشترى قطعة الأرض لبنائه فيها (تكوين ٣٣: ١٨ – ٢٠) ولا عجب من وجود بيت حمور في أيام إبراهيم وأيام يعقوب لأننا عرفنا أن ذلك البيت كان باقياً خمس مئة سنة بعد ذلك (قضاة ٩: ٢٨) وظن غيرهم أن استفانوس لتكلّمه ارتجالاً في أمور معلومة عند الجميع اختار الاختصار فقال ما ذكر بدلاً من أن يقول نُقلوا إلى حبرون وشكيم ووُضع بعضهم (أي يعقوب) في القبر الذي اشتراه إبراهيم من أولاد حثّ وبعضهم في القبر الذي اشتراه يعقوب الخ.
١٧ «وَكَمَا كَانَ يَقْرُبُ وَقْتُ ٱلْمَوْعِدِ ٱلَّذِي أَقْسَمَ ٱللّٰهُ عَلَيْهِ لإِبْرَاهِيمَ، كَانَ ٱلشَّعْبُ يَنْمُو وَيَكْثُرُ فِي مِصْرَ».
تكوين ١٥: ١٣ وع ٦ خروج ١: ٧ الخ ومزمور ١٠٥: ٢٤ و٢٥
وَقْتُ ٱلْمَوْعِدِ أي وقت إنجاز الموعد.
كَانَ ٱلشَّعْبُ يَنْمُو (خروج ١: ٧ – ٩) ولما كان يتكاثر هذا الشعب عدداً وقوة خاف رؤساء المصريين من أن يقوى عليه في المستقبل.
١٨ «إِلَى أَنْ قَامَ مَلِكٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ».
قَامَ مَلِكٌ آخَرُ كما قيل في (خروج ١: ١٨). والأرجح أنه هو رعمسيس الثاني.
لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ أي لم يذكر إحسانه ولم يشكره أو يشعر بأنه مديون لعشيرته ونسله ومن المحال أنه لم يعرف شيئاً من أمر يوسف.
١٩ «فَٱحْتَالَ هٰذَا عَلَى جِنْسِنَا وَأَسَاءَ إِلَى آبَائِنَا، حَتَّى جَعَلُوا أَطْفَالَهُمْ مَنْبُوذِينَ لِكَيْ لاَ يَعِيشُوا».
خروج ١: ١٠ و٢٢
فَٱحْتَالَ هٰذَا أشار بهذا إلى ما فعله هذا الملك بغية تقليل عدد الإسرائيليين بقتل الذكور من مواليدهم (خروج ١: ٢٢).
أَسَاءَ إِلَى آبَائِنَا الخ ظاهر المعنى أن الملك أراد أن يغصب الآباء أن يطرحوا أولادهم ليموتوا وذلك أنه ضيّق على الآباء حتى فضلوا إماتة أولادهم على أن يعيشوا لعذاب كعذابهم. ويحتمل أنه بلغ مراده من بعض الآباء ولعله أمر الشرط أن يخطفوا الصبيان ويطرحوهم في النيل.
٢٠ «وَفِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ وُلِدَ مُوسَى وَكَانَ جَمِيلاً جِدّاً، فَرُبِّيَ هٰذَا ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي بَيْتِ أَبِيهِ».
خروج ٢: ٢ عبرانيين ١١: ٢٣
فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ أي زمن الشدة والظلم (خروج ٢: ٢).
جَمِيلاً جِدّاً كذا قيل في (خروج ٢: ٢) قابل ذلك بما في (عبرانيين ١١: ٢٣) ونستنتج من هذا الكلام أنه نُبذ كثيرون من أطفال الإسرائيليين وأن جمال موسى كان علّة بقائه.
أَبِيهِ عمرام (خروج ٦: ٢٠).
٢١ «وَلَمَّا نُبِذَ، ٱتَّخَذَتْهُ ٱبْنَةُ فِرْعَوْنَ وَرَبَّتْهُ لِنَفْسِهَا ٱبْناً».
خروج ٢: ٣ الخ
نُبِذَ أي طُرح على شاطئ النيل (خروج ٢: ٣).
ٱبْنَةُ فِرْعَوْنَ قال يوسيفوس المؤرخ اليهودي أن اسمها ثرموتيس.
وَرَبَّتْهُ لِنَفْسِهَا أي تبنته (خروج ٢: ١٠) فنما وتعلّم في صرح فرعون فكان له أفضل الوسائط الموصلة إلى العلوم في مصر.
٢٢ «فَتَهَذَّبَ مُوسَى بِكُلِّ حِكْمَةِ ٱلْمِصْرِيِّينَ، وَكَانَ مُقْتَدِراً فِي ٱلأَقْوَالِ وَٱلأَعْمَالِ».
لوقا ٢٤: ١٩
حِكْمَةِ ٱلْمِصْرِيِّينَ اشتهرت مصر في الأزمنة القديمة بالعلوم كما جاء في (١ملوك ٤: ٣٠ وإشعياء ١٩: ١١ و١٢) ولذلك قصدها طلبة العلم من كل الأقطار حتى قصدها فلاسفة اليونان وكانوا أكثر ما يعتنون بالطبيعيّات والرياضيّات كعلم الطب والفلك والحساب والتنجيم وتفسير الأحلام وأسرار الدين المصري وكان معظم الأساتدة من الكهنة.
مُقْتَدِراً فِي ٱلأَقْوَالِ وَٱلأَعْمَالِ كان كذلك قبل أن خرج الإسرائيليون من مصر وقبلما هرب إلى مديان. وقال استفانوس ذلك بناء على ما عرفه من التاريخ وزاد على ما قاله استفانوس أن موسى كان رئيس جيش المصريين وأنه غلب الجيش عندما كانوا زاحفين إلى مصر. وأما شهادة موسى على نفسه بقوله «أَنَا ثَقِيلُ ٱلْفَمِ وَٱللِّسَانِ» (خروج ٤: ١٠) لا ينفي كونه مقتدراً في الأقوال لأن تلك الشهادة من باب التواضع والاستعفاء من الشروع في ما دعاه الله إليه.
٢٣ «وَلَمَّا كَمَلَتْ لَهُ مُدَّةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، خَطَرَ عَلَى بَالِهِ أَنْ يَفْتَقِدَ إِخْوَتَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
خروج ٢: ١١ الخ
أَرْبَعِينَ سَنَةً لم يرد ذكر لذلك في العهد القديم لكن اليهود اعتقدوا بناء على ما في تواريخهم أنه عاش أربعين سنة في مصر وأربعين سنة في مديان وأربعين سنة في البرية وهو يقود الإسرائيليين.
خَطَرَ عَلَى بَالِهِ لا ريب أن علة هذا الخطور روح الله الذي هو على كل فكر صالح.
أَنْ يَفْتَقِدَ أي يزورهم بغية إنقاذهم من العبودية ع ٢٥ ونستدل من ذلك على أن الإسرائيليين كانوا منفصلين عن المصريين وأن موسى لم يكن يخالطهم وهو في صرح فرعون ولم يرض أن يتنعم ويتعظم في ذلك الصرح الملكي وإخوته في الضيقة ولم يكتف بما فعله من أنباء ضيقهم فأراد أن يشاهد أحوالهم بنفسه.
٢٤ «وَإِذْ رَأَى وَاحِداً مَظْلُوماً حَامَى عَنْهُ، وَأَنْصَفَ ٱلْمَغْلُوبَ إِذْ قَتَلَ ٱلْمِصْرِيَّ».
وَاحِداً مَظْلُوماً أي إسرائيلياً ضربه مصري (خروج ٢: ١١ و١٢) ولعل ذلك الإنسان من المسخرين الذين كانوا يعينون أعمال بني إسرائيل في البناء.
