الملوك الثاني

سفر الملوك الثاني | 01 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الملوك الثاني

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

١ – ١٨ «١ وَعَصَى مُوآبُ عَلَى إِسْرَائِيلَ بَعْدَ وَفَاةِ أَخْآبَ. ٢ وَسَقَطَ أَخَزْيَا مِنَ ٱلْكُوَّةِ ٱلَّتِي فِي عُلِّيَّتِهِ ٱلَّتِي فِي ٱلسَّامِرَةِ فَمَرِضَ، وَأَرْسَلَ رُسُلاً وَقَالَ لَهُمُ: ٱذْهَبُوا ٱسْأَلُوا بَعْلَ زَبُوبَ إِلٰهَ عَقْرُونَ إِنْ كُنْتُ أَبْرَأُ مِنْ هٰذَا ٱلْمَرَضِ. ٣ فَقَالَ مَلاَكُ ٱلرَّبِّ لإِيلِيَّا ٱلتِّشْبِيِّ قُمِ: ٱصْعَدْ لِلِقَاءِ رُسُلِ مَلِكِ ٱلسَّامِرَةِ وَقُلْ لَهُمْ: هَلْ لأَنَّهُ لاَ يُوجَدُ فِي إِسْرَائِيلَ إِلٰهٌ، تَذْهَبُونَ لِتَسْأَلُوا بَعْلَ زَبُوبَ إِلٰهَ عَقْرُونَ؟ ٤ فَلِذٰلِكَ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: إِنَّ ٱلسَّرِيرَ ٱلَّذِي صَعِدْتَ عَلَيْهِ لاَ تَنْزِلُ عَنْهُ بَلْ مَوْتاً تَمُوتُ. فَٱنْطَلَقَ إِيلِيَّا. ٥ وَرَجَعَ ٱلرُّسُلُ إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا رَجَعْتُمْ؟ ٦ فَقَالُوا لَهُ: صَعِدَ رَجُلٌ لِلِقَائِنَا وَقَالَ لَنَا: ٱذْهَبُوا رَاجِعِينَ إِلَى ٱلْمَلِكِ ٱلَّذِي أَرْسَلَكُمْ وَقُولُوا لَهُ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: هَلْ لأَنَّهُ لاَ يُوجَدُ فِي إِسْرَائِيلَ إِلٰهٌ أَرْسَلْتَ لِتَسْأَلَ بَعْلَ زَبُوبَ إِلٰهَ عَقْرُونَ؟ لِذٰلِكَ ٱلسَّرِيرُ ٱلَّذِي صَعِدْتَ عَلَيْهِ لاَ تَنْزِلُ عَنْهُ بَلْ مَوْتاً تَمُوتُ. ٧ فَقَالَ لَهُمْ: مَا هِيَ هَيْئَةُ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي صَعِدَ لِلِقَائِكُمْ وَكَلَّمَكُمْ بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ؟ ٨ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُ رَجُلٌ أَشْعَرُ مُتَنَطِّقٌ بِمِنْطَقَةٍ مِنْ جِلْدٍ عَلَى حَقَوَيْهِ. فَقَالَ: هُوَ إِيلِيَّا ٱلتِّشْبِيُّ. ٩ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَئِيسَ خَمْسِينَ مَعَ ٱلْخَمْسِينَ ٱلَّذِينَ لَهُ، فَصَعِدَ إِلَيْهِ وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رَأْسِ ٱلْجَبَلِ. فَقَالَ لَهُ: يَا رَجُلَ ٱللّٰهِ، ٱلْمَلِكُ يَقُولُ ٱنْزِلْ. ١٠ فَأَجَابَ إِيلِيَّا رَئِيسَ ٱلْخَمْسِينَ: إِنْ كُنْتُ أَنَا رَجُلَ ٱللّٰهِ فَلْتَنْزِلْ نَارٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَتَأْكُلْكَ أَنْتَ وَٱلْخَمْسِينَ ٱلَّذِينَ لَكَ. فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُ هُوَ وَٱلْخَمْسِينَ ٱلَّذِينَ لَهُ. ١١ ثُمَّ عَادَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَئِيسَ خَمْسِينَ آخَرَ وَٱلْخَمْسِينَ ٱلَّذِينَ لَهُ. فَقَالَ لَهُ: يَا رَجُلَ ٱللّٰهِ، هٰكَذَا يَقُولُ ٱلْمَلِكُ: أَسْرِعْ وَٱنْزِلْ. ١٢ فَأَجَابَ إِيلِيَّا: إِنْ كُنْتُ أَنَا رَجُلَ ٱللّٰهِ فَلْتَنْزِلْ نَارٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَتَأْكُلْكَ أَنْتَ وَٱلْخَمْسِينَ ٱلَّذِينَ لَكَ. فَنَزَلَتْ نَارُ ٱللّٰهِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُ هُوَ وَٱلْخَمْسِينَ ٱلَّذِينَ لَهُ. ١٣ ثُمَّ عَادَ فَأَرْسَلَ رَئِيسَ خَمْسِينَ ثَالِثاً وَٱلْخَمْسِينَ ٱلَّذِينَ لَهُ. فَصَعِدَ رَئِيسُ ٱلْخَمْسِينَ ٱلثَّالِثُ وَجَاءَ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَمَامَ إِيلِيَّا، وَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: يَا رَجُلَ ٱللّٰهِ، لِتُكْرَمْ نَفْسِي وَأَنْفُسُ عَبِيدِكَ هٰؤُلاَءِ ٱلْخَمْسِينَ فِي عَيْنَيْكَ. ١٤ هُوَذَا قَدْ نَزَلَتْ نَارٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَأَكَلَتْ رَئِيسَيِ ٱلْخَمْسِينَيْنِ ٱلأَوَّلَيْنِ وَخَمْسِينَيْهِمَا، وَٱلآنَ فَلْتُكْرَمْ نَفْسِي فِي عَيْنَيْكَ. ١٥ فَقَالَ مَلاَكُ ٱلرَّبِّ لإِيلِيَّا: ٱنْزِلْ مَعَهُ. لاَ تَخَفْ مِنْهُ. فَقَامَ وَنَزَلَ مَعَهُ إِلَى ٱلْمَلِكِ. ١٦ وَقَالَ لَهُ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ أَرْسَلْتَ رُسُلاً لِتَسْأَلَ بَعْلَ زَبُوبَ إِلٰهَ عَقْرُونَ، فَهَلْ لاَ يُوجَدُ فِي إِسْرَائِيلَ إِلٰهٌ لِتَسْأَلَ عَنْ كَلاَمِهِ! لِذٰلِكَ ٱلسَّرِيرُ ٱلَّذِي صَعِدْتَ عَلَيْهِ لاَ تَنْزِلُ عَنْهُ بَلْ مَوْتاً تَمُوتُ. ١٧ فَمَاتَ حَسَبَ كَلاَمِ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ إِيلِيَّا. وَمَلَكَ يُورَامُ عِوَضاً عَنْهُ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلثَّانِيَةِ لِيَهُورَامَ بْنِ يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ٱبْنٌ. ١٨ وَبَقِيَّةُ أُمُورِ أَخَزْيَا ٱلَّتِي عَمِلَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ ٱلأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ».

