سفر التثنية | 14 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر التثنية
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ
١ «أَنْتُمْ أَوْلاَدٌ لِلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ. لاَ تَخْمِشُوا أَجْسَامَكُمْ، وَلاَ تَجْعَلُوا قَرْعَةً بَيْنَ أَعْيُنِكُمْ لأَجْلِ مَيِّتٍ».
رومية ٨: ١٦ و٩: ٨ و٢٦ وغلاطية ٣: ٢٦ لاويين ١٩: ٢٨ و٢١: ٥ وإرميا ١٦: ٦ و٤١: ٥ و٤٧: ٥ و١تسالونيكي ٤: ١٣
أَنْتُمْ أَوْلاَدٌ لِلرَّبِّ هذا أساس شرائع القداسة الرمزية والأدبية في الأسفار الخمسة ولا سيما سفر اللاويين حيث جملة الشرائع.
لاَ تَخْمِشُوا أَجْسَامَكُمْ هذه الوصية مكرر ما في سفر اللاويين بشيء من التغيير (لاويين ١٩: ٢٨).
لاَ تَجْعَلُوا قَرْعَةً بَيْنَ أَعْيُنِكُمْ «على جباهكم» (تلك عادة وثنية ولعلها كانت تقوم بحلق الحاجبين عند ملتقاهما فوق الأنف.
٢ «لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ، وَقَدِ ٱخْتَارَكَ ٱلرَّبُّ لِتَكُونَ لَهُ شَعْباً خَاصّاً فَوْقَ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ عَلَى وَجْهِ ٱلأَرْضِ».
لاويين ٢٠: ٢٦ وص ٧: ٦ و٢٦: ١٨ و١٩
لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ هذا مكرر ما في (ص ٧: ٦) وعلة كونه مقدساً كونه مختار الله القدوس.
جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ في شرائعك وامتيازاتك وسيرك على سنن الهدى.
٣ «لاَ تَأْكُلْ رِجْساً مَا».
حزقيال ٤: ١٤ وأعمال ١٠: ١٣ و١٤
لاَ تَأْكُلْ رِجْساً مَا أي لا تأكل شيئاً مما نهاك الله عن أكله.
٤ «هٰذِهِ هِيَ ٱلْبَهَائِمُ ٱلَّتِي تَأْكُلُونَهَا: ٱلْبَقَرُ وَٱلضَّأْنُ وَٱلْمَعْزُ».
لاويين ١١: ٢ الخ
ما في هذه الآية وما بعدها إلى الآية الثامنة على وفق ما في (لاويين ١١: ٢ – ٨) لكن عدّت الأنواع هنا واستُثنى ما استُثنى هناك.
ٱلْبَقَرُ وَٱلضَّأْنُ وَٱلْمَعْزُ الضأن خلاف المعزى من الغنم وبعض العامة يقصر الغنم على الضأن والصحيح أن الغنم يطلق على المعز والضأن والأنواع الثلاثة هنا هي بهائم الذبائح القربانية.
٥ «وَٱلإِيَّلُ وَٱلظَّبْيُ وَٱلْيَحْمُورُ وَٱلْوَعْلُ وَٱلرِّئْمُ وَٱلثَّيْتَلُ وَٱلْمَهَاةُ».
ٱلإِيَّلُ كالوعل أو الشاة الجبلي وهو حيوان شديد السرعة يقفز على الصخور (انظر نشيد الأنشاد ٢: ٩ وإشعياء ٣٥: ٦ و٢صموئيل ٢٢: ٣٤ ومزمور ١٨: ٣٣ وحبقوق ٣: ١٩).
ٱلْيَحْمُورُ (أو الأروية أو البدن). (اليحمور في العربية الأحمر ودابة وحمار الوحش على ما في بعض كتب اللغة وهو هنا حيوان من أنواع الأيل وصنف من الوعل على ما يظهر وهو أكبر من الغزال وأصغر من الإبل. واللفظة العبرانية تطلق على الأروية وهي أنثى الوعل والبدن وهو الوعل المسن).