٢٥ «فَظَنَّ أَنَّ إِخْوَتَهُ يَفْهَمُونَ أَنَّ ٱللّٰهَ عَلَى يَدِهِ يُعْطِيهِمْ نَجَاةً، وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا».
ع ٥١
ظن أن الإسرائيليين يفهمون من محاماته عن واحد منهم أنه مستعد أن يحامي عن الجميع وأن يتخذوه منقذاً لهم نظراً لسمو مرتبته وكونه منهم. وكلامه هنا يدل على أنه صار كلام بينه وبين شيوخ الشعب وأنهم رفضوا مداخلته في إنقاذهم من عبودية مصر كذلك رفض رؤساء اليهود مداخلة يسوع المسيح في إنقاذهم من عبودية الخطيئة والموت.
٢٦ «وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّانِي ظَهَرَ لَهُمْ وَهُمْ يَتَخَاصَمُونَ، فَسَاقَهُمْ إِلَى ٱلسَّلاَمَةِ قَائِلاً: أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ، أَنْتُمْ إِخْوَةٌ. لِمَاذَا تَظْلِمُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً؟».
خروج ٢: ١٣ الخ
ذكر هذا بياناً لرفضهم توسط موسى (خروج ٢: ١٣).
ظَهَرَ أي أتى بغتة.
وَهُمْ يَتَخَاصَمُونَ كان المتخاصمون جميعاً من العبرانيين فأراد موسى فض الخصام بالوعظ لا بالضرب كما فعل في أمر المصري.
أَنْتُمْ إِخْوَةٌ أي من أمة واحدة وشركاء في المصاب فيجب أن يحب بعضكم بعضاً ويساعد أحدكم الآخر لا أن يخاصمه. وكثيراً ما نرى أن الخصومة بين الإخوة والأقرباء على غاية شدتها والواجب أن تكون على خلاف ذلك.
٢٧ «فَٱلَّذِي كَانَ يَظْلِمُ قَرِيبَهُ دَفَعَهُ قَائِلاً: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيساً وَقَاضِياً عَلَيْنَا؟».
لوقا ١٢: ١٤ وص ٤: ٧
قَرِيبَهُ أي يهودياً مثله.
دَفَعَهُ أي دفع موسى. ويغلب أن الظالم يكون أبعد عن الصلح من المظلوم لأنه لم يرتكب الظلم إلا لشدة حقده أو فرط طمعه فيرفض كل ما يعيقه عن نوال غرضه.
مَنْ أَقَامَكَ رَئِيساً الخ هذا استفهام إنكاري أي لم يقمك أحد الخ فترفض رئاستك. ومن كلمات واحد من الشعب نستدل على أفكار سائره وكان هذا الاستفهام شائعاً على ألسنة الظالمين عند رفضهم النصح. وأورد استفانوس هذا الكلام إيماء إلى أن آبائهم فعلوا ذلك بموسى كما فعلوا هم مثله بالمسيح وأنهم منذ أول عهدهم رفضوا رسل الله على أسلوب واحد.
٢٨ «أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ أَمْسَ ٱلْمِصْرِيَّ؟».
لم يظهر كيف عرف بقتل المصري ولعل الذي أُنقذ منه أخبر أصدقاءه (خروج ٢: ١١ و١٢).
٢٩ «فَهَرَبَ مُوسَى بِسَبَبِ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَةِ وَصَارَ غَرِيباً فِي أَرْضِ مَدْيَانَ، حَيْثُ وَلَدَ ٱبْنَيْنِ».
خروج ٢: ١٥ و٢٢ و٤: ٢٠ و١٨: ٣ و٤
فَهَرَبَ لظنه أن الذي عرفه واحد يعرفه كثيرون وأن الخبر يبلغ فرعون فتكون حياته في خطر. وأصاب في ظنه لأنه قيل «فَسَمِعَ فِرْعَوْنُ هٰذَا ٱلأَمْرَ، فَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ مُوسَى» (خروج ٢: ١٥).
وَصَارَ غَرِيباً لم يهرب إلى مديان للاستيطان فيها بل قصد أن ينزلها وقتياً.
فِي أَرْضِ مَدْيَانَ هي جزء من بلاد العرب شرقي البحر الأحمر ممتد من جبال حوريب إلى أرض موآب شمالاً وتلك الأرض برية يسكن أهلها غالباً الخيام وحلها موسى آمناً. والمديانيون سلالة إبراهيم من قطورة (خروج ٢٥: ٢ وأيوب ١: ٣٢).
وَلَدَ ٱبْنَيْنِ تزوج سفورة بنت كاهن مديان وكان له اسمان رعوئيل ويثرون (خروج ٢: ١٨ و٣: ١ وعدد ١٠: ٢٩) واسما ولدي موسى جرشون وأليعازر.
٣٠ «وَلَمَّا كَمَلَتْ أَرْبَعُونَ سَنَةً ظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ ٱلرَّبِّ فِي بَرِّيَّةِ جَبَلِ سِينَاءَ فِي لَهِيبِ نَارِ عُلَّيْقَةٍ».
خروج ٣: ١ و٢ الخ
وَلَمَّا كَمَلَتْ أَرْبَعُونَ سَنَةً فبلغ موسى حينئذ سن الثمانين على ما في تواريخ اليهود. قيل في (خروج ٢: ٢٣) أن ملك مصر كان قد مات وهو رعمسيس الثاني.
مَلاَكُ ٱلرَّبِّ معنى «ملاك» رسول والأرجح أنه الأقنوم الثاني أي كلمة الله الأزلي كما يتضح من أماكن كثيرة في العهد القديم. وقد سمى «الرب» (ع ٣١ وخروج ٣: ٤ قابل ذلك بما في إشعياء ٦٣: ٩).
فِي بَرِّيَّةِ جَبَلِ سِينَاءَ أي البرية المجاورة ذلك الجبل. وسمي في (خروج ٣: ١) «جبل حوريب» وليس في ذلك من منافاة بين قول استفانوس وموسى وذلك إما لأنهما رأسان في جبل واحد ونُسبت البرية تارة إلى أحدهما وتارة إلى الآخر وأما هو الأرجح أن اسم السلسلة كلها حوريب وهي تشتمل على رؤوس كثيرة أشهرها سيناء.
فِي لَهِيبِ نَارِ ذكر استفانوس ذلك كما ظهر لموسى. وكثيراً ما يعبر الكتاب المقدس عن مظاهر الله بمثل هذا المنظر لما فيه من البهاء والمجد انظر (لوقا ٢: ٩ ومتّى ١٧: ١ – ٥ وأعمال ٩: ٣ و١٢: ٧) وبهذه الصورة ظهر لبني إسرائيل في البرية إذ كانت سحابة نيّرة تظللهم ليلاً وكان يظهر مثلها في قدس الأقداس في قبة الشهادة وفي هيكل سليمان. فبرهن استفانوس بذلك ما برهنه سابقاً بظهور الله لإبراهيم في أُور وحاران أن حضوره غير مقصور على الهيكل في أورشليم وعبادته ليست مقيدة بخدمة الكهنة وتقديم الذبائح وممارسة الطقوس.
٣١ «فَلَمَّا رَأَى مُوسَى ذٰلِكَ تَعَجَّبَ مِنَ ٱلْمَنْظَرِ. وَفِيمَا هُوَ يَتَقَدَّمُ لِيَتَطَلَّعَ، صَارَ إِلَيْهِ صَوْتُ ٱلرَّبِّ».
تَعَجَّبَ علة تعجبه أنه «َنَظَرَ وَإِذَا ٱلْعُلَّيْقَةُ تَتَوَقَّدُ بِٱلنَّارِ، وَٱلْعُلَّيْقَةُ لَمْ تَكُنْ تَحْتَرِقُ» بما يقتضيه طبع النار (خروج ٣: ٢ و٣).
صَوْتُ ٱلرَّبِّ لم ير موسى هيئة ما إنما سمع صوت الله يكلّمه كأنه يكلّمه من وسط العليقة المتوقدة.
٣٢ «أَنَا إِلٰهُ آبَائِكَ، إِلٰهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلٰهُ إِسْحَاقَ وَإِلٰهُ يَعْقُوبَ. فَٱرْتَعَدَ مُوسَى وَلَمْ يَجْسُرْ أَنْ يَتَطَلَّعَ».
متّى ٢٢: ٣٢ وعبرانيين ١١: ١٦
إِلٰهُ آبَائِكَ هم الذين ذكرهم بعد. ومعنى العبارة بين في شرح (متّى ٢٢: ٣٢). ونسبة الله إلى الآباء إشارة إلى أنه يحبهم ويذكر عهده لهم بأن يكون إلهاً لهم ولنسلهم بعدهم. وعلة تسمية نفسه بذلك لموسى كونه مزمعاً أن ينجز في ذلك الوقت مواعيد الآباء للبنين.
فَٱرْتَعَدَ مُوسَى قيل في (خروج ٣: ٦) أنه غطى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله.
٣٣ «فَقَالَ لَهُ ٱلرَّبُّ: ٱخْلَعْ نَعْلَ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ ٱلْمَوْضِعَ ٱلَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ».
خروج ٣: ٥ ويشوع ٥: ١٥
هذا مأخوذ بلفظه من (خروج ٣: ٥ – ٨).
ٱخْلَعْ نَعْلَ رِجْلَيْكَ كان ذلك علامة الاحترام وقتئذ كما هو في الشرق اليوم (يشوع ٥: ١٥) وكان الكهنة يخدمون في الخيمة وفي الهيكل حفاة.
أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ صارت كذلك بحضور الله وظهوره فيها. وينتج من ذلك أن الله يطلب علامات الاحترام علاوة عن الشعور به في القلب. وذكر استفانوس ذلك برهاناً على أن الله لم يحصر حضوره في الهيكل وأنه يوجد غيره من الأماكن المقدسة. وأن القول بذلك ليس بتجديف لأن ذلك المحل في البرية تقدس بحضور الله فيه منذ خمس مئة سنة قبل بناء الهيكل حيث لا كاهن ولا مذبح ولا ذبيحة. وهذا مثل قوله تعالى «ٱلسَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي وَٱلأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ. أَيْنَ ٱلْبَيْتُ ٱلَّذِي تَبْنُونَ لِي، وَأَيْنَ مَكَانُ رَاحَتِي» (إشعياء ٦٦: ١).
٣٤ «إِنِّي رَأَيْتُ مَشَقَّةَ شَعْبِي ٱلَّذِينَ فِي مِصْرَ، وَسَمِعْتُ أَنِينَهُمْ وَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ. فَهَلُمَّ ٱلآنَ أُرْسِلُكَ إِلَى مِصْرَ».
خروج ٣: ٧
رَأَيْتُ مَشَقَّةَ شَعْبِي أي التفت إليه لكي أزيل مشقته.
أَنِينَهُمْ من ثقل تلك المشقة.
وَنَزَلْتُ من العرش السماوي. كلم الله الناس بلغتهم لطفاً وتنازلاً والمعنى أنه مزمع أن ينجيهم.
أُرْسِلُكَ هذا مختصر ما في (خروج ٣: ٧ – ١٠).
٣٥ «هٰذَا مُوسَى ٱلَّذِي أَنْكَرُوهُ قَائِلِينَ: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيساً وَقَاضِياً؟ هٰذَا أَرْسَلَهُ ٱللّٰهُ رَئِيساً وَفَادِياً بِيَدِ ٱلْمَلاَكِ ٱلَّذِي ظَهَرَ لَهُ فِي ٱلْعُلَّيْقَةِ».
خروج ١٤: ١٩ وعدد ٢٠: ١٦
ٱلَّذِي أَنْكَرُوهُ في بدء إرساله إليهم أي منذ أربعين سنة (خروج ٢: ١٣ و١٤).
مَنْ أَقَامَكَ هذا مكرر قول استفانوس في (ع ٢٧) ذكره بياناً للمشابهة بين موسى (وهو نبي مرفوض من الناس مكرم من الله منقذ لشعبه في مصر وفي البحر الأحمر وفي البرية) ويسوع المسيح وهو نبي أعظم من موسى ومنقذ من عبودية أردأ من عبودية مصر. فأثبت استفانوس على اليهود في أمر موسى ما أثبته عليهم سابقاًً في أمر يوسف والغاية واحدة وهو المشابهة بين معاملتهم لذينك ومعاملتهم ليسوع.
بِيَدِ ٱلْمَلاَكِ أن الملاك هو كلمة الله (ع ٣٨) ومعنى «يد الملاك» هنا إرشاده ومعونته.
٣٦ «هٰذَا أَخْرَجَهُمْ صَانِعاً عَجَائِبَ وَآيَاتٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَفِي ٱلْبَحْرِ ٱلأَحْمَرِ، وَفِي ٱلْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً».
خروج ١٢: ٤١ و٣٣: ١ وص ٧ إلى ص ١٤ ومزمور ١٠٥: ٢٧ وخروج ١٤: ٢١ و٢٧ الخ و١٦: ١ و٢٥
عَجَائِبَ وَآيَاتٍ العجائب والآيات بمعنى واحد وهو المعجزات والاختلاف اعتباري. فسميّت «عجائب» لتهيجيها الحيرة والعجب في نفس المشاهد. وسميت «آيات» لأنه علامات الإعلان. ونسب استفانوس تلك العجائب والآيات إلى موسى دليلاً على أنه لم يرد أن يهين موسى بل أن يكرمه أحسن إكرام يليق بالإنسان.
فِي أَرْضِ مِصْرَ العجائب التي صنعها فيها هي المعروفة بالضربات العشر.
وَفِي ٱلْبَحْرِ ٱلأَحْمَرِ (خروج ص ١٤) وهذا البحر بين مصر وبلاد العرب ويسمى أحياناً في الكتاب «البحر» بلا نعت (خروج ١٤: ٢ ويشوع ٢٤: ٦) و «بحر سوف» (خروج ١٠: ١٩ و١٣: ١٨) وسمي «البحر الأحمر» في هذه الآية وفي (عبرانيين ١١: ٢٩) جرياً على ترجمة السبعين. وعلة تسميته بـ «الأحمر» مجهولة ولكن ظن بعضهم أنها الأعشاب الحمراء في مائه وما يطرحه منها على شاطئه أو الرمل الأحمر هناك أو المرجان الأحمر الذي فيه أو لون الجبال التي على ساحله الغربي.
٣٧ «هٰذَا هُوَ مُوسَى ٱلَّذِي قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: نَبِيّاً مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ».
تثنية ١٨: ١٥ و١٨ ومتّى ١٧: ٥ وص ٣: ٢٢
علم موسى الإسرائيليين أن رئاسته إلى حين إذ أنبأهم بظهور نبي آخر يجب عليهم أن يطيعوه.
نَبِيّاً مِثْلِي (تثنية ١٨: ١٥ و١٨). قال بطرس مثل ذلك حين وعظ الشعب في الهيكل انظر شرح (ص ٣: ٢١).