ص ٣: ٥ و٢صموئيل ٨: ٢ ع ٣ و٦ و١٦ ومتّى ١: ٢٥ ومرقس ٣: ٢٢ ص ٨: ٧ – ١٠ و١ملوك ١٧: ١ و٢١: ١٧ ع ٢ ع ٦ و١٦ ع ٢ زكريا ١٣: ٤ ومتّى ٣: ٤ ومرقس ١: ٦ قضاة ١٣: ٦ و١صموئيل ٢: ٢٧ و١ملوك ١٨: ٣٦ – ٣٨ ولوقا ٩: ٥٤ أيوب ١: ١٦ ع ٣ ص ٣: ١ و٨: ١٦

وَعَصَى مُوآبُ عَلَى إِسْرَائِيلَ (اطلب ديبون في قاموس الكتاب وانظر صورة الحجر الموآبي وترجمة المكتوب عليه). كان داود قد فتح موآب (٢صموئيل ٨: ٢) وربما استقلت عند موت سليمان ثم أخضعها عمري ملك إسرائيل كما علمنا من الحجر الموآبي وكان الموآبيون يؤدون الجزية لإسرائيل (٣: ٤) في مدة ملك عمري وملك ابنه أخآب وبعد وفاة أخآب في راموت جلعاد وتشتُّت جيشه (١ملوك ٢٢: ٢٩ – ٣٦) اغتنم ملك موآب الفرصة ليعصى على إسرائيل.

مِنَ ٱلْكُوَّةِ (ع ٢) كافتيخس (أعمال ٢٠: ٩ – ١٢) الذي كان جالساً في طاقة في الطبقة الثالثة وسقط إلى أسفل.

فَمَرِض لازم الفراش بسبب جراحه.

بَعْلَ زَبُوبَ معناه إله الذباب. والذباب من أعظم ضربات بني البشر وهو يتولد في الأقذار وينقل جراثيم الأمراض. وكان بعل زبوب الإله الذي سجدوا له لكي يمنع عنهم الذباب وكان أكبر جميع آلهة الفلسطينيين فدُعي رئيس الشياطين في (متّى ١٢: ٢٤) والاسم في العهد الجديد بعل زبول أي سيد الأقذار. وربما أن الذباب يتولد من الميت ويتوالد كثيراً ربما كان في هذه العبادة إشارة إلى الحياة من الموت والشفاء من المرض. وعقرون إحدى مدن الفلسطينيين الخمس وموقعها في شمال أرض الفلسطينيين والسؤال من بعل زبوب دليل على عدم إيمانه بالرب واحتقاره له.

فَقَالَ مَلاَكُ ٱلرَّبِّ (ع ٣) قال الرب بواسطة ملاكه. وآخر ذكر لإيليا كان كلامه مع أخآب في كرم نابوت قبل هذه الحادثة بنحو أربع سنين (١ملوك ٢١: ١٧ – ٢٤).

قُمِ ٱصْعَدْ لِلِقَاءِ دليل على أن إيليا مرسل من قبل الرب الذي عرف ما حدث وما سيحدث فإن إيليا عرف ذهاب رسل أخزيا وقصدهم قبلما وصل له خبرهم وأخبرهم بما سيصير لأخزيا.

مَوْتاً تَمُوتُ (ع ٤) لم يخبر الرب بما سيحدث لأخزيا فقط بل أيضاً قضاه له جزاء لخطيته بترك الرب.

لِمَاذَا رَجَعْتُمْ (ع ٥) تعجب الملك من رجوعهم قبل الوقت وربما قابلوا إيليا قرب السامرة وهم نازلون من المدينة التي كانت مبنية على تل.

رَجُلٌ أَشْعَرُ (ع ٨) إشارة إلى شعره المرتخي أو (وهو الأرجح) إلى ثوبه الجلدي الذي كان لباس الأنبياء الاعتيادي (زكريا ١٣: ٤).

هُوَ إِيلِيَّا ٱلتِّشْبِيُّ ربما كان أخزيا رآه. ولا شك في أنه كان قد سمع خبر أعماله العظيمة وما حدث بينه وبين أبيه أخآب.

ٱلْخَمْسِينَ (ع ٩) كثّر الجنود المرسلين ليمسكوه لأنه خاف منه.

يَا رَجُلَ ٱللّٰهِ عرفه أنه رجل الله لأن إيليا تكلم عن الرب وأنزل ناراً من السماء (١ملوك ١٨: ٣٦ – ٤٠) ومع ذلك ظن الرئيس أن إيليا تحت أمر الملك وإن الخمسين كانوا قادرين عليه.