ٱلثَّيْتَلُ ضرب من بقر الوحش.
ٱلْمَهَاةُ البقرة الوحشية.
٦ – ٨ «٦ وَكُلُّ بَهِيمَةٍ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ تَشُقُّ ظِلْفاً وَتَقْسِمُهُ ظِلْفَيْنِ وَتَجْتَرُّ فَإِيَّاهَا تَأْكُلُونَ. ٧ إِلاَّ هٰذِهِ فَلاَ تَأْكُلُوهَا، مِمَّا يَجْتَرُّ وَمِمَّا يَشُقُّ ٱلظِّلْفَ ٱلْمُنْقَسِمَ: ٱلْجَمَلُ وَٱلأَرْنَبُ وَٱلْوَبْرُ، لأَنَّهَا تَجْتَرُّ لٰكِنَّهَا لاَ تَشُقُّ ظِلْفاً، فَهِيَ نَجِسَةٌ لَكُمْ. ٨ وَٱلْخِنْزِيرُ لأَنَّهُ يَشُقُّ ٱلظِّلْفَ لٰكِنَّهُ لاَ يَجْتَرُّ فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ. فَمِنْ لَحْمِهَا لاَ تَأْكُلُوا وَجُثَثَهَا لاَ تَلْمِسُوا».
لاويين ١١: ٢٦ و٢٧
ذُكر ما في هذه الآيات في سفر اللاويين (لاويين ١١: ٣ – ٨).
٩، ١٠ «٩ وَهٰذَا تَأْكُلُونَهُ مِنْ كُلِّ مَا فِي ٱلْمِيَاهِ: كُلُّ مَا لَهُ زَعَانِفُ وَحَرْشَفٌ تَأْكُلُونَهُ. ١٠ لٰكِنْ كُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ زَعَانِفُ وَحَرْشَفٌ لاَ تَأْكُلُوهُ. إِنَّهُ نَجِسٌ لَكُمْ».
لاويين ١١: ٩
(انظر لاويين ١١: ٩ – ١٢).
١١، ١٢ «١١ كُلَّ طَيْرٍ طَاهِرٍ تَأْكُلُونَ. ١٢ وَهٰذَا مَا لاَ تَأْكُلُونَ مِنْهُ: ٱلنَّسْرُ وَٱلأَنُوقُ وَٱلْعُقَابُ».
لاويين ١١: ١٣
وَهٰذَا مَا لاَ تَأْكُلُونَ مِنْهُ (انظر لاويين ١١: ١٣ – ١٩).
١٣ – ٢٠ «١٣ وَٱلْحِدَأَةُ وَٱلْبَاشِقُ وَٱلشَّاهِينُ عَلَى أَجْنَاسِهِ ١٤ وَكُلُّ غُرَابٍ عَلَى أَجْنَاسِهِ ١٥ وَٱلنَّعَامَةُ وَٱلظَّلِيمُ وَٱلسَّأَفُ وَٱلْبَازُ عَلَى أَجْنَاسِهِ ١٦ وَٱلْبُومُ وَٱلْكُرْكِيُّ وَٱلْبَجَعُ ١٧ وَٱلْقُوقُ وَٱلرَّخَمُ وَٱلْغَوَّاصُ ١٨ وَٱللَّقْلَقُ وَٱلْبَبْغَاءُ عَلَى أَجْنَاسِهِ وَٱلْهُدْهُدُ وَٱلْخُفَّاشُ. ١٩ وَكُلُّ دَبِيبِ ٱلطَّيْرِ نَجِسٌ لَكُمْ. لاَ يُؤْكَلُ. ٢٠ كُلَّ طَيْرٍ طَاهِرٍ تَأْكُلُونَ».