لَهُ تَسْمَعُونَ ذكرهم وجوب أن يطيعوا هذا النبي يسوع المسيح الذي كان كموسى في صفاته وكونه مرفوضاً أولاً من إخوته. وأنهم برفضهم إياه أهانوا موسى الذي أنبأهم به وأمرهم بإطاعته فارتكبوا الإثم الذي اتهموا استفانوس به. وكيف يمكنه أن يجدف على موسى وهو يعتبره رمزاً إلى المسيح وشيهاً له.
٣٨ «هٰذَا هُوَ ٱلَّذِي كَانَ فِي ٱلْكَنِيسَةِ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ، مَعَ ٱلْمَلاَكِ ٱلَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ، وَمَعَ آبَائِنَا. ٱلَّذِي قَبِلَ أَقْوَالاً حَيَّةً لِيُعْطِيَنَا إِيَّاهَا».
خروج ١٩: ٣ و١٧ إشعياء ٦٣: ٩ وغلاطية ٣: ١٩ وعبرانيين ٢: ٢ خروج ٢١: ١ وتثنية ٥: ٢٧ و٣١ و٣٣: ٤ ويوحنا ١: ١٧ ورومية ٣: ٢
ٱلْكَنِيسَةِ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ «الكنيسة» هنا بمعنى جماعة الله وهي هنا الإسرائيليين وقيّدها بأنها في «البرية» إشارة إلى أنها لم تُحصر في اليهودية التي اعتبرها رؤساؤهم مظهر الله الوحيد إذ كلمهم نبيهم العظيم في البرية ومات هو وأكثرهم قبل أن يدخلوا الأرض المقدسة.
مَعَ ٱلْمَلاَكِ أي المسيح وهو «يهوه» الذي اختار إسرائيل شعبه الخاص وكان موسى معه حين أعطاه الشريعة على طور سينا. وهذه الآية تبرهن ألوهية الملاك لأن المتكلم حينئذ قال عن نفسه «أنا الرب إلهك» الخ.
مَعَ آبَائِنَا (خروج ٢٠: ٢ و٢١).
أَقْوَالاً حَيَّةً وقال بولس أنها «أقوال الله» أي ناموسه الذي أعلنه لموسى (رومية ٣: ٢). ووصفها بأنها حية بالنظر إلى غايتها وفاعليتها فهي تنبه ضمير الخاطئ وتبكته على الخطيئة وتمنعه من ارتكابها وتقوده إلى التوبة والقداسة. وعدم هبة الناموس الحياة ليس للناس من نقص فيه بل من ضعف الطبيعة البشرية وقوة الخطيئة عليها.
فذكر استفانوس في هذا الخطاب ثلاثة أمور ذات شأن أكرم الله بها موسى الذي رفضه شعبه في أول أمره وهي أنه رمز إلى المسيح وأن الله كلمه وجهاً لوجه وأنه أنزل عليه الشريعة.
٣٩، ٤٠ «٣٩ ٱلَّذِي لَمْ يَشَأْ آبَاؤُنَا أَنْ يَكُونُوا طَائِعِينَ لَهُ، بَلْ دَفَعُوهُ وَرَجَعُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مِصْرَ ٤٠ قَائِلِينَ لِهَارُونَ: ٱعْمَلْ لَنَا آلِهَةً تَتَقَدَّمُ أَمَامَنَا، لأَنَّ هٰذَا مُوسَى ٱلَّذِي أَخْرَجَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ».
خروج ٣٢: ١
كان هذا وموسى على الطور (خروج ٣٢: ١ و٢٣).
رَجَعُوا بِقُلُوبِهِمْ يحتمل أنهم أرادوا الرجوع إلى مصر حقيقة وندموا على الخروج منها (عدد ١١: ٥). والأرجح أن المعنى أنهم عدلوا عن الله إلى آلهة المصريين ومالت قلوبهم إلى عوائدهم وشهواتهم وأوثانهم وكرهوا حدود الله المقدسة وعبادته الروحية.
آلِهَةً تَتَقَدَّمُ أَمَامَنَا أي أوثاناً تُحمل قدامه كعادة الوثنيين يومئذ في أسفارهم وحروبهم للوقاية والنجاح بدلاً من «يهوه» الذي تقدمه في السحابة و «عمود النار» في البحر الأحمر والبرية.
هٰذَا مُوسَى الإشارة للاستخفاف فخانوه كما خانوا الله.
مَاذَا أَصَابَهُ أهلك أم تركنا. لأنه بقي أربعين يوماً على الجبل فلم تبق فيهم من ثقة بموسى ولا بإلهه.
٤١ «فَعَمِلُوا عِجْلاً فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ وَأَصْعَدُوا ذَبِيحَةً لِلصَّنَمِ، وَفَرِحُوا بِأَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ».
تثنية ٩: ١٦ ومزمور ١٠٦: ١٩
فَعَمِلُوا عِجْلاً من الحلي الذي أتوا به من مصر (خروج ٣٢: ٢ – ٤). والأرجح أن ذلك العجل كان على صورة الثور الذي عبده المصريون وسموه في ممفيس أبيس وفي هليوبوليس نيفيس فمال الإسرائيليون بعد ذلك إلى اتخاذه رمزاً إلى الله لأن الأسباط العشرة عبدوا عجلي الذهب اللذان نصبها يربعام في بيت إيل ودان. وذكر استفانوس هذا إشارة إلى شدة ميل الأمة الإسرائيلية إلى رفض الله والسقوط في الخطيئة.
وَفَرِحُوا كان ذلك في احتفالهم المذكور في (خروج ٣٢: ٦).
بِأَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ أي صنمهم وجمع العمل لاشتراك كثيرين فيه أو لعله جمع مع الصنم توابع الذبيحة.
٤٢ «فَرَجَعَ ٱللّٰهُ وَأَسْلَمَهُمْ لِيَعْبُدُوا جُنْدَ ٱلسَّمَاءِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ ٱلأَنْبِيَاءِ: هَلْ قَرَّبْتُمْ لِي ذَبَائِحَ وَقَرَابِينَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي ٱلْبَرِّيَّةِ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟».
مزمور ٨١: ١٢ وخروج ٢٠: ٢٥ و٣٩ ورومية ١: ٢٤ و٢تسالونيكي ٢: ١١ تثنية ٤: ١٩ و١٧: ٣ و٢ملوك ١٧: ١٦ و٢١: ٣ وإرميا ١٩: ١٣ عاموس ٥: ٢٥ و٢٦
فَرَجَعَ ٱللّٰهُ رجعت قلوبهم عن الله فرجع الله عن إظهار رضاه عنهم وبركته عليهم ولم يحفظهم بعد ذلك من نتائج شرورهم.
وَأَسْلَمَهُمْ أي عدل عن حفظه إياهم بعد ذلك من تهافتهم على شهواتهم. ولا مصاب أعظم من هذا على بني البشر وهو أن ينزع الله روحه القدوس من قلوبهم ويتركهم يفعلون بمقتضى شهواتهم وأهوائهم.
جُنْدَ ٱلسَّمَاءِ أي الشمس والقمر والنجوم. وذلك عاقبة ترك الله إياهم. وأخذوا تلك العبادة عن الفينيقيين وكان إلههم الأعظم الشمس وسموها بالبعل وسقط فيها الإسرائيليون كثيراً بعد ذلك.
كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ استشهد استفانوس بما هو مكتوب في (عاموس ٥: ٢٥ و٢٦) وذكره معنى لا لفظاً جرياً على ترجمة السبعين.
فِي كِتَابِ ٱلأَنْبِيَاءِ جمع اليهود النبوءات الاثتني عشرة القصيرة في كتاب واحد سموه «كتاب الأنبياء».
هَلْ قَرَّبْتُمْ لِي ذَبَائِحَ أي هل قدمتم ذلك لي وحدي فالاستفهام إنكاري أي أنكم لم تقربوا الخ. نعم أنهم عبدوا الله أحياناً لا دائماً وعبدوه ظاهراً لا باطناً وكانوا في الوقت الذي يعبدونه فيه يحملون خيمة مولوك فأشركوه بالله فصارت عبادتهم إياه كلا شيء.
٤٣ «بَلْ حَمَلْتُمْ خَيْمَةَ مُولُوكَ، وَنَجْمَ إِلٰهِكُمْ رَمْفَانَ، ٱلتَّمَاثِيلَ ٱلَّتِي صَنَعْتُمُوهَا لِتَسْجُدُوا لَهَا. فَأَنْقُلُكُمْ إِلَى مَا وَرَاءَ بَابِلَ».
١ملوك ١١: ٥ و٢ملوك ٢٣: ١٣ وإرميا ٣٢: ٣٥
هذا جواب الله لسؤال الله نفسه في ع ٦ والمعنى أنكم «لم تقربوا» الخ «بل حملتم» الخ.
خَيْمَةَ هذا إما خيمة حقيقية لذلك الصنم وإما عُلب مركبة كهيئة خيمة وفي تلك العلب تماثيل صغار لمولوك وهو الأرجح. فهي كالهياكل الفضية لأرطاميس إلاهة الأفسسيين (أعمال ١٩: ٢٤). ولا ريب في أن خيمة مولوك كانت كهيئة خيمة الاشتراع اتخذوها بمنزلة الأحراز وكانوا يحملونها إما في أسفارهم كسائر أمتعتهم وإما في احتفالاتهم الدينية إكراماً لمولوك وبذلك تركوا الله وسحابته النيرة فوق رؤوسهم لإرشادهم وهو يمطر المن عليهم يوماًً فيوماً.
مُولُوكَ هذا حسب ترجمة السبعين وفي الأصل العبراني «ملكوم» لا مولوك وكلاهما مشتقان من أصل واحد وهو ملك فهو إله العمونيين وكانوا يقربون له الذبائح البشرية. وموسى نهى الإسرائيليين عن تقريب أولادهم لمولوك وأنذر من خالف بالموت (لاويين ١٨: ٢١ و٢٠: ٢ – ٥) وبنى سليمان هيكلاً لمولوك على جبل الزيتون (١ملوك ١١: ٧). ومنسى ملك يهوذا «عبر ابنه في النار» إكراماً له (٢ملوك ٢١: ٣ – ٦). قال الربانيون في بعض مؤلفاتهم أن تمثاله من النحاس أجوف كبير جداً على هيئة إنسان ماد يديه إلى أمام وكانوا يوقدون النار في جوفه ومتى حمي كثيراً وضعوا الطفل على يديه فمات سريعاً. وكانت التماثيل التي حملها الإسرائيليون في البرية صغاراً على هيئته. ولم يتحقق أي الأجرام السماوية هو مولوك والمرجح أنه الشمس كبعل عند الفينيقيين.
وَنَجْمَ إِلٰهِكُمْ أي صنم إلهكم المصنوع كهيئة النجم.
رَمْفَانَ وهو في العبراني «كيوان» وهما اسمان لمسمى واحد وهو نجم من النجوم السيّارة يسمى في العربية زُحل ويسمى كيوان أيضاً كما في العبرانية. فالسبعون بدلوا كيوان برمفان لأنه هو اسم زُحل في القبطية ونقله استفانوس عن ترجمتهم.
ٱلتَّمَاثِيلَ جمع ليعم الصنم وخيمته وأدواتها.
فَأَنْقُلُكُمْ مسبيين عقاباً على عبادتكم الأوثان.
مَا وَرَاءَ بَابِلَ هذا كما في ترجمة السبعين وفي العبرانية «ما وراء دمشق» والمعنى أنقلكم مسبيين إلى خارج أرضكم ودمشق في الطريق إلى بابل وهم سُبوا إلى ما وراء بابل (٢ملوك ١٧: ٦).
٤٤ «وَأَمَّا خَيْمَةُ ٱلشَّهَادَةِ فَكَانَتْ مَعَ آبَائِنَا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ، كَمَا أَمَرَ ٱلَّذِي كَلَّمَ مُوسَى أَنْ يَعْمَلَهَا عَلَى ٱلْمِثَالِ ٱلَّذِي كَانَ قَدْ رَآه».
عدد ٩: ١٥ و١٧: ٢٣ خروج ٢٥: ٤٠ و٢٦: ٣٠ وعبرانيين ٨: ٥
بعد ما تكلم استفانوس على عصيان بني إسرائيل وعبادتهم الأصنام أخذ يتكلم على محل العبادة الحقيقي.
خَيْمَةُ ٱلشَّهَادَةِ كذا سُميت في (عدد ١٧: ٨) لأنه وُضع فيها لوحا الشريعة التي كانت تشهد بمشيئة الله ولأنها كانت هي نفسها تشهد بحضور الله فيها بين الكروبين (خروج ٢٥: ٢٢).
يَعْمَلَهَا عَلَى ٱلْمِثَالِ ذكر هنا استفانوس أن نظام الخيمة والهيكل كان بأمر إلهي دفعاً لتهمتهم أنه جدف على الهيكل. وأمر الله لموسى بذلك في (خروج ٢٥: ٤٩). والظاهر أن مراده من هذا الكلام أنه يمكن أن يرضى الله عبادته في غير الهيكل بعده كما رضي أن يعبد في الخيمة قبله. وذكره بذكر «المثال» أن الخيمة الأرضية ليست سوى رمز إلى حقيقة سماوية تتم بالمسيح في عهد أفضل كما قيل في (عبرانيين ٨: ٢ و٥) وما صح على الخيمة يصح على الهيكل فهو أيضاً ليس إلا رمزاً إلى ما هو أعظم منه وأفضل.
٤٥ «ٱلَّتِي أَدْخَلَهَا أَيْضاً آبَاؤُنَا إِذْ تَخَلَّفُوا عَلَيْهَا مَعَ يَشُوعَ فِي مُلْكِ ٱلأُمَمِ ٱلَّذِينَ طَرَدَهُمُ ٱللّٰهُ مِنْ وَجْهِ آبَائِنَا، إِلَى أَيَّامِ دَاوُدَ».
يشوع ٣: ١٤ نحميا ٩: ٢٤ ومزمور ٤٤: ٢ و٧٨: ٥٥ وص ١٣: ١٩
ٱلَّتِي أَدْخَلَهَا أي الخيمة التي أدخلها الآباء إلى أرض الميعاد.
إِذْ تَخَلَّفُوا عَلَيْهَا أي أخذوها بالوراثة لأنه مات الجيل الأول الذي خرج من مصر وقام خلَفه وأخذ الخيمة وأدخلها إلى الأرض المقدسة.
مَعَ يَشُوعَ قائدهم بعد موسى.
فِي مُلْكِ ٱلأُمَمِ أي البلاد التي سكنها الأمم في أرض كنعان.
إِلَى أَيَّامِ دَاوُدَ هذا إما متعلق بقوله «أدخلها» وإما بقوله «طردهم» والأرجح الأول لأنهم حفظوا الخيمة وعبدوا الله فيها إلى أيام داود حين طرد اليبوسيين من أورشليم فتكون مدة الخيمة نحو خمس مئة سنة أيام موسى إلى نهاية ملك داود.
٤٦، ٤٧ «٤٦ ٱلَّذِي وَجَدَ نِعْمَةً أَمَامَ ٱللّٰهِ، وَٱلْتَمَسَ أَنْ يَجِدَ مَسْكَناً لإِلٰهِ يَعْقُوبَ. ٤٧ وَلٰكِنَّ سُلَيْمَانَ بَنَى لَهُ بَيْتاً».
١صموئيل ١٦: ١ و٢صموئيل ٧: ١ ومزمور ٨٩: ١٩ وص ١٣: ٢٢ و١ملوك ٨: ١٧ و١أيام ٢٢: ٧ ومزمور ١٣٢: ٤ و٥ و١ملوك ٦: ١ و٨: ٢٠ و١أيام ١٧: ١٢ و٢أيام ٣: ١
وَجَدَ نِعْمَةً بأن نجح في أعماله وانتصر على أعدائه وثبت في ملكه ومع ذلك كله لم يؤذن له أن يبني له بيتاً. وغاية استفانوس من ذلك بنيان الهيكل ليس عند الله بأمر جوهري وإلا لسمح لداود ببنائه.
ٱلْتَمَسَ أَنْ يَجِدَ مَسْكَناً لم يذكر العهد القديم هذا الالتماس لكنه لمح إليه في (٢صموئيل ٧: ٤ الخ و١أيام ٢٢: ٧). فالمسكن الذي التمس أن يبنيه هو معبد ثابت لعبادة الله وحفظ تابوته وسائر الرموز فيه.
لإِلٰهِ يَعْقُوبَ كما ذكر داود في (مزمور ١٣٢: ٥).
وَلٰكِنَّ سُلَيْمَانَ بَنَى أذن الله لسليمان في ما لم يأذن فيه لداود (٢أيام ٦: ٧ و٨) وعلة ذلك أن داود كان رجل حرب سفك دماء كثيرة (١ايام ٢٢: ٨) لكن داود أعد كل لوازم البناء (١ملوك ص ٦ و١أيام ص ٢٢). ويظهر من هذا أن الإسرائيليين بقوا بلا هيكل نحو خمس مئة سنة. فإذا كانت الخيمة التي صُنعت على المثال الذي أراه الله لموسى وكان فيها تابوت العهد وسائر المواد المقدسة أُزيلت وقام الهيكل مقامها فأي تجديف في أن يُقال يُحتمل أن الهيكل أيضاً يزول ويقوم غيره مقامه.
٤٨ «لٰكِنَّ ٱلْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِٱلأَيَادِي، كَمَا يَقُولُ ٱلنَّبِيُّ».
١ملوك ٨: ٢٧ و٢أيام ٢: ٦ و٦: ١٨ وص ١٧: ٢٤
لٰكِنَّ ٱلْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ أي أنه لا ينحصر فيها لأنه العلي المالئ الكون. وهذا جوهر ما قاله سليمان (١ملوك ٨: ٢٧) وما قاله المسيح للمرأة السامرية (يوحنا ٤: ٢١ – ٢٣). وما قاله بولس في أثينا (ص ١٧: ٢٤). قصد استفانوس بإيراد هذا أن يزيل مغالاة اليهود بالهيكل وأن يفسر ما قاله فيه وهم حرفوا معناه.
كَمَا يَقُولُ ٱلنَّبِيُّ أي إشعياء (إشعياء ٦٦: ١ و٢) وما ذكره استفانوس بمعنى ذلك دون لفظه.
٤٩ «ٱلسَّمَاءُ كُرْسِيٌّ لِي، وَٱلأَرْضُ مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ. أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي يَقُولُ ٱلرَّبُّ وَأَيٌّ هُوَ مَكَانُ رَاحَتِي؟».
إشعياء ٦٦: ١ و٢ ومتّى ٥: ٣٤ و٣٥ و٢٣: ٢٢
كُرْسِيٌّ… مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ انظر شرح (متّى ٥: ٣٤ و٣٥).
أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي أي لا يمكن أن يُنبى بيت يسع الله غير المحدود أو يليق بعظمته.
مَكَانُ رَاحَتِي أي مسكني الدائم على الأرض كما في (مزمور ٩٥: ١١).
٥٠ «أَلَيْسَتْ يَدِي صَنَعَتْ هٰذِهِ ٱلأَشْيَاءَ كُلَّهَا؟».
كُلَّهَا أي السموات والأرض فيستحيل أن صانع هذه كلها يُحصر في موضع من الأرض. فالنتيجة أن استفانوس لم يرتكب شيئاً من التجديف أن كان قد قال يجوز أن يُعبد الله عبادة روحية في كل مكان لأنه يوجد في كل مكان.
٥١ «يَا قُسَاةَ ٱلرِّقَابِ، وَغَيْرَ ٱلْمَخْتُونِينَ بِٱلْقُلُوبِ وَٱلآذَانِ، أَنْتُمْ دَائِماً تُقَاوِمُونَ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ. كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذٰلِكَ أَنْتُم».
خروج ٣٢: ٩ و٣٣: ٣ وإشعياء ٤٨: ٤ لاويين ٢٦: ٤٢ وتثنية ١٠: ١٦ وإرميا ٤: ٤ و٦: ١٠ و٩: ٢٦ وحزقيال ٤٤: ٩
ذهب أكثر المفسرين إلى أن استفانوس غيّر هنا مجرى الخطاب لملاحظته أن السامعين أبوا أن يأذنوا له في إكماله على النسق الأول. وعرف ذلك إمّا من إمارات وجوههم أو من تذمرهم وصهصهتهم به فلم يبق له من فرصة لسوى أن يقول بعض الكلمات ليبيّن لهم أنهم جروا على سنن آبائهم في العناد والتمرد.
يَا قُسَاةَ ٱلرِّقَابِ أي يا أهل العناد والعصيان وهو مستعار من عمل الثيران غير الخاضعة للنير والحراثة. وهذا كثير الاستعمال في العهد القديم (خروج ٣٢: ٩ و٣٣: ٣ و٥ و٣٤: ٩ وتثنية ٩: ٦ و١٣ و١٠: ١٦).
وَغَيْرَ ٱلْمَخْتُونِينَ بِٱلْقُلُوبِ وَٱلآذَانِ افتخر اليهود بكونهم مختونين وحسبوا الختان كافياً ليحميهم من غضب الله أما استفانوس فأبان أنهم غلف في عيني الله لأنهم اتخذوا العلامة الخارجية للطاعة والتطهير دون الحقيقة وهذا ليس بختان بدليل قول موسى «فَٱخْتِنُوا غُرْلَةَ قُلُوبِكُمْ، وَلاَ تُصَلِّبُوا رِقَابَكُمْ بَعْدُ» (تثنية ١٠: ١٦). وغرلة القلوب ما فيها من المعصية لشريعة الله ومن الشهوات الفاسدة والأهواء الخبيثة وغرلة الآذان رفض سمع صوت الله (لاويين ٢٦: ٤١ وإرميا ٩: ٢٦).
دَائِماً تُقَاوِمُونَ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ لأنكم رفضتم ما أوحي به الروح القدس إلى موسى والأنبياء ويسوع المسيح ورسله فمقاومة من تكلموا بالروح القدس هي عين المقاومة لذلك الروح (متّى ١٠: ٤٠).
كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ الخ وذلك حسب ما أوُضح في (ع ٢٧ وع ٣٥ و٣٩ – ٤٣).
٥٢ «أَيُّ ٱلأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ، وَقَدْ قَتَلُوا ٱلَّذِينَ سَبَقُوا فَأَنْبَأُوا بِمَجِيءِ ٱلْبَارِّ، ٱلَّذِي أَنْتُمُ ٱلآنَ صِرْتُمْ مُسَلِّمِيهِ وَقَاتِلِيهِ».
