سفر التثنية | 15 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر التثنية
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ عَشَرَ
١ – ٣ «١ فِي آخِرِ سَبْعِ سِنِينَ تَعْمَلُ إِبْرَاءً. ٢ وَهٰذَا هُوَ حُكْمُ ٱلإِبْرَاءِ: يُبْرِئُ كُلُّ صَاحِبِ دَيْنٍ يَدَهُ مِمَّا أَقْرَضَ صَاحِبَهُ. لاَ يُطَالِبُ صَاحِبَهُ وَلاَ أَخَاهُ، لأَنَّهُ قَدْ نُودِيَ بِإِبْرَاءٍ لِلرَّبِّ. ٣ ٱلأَجْنَبِيَّ تُطَالِبُ، وَأَمَّا مَا كَانَ لَكَ عِنْدَ أَخِيكَ فَتُبْرِئُهُ يَدُكَ مِنْهُ».
خروج ٢١: ٢ و٢٣: ١٠ و١١ ولاويين ٢٥: ٢ و٤ وص ٣١: ١٠ وإرميا ٣٤: ١٤ ص ٢٣: ٢٠
فِي آخِرِ سَبْعِ سِنِينَ الخ الشريعة هنا بسط الشريعة في (خروج ٢١: ٢ الخ ولاويين ٢٥: ٣ الخ) ولم تُقصر تلك السنة على إعتاق العبيد العبرانيين وإراحة الأرض في السنة السابعة بل كان الدَّين يترك فيها تلك السنة ويمحى عن المديونين فيكون النفع عاماً.
٤ «إِلاَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيكَ فَقِيرٌ. لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِنَّمَا يُبَارِكُكَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ نَصِيباً لِتَمْتَلِكَهَا».
ص ٢٨: ٨
إِلاَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيكَ فَقِيرٌ هذه العبارة أصل العبارة اللذيذة التي في سفر الأعمال وهي قوله «نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجاً» (أعمال ٤: ٣٣ و ٣٤). ويُفهم من عبارة الأصل أنه كان على غير الفقير أن يوفي ما عليه من الدَّين.
لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِنَّمَا يُبَارِكُكَ وكذا كان الأمر في سفر الأعمال إذ قيل «نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ» (أعمال ٤: ٣٣). وهذه البركة لا توجب أن يكون الجميع متساوين في النجاح فيكفي أن يكون الناجحون قادرين على أن لا يتركوا أحداً بينهم محتاجاً.
٥ «إِذَا سَمِعْتَ صَوْتَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لِتَحْفَظَ وَتَعْمَلَ كُلَّ هٰذِهِ ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ ٱلْيَوْمَ».
ص ٢٨: ١
إِذَا سَمِعْتَ «لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجاً» كذا قال راشي وهو على وفق ما جاء في سفر الأعمال (أعمال ٤: ٣٣ و٣٤).
٦ «يُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ كَمَا قَالَ لَكَ. فَتُقْرِضُ أُمَماً كَثِيرَةً وَأَنْتَ لاَ تَقْتَرِضُ، وَتَتَسَلَّطُ عَلَى أُمَمٍ كَثِيرَةٍ وَهُمْ عَلَيْكَ لاَ يَتَسَلَّطُونَ».
ص ٢٨: ١٢ و١٥ و٤٤ ص ٢٨: ١٣ وأمثال ٢٢: ٧
كَمَا قَالَ لَكَ بوعده لأبيك إبراهيم (تكوين ١٢: ٢)
فَتُقْرِضُ فتسود (أمثال ٢٢: ٧).
٧ «إِنْ كَانَ فِيكَ فَقِيرٌ، أَحَدٌ مِنْ إِخْوَتِكَ فِي أَحَدِ أَبْوَابِكَ فِي أَرْضِكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، فَلاَ تُقَسِّ قَلْبَكَ وَلاَ تَقْبِضْ يَدَكَ عَنْ أَخِيكَ ٱلْفَقِيرِ».
١يوحنا ٣: ١٧
فَقِيرٌ محتاج إلى أسباب المعاش.
أَبْوَابِكَ فِي أَرْضِكَ أي في مدينتك أو قريتك.
فَلاَ تُقَسِّ قَلْبَكَ الخ من الناس من يرق قلبه ولا يعطي ولذلك قال أيضاً ولا تقبض يدك.
٨، ٩ «٨ بَلِ ٱفْتَحْ يَدَكَ لَهُ وَأَقْرِضْهُ مِقْدَارَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ. ٩ ٱحْتَرِزْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَ قَلْبِكَ كَلاَمٌ لَئِيمٌ قَائِلاً: قَدْ قَرُبَتِ ٱلسَّنَةُ ٱلسَّابِعَةُ، سَنَةُ ٱلإِبْرَاءِ وَتَسُوءُ عَيْنُكَ بِأَخِيكَ ٱلْفَقِيرِ وَلاَ تُعْطِيهِ، فَيَصْرُخَ عَلَيْكَ إِلَى ٱلرَّبِّ فَتَكُونُ عَلَيْكَ خَطِيَّةٌ».
لاويين ٢٥: ٣٥ ومتّى ٥: ٤٢ ولوقا ٦: ٣٤ و٣٥ ص ٢٨: ٥٤ وأمثال ٢٣: ٦ و٢٨: ٢٢ ومتّى ٢٠: ١٥ ص ٢٤: ١٥ متّى ٢٥: ٤١ و٤٢
ٱفْتَحْ يَدَكَ ولو اقتضت الحال فتحها مراراً.
وَأَقْرِضْهُ إن لم يرد أن تهب له.
مِقْدَارَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فلا تتركه في حاجة وما عليك أن تجعله غنياً.
١٠ «أَعْطِهِ وَلاَ يَسُوءُ قَلْبُكَ عِنْدَمَا تُعْطِيهِ لأَنَّهُ بِسَبَبِ هٰذَا ٱلأَمْرِ يُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ فِي كُلِّ أَعْمَالِكَ وَجَمِيعِ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ يَدُكَ».
٢كورنثوس ٩: ٥ و٧ ص ١٤: ٢٩ و٢٤: ١١ وأمثال ٢٢: ٩
أَعْطِهِ ولو مئة مرة وليكن الأمر بينك وبينه فلا تعلن ذلك بالبوق «فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ» (متّى ٦: ٣). وهذا على وفق تفسير راشي فلا شك في أن اليهود كانوا يفهمون مبادئ المسيح في الصدقة مما عرفوه في شريعة موسى.
بِسَبَبِ هٰذَا أي الإحسان وتحصل على البركة من أول عزمك على ذلك ووعدك به. قال راشي «تنال الجزاء حين تعد بالصدقة كما تجزي على إعطائها». وهذا موافق لقول الرسول «إِنْ كَانَ ٱلنَّشَاطُ مَوْجُوداً فَهُوَ مَقْبُولٌ عَلَى حَسَبِ مَا لِلإِنْسَانِ، لاَ عَلَى حَسَبِ مَا لَيْسَ لَهُ» (٢كورنثوس ٨: ١٢).
١١ «لأَنَّهُ لاَ تُفْقَدُ ٱلْفُقَرَاءُ مِنَ ٱلأَرْضِ. لِذٰلِكَ أَنَا أُوصِيكَ قَائِلاً: ٱفْتَحْ يَدَكَ لأَخِيكَ ٱلْمِسْكِينِ وَٱلْفَقِيرِ فِي أَرْضِكَ».
متّى ٢٦: ١١ ومرقس ١٤: ٧ ويوحنا ١٢: ٨
لأَنَّهُ لاَ تُفْقَدُ ٱلْفُقَرَاءُ مِنَ ٱلأَرْضِ لا منافاة بين هذه الآية والآية الرابعة لأن بعض الناس لا بد أن يفتقر لكن علينا أن نساعد الفقير لكي لا يبقى في حاجة لأنه لا تُفقد الفقراء من الأرض إلا بأن يساعدهم إخوتهم فإن الله سبحانه وتعالى لم يجعل الناس متساوين التساوي المطلق في هذا العالم.
لأَخِيكَ ٱلْمِسْكِينِ وَٱلْفَقِيرِ قال راشي المسكين هنا المنحط لفقره والفقير المحتاج حقيقة وأوجب الله علينا مساعدة المساكين والفقراء لأنهم إخوتنا كما سماهم الرب ومن الواجب أن يقوم بعض الإخوة بمساعدة بعضهم من المحتاجين لأننا أعضاء بعضنا البعض. وسأل راشي كسؤال الناموسي للمسيح «من هو أخي» وأجاب بقوله هو المحتاج والفقير فيك.
١٢ «إِذَا بِيعَ لَكَ أَخُوكَ ٱلْعِبْرَانِيُّ أَوْ أُخْتُكَ ٱلْعِبْرَانِيَّةُ وَخَدَمَكَ سِتَّ سِنِينَ، فَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّابِعَةِ تُطْلِقُهُ حُرّاً مِنْ عِنْدِكَ».
خروج ٢١: ٢ ولاويين ٢٥: ٣٩ وإرميا ٣٤: ١٤
إِذَا بِيعَ لَكَ أَخُوكَ ٱلْعِبْرَانِيُّ أَوْ أُخْتُكَ ٱلْعِبْرَانِيَّةُ ذُكرت هذه الشريعة مفسّرة في نبوءة إرميا (إرميا ٣٦: ٩ و١٣ و١٤) كما أُعطيت في سفر الخروج (خروج ٢١: ٢ – ١١) وهي تشغل الفصل الأول من الشريعة السيناويّة.
فَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّابِعَةِ أي السنة السبتية لا السابعة من بداءة البيع وندر أن يُستعبد العبراني مدة ست سنين.
١٣ «وَحِينَ تُطْلِقُهُ حُرّاً مِنْ عِنْدِكَ لاَ تُطْلِقُهُ فَارِغاً. ١٤ تُزَوِّدُهُ مِنْ غَنَمِكَ وَمِنْ بَيْدَرِكَ وَمِنْ مَعْصَرَتِكَ. كَمَا بَارَكَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ تُعْطِيهِ».
أمثال ١٠: ٢٢
لاَ تُطْلِقُهُ فَارِغاً تُزَوِّدُهُ الخ نتبيّن قيمة هذا التزويد من أن العبد في نهاية خدمته لا يكون معه شيء لأنه باع نفسه من الفقر فتزويده حينئذ بما ذُكر في الآية يمكنه من الشروع في حياة جديدة.
١٥ «وَٱذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي أَرْضِ مِصْرَ، فَفَدَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ. لِذٰلِكَ أَنَا أُوصِيكَ بِهٰذَا ٱلأَمْرِ ٱلْيَوْمَ».
ص ٥: ١٥ و١٦: ١٢
ٱذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي أَرْضِ مِصْرَ «وإني زودتك وحليتك بغنائم مصر وغنائم البحر» (راشي).
لِذٰلِكَ أَنَا أُوصِيكَ والسبب الذي في سفر اللاويين هو ما نصه «لأَنَّهُمْ عَبِيدِي ٱلَّذِينَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ يُبَاعُونَ بَيْعَ ٱلْعَبِيدِ» (لاويين ٢٥: ٤٢) (أي لا يباعون ليكونوا عبيداً إلى الأبد). وكذا كان حكم الأرض فما كانت تباع إلى الأبد لأن الأرض للرب (لاويين ٢٥: ١٦ و١٧ و٢٣).
١٦ «وَلٰكِنْ إِذَا قَالَ لَكَ: لاَ أَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ لأَنَّهُ قَدْ أَحَبَّكَ وَبَيْتَكَ، إِذْ كَانَ لَهُ خَيْرٌ عِنْدَكَ».
خروج ٢١: ٥ و٦
إِذَا قَالَ لَكَ: لاَ أَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ لأَنَّهُ قَدْ أَحَبَّكَ لا لأنه مكره على ذلك.
١٧ «فَخُذِ ٱلْمِخْرَزَ وَٱجْعَلْهُ فِي أُذُنِهِ وَفِي ٱلْبَابِ، فَيَكُونَ لَكَ عَبْداً مُؤَبَّداً. وَهٰكَذَا تَفْعَلُ لأَمَتِكَ أَيْضاً».
وَهٰكَذَا تَفْعَلُ لأَمَتِكَ فلا تطلقها فارغة وزوّدها (ع ١٣ و١٤) أو أبقها أَمة إذا أرادت وقالت لا أخرج من عندك (ع ١٦). ولا منافاة بين ما قيل هنا وما قيل في سفر الخروج (انظر خروج ١١: ٧ – ١١ والتفسير).
١٨ «لاَ يَصْعُبْ عَلَيْكَ أَنْ تُطْلِقَهُ حُرّاً مِنْ عِنْدِكَ، لأَنَّهُ ضِعْفَيْ أُجْرَةِ ٱلأَجِيرِ خَدَمَكَ سِتَّ سِنِينَ. فَيُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ فِي كُلِّ مَا تَعْمَلُ».
إشعياء ١٦: ١٤ و٢١: ١٦
ضِعْفَيْ أُجْرَةِ ٱلأَجِيرِ خَدَمَكَ سِتَّ سِنِينَ كانت خدمة الأجير ثلاث سنين (إشعياء ١٦: ١٤).
١٩ «كُلُّ بِكْرٍ ذَكَرٍ يُولَدُ مِنْ بَقَرِكَ وَمِنْ غَنَمِكَ تُقَدِّسُهُ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. لاَ تَشْتَغِلْ عَلَى بِكْرِ بَقَرِكَ وَلاَ تَجُزَّ بِكْرَ غَنَمِكَ».
خروج ١٣: ٢ و٣٤: ١٩ ولاويين ٢٧: ٢٦ وعدد ٣: ١٣
كُلُّ بِكْرٍ… تُقَدِّسُهُ أي تجعله للرب فلا يُستعمل في الأمور العادية (لاويين ٢٧: ٢٦).
٢٠ – ٢٣ «٢٠ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ تَأْكُلُهُ سَنَةً بِسَنَةٍ، فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ، أَنْتَ وَبَيْتُكَ. ٢١ وَلٰكِنْ إِذَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ، عَرَجٌ أَوْ عَمىً، عَيْبٌ مَا رَدِيءٌ، فَلاَ تَذْبَحْهُ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. ٢٢ فِي أَبْوَابِكَ تَأْكُلُهُ. ٱلنَّجِسُ وَٱلطَّاهِرُ سَوَاءً كَٱلظَّبْيِ وَٱلإِيَّلِ. ٢٣ وَأَمَّا دَمُهُ فَلاَ تَأْكُلُهُ. عَلَى ٱلأَرْضِ تَسْفِكُهُ كَٱلْمَاءِ».
ص ١٢: ٥ و ٦ و٧ و١٧ و١٤: ٢٣ و١٦: ١١ و١٤ لاويين ٢٢: ٢٠ وص ١٧: ١ ص ١٢: ١٥ و٢٢ ص ١٢: ١٦ و١٣
أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ تَأْكُلُهُ سَنَةً بِسَنَةٍ الخ هذا يربط أكل الأبكار من البهائم بالعُشر الثاني (ص ١٤: ٢٣). وهنا شيء من الصعوبة في فهم العلاقة التامة بين هذه الفريضة وفريضة الأبكار المفروزة للكهنة (عدد ١٨: ١٥) مع العشر الأول. ودفع هذه الصعوبة موكول إلى استعمال اليهود. قال راشي في تفسير هذه الآية أن المخاطب في قوله تأكله الكاهن. وقال آخر من مفسري اليهود إن الأبكار التي كانت تفرز للكاهن هي الأبكار التي بلا عيب. وعلى هذا قيل أنه كانت تجمع الأبكار التي لا عيب فيها وتقدم للكهنة لأكل الأبكار وما سواها كان يأكلها أهل البيت.
السابق |
التالي |