لاويين ١١: ٢٠ لاويين ١١: ٢١
ٱلْحِدَأَةُ وَٱلْبَاشِقُ وَٱلشَّاهِينُ (لاويين ١١: ١٤ – ٢٠).
٢١ «لاَ تَأْكُلُوا جُثَّةً مَا. تُعْطِيهَا لِلْغَرِيبِ ٱلَّذِي فِي أَبْوَابِكَ فَيَأْكُلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا لأَجْنَبِيٍّ، لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. لاَ تَطْبُخْ جَدْياً بِلَبَنِ أُمِّهِ».
لاويين ١٧: ١٥ و٢٢: ٨ وحزقيال ٤: ١٤ ع ٢ خروج ٢٣: ١٩ و٣٤: ٢٦
فَيَأْكُلُهَا إذا أراد فهو غير مكره على ذلك.
لاَ تَطْبُخْ جَدْياً بِلَبَنِ أُمِّهِ (انظر تفسير خروج ٢٣: ١٩ و٣٤: ٢٦).
٢٢ «تَعْشِيراً تُعَشِّرُ كُلَّ مَحْصُولِ زَرْعِكَ ٱلَّذِي يَخْرُجُ مِنَ ٱلْحَقْلِ سَنَةً بِسَنَةٍ».
لاويين ٢٧: ٣٠ وص ١٢: ٦ و١٧ ونحميا ١٠: ٣٧
تَعْشِيراً تُعَشِّرُ اتفق التلمود وجمهور مفسري اليهود على أن العُشر المذكور هنا وفي (ع ٢٨) والعُشر الذي في (ص ٢٦: ١٢ – ١٥) واحد وهو العُشر الثاني ويمتاز عن الأول بأن الأول كان للاويين «ميراثاً عوضاً عن خدمتهم» (عدد ١٨: ٢١) ومنه يرفعون العُشر للكهنة (عدد ٢٨: ٢٦). وكان عشر اللاويين يُسمى بالعُشر الأول ولم يكن يُعتبر عشر اللاويين الثاني أو عشر الكهنة فكان يُعد مقدساً أبداً.
٢٣ – ٢٥ «٢٣ وَتَأْكُلُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ، فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ لِيُحِلَّ ٱسْمَهُ فِيهِ، عُشْرَ حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ، وَأَبْكَارِ بَقَرِكَ وَغَنَمِكَ، لِتَتَعَلَّمَ أَنْ تَتَّقِيَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ كُلَّ ٱلأَيَّامِ. ٢٤ وَلٰكِنْ إِذَا طَالَ عَلَيْكَ ٱلطَّرِيقُ حَتَّى لاَ تَقْدِرَ أَنْ تَحْمِلَهُ. إِذَا كَانَ بَعِيداً عَلَيْكَ ٱلْمَكَانُ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِيَجْعَلَ ٱسْمَهُ فِيهِ، إِذْ يُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، ٢٥ فَبِعْهُ بِفِضَّةٍ، وَصُرَّ ٱلْفِضَّةَ فِي يَدِكَ وَٱذْهَبْ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».
ص ١٢: ٥ و٦ و٧ و١٧ و١٨ ص ١٥: ١٩ و٢٠ ص ١٢: ٢١
تَأْكُلُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ أي تأكل العُشر الثاني. وكان ذلك يؤتى سنتين ويختلف الترتيب في السنة الثالثة والسادسة (انظر ع ٢٨). وأما السنة السابعة المعروفة بالسنة السبتية فلم يكن فيها من تعشير على ما يرجّح إذ لا حصاد فيها وكانت غلة الأرض للجميع وكان لكل واحد أن يأكل منها ما شاء.
٢٦، ٢٧ «٢٦ وَأَنْفِقِ ٱلْفِضَّةَ فِي كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ فِي ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ وَٱلْخَمْرِ وَٱلْمُسْكِرِ وَكُلِّ مَا تَطْلُبُ مِنْكَ نَفْسُكَ، وَكُلْ هُنَاكَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وَٱفْرَحْ أَنْتَ وَبَيْتُكَ. ٢٧ وَٱللاَّوِيُّ ٱلَّذِي فِي أَبْوَابِكَ لاَ تَتْرُكْهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَكَ».
ص ١٢: ٧ و١٨ و٢٦: ١١ ص ١٢: ١٢ و١٨ و١٩ عدد ١٨: ٢٠ وص ١٨: ١ و٢
وَأَنْفِقِ ٱلْفِضَّةَ كان من عادة اليهود أن لا ينفقوا العُشر الثاني على شيء لم يُسمح به هنا.
ٱلْمُسْكِرِ هذا يدل على أن شرب المسكر ليس بمحرم بالنظر إلى نفسه (بل بالنظر إلى الإكثار منه إلى حد السكر) (انظر لوقا ١: ١٥).
٢٨ «فِي آخِرِ ثَلاَثِ سِنِينَ تُخْرِجُ كُلَّ عُشْرِ مَحْصُولِكَ فِي تِلْكَ ٱلسَّنَةِ وَتَضَعُهُ فِي أَبْوَابِكَ».
ص ٢٦: ١٢ وعاموس ٤: ٤
فِي آخِرِ ثَلاَثِ سِنِينَ تُخْرِجُ كُلَّ عُشْرِ يُسمى هذا عند اليهود بعُشر المساكين ويرون أنه والعُشر الثاني واحد وهو العُشر الذي يأكله أصحابه في أورشليم لكنه كان يوزع في السنة الثالثة والسادسة على المساكين.
٢٩ «فَيَأْتِي ٱللاَّوِيُّ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَكَ، وَٱلْغَرِيبُ وَٱلْيَتِيمُ وَٱلأَرْمَلَةُ ٱلَّذِينَ فِي أَبْوَابِكَ، وَيَأْكُلُونَ وَيَشْبَعُونَ، لِيُبَارِكَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ فِي كُلِّ عَمَلِ يَدِكَ ٱلَّذِي تَعْمَلُ».
ص ٢٦: ١٢ ص ١٢: ١٢ وع ٢٧ ص ١٥: ١٠ وأمثال ٣: ٩ و١٠ وملاخي ٣: ١٠
فَيَأْتِي ٱللاَّوِيُّ قال راشي وهو أحد مفسري اليهود المشهورين «إن اللاوي يأتي ويأخذ العُشر الأول (المذكور في عدد ص ١٨) والغرباء واليتامى يأخذون العشر الثاني». ولكن لا برهان على سوى العُشر الثاني في كلام الكتاب هنا فاللاويون كانوا يشاركون المساكين في ذلك دائماً (انظر ص ١٦: ١١ و١٤). فرأي راشي يستحق الاعتبار للسبب الآتي خصوصاً. فبعض المحدثين رأى أن شريعة التثنية منافية لشريعة العدد بالنظر إلى العُشر لكن اليهود الذين حفظوا التوراة بتدقيق وضبط لم يروا من منافات بين سُنن السفرين بل رأوا أن سنة التثنية هي سُنة العدد فلماذا توقع أنفسنا في هذا المشكل ونعرقلها بهذه المصاعب. وإذا كانت الفرائض متوافقة فلماذا نعتقد أنها وضع أناس مختلفين. وليس في التخلص من كل صعوبة سوى النظر إلى أن العُشر نوعان العُشر الأول والعُشر الثاني. فالعُشر الأول للاويين وهو سبب معاشهم والعُشر الثاني للرب «لكي اتعلم أن تتقي الرب إلهك كل الأيام» (ع ٣٣) فكان العشر إما وليمة سرور لأهل البيت وإما هبة خاصة لمساكين الله فإن الله إله إسرائيل كان يعد مائدته لإعالة ضيوفه.
السابق |
التالي |