٢أيام ٣٦: ١٦ ومتّى ٢١: ٣٥ و٢٣: ٣٤ و٣٧ و١تسالونيكي ٢: ١٥ ص ٣: ١٤
هذا السؤال يتضمن أن آباءهم اضطهدوا كل الأنبياء وهذا يصدق عليهم باعتبار كونهم أمة وكذا وقال المسيح في (متى ٢١: ٣٣ – ٤٠ و٢٣: ٢٩ – ٣٥).
ٱلَّذِينَ سَبَقُوا فَأَنْبَأُوا وهذا زاد فظاعة إثمهم لأنهم قتلوا الأنبياء الذي معظم أنبائهم التبشير بمجيء المسيح الذي هو أعظم بركات الله على الأمة.
ٱلْبَارِّ اي المسيح انظر شرح (ص ٣: ١٤). ولعلّ هذا اللقب مأخوذ من (إشعياء ١١: ٤ و٥ و٥٣: ١٢) وسماه استفانوس «البار» أمام المجلس الذي حكم عليه بالموت كمذنب وهذا مثل قول بيلاطس في (متّى ٢٧: ١٩) وقول يعقوب في (يعقوب ٥: ٦) وقول يوحنا في (١يوحنا ٢: ١).
ٱلَّذِي أَنْتُمُ ٱلآنَ قال سابقاً «كما كان آباؤكم كذلك أنتم» فإنهم قتلوا الأنبياء الذين انبأوا بمجيء المسيح وأنتم اقتديتم بهم وزدتم عليهم بأن قتلتم المسيح نفسه.
مُسَلِّمِيهِ وَقَاتِلِيهِ لأنهم استأجروا يهوذا الاسخريوطي ليسلمه إليهم واستأجروا شهود زور شهدوا عليه فحكموا عليه ظلماً وسلموه إلى بيلاطس ليقتله وأجبروه على صلبه فأسندوا الفعل إلى علته أو مسببه وهم اليهود الذين يخاطبهم. فاستفانوس المتهم بالتجديف أتهم بما قال المجمع بأفظع الآثام فصار المتهم متهماً.
٥٣ «ٱلَّذِينَ أَخَذْتُمُ ٱلنَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟».
خروج ٢٠: ١ وغلاطية ٣: ١٩ وعبرانيين ٢: ٢
ٱلنَّامُوسَ أي شريعة موسى المعطاة على طور سينا.
بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ هذا وفق ما جاء في ترجمة السبعين في (تثنية ٣٣: ٢ ومزمور ٦٨: ١٧) ووفق الرأي العام عند اليهود. والقول بأن «الناموس بترتيب ملائكة» يزيده شرفاً ووقاراً والذين يخالفونه إثماً وعقاباً. وهذا التعليم لم يوضحه العهد القديم لكنه أوضح هنا وفي (غلاطية ٣: ١٩ وعبرانيين ٢: ١) ولعل المعنى أن الملائكة حضروا أجواقاً عند إعطاء الناموس وكانوا شهوداً بذلك وأنهم وسائل أو آلات لما ظهر من الآيات عند إعطائه كصوت البوق والنار والدخان والرعود والزلازل فهنا يظهر أنهم لم يسمحوا لاستفانوس أن يتفوه بكلمة بعد وإلا لبشرهم بالرحمة والمغفرة بشرط التوبة والإيمان.
موت استفانوس ع ٥٤ إلى ص ٨: ٣
٥٤ «فَلَمَّا سَمِعُوا هٰذَا حَنِقُوا بِقُلُوبِهِمْ وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ».
ص ٥: ٣٣
وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ علامة شدة غيظهم وحنقهم (أيوب ١٦: ٩ ومزمور ٣٥: ٦ و٣٧: ١٢).
٥٥ «وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ ٱللّٰهِ، وَيَسُوعَ قَائِماً عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ».
ص ٦: ٥
شَخَصَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ كأنه يرفع دعواه إلى الله إذ لم يجد في ذلك المجلس من رحمة ولا عدل وسأل الله الحماية والتبرئة.
مُمْتَلِئٌ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ انظر شرح (ص ٢: ٤) وكان كذلك قبلاً (ص ٦: ٥) فكان عند الموت كما كان وقت الحماية فألهمه الروح القدس حينئذ ليعزيه ويشجعه على أن يشهد للحق في موته كما شهد له في حياته.
فَرَأَى رؤيا سماوية أنعم الله عليه بها إجابة لاستغاثته به لما شخص إلى السماء فحوّل نظره عن كل ما حوله في أورشليم السماوية ورأى مجلس السماء والديّان العادل الذي لأجله مزمع أن يموت شهيداً.
مَجْدَ ٱللّٰهِ نوراً ساطعاً إلى حضور الله متّى ١٦: ٢٧ و٢٤: ٣٠ ولوقا ٢: ٩).
عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ محل الشرف والسلطة (ص ٢: ٢٥ ومرقس ٢٦: ٦٤).
٥٦ «فَقَالَ: هَا أَنَا أَنْظُرُ ٱلسَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ قَائِماً عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ».
حزقيال ١: ١ ومتّى ٣: ١٦ وص ١٠: ١١ دانيال ٧: ١٣
ٱلسَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً هذا مجاز انظر (حزقيال ١: ١) والمعنى كأنه نظر الجو مفتوحاً فوق رأسه وما وراء ظاهراً لعينيه. وهذه الرؤيا مُنحت له تقوية لرجائه وتحقيقاً لقرب المسيح منه وعنايته به وتصديقاً لكل ما قرره ولإفادة كل المضطهدين لأجل المسيح أنهم غير متروكين.
وَٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ كثيراً ما دعا المسيح نفسه بهذا الاسم ولم يدعه غيره به سوى استفانوس هنا ويوحنا في رؤياه السماوية (رؤيا ١: ١٣ و١٤: ١٤) والأرجح أن على ذلك أنه رآه في هيئة الإنسان.
قَائِماً ذُكر في عدة أماكن أنه «جَالس عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ» (مرقس ١٦: ١٩ وأفسس ١: ٢٠ ومزمور ١١٠: ١) وذلك بالنظر إلى كونه دياناً. وذُكر هنا أنه «قائم» وذلك بالنظر إلى استعداده لإعانة عبده واستقباله.
٥٧ «فَصَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَسَدُّوا آذَانَهُمْ، وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَة».
صَاحُوا لم يُذكر ماذا قالوا والأرجح أن بعضهم قال «جدف» وبعضهم «خذوه» وبعضهم «أخرس» وما أشبه ذلك (ص ١٩: ٣٢ ومتّى ٢٧: ٢٣ ويوحنا ١٩: ١٢).
وَسَدُّوا آذَانَهُمْ إشارة إلى أنهم أنفوا من فظاعة تجديفه على رأيهم بشهادته بمجد يسوع وجلاله وبما يلزم عن ذلك من الحكم عليهم بالظلم.
هَجَمُوا عَلَيْهِ لعل أعضاء المجلس سبقوا إلى ذلك وتبعهم كثيرون من الشعب الذين كانوا يسمعون ويشعرون شعورهم.
٥٨ «وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ. وَٱلشُّهُودُ خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ شَاوُلُ».
١ملوك ٢١: ١٣ ولوقا ٤: ٢٩ وعبرانيين ١٣: ١٢ لاويين ٢٤: ١٦ تثنية ١٣: ٩ و١٠ و١٧: ٧ وص ٨: ١ و٢٢: ٢٠
هذا ليس بمقتضى أمر شرعي إذ لم يكن لليهود وقتئذ من سلطان على قتل أحد انظر شرح (يوحنا ١٨: ٣١) وكان شغب الشعب بدون حق. وغض الوالي نظره عنه لأنه لم يضر بسلطانه. وربما كان ذلك كما ظن البعض على أثر عزل بيلاطس قبل أن أتى غيره وكان ذلك في سنة ٣٦ للميلاد.
وَأَخْرَجُوهُ على وفق عادة اليهود بناء على قوله تعالى لموسى «أَخْرِجِ ٱلَّذِي سَبَّ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ» (لاويين ٢٤: ١٤) وبعد دخول الإسرائيليين أرض الميعاد وإقامتهم بالمدن اعتبروا كل مدينة بمنزلة المحلة وأخرجوا المحكوم عليهم بالرجم أو غيره من أنواع القتل منها كما فعلوا بنابوت (١ملوك ٢١: ١٣) وكما فعلوا بيسوع في الناصرة حين أرادوا قتله طرحاً (لوقا ٤: ٢٩).
وَرَجَمُوهُ هذا هو القصاص المعيّن على التجديف وغيره من أفظع الذنوب (لاويين ٢٤: ١٦ وخروج ١٩: ١٣ وتثنية ١٧: ٥ ويشوع ٧: ٢٥ انظر شرح يوحنا ١٠: ٣١).
وَٱلشُّهُودُ أي الشهود الكذبة الذين ذُكروا في (ص ٦: ١٣).
خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ تسهيلاً لرميه بالحجارة وجرياً على عادة الذين يباشرون عملاً شاقاً انظر شرح (متّى ٥: ٤٠). وقد أمرت الشريعة أن «الشهود يرمون بالحجارة أولاً» (تثنية ١٣: ٩ و١٠ و١٧: ٧) والغاية من ذلك تحقيق صدق الشهود لأن معرفة الشاهد أنه يبتدئ في قتل البريء مما يمنعه من شهادة الزور. فنرى أن اليهود مع حكمهم على استفانوس ظلماً ومخالفتهم لشريعة العدل والشريعة اليهودية في الأمور الجوهرية حافظوا بكل اعتناء على العرضيات كإخراج المتهم ورجمه وابتداء الشهود في الرجم.
عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ الخ هذا أول ذكر شاول الطرسوسي وعلى ذكره هنا أنه اشتهر بعد هذا باضطهاده الكنيسة وبمصيره رسولاً ليسوع المسيح. فحضوره مع الراجمين وحفظه أثوابهم علامة أنه رضي ما عملوه واشترك معهم فيه كما قال عن نفسه في (ص ٢٢: ٢٠) وكان من مجمع الكيليكيين فلا بد أنه سمع جدال استفانوس وصدّق أنه مبتدع وعدو لتقاليد اليهود وتعاليمهم ودينهم وأنه مستحق الموت. ونعته «بالشاب» يدل على أنه ما بين سن الثلاثين وسن الأربعين. وما قاله في (ص ٢٦: ١٠) يشير إلى أنه كان من أعضاء المجلس الكبير فاقتضى أن يكون فوق سن الثلاثين وستأتي ترجمته في (ص ٨: ٣).
٥٩ «فَكَانُوا يَرْجُمُونَ ٱسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: أَيُّهَا ٱلرَّبُّ يَسُوعُ ٱقْبَلْ رُوحِي».
ص ٩: ١٤ مزمور ٣١: ٥ ولوقا ٢٣: ٤٦
فَكَانُوا يَرْجُمُونَ ذكر ذلك في (ع ٥٨) ثم تكريره هنا يشير إلى أنهم شغلوا وقتاً طويلاً برجمه.
وَهُوَ يَدْعُو صلى استفانوس صلاتين الأولى عن نفسه وذلك لا لحماية جسده من الموت أو من آلامه بل لأجل بركات روحية وأدبية عن قاتليه. فاقتدى بالمسيح في الصلاتين إلا أن المسيح صلى أولاً عن قاتليه ثم عن نفسه وسبب ذلك أن نفس المسيح لا تحتاج إلى شيء.
أَيُّهَا ٱلرَّبُّ يَسُوعُ وجه استفانوس صلاته إلى يسوع عند ساعة الموت باعتبار أن يسوع سامع الدعاء ومساو للآب وكان حينئذ مملوءاً من الروح القدس. ومنحه الله أن يرى رؤيا مجد فتحقق أنه يسوغ أن نصلي للمسيح كما نصلي لله وأن نستودعه أنفسنا عند الموت. ولوقا كتب ما أوحي الله به فيذكر ذلك بلا لوم أو تخطئة مع أنه عرف أن ما أتاه استفانوس يكون مثالاً لغيره.
ٱقْبَلْ رُوحِي هكذا قال المسيح على الصليب لأبيه (لوقا ٢٣: ٤٦). ومعنى قوله «اقبل روحي» أي لتكن معك في السماء وهذا أحسن صلاة عند الموت. والنفس التي يستودعها الإنسان في يدي المسيح هي في الأمن التام فلا يمكن أن يُقال ذلك على من يستودع نفسه يدي مخلوق.
٦٠ «ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هٰذِهِ ٱلْخَطِيَّةَ. وَإِذْ قَالَ هٰذَا رَقَدَ».
ص ٩: ٤٠ و٢٠: ٣٦ و٢١: ٥ متّى ٥: ٤٤ ولوقا ٦: ٢٨ و٢٣: ٣٤ متّى ٢٧: ٥٢
جَثَا أتى ذلك اختياراً لا إجباراً مما ألم به من ألم الرجم وجثا اعتباراً للوضع في الصلاة الحارة بتواضع ولأنه استحسن أن يموت وهو يصلي هكذا.
يَا رَبُّ أي يا يسوع ربي (ص ١: ٢٤).
لاَ تُقِمْ لَهُمْ هٰذِهِ ٱلْخَطِيَّةَ أي إثم القتل كذا صلى المسيح من أجل قاتليه (لوقا ٢٣: ٣٤). ولا ديانة غير الديانة المسيحية تعلم الإنسان مثل هذه الصلاة فإنه بدلاً أن يسأل الله عقابه على قاتليه سأله أن يغفر لهم إثم مقاومتهم ليسوع وقتل واحد من تلاميذه. ولا نعلم كم من أولئك الحاضرين وجد الرحمة إجابة لتلك الصلاة إنما نعلم أنه وجدها واحد منهم وهو شاول أي بولس فصدق من قال لولا صلاة استفانوس ما ربحت الكنيسة بولس.
وَإِذْ قَالَ هٰذَا رَقَدَ أتاه الموت وهو جاث على ركبتيه يصلي. ونسبة الرقاد إلى استفانوس بدل الموت في مثل تلك الأحوال في أثناء هيجان الناس وصراخهم وظلمهم مما لا نتوقعه فهي تشير إلى هدوء قلبه وسلام نفسه واطمئنانه حتى لم يؤثر فيه شيء من أعظم الأهوال الخارجية. ووجه الشبه بين موت المسيحي والرقاد هو أن الرقاد يسبقه التعب والمسيحي قبل موته يتعب من خطاياه ومقاومة العالم والشيطان والخدمة الشاقة. وأن الرقاد تعقبه الراحة والذي يموت بالإيمان يستريح على وفق قوله تعالى «طُوبَى لِلأَمْوَاتِ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي ٱلرَّبِّ مُنْذُ ٱلآنَ نَعَمْ يَقُولُ ٱلرُّوحُ، لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ» (رؤيا ١٤: ١٣). وأن الرقاد تعقبه اليقظة والذين يموتون في المسيح تقوم أجسادهم في صباح يوم القيامة وتشارك النفس في السعادة انظر شرح (يوحنا ١١: ١١ و١٢ وانظر أيضاً ١كورنثوس ١١: ٣٠ و١٥: ١٨ و٥١ و١تسالونيكي ٤: ١٣ و١٤ و٥: ١٠).
السابق |
التالي |