سفر الملوك الثاني | 16 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الملوك الثاني
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ
١ – ٤ «١ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّابِعَةَ عَشَرَةَ لِفَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا، مَلَكَ آحَازُ بْنُ يُوثَامَ مَلِكِ يَهُوذَا. ٢ كَانَ آحَازُ ٱبْنَ عِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. وَلَمْ يَعْمَلِ ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِهِ كَدَاوُدَ أَبِيهِ، ٣ بَلْ سَارَ فِي طَرِيقِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ حَتَّى إِنَّهُ عَبَّرَ ٱبْنَهُ فِي ٱلنَّارِ حَسَبَ أَرْجَاسِ ٱلأُمَمِ ٱلَّذِينَ طَرَدَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. ٤ وَذَبَحَ وَأَوْقَدَ عَلَى ٱلْمُرْتَفَعَاتِ وَعَلَى ٱلتِّلاَلِ وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ».
٢أيام ٢٨: ١ – ٤ ص ١٧: ١٧ و٢١: ٦ ولاويين ١٨: ٢١ ص ٢١: ٢ و١١ وتثنية ١٢: ٣١ ص ١٤: ٤ وتثنية ١٢: ٢
فِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّابِعَةَ عَشَرَةَ لِفَقْحَ (انظر ١٥: ٢٧) وتفسيره. كان آحاز ابن عشرين سنة حين ملك وملك ١٦ سنة فكان ابن ٣٦ سنة حينما مات وكان ابنه حزقيا ابن ٢٥ سنة حين ملك فكان آحاز ابن ١١ سنة حينما ولد حزقيا. ولا شك في أنه وقع غلط في هذه الأعداد ولا نعرف الصواب. والأرجح ان آحاز ملك مع أبيه وجده نحو ٨ سنين (١٥: ٣٠ و١٧: ١)
سَارَ فِي طَرِيقِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ وفي (٢أيام ٢٨: ٢) إنه عمل تماثيل مسبوكة للبعليم. وفي (٢ملوك ١١: ١٨) إن الشعب في أيام يوآش الملك ويهوياداع الكاهن هدموا مذابح البعل وكسروا تماثيله. ورجع آحاز إلى ما عملته عثليا الشريرة ابنة إيزابل وأخآب.
عَبَّرَ ٱبْنَهُ فِي ٱلنَّارِ وفي أخبار الأيام «أحرق بنيه» أي أحرقهم وأماتهم وأحرق أكثر واحد وكان ذلك من عادات الفينقيين والموآبيين وغيرهم من الأمم الوثنية (لاويين ١٨: ٢١ ومزمور ١٠٦: ٣٥ – ٣٨). والغاية هي إرضاء الله بتقديمهم له أفضل ما عندهم أي بنيهم (ميخا ٦: ٧). وكان لمولك صنم من نحاس جالس على عرش وكانوا يشعلون في التجويف ناراً حامية جداً ويضعون أطفالهم على ذراعي الصنم فتحترق وتموت (اطلب مولك في قاموس الكتاب).
وَذَبَحَ وَأَوْقَدَ عَلَى ٱلْمُرْتَفَعَاتِ (ع ٤) كان أسلافه آسا ويهوشافاط ويوآش وعمصيا وعزريا ويوثام غضوا النظر عن العبادة في المرتفعات وأما آحاز فذبح وأوقد فكان لشعبه مثالاً ومحرضاً على هذه الخطية.
تَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ دليل على كثرة المعابد الوثنية. ولهذه الأشجار اعتبار خصوصي لكونها كبيرة وقديمة ومنفردة وحسب زعمهم مسكن الآلهة. ولم يتجاسر أحدٌ أن يقطعها أو يحتطب منها (انظر ١ملوك ١٤: ١٥ و٢٣ وتفسيره).
٥، ٦ «٥ حِينَئِذٍ صَعِدَ رَصِينُ مَلِكُ أَرَامَ وَفَقْحُ بْنُ رَمَلْيَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِلْمُحَارَبَةِ، فَحَاصَرُوا آحَازَ وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَغْلِبُوهُ. ٦ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ أَرْجَعَ رَصِينُ مَلِكُ أَرَامَ أَيْلَةَ لِلأَرَامِيِّينَ، وَطَرَدَ ٱلْيَهُودَ مِنْ أَيْلَةَ. وَجَاءَ ٱلأَرَامِيُّونَ إِلَى أَيْلَةَ وَأَقَامُوا هُنَاكَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».
