سفر التثنية

سفر التثنية | 29 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر التثنية

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

(من ع ٢)

٢ «وَدَعَا مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمْ: أَنْتُمْ شَاهَدْتُمْ مَا فَعَلَ ٱلرَّبُّ أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ فِي أَرْضِ مِصْرَ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ عَبِيدِهِ وَبِكُلِّ أَرْضِهِ».

خروج ١٩: ٤

دَعَا مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ أي الشعب لا الرؤساء أو الشيوخ.

أَنْتُمْ شَاهَدْتُمْ أي عرفتم بالمشاهدة فلا حاجة إلى أن أذكر لكم ما يأتي بالتفصيل (قابل بهذا ص ١١: ٢ – ٧).

٣ «ٱلتَّجَارِبَ ٱلْعَظِيمَةَ ٱلَّتِي أَبْصَرَتْهَا عَيْنَاكَ، وَتِلْكَ ٱلآيَاتِ وَٱلْعَجَائِبَ ٱلْعَظِيمَةَ».

ص ٤: ٣٤ و٧: ١٩

ٱلتَّجَارِبَ عجائب الخروج.

٤ «وَلٰكِنْ لَمْ يُعْطِكُمُ ٱلرَّبُّ قَلْباً لِتَفْهَمُوا وَأَعْيُناً لِتُبْصِرُوا وَآذَاناً لِتَسْمَعُوا إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

إشعياء ٦: ٩ و١٠ و٦٣: ١٧ ويوحنا ٨: ٤٣ وأعمال ٢٨: ٢٦ و٢٧ وأفسس ٤: ١٨ و٢تسالونيكي ٢: ١١ و١٢

لَمْ يُعْطِكُمُ ٱلرَّبُّ قَلْباً لِتَفْهَمُوا «لتعرفوا تبارك وتعالى وتعتصموا به» (راشي). وهذا كقول المرنم «آبَاؤُنَا فِي مِصْرَ لَمْ يَفْهَمُوا عَجَائِبَكَ. لَمْ يَذْكُرُوا كَثْرَةَ مَرَاحِمِكَ» (مزمور ١٠٦: ٧ انظر ايضاً ص ٣١: ١٦ الخ).

٥ «فَقَدْ سِرْتُ بِكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي ٱلْبَرِّيَّةِ، لَمْ تَبْلَ ثِيَابُكُمْ عَلَيْكُمْ، وَنَعْلُكَ لَمْ تَبْلَ عَلَى رِجْلِكَ».

ص ١: ٣ و٨: ٢ ص ٨: ٤

(انظر تفسير ص ٨: ٤).

٦ «لَمْ تَأْكُلُوا خُبْزاً وَلَمْ تَشْرَبُوا خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً لِتَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

خروج ١٦: ١٢ وص ٨: ٣ ومزمور ٧٨: ٢٤ و٢٥

لَمْ تَأْكُلُوا خُبْزاً بل منّاً (ص ٨: ٣).

لَمْ تَشْرَبُوا خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً لم يُذكر هذا إلا هنا فثبت أن هذا الكلام لم تتحرك به شفة سوى شفة من عرف مسيرهم في البرية وشاهد كل أحوالهم. «كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَٱلصَّخْرَةُ كَانَتِ ٱلْمَسِيحَ» (١كورنثوس ١٠: ٤). إن الله اعتنى بصحتهم الجسدية وقوّاهم بالطعام الطبيعي الذي أعطاهم إياه ليبين لهم أن قوام حياتهم متوقف عليه. ومما يستحق الملاحظة أن الله يسر بالامتناع عن المسكرات إذ حسبه من بركاته على شعبه إسرائيل.

٧، ٨ «٧ وَلَمَّا جِئْتُمْ إِلَى هٰذَا ٱلْمَكَانِ خَرَجَ سِيحُونُ مَلِكُ حَشْبُونَ وَعُوجُ مَلِكُ بَاشَانَ لِلِقَائِنَا لِلْحَرْبِ فَكَسَّرْنَاهُمَا، ٨ وَأَخَذْنَا أَرْضَهُمَا وَأَعْطَيْنَاهَا نَصِيباً لِرَأُوبَيْنَ وَجَادَ وَنِصْفِ سِبْطِ مَنَسَّى».

عدد ٢١: ٢٣ و٢٤ و٣٣ وص ٢: ٣٢ و٣: ١ عدد ٣٢: ٣٣ وص ٣: ١٢ و١٣

(انظر ص ٣: ١ – ١٧).

٩ «فَٱحْفَظُوا كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلْعَهْدِ وَٱعْمَلُوا بِهَا لِتَفْلِحُوا فِي كُلِّ مَا تَفْعَلُونَ».

ص ٤: ٦ ويشوع ١: ٧ و١ملوك ٢: ٣ يشوع ١: ٧

فَٱحْفَظُوا… لِتَفْلِحُوا (انظر تفسير يشوع ١: ٨ ومزمور ١: ٣).

١٠ «أَنْتُمْ وَاقِفُونَ ٱلْيَوْمَ جَمِيعُكُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ، رُؤَسَاؤُكُمْ، أَسْبَاطُكُمْ، شُيُوخُكُمْ وَعُرَفَاؤُكُمْ وَكُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ».

أَنْتُمْ وَاقِفُونَ ٱلْيَوْمَ إنه لا حد لبركة الله على التابعين عهده الحافظين وصاياه فهي معدة للجميع من عال ودون من المتمسكين بعهده.

١١ «وَأَطْفَالُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ وَغَرِيبُكُمُ ٱلَّذِي فِي وَسَطِ مَحَلَّتِكُمْ مِمَّنْ يَحْتَطِبُ حَطَبَكُمْ إِلَى مَنْ يَسْتَقِي مَاءَكُمْ».

يشوع ٩: ٢١ و٢٣ و٢٧

وَأَطْفَالُكُمْ قابل بهذا قول بطرس الرسول في عيد الخمسين «ٱلْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ» (أعمال ٢: ٣٩) فإن الوعد لإبراهيم هو أن القدير يكون إلهاً له ولنسله (تكوين ١٧: ٧) وهو يشمل ابن ثمانية أيام فصاعداً (تكوين ١٧: ١٢) والعبد (تكوين ١٧: ١٣) الذي يقبل العهد الأبدي بالختان.

مِمَّنْ يَحْتَطِبُ حَطَبَكُمْ إِلَى مَنْ يَسْتَقِي مَاءَكُمْ استننتج راشي من هذا «أنه كان بين إسرائيل دخلاء من الكنعانيين في الطريق التي صار فيها الجبعونيون كذلك في عصر يشوع» وهذا من الممكنات ونحن نعلم أنه كان كثيرون من أسرى المديانيين عبيداً لإسرائيل (انظر عدد ص ٣١).

١٢ «لِتَدْخُلَ فِي عَهْدِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وَقَسَمِهِ ٱلَّذِي يَقْطَعُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مَعَكَ ٱلْيَوْمَ».

نحميا ١٠: ٢٩

لِتَدْخُلَ فِي عَهْدِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وفي الأصل العبراني «تمر» وهو على وفق قوله تعالى «وَأُمِرُّكُمْ تَحْتَ ٱلْعَصَا، وَأُدْخِلُكُمْ فِي رِبَاطِ ٱلْعَهْدِ» (حزقيال ٢٠: ٣٧). وفسر راشي ذلك بالمرور بين قطعتي الذبيحة لإثبات العهد (إرميا ٣٤: ١٨ قابل بهذا تكوين ١٥: ١٧ و١٨). وهذا وإن لم يُذكر هنا يرجّح أن المرور فيه أُخذ من ذلك الاستعمال.

قَسَمِهِ هذا الموضع أول موارد هذه الكلمة في سفر التثنية وتُرجمت الكلمة العبرانية باللعنة في (ع ١٩ – ٢١) والظاهر أنها تعني الشتم باسم الله (انظر لاويين ٥: ٢١ وتكوين ٢٤: ٤١) مثل أن يقول الإنسان «لعنة الله عليه إن أخلف الميعاد» وما أشبه ذلك.

يَقْطَعُهُ ٱلرَّبُّ الخ هذا الفعل يشير إلى إجراء العهد (ولعله مأخوذ من قطع الذبيحة للدخول بين قطعتيها عند المعاهدة إرميا ٣٤: ١٨).

١٣ «لِيُقِيمَكَ ٱلْيَوْمَ لِنَفْسِهِ شَعْباً، وَهُوَ يَكُونُ لَكَ إِلٰهاً كَمَا قَالَ لَكَ وَكَمَا حَلَفَ لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ».

ص ٢٨: ٩ خروج ٦: ٧ تكوين ١٧: ٧

لِيُقِيمَكَ ٱلْيَوْمَ لِنَفْسِهِ شَعْباً يجب أن تُلاحظ هنا صورة العهد التي جعلت الرب متكفلاً بإتمامه «إن الله تكفل بحمل كل الاضطراب ليجعل إسرائيل شعباً أمامه» (راشي) وما كان على الشعب إلا أن يقبل هذه النعمة. وهذا العهد هنا على وفق العهد في (عبرانيين ٨: ٨ الخ). وهو الذي سمي في إرميا بالعهد الجديد (إرميا ٣١: ٣١ الخ) وبعض ذلك العهد إن الله يكون لهم إلهاً وهم يكونون له شعباً وهو الذي ذُكر في آية التفسير والباقي منه في (ص ٣٠: ٦ – ٨) وهو قوله «ويختن الرب إلهك قلبك… لكي تحب الرب إلهك».

١٤، ١٥ «١٤ وَلَيْسَ مَعَكُمْ وَحْدَكُمْ أَقْطَعُ أَنَا هٰذَا ٱلْعَهْدَ وَهٰذَا ٱلْقَسَمَ ١٥ بَلْ مَعَ ٱلَّذِي هُوَ هُنَا مَعَنَا وَاقِفاً ٱلْيَوْمَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا، وَمَعَ ٱلَّذِي لَيْسَ هُنَا مَعَنَا ٱلْيَوْم».

إرميا ٣١: ٣١ إلى ٣٣ وعبرانيين ٨: ٧ و٨ أعمال ٢: ٣٩ و١كورنثوس ٧: ١٤

وَلَيْسَ مَعَكُمْ وَحْدَكُمْ… بَلْ مَعَ ٱلَّذِي هُوَ هُنَا مَعَنَا… وَمَعَ ٱلَّذِي لَيْسَ هُنَا مَعَنَا ٱلْيَوْمَ اي في الأجيال الآتية (راشي).

١٦، ١٧ «١٦ لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ كَيْفَ أَقَمْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ وَكَيْفَ ٱجْتَزْنَا فِي وَسَطِ ٱلأُمَمِ ٱلَّذِينَ مَرَرْتُمْ بِهِمْ ١٧ وَرَأَيْتُمْ أَرْجَاسَهُمْ وَأَصْنَامَهُمُ ٱلَّتِي عِنْدَهُمْ مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ وَفِضَّةٍ وَذَهَبٍ».

هتان الآيتان كلام معترض (قابل بهما حزقيال ٢٠: ٧ و٨ و١٨).

أَرْجَاسَهُمْ (ع ١٧) (جمع رجس وهو في العربية العمل المؤدي إلى العذاب ولما كانت عبادة الأوثان من أكبر أسباب غضب الله وعقابه أُطلق الرجس على الأوثان وكذا الأمر في العبرانية) وكثيراً ما جاء الرجس في الكتاب المقدس بمعنى الأوثان.

وَأَصْنَامَهُمُ عطف تفسير على أرجاس فكأنه قال أرجاسهم التي هي أصنامهم أو أرجاسهم أي أصنامهم) والكلمة العبرانية «גלליהם» أي الآلهة الزبليّة والمرجّح أنه قُصد بها تماثيل الفيران الكبيرة أو نعتها بالزبليّة لزيادة الإهانة والاحتقار. وأول ما ذكرت هذه الكلمة في (لاويين ٢٦: ٣٠).

١٨ «لِئَلاَّ يَكُونَ فِيكُمْ رَجُلٌ أَوِ ٱمْرَأَةٌ أَوْ عَشِيرَةٌ أَوْ سِبْطٌ قَلْبُهُ ٱلْيَوْمَ مُنْصَرِفٌ عَنِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا لِكَيْ يَذْهَبَ لِيَعْبُدَ آلِهَةَ تِلْكَ ٱلأُمَمِ. لِئَلاَّ يَكُونَ فِيكُمْ أَصْلٌ يُثْمِرُ عَلْقَماً وَأَفْسَنْتِيناً».

ص ١١: ١٦ أعمال ٨: ٢٣ وعبرانيين ١٢: ١٥

لِئَلاَّ يَكُونَ هذا متعلق بالآية الخامسة عشرة (والآيتان ١٦ و١٧ معترضتان كما علمت) ومحصل ذلك أنه سبحانه وتعالى قطع عهده معهم ومع نسلهم لئلا يكون فيهم أصل مرارة من عبادة الأوثان. وكان ذلك متوقعاً من نسل بني إسرائيل المخاطبين (انظر ص ٣١: ١٦) وقد تم ذلك بعد وفاة شيوخ ذلك الجيل (قابل بهذا قضاة ٢: ١٠ – ١٢).

أَصْلٌ يُثْمِرُ عَلْقَماً وَأَفْسَنْتِيناً جاء العلقم والإفسنتين في (مراثي إرميا ٣: ١٩) وجاء العلقم وحده في (مزمور ٦٩: ٢١). وجاء في ترجمة السبعين «أصل يثمر علقماً ومرارة» فاختيرت الترجمة المعنوية. وعلى ذلك جرى كاتب رسالة العبرانيين بقوله محذراً «لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ ٱنْزِعَاجاً، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ» (عبرانيين ١٢: ١٥). (والعلقم الحنظل الشديد المرارة والإفسنتين نبات ورقه كورق السعتر مر الطعم).

١٩ «فَيَكُونُ مَتَى سَمِعَ كَلاَمَ هٰذِهِ ٱللَّعْنَةِ، يُبَارِكُ نَفْسَهُ فِي قَلْبِهِ وَيَقُولُ: يَكُونُ لِي سَلاَمٌ وَإِنْ سِرْتُ بِتَصَلُّبِ قَلْبِي فَيَفْنَى ٱلرَّيَّانُ مَعَ ٱلْعَطْشَانِ».

عدد ١٥: ٣٩ وجامعة ١١: ٩ وإرميا ٣: ١٧ و٧: ٢٤ إشعياء ٣٠: ١

بِتَصَلُّبِ قَلْبِي أي بعنادي المتأصل في قلبي. وهذه الكلمة لم تُذكر إلا هنا وفي (مزمور ٨١: ١٢ وتُرجمت فيه بالقساوة) وفي نبوءة إرميا فإنها ذُكرت فيها ثماني مرات.

فَيَفْنَى ٱلرَّيَّانُ مَعَ ٱلْعَطْشَانِ أي لإضافة خطيئة إلى خطيئة فيكون ضالاً ومضلاً. والظاهر أن معنى هذه العبارة كمعنى قول كاتب رسالة العبرانيين «لئلا يطلع أصل مرارة… فيتنجس به كثيرون». وجاء في بعض كتب التفسير القديمة «ليضيف خطايا الضعف إلى خطايا الصلف والكبرياء». (والمتحصل من ذلك أن الريان هنا الذي أتى كثير الآثام حتى اكتفى بها اكتفاء الريّان بما جرع من الماء وبالعطشان الممتنع عن الآثام فيغويه حتى يهلكه مع الأول فيكون بذلك أضاف شراً إلى شر وإثماً إلى إثمٍ).

٢٠ «مِثْلُ هٰذَا لاَ يَشَاءُ ٱلرَّبُّ أَنْ يَرْفُقَ بِهِ، بَلْ يُدَخِّنُ حِينَئِذٍ غَضَبُ ٱلرَّبِّ وَغَيْرَتُهُ عَلَى ذٰلِكَ ٱلرَّجُلِ، فَتَحِلُّ عَلَيْهِ كُلُّ ٱللَّعَنَاتِ ٱلْمَكْتُوبَةِ فِي هٰذَا ٱلْكِتَابِ، وَيَمْحُو ٱلرَّبُّ ٱسْمَهُ مِنْ تَحْتِ ٱلسَّمَاءِ».

حزقيال ١٤: ٧ و٨ مزمور ٧٤: ١ مزمور ٧٩: ٥ وحزقيال ٢٣: ٢٥ ص ٩: ١٤

يُدَخِّنُ حِينَئِذٍ غَضَبُ ٱلرَّبِّ (أي تظهر آيات توقده لأن الدخان علامة الاشتعال). جاء في سفر المزامير «لِمَاذَا يُدَخِّنُ غَضَبُكَ عَلَى غَنَمِ مَرْعَاكَ» (مزمور ٧٤: ١).

فَتَحِلُّ عَلَيْهِ كُلُّ ٱللَّعَنَاتِ وفي العبرانية «تربض فيه كل اللعنات» أي تحلُّ عليه متمكنة كما يربض الوحش في وجاره وقد جاءت هذه الكلمة في (تكوين ٤: ٧).

٢١، ٢٢ «٢١ وَيُفْرِزُهُ ٱلرَّبُّ لِلشَّرِّ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ حَسَبَ جَمِيعِ لَعَنَاتِ ٱلْعَهْدِ ٱلْمَكْتُوبَةِ فِي كِتَابِ ٱلشَّرِيعَةِ هٰذَا. ٢٢ فَيَقُولُ ٱلْجِيلُ ٱلأَخِيرُ، بَنُوكُمُ ٱلَّذِينَ يَقُومُونَ بَعْدَكُمْ وَٱلأَجْنَبِيُّ ٱلَّذِي يَأْتِي مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ، حِينَ يَرَوْنَ ضَرَبَاتِ تِلْكَ ٱلأَرْضِ وَأَمْرَاضَهَا ٱلَّتِي يُمْرِضُهَا بِهَا ٱلرَّبُّ».

متّى ٢٤: ٥١

يُفْرِزُهُ ٱلرَّبُّ لِلشَّرِّ… فَيَقُولُ ٱلْجِيلُ ٱلأَخِيرُ… ضَرَبَاتِ تِلْكَ ٱلأَرْضِ مما يجب أن يُنتبه له هنا أن خطية رجل واحد تمثل أنها تكبر وتنتشر حتى تشمل كل أرض إسرائيل وبهذا يتبين لك إمكان ما قيل في (ع ٩) مما يُرى في بادئ الرأي محالاً. ويوضح هذا كل الإيضاح ما قيل في سفر الملوك الأول وهو قوله «يَسْتَأْصِلُ (الرب) إِسْرَائِيلَ عَنْ هٰذِهِ ٱلأَرْضِ ٱلصَّالِحَةِ… مِنْ أَجْلِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ ٱلَّذِي أَخْطَأَ وَجَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ» (١ملوك ١٤: ١٥ و١٦). وقوله تعالى في سفر إرميا «أَدْفَعُهُمْ لِلْقَلَقِ فِي كُلِّ مَمَالِكِ ٱلأَرْضِ مِنْ أَجْلِ مَنَسَّى بْنِ حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، مِنْ أَجْلِ مَا صَنَعَ فِي أُورُشَلِيمَ» (إرميا ١٥: ٤).

٢٣ «كِبْرِيتٌ وَمِلْحٌ، كُلُّ أَرْضِهَا حَرِيقٌ، لاَ تُزْرَعُ وَلاَ تُنْبِتُ وَلاَ يَطْلُعُ فِيهَا عُشْبٌ مَا، كَٱنْقِلاَبِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَأَدْمَةَ وَصَبُويِيمَ ٱلَّتِي قَلَبَهَا ٱلرَّبُّ بِغَضَبِهِ وَسَخَطِهِ».

مزمور ١٠٧: ٣٤ وإرميا ١٧: ٦ وصفنيا ٢: ٩ تكوين ١٠: ١٩ و١٩: ٢٤ و٢٥ وإرميا ١٠: ١٦

قابل صفات هذه الأرض وهي أرض النقمة بصفاتها وهي أرض الميعاد وتأمل في الفرق العظيم (انظر ص ٨: ٧ – ٩ وص ٩: ١٢).

٢٤، ٢٥ «٢٤ وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلأُمَمِ: لِمَاذَا فَعَلَ ٱلرَّبُّ هٰكَذَا بِهٰذِهِ ٱلأَرْضِ؟ لِمَاذَا حُمُوُّ هٰذَا ٱلْغَضَبِ ٱلْعَظِيمِ؟ ٢٥ فَيَقُولُونَ: لأَنَّهُمْ تَرَكُوا عَهْدَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِ آبَائِهِمِ ٱلَّذِي قَطَعَهُ مَعَهُمْ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ».

١ملوك ٩: ٨ و٩ وإرميا ٢٢: ٨ و٩

يَقُولُ جَمِيعُ ٱلأُمَمِ: لِمَاذَا الخ وقد مُثل شعب إسرائيل يسأل مثل هذا السؤال ففي نبوءة إرميا ما نصه «وَيَكُونُ حِينَ تَقُولُونَ: لِمَاذَا صَنَعَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا بِنَا كُلَّ هٰذِهِ؟ تَقُولُ لَهُمْ: كَمَا أَنَّكُمْ تَرَكْتُمُونِي وَعَبَدْتُمْ آلِهَةً غَرِيبَةً فِي أَرْضِكُمْ، هٰكَذَا تَعْبُدُونَ ٱلْغُرَبَاءَ فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَكُمْ» (إرميا ٥: ١٩). قابل بهذا أيضاً تحذير سليمان بعد إكمال الهيكل.

٢٦ «وَذَهَبُوا وَعَبَدُوا آلِهَةً أُخْرَى وَسَجَدُوا لَهَا. آلِهَةً لَمْ يَعْرِفُوهَا وَلاَ قُسِمَتْ لَهُمْ».

وَلاَ قُسِمَتْ لَهُمْ أو لم تُقسم لهم أي لم تمنحهم شيئاً (وهذا ما اختاره كثيرون. ومعنى المختار في ترجمتنا إن الآلهة التي عبدوها لم تكن آلهة من نصيبهم فإن الله هو المعبود الذي قُسم لهم فغادروه إلى ما لم يُقسم لهم أو عبدوه معه).

٢٧، ٢٨ «٢٧ فَٱشْتَعَلَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَى تِلْكَ ٱلأَرْضِ حَتَّى جَلَبَ عَلَيْهَا كُلَّ ٱللَّعَنَاتِ ٱلْمَكْتُوبَةِ فِي هٰذَا ٱلسِّفْرِ. ٢٨ وَٱسْتَأْصَلَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ أَرْضِهِمْ بِغَضَبٍ وَسَخَطٍ وَغَيْظٍ عَظِيمٍ، وَأَلْقَاهُمْ إِلَى أَرْضٍ أُخْرَى كَمَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

دانيال ٩: ١١ و١٣ و١٤ و١ملوك ١٤: ١٥ و٢أيام ٧: ٢٠ ومزمور ٥٢: ٥ وأمثال ٢: ٢٢

فَٱشْتَعَلَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ… وَٱسْتَأْصَلَهُمُ (غضب عليهم الرب غضباً شديداً مفنياً كالنار المشتعلة وأهلكهم عن الأرض كما تُهلك الشجرة بقطعها من أصلها عن تربتها). وجاء في سفر الملوك الأول ما نصه «يَسْتَأْصِلُ إِسْرَائِيلَ عَنْ هٰذِهِ ٱلأَرْضِ ٱلصَّالِحَةِ» (١ملوك ١٤: ١٥) وهذه العبارة تكثر في نبوءة إرميا.

٢٩ «ٱلسَّرَائِرُ لِلرَّبِّ إِلٰهِنَا، وَٱلْمُعْلَنَاتُ لَنَا وَلِبَنِينَا إِلَى ٱلأَبَدِ، لِنَعْمَلَ بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةِ».

ٱلسَّرَائِرُ لِلرَّبِّ إِلٰهِنَا لم تظهر علاقة هذه الكلمات بما قبلها. وقال راشي إنها تتعلق بالتخيل المفهوم من الآية التاسعة عشرة وهو عبادة الأصنام سراً ويُعرف مثل ذلك بالخطايا المستترة (مزمور ١٩: ١٢). وثم قال على أثر ذلك «فإن قلت ما الحيلة أتعاقب الكثيرين على رذائل واحد كما قيل في (ع ١٨ و٢٢) ومع هذا فهل من إنسان يعرف أسرار قريبه قلت لا أعاقبك على تلك الأسرار لأن السرائر للرب إلهنا وهو يعاقب عليها صاحبها ولكن المعلنات لنا ولبنينا لننزع الشر من وسطنا والكثيرون الذين لا يجتهدون في نزع الشر يعاقبهم على اجتهادهم في ذلك». ولكن الظاهر أن في تلك العبارة أكثر من ذلك فيجب أن نذكر أن موسى لم يقتصر على إعلان الشريعة لإسرائيل بل زاد على ذلك النبوءة ولا ريب في أن نبوءته تتضمن أكثر مما فهم وفوق ما قدر أن يفهم. ولعل هذا مما لم ينطوِ تحت قول الرسول في الأنبياء «باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم». فإن كل تلك اللعنات كانت مما يأتي على إسرائيل ومع ذلك قد أبقى عهده معهم من جيل إلى جيل إلى نهاية العالم. ولا يجب أن يعرف موسى (وإن كان نبياً عظيماً) كل ما يكون لشعبه في الأيام الأخيرة. وإن كنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهر لم نعرف مستقبل إسرائيل تمام المعرفة فلا عجب أنه لم يعرفه الذين قبلنا بعصور كثيرة لأن «السرائر للرب إلهنا والمعلنات لنا ولبنينا إلى الأبد». فلم يبق بعد ذلك إلا أن يعملوا بقول المرنم «رجوت خلاصك يا رب ووصاياك عملت». وهذا على وفق قول موسى هنا «لنعمل بجميع كلمات هذه الشريعة».

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى