صموئيل الثاني

سفر صموئيل الثاني | 15 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر صموئيل الثاني

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ عَشَرَ

١ «وَكَانَ بَعْدَ ذٰلِكَ أَنَّ أَبْشَالُومَ اتَّخَذَ مَرْكَبَةً وَخَيْلاً وَخَمْسِينَ رَجُلاً يَجْرُونَ قُدَّامَهُ».

١ملوك ١: ٥

بَعْدَ ذٰلِكَ الأرجح أنه بعد قليل من الزمان.

مَرْكَبَةً وَخَيْلاً كان استعمال الخيل قليلاً عند اليهود وأكثر استعمالها في الممالك الأخرى كان في الحرب.

خَمْسِينَ رَجُلاً قصد أبشالوم أن يظهر أمام الشعب كرجل عظيم ليعد الطريق ويصير ملكاً (١ملوك ١: ٥).

٢ – ٦ «٢ وَكَانَ أَبْشَالُومُ يُبَكِّرُ وَيَقِفُ بِجَانِبِ طَرِيقِ ٱلْبَابِ، وَكُلُّ صَاحِبِ دَعْوَى آتٍ إِلَى ٱلْمَلِكِ لأَجْلِ ٱلْحُكْمِ كَانَ أَبْشَالُومُ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: مِنْ أَيَّةِ مَدِينَةٍ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: مِنْ أَحَدِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ عَبْدُكَ. ٣ فَيَقُولُ أَبْشَالُومُ لَهُ: ٱنْظُرْ. أُمُورُكَ صَالِحَةٌ وَمُسْتَقِيمَةٌ، وَلٰكِنْ لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ ٱلْمَلِكِ. ٤ ثُمَّ يَقُولُ أَبْشَالُومُ: مَنْ يَجْعَلُنِي قَاضِياً فِي ٱلأَرْضِ فَيَأْتِيَ إِلَيَّ كُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى فَأُنْصِفَهُ؟ ٥ وَكَانَ إِذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ لِيَسْجُدَ لَهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيُمْسِكُهُ وَيُقَبِّلُهُ. ٦ وَكَانَ أَبْشَالُومُ يَفْعَلُ مِثْلَ هٰذَا ٱلأَمْرِ لِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَأْتُونَ لأَجْلِ ٱلْحُكْمِ إِلَى ٱلْمَلِكِ، فَٱسْتَرَقَ أَبْشَالُومُ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ».

ص ١٩: ٨ وراعوث ٤: ١ قضاة ٩: ١ – ٥ و٢٩ ص ١٤: ٣٣ و٢٠: ٩

يُبَكِّرُ حتى يمنع المتقاضين من الوصول إلى الملك.

طَرِيقِ ٱلْبَابِ باب المدينة وهو محل الاجتماع والمحاكم (١٩: ٨ وتكوين ١٩: ١ و٢٣: ١٠ و٣٤: ٢٠).

مِنْ أَحَدِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ عَبْدُكَ كان المدعي أو المدعى عليه يذكر من أي سبط هو ومن أية مدينة.

أُمُورُكَ صَالِحَةٌ (ع ٣) الخداع في هذا القول ظاهر لأنه حكم بلا فحص. ومن المستحيل أن أمور كل إنسان تكون صالحة ولو أتى خصم ذلك الرجل كان يقول له أبشالوم ذات القول.

لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ ٱلْمَلِكِ لا يمكن أن الملك نفسه يسمع كل الدعاوي ويفحصها كما يجب ولعل داود لم يكن قد نظم أمور المحاكم ورتبها كما ينبغي لأن مملكته كانت اتسعت جداً في قليل من الزمان. والمحاكمة يلزمها وقت مهما كان اجتهاد الحاكم ولكن أبشالوم كان يعد كل واحد بالحكم له بلا عاقة مطلقاً.

