سفر أخبار الأيام الثاني | 15 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر أخبار الأيام الثاني
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ عَشَرَ
إن هذا الأصحاح يحتوي على مدة نحو ٢٠ سنة (أو عشر سنين ١٦: ١). كان كلام عزريا موافقاً وفي حينه لأن الملك وشعبه كانوا قد انتصروا على جيش عظيم فصاروا عرضة للافتخار والاتكال على أنفسهم. وكانت مملكة يهوذا محتاجة إلى الإصلاح وكان الملك آسا محتاجاً إلى الحكمة والنشاط لأن شعبه ربما لم يكونوا كملكهم في الغيرة وفي الإصلاح الواجب.
١ – ٧ «١ وَكَانَ رُوحُ ٱللّٰهِ عَلَى عَزَرْيَا بْنِ عُودِيدَ، ٢ فَخَرَجَ لِلِقَاءِ آسَا وَقَالَ لَهُ: ٱسْمَعُوا لِي يَا آسَا وَجَمِيعَ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ. ٱلرَّبُّ مَعَكُمْ مَا كُنْتُمْ مَعَهُ، وَإِنْ طَلَبْتُمُوهُ يُوجَدْ لَكُمْ، وَإِنْ تَرَكْتُمُوهُ يَتْرُكْكُمْ. ٣ وَلإِسْرَائِيلَ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ بِلاَ إِلٰهٍ حَقٍّ وَبِلاَ كَاهِنٍ مُعَلِّمٍ وَبِلاَ شَرِيعَةٍ. ٤ وَلٰكِنْ لَمَّا رَجَعُوا عِنْدَمَا تَضَايَقُوا إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ وَطَلَبُوهُ وُجِدَ لَهُمْ. ٥ وَفِي تِلْكَ ٱلأَزْمَانِ لَمْ يَكُنْ أَمَانٌ لِلْخَارِجِ وَلاَ لِلدَّاخِلِ، لأَنَّ ٱضْطِرَابَاتٍ كَثِيرَةً كَانَتْ عَلَى كُلِّ سُكَّانِ ٱلأَرَاضِي. ٦ فَأُفْنِيَتْ أُمَّةٌ بِأُمَّةٍ وَمَدِينَةٌ بِمَدِينَةٍ، لأَنَّ ٱللّٰهَ أَزْعَجَهُمْ بِكُلِّ ضِيقٍ. ٧ فَتَشَدَّدُوا أَنْتُمْ وَلاَ تَرْتَخِ أَيْدِيكُمْ لأَنَّ لِعَمَلِكُمْ أَجْراً».
رُوحُ ٱللّٰهِ أي الروح القدس غير أن الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس لم يُعلن جلياً في العهد القديم كما في الجديد.
عَزَرْيَا بْنِ عُودِيد لم يُذكر إلا هنا.
خَرَجَ لِلِقَاءِ آسَا (ع ٢) وهو راجع بعد انتصاره على زارح وقصده ليس المدح والتهنئة كعادة الناس عندما يكلمون الملوك بل التحذير والإنذار.
ٱلرَّبُّ مَعَكُمْ مَا كُنْتُمْ مَعَهُ لا يجوز أن نطلب من الرب أن يكون معنا في الخطيئة. وعلى كل من يريد أن يكون الله معه أن يترك كل خطية ويسأل عن طريق الرب ويسير فيه.
وَإِنْ طَلَبْتُمُوهُ يُوجَدْ لَكُمْ إن الله يريد أن يكون معنا وليس المانع إلا منا. وهو مصدر كل خير وإذا كان معنا فلنا كل شيء.
لإِسْرَائِيلَ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ (ع ٣) أشار إلى تاريخ إسرائيل من أيام القضاة فصاعداً. وكان أول خطوة من ارتدادهم ترك وسائل النعمة كالعبادة في أوقاتها وأماكنها والتعليم الديني. وغاية النبي في هذا الكلام تحريضهم على إصلاح المملكة ونزع عبادة الأصنام والرجوع إلى الرب من كل قلوبهم وكان الوقت وقتاً موافقاً لهذا الإصلاح لأن الرب نصرهم على أعدائهم وحقق لهم أنه الإله الأمين المحب القادر على كل شيء.
٨ – ١٥ «٨ فَلَمَّا سَمِعَ آسَا هٰذَا ٱلْكَلاَمَ وَنُبُوَّةَ عُودِيدَ ٱلنَّبِيِّ، تَشَدَّدَ وَنَزَعَ ٱلرَّجَاسَاتِ مِنْ كُلِّ أَرْضِ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ وَمِنَ ٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي أَخَذَهَا مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ، وَجَدَّدَ مَذْبَحَ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي أَمَامَ رِوَاقِ ٱلرَّبِّ. ٩ وَجَمَعَ كُلَّ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ وَٱلْغُرَبَاءَ مَعَهُمْ مِنْ أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى وَمِنْ شَمْعُونَ، لأَنَّهُمْ سَقَطُوا إِلَيْهِ مِنْ إِسْرَائِيلَ بِكَثْرَةٍ حِينَ رَأَوْا أَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَهُ مَعَهُ. ١٠ فَٱجْتَمَعُوا فِي أُورُشَلِيمَ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلثَّالِثِ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلْخَامِسَةَ عَشَرَةَ لِمُلْكِ آسَا، ١١ وَذَبَحُوا لِلرَّبِّ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مِنَ ٱلْغَنِيمَةِ ٱلَّتِي جَلَبُوا سَبْعَ مِئَةٍ مِنَ ٱلْبَقَرِ وَسَبْعَةَ آلاَفٍ مِنَ ٱلضَّأْنِ. ١٢ وَدَخَلُوا فِي عَهْدٍ أَنْ يَطْلُبُوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَ آبَائِهِمْ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ. ١٣ حَتَّى إِنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ ٱلرَّبَّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ مِنَ ٱلصَّغِيرِ إِلَى ٱلْكَبِيرِ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاءِ. ١٤ وَحَلَفُوا لِلرَّبِّ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَهُتَافٍ وَبِأَبْوَاقٍ وَقُرُونٍ. ١٥ وَفَرِحَ كُلُّ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ ٱلْحَلْفِ، لأَنَّهُمْ حَلَفُوا بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ وَطَلَبُوهُ بِكُلِّ رِضَاهُمْ فَوُجِدَ لَهُمْ، وَأَرَاحَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ».
نُبُوَّةَ عُودِيدَ (ع ٨) أي نبوءة عزريا بن عوديد (ع ١) وربما غلط الناسخ إما بزيادة الاسم عوديد فالصواب «فلما سمع آسا هذا الكلام ونبوءة النبي تشدد الخ» أو بترك كلمتي «عزريا ابن» فالصواب «نبوءة عزريا بن عوديد».
نَزَعَ ٱلرَّجَاسَاتِ كان قد نزعها من قبل (١٤: ٢ – ٥) والمعنى هنا أنه ثبت في العمل الذي ابتدأ فيه وكمله.
ٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي أَخَذَهَا إن الكتاب لا يذكر حرباً بين آسا وإسرائيل قبل الإصلاح المذكور هنا (١٤: ١ و٦). والأرجح إن المدن المشار إليها هي التي أخذها أبيا (١٣: ١٩) والمدن المذكورة في (١٧: ٢) هي هذه المدن أو مدن أخذها آسا بعد رجوع يعشا (١٦: ٥).
وَجَدَّدَ مَذْبَحَ ٱلرَّبِّ مذبح المحرقة الذي كان مكانه في دار الهيكل أمام الرواق أي مدخل القدس. كان قد مضى مدة سبعين سنة من بناء الهيكل إلى زمان آسا وطبعاً احتاج المذبح إلى التجديد. وبعضهم يفهمون أن آسا قدّس المذبح من جديد لأن العبادة الوثنية كانت قد دنّسته.
رِوَاقِ (١ملوك ٧: ٦ و٧).
وَجَمَعَ كُلَّ يَهُوذَا (ع ٩) لأنه أراد أن الإصلاح لا يكون عمل الملك وحده بل عمل الشعب كلهم.
وَٱلْغُرَبَاءَ كان هذا الاجتماع بعد انشقاق المملكة بنحو ٣٥ سنة وكان يهوذا وإسرائيل قد صاورا غرباء بعضهم عن بعض.
وَمِنْ شَمْعُونَ كان نصيبهم داخل نصيب يهوذا (يشوع ١٩: ١) واستولى يهوذا على بعض مدنهم. وبعضهم انضموا إلى يهوذا. تسموا غرباء نظراً لأصلهم ولقلة معرفة أكثرهم وعدم اتحادهم مع يهوذا في العبادة.
فِي ٱلشَّهْرِ ٱلثَّالِثِ (ع ١٠) عيد الأسابيع في الشهر الثالث (تثنية ١٦: ٩ – ١٢).
فِي ٱلسَّنَةِ ٱلْخَامِسَةَ عَشَرَةَ كانت حرب زارح في السنة الحادية عشرة (١٤: ١ و٩) وربما بين السنة الحادية عشرة والسنة الخامسة عشرة كانت إقامة الأمور المنقلبة بسبب الحرب وكان الاستعداد للإصلاح المقصود.
مِنَ ٱلْغَنِيمَةِ (ع ١١) (١٤: ١٣ – ١٥).
كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ ٱلرَّبَّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ (خروج ٢٢: ٢٠ وتثنية ١٣: ٩ و١٧: ٢ – ٧). لأن الرب هو ملكهم ومن لا يطلبه فهو خائن وعاص وكانت العبادة الوثنية مقترنة بقبائح وسكر وسفك دم وغيرها من أمور لا تقدر الحكومة أن تغض النظر عنها ولا يجوز قتل أو سجن من يخالفنا في مذهبه إذا كان في ذلك لا يمس الأدب والراحة العمومية.
وَفَرِحَ كُلُّ يَهُوذَا (ع ١٥) (٢٣: ١٣ ونحميا ١٢: ٢٧ و٤٢ و٤٣).
١٦ – ١٩ «١٦ حَتَّى إِنَّ مَعْكَةَ أُمَّ آسَا ٱلْمَلِكِ خَلَعَهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكَةً لأَنَّهَا عَمِلَتْ لِسَارِيَةٍ تِمْثَالاً، وَقَطَعَ آسَا تِمْثَالَهَا وَدَقَّهُ وَأَحْرَقَهُ فِي وَادِي قَدْرُونَ. ١٧ وَأَمَّا ٱلْمُرْتَفَعَاتُ فَلَمْ تُنْزَعْ مِنْ إِسْرَائِيلَ. إِلاَّ أَنَّ قَلْبَ آسَا كَانَ كَامِلاً كُلَّ أَيَّامِهِ. ١٨ وَأَدْخَلَ أَقْدَاسَ أَبِيهِ وَأَقْدَاسَهُ إِلَى بَيْتِ ٱللّٰهِ مِنَ ٱلْفِضَّةِ وَٱلذَّهَبِ وَٱلآنِيَةِ. ١٩ وَلَمْ تَكُنْ حَرْبٌ إِلَى ٱلسَّنَةِ ٱلْخَامِسَةِ وَٱلثَّلاَثِينَ لِمُلْكِ آسَا».
مَعْكَةَ أُمَّ آسَا أي جدته (١ملوك ١٥: ٢ و١٠).
وَلَمْ تَكُنْ حَرْبٌ (ع ١٩) في (١ملوك ١٥: ١٦ و٣٢) «وكانت حرب بين آسا وبعشا ملك إسرائيل كل أيامهما» وربما إن المعنى أن كل مملكة كانت تتعدى على الأخرى وكان قتال في أماكن وأوقات مختلفة ولكن لم تقع حرب عظيمة مهمة.
إِلَى ٱلسَّنَةِ ٱلْخَامِسَةِ وَٱلثَّلاَثِينَ (انظر تفسير ١٦: ١).
السابق |
التالي |