ص ١٥: ٣٧ وإشعياء ٧: ١ و٢أيام ٢٨: ٥ و٦ ص ١٤: ٢٢ و٢أيام ٢٦: ٢
كانت محالفة رصين وفقح من أيام يوثام وكانت مبدأ جديداً لأن الآراميين كانوا سابقاً أعداء إسرائيل ويهوذا والسبب الذي أحوجهما إلى هذا التحالف هو خوفهما من تغلث فلاسر الذي أظهر من الطمع والنشاط ما لم يكن أسلافه من ملوك أشور. وأبى آحاز أن يحالفهما فهجم فقح على يهوذا وضربهم ضربة عظيمة (٢أيام ٢٨: ٥ – ١٥) وهجم رصين على الجهات الشرقية وسبى سبياً عظيماً ووصل إلى أيلة على البحر الأحمر التي كان عزريا قد أخذها وأرجعها للآراميين وطرد اليهود منها (١٤: ٢٢) وصعد رصين وفقح إلى أورشليم فحاصرا آحاز ولم يقدرا أن يغلباه (إشعياء ٧: ١ – ٩ و٢أيام ٢٦: ٩ – ١٥ و٢٧: ٣).
٧ – ٩ «٧ وَأَرْسَلَ آحَازُ رُسُلاً إِلَى تَغْلَثَ فَلاَسَرَ مَلِكِ أَشُّورَ قَائِلاً: أَنَا عَبْدُكَ وَٱبْنُكَ. ٱصْعَدْ وَخَلِّصْنِي مِنْ يَدِ مَلِكِ أَرَامَ وَمِنْ يَدِ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ ٱلْقَائِمَيْنِ عَلَيَّ. ٨ فَأَخَذَ آحَازُ ٱلْفِضَّةَ وَٱلذَّهَبَ ٱلْمَوْجُودَةَ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ وَفِي خَزَائِنِ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ وَأَرْسَلَهَا إِلَى مَلِكِ أَشُّورَ هَدِيَّةً. ٩ فَسَمِعَ لَهُ مَلِكُ أَشُّورَ، وَصَعِدَ مَلِكُ أَشُّورَ إِلَى دِمَشْقَ وَأَخَذَهَا وَسَبَاهَا إِلَى قِيرَ، وَقَتَلَ رَصِينَ».
٢أيام ٢٨: ١٦ الخ ص ١٥: ٢٩ ص ١٢: ١٧ و١٨ و١٨: ١٥ و٢أيام ٢٨: ٢١ عاموس ١: ٣ – ٥ إشعياء ٢٢: ٦ وعاموس ٩: ٧
وَأَرْسَلَ آحَازُ رُسُلاً قال الرب بفم إشعياء النبي (إشعياء ٨: ١١ – ١٣) لا تقولوا فتنة لكل ما يقول له هذا الشعب فتنة. فكان يجب على يهوذا أن يتكلوا على الرب ولا يحالفوا رصين وفقح ولا أشور ولا مصر. وفي هذه الوصية حكمة سياسية لأن يهوذا إذا اتحدت مع آرام وإسرائيل تكون عرضة لغضب ملك أشور وإذا اتحدت مع أشور تبتلعها فيكون هذا الاتحاد كاتحاد الحمل والذئب. فلما استغاث آحاز بتغلث فلاسر صار له عبداً.
ٱلْفِضَّةَ وَٱلذَّهَبَ (ع ٨) كما في أيام رحبعام وآسا ويوآش وأمصيا. وقبل تغلث فلاسر الهدايا وخضوع آحاز بسرور. وأخذ دمشق بعد نحو سنتين بالحرب والحصار وقتل رصين. وموقع قير مجهول. وكان من سياسة ملوك أشور أن يسبوا أهل البلدان التي فتحوها ويُسكنوهم في مكان ضمن مملكة أشور لكي ينسوا وطنهم ويصيروا كأشوريين (١٥: ٢٩).
١٠ – ١٦ «١٠ وَسَارَ ٱلْمَلِكُ آحَازُ لِلِقَاءِ تَغْلَثَ فَلاَسَرَ مَلِكِ أَشُّورَ إِلَى دِمَشْقَ، وَرَأَى ٱلْمَذْبَحَ ٱلَّذِي فِي دِمَشْقَ. وَأَرْسَلَ ٱلْمَلِكُ آحَازُ إِلَى أُورِيَّا ٱلْكَاهِنِ شِبْهَ ٱلْمَذْبَحِ وَشَكْلَهُ حَسَبَ كُلِّ صِنَاعَتِهِ. ١١ فَبَنَى أُورِيَّا ٱلْكَاهِنُ مَذْبَحاً. حَسَبَ كُلِّ مَا أَرْسَلَ ٱلْمَلِكُ آحَازُ مِنْ دِمَشْقَ كَذٰلِكَ عَمِلَ أُورِيَّا ٱلْكَاهِنُ رَيْثَمَا جَاءَ ٱلْمَلِكُ آحَازُ مِنْ دِمَشْقَ. ١٢ فَلَمَّا قَدِمَ ٱلْمَلِكُ مِنْ دِمَشْقَ رَأَى ٱلْمَلِكُ ٱلْمَذْبَحَ، فَتَقَدَّمَ ٱلْمَلِكُ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ وَأَصْعَدَ عَلَيْهِ، ١٣ وَأَوْقَدَ مُحْرَقَتَهُ وَتَقْدِمَتَهُ وَسَكَبَ سَكِيبَهُ، وَرَشَّ دَمَ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ ٱلَّتِي لَهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. ١٤ وَمَذْبَحُ ٱلنُّحَاسِ ٱلَّذِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ قَدَّمَهُ مِنْ أَمَامِ ٱلْبَيْتِ مِنْ بَيْنِ ٱلْمَذْبَحِ وَبَيْتِ ٱلرَّبِّ، وَجَعَلَهُ عَلَى جَانِبِ ٱلْمَذْبَحِ ٱلشِّمَالِيِّ. ١٥ وَأَمَرَ ٱلْمَلِكُ آحَازُ أُورِيَّا ٱلْكَاهِنَ: عَلَى ٱلْمَذْبَحِ ٱلْعَظِيمِ أَوْقِدْ مُحْرَقَةَ ٱلصَّبَاحِ وَتَقْدِمَةَ ٱلْمَسَاءِ وَمُحْرَقَةَ ٱلْمَلِكِ وَتَقْدِمَتَهُ، مَعَ مُحْرَقَةِ كُلِّ شَعْبِ ٱلأَرْضِ وَتَقْدِمَتِهِمْ وَسَكَائِبِهِمْ، وَرُشَّ عَلَيْهِ كُلَّ دَمِ مُحْرَقَةٍ وَكُلَّ دَمِ ذَبِيحَةٍ. وَمَذْبَحُ ٱلنُّحَاسِ يَكُونُ لِي لِلسُّؤَالِ. ١٦ فَعَمِلَ أُورِيَّا ٱلْكَاهِنُ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ ٱلْمَلِكُ آحَازُ».
ص ١٥: ٢٩ إشعياء ٨: ٢ خروج ٤٠: ٦ و٢٩ ع ١١ خروج ٢٩: ٣٩ – ٤١ ع ١٤
وَسَارَ ٱلْمَلِكُ آحَازُ كان ذلك من واجباته بعدما خضع لملك أشور فهنأه بانتصاره وأخذ منه رسوم المذبح الذي في دمشق المذبح الذي كان ملك أشور قد أحضره من بلاده. وفي (٢أيام ٢٨: ٢٣) إن آحاز ذبح لآلهة دمشق.
أُورِيَّا ٱلْكَاهِنِ ربما هو أوريا المذكور في (إشعياء ٨: ٢) وهو أحد الشاهدين الأمينين. ولكنه في هذا الأمر لم يكن أميناً للرب.
تَقَدَّمَ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ وَأَصْعَدَ عَلَيْهِ (ع ١٢) تعدّى على شريعة الرب وأخذ على نفسه ما كان للكهنة وحدهم.
مُحْرَقَتَهُ الخ (ع ١٣) انظر (لاويين ص ١) في المحرقة (وص ٢) في التقدمة والسكيب و(ص ٣) في ذبيحة السلامة. فنستنتج أن المذبح كان مذبحاً أشورياً وغاية آحاز في بنائه هي إكرام ملك أشور. وأما الذبائح والتقادم فكانت المفروضة في شريعة الرب.
ٱلْمَذْبَحِ ٱلْعَظِيمِ (ع ١٥) هو الجديد فأمر آحاز أوريا الكاهن أن يوقد عليه المحرقات والتقادم للملك وللشعب.
وَمَذْبَحُ ٱلنُّحَاسِ يَكُونُ لِي لِلسُّؤَالِ يفهم بعضهم أن آحاز قصد سؤال الرب بواسطة مذبح النحاس ويفهم غيرهم وهذا الأرجح أنه أمر الكاهن بأن يقدم الذبائح والتقادم على المذبح الجديد ويضع مذبح النحاس على جانب بينما يفتكر ويستخبر ويسأل عن كيفية استعماله.
١٧ – ٢٠ «١٧ وَقَطَعَ ٱلْمَلِكُ آحَازُ أَتْرَاسَ ٱلْقَوَاعِدِ وَرَفَعَ عَنْهَا ٱلْمِرْحَضَةَ، وَأَنْزَلَ ٱلْبَحْرَ عَنْ ثِيرَانِ ٱلنُّحَاسِ ٱلَّتِي تَحْتَهُ وَجَعَلَهُ عَلَى رَصِيفٍ مِنْ حِجَارَةٍ. ١٨ وَرِوَاقَ ٱلسَّبْتِ ٱلَّذِي بَنُوهُ فِي ٱلْبَيْتِ، وَمَدْخَلَ ٱلْمَلِكِ مِنْ خَارِجٍ غَيَّرَهُ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ مِنْ أَجْلِ مَلِكِ أَشُّورَ. ١٩ وَبَقِيَّةُ أُمُورِ آحَازَ ٱلَّتِي عَمِلَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ ٱلأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا. ٢٠ ثُمَّ ٱضْطَجَعَ آحَازُ مَعَ آبَائِهِ، وَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَمَلَكَ حَزَقِيَّا ٱبْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ».
١ملوك ٧: ٢٧ و٢٨ و٣٨ و١ملوك ٧: ٢٣ و٢٥ و٢أيام ٢٨: ٢٦ و٢أيام ٢٨: ٢٧
أَتْرَاسَ ٱلْقَوَاعِدِ الخ (١ملوك ٧: ٢٧ – ٢٩).
ٱلْبَحْرَ (١ملوك ٧: ٢٣ – ٢٦) واستعملها للعبادة الوثنية أو ذوّبها لأجل النحاس.
ٱلْمِرْحَضَةَ (١ملوك ٧: ٣٨).
رَصِيفٍ مِنْ حِجَارَةٍ وهو دون بالنسبة إلى ما كان البحر عليه.
رِوَاقَ ٱلسَّبْتِ (ع ١٨) ربما كان في دار الهيكل لأجل الملك وحشمه حينما يحضر في السبوت والأعياد.
وَمَدْخَلَ ٱلْمَلِكِ مِنْ خَارِجٍ (١أيام ٢٦: ١٦ وحزقيال ٤٦: ٢) مدخل خصوصي للملك من بيته إلى بيت الرب. فأهان الرب وبيته وفرائضه وغيّرها وأكرم آلهة أشور. وفي (٢أيام ٢٨: ٢٤) أنه جمع آنية بيت الله وقطع آنية بيت الله وأغلق أبواب بيت الرب وعمل لنفسه مذابح في كل زاوية في أورشليم وفي كل مدينة فمدينة من يهوذا عمل مرتفعات للإيقاد لآلهة أخرى. وفي (٢ملوك ٢٣: ١١) ذكر الخيل التي أعطاها ملوك يهوذا للشمس عند مدخل بيت الرب ومركبات الشمس ومذابح على سطح عليّة آحاز.
ٱضْطَجَعَ آحَازُ مَعَ آبَائِهِ (ع ٢٠) مات في منتصف عمره. وفي أخبار الأيام أنهم لم يأتوا به إلى قبور ملوك إسرائيل لأنه كان قد ترك الرب وعبد الأصنام فلم يستحق أن يُدفن في قبور الملوك الصالحين وهكذا يهورام ويوآش وعزيا.
السابق |
التالي |