فَلْتَنْزِلْ نَارٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ (ع ١٠) والغاية في ذلك أن يبين له أنه بالحقيقة رجل الإله الحقيقي القادر على كل شيء فليس هو تحت أمر الملك. إن يعقوب ويوحنا طلبا من يسوع أن يسمح لهما أن ينزلا ناراً من السماء لتفني السامريين الذين لم يقبلوه في قريتهم فوبخهما يسوع (لوقا ٩: ٥١ – ٥٦) فاقتداء بالمسيح علينا أن نطلب خلاص أنفس الناس لا هلاكهم. وأما العمل المذكور هنا فهو عمل الرب. فنستنتج أن زمان إيليا كان بخلاف زمان يسوع فكان يستدعي إظهار غضب الله وبرهاناً مقنعاً على وجوده وقدرته وإلا كان الشعب كلهم تركوا الرب وتبعوا آلهة الأمم. وأما الخمسون فعملوا إطاعة لأمر الملك فكان موتهم كموت جنود في الحرب وبلا خطيئة خصوصية منهم بل لتتميم مقاصد الله العادلة المقدسة.

ثُمَّ عَادَ فَأَرْسَلَ (ع ١٣) ما أعظم جهالة هذا الملك الذي لم ينتبه إلى الآية الأولى ولا الثانية وما أعظم قساوة قلبه إذ لم يشفق على جنوده.

وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ استفاد من مصيبة الرئيس الأول والثاني فخضع للرب ولعبده إيليا.

لاَ تَخَفْ مِنْهُ (ع ١٥) من الرئيس أو من الملك. فحضر أمام الملك الشرير الطالب قتله ووبخه وتوعده فسمع الملك كلامه ولم يقتله بل أطلقه فاختفى إيليا كعادته لأنه كان يظهر بلا انتظار ويختفي أيضاً بلا ذكر طريقه ومكانه.

وَمَلَكَ يهُورَامُ (ع ١٧) ليس ابن أخزيا بل أخوه وابن أخآب.

فِي ٱلسَّنَةِ ٱلثَّانِيَةِ لِيَهُورَامَ بْنِ يَهُوشَافَاطَ وفي ٣: ١ في السنة الثامنة عشرة ليهوشافاط. وفي ١ملوك ٢٢: ٤٢ إن يهوشافاط ملك خمساً وعشرين سنة. وفي ٨: ١٦ أن يهورام بن يهوشافاط ملك في السنة الخامسة ليهورام بن أخآب. فيرى بعضهم مناقضة في هذه الأقوال ويظنون وقوع غلط من الكاتب أو من الناسخ. ويظن غيرهم أن يهورام بن يهوشافاط ملك مع أبيه في السنة السابعة عشرة من ملكه. وفي السنة الثامنة عشرة من ملك يهورام بن أخآب. وملك يهوشافاط ٢٣ سنة كاملة مع جزء من سنة في الأول وجزء من سنة في الآخر. وحينما ملك يهورام بن يهوشافاط وحده كان في السنة الخامسة من ملك يهورام بن أخآب.

فوائد

ع ١ و٢ «المصائب»

من مصائب أخزيا حرب أرام وموت أبيه (١ملوك ٢٢) وعصيان موآب وسقوطه من الكوة وموته بعدما ملك سنتين فقط.

  1. يقول بعضهم إن المصائب من سوء الحظ فلا يرون فيها يد الله ولا يد الشرير.
  2. إن بعضهم ينسبون المصائب إلى أرواح نجسة شريرة فيعتقدون بالعين وغيرها من الخرافات ويستعملون وسائل كثيرة سخيفة ليخلصوا منها كخرزة زرقاء وتعاويذ.
  3. إن تعليم الكتاب هو أن المصائب من الله وهي تأديبه وإنذاره لشعبه وعقاب عادل لغير المومنين. وفي نفس المصائب رحمة لأن الرب لم يهلك أخزيا في الحال بل أعطاه فرصة للتأمل والتوبة زمان مرضه.

ع ١٠ «النار من السماء»

  1. إنها لازمة لأجل إظهار مجد الله فإنه إله غيور ولا يعطي مجده لآخر. ولولا هلاك بعض الناس على هذه الطريقة المخيفة لما انتبه الشعب.
  2. إنها لا تناقض محبة الله لأن تنبيه الشعب كلهم وتحذيرهم من العبادة الوثنية ألزم من طول الحياة لأولئك الجنود.
  3. إنها من السماء وليست من الأرض فلا يجوز للناس أن يحرقوا بعضهم بعضاً ويطلبوا من الرب أن يهلك غيرهم.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى