سفر أخبار الأيام الثاني | 13 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر أخبار الأيام الثاني
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ
١، ٢ «١ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلثَّامِنَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ يَرُبْعَامَ، مَلَكَ أَبِيَّا عَلَى يَهُوذَا. ٢ مَلَكَ ثَلاَثَ سِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَٱسْمُ أُمِّهِ مِيخَايَا بِنْتُ أُورِيئِيلَ مِنْ جِبْعَةَ. وَكَانَتْ حَرْبٌ بَيْنَ أَبِيَّا وَيَرُبْعَامَ».
(انظر ١ملوك ١٥: ١ – ٨). وهنا ذكر المعركة الهائلة بينه وبين يربعام.
٣ – ١٢ «٣ وَٱبْتَدَأَ أَبِيَّا فِي ٱلْحَرْبِ بِجَيْشٍ مِنْ جَبَابِرَةِ ٱلْقِتَالِ، أَرْبَعِ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ مُخْتَارٍ، وَيَرُبْعَامُ ٱصْطَفَّ لِمُحَارَبَتِهِ بِثَمَانِ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ مُخْتَارٍ، جَبَابِرَةِ بَأْسٍ. ٤ وَقَامَ أَبِيَّا عَلَى جَبَلِ صَمَارَايِمَ ٱلَّذِي فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ وَقَالَ: ٱسْمَعُونِي يَا يَرُبْعَامُ وَكُلَّ إِسْرَائِيلَ. ٥ أَمَا لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ أَعْطَى ٱلْمُلْكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ لِدَاوُدَ إِلَى ٱلأَبَدِ وَلِبَنِيهِ بِعَهْدِ مِلْحٍ؟ ٦ فَقَامَ يَرُبْعَامُ بْنُ نَبَاطَ عَبْدُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ وَعَصَى سَيِّدَهُ. ٧ فَٱجْتَمَعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ بَطَّالُونَ بَنُو بَلِيَّعَالَ وَتَشَدَّدُوا عَلَى رَحُبْعَامَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَكَانَ رَحُبْعَامُ فَتىً رَقِيقَ ٱلْقَلْبِ فَلَمْ يَثْبُتْ أَمَامَهُمْ. ٨ وَٱلآنَ أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّكُمْ تَثْبُتُونَ أَمَامَ مَمْلَكَةِ ٱلرَّبِّ بِيَدِ بَنِي دَاوُدَ، وَأَنْتُمْ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ وَمَعَكُمْ عُجُولُ ذَهَبٍ قَدْ عَمِلَهَا يَرُبْعَامُ لَكُمْ آلِهَةً. ٩ أَمَا طَرَدْتُمْ كَهَنَةَ ٱلرَّبِّ بَنِي هَارُونَ وَٱللاَّوِيِّينَ، وَعَمِلْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ كَهَنَةً كَشُعُوبِ ٱلأَرَاضِي، كُلُّ مَنْ أَتَى لِيَمْلأَ يَدَهُ بِثَوْرٍ ٱبْنِ بَقَرٍ وَسَبْعَةِ كِبَاشٍ صَارَ كَاهِناً لِلَّذِينَ لَيْسُوا آلِهَةً! ١٠ وَأَمَّا نَحْنُ فَٱلرَّبُّ هُوَ إِلٰهُنَا، وَلَمْ نَتْرُكْهُ. وَٱلْكَهَنَةُ ٱلْخَادِمُونَ ٱلرَّبَّ هُمْ بَنُو هَارُونَ وَٱللاَّوِيُّونَ فِي ٱلْعَمَلِ ١١ وَيُوقِدُونَ لِلرَّبِّ مُحْرَقَاتٍ كُلَّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ وَبَخُورُ أَطْيَابٍ وَخُبْزُ ٱلْوُجُوهِ عَلَى ٱلْمَائِدَةِ ٱلطَّاهِرَةِ، وَمَنَارَةُ ٱلذَّهَبِ وَسُرُجُهَا لِلإِيقَادِ كُلَّ مَسَاءٍ، لأَنَّنَا نَحْنُ حَارِسُونَ حِرَاسَةَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَقَدْ تَرَكْتُمُوهُ. ١٢ وَهُوَذَا مَعَنَا ٱللّٰهُ رَئِيساً، وَكَهَنَتُهُ وَأَبْوَاقُ ٱلْهُتَافِ لِلْهُتَافِ عَلَيْكُمْ. فَيَا بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تُحَارِبُوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَ آبَائِكُمْ لأَنَّكُمْ لاَ تُفْلِحُونَ».
أَرْبَعِ مِئَةِ أَلْفِ الخ (ع ٣) حينما أحصى داود الشعب كان يهوذا أربع مئة وسبعين ألف رجل مستلي السيف وإسرائيل ألف ألف ومئة ألف (١أيام ٢١: ٥) وفي (٢صموئيل ٢٤: ٩) خمس مئة ألف في يهوذا وثمان مئة ألف في إسرائيل.
جَبَلِ صَمَارَايِمَ (ع ٤) كانت صمارايم إحدى مدن بنيامين (يشوع ١٨: ٢٢) وكان ميدان المعركة على الحدود بين يهوذا وإسرائيل.
وَقَالَ ٱسْمَعُونِي لا يمكن كل إسرائيل وهم ثمان مئة ألف أن يسمعوا صوته. وربما كلم الملك وحشمه الواقفين قباله القريبين منه. وليس ميدان الحرب مكاناً للكلام بل للفعل. فلم يتكلم يربعام بل اغتنم الفرصة وجعل الكمين يدور ليأتي من خلفهم (ع ١٣). ولكن في خطاب أبيا فوائد وكلامه مرتب وفصيح. ذكر أولاً أن يربعام كان قد خالف ترتيب الله في انشقاق المملكة.
عَهْدِ مِلْحٍ (ع ٥) إن الملح جزء مهم لكل أنواع الطعام فيكنى به عن الطعام بالإجمال. وهنا إشارة إلى عادة قديمة وعادة لم تزل عند العرب إن الأكل معاً شبيه معاهدة فلا يجوز لأحد أن يؤذي من أكل من طعامه. وعهد ملح هنا معاهدة ثابتة بين الرب وداود ونسله.
عَبْدُ سُلَيْمَانَ (ع ٦) (١ملوك ١١: ٢٦ – ٢٨).
بَنُو بَلِيَّعَالَ (ع ٧) أي عديمو الفائدة وهكذا يلقب الكتاب المقدس من كان ذميماً ولئيماً لا يخاف الله ولا يهاب إنساناً.
وَكَانَ رَحُبْعَامُ فَتىً (ع ٧) كان ابن إحدى وأربعين سنة ولكنه كفتىً في قلة اختباره في الحرب والسياسة.
والأمر الثاني الذي ذكره أبيا أن يربعام كان قد أقام عبادة جديدة وثنية وطرد كهنة الرب وعمل لنفسه كهنة كشعوب الأراضي أي ليسوا من نسل هارون وهم من الجهلاء بلا معرفة وبلا تقوى.
لِيَمْلأَ يَدَهُ (ع ٩) (خروج ٢٩: ٢٩ – ٣٣) أي ليتخصص لخدمة كاهن والمعنى الأصلي أنه جعل في يده ما يقدمه للرب.
وَأَمَّا نَحْنُ (ع ١٠) نفس الكلام يدل على أن كاتب هذا السفر أحد اللاويين (انظر المقدمة) فذكر بالتفصيل أنواع خدمة اللاويين والكهنة كالقول «يقدمون محرقات… بخور أطياب وخبز الوجوه… المنارة… أبواب الهتاف الخ» (خروج ٢٩: ٣٨ و٢٥: ٣٠ – ٣٩ وعدد ١٠: ٨ و٩). وختام كلامه أن الله معهم والذين يقاومونهم يحاربون الله فلا يُفلحون.
١٣ – ٢٢ «١٣ وَلٰكِنْ يَرُبْعَامُ جَعَلَ ٱلْكَمِينَ يَدُورُ لِيَأْتِيَ مِنْ خَلْفِهِمْ. فَكَانُوا أَمَامَ يَهُوذَا وَٱلْكَمِينُ خَلْفَهُمْ. ١٤ فَٱلْتَفَتَ يَهُوذَا وَإِذَا ٱلْحَرْبُ عَلَيْهِمْ مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ خَلْفٍ. فَصَرَخُوا إِلَى ٱلرَّبِّ، وَبَوَّقَ ٱلْكَهَنَةُ بِٱلأَبْوَاقِ، ١٥ وَهَتَفَ رِجَالُ يَهُوذَا. وَلَمَّا هَتَفَ رِجَالُ يَهُوذَا ضَرَبَ ٱللّٰهُ يَرُبْعَامَ وَكُلَّ إِسْرَائِيلَ أَمَامَ أَبِيَّا وَيَهُوذَا. ١٦ فَٱنْهَزَمَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِ يَهُوذَا وَدَفَعَهُمُ ٱللّٰهُ لِيَدِهِمْ. ١٧ وَضَرَبَهُمْ أَبِيَّا وَقَوْمُهُ ضَرْبَةً عَظِيمَةً، فَسَقَطَ قَتْلَى مِنْ إِسْرَائِيلَ خَمْسُ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ مُخْتَارٍ. ١٨ فَذَلَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ وَتَشَجَّعَ بَنُو يَهُوذَا لأَنَّهُمُ ٱتَّكَلُوا عَلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِ آبَائِهِمْ. ١٩ وَطَارَدَ أَبِيَّا يَرُبْعَامَ وَأَخَذَ مِنْهُ مُدُناً: بَيْتَ إِيلَ وَقُرَاهَا وَيَشَانَةَ وَقُرَاهَا وَعَفْرُونَ وَقُرَاهَا. ٢٠ وَلَمْ يَقْوَ يَرُبْعَامُ بَعْدُ فِي أَيَّامِ أَبِيَّا، فَضَرَبَهُ ٱلرَّبُّ وَمَاتَ. ٢١ وَتَشَدَّدَ أَبِيَّا وَاتَّخَذَ لِنَفْسِهِ أَرْبَعَ عَشَرَةَ ٱمْرَأَةً، وَوَلَدَ ٱثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ ٱبْناً وَسِتَّ عَشَرَةَ بِنْتاً. ٢٢ وَبَقِيَّةُ أُمُورِ أَبِيَّا وَطُرُقُهُ وَأَقْوَالُهُ مَكْتُوبَةٌ فِي مِدْرَسِ ٱلنَّبِيِّ عِدُّو».
وأما يربعام فلم يوجه أفكاره إلى الكلام بل إلى العمل فكان في الأمور الحربية حكيماً أكثر من أبيا.
بَوَّقَ ٱلْكَهَنَةُ كما عند أريحا (يشوع ٦: ١٦).
ضَرَبَ ٱللّٰهُ يَرُبْعَامَ (ع ١٥) ضربه بواسطة يهوذا. وربما إن الله ضرب يربعام بمرض في جسمه أيضاً (ع ٢٠).
خَمْسُ مِئَةِ أَلْفِ (ع ١٧) إن بعضهم يشكّون في هذا العدد لأنه لم يكن مثله في الحروب في أيامنا فيقولون إن الذين سقطوا لم يكونوا كلهم قتلى بل كان كثيرون من الخمس مئة ألف جرحى. ويقول غيرهم أن العدد المذكور هو مجموع القتلى في كل الحروب بين يربعام وأبيا. وبعض الترجمات تترك صفراً فتقول إن عدد المحاربين كان ٨٠٠٠٠ من إسرائيل و٤٠٠٠٠ من يهوذا وعدد القتلى ٥٠٠٠٠ والبعض يقولون بوقوع غلط من الناسخ أو إن الكاتب بما أنه لاوي كثّر وزاد لغايته الخاصة. والأمر واضح إن القتال كان عظيماً جداً وبلا رحمة وكان وجهاً لوجه. لا محبة كمحبة الإخوة ولا بغض كبغضهم.
بَيْتَ إِيلَ (ع ١٩) مدينة معروفة فيها رأى يعقوب رؤياه وكان أحد محلات العبادة عند يربعام وكانت قريبة من حدود يهوذا. اسمها الحالي بيتين.
يَشَانَةَ… عَفْرُونَ موقعهما مجهول والظاهر أنهما بقرب بيت إيل.
وَمَاتَ (ع ٢٠) موته مذكور هنا لأجل تتمة نبإه غير أنه مات بعد موت أبيا بسنتين (١ملوك ١٥: ٢٥). كان يربعام رجلاً مقتدراً ولو قصد لكان يقدر أن يحفظ المملكة من الانقسام ولو تبع الرب كان له البركات الموعود بها لداود (١ملوك ١١: ٣٧ و٣٨) ولكنه طلب ما لنفسه وسار بحكمته ونظر إلى الزمان الحاضر فقط فانكسر في الحرب ومات ابنه المحبوب (١ملوك ١٤: ١ – ١٨) وترك اسماً مكروهاً وفتح طريقاً سار فيه جميع خلفائه.
وَتَشَدَّدَ أَبِيَّا (ع ٢١) وربما كانت الخطايا المشار إليها في (١ملوك ١٥: ٣) بعد انتصاره على إسرائيل ونتيجة افتخاره واتكاله على نفسه فسقط من تجارب النجاح.
مِدْرَسِ ٱلنَّبِيِّ عِدُّو (ع ٢٢) ومدرس كلمة عبرانية معناها تفسير ولا سيما تفسير مع فوائد على نوع مواعظ ولم ترد في الكتاب المقدس إلا هنا وفي (٢٤: ٢٧).
السابق |
التالي |