يُمْسِكُهُ وَيُقَبِّلُهُ (ع ٥) تظاهر بالتواضع والمحبة ليظن كل إنسان أنه صديق أبشالوم الخاص حتى إذا ملك أبشالوم لا يرد ذلك الإنسان له طلباً.

فَٱسْتَرَقَ أَبْشَالُومُ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ (ع ٦) أي استمال قلوبهم وأخذ لنفسه المحبة والاحترام والطاعة التي كانت لأبيه الملك وجماله الجسدي ساعده في ذلك.

٧ – ٩ «٧ وَفِي نِهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ أَبْشَالُومُ لِلْمَلِكِ: دَعْنِي فَأَذْهَبَ وَأُوفِيَ نَذْرِي ٱلَّذِي نَذَرْتُهُ لِلرَّبِّ فِي حَبْرُونَ، ٨ لأَنَّ عَبْدَكَ نَذَرَ نَذْراً عِنْدَ سُكْنَايَ فِي جَشُورَ فِي أَرَامَ قَائِلاً: إِنْ أَرْجَعَنِي ٱلرَّبُّ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَإِنِّي أَعْبُدُ ٱلرَّبَّ. ٩ فَقَالَ لَهُ ٱلْمَلِكُ: ٱذْهَبْ بِسَلاَمٍ. فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى حَبْرُونَ».

ص ٣: ٢ و٣ ص ١٣: ٣٧ و٣٨ تكوين ٢٨: ٢٠ و٢١

وَفِي نِهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً كان عمر أبشالوم كله أقل من أربعين سنة. ذهب أحد المفسرين أن هذه الأربعين سنة تبتدئ بعد مسح داود الأول (١صموئيل ١٦: ١). ولكننا لا نرى علاقة بين مسح داود في بيت لحم وذهاب أبشالوم إلى حبرون، لذلك قال أكثر المفسرين بوقوع غلط في الكتابة والصواب أربع سنين وهذا رأي يوسيفوس أيضاً وبعض الترجمات القديمة. وبداءة هذه السنين الأربع وقت مصالحته أباه وهي المدة التي فيها استمال قلوب إسرائيل وأعد الطريق لفتنته.

نَذْرِي لم يظهر أبشالوم كثيراً من التقوى لا قبل ذهابه إلى جشور ولا بعد رجوعه إلى أورشليم والأرجح أن كلامه لأبيه خداع ورياء. وقال أبشالوم لأبيه أنه نذر أنه إذا أرجعه الرب إلى أورشليم فإنه يعبده. لذلك يود أن تكون بداءة هذه العبادة تقديم ذبيحة للرب في حبرون علامة شكره له كذبيحة يعقوب بعد رجوعه إلى أرض كنعان (تكوين ٢٨: ٢٠ – ٢٢ و٣٥: ٣).

حَبْرُونَ كانت حبرون إحدى مدن يهوذا ومولد أبشالوم فظن أنه يجد فيها أعظم مساعدة في فتنته. وكان سبط يهوذا تحسده بقية الأسباط بعض الحسد وربما ازداد هذا الحسد عند انتقال داود من حبرون إلى أورشليم لأن يهوذا كان يطلب الرئاسة لنفسه.

١٠ – ١٢ «١٠ وَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ جَوَاسِيسَ فِي جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: إِذَا سَمِعْتُمْ صَوْتَ ٱلْبُوقِ فَقُولُوا: قَدْ مَلَكَ أَبْشَالُومُ فِي حَبْرُونَ! ١١ وَٱنْطَلَقَ مَعَ أَبْشَالُومَ مِئَتَا رَجُلٍ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَدْ دُعُوا وَذَهَبُوا بِبَسَاطَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ شَيْئاً. ١٢ وَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى أَخِيتُوفَلَ ٱلْجِيلُونِيِّ مُشِيرِ دَاوُدَ مِنْ مَدِينَتِهِ جِيلُوهَ إِذْ كَانَ يَذْبَحُ ذَبَائِحَ. وَكَانَتِ ٱلْفِتْنَةُ شَدِيدَةً وَكَانَ ٱلشَّعْبُ لاَ يَزَالُ يَتَزَايَدُ مَعَ أَبْشَالُومَ».

١ملوك ١: ٣٤ و٢ملوك ٩: ١٣ و١صموئيل ٩: ١٣ و١صموئيل ٢٢: ١٥ ع ٣١ يشوع ١٥: ٥١ مزمور ٣: ١

جَوَاسِيسَ سُمي المرسلون جواسيس لأن عملهم كان سرياً. والغاية أن ينادى بتملك أبشالوم في جميع أسباط إسرائيل في وقت واحد (٢٠: ١ و١ملوك ١: ٣٤ و٢ملوك ٩: ١٣).

مِئَتَا رَجُلٍ (ع ١١) ربما كانوا من العظماء. ذهبوا إلى حبرون مدعوين لأجل الذبيحة غير عارفين قصد أبشالوم السري. وظن أبشالوم أن وجودهم في حبرون في وقت الفتنة يحمل الشعب على الظن أنهم من الفاتنين. ولعله ظن أنه يقدر أن يقنعهم بعد وصولهم إلى حبرون ويبيّن لهم صعوبة رجوعهم إلى أورشليم. وإذا لم يقتنعوا يسجنهم.

أَخِيتُوفَلَ ٱلْجِيلُونِيِّ (ع ١٢) جيلوه إحدى مدن يهوذا إلى جهة الجنوب الغربي من حبرون. كان أليعام بن أخيتوفل أحد أبطال داود (٢٣: ٣٤). وكانت بثشبع ابنة أليعام (١١: ٣) وربما كان أبوها أليعام ابن أخيتوفل فرأى بعضهم في ذلك سبباً لانحيازه إلى أبشالوم لأن داود أخطأ إلى حفيدته. ولعل السبب الحقيقي أن أخيتوفل من سبط يهوذا وكان يهوذا طالباً الرئاسة بواسطة أبشالوم وتوقع أخيتوفل نجاح أبشالوم إذا عمل حسب مشورته وأراد أن يكون مع الناجحين. وربما كان أخيتوفل هو المشار إليه في (مزمور ٤١: ٩ ويوحنا ١٣: ١٨) وهو أشبه بيهوذا الاسخريوطي في خيانته وكيفية موته.

١٣ – ١٧ «١٣ فَأَتَى مُخَبِّرٌ إِلَى دَاوُدَ قَائِلاً: إِنَّ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ صَارَتْ وَرَاءَ أَبْشَالُومَ. ١٤ فَقَالَ دَاوُدُ لِجَمِيعِ عَبِيدِهِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي أُورُشَلِيمَ: قُومُوا بِنَا نَهْرُبُ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا نَجَاةٌ مِنْ وَجْهِ أَبْشَالُومَ. أَسْرِعُوا لِلذَّهَابِ لِئَلاَّ يُبَادِرَ وَيُدْرِكَنَا وَيُنْزِلَ بِنَا ٱلشَّرَّ وَيَضْرِبَ ٱلْمَدِينَةَ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ. ١٥ فَقَالَ عَبِيدُ ٱلْمَلِكِ لِلْمَلِكِ: حَسَبَ كُلِّ مَا يَخْتَارُهُ سَيِّدُنَا ٱلْمَلِكُ نَحْنُ عَبِيدُهُ. ١٦ فَخَرَجَ ٱلْمَلِكُ وَجَمِيعُ بَيْتِهِ وَرَاءَهُ. وَتَرَكَ ٱلْمَلِكُ عَشَرَ نِسَاءٍ سَرَارِيَّ لِحِفْظِ ٱلْبَيْتِ. ١٧ وَخَرَجَ ٱلْمَلِكُ وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ فِي أَثَرِهِ وَوَقَفُوا عِنْدَ ٱلْبَيْتِ ٱلأَبْعَدِ».

ع ٦ وقضاة ٩: ٣ ص ١٢: ١١ وعنوان مزمور ٣ ص ١٦: ٢١ و٢٢

نَهْرُبُ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا نَجَاةٌ (ع ١٤) لعله تذكر خطيئته وقول الرب له هأنذا أقيم عليك الشر من بيتك (١٢: ١١) وظن أن الرب قد فارقه. أو أشفق على مدينة أورشليم ولم يرد أنها تُخرب ويُقتل أهلها بسببه. وظهر أخيراً أن داود أصاب في رأيه لأنه صار له وقت كاف ليجمع شعبه ويستعد لمحاربة أبشالوم.

وَقَفُوا عِنْدَ ٱلْبَيْتِ ٱلأَبْعَدِ (ع ١٧) أي آخر بيت من بيوت المدينة إلى جهة الشرق على طريق وادي قدرون. إذا راجعنا المزامير التي ألّفها داود في تلك الأيام أيام الضيق والخوف نتبين أفكار قلبه واتكاله على الله. وإيمانه هذا مثل لشعب الله في كل القرون (مزمور ٣ و٤ و٢٧ و٤١ و٥٥ و٦٠ و٦٢ و٦٣).

١٨ – ٢٣ «١٨ وَجَمِيعُ عَبِيدِهِ كَانُوا يَعْبُرُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ جَمِيعِ ٱلْجَلاَّدِينَ وَٱلسُّعَاةِ وَجَمِيعُ ٱلْجَتِّيِّينَ، سِتُّ مِئَةِ رَجُلٍ أَتَوْا وَرَاءَهُ مِنْ جَتَّ، وَكَانُوا يَعْبُرُونَ بَيْنَ يَدَيِ ٱلْمَلِكِ. ١٩ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لإِتَّايَ ٱلْجَتِّيِّ: لِمَاذَا تَذْهَبُ أَنْتَ أَيْضاً مَعَنَا؟ اِرْجِعْ وَأَقِمْ مَعَ ٱلْمَلِكِ لأَنَّكَ غَرِيبٌ وَمَنْفِيٌّ أَيْضاً مِنْ وَطَنِكَ. ٢٠ أَمْساً جِئْتَ وَٱلْيَوْمَ أُتِيهُكَ بِٱلذَّهَابِ مَعَنَا وَأَنَا أَنْطَلِقُ إِلَى حَيْثُ أَنْطَلِقُ؟ اِرْجِعْ وَرَجِّعْ إِخْوَتَكَ. ٱلرَّحْمَةُ وَٱلْحَقُّ مَعَكَ. ٢١ فَأَجَابَ إِتَّايُ ٱلْمَلِكَ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيٌّ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ، إِنَّهُ حَيْثُمَا كَانَ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ إِنْ كَانَ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلْحَيَاةِ فَهُنَاكَ يَكُونُ عَبْدُكَ أَيْضاً. ٢٢ فَقَالَ دَاوُدُ لإِتَّايَ: ٱذْهَبْ وَٱعْبُرْ. فَعَبَرَ إِتَّايُ ٱلْجَتِّيُّ وَجَمِيعُ رِجَالِهِ وَجَمِيعُ ٱلأَطْفَالِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ. ٢٣ وَكَانَتْ جَمِيعُ ٱلأَرْضِ تَبْكِي بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ يَعْبُرُونَ. وَعَبَرَ ٱلْمَلِكُ فِي وَادِي قَدْرُونَ وَعَبَرَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ نَحْوَ طَرِيقِ ٱلْبَرِّيَّةِ».

ص ٨: ١٨ و١صموئيل ٢٣: ١٣ و٢٥: ١٣ و٣٠: ١ و٩ ص ١٨: ٢ و١صموئيل ٢٣: ١٣ ص ٢: ٦ راعوث ١: ١٦ و١٧ و١ملوك ١٥: ١٣ و٢أيام ٢٩: ١٦ ع ٢٨ وص ١٦: ٢

بَيْنَ يَدَيْهِ كان داود قائداً محنكاً فنظم الجيش ورتب سيرهم كأنهم في ساحة الحرب.

ٱلْجَلاَّدِينَ وَٱلسُّعَاةِ (انظر ٨: ١٨ وتفسيره).

ٱلْجَتِّيِّينَ إن داود عند هربه من شاول سكن في جت ونظم جيشاً من ست مئة جندي وأقام إتاي قائداً لهم ودام مع داود جيش من الجتيين حتى صار ملكاً في أورشليم. ويُظن أن هذا الجيش هو نفس الجيش الذي كان معه أولاً وعدده ست مئة (١صموئيل ٢٣: ١٣ و٢٥: ١٣ و٢٧: ٢ و٢صموئيل ٢: ٣ و٥: ٦). كانوا أولاً من الإسرائيليين (١صموئيل ٢٢: ٢) ثم دخل بينهم بعض الجتيين وأخيراً صاروا كلهم جتيين. وهذا ما فسره يوسيفوس وبعض العلماء في أيامنا وهو من المحتمل ولكننا لا نقدر أن نثبته.

فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لإِتَّايَ الخ (ع ١٩) هذا كلام وجيه يليق بملك كداود. فإنه في ضيقه لم يفتكر بنفسه ولم يرد أن يجبر أحداً على نصره أو يسخر أحداً لمساعدته.

أَقِمْ مَعَ ٱلْمَلِكِ أي أبشالوم وداود سماه ملكاً لكي يمتحن إتاي ويخيره بين الاثنين الملك القديم والملك الجديد.

أَمْساً جِئْتَ وَٱلْيَوْمَ أُتِيهُكَ (ع ٢٠) استفهام إنكاري ومعناه أنه لا يليق به أن يكلف إتاي أن يخرج معه إلى الحرب أو يطلب منه أن يحتمل الأتعاب والمخاطر التي تُطلب من بني إسرائيل.

فَأَجَابَ إِتَّايُ كانت أمانة إتاي معادلة لكرم داود. خدم إتاي الملك نفسه في الرخاء وفي الضيق خدمة قلبية بلا غاية نفسية حتى الموت وكان خلاً وفياً لداود. وخطابه لداود أشبه بخطاب راعوث لنعمي (راعوث ١: ١٦ و١٧) وإتاي هذا هو غير إتاي المذكور في (٢٣: ٢٩ و١أيام ١١: ٣١) الذي كان من جبعة بني بنيامين وكان أحد أبطال داود.

جَمِيعُ ٱلأَرْضِ (ع ٢٣) أي سكان الأرض تمييزاً لهم عن الشعب الذين أتوا مع داود من أورشليم وبكوا لأن داود ملكهم منذ نحو ثلاثين سنة وهو الذي خلّصهم من أعدائهم وكان رئيسهم في عبادة الرب.

وَادِي قَدْرُونَ بين أورشليم وجبل الزيتون وليس فيه ماء إلا في فصل الشتاء. ويسوع عبر هذا الوادي عندما ذهب إلى جثسيماني (يوحنا ١٨: ١) (اطلب قدرون في قاموس الكتاب).

٢٤ – ٢٩ «٢٤ وَإِذَا بِصَادُوقَ أَيْضاً وَجَمِيعُ ٱللاَّوِيِّينَ مَعَهُ يَحْمِلُونَ تَابُوتَ عَهْدِ ٱللّٰهِ. فَوَضَعُوا تَابُوتَ ٱللّٰهِ، وَصَعِدَ أَبِيَاثَارُ حَتَّى ٱنْتَهَى جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ مِنَ ٱلْعُبُورِ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ. ٢٥ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِصَادُوقَ: أَرْجِعْ تَابُوتَ ٱللّٰهِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ، فَإِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ فَإِنَّهُ يُرْجِعُنِي وَيُرِينِي إِيَّاهُ وَمَسْكَنَهُ. ٢٦ وَإِنْ قَالَ: إِنِّي لَمْ أُسَرَّ بِكَ، فَهٰئَنَذَا. فَلْيَفْعَلْ بِي حَسْبَمَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ. ٢٧ ثُمَّ قَالَ ٱلْمَلِكُ لِصَادُوقَ ٱلْكَاهِنِ: أَأَنْتَ رَاءٍ؟ فَٱرْجِعْ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ بِسَلاَمٍ أَنْتَ وَأَخِيمَعَصُ ٱبْنُكَ وَيُونَاثَانُ بْنُ أَبِيَاثَارَ. ٱبْنَاكُمَا كِلاَهُمَا مَعَكُمَا. ٢٨ ٱنْظُرُوا. أَنِّي أَتَوَانَى فِي سُهُولِ ٱلْبَرِّيَّةِ حَتَّى تَأْتِيَ كَلِمَةٌ مِنْكُمْ لِتَخْبِيرِي. ٢٩ فَأَرْجَعَ صَادُوقُ وَأَبِيَاثَارُ تَابُوتَ ٱللّٰهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَا هُنَاكَ».

ص ٨: ١٧ و٢٠: ٢٥ عدد ٤: ١٥ و١صموئيل ٤: ٤ و٥ و١صموئيل ٢٢: ٢٠ مزمور ٤٣: ٣ خروج ١٥: ١٣ وإرميا ٢٥: ٣٠ ص ٢٢: ٢٠ وعدد ١٤: ٨ و١صموئيل ٣: ١٨ و١صموئيل ٩: ٦ – ٩ ص ١٧: ١٧ ص ١٧: ١٧ ويشوع ٥: ١٠

صَادُوقَ – أبياثار (انظر ٨: ١٧ وتفسيره). لا نعلم أين وضعوا التابوت قبل عبورهم الوادي. وصعد أبياثار ولا يُقال إلى أين صعد ولعله صعد إلى جبل الزيتون ليرى الشعب القادمين من المدينة العابرين الوادي ثم نزل إلى مكان التابوت وأرجعه هو وصادوق واللاويون إلى المدينة حسب أمر داود لأنه لم يستحسن حمل التابوت معه لئلا يصيبه مكروه ولم يستصعب رجوعه إلى أورشليم لأن إيمانه بالله واتكاله عليه لا على التابوت.

إِيَّاهُ وَمَسْكَنَهُ (ع ٢٥) رجا داود أن الرب يرجعه إلى أورشليم ويريه التابوت ومسكنه أي مسكن الرب مدينة أورشليم لا سيما خيمة الاجتماع (خروج ١٥: ١٣ و١ملوك ٨: ٢٧ ومزمور ٤٣: ٣).

فَلْيَفْعَلْ بِي حَسْبَمَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ (ع ٢٦) قوله يدل على التسليم الحقيقي لإرادة الرب مع الشعور بخطاياه وعدم استحقاقه.

أَأَنْتَ رَاءٍ (ع ٢٧) في (إرميا ١: ١١) «ماذا أنت راء يا إرميا» وفي (عاموس ٧: ٨) «ما أنت راء يا عاموس». ومعنى سؤال داود أأنت راء الأمور الحادثة؟ أنعم النظر فيها وإذا رأيت شيئاً يهمني أخبرني بواسطة أخيمعص ويوناثان. كان صادوق كاهناً ولم يسم نبياً أو رائياً.

سُهُولِ ٱلْبَرِّيَّةِ (ع ٢٨) أي وادي الأردن بقرب اريحا وسُمّيت عربات أريحا في (يشوع ٥: ١٠) والكلمة المترجمة سهول (عربوث) مثبتة في الحاشية وأما كلمة المتن في التوراة العبرانية فهي عبروث أي مخاوض. والأرجح أن مخاوض الأردن هي المكان الذي توانى داود فيه لأن عبور الأردن صعب ومخطر جداً فقصد أن يجمع شعبه ويستعد استعداداً كافياً ليعبر بسرعة عندما يأتيه نبأ من أورشليم. ولم يرد أن جيش أبشالوم يلحقهم قبل عبورهم لئلا يكونوا بين خطرين أبشالوم من ورائهم والأردن من أمامهم.

٣٠ – ٣٧ «٣٠ وَأَمَّا دَاوُدُ فَصَعِدَ فِي مَصْعَدِ جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ. كَانَ يَصْعَدُ بَاكِياً وَرَأْسُهُ مُغَطَّى وَيَمْشِي حَافِياً، وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ غَطَّوْا كُلُّ وَاحِدٍ رَأْسَهُ، وَكَانُوا يَصْعَدُونَ وَهُمْ يَبْكُونَ. ٣١ وَأُخْبِرَ دَاوُدُ إِنَّ أَخِيتُوفَلَ بَيْنَ ٱلْفَاتِنِينَ مَعَ أَبْشَالُومَ، فَقَالَ دَاوُدُ: حَمِّقْ يَا رَبُّ مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ. ٣٢ وَلَمَّا وَصَلَ دَاوُدُ إِلَى ٱلْقِمَّةِ حَيْثُ سَجَدَ لِلّٰهِ، إِذَا بِحُوشَايَ ٱلأَرْكِيِّ قَدْ لَقِيَهُ مُمَزَّقَ ٱلثَّوْبِ وَٱلتُّرَابُ عَلَى رَأْسِهِ. ٣٣ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: إِذَا عَبَرْتَ مَعِي تَكُونُ عَلَيَّ حِمْلاً. ٣٤ وَلٰكِنْ إِذَا رَجَعْتَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ وَقُلْتَ لأَبْشَالُومَ: أَنَا أَكُونُ عَبْدَكَ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ. أَنَا عَبْدُ أَبِيكَ مُنْذُ زَمَانٍ وَٱلآنَ أَنَا عَبْدُكَ. فَإِنَّكَ تُبْطِلُ لِي مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ. ٣٥ أَلَيْسَ مَعَكَ هُنَاكَ صَادُوقُ وَأَبِيَاثَارُ ٱلْكَاهِنَانِ. فَكُلُّ مَا تَسْمَعُهُ مِنْ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ فَأَخْبِرْ بِهِ صَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ ٱلْكَاهِنَيْنِ. ٣٦ هُوَذَا هُنَاكَ مَعَهُمَا ٱبْنَاهُمَا أَخِيمَعَصُ لِصَادُوقَ وَيُونَاثَانُ لأَبِيَاثَارَ. فَتُرْسِلُونَ عَلَى أَيْدِيهِمَا إِلَيَّ كُلَّ كَلِمَةٍ تَسْمَعُونَهَا. ٣٧ فَأَتَى حُوشَايُ صَاحِبُ دَاوُدَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ وَأَبْشَالُومُ يَدْخُلُ أُورُشَلِيمَ».

أستير ٦: ١٢ وإشعياء ٢: ٢ – ٤ وحزقيال ٢٤: ١٧ و٢٣ ع ١٢ ص ١٦: ٢٣ و١٧: ١٤ و٢٣ يشوع ١٦: ٢ ص ١٩: ٣٥ ص ١٦: ١٩ ص ١٧: ١٥ و١٦ ع ٢٧ ص ١٧: ١٧ ص ١٦: ١٦ و١أيام ٢٧: ٣٣ ص ١٦: ١٥

جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ بالأصل مصعد الزيتون فقط والكلمة جبل تفسيرية. وفي (زكريا ١٤: ٤) جبل الزيتون. وهذا الجبل شرقي أورشليم وقمته على بعد نحو ميل منها. وفي العهد الجديد كان جبل الزيتون موضعاً مألوفاً عند يسوع كان فيه بيت عنيا ومنه أشرف يسوع على أورشليم وبكى وفي بستان عند سفحه صلى قبلما أُسلم ومن قمته صعد إلى السماء (قاموس الكتاب). وتغطية الرأس علامة الحزن. ستر الملك وجهه حينما بكى على أبشالوم (١٩: ٤) وهامان غطى رأسه من خجله عندما ارتفع مردخاي (أستير ٦: ١٢) والحفا علامة الاتضاع فتأثر جميع الشعب عندما رأوا ذلك كله من ملكهم المحبوب.

أَخِيتُوفَلَ بَيْنَ ٱلْفَاتِنِينَ (ع ٣١) تأثر من هذا النبإ لأن أخيتوفل كان من أفضل أصدقائه ولعله المشار إليه في (مزمور ٤١: ٩) «رَجُلُ سَلاَمَتِي، ٱلَّذِي وَثَقْتُ بِهِ، آكِلُ خُبْزِي، رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ». واشتهر أخيتوفل بحكمته والحكمة في الحرب أعظم قوة وصار أبشالوم مخيفاً وإن كان جاهلاً لأنه اتخذ أخيتوفل مشيراً له. والله استجاب لصلاة داود كما سنرى إذ رُفضت مشورته الحسنة (١٧: ١٤).

ٱلْقِمَّةِ حَيْثُ سَجَدَ لِلّٰهِ (ع ٣٢) الظاهر أنه كان في قمة الجبل معبد للسجود لله قبل إقامة العبادة في أورشليم.

حُوشَايَ ٱلأَرْكِيِّ كان تخم الأركيين جنوبي أفرايم (يشوع ١٦: ٢) ولعل أرك الحديثة الواقعة على هذا التخم هي مسقط رأس حوشاي الذي يُظن أنه كان غائباً عن أورشليم لما هجرها داود فتبعه حالما وصل الخبر إليه.

مُمَزَّقَ ٱلثَّوْبِ بالعبراني كتنه أي الثوب الداخلي أو القميص وتمزيقه يدل على حزن أعظم من تمزيق الثوب الخارجي.

إِذَا عَبَرْتَ مَعِي تَكُونُ عَلَيَّ حِمْلاً (ع ٣٣) كان حوشاي صديقه ومشيره منذ زمان ولعله كان شيخاً لا يقدر أن يحتمل مشقات السفر مع داود.

فَإِنَّكَ تُبْطِلُ لِي مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ (ع ٣٤) أظهر داود حكمته بهذا الرأي لأنه عرف أن أبشالوم لا يقدر أن يعمل شيئاً بلا مشورة ولا يقدر أن يميز بين الحسن وما يظهر أنه حسن فيسمع إلى كلام كل من يملقه ويعظمه. وكان لداود ثقة بحوشاي أنه يكون أميناً له وقادراً على تنفيذ هذا الرأي. بعضهم يبررون داود وحوشاي ويقولون أن الكذب ضروري في وقت الحرب والقتل والنهب. ويقول غيرهم استناداً على آيات الكتاب الصريحة أن الكذب لا يجوز مطلقاً.

فوائد

  1. قبل الكسر الكبرياء (ع ١).
  2. الوعد هيّن على الكذاب (ع ٢).
  3. الجاهل يطلب الرئاسة ولا يعرف ما يقترن بها من الواجبات (ع ٤).
  4. مما يجذب الناس الإصغاء إلى كلامهم والاهتمام بأمورهم (ع ٣).
  5. قد تكون السرقة سرقة مقام غيرنا وصيته لا أمواله فقط (ع ٦).
  6. من يتظاهر بالتقوى ليستر خبثه يخطئ إلى الله والناس (ع ٧).
  7. الكثرة لا تثبت الحق (ع ١٢).
  8. من الحكمة أحياناً التسليم للظلم (ع ١٤).
  9. كل صالح يهتم بنفع غيره (ع ١٤ و١٩ و٢٥ و٣٢).
  10. الصديق يحب في كل وقت (ع ٢١).
  11. يُسجد لله في كل مكان ولو لم يكن من معبد (ع ٢٥ و٣٢).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى