سفر الملوك الثاني | 04 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الملوك الثاني
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ
١ – ٧ «١ وَصَرَخَتْ إِلَى أَلِيشَعَ ٱمْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي ٱلأَنْبِيَاءِ قَائِلَةً: إِنَّ عَبْدَكَ زَوْجِي قَدْ مَاتَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ عَبْدَكَ كَانَ يَخَافُ ٱلرَّبَّ. فَأَتَى ٱلْمُرَابِي لِيَأْخُذَ وَلَدَيَّ لَهُ عَبْدَيْنِ. ٢ فَقَالَ لَهَا أَلِيشَعُ: مَاذَا أَصْنَعُ لَكِ؟ أَخْبِرِينِي مَاذَا لَكِ فِي ٱلْبَيْتِ. فَقَالَتْ: لَيْسَ لِجَارِيَتِكَ شَيْءٌ فِي ٱلْبَيْتِ إِلاَّ دُهْنَةَ زَيْتٍ. ٣ فَقَالَ: ٱذْهَبِي ٱسْتَعِيرِي لِنَفْسِكِ أَوْعِيَةً مِنْ خَارِجٍ مِنْ عِنْدِ جَمِيعِ جِيرَانِكِ، أَوْعِيَةً فَارِغَةً. لاَ تُقَلِّلِي. ٤ ثُمَّ ٱدْخُلِي وَأَغْلِقِي ٱلْبَابَ عَلَى نَفْسِكِ وَعَلَى بَنِيكِ، وَصُبِّي فِي جَمِيعِ هٰذِهِ ٱلأَوْعِيَةِ، وَمَا ٱمْتَلأَ ٱنْقُلِيهِ. ٥ فَذَهَبَتْ مِنْ عِنْدِهِ وَأَغْلَقَتِ ٱلْبَابَ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى بَنِيهَا. فَكَانُوا هُمْ يُقَدِّمُونَ لَهَا ٱلأَوْعِيَةَ وَهِيَ تَصُبُّ. ٦ وَلَمَّا ٱمْتَلأَتِ ٱلأَوْعِيَةُ قَالَتْ لابْنِهَا: قَدِّمْ لِي أَيْضاً وِعَاءً. فَقَالَ لَهَا: لاَ يُوجَدُ بَعْدُ وِعَاءٌ. فَوَقَفَ ٱلزَّيْتُ. ٧ فَأَتَتْ وَأَخْبَرَتْ رَجُلَ ٱللّٰهِ فَقَالَ: ٱذْهَبِي بِيعِي ٱلزَّيْتَ وَأَوْفِي دَيْنَكِ وَعِيشِي أَنْتِ وَبَنُوكِ بِمَا بَقِيَ».
ص ٢: ٣ لاويين ٢٥: ٢٩ – ٤١ و٤٨ و١صموئيل ٢٢: ٢ ونحميا ٥: ٢ – ٥ و١ملوك ١٢: ٢٢
مِنْ نِسَاءِ بَنِي ٱلأَنْبِيَاءِ نستنتج أن بعض بني الأنبياء كانوا متزوجين ولهم بيوت وأملاك وأعمال خاصة. وكان أليشع رئيسهم فصرخت الأرملة إليه. وللأرامل واليتامى عناية خصوصية من الله.
فَأَتَى ٱلْمُرَابِي ربما التزم صاحب البيت في مرضه الأخير أن يستدين لأجل نفقات بيته الضرورية.
لِيَأْخُذَ وَلَدَيَّ لَهُ عَبْدَيْنِ وشريعة موسى تذكر هذا الأمر ولا تمنعه غير أنها حفظت ولطفت أحوال المدينين (لاويين ٢٥: ٣٥ – ٤٦) والمرابي المذكور هنا هو كالفريسيين في زمان يسوع الذين كانوا يأكلون بيوت الأرامل فعاتبهم يسوع.
مَاذَا أَصْنَعُ لَكِ الخ (ع ٢) لا يقدر أن يتكلم مع المرابي لأنه من طمعه وقساوة قلبه لا يقبل الإنذار وليس لأليشع مال ليوفي عنها.
دُهْنَةَ زَيْتٍ ما يكفي لدهن لقمة من الخبز أي قليل من الزيت. والرب يطلب منا أن نقدم له ما عندنا وإن كان قليلاً وببركة الرب يصير القليل كثيراً. كما شبع خمسة آلاف من خمس خبزات بعدما بارك الرب. وبتقدمة المرأة للنبي اشتركت في عمل الرب.
ٱسْتَعِيرِي (ع ٣) في ذلك دليل على فقرها لأن ليس لها أوعية في البيت. وعلى امتحان إيمانها لأنها استعارب أوعية وليس لها شيء لتضعه فيها. وربما جاراتها كن من نساء الأنبياء ولهن إيمان فأعرن الأوعية بسرور.
لاَ تُقَلِّلِي وهكذا يقول الرب لجميع الذين يسألونه. لا تقللوا بل اطلبوا أموراً كثيرة وعظيمة ومن يطلب هكذا يكرم الرب (مزمور ٨١: ١٠).
أَغْلِقِي ٱلْبَابَ (ع ٤) لكي توجه أفكارها للرب (متّى ٦: ٦) وللبيان أن الزيت لم يأتها من الخارج.
فَوَقَفَ ٱلزَّيْتُ (ع ٦) لم يقف حتى امتلأت جميع الأوعية الموجودة. ولا شك في أنه لو كانت الأوعية أكثر كان الزيت أكثر. ولو طلبنا من الرب بركات أعظم وأكثر كان أعطانا مطلوبنا.
أَخْبَرَتْ رَجُلَ ٱللّٰهِ (ع ٧) لم تحسب أن الزيت لها بل هو للرب فعليها أن تعمل فيه كما أراد الرب.
وَعِيشِي أَنْتِ وَبَنُوكِ بِمَا بَقِيَ كان وفاء الدين أُولى الواجبات.
٨ – ١٧ «٨ وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ عَبَرَ أَلِيشَعُ إِلَى شُونَمَ. وَكَانَتْ هُنَاكَ ٱمْرَأَةٌ عَظِيمَةٌ فَأَمْسَكَتْهُ لِيَأْكُلَ خُبْزاً. وَكَانَ كُلَّمَا عَبَرَ يَمِيلُ إِلَى هُنَاكَ لِيَأْكُلَ خُبْزاً. ٩ فَقَالَتْ لِرَجُلِهَا: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلَ ٱللّٰهِ مُقَدَّسٌ ٱلَّذِي يَمُرُّ عَلَيْنَا دَائِماً. ١٠ فَلْنَعْمَلْ عُلِّيَّةً عَلَى ٱلْحَائِطِ صَغِيرَةً وَنَضَعْ لَهُ هُنَاكَ سَرِيراً وَخِوَاناً وَكُرْسِيّاً وَمَنَارَةً، حَتَّى إِذَا جَاءَ إِلَيْنَا يَمِيلُ إِلَيْهَا. ١١ وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ جَاءَ إِلَى هُنَاكَ وَمَالَ إِلَى ٱلْعُلِّيَّةِ وَٱضْطَجَعَ فِيهَا. ١٢ فَقَالَ لِجِيحَزِي غُلاَمِهِ: ٱدْعُ هٰذِهِ ٱلشُّونَمِيَّةَ. فَدَعَاهَا فَوَقَفَتْ أَمَامَهُ. ١٣ فَقَالَ لَهُ: قُلْ لَهَا: هُوَذَا قَدِ ٱنْزَعَجْتِ بِسَبَبِنَا كُلَّ هٰذَا ٱلانْزِعَاجِ، فَمَاذَا يُصْنَعُ لَكِ؟ هَلْ لَكِ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلَى ٱلْمَلِكِ أَوْ إِلَى رَئِيسِ ٱلْجَيْشِ؟ فَقَالَتْ: إِنَّمَا أَنَا سَاكِنَةٌ فِي وَسَطِ شَعْبِي. ١٤ ثُمَّ قَالَ: فَمَاذَا يُصْنَعُ لَهَا؟ فَقَالَ جِيحَزِي: إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا ٱبْنٌ وَرَجُلُهَا قَدْ شَاخَ. ١٥ فَقَالَ: ٱدْعُهَا. فَدَعَاهَا فَوَقَفَتْ فِي ٱلْبَابِ. ١٦ فَقَالَ: فِي هٰذَا ٱلْمِيعَادِ نَحْوَ زَمَانِ ٱلْحَيَاةِ تَحْتَضِنِينَ ٱبْناً. فَقَالَتْ: لاَ يَا سَيِّدِي رَجُلَ ٱللّٰهِ! لاَ تَكْذِبْ عَلَى جَارِيَتِكَ!. ١٧ فَحَبِلَتِ ٱلْمَرْأَةُ وَوَلَدَتِ ٱبْناً فِي ذٰلِكَ ٱلْمِيعَادِ نَحْوَ زَمَانِ ٱلْحَيَاةِ كَمَا قَالَ لَهَا أَلِيشَعُ».
يشوع ١٩: ١٨ و١صموئيل ٢٥: ٢ و٢صموئيل ١٩: ٣٢ ع ٧ ع ٢٩ – ٣١ و٥: ٢٠ – ٢٧ و٨: ٤ و٥ تكوين ١٨: ١٤ ع ٢٨
شُونَمَ كانت لسبط يساكر (يشوع ١٩: ١٨) حل الفلسطينيون فيها قبل معركة جلبوع العظيمة وكانت مسكن أبيشج (١ملوك ١: ٣) وهي سولم على جانب جبل الدوحي الجنوبي الغربي على بعد ثلاثة أميال من يزرعيل.
ٱمْرَأَةٌ عَظِيمَةٌ أي غنية أو امرأة رجل غني. ونستنتج من سياق الكلام أنها كانت نبيهة ذكية تقية وفي هذه الصفات متقدمة على رجلها.
فَأَمْسَكَتْهُ كان أليشع يمر على شونم كثيراً لأنها على طريقه من الكرمل إلى مدن الجليل ومدارس الأنبياء في الجلجال وبيت إيل وغيرها. وكانت هذه المرأة كريمة غيورة فنستدل على وجود أناس يخافون الرب حتى في أيام الانحطاط الديني وامتداد عبادة البعل.
عُلِّيَّةً (ع ١٠) مكان منفرد عن بقية البيت وموافق لراحة النبي وعبادته السرّية. وكانت مخصصة له كأنها بيته.
جِيحَزِي غُلاَمِهِ (ع ١٢) خادمه كما كان أليشع خادماً لإيليا ولكننا سنرى (٥: ٢٠ – ٢٧) أنه كان رجلاً طماعاً ليس فيه إيمان سيده.
مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلَى ٱلْمَلِكِ (ع ١٣) نرى أن الملك وإن كان شريراً كان يعتبر أليشع ويسمع كلامه (٣: ١٢ و٦: ٩ و٢١ و١٣: ١٤) ونرى كرم أخلاق أليشع فإنه قد شكرها وأراد أن يعوّض عليها.
أَنَا سَاكِنَةٌ فِي وَسَطِ شَعْبِي ليس لها من يؤذيها وهي مستريحة وراضية عن حالها.
إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا ٱبْنٌ (ع ١٤) وربما لم تذكر المرأة هذا الأمر لأنها افتكرت أنه ليس فيه رجاء فقالت لا تكذب على جاريتك أي لم تصدق إن هذا الأمر يكون.
١٨ – ٣١ «١٨ وَكَبِرَ ٱلْوَلَدُ. وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ خَرَجَ إِلَى أَبِيهِ إِلَى ٱلْحَصَّادِينَ. ١٩ وَقَالَ لأَبِيهِ: رَأْسِي رَأْسِي. فَقَالَ لِلْغُلاَمِ: ٱحْمِلْهُ إِلَى أُمِّهِ. ٢٠ فَحَمَلَهُ وَأَتَى بِهِ إِلَى أُمِّهِ، فَجَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهَا إِلَى ٱلظُّهْرِ وَمَاتَ. ٢١ فَصَعِدَتْ وَأَضْجَعَتْهُ عَلَى سَرِيرِ رَجُلِ ٱللّٰهِ وَأَغْلَقَتْ عَلَيْهِ وَخَرَجَتْ. ٢٢ وَنَادَتْ رَجُلَهَا وَقَالَتْ: أَرْسِلْ لِي وَاحِداً مِنَ ٱلْغِلْمَانِ وَإِحْدَى ٱلأُتُنِ فَأَجْرِيَ إِلَى رَجُلِ ٱللّٰهِ وَأَرْجِعَ. ٢٣ فَقَالَ: لِمَاذَا تَذْهَبِينَ إِلَيْهِ ٱلْيَوْمَ؟ لاَ رَأْسُ شَهْرٍ وَلاَ سَبْتٌ. فَقَالَتْ: سَلاَمٌ. ٢٤ وَشَدَّتْ عَلَى ٱلأَتَانِ، وَقَالَتْ لِغُلاَمِهَا: سُقْ وَسِرْ وَلاَ تَتَعَوَّقْ لأَجْلِي فِي ٱلرُّكُوبِ إِنْ لَمْ أَقُلْ لَكَ. ٢٥ وَٱنْطَلَقَتْ حَتَّى جَاءَتْ إِلَى رَجُلِ ٱللّٰهِ إِلَى جَبَلِ ٱلْكَرْمَلِ. فَلَمَّا رَآهَا رَجُلُ ٱللّٰهِ مِنْ بَعِيدٍ قَالَ لِجِيحَزِي غُلاَمِهِ: هُوَذَا تِلْكَ ٱلشُّونَمِيَّةُ. ٢٦ اُرْكُضِ ٱلآنَ لِلِقَائِهَا وَقُلْ لَهَا: أَسَلاَمٌ لَكِ؟ أَسَلاَمٌ لِزَوْجِكِ؟ أَسَلاَمٌ لِلْوَلَدِ؟ فَقَالَتْ: سَلاَمٌ. ٢٧ فَلَمَّا جَاءَتْ إِلَى رَجُلِ ٱللّٰهِ إِلَى ٱلْجَبَلِ أَمْسَكَتْ رِجْلَيْهِ. فَتَقَدَّمَ جِيحَزِي لِيَدْفَعَهَا. فَقَالَ رَجُلُ ٱللّٰهِ: دَعْهَا لأَنَّ نَفْسَهَا مُرَّةٌ فِيهَا وَٱلرَّبُّ كَتَمَ ٱلأَمْرَ عَنِّي وَلَمْ يُخْبِرْنِي. ٢٨ فَقَالَتْ: هَلْ طَلَبْتُ ٱبْناً مِنْ سَيِّدِي؟ أَلَمْ أَقُلْ لاَ تَخْدَعْنِي؟ ٢٩ فَقَالَ لِجِيحَزِي: اُشْدُدْ حَقَوَيْكَ وَخُذْ عُكَّازِي بِيَدِكَ وَٱنْطَلِقْ، وَإِذَا صَادَفْتَ أَحَداً فَلاَ تُبَارِكْهُ، وَإِنْ بَارَكَكَ أَحَدٌ فَلاَ تُجِبْهُ. وَضَعْ عُكَّازِي عَلَى وَجْهِ ٱلصَّبِيِّ. ٣٠ فَقَالَتْ أُمُّ ٱلصَّبِيِّ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ. فَقَامَ وَتَبِعَهَا. ٣١ وَجَازَ جِيحَزِي قُدَّامَهُمَا وَوَضَعَ ٱلْعُكَّازَ عَلَى وَجْهِ ٱلصَّبِيِّ فَلَمْ يَكُنْ صَوْتٌ وَلاَ مُصْغٍ. فَرَجَعَ لِلِقَائِهِ وَأَخْبَرَهُ قَائِلاً: لَمْ يَنْتَبِهِ ٱلصَّبِيُّ».
ع ٣٢ ع ٧ عدد ١٠: ١٠ و٢٨: ١١ و١أيام ٢٣: ٣١ ص ٢: ٢٥ ع ٢٥ ع ١٦ ص ٩: ١ و١ملوك ١٨: ٤٦ ص ٢: ١٤ وخروج ٤: ١٧ لوقا ١٠: ٤ خروج ٧: ١٩ و٢٠ و١٤: ١٦ ص ٢: ٢ و٤
ٱلْحَصَّادِينَ أراضي شونم مخصبة جداً حتى اليوم. ونستنتج أن الرجل كان غنياً له أراضٍ متسعة وكثير من الخدام والحصادين.
رَأْسِي رَأْسِي (ع ١٩) قول الولد يدل على ضربة الشمس لأن الشمس في أيام الحصاد قوية جداً وربما لم يعتن به أحد لأن الجميع كانوا مشغولين.
أَضْجَعَتْهُ عَلَى سَرِيرِ رَجُلِ ٱللّٰهِ (ع ٢١) لأن العلّية كانت على حدة أو لأنها قصدت الذهاب إلى أليشع فيأتي هو ويجد الولد على سريره.
فَأَجْرِيَ… وَأَرْجِعَ (ع ٢٢) من شونم إلى الكرمل مسافة نحو ست ساعات.
لِمَاذَا تَذْهَبِينَ الخ (ع ٢٣) ربما لم يعرف أن الولد كان قد مات أو لم يصدق أن أليشع أو غيره يقدر أن يعمل شيئاً لأجل الولد بعدما يكون قد مات. ونستنتج أنه كان في الكرمل اجتماعات دينية في أوقات معروفة فحُفظت عبادة الرب في زمان الانحطاط والسجود للأصنام. وكان رأس الشهر عيداً للرب (عدد ١٠: ١٠).
فَقَالَتْ سَلاَمٌ لم ترد أن تتكلم مع رجلها ربما من عجلتها أو لأنه لو عرف قصدها لما استحسنه.
لاَ تَتَعَوَّقْ لأَجْلِي (ع ٢٤) أي سق الأتان ولا تتعوق خوفاً من أن تزعجني.
اُرْكُضِ ٱلآنَ لِلِقَائِهَا (ع ٢٦) عرف من مجيئها في وقت غير اعتيادي وهي مستعجلة أنه قد حدث شيء يستلزم المساعدة منه بالعجل. وقولها سلام لا يفيد إلا عدم الجواب لأنها لم تستحسن أن تتعوق بالكلام مع خادم النبي بل أرادت أن تصل إلى النبي نفسه سريعاً.
لِيَدْفَعَهَا (ع ٢٧) من صغر عقله لم يفتكر إلا بواجبات الاحترام وأما النبي فنظر إلى ما كان أعمق من الواجبات الخارجية.
ٱلرَّبُّ كَتَمَ ٱلأَمْرَ عَنِّي إن الرب لم يعلن لأليشع أو لغيره من الأنبياء كل الأمور بل كانوا يستخبرون ويتعلمون الأمور الاعتيادية مثلنا.
فَقَالَتْ هَلْ طَلَبْتُ ٱبْناً مِنْ سَيِّدِي (ع ٢٨) لم تقل إلا هذه الجملة المختصرة والنبي فهم منها أن الولد قد مات.
وَخُذْ عُكَّازِي (ع ٢٩) ربما افتكر أن عكازه كعصا موسى التي بها صنع آيات أو رداء إيليا الذي به فلق الأردن. ولكن تعلّم أليشع وجيحزي والشونمية وغيرهم أن القوة ليست بالعكاز بل من الرب ولم يرد الرب أن يستعمل عكازاً بل استعمل النبي نفسه وأقام الولد استجابة للصلاة باللجاجة.
٣٢ – ٣٧ «٣٢ وَدَخَلَ أَلِيشَعُ ٱلْبَيْتَ وَإِذَا بِٱلصَّبِيِّ مَيِّتٌ وَمُضْطَجِعٌ عَلَى سَرِيرِهِ. ٣٣ فَدَخَلَ وَأَغْلَقَ ٱلْبَابَ عَلَى نَفْسَيْهِمَا كِلَيْهِمَا وَصَلَّى إِلَى ٱلرَّبِّ. ٣٤ ثُمَّ صَعِدَ وَٱضْطَجَعَ فَوْقَ ٱلصَّبِيِّ وَوَضَعَ فَمَهُ عَلَى فَمِهِ وَعَيْنَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ وَيَدَيْهِ عَلَى يَدَيْهِ، وَتَمَدَّدَ عَلَيْهِ فَسَخِنَ جَسَدُ ٱلْوَلَدِ. ٣٥ ثُمَّ عَادَ وَتَمَشَّى فِي ٱلْبَيْتِ تَارَةً إِلَى هُنَا وَتَارَةً إِلَى هُنَاكَ، وَصَعِدَ وَتَمَدَّدَ عَلَيْهِ فَعَطَسَ ٱلصَّبِيُّ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ فَتَحَ ٱلصَّبِيُّ عَيْنَيْهِ. ٣٦ فَدَعَا جِيحَزِي وَقَالَ: اُدْعُ هٰذِهِ ٱلشُّونَمِيَّةَ فَدَعَاهَا. وَلَمَّا دَخَلَتْ إِلَيْهِ قَالَ: ٱحْمِلِي ٱبْنَكِ. ٣٧ فَأَتَتْ وَسَقَطَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ وَسَجَدَتْ إِلَى ٱلأَرْضِ، ثُمَّ حَمَلَتِ ٱبْنَهَا وَخَرَجَتْ».
ع ٤ ومتى ٦: ٦ ولوقا ٨: ٥١ و١ملوك ١٧: ٢١ – ٢٣ عبرانيين ١١: ٣٥
وَإِذَا بِٱلصَّبِيِّ مَيِّتٌ مات موتاً حقيقياً ولم يُغش عليه فقط.
وَصَلَّى إِلَى ٱلرَّبِّ (ع ٣٣) كانت صلاته دليلاً: (١) على محبته للولد واهتمامه بأهله (٢) على عدم الاتكال على العكاز أو على الخادم أو على نفسه (٣) على رجائه بأن الرب يسمع ويستجيب ويقيم الولد لأنه قادر على كل شيء.
ثُمَّ عَادَ وَتَمَشَّى فِي ٱلْبَيْتِ (ع ٣٥) دليل على اضطراب أفكاره لأن الرب لم يستجب له في أول الأمر وإن لم يقم الولد يستهزئ الناس به ويجدفون على الرب. واهتم بالولد أيضاً لأنه كان يحب الولد وأهله.
وَسَجَدَتْ إِلَى ٱلأَرْضِ (ع ٣٧) كان سجودها للرب الذي رأت قوته في العمل واعترفت أيضاً بأن أليشع نبيه. وشكرت للرب قبلما احتضنت ابنها.
٣٨ – ٤١ «٣٨ وَرَجَعَ أَلِيشَعُ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ. وَكَانَ جُوعٌ فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ بَنُو ٱلأَنْبِيَاءِ جُلُوساً أَمَامَهُ. فَقَالَ لِغُلاَمِهِ: هَيِّئِ ٱلْقِدْرَ ٱلْكَبِيرَةَ وَٱسْلُقْ سَلِيقَةً لِبَنِي ٱلأَنْبِيَاءِ. ٣٩ وَخَرَجَ وَاحِدٌ إِلَى ٱلْحَقْلِ لِيَلْتَقِطَ بُقُولاً، فَوَجَدَ يَقْطِيناً بَرِّيّاً، فَٱلْتَقَطَ مِنْهُ قُثَّاءً بَرِّيّاً مِلْءَ ثَوْبِهِ، وَأَتَى وَقَطَّعَهُ فِي قِدْرِ ٱلسَّلِيقَةِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا. ٤٠ وَصَبُّوا لِلْقَوْمِ لِيَأْكُلُوا. وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ مِنَ ٱلسَّلِيقَةِ صَرَخُوا: فِي ٱلْقِدْرِ مَوْتٌ يَا رَجُلَ ٱللّٰهِ! وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَأْكُلُوا. ٤١ فَقَالَ: هَاتُوا دَقِيقاً. فَأَلْقَاهُ فِي ٱلْقِدْرِ وَقَالَ: صُبَّ لِلْقَوْمِ فَيَأْكُلُوا. فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ رَدِيءٌ فِي ٱلْقِدْرِ».
ص ٢: ١ ص ٨: ١ ص ٢: ٣ لوقا ١٠: ٣٩ وأعمال ٢٢: ٣ حزقيال ١١: ٣ و٧ و١١ و٢٤: ٣ ص ٢: ٢١ وخروج ١٥: ٢٥
ٱلْجِلْجَالِ (انظر ٢: ١ وتفسيره) كانت الجلجال في أفرايم إلى الشمال من بيت إيل وكان أليشع يتردد إليها لأن فيها مدرسة للأنبياء.
وَكَانَ جُوعٌ (ربما المذكور في ٨: ١).
جُلُوساً أَمَامَهُ جلوس تلاميذ أمام معلمهم.
يَقْطِيناً بَرِّيّاً (ع ٣٩) القثاء البري ويرجّح أنه الحنظل وطعمه مر وفعله مسهل عنيف يحدث مغصاً وقيئاً شديداً.
مِلْءَ ثَوْبِهِ أي قدر ما يقدر أن يضعه في عباءته.
صَرَخُوا (ع ٤٠) عرفوه من طعمه المرّ وتوقفوا عن الأكل قبلما أكلوا مقدار ما يسمّهم.
هَاتُوا دَقِيقاً (ع ٤١) ليس في الدقيق ما يضاد السمّ ولكنه الواسطة التي اختارها الرب كالملح (فيلبي ٢: ٢٠) وبنو الأنبياء أظهروا إيمانهم بأليشع وبالرب لأنهم أكلوا حسب قوله مما كان سابقاً سامّاً.
٤٢، ٤٣ «٤٢ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَعْلِ شَلِيشَةَ وَأَحْضَرَ لِرَجُلِ ٱللّٰهِ خُبْزَ بَاكُورَةٍ عِشْرِينَ رَغِيفاً مِنْ شَعِيرٍ وَسَوِيقاً فِي جِرَابِهِ. فَقَالَ: أَعْطِ ٱلشَّعْبَ لِيَأْكُلُوا. ٤٣ فَقَالَ خَادِمُهُ: مَاذَا؟ هَلْ أَجْعَلُ هٰذَا أَمَامَ مِئَةِ رَجُلٍ! فَقَالَ: أَعْطِ ٱلشَّعْبَ فَيَأْكُلُوا، لأَنَّهُ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: يَأْكُلُونَ وَيَفْضُلُ عَنْهُمْ. فَجَعَلَ أَمَامَهُمْ فَأَكَلُوا، وَفَضَلَ عَنْهُمْ حَسَبَ قَوْلِ ٱلرَّبِّ».
متّى ١٤: ١٦ – ٢١ و١٥: ٣٢ – ٣٨
بَعْلِ شَلِيشَةَ أرض شليشة مذكورة في (١صموئيل ٩: ٤) وموقعها مجهول غير أنها كانت قريبة من الجلجال.
خُبْزَ بَاكُورَةٍ ربما أحضره الرجل لأنه من الواجبات الدينية أن يقدمه للرب (لاويين ٢٣: ١٤). فكان ذلك دليلاً على وجود من يخافون الرب وإن كان عموم الناس يسجدون للبعل.
سَوِيق الطحين الناعم الذي يخرج من البرغل وبعضهم يفهمون من الكلمة الأصلية الحنطة الجديدة قبلما تيبس أي الفريك (لاويين ٢: ١٤ و٢٣: ١٤).
أَعْطِ ٱلشَّعْبَ لِيَأْكُلُوا نرى كرم الرجل الذي أحضر الخبز في وقت الجوع وكرم النبي الذي لم يرد أن يحفظها لنفسه. وأما العشرون رغيفاً فلا تكفي مئة رجل.
فَأَكَلُوا، وَفَضَلَ (ع ٤٤) هنا رمز إلى ما فعله يسوع (متّى ١٤: ١٥ – ٢٢ و٢٥: ٣٢ – ٣٨). ونفهم إما أن الرب كثّر الخبز فشبعوا (وهذا الأرجح) أو أنه باركه فشبعوا منه وإن كان قليلاً.
«في القدر موت» ع ٤٠
- في قِدر المسكر.
- في قِدر المأكولات التي نحصل عليها بواسطة السرقة والظلم.
- في قِدر المأكولات التي نأكلها بلا شكر وبلا بركة من الرب.
- في القِدر الفارغ أي الفقر والجوع مع التذمر وعدم التسليم للرب.
وبركة الرب تصلح كل شيء كالدقيق من يد النبي.
«يأكلون ويفضل عنهم» ع ٤٣
- ليس الشبع من كثرة الأكل ولا من أنواعه بل من بركة الرب عليه.
- إن الرب يطعم شعبه في أيام الجوع وله وسائل وطرق لا نعرفها. وإن لم يطعمهم يكون جوعهم الجسدي لخيرهم الروحي ولمجده.
- إن الرب يأخذ ما عندنا ويكثره فعلينا أن نقدم له تقادمنا وإن كانت قليلة وخدمتنا وإن كانت ضعيفة وهو يكمّلها.
السابق |